فقالت اُم سلمة : كذبا لعنهما الله ، لا يزال حقّهم واجباً على المسلمين إلى يوم القيامة (1) .
193 حُسنيّة
قال الأفندي الأصبهاني في الرياض : كانت جارية من السبي ، وقد أسلمت في زمن
هارون الرشيد ، وكانت فاضلة عالمة مدقّقة ، بصيرة بالأخبار والآثار . والرسالة الفارسية
التي جمعها الشيخ أبو الفتوح الرازي صاحب التفسير الفارسي المشهور في قصّة مناظرتها في
مسألة الإمامة في مجلس هارون الرشيد مشهورة .
ويظهر من تلك الرسالة غاية الفضل للحسنيّة ونهاية الجلالة ، حتى أنّه يختلج بالبال أنّ
تلك الرسالة مما وضعه الشيخ أبو الفتوح المذكور وَعَمَلِهِ ووضْعهِ ، لكن نسبه إلى الحسنية
تقبيحاً لمذاهب أهل السنّة وتشنيعاً عليهم بفضيحة عقيدة العامة ، كما فعل نظيره ابن
طاووس صاحب « الإقبال » في كتاب « الطرائف » المعروف ، وقد قال فيه : بأنّي رجل من
أهل الذمة ، وناظَرَ فيه وباحث مع أرباب المذاهب الأربعة إلى أن يتمّ عليهم الحجة ويثبت
مذهب الشيعة ، ثم يصرّح بأنّه صار مسلماً .
ولأجل عدم المعرفة بهذا ، اشتبه الحال على جماعة من الفضلاء حتى على فحول العلماء ،
فحسبوا أن كتاب الطرائف لعبد المحمود الذمي ، وهو الذي صدّرَ الكتاب به تورية ، والله يعلم
حقيقة الأحوال (2) .
وقال الخوانساري في روضات الجنات : كان النظّام من المعاصرين لهارون الرشيد ، وقد
طلبه منها إلى بغداد لأجل المناظرة مع جاريته المسمّاة بالحُسنيّة ، التي رُبّيت في بيت مولانا
الصادق عليه السلام ، فناظرته في محضر الرشيد ووزيره يحيى بن خالد البرمكي ، وناظرت الشافعي
وأبا يوسف القاضي ببغداد أيضاً ، وقد غلبت على النظّام وعليهم جميعاً في مسائل شتى .
وقد كان سألها النظّام أوّلاً عن ثمانين مسألة فأجابت عنها بحضرة الخليفة ، ثم سألته عن
____________
1 ـ قرب الإسناد : 29 ، وعنه في بحار الأنوار 22 : 223 حديث 3 ، ورياحين الشريعة 4 : 148 .
2 ـ رياض العلماء 5 : 407 .
(342)
مسائل فلم يقدر على جوابها .
وحكى فيها أيضاً أنّها قالت له تعريضاً : ما معنى أنّ الشيعة لم يحللوا لحم الأرنب
المستحاضة ، ولا لحم صِغار الكلب ، ولم يجعلوا جلد الكلب وسائر نجس العين بالدباغة
طاهرة ، ولم يحلّلوا الخمر المطبوخ ، وحرّموا الشطرنج وسائر أنواع القمار من المزمار والطنبور
وغيرهما ، وحرّموا اللواطة ، ولم يقتدوا بكلّ فاسق في الصلاة واكتفوا بالعادل ، ولم يتكلّموا
بقول فاسق واحد (1) .
وقال السيّد محسن الأمين في الأعيان : كانت هذه المناظرة المسمّاة بالحسنية من
اختراعات أبو الفتوح الرازي ، وكانت الرسالة باللغة العربية ، وقد لقّبها الشيخ الاسترابادي
بـ « گرگين » في ترجمتها . ونظير ذلك طرائف علي بن طاووس قدّس الله روحه التي كتبها
باسم عبد المحمود الذمي ، ورسالة أبو الفتوح الاُخرى التي سمّاها برسالة « يوحنا النصراني » ،
ونظائر ذلك كثيرة ، والله أعلم بالصواب (2) .
وذكرها الشيخ أغا بزرك الطهراني في ذريعته في عدّة مواضع فقال : الحسنية : رسالة في
الإمامة تنسب إلى مؤلّفها ، وهو بعض الجواري من بنات الشيعة ، فيها مناظرتها مع علماء
المخالفين في عصر هارون الرشيد ، وفي الرياض : أنّها تنسب إلى الشيخ أبي الفتوح الرازي .
ومرّ في 4 : 97 أنّ المولى ابراهيم ترجمها بالفارسية بعدما حملها من دمشق إلى بلاده في سفر
حجّه في 958هـ .
ونسخة المولى ابراهيم المذكور فاتني ذكر خصوصياتها ، فإنّي قد رأيتها في مكتبة
الخوانساري ، وهي كانت بخطّ السيّد الميرمرتضى بن علم الهدى الطالقاني ، فرغ من كتابتها
في الأربعاء الثالث من ربيع الثاني 1129هـ . ولم تكن مصدّرة باسم الشاه طهماسب .
ثم رأيتُ في النجف نسخة اُخرى من الترجمة ، ذكر في أولها أنّه ترجمها الورع المشهور
الأمير ضياء الدين ، الذي ظفر بالنسخة وأتى بها إلى إيران ، فاشتهرت في مدّة قليلة ، وسمع بها
____________
1 ـ روضات الجنات 1 : 153 .
2 ـ نقله عنه المحلاّتي في رياحين الشريعة 4 : 148 .
(343)
الشاه طهماسب فأمر أن تتوشح باسمه ، فكتب له خطبة باسمه ، ومن المحتمل أن يكون ضياء
الدين لقب المولى ابراهيم ، والله أعلم (1) .
وفي مكان آخر قال الطهراني : ترجمة الحسنية : وهي الرسالة المعروفة في الإمامة
المنسوبة إلى بعض بنات الشيعة ، للمولى ابراهيم بن ولي الله الاسترابادي . ذكر في أوّل
الترجمة أنّه لما حجّ في 958هـ ظفر في دمشق عند بعض السادة على نسخة من هذه الرسالة
فحملها إلى بلاده ، فالتمس منه بعض الأخيار ترجمتها إلى الفارسيّة تكثيراً للمنفعة ، وطبعت
مع حلية المتقين سنة 1287هـ (2) .
وذكرها أيضاً عند ذكره لرسالة يوحنا الذمي المنسوبة إلى أبي الفتوح الرازي صاحب
تفسير روض الجنان (3) ، وقال : إنّها شبيهة بقصة الجزيرة الخضراء (4) ، والحقائق الراهنة (5) ، والطرائف للسيّد ابن طاووس (6) .
194 حفصة
راوية من راويات الحديث .
روت عن محمّد بن خالد بن عبدالله البجلي القسري .
وروى عنها عبدالله بن عامر .
ذكرها الصدوق رحمه الله في المشيخة في طريقه إلى محمّد بن خالد بن عبدالله القسري (7) .
____________
1 ـ الذريعة 7 : 200 رقم 89 .
2 ـ الذريعة : 4 : 97 رقم 452 .
3 ـ الذريعة 25 : 296 رقم 189 .
4 ـ انظر الذريعة 5 : 105 .
5 ـ انظر الذريعة 5 : 145 و 161 .
6 ـ انظر الذريعة 15 : 154 .
7 ـ من لا يحضره الفقيه 4 : 75 ( المشيخة ) ، معجم رجال الحديث 23 : 187 .
(344)
195 حفصة بنت سيرين
راوية من راويات الحديث .
روت عن اُم سليمان ، وروى عنها أبو بشير (1) .
روى الشيخ الطوسي في التهذيب عن محمّد بن أحمد بن يحيى ، عن محمّد بن يحيى
المعاذي ، عن محمّد بن عبد المجيد ، عن محمّد بن حفص ، عن حفص بن غياث ، عن ليث ، عن
عبدالملك ، عن أبي بشير ، عن حفصة بنت سيرين ، عن اُم سلمان ، عن اُم أنس بن مالك : أنّ
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال :
« إذا توفّيت المرأة فأرادوا أن يغسّلوها ، فليبدأوا ببطنها فلتمسح مسحاً
رفيقاً إن لم تكن حُبلى ، فإن كانت حُبلى فلا تحرّكيها ، فإذا أردتِ غسلها
فابدأي بسفليها فألقي على عورتها ثوباً ، ثم خذي كرسفة فاغسليها
فأحسني غسلها ، ثم أدخلي يدكِ من تحت الثوب فامسحيها بكرسف
ثلاث مرات ، وأحسني مسحها قبل أن توضّئيها ، ثم وضّئيها بماءٍ فيه
سدر » (2) .
196 حكيمة بنت الإمام الكاظم عليه السلام
عالمة ، جليلة ، راوية للحديث .
عدّها البرقي في رجاله من الراويات عن الإمام الرضا عليه السلام (3) ، روى عنها محمّد بن
جحرش .
وأخرج لها الكليني في الكافي رواية ، فقال : علي بن محمّد ومحمّد بن الحسن ، عن سهل بن
____________
1 ـ معجم رجال الحديث 23 : 187 .
2 ـ التهذيب 1 : 302 حديث 880 باب تلقين المحتضرين .
3 ـ رجال البرقي : 62 ، جامع الرواة 2 : 457 ، معجم رجال الحديث 23 : 187 .
(345)
زياد ، عمّن ذكره ، عن محمّد بن جحرش ، قال : حدّثتني بنت موسى قالت :
رأيت الرضا عليه السلام واقفاً على باب بيت الحطب وهو يناجي ، ولست أرى أحداً ، فقلت : يا
سيّدي لمن تناجي ؟
فقال : « هذا عامر الزهرائي أتاني يسألني ويشكو إلي » .
فقلت : يا سيّدي أحبُ أن أسمع كلامه .
فقال لي : « إنّك إن سمعتِ به حَممتِ سنة » .
فقلت : يا سيّدي أحب أن اسمعه .
فقال لي : « اسمعي » ، فاستمعتُ ، فسمعتُ شبه الصفير ، وركبتني الحمى ، فحممت
سنة » (1) .
وهي من ربّات العبادة والصلاح ، شَهِدت ولادة الإمام التاسع الجواد عليه السلام ، وعاشت
طويلاً .
ذكرها الشيخ محمّد هادي الأميني في كتابه فاطمة بنت الإمام الكاظم عليه السلام قائلاً :
إنّ التأريخ لم يذكر لنا عن حياتها وأعقابها شيئاً ، وكانت صاحبة النفوذ والعقل ، ومطاعة
عند العترة الطاهرة ، وسيّدات أهل البيت عليهم السلام .
قالت : لما حضرتُ ولادة الخيزران اُم أبي جعفر الجواد عليه السلام ، دعاني الرضا عليه السلام فقال :
« يا حكيمة احضري ولادتها وادخلي وإياها والقابلة بيتاً » ، ووضع لنا مصباحاً وأغلق
الباب علينا ، فلما أخذها الطلق طفّى المصباح وبين يديها طشت ، فاغتممت بطفي المصباح ،
فبينا نحن كذلك إذ بدر أبو جعفر في الطشت ، وإذا عليه شيء رقيق كهيئة الثوب يسطع نوره
حتى أضاء البيت فأبصرناه ، فأخذتُه فوضعتُه في حجري ، ونزعت عنه ذلك الغشاء ، فجاء
الرضا عليه السلام ففتح الباب وقد فرغنا من أمره ، فأخذه فوضعه في المهد وقال : « يا حكيمة الزمي
مهده » .
____________
1 ـ الكافي 1 : 395 حديث 5 باب : انّ الجنّ يأتيهم فيسألونهم عن معالم دينهم .
(346)
قالت : فلمّا كان في اليوم الثالث رفع بصره إلى السماء ثم قال : « أشهد أن لا إله إلاّ الله ،
وأشهد أنّ محمّداً رسول الله » ، فقمتُ ذعرةً ، فأتيتُ أبا الحسن عليه السلام فقلتُ له : قد سمعت عجباً
من هذا الصبي .
فقال : « ما ذاك » ؟ فأخبرته الخبر .
فقال : « يا حكيمة ما ترون من عجائبه أكثر » .
وفي جبال بطريق بهبهان مزار ينسب إليها ، يزوره المترددون من الشيعة (1) .
197 حكيمة بنت الإمام الجواد عليه السلام
محدّثة ، من الصالحات العابدات القانتات ، لها أخبار كثيرة في تزويج الإمام الحسن
العسكري عليه السلام بنرجس اُم المهدي ، وفي ولادة الإمام المهدي عليه السلام .
روى الصدوق في عيون أخبار الإمام الرضا عليه السلام في باب : ما روي في ميلاد القائم صاحب
الزمان الحجّة بن الحسن عليهما السلام ، قال :
حدّثنا محمّد بن الحسن بن الوليد رضي الله عنه ، قال : حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار ، قال : حدّثنا أبو
عبدالله الحسين بن رزق الله ، قال : حدّثني موسى بن محمّد القاسم بن حمزة بن موسى بن جعفر
بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام ، قال : حدّثتني حكيمة بنت محمّد بن علي
بن موسى بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام قالت :
بعث إليّ أبو محمّد الحسن بن علي عليهما السلام ، فقال : « يا عمّة اجعلي إفطاركِ هذه الليلة عندنا ،
فإنّها ليلة النصف من شعبان ، فإنّ الله تبارك وتعالى سيظهر في هذه الليلة الحجّة ، وهو حجتّه
في أرضه » .
____________
1 ـ فاطمة بنت الإمام موسى الكاظم عليه السلام : 34 نقلاً عن : عمدة الطالب : 196 ، كشف الغمة 2 : 236 ، المناقب 4 : 324 ، الإرشاد : 302 ، إعلام الورى : 312 ، الفصول المهمة : 242 ، تذكرة الخواص : 351 ، مطالب السؤل 2 : 65 ، رياحين الشريعة 4 : 149 ، أعيان الشيعة 4 ق 2 | 81 ، سفينة البحار 1 : 294 ، تحفة العالم 2 : 23 ، تأريخ الأئمة : 20 ، تاج المواليد : 124 ، المستجاد : 444 ، الأنوارع النعمانية 1 : 380 ، تأريخ قم : 199 .
(347)
قالت : فقلت له : ومَنْ اُمّه ؟
قال لي : « نرجس » .
قلت : جعلني الله فداك ما بها أثر .
فقال : « هو ما أقول لكِ » .
قالت : فجئتُ ، فلمّا سلّمت وجلست ، جاءت تنزع خفي وقالت لي : يا سيّدتي كيف
أمسيت ؟
فقلت : بل أنتِ سيّدتي وسيّدة أهلي .
قالت : فأنكرت قولي وقالت : ما هذا يا عمّة ؟
قالت : فقلت لها : يا بنيّة إنّ الله تعالى سيهب لكِ في ليلتك هذه غلاماً سيّداً في الدنيا
والآخرة .
قالت : فخجلت واستحيت .
فلمّا أن فرغتُ من صلاة العشاء الآخرة ، أفطرتُ وأخذت مضجعي فرقدتُ ، فلمّا أن كان
في جوف الليل قمتُ إلى الصلاة ففرغتُ من صلاتي وهي نائمة ليس بها حادث ، ثم جلستُ
معقّبة ، ثمّ اضطجعتُ ، ثم انتبهت فزعة وهي راقدة ، ثم قامت فصلّت ونامت .
قالت حكيمة : وخرجت أتفقدّ الفجر ، فإذا أنا بالفجر الأوّل كذنب السرطان وهي نائمة ،
فدخلني الشكوك ، فصاح بي أبو محمّد عليه السلام من المجلس فقال : « لا تعجلي يا عمّة ، فهذا الأمر قد
قرب » .
قالت : فجلستُ وقرأتُ آلم السجدة ويس ، فبينما أنا كذلك إذ انتبهتْ فزعة ، فوثبتُ إليها
فقلت : اسم الله عليكِ ، ثم قلتُ لها : أتحسين شيئاً ؟
قالت : نعم يا عمّة .
فقلتُ لها : اجمعي نفسك واجمعي قلبك فهو ما قلتُ لكِ .
قالت : فأخذتني فترة وأخذتها فترة ، فانتبهت بحسِّ سيّدي ، فكشفتُ الثوب عنه فإذا أنا
به عليه السلام ساجداً يتلقى الأرض بمساجده ، فضمّمته إليّ ، فإذا أنا به نظيف متنظّف ، فصاح بي أبو
(348)
محمّد عليه السلام : « هلمي إليّ ابني يا عمّة » .
فجئتُ به إليه ، فوضعَ يديه تحت إليتيه وظهره ، ووضع قدميه على صدره ، ثم أدلى لسانه
في فيه وأمرَّ يده على عينيه ومفاصله ، ثم قال : « تكلّم يا بني » .
فقال : « أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، وأشهد أنّ محمّداً رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم » ، ثم
صلّى على أمير المؤمنين وعلى الأئمة عليهم السلام إلى أن وقف على أبيه ثم أحجم .
قال أبو محمّد عليه السلام : « يا عمّة اذهبي به إلى اُمه ليسلّم عليها وآتني به » ، فذهبت به ، فسلّم
عليها ، ورددّته فوضعته في المجلس ثم قال : « يا عمّة إذا كان يوم السابع فأتينا » .
قالت حكيمة : فلمّا أصبحتُ جئت لاُسلّم على أبي محمّد عليه السلام وكشفتُ الستر لأتفقد
سيّدي عليه السلام فلم أره ، فقلت : جعلتُ فداك ما فعلَ سيّدي ؟
فقال : « يا عمّة استودعناه الذي استودعته اُم موسى عليه السلام » .
قالت حكيمة : فلمّا كان في اليوم السابع جئتُ فسلّمت وجلست ، فقال : « هلمي إليّ
ابني » ، فجئتُ بسيدّي عليه السلام وهو في الخرقة ففعل به كفعلته الاُولى ، ثم أدلى لسانه في فيه كأنّه
يغذّيه لبناً أو عسلاً ثم قال : « تكلّم يا بني » .
فقال : « أشهد أن لا إله إلاّ الله ، وثنّى بالصلاة على محمّد وعلى أمير المؤمنين وعلى الأئمة
الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين حتى وقف على أبيه عليه السلام ، ثم تلا هذه الآية : ( بسم الله
الرحمن الرحيم ونريد أن نمنّ على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ،
ونمكّن لهم في الأرض ونُرِيَ فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون ) (1) .
قال موسى : فسألتُ عقبة الخادم عن هذه ، فقالت : صدقتْ حكيمة (2) .
وقال أيضاً : حدّثنا الحسين بن أحمد بن إدريس رضي الله عنه ، قال : حدّثنا أبي ، قال : حدّثنا محمّد
ابن إسماعيل ، قال : حدّثني محمّد بن إبراهيم الكوفي ، قال : حدّثنا محمّد بن عبدالله الطهوي ،
قال :
____________
1 ـ القصص : 5 ـ 6 .
2 ـ عيون أخبار الإمام الرضا عليه السلام : 424 حديث 1 .
(349)
قصدتُ حكيمة بنت محمّد عليه السلام بعد مضي أبي محمّد عليه السلام أسألها عن الحجّة ، وقد اختلف فيه
الناس من الحيرة التي هم فيها .
فقالت لي : إجلس ، فجلست ، ثم قالت : يا محمّد إنّ الله تبارك وتعالى لا يخلي الأرض من
حجّه ناطقة أو صامتة ، ولم يجعلها في أخوين بعد الحسن والحسين عليهما السلام تفضيلاً للحسن
والحسين ، وتنزيهاً لهما أن يكون في الأرض عديلهما ، إلاّ أن الله تبارك وتعالى خصّ ولد
الحسين بالفضل على ولد الحسن عليهما السلام ، كما خصّ ولد هارون على ولد موسى عليه السلام ، وإن كان
موسى حجّة على هارون والفضل لولده إلى يوم القيامة ، ولابدّ للاُمّة من حيرة يرتاب فيها
المبطلون ويخلص فيها المحقّون ، كيلا يكون لخلق على الله حجّة ، وإنّ الحيرة لابدّ واقعة بعد
مضيّ أبي محمّد الحسن عليه السلام .
فقلتُ : يا مولاتي هل كان للحسن عليه السلام ولد .
فتبسّمت ، ثم قالت : إذا لم يكن للحسن عليه السلام عقب فمنَ الحجّة بعده ، وقد أخبرتك أنّه لا
إمامة لأخوين بعد الحسن والحسين عليهما السلام .
فقلتُ : يا سيّدتي أخبريني بولادة مولاي وغيبته عليه السلام .
قالت : نعم ، كانت لي جارية يقال لها نرجس . . . . . . (1)
وروى الشيخ الطوسي رحمه الله عدّة روايات تدلّ على حضور حكيمة ولادة الإمام
الحجّة عليه السلام في كتاب الغَيبة (2) .
وروى الكليني في الكافي عن محمّد بن يحيى ، عن الحسين بن رزق الله أبو عبدالله ، قال :
حدّثني موسى بن محمّد بن القاسم بن حمزة بن موسى بن جعفر ، قال : حدّثني حكيمة ابنة
محمّد بن علي عليهما السلام ـ وهي عمّة أبي ه ـ أنه رأته ليلة مولده وبعد ذلك (3) .
وقال المجلسي في بحار الأنوار : إنّ في القبّة الشريفة ـ يعني قبّة العسكريين عليهما السلام ـ قبراً
____________
1 ـ عيون أخبار الإمام الرضا عليه السلام : 426 حديث 2 .
2 ـ الغَيبة : 141 .
3 ـ الكافي : 1 : 266 حديث 3 باب : تسمية من رآه عليه السلام .
(350)
منسوباً إلى الكريمة النجيبة ، العالمة الفاضلة ، التقيّة الرضيّة ، حكيمة بنت أبي جعفر
الجواد عليه السلام ، ولا أدري لِمَ لمْ يتعرّضوا لزيارتها مع ظهور فضلها وجلالتها ، وأنّها كانت مخصوصة
بالأئمة عليهم السلام ، ومودعة أسرارهم ، وكانت اُم القائم عندها ، وكانت حاضرة عند ولادته ، وكانت
تراه حيناً بعد حين في حياة أبي محمّد العسكري عليه السلام ، وكانت من السفّراء والأبواب بعد وفاته ،
فينبغي زيارتها بما أجرى الله اللسان ممّا يناسب فضلها وشأنها ، والله الموفق (1) .
ونقل المامقاني عن المولى الوحيد ما لفظه : عدم التعرّض لزيارتها رضي الله عنها ـ كما
أشار اليه المفضال ـ عجيب ، وأعجبُ منه عدم تعرّض الأكثر كالمفيد رحمه الله في الإرشاد وغيره في
كتب التواريخ والسير والنسب لها في أولاد الجواد عليه السلام ، بل حصر بعضهم بناته في غيرها (2) .
198 حلبة مولاة شيبان
راوية من راويات الحديث ، روت عن أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب سلام الله
عليه ، وروى عنها حاتم أبو فاطمة (3) .
199 حليمة الأسحاقيّة
الشريفة حليمة بنت السيّد عزّ الدين الأسحاقي ، من سادات بني زهرة الحلبيين .
عالمة ، فاضلة ، راوية للحديث .
ذكرها السيّد محسن الأمين في أعيان الشيعة قائلاً .
____________
1 ـ بحار الأنوار 99 : 79 .
2 ـ تنقيح المقال 3 : 76 . وانظر : جامع الرواة 2 : 457 ، أعيان الشيعة 6 : 217 ، رياحين الشريعة 4 : 150 ، معجم رجال الحديث 23 : 178 .
3 ـ أعلام النساء 1 : 288 نقلاً عن الاستدراك على تراجم رواة الحديث لابن نقطة ( مخطوط ) .
(351)
في أعلام النبلاء بتأريخ حلب الشهباء : قال أبو ذر في حوادث سنة 861هـ : في الليلة
المسفر صباحها عن نهار الأحد 11 المحرم توفّيت الشيخة المسندة حليمة بنت السيّد
عزالدين الأسحاقي نقيب الأشراف ، وصُلّي عليها بجامع حلب ، ودفنت بالمشهد بسفح الجبل
عند أسلافها (1) .
200 حليمة السعديّة
حليمة بنت أبي ذؤيب عبدالله السعديّة ، من بني سعد بن بكر .
مرضعة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، ولها رواية عنه صلى الله عليه وآله وسلم .
وكان أهل مكّة يسترضعون لأولادهم نساء أهل البادية طلباً للفصاحة ، ولذلك قال
الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : « أنا أفصح مَن نطق بالضاد ، بيدَ أنّي من قريش واسترضعتُ في بني سعد » .
فجاء عشر نسوة من بني سعد بن بكر يطلبن الرضاع وفيهن حليمة ، فأصبن الرضاع كلّهن إلاّ
حليمة ، وكان معها زوجها الحارث المكنّى أبا ذؤيب وولدها منه عبدالله ، فعُرض عليها رسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم فقالت : يتيم ولا مال له وما عست اُم ه أن تفعل ، فخرج النسوة وخلّفنها .
فقالت لزوجها : ما ترى قد خرج صواحبي وليس بمكّة غلام يسترضع إلاّ هذا الغلام
اليتيم فلو أنّا أخذناه ، فإنّي أكره أن أرجع بغير شيء ؟
فقال لها : خُذيه عسى الله أن يجعل لنا فيه خيراً ، فأخذته فوضعته في حجرها فدر ثدياها
حتى روي وروي أخوه ، وكان أخوه لا ينام من الجوع ، فبقي عندها سنتين حتى فطم ،
فقدموا به على اُمّه زائرين لها ، وأخبرتها حليمة ما رأت من بركته ، فردّته معها ، ثم ردّته على
اُمه وهو ابن خمس سنين ويومين .
وقدمت حليمة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعدما تزوّج فبسط لها رداءه ، وأعطتها خديجة
____________
1 ـ أعيان الشيعة 6 : 217 .
(352)
أربعين شاة وأعطتها بعيراً ، وجاءت إليه يوم حنين فقام إليها وبسط لها رداءه فجلست
عليه (1) .
201 حمّادة بنت الحسن
اُخت أبي عبيدة الحذّاء ، وهي متّحدة مع حمّادة بنت رجاء .
راوية من راويات الحديث ، روت عن الإمام الصادق عليه السلام ، وروى عنها عبدالله
الكاهلي (2) .
قال النجاشي : زياد بن عيسى أبو عبيدة الحذّاء ، كوفي ثقة ، روى عن أبي جعفر و أبي
عبدالله عليهما السلام ، اُخته حمّادة بنت رجاء ، وقيل : بنت الحسن ، روت عن أبي عبدالله عليه السلام (3) .
وروى الكليني في الكافي عن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن علي بن الحكم ، عن
عبدالله الكاهلي قال : حدّثتني حمّادة بنت الحسن اُخت أبي عبيدة الحذّاء قالت :
سألتُ أبا عبدالله عليه السلام عن رجل تزوّج امرأة وشرط أن لا يتزوّج عليها ،
ورضيت أنّ ذلك مهرها ، قالت : فقال أبو عبدالله عليه السلام : « هذا شرط فاسد ،
لا يكون النكاح إلاّ على درهم أو درهمين » (4) .
ورواه الشيخ في التهذيب أيضاً (5) .
وقال المامقاني في تنقيح المقال : إن حمّادة بنت الحسن مع كونها اُخت زياد بن عيسى لا
يلائم أن تكون بنت الحسن ، إلاّ أن تكون اُخته من قبل اُمه ؛ لأنّ والد زياد مهما اختلف النقل
____________
1 ـ أعيان الشيعة 1 : 218 ، الأعلام للزِركلي نقلاً عن : ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى 2 : 159 ، الإصابة 4 : 274 ، تأريخ أبي الفداء .
2 ـ مجمع الرجال 7 : 173 ، منهج المقال : 400 ، نقد الرجال : 413 ، جامع الرواة 2 : 457 ، رجال أبو علي : 369 ، رياحين الشريعة 4 : 179 ، معجم رجال الحديث 23 : 188 .
3 ـ رجال النجاشي : 170 رقم 449 .
4 ـ الكافي 5 : 381 حديث 9 باب النوادر في المهر .
5 ـ التهذيب 7 : 365 حديث 1479 باب المهور والاُجور .
(353)
عن اسمه لم يسمه أحد بالحسن (1) .
202 حميدة الرويدشتي
حميدة بنت المولى محمّد شريف بن شمس الدين محمّد الرويدشتي الأصفهاني .
والرويدشت : ناحية من توابع أصفهان .
ذكرها المولى الأصفهاني في الرياض قائلاً : كانت رحمة الله عليها فاضلة ، عالمة ، معلّمة
لنساء عصرها ، بصيرة بعلم الرجال ، نقيّة الكلام ، بقيّة الفضلاء الأعلام ، تقيّة من بين الأنام .
لها حواشي وتدقيقات على كتب الحديث كالاستبصار للشيخ الطوسي وغيره ، تدلّ على
غاية فهمها ودقتها واطلاعها ، وخاصة في ما يتعلّق بتحقيق الرجال . وقد رأيتُ نسخة من
الاستبصار وكان عليها حواشيها إلى آخر الكتاب ، وأظن أنّها كانت بخطّها رضي الله عنها .
وكان والدي قدس سره كثيراً ما ينقل عنها حواشيها في هوامش كتب الحديث ويحسنها
ويستحسنها ، وكان عندنا نسخة الاستبصار وعليها حواشي الحميدة المذكورة بخطّ والدي
إلى أواخر كتاب الصلاة ، حسنة الفوائد .
قَرأتْ هي قدّس سرّها على والدها ، وكان أبوها يثني عليها ، ويستظرف ويقول : إن
لحميدة ربطاً بالرجال ، يعني : تعتني بعلم الرجال ، وكان يُسميها للتمزّح بعلاّمتة ـ بالتاءين ـ
ويقول : إحداها للتأنيث والاُخرى للمبالغة .
ومن غريب ما اتفق أنّها تزوّجت لرضى اُمّها برجل جاهل أحمق ، من أهل تلك القرية من
أقربائها .
وقد رأيتُ أنا والدها وكنتُ صغيراً في حياة والدي ، وكان والدها قد طعن في السن ، وكان
لا يقبل كثرة سنّة ويقلّله مزاحاً ، وأظنّ أنه بلغ سنه مائة سنة أو ما يقارب من ذلك والله
يعلم (2) .
____________
1 ـ تنقيح المقال 3 : 76 .
2 ـ رياض العلماء 5 : 404 ، أعيان النساء : 98 ، رياحين الشريعة 4 : 185 .
(354)
وقال الطهراني في الذريعة : لها كتاب رجالي بإسم « رجال حميدة » ثم قال : هي الفاضلة
الكاملة حميدة بنت المولى محمّد شريف بن شمس الدين محمّد الرويدشتي الأصفهاني ، ثم نقل
ما ذكره الأفندي في الرياض (1) .
وعدّها من مصنّفي الكتب في علم الرجال ، حيث ذكرها في مصفّى المقال في مصنّفي علم
الرجال وقال : إنّها توفيت سنة 1087هـ (2) .
وقال أيضاً : لها حاشية على كتاب الاستبصار لشيخ الطائفة الطوسي ، وذكرها في
موضعين : في حرف الألف والحاء (3) .
203 حُمَيْدة المُصفّاة
حُميدة بنت صاعد البربري ، اُم الإمام الكاظم عليه السلام . ويقال إنّها أندلسية ، ولقبها لؤلؤة .
راويّة للحديث ، روت عن زوجها الإمام الصادق عليه السلام ، وروى عنها أبو بصير .
من التقيّات الورعات الثقات .
في عيون أخبار الإمام عليه السلام الرضا عليه السلام : كلّما أراد الإمام الصادق عليه السلام تقسيم حقوق أهل
المدينة أعطاها لاُمه اُم فروة وزوجته حميدة المصفّاة .
وفي الكافي : قال الكليني : عن محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن أحمد ، عن عبدالله بن أحمد ،
عن علي بن الحسين ، عن ابن سِنان ، عن سابق بن الوليد ، عن المعلّى بن خنيس : أنّ أبا
عبدالله عليه السلام قال :
« حُميدة مصفّاة من الأدناس كسبيكة الذهب ، ما زالت الأملاك تحرسها
حتى اُدّيت إليّ كرامة من الله لي والحجّة من بعدي » (4) .
____________
1 ـ الذريعة : 10 : 114 .
2 ـ مصفّى المقال في مصنّفي عالم الرجال : 162 .
3 ـ الذريعة 2 : 15 و 6 : 18 .
4 ـ الكافي 1 : 477 حديث 2 .
(355)
وقال الصدوق أيضاً بسنده عن أبي بصير : قال : دخلتُ على حُميدة المصفّاة لكي اُعزّيها
بوفاة زوجها الصادق عليه السلام فبكتْ وبكيتْ ، فقالتْ : يا أبا محمّد لو أنّك رأيت الصادق عليه السلام قبل
موته لتعجّبت من تلك الحالة التي تراه عليها ، فتح عيناه وقال :
« اجمعوا بقربي كلّ قراباتي وأهلي » ، فجمعنا له كلّ أهله ، فنظر إليهم وقال :
« إن شفاعتنا لا ينالها مستخفاً بالصلاة »(1) .
وروى الكليني في الكافي عن الحسين بن محمّد الأشعري ، عن مُعلّى بن محمّد ، عن علي بن
السندي القمي قال : حدّثنا عيسى بن عبدالرحمان ، عن أبيه ، قال : دخل ابن عكاشة بن
محصن الأسدي على أبي جعفر ، وكان أبو عبدالله عليه السلام قائماً عنده ، قدّم إليه عنباً فقال : « حبّة
حبّة يأكله الشيخ الكبير والصبي الصغير ، وثلاثة وأربعة يأكله من يظن أنّه لا يشبع ، وكُله
حبتين حبتين فإنّه يستحب » ، فقال لأبي جعفر عليه السلام : لأي شيء لا تزوّج أبا عبدالله فقد أدرك
التزويج ؟ .
قال وبين يديه صرّة مختومة : « أما إنّه سيجيء نخّاس من أهل بربر فينزل دار ميمون ،
فنشتري له بهذه الصرّة جارية » .
قال : فأتي لذلك ما اُتي ، فدخلنا يوماً على أبي جعفر عليه السلام فقال : « ألا أخبركم عن النخّاس
الذي ذكرته لكم ! قد قدم ، فاذهبوا فاشتروا بهذه الصرّة منه جارية » .
قال : فأتينا النخّاس فقال : قد بعتُ ما كان عندي إلاّ جاريتين مريضتين ، إحداهما أمثل
من الاُخرى :
قلنا : فأخرجهما حتى ننظر إليهما ، فأخرجها .
فقلنا : بكم تبيعنا هذه المتماثلة ؟
قال : بسبعين ديناراً .
قلنا : أحسن .
____________
1 ـ ثواب الأعمال وعقاب الأعمال : 272 حديث 1 باب عقاب من استخف بصلاته ، أمالي الصدوق : 391 حديث 10 .