لها أشعار باللغة العربية واُخرى بالفارسية ، ولها أشعار جمعت فيها اللغتين العربية والفارسية . وأكثر شعرها في مدح النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته عليهم السلام ، وفي الحكم والمواعظ .
لها ديوان مطبوع في طهران سنة 1332هـ . ذكره الشيخ الطهراني في الذريعة (1) .
قالت تصف النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، والأئمة عليهم السلام :
خليلي ألا تدنو إلـى عيـن رائـق * تــروّ بكـأسٍ سـائـغ متــورّد
ورحل بهذا الدار وابـغ منـازلاً * رفيعـاً وسيعـاً زاكيـاً ذا تــسدّد
وجالس مع الأبرار واذكـر هنا لهم * حـديث حـبيب مـشفـق متـودد
فـطيّب لنـا نفساً بـذكر نـوالـه * وفـرّج بنـا همّـاً ببشـر مجـدد
هو الأصل في الإيجاد والكل فرعـه * بمـولـده كـان الصفـيّ مـولـد
فأحمـد إن كـان ابـن آدم صورة * وبـالصدق معنـا آدم بـن مـحمّد
هو العلم المأثور فـي ظلم الدجـى * هو العمد الممدود فـي كل مـرصد
هو الكوكب الدري فـي وسط السما * بـه مـن مضلات الغواشي لنهتدي
هو الأمن والإيمان والكهف والهدى * وهـذا هـو الديـن القويـم المؤيّد
وعتـرتُه خيـر البـريــة كلّهـا * هـم العـروة الوثقى وقصر المشيّد
بهـم فتـح الله الاُمـور بأسرهـا * علـى الخلـق طـراً ظلهـم متمدد
فهم حجج الرحمن قدماً على الورى * وفيهـم كتـاب الله بـالحقّ يشهـد
معاندهم لـو كـانت الأرض كلهّـا * لهـا ذهبـاً مـلآى بـذاك ليفتـدي
وشيعتهـم يـوم القيامـة حولهـم * علـى سـرر مستبشـرين مـروّد
لهم كلّ ما تشهي النفوس وكلّ مـا * تلـذ بـه الأبصار فـي كـل مورد
يقولون : أتمـم ربنـا نورنـا لنـا * فإنـا لهــذا اليـوم كنّـا نـزوّد
مـلائـكة يستقبلـون قـدومهـم * يـرونـهم مـن طيبيـن الممجّـد

____________
1 ـ الذريعة 9 | 1 : 235 رقم 1432 .
(388)

يقولون لمّـا ينظـرون بـوجههـم * سـلام عليكـم فـادخلـوها مخلـد
فـلا تـمسكن إلاّ بحبـل ولائـهم * ولا تدحـرن عـن بـاب آل محمّـد
كفـاك بـذكـر الآل فخـراً ونعمـة * « حزينة » قومي واشكري وتهجّدي
وقالت في الأئمة الإثني عشر عليهم السلام :
يـا خليّ البال قد حـرت الفكـر * صمّ عـن غيرك سمعي والبصر
هجـت نـار الحبّ فـي وجنتنا * لـن لنـا قلبـاً قسيـاً كـالحجر
أرجـع النظــرة فينـا مـقبلاً * لا تـركنـا كـهشيم المحتضـر
لـيس ينجيني مـن الغم سـوى * أجـل جـاء وأمـر قـد قـدر
ضجّت النفس مـن الموت أسـى * قلتها كوني كمن يهـوى السفر
إنّمـا فيهـا نـزلنـا عـابـرين * لـيست الدنيـا لنـا دار مـقر
مـضت النـاس علـى قنطـرة * أنـت تـمضين عليهـا بـحذر
لا منـاص اليـوم ممّـا نـزلت * فتنـاديــن بهـا أيـن المفـر
فامسكي بالعروة الوثقـى التـي * إن تـمسكتِ بهـا تَلقـي الظفر
سادة قـد طـابت الأرض بهـم * حيث ما ينحون من رجس طهـر
في دجى الليل الغواشي المظلـم * بعضهم شمس وبـعض كـالقمر
في سماء المجد أبدوا مشـرقين * أنـجم تعـدادهـا اثنـي عشـر
هـم أمـان الخلـق طـرّاً كلمّـا * غـاب نجـم مـنهم نجم زهـر
هم عمـاد الـدين أنـوار الهدى * مَـن تولاهـم نجى مـن كلّ شر
هم ولاة الأمـر بعـد المصطفى * بـولاهـم كـلّ ذنـب يغتفــر
عن صراط الحـقّ مَـن شايعهم * عـاجلاً سهلاً بـلا خـوف عَبـر
خاتـم فيهـم كختـم الأنبيــاء * معلـن الحــقّ وقتّـال الكفـر
هــو حــبل الله للمعتصميـن * لعــدوّ الله ســيف مشتهـر
سيدي قد ذاب قلبي فـي هـواك * لا تـدعني إنّ دائـي ذو خطـر




(389)

أنت حصن الله يا كهف الورى * آيــة الله وذكـرى للبشـر
مـوتنـا فيـك حيـاة دائـم * وتـورّيك مـن المـوت أمرّ
فمتــى تظهـر يـا سيّدنـا * أم متى يبدو لنـا منـك الأثر
لست ان أرجو صريخاً غيركم * فـي اُم ـوري وليوم المنتشر
فـبحقّ السـادة المنتجبيـن * ربّ لا تهتـك عيوبي المستتر
بيننـا فاجمـع وايّاهـم إذا * دنـت الآجـال منّـا وحضـر
يا حزينة اصبري واستبشري * إن يُسـريَن ليـوم قـد عسر
وقالت تشكو زمانها ، وترك الأهل والأحبّة لها ، وسبب تسميتها « حزينة » :
ألا يا نديمي خلّني في غلا صدري * ألم ترَ سيل الدمع من مقلتي يجري
إلى الله أشكو ما أرى مـن أحبتي * لياليّ تمضـي فـي الكآبة بالسهر
يهينوننـي كالقاف حيـن تنزّلـت * وقـد كنتُ كالباء المرفّع في الحفر
أبيت وأمسي بيـن أهلـي غريبة * ودار أبي لي صار كالبدو في القفر
فكم جئتهم حُبّاً لهـم وكـرامـة * وكـم رفضوني في الشدائد والغمر
فكم من بليات أرى مـن جفائهـم * وكم مـن مصيبات يقل لها صبري
فكم من نهـار مـا تفرّغت ساعة * وكـم من ليال ما رقدت إلى الفجر



(390)

وإن مدّت الأيـدي إليهـم بحـاجة * يدي دون أيديهم تردّ إلـى نحـري
بلا جهـة مـن غيـر أنّي أحبّهـم * وداد غنـى لا عـن تملقـة الفقـر
وإنـي بحمـد الله ذات استطـاعـة * ولكـن من هجرانهم كسروا ظهري
لـداهيتي سمّيـت نفسـي حـزينة * سمـوم بليّـات أذوق مـدى دهري
تـلامـذتـي إن تسألنـي عبـارة * لكثـرة أشجـاني اُجـيب بـلا أدري
وكنتُ في غور مـن العلم خائضـة * خوض الحضيض لوجه الدر في البحر
فربـي كفيل فـي الاُمور جميعهـا * عليـه تـوكّلـت وفـوّضته أمـري

وقالت أيضاً :
يا ذلة بعد عزّ كنت فيـه مـدى * سنين أعوام دهـري ليت ما مضت
أضحـت دويـراي أيـاماً قلائلة * من بعد ما ضحكت يا طول ما بكت

وقالت أيضاً :
يا قرحة ثقبت قلبي وليس لهـا * معـالج يتـداواهتــا ومـلتئتم



(391)

حتى الممات بأحشائي جراحتها * داء يؤلم روحي وهو مكتتم (1)

222 دعد الكيالي
شاعرة فلسطينية ، كرّست أعمالها الأدبيّة للنكبة ، وغنّت لفلسطين في معظم شعرها .
وفي عام 1946م زارت مدينة النجف الأشرف ، ونظمت فيها قصيدة رائعة ، قرنت فيها بين ضيعة القدس ومأساة الطفوف ، مستلهمة من كربلاء صمود الحسين عليه السلام وتضحيته . وقد نشرت هذه القصيدة مؤخّراً مجلة الموسم الفصليّة في عددها الثالث عشر الصادر في عام 1413هـ=1992م ، حيث تقول فيها :
يا فتـاةَ العـرب إبكـي واندبـي * يـومَ عاشوراء واستبكي ونوحـي
كـربـلا أي مـآسٍ هـجت لـي * فغـدا قـلبي كـالطير الـذبيحِ . . !
كــربـلا أي دمـاءٍ أهـرقـت * فـوق كثبانك يا مهد جروحـي . . !
كـربـلا يـا آهـة الشعـر ويا * دمعـة الفـن ويـا أنـة روحــي
جـئتُ أسعـى بحنيـن ظامـيء * لثـرى جـدي تـخفيني مسـوحي
رحـتُ أبكـي بذهـول خـاشع * وأنـاجـي مَـن بذيـاك الضـريح
جـئتُ يـا جـدّاه أسعـى وأنـا * مثـل نسر تـاعس الجـد العثـور
جئتُ يـا جـدّاه أذري دمعــة * دمعة المظلوم يدعو وا ثبوري . . !
جئـتُ أبكـي وطنـاً ضاع ولم * أرَ مَـن يفـديـه إلاّ بـالشمور . . !
كلّهـم يــهتف فلحيـى وقـد * صـار واموتاه مـن أهـل القبور . !
ضاع من عرب وهم في لهوهـم * يضـربون الطبـل لا طبـل النفير . !
ليتنـي يـا جـد قـد مُتُّ ولـم * أرَ مسـرى جـدّنا مـلك اليهــود
ليتني يـا جـد قـد مُـتُّ ولـم * أرَ قـومي عيشهـم عـيش الـعبيد

____________
1 ـ انظر تراجم أعلام النساء 2 : 72 .
(392)

يرتضـون الــذل يــا جـد كـأن * لم تمت في ساحة الحقّ الشهيد . !
متّ حـر الـرأي لـم تخضـع لمـا * يخفض الهامة يـا خيـر الجـدود
حـرمــوك المـاء يـا جـد فلـم * ينـل الحـرمان مـن عزم الحديد
قتلــوا ولــدك يـا جـد فلــم * يـنل القتل مـن البـأس الشديـد
كلهـم كـان شجـاعــاً بـاسلاً * لـم يـطق صبراً علـى ظلم يزيد
قتلــوا ؟ لا . انّهـم أحيـاء فـي * جنّـة الخلـد بـأمـن وسعــود
غلبـوا ؟ لا . إنّهـم لـم يغلبـوا * كيف يـا جـد وهـم أسد الأسود!!
إنّهم قــد نصـروا الحـقّ ومـا * مات مـن مـات فـدى الحقّ التليد
ليتنـا متنــا فــدى أوطـاننـا * ليتنـا لـم نخـدر بـالــوعـود
ليتنـا يــاجـد ثنـــا مثلمـا * ثـرت قدمـاً بـالظبا لا بالقصيد . !
شهــد الله بـأنـي وأنـــا * أبـدع الشعـر وأشـدو للخلــود
قـد كـرهتُ الشعـر والنثر معـاً * وعشقتُ النـار فـي جوف الحديد!
لــيتني نـار عصـوف تـمحق * الظلـم والطغيـان من هذا الوجود
ليتنــي قنبلــــة ذريـــة * فـأريح الكون مـن شر اليهود . !
ليتنـي لـكنّني يـا جـد فـــي * عـزلتي يـرهقنـي ثقـل القيـود
* * *
جئتُ أستوحي ضـريحاً طاهـراً * وبقلبـي ذكـرة الماضي الأسيف
وعلـى خـدّي دمـع نـاطـق * بشجونـي آه من دمع ذريف . . !
ثـم ودّعـت وروحـي ذاهـل * وعلى ثغري صدى الروح اللهيف
آه يـا ذكـرى فـؤاد ذاب مـن * ضيعـة القدس ومـأساة الطفوف
إيه يـا مَـن ألهمتنـي مبدئـي * إيـهْ يـا بنت الرزايـا والصروف
افهمـي الأعـراف أنّ الحـقّ لا * شـيء يعليه سوى الحرب العنيف



(393)

223 دلشاد خاتون
بنت الأمير تيمور ابن الأمير جويان ، زوجها الشيخ حسن الايلكاني ، وهي اُم السلطان اويس .
تُعدّ من صالحات النساء ، ذات عقل كبير وتدبير حكيم .
قال صلاح الدين الصفدي : كان الحكم في زمان الأمير الشيخ حسن في الواقع بيد زوجته دلشاد خاتون ، وكانت ترأف على الفقراء والغرباء ، ولها أعمال خيريّة كثيرة ، توفّيت سنة 752هـ في بغداد ، وشيّع نعشها لمدينة النجف الأشرف بكامل التجليل (1) .
وذكر المحلاتي لها عدّة أبيات شعرية (2) .

224 ديلم بنت عمر
زوجة زهير بن القين ، الشهيد بأرض الطف يوم عاشوراء مع سيّد الشهداء الإمام الحسين ابن علي عليهما السلام .
وهي من المؤمنات المواليات لأهل البيت عليهم السلام ، شجّعت زوجها على إجابة الإمام الحسين عليه السلام حين دعاه إلى نُصرته ، وعندما ذهب زوجها لنصرة الحسين عليه السلام ودّعته زوجته وقالت له : خار الله لكَ ، أسألكَ أن تذكرني يوم القيامة عند جدّ الحسين عليه السلام .
وبعد مصرع زوجها زهير بن القين بعثت كفناً بيد غلام لها وقالت له : اذهب وكفّن مولاك ، فذهب الغلام ليكفّن سيّده فوجد الحسين عليه السلام بلا كفن فكفّنه ، ورجع وأخذ كفناً آخراً وكفّن به مولاه زهير بن القين (3) .
علماً بأنّ الذي عليه علماء الإماميّة أنّ الذي تولّى تغسيل الإمام الحسين عليه السلام وتكفينه
____________
1 ـ الدرر الكامنة 2 : 14 و 101 ، أعيان الشيعة 6 : 426 .
2 ـ رياحين الشريعة 4 : 230 .
3 ـ ترجمة الإمام الحسين من طبقات ابن سعد المطبوعة في نشرة تراثنا 10 : 190 ، رياحين الشريعة 3 : 306 .

(394)

ودفنه ، هو ولده الإمام زين العابدين عليه السلام .

225 ذرة بنت معاذ
محدّثة جليلة ، حدّثت عن اُم هاني بنت أبي طالب ، وحدّث عنها أبو الأسود محمّد بن عبدالرحمن المدني ، الذي كان حيّاً في آخر أيام بني اُمية (1) .

226 الذكوانيّة
امرأة من بني ذكوان ، مؤمنة ، شجاعة ، ذات فصاحة وبيان .
في « بلاغات النساء » و « محادثات النساء » عن خالد بن سعيد ، عن رجل من بنياميّة قال : حضرتُ معاوية يوماً وقد أذن للناس اذناً عامّاً ، فدخلوا عليه لمظالمهم وحوائجهم ، فدخلت امرأة كأنّها قلعة ، ومعها جاريتان لها ، فحدرت اللثام عن لونٍ كأنّما اُشرب ماء الدرّ في حمرة التفاح ، ثم قالت :
الحمدُ لله يا معاوية ، الذي خلق اللسان فجعل فيه البيان ، ودلّ به على النعم ، وأجرى به القلم فيما أبرم وحتم ، ودرأ وبرأ وحكمَ وقضى . صرف الكلام باللغات المختلفة على المعاني المتفرّقة ، ألّفها بالتقديم والتأخير ، والاشباه والمناكير ، والموافقة والتزايد . فأدّته الآذان إلى القلوب ، وأدّته القلوب إلى الألسن بالبيان ، وتمّت به النعم .
فكان من قضاء الله وقدره أن قرّبتَ زياداً ، وجعلتَ له بين آل سفيان نسباً ، ثم ولّيته أحكام العباد ، يسفك الدماء بغير حلّها ولا حقّها ، ويهتك الحرم بلا مراقبة الله فيها . خؤون ، غشوم ، كافر ظلوم . يتخيّر من المعاصي أعظمها ، لا يرى لله وقاراً ، ولا يظنّ أنّ له معاداً . وغداً يعرض عمله في









____________
1 ـ أعلام النساء 1 : 426 ، أعيان النساء : 132 .
(395)

صحيفتك ، وتوقف على ما اجترم بين يدي ربّك ، ولك برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اُسوة ، وبينك وبينه صهر ، فلا الماضين من أئمة الهدى اتّبعت ، ولا طريقتهم سلكت ، جعلت عبد ثقيف على رقاب اُمّة محمّد صلى الله عليه وآله وسلم يدبّر اُمورهم ويسفك دماءهم ، فماذا تقول لربّك يا معاوية ؟ ! وقد مضى من أجلكَ أكثره ، وذهب خيره وبقي وزره .
إنّي امرأة من بني ذكوان ، وثب زياد ـ المدّعى إلى أبي سفيان ـ على ضيعتي ، ورثتها عن أبي و اُمّي ، فغصبنيها وحال بيني وبينها ، وقتلَ من نازعه فيها من رجالي ، فأتيتك مستصرخة ، فإن أنصفت وعدلت وإلاّ وكلتك وزياد إلى الله عزّ وجل ، فلن تبطل ظلامتي عندك ولا عنده ، والمنصف لي منكما حكم عدل .









فبهت معاوية ، ينظر إليها متعجباً من كلامها ، ثم قال : ما لزياد ؟ ! لعن الله زياداً ، فإنّه لا يزال يبعث على مثالبه من ينشرها ، وعلى مساوئه من يثيرها .
ثم أمرَ كاتبه بالكتابة إلى زياد يأمره بالخروج إليها من حقّها ، وإلاّ صرفه مذموماً مدحوراً . ثم أمرَ لها بعشرين ألف درهم ، وعجب معاوية وجميع مَن حضره من مقالتها وبلوغها حاجتها (1) .

227 رابعة الشاميّة
في الدر المنثور : هي زوجة أحمد بن أبي الحواري ، كانت من العابدات الزاهدات ، وكان فضلها لا يقدّر وكرامتها لا تنكر . قال أحمد بن أبي الحواري : كانت رابعة لها أحوال شتى ، فمرّة يغلب عليها الحبّ ، ومرّة يغلب عليها الاُنس ، ومرّة يغلب عليها الخوف ، فسمعتها في حال الحبّ تقول :
____________
ـ بلاغات النساء : 61 ـ 63 ، ومحادثات النساء : 71 ـ 72 .
(396)

حـبيبٌ لـيس يعـدلـه حـبيبُ * وما لسواه فـي قلبـي نـصيبُ
حبيبٌ غابَ عن بصري وشخصي * ولكن عـن فـؤادي مـا يـغيبُ
وسمعتها في حال الاُنس تقول :
ولقد جعلتك في الفؤاد محدّثـي * وأبحتُ جسمي مَن أراد جلوسي
فالجسم منـي للجليس مـؤانس * وحبيب قلبي في الفؤاد أنيس (1)
وسمعتها في الخوف تقول :
وزادي قليل ما أراه مبلغـي * أللزاد أبكي أم لطول مسافتي
أتحرقني بالنار يا غاية المنى * فأين رجائي فيكَ أين مخافتي
قال : فقلتُ لها مرّة وقد قامت بليل : ما رأينا من يقوم الليل كلّه غيرك .
قالت : سبحان الله مثلك يتكلم بهذا ، إنّما أقوم إذا نوديت .
قال : فجلستُ على المائدة في وقت قيامها فجعلت تذكّرني ، فقلت لها : دعينا نتهنأ بطعامنا ، فقالت : ليس أنا وأنت ممّن يتنغص عليه الطعام عند ذكره الآخرة ، وقالت : لستُ أحبّك حب الأزواج ، إنّما أحبّك حبّ الإخوان .
وقالت لزوجها : اذهب فتزوّج ، قال : فذهبتُ فتزوجتُ وكانت تطعمني الطعام وتقول : اذهب لأهلك ، وكانت إذا طبخت قدراً قالت : كلها يا سيّدي فإنها ما نضجت إلاّ بالتسبيح ، وبقيت على عبادتها إلى أن توفّاها الله (2) .
وذكرها الشيخ الطهراني في الذريعة قائلاً : ديوان رابعة الشامية أو شعرها : ترجمتها في خيرات حسان 1 : 139 ، ونفحات الانس : 554 ، وريحانة الأدب ، وأورد بعض شعرها العربي وعدّها من النساء العارفات (3) .
____________
1 ـ يأتي هذان البيتان في الترجمة اللاحقة أيضاً .
2 ـ الدر المنثور في طبقات ربّات الخدور : 201 .
3 الذريعة إلى تصانيف الشيعة 9 | 2 : 344 رقم 231 .

(397)

228 رابعة العدويّة
في الدر المنثور : رابعة بنت اسماعيل البصريّة العدويّة ، مولاة آل عتيك .
كانت رضي الله عنها كثيرة البكاء والحزن ، وكانت إذا سمعت ذكر النار غشي عليها زماناً ، وكانت تقول : استغفارنا يحتاج إلى استغفار ، وكانت تردّ ما يعطيها الناس وتقول : مالي حاجة بالدنيا ، وكانت بعد أن بلغت ثمانين سنة كأنّها الخلال البالي تكاد تسقط إذا مشت . وكان كفنها لم يزل موضوعاً أمامها ، وموضع سجودها كهيئة الماء المستنقع من دموعها .
وسمعتْ رضي الله عنها سفيان الثوري يقول : واحزناه ، فقالت : واقلة حزناه ، ولو كنتَ حزيناً ما هنأك العيش .
ومناجاتها كثيرة ومشهورة .
وقال ابن خلكان في ترجمتها : إنّها كانت من أعيان عصرها ، وأخبارها في الصلاح والعبادة مشهورة .
وذكر أبو القاسم القشيري في الرسالة : أنّها كانت تقول في مناجاتها : إلهي تحرق بالنار قلباً يحبّك ، فهتف بها مرّة هاتف : ما كنّا نفعل هذا ، فلا تظنّي بنا ظنّ السوء .
وقال بعضهم : كنتُ أهدي لرابعة العدوية ، فرأيتها في المنام تقول : هداياك تأتينا على أطباق من نور مخمّرة بمناديل من نور .
وكانت تقول : ما ظهر من أعمالي لا أعدّه شيئاً .
ومن وصاياها : اكتموا حسناتكم كما تكتمون سيئاتكم .
وأورد لها الشيخ شهاب الدين السهروردي في كتاب عوارف المعارف هذين البيتين :
إنّي جَعلتكَ في الفؤاد محدّثي * وأبحتُ جسمي مَنْ أراد جلوسي
فالجسمُ مني للجليس مؤانس * وحبيبُ قلبـي فـي الفؤاد أنيس
وكانت وفاتها في سنة 135هـ ، ذكره ابن الجوزي في شذور العقود ، وقال غيره سنة 185هـ ، وقبرها يزار ، وهو بظاهر القدس من شرقيه على رأس جبل يسمّى الطور .


(398)

وذكر ابن الجوزي في كتاب صفوة الصفوة في ترجمة رابعة المذكورة باسناد له متّصل إلى عبدة بنت أبي شوال قال ابن الجوزي : وكانت من خيار إماء الله تعالى وكانت تخدم رابعة ، قالت : كانت رابعة تصلّي الليل كلّه ، فإذا طلع الفجر هجعت في مصلاّها هجعة خفيفة حتى يسفر الفجر ، فكنتُ أسمعها تقول إذا وثبت من مرقدها وهي فزع : يا نفس كم تنامين ، وإلى كم تنامين ، يوشك أن تنامي نومة لا تقومين منها إلاّ لصرخة يوم النشور .
وكان ذلك دأبها دهرها حتى ماتت ، ولما حضرتها الوفاة دعتني وقالت : يا عبدة لا تؤذني بموتي أحداً وكفنيني في جبّتي هذه وهي جبّة من شعر ، كانت تقوم فيها إذا هدأت العيون .
قالت : فكفنتها في الجبة وفي خمار من صوف كانت تلبسه ، ثم رأيتها بعد ذلك بسنة أو نحوها في منامي عليها حلّة استبرق خضراء وخمار من سندس أخضر لم أر شيئاً قط أحسن منه ، فقلت : يا رابعة ما فعلتِ بالجبة التي كفّنّاك فيها والخمار الصوف ؟
قالت : إنّ الله نزعه عني وأبدلت به ما ترينه عليّ ، فطويت أكفاني وختم عليها ورفعت في عليين ليكمل لي بها ثوابها يوم القيامة .
فقلت لها : لهذا كنت تعملين أيام الدنيا ؟
فقالت : وما هذا عندما رأيت من كرامة الله عزّ وجلّ لأوليائه .
فقلت لها : ما فعلت عبيدة بنت أبي كلاب ؟
فقالت : هيهات هيهات سبقتنا والله إلى الدرجات العُلا .
فقلت : وبمَ ، وقد كنتِ عند الناس أكبر منها ؟
فقالت : إنّها لم تكن تبالي على أي حال أصبحت من الدنيا أو أمست .
وكان الحسن البصري توفّيت زوجته فأراد زوجة ، فقيل له عن رابعة العدويّة ، فأرسل إليها يخطبها ، فردته وقالت :
راحتي يا اخوتي في خلوتي * وحبيبي دائماً فـي حضرتي
لم أجد لي عن هواه عوضاً * وهـواه فـي البرايا محنتي
حيثما كنتُ اُشـاهد حسنـه * فهو محـرابي إليـه قبلتي



(399)

إن أمت وجداً وما ثمّ رضـىً * واعنـائي في الورى واشقوتي
يـا طبيبَ القلب يا كلّ المنى * جـد لوصلٍ منكَ يشفي مهجتي
يا سروري يـا حياتـي دائماً * نـشأتي منـكَ وأيضـاً نشوتي
قد هجرتُ الخلقَ جمعاً أرتجي * منـكَ وصلاً فهو أقصى منيتي

وكانت تقول مرّة : إلهي ما عبدتك خوفاً من نارك ولا طمعاً في جنتك ، بل حبّاً لك وقصد لقاء وجهك ، وتنشد :
اُحبّك حبّيـن حـبّ الهـوى * وحبّـاً لأنّـــك أهـل لـذاك
فأمّا الذي هو حبّ الهـوى * فشغلـي بذكـركَ عمّـن سواك
وأمّا الذي أنـت أهـل لـه * فكشفك لـي الحجب حتـى أراك
فلا الحمد في ذا ولا ذاك لي * ولكن لكَ الحمد في ذا وذاك (1)
وذكرها الشيخ الطهراني في الذريعة قائلاً : ديوان رابعة العدوية اُم الخير بنت اسماعيل العدوي المتوفاة في القدس في 135هـ أو 185هـ ، كانت تُضرب الأمثال بزهدها وعرفانها ، وكانت في عصر سفيان الثوري والحسن البصري . خيرات حسان : 138 ، ابن خلكان : 182 ، تذكرة الأولياء 1 : 58 ، نفحات الانس : 552 (2) .

229 الرباب الكلبيّة
الرباب بنت امرىء القيس بن عدي بن أوس بن جابر بن كعب بن عليم بن هبل بن عبدالله بن كنانة بن بكر بن عوف بن عذرة بن زيد اللات بن رفيدة بن ثور بن كلب ، هكذا ذكر نسبها ابن سعد في الطبقات (3) .
وقال السيّد محسن الأمين في أعيان الشيعة نقلاً عن نسمة السحر : الرباب بنت
____________
1 ـ الدر المنثور في طبقات ربّات الخدور : 203 .
2 ـ الذريعة إلى تصانيف الشيعة 9 | 2 : 340 رقم 2032 .
3 ـ الطبقات الكبرى : ترجمة الإمام الحسين عليه السلام المطبوعة في نشرة تراثنا 10 : 187 .

(400)

امرىءالقيس بن عدي بن أوس بن جابر بن كعب بن حليم بن خباب بن كلب الكلبية (1) .
وقال أبو الفرج الأصفهاني في الأغاني : الرباب بنت امرىء القيس بن جابر بن كعب بن علي بن وبرة بن ثعلبة بن عمران بن الحاف بن قضاعة (2) .
و اُمّها هند الهنود بنت الربيع بن مسعود بن معاد بن حصن بن كعب ، وفي الأغاني : اُمّها هند بنت الربيع بن مسعود بن مروان بن حصين بن كعب بن عليم بن كليب (3) .
وهي زوجة سيّد الشهداء الحسين بن علي بن أبي طالب سلام الله عليه ، قال أبو الفرج الأصفهاني في الأغاني : قال هشام بن الكلبي : كانت الرباب من خيار النساء وأفضلهن (4) .
وقال السيّد الأمين في الأعيان نقلاً عن نسمة السحر : كانت الرباب من خيار النساء جمالاً وأدباً وعقلاً ، أسلم أبو ها في خلافة عمر ، وكان نصرانياً من عرب الشام ، فولاه عمر على قومه من قضاعة ، وما أمسى حتى خطب إليه علي بن أبي طالب ابنته الرباب على ابنه الحسين فزوّجه إياها (5) .
وفي الأغاني : خطب علي بناته ـ أي بنات امرىء القيس ـ له ولولديه الحسنين ، فقال : أنكحتك يا علي المحياة ابنتي ، وأنكحتك يا حسن سلمى ، وأنكحتك يا حسين الرباب بناتي ، فولدت الرباب للحسين سكينة عقيلة قريش ، وعبدالله الرضيع الذي قتل يوم الطف و اُمه تنظر اليه (6) .
وأحبّ الحسين سلام الله عليه زوجته الرباب حبّاً شديداً ، وكان بها معجباً يقول فيها الشعر ، وكان ممّا قاله فيها وفي بنته سكينة :
لعمركَ أنّني لاُحبّ داراً * تحلُّ بها سكينةُ والربابُ

____________
1 ـ أعيان الشيعة 6 : 449 .
2 ـ الأغاني 16 : 139 .
3 ـ الأغاني 16 : 139 .
4 ـ الأغاني 16 : 141 .
5 ـ أعيان الشيعة 6 : 449 .
6 ـ الأغاني 16 : 141 رحمه الله جمهرة أنساب العرب : 457 .

(401)

أحبّهمـا وأبذلُ جُـلَّ مالـي * ولـيس للائمـي فيها عتابُ
ولستُ لهم وإنْ عَتبوا مطيعاً * حياتي أو يعليني الترابُ (1)
وفي تاج العروس : قال الحسين عليه السلام في الرباب :
أحبُّ لحبّهـا زيـداً جميعـاً * ونثلة كلّها وبنـي الرباب
أخـوالاً لهـا مـن آل لام * أحبّهم وطرّ بني جناب (2)
ولما استشهد سلام الله عليه في أرض كربلاء ـ وكانت معه ـ وجدت عليه وجداً شديداً ، حتى أنّها قامت على قبره سنة كاملة ثم انصرفت (3) .
وفي تذكرة الخواص : إن الرباب بنت امرىء القيس زوجة الحسين أخذت الرأس ووضعته في حجرها وقبّلته وقالت :
واحسيناً فـلا نـسيتُ حُسيناً * أقصدتـه أسنّـة الأعــداءِ
غـادروه بكـربلاء صـريعاً * لا سقى الله جانبي كربلاءِ (4)
وقد خطبها بعد مصرع الحسين عليه السلام خلق كثير من أشراف قريش فقالت : ما كنتُ لاتخذ حمواً بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، ووالله لا يؤويني ورجلاً بعد الحسين سقف أبداً .
وممّا قالته في رثائه عليه السلام :
إنّ الذي كان نوراً يُستضاءُ به * بكربـلاء قتيـلٌ غيـرُ مدفونِ
سبطُ النبيّ جزاكَ الله صـالحةً * عنّـا وجنّبت خسران الموازينِ
قد كنتَ لي جبلاً صعباً ألوذُ بهِ * وكـنتَ تصحبنا بالرحمِ والدينِ
مَـن لليتامى ومَـن للسائلينَ * يغنـي ويؤوي إليه كلّ مسكينِ

____________
1 ـ شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار عليهم السلام ، 13 : 14 ، الأغاني 16 : 139 ، تذكرة الخواص : 233 ، البداية والنهاية 8 : 209 ، الفصول المهمة : 183 .
2 ـ تاج العروس 1 : 263 « ريب » .
3 ـ البداية والنهاية 8 : 209 .
4 ـ تذكرة الخواص : 233 ، منتهى الآمال 1 : 463 .

(402)

والله لا أبتغي صهـراً بصهركـم * حتى اُغيّب بين الرمل والطينِ (1)
وقال الشيخ المامقاني في تنقيح المقال : يعتمد على روايتها غاية الإعتماد (2) .

230 الرباب
امرأة داود بن كثير الرقي .
عدّها الشيخ الطوسي رحمه الله في رجاله من أصحاب الإمام أبي عبدالله الصادق عليه السلام (3) .
وقال المامقاني رحمه الله في تنقيح المقال : وظاهره كونها إمامية إلاّ أنّي لم أقف على ما يدرجها في الحسان (4) .
هذا ما توصلنا إليه في معرفة هذه المرأة ، وكل من تأخّر عن الشيخ رحمه الله نقل عنه عدادها من أصحاب الصادق عليه السلام دون أي إضافة (5) .

231 ربابة القزوينيّة
ربابة بنت الشيخ محمّد صالح ابن الشيخ الملا محمّد الملائكة ابن الشيخ محمّد تقي ابن الشيخ محمّد جعفر ابن الشيخ محمّد كاظم البرغاني القزويني .
عالمة ، فاضلة ، مُحدّثة ، مجتهدة ، مدرّسة للعلوم الإسلاميّة ، واعظة ، خطيبة ، متكلّمة ، فصيحة ، من ربّات الدهاء والفطنة ، وفواضل نساء عصرها .
قرأت المقدّمات والعربية وفنون الأدب على رجال اُسرتها واُختها قرّة العين ، وأخذت الفقه والاُصول والتفسير والحديث عن والدها الشيخ محمّد صالح البرغاني المتوفى سنة
____________
1 ـ الأغاني 16 : 141 ، منتهى الآمال 1 : 335 ، أعلام النساء : 439 .
2 ـ تنقيح المقال 3 : 78 .
3 ـ رجال الشيخ الطوسي : 342 .
4 ـ تنقيح المقال 3 : 78 .
5 ـ انظر : مجمع الرجال 7 : 174 ، منهج المقال : 400 ، نقد الرجال : 413 ، جامع الرواة 2 : 457 ، رياحين الشريعة 4 : 254 ، أعيان الشيعة 6 : 449 ، معجم رجال الحديث 23 : 190 .

(403)

1271هـ وعمّها الشهيد الثالث المستشهد سنة 1263هـ ، وتخرّجت في الحكمة والفلسفة على الآخوند الشيخ الملاّ آغا الحكمي القزويني ، وتتلّمذت في العرفان على عمّها الشيخ ملاّ علي البرغاني وأخيها الشيخ الميرزا عبدالوهاب البرغاني القزويني ، ولمّا بلغت سنّ الرشد تزوّجت الميرزا هبة الله الرفيعي القزويني .
تصدّرت للتدريس والافادة والوعظ والإرشاد ، وكانت تستنبط الأحكام الشرعية ، وتتباحث مع العلماء وتُجادلهم ، وتفتي في المسائل الفقهية والعلمية ، ويؤخذ برأيها وأحكامها .
كانت رحمها الله ملجأً للفقراء والمنقطعين ، وفي خطاباتها ومجالسها كانت كثيرة التشنيع على السلطان ناصرالدين شاه القاجاري ، ومظالم البلاط الايراني والأمراء ، ولم يتعرّض لها الشاه بشيء .
توفّيت حدود سنة 1298هـ (1) .

232 الرُبَيّع بنت مُعَوِّذ
قال المامقاني في تنقيح المقال : عدّها الشيخ في رجاله وابن عبدالبر وابن مندة وأبو نعيم من الصحابيات ، وزاد مَن عدا الشيخ رحمه الله وصفها بالأنصاريّة . وهي من حسنات الحال ، وكانت ربما غزت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فتداوي الجرحى وترد القتلى إلى المدينة ، وكانت من المبايعات تحت الشجرة بيعة الرضوان .
وقد قيل لها : صِفي لنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم . فقالت : لو رأيته لرأيت الشمس طالعة .
والربيّع : بضم الراء ، وفتح الموحدة ، وتشديد الياء المثناة من تحت ، بعدها عين مهملة .
ومعوّذ : بضم الميم ، وفتح العين المهملة ، وكسر الواو المشددة ، بعدها ذال معجمة (2) .
____________
1 ـ مستدركات أعيان الشيعة 4 : 104 ـ 105 عن الاُستاذ عبدالحسين الصالحي في كتابه المخطوط رياحين الشيعة .
2 ـ تنقيح المقال 3 : 78 .