وفيه أيضاً : روى الصدوق بسنده عن أحمد بن ابراهيم ، عن حكيمة بنت الإمام
الجواد عليه السلام أنّها سُئلت : إن توفّي الإمام الحسن العسكري عليه السلام إلى من تفزع الشيعة ؟
قالت : إلى الجدّة اُم أبي محمّد صلوات الله عليه .
ومن هذا تعرف غاية الجلالة والشرف ، ونهاية الفضل والنبل لهذه المرأة ، حيث إنّها
كانت أحد الأبواب ، والواسطة بين الاُمة وإمامهم الغائب .
وفي إثبات الوصية : أنّ الإمام الحسن العسكري عليه السلام قد أخبر والدته بوقت وفاته ، وقد
بقيت هذه المرأة حيّة بعد وفاة العسكري عليه السلام ، ثم ماتت ودفنت إلى جنب ولدها الإمام الحسن
العسكري عليه السلام (1) .
288 الشهيدة سناء محيدلي
مجاهدة لبنانيّة مؤمنة ، قامت بعملية بطوليّة ضد الصهاينة اليهود الّذين اجتاحوا الجنوب
اللبناني ، أدّت إلى استشهادها .
وفي الحفل الت أبي ني الذي أقيم لها ، رثاها سماحة حجّة الإسلام والمسملين الدكتور الشيخ
أحمد الوائلي بقصيدة رائعة ، هي :
تَطَلّعَ يَسْتَجلي (2) سَنا (3) الأَرْضِ كَوكَبُ * فَـشُـدَّ بِعَينيـهِ جَبـنٌ مَـعَصَّــبُ
تَعـرّى بـهِ لبنـانُ سَهـلاً وَشـاهِقـاً * وَشـاطِىءَ بَحْـرٍ بالحَلا (4) يَتَأَشّبُ (5)
____________
1 ـ انظر : الكافي 1 : 421 ، الإرشاد للشيخ المفيد : 335 ، إعلام الورى : 349 ، أعيان الشيعة 2 : 40 ، رياحين الشريعة 3 : 24 .
2 ـ يستجلي : يستوضح ويستكشف . الصحاح 6 : 2303 « حلا » .
3 ـ السَنا : الضوء . الصحاح 6 : 2383 « سنا » .
4 ـ الحلو : نقيض المرّ ، يقال : حلا الشيء يحلو حلاوة . الصحاح 6 : 2317 « حلا » .
5 ـ يتأشّب : يختلط . الصحاح 1 : 88 « أشب » .
(525)
وَمَرّت بهِ شَمْسُ الجَنـوبِ فَأَنْضَجَـتْ * بهِ الكَرْمَ فالصَهباءُ (1) فيالصُدْغِ تَلْهَبُ
وَجَسّـدَ أَطْيـافَ الفِـداءِ كَـريمـةً * إلـى بَـدْرَ واليَـرْموك تُنمى وتُنْسَبُ
هُوَ الَمجْدُ يا دُنْيـا ( سَنـاء ) فَغَردّي * فَـأَنْتِ أَرِيـجُ (2) الخُلْدِ بَلْ أَنْتِ أَطْيَبُ
دَمٌ . . وَسَرايانا (3) ذَمِيلٌ (4) مَسِيرُهإ * أمـانِـينـــا رَجــاءٌ مُـــخَيَّبُ
تَأَلّقَ فـانْزاحَتْ عَـن الليـلِ عُتْمـةٌ * وأَمْطَـرَ فارْتَـدتْ سَحائِـبُ خُلَّبُ (5)
وَما مَسَحَ الإذلالَ عـَن وَجْـهِ اُمّـةٍ * كَـمِثْلِ وَريـدٍ بـالـدَمِ الحُـرِّ يَشْخَبُ
وَلا اخْتَصَرَ الدَرْبَ الطَـويل كخَطْـوةٍ * مَشَتْ في طَريقِ الَمجْدِ وَهْيَ تَوَثَّبُ (6)
رَأَتْ غـايَـةً لِلدَرْبِ فـانْـدَفَعَتْ لَها * وَمـا رَجَعَتْ وَالمِـدفَعُ الوَغْدُ يَصْخَبُ
مَـلاحِمُ آبـائي سَمِعْـتُ هَديـرَهـا * بِصَوْتِ ( سَنـاء ) وَهْوَ لِلمَجْدِ يَغْضَبُ
____________
1 ـ الصهباء : الخمر ، سميّت بذلك للونها . الصحاح 1 : 166 « صهب » .
2 ـ الأريج : توهّج ريح الطيب . الصحاح : 1 : 298 « أرج » .
3 ـ السريّة : قطعة من الجيش . الصحاح 6 : 2375 « سرا » .
4 ـ الذميل : ضربٌ من سير الابل . الصحاح 4 : 1702 « ذمل » .
5 ـ الخُلَّبُ : السحاب الذي لا مطر فيه . الصحاح 1 : 122 « خلب » .
6 ـ وثب : طَفَرَ . الصحاح 1 : 231 « وثب » .
(526)
* * *
( سناءُ ) رَأَيْـتُ الشَمْسَ رَغْـمَ سَنائِهـا * تَـمَجِّـدُ ثَوبْـاً مِنْـكِ بـالـدَمِ يُـخضَبُ
وَيَـخْضِلُكِ التَـأريـخُ سَفْـراً وَصَفْحَـةً * بِمــا يَنْـزِفُ الجِسْـمُ المُمـزَّقُ تـُكتَبُ
وَأَطْيـافُ إيمـانٍ وَرَمْــزُ صَـلابَــةٍ * سَقى غَرْسَها فيأَرْضِ ( عامل ) ( جُنْدَبُ )
وَأَتْـتِ عَلـى الجَـوزاءِ كَـأسٌ كَـريمةٌ * تُهِيبُ بـأَبْـطالِ الخُنُـوعِ (1) ليشربُوا
مُتُـونٌ وإنْ ثِقْـلُ النَيـاشِيـنَ أَدَّهــا * يُشَرِّفُهـا فـي كَـعْبِ رِجْلَيْكِ شَبْشَبُ (2)
وَعَزْمَةُ صَقْـرٍ فيـكِ تَفْـدي شُمـوخَها * خَنـافِسُ فـي مُسْتَنْقَـعِ الـوَحْلِ تَرْسُبُ
سَيَبْقـى وإنْ شظّـاه يـا رودُ مِـدْفَـعٍ * بِثَغْرِكِ صَـدَّاحاً مَـدى الـدَهْرِ يَـخْطِبُ
أَجَلْ وَسِمـاتُ الَمجـدِ صَهْـوةُ سابِـحٍ * شَمـوسٍ بِغْيـرِ الـدَمِ هَيهـات تُـركَبُ
( سَنـاءُ ) ودَعـوى التَضْحياتِ لسـانُها * صَـدوقٌ ودَعــوى الادّعـاءِ تُـكَذَّبُ
وَكُـلُّ قِنـاعٍ يُحكِـمُ الـزيـفُ نَسْجَـهُ * سَـيَحْسِرُ عَـن وَجْـهٍ وَيَبـدو المنقّبُ
____________
1 ـ الخُنُوعُ : كالخضوع والذلِّ . الصحاح 3 : 1206 « خنع » .
2 ـ الشبشب : النعل .
(527)
وَتَبْقى الشعاراتُ الكَـذوبـةُ سُبَّـةً * تَنِـمُّ عَـن الجُبـنِ الذَليـلِ وتُعْـرِبُ
تُكَـذّبهـا حُـريّــةٌ مُستبـاحَـةٌ * وَيَخْجَـلُ مِنهـا بـالهـاتِفات يَعْرُبُ
وَيَلعـنُ دَعــوى الاتّحـادِ تَجَـزُّوٌ * علـى كُـلِّ شِبْـرٍ مِنْهُ دِينٌ ومَذْهَبُ
وَرأسٌ حَـواليـه رُؤوسٌ تَــعفَّنَتْ * فَلـو شَمَّها نَتْـنٌ مِـن النَتْنِ يَهربُ
تُسَطّـرُ أَمْجـادَاً كِـذابـاً لِشَيْخِهـا * وَتَعْـزوُ لَهُ كُـلَّ الشُمـوخِ وتَنْسُبُ
لَـعَنْتُكَ مِـن داءٍ تَـأَصّـلَ جَـذرُهُ * بِـجِسْمٍ وأَعيـاهُ الطَبيـبُ المُطَبِّبُ
* * *
أَلا أيُّهـا الليلُ الطَـويلُ أَمـا لَنـا * كَمِثْلِ لَيالي النـاسِ صُبْـحٌ فَيُرقَبُ
أَلَسْنا كَمِثْلِ الناسِ صُبحاً وعُتمةً (1) * وفي اُفقِنـا شَمسٌ تَهُـلُّ وتَغـرُبُ
فَمـا بالُنا لا يَعْـرِفُ الصُبْحُ اُفْقَنـا * إِذا ما تَولّى غَيْهَبُ جَـدَّ غَيْهَبُ (2)
تَقَضَّــمَ مِنّـا الأجْنَبـيُّ بِنـابِـهِ * ومِـنْ أَهْلِـنا الحكّـام نابٌ ومِخْلَبُ
____________
1 ـ العتمة : الثلث الأوّل من الليل بعد غيبوبة الشَفق . الصحاح 5 : 1979 « عتم » .
2 ـ الغَيهب : الظلمة . الصحاح 1 : 196 « غهب » .
(528)
فَنَحْنُ بِظُفرِ الكاسِريـنَ فَـريسَةً * يُمَـزّقُنــا هَـذا وذلكَ يَـنْهَبُ
وَنَحْنُ بِـكَفِّ الفـاتِحينَ مَنـاهِبٌ * كَـرامَتُنا تُـستامُ والأرَضُ تُسْلَبُ
وَقـادَتُنا لَيْـلٌ وخَـمْرٌ وسَامِـرٌ * يَـنظرُ ليـلَ المُتْرَفينَ وربربُ (1)
ومُفْتَرِشُ النُعمى وبالشَعْبِ فـاقَةٌ * وَمسترِوحٌ والشَعْبُ يَشْقى وَيَتْعَبُ
ونَحْنُ ضَيـاعٌ وامْتِهانٌ ومِحْنَـةٌ * سَنَبْقـى بِهـا حَتى يَثورُ المُعَذَّبُ
* * *
عَـروسَ الجَنوبِ الحُرّ أَلفُ تَحيّةٍ * لأَفْـراشِ عُـرسٍ بالشُموخِ مُطَيّبُ
وأَيُّ عَـرُوسٍ مِثْـل يَومِكِ يَخْتَفي * بِها الدَهرُ مِنْ فرطِ الجلالِ ويُعْجَبُ
وَلكنّنـي اُنْـبيـكِ أَنّ عَـرائِسـاً * عَلى دَرْبِـكِ المَزْهُوِّ بالأَمْسِ طَنّبوا
أَصاخُوا لأَنْغامِ الخُلـودِ وَهَـزَّهـمُ * مِن الخُلْدِ قِيثارٌ عَلـى البُعْدِ يُطْرِبُ
فَتاهوا بِما أَسْدوهُ للمجدِ مِنْ يَـدٍ * وَتـاهَ بِـهم اُفْـقٌ أَعَـزُّ وأَرْحَبُ
____________
1 ـ الربربُ : القطيع من بقر الوحش ، وهو نوع من الغزال . انظر الصحاح 1 : 132 « ربب » .
(529)
289 سيّدة بيگم
سيّدة بيكم فخر النساء الخراسانيّة .
فاضلة ، أديبة ، من شاعرات خراسان ، لها نظم رائع ، كانت في بلدة نسا من توابع
خراسان .
ذكرها الأمير شير علي خان اللودي في كتابه مرآة الخيال ـ الذي ألّفه في سنة 1102هـ
وذكر فيه شعراء عصره ـ ووصفها قائلاً ما ترجمته : سيّدة بيكم من الأسر العلويّة في
خراسان ، ولدت في بلدة نسا المحروسة ، كانت تتخلّص في شعرها بـ ( نسائي ) ، وكانت لها اليد
الطولى في النظم وعلوّ الفكر في بيانها (1) .
وذكر ديوانها الشيخ الطهراني في الذريعة (2) ، كما ذكرها جمع من المؤلّفين منهم السيّد علي
حسن خان الحسيني البخاري في صبح گلش (3) ، وعلي أكبر المشير سليمي في زنان
سخنور (4) ، وقال صاحب جواهر العجائب : إنّ اسمها فخر النساء (5) .
290 شرف الأشراف الطاووسيّة
شرف الأشراف بنت السيّد الجليل والعالم الكبير السيّد علي بن طاووس .
عالمة ، فاضلة ، محدّثة ، صالحة ، حافظة للقرآن .
قال عنها والدها رضي الدين أبوالقاسم علي بن جعفر بن طاووس الحسني الحسيني في
كتاب كشف المحجة لثمرة المهجة مخاطباً ولده محمّد : واعلم أننّي أحضرتُ اُختكَ شرف
____________
1 ـ مرآة الخيال : 338 .
2 ـ الذريعة 9|4 : 1184 .
3 ـ صبح گلش : 516 .
4 ـ زنان سخنور 2 : 322 .
5 ـ مستدرك أعيان الشيعة 4 : 105 نقلاً عن الاُستاذ عبدالحسين الصالحي في كتابه المخطوط رياحين الشيعة .
(530)
الأشراف قبل بلوغها بقليل ، وشرحتُ لها ما احتمله حالها ، وتشريف الله جلّ جلاله بالإذن
لها في خدمته بالكثير والقليل ، وقد ذكرتُ صورة الحال في كتاب البهجة لثمرة المهجة (1) .
وقد أوقف لها أبوها مُصحفاً كاملاً ، حيث قال في كتابه سعد السعود : وقفتُ مصحفاً كاملاً
كمل أربعة أجزاء على ابنتي الحافظة لكتاب الله المجيد شرف الأشراف ، حفظته وعمرها اثنتا
عشرة سنة (2) .
وقد أجازها ـ واُختها فاطمة وأخويها محمّد وعلي ـ أبوها بكتاب الأمالي للشيخ
الطوسي .
وكانت هذه المرأة الشريفة ذات كرامات جليلة ، فقال والدها في كتاب أمان الأخطار : إنّ
ابنتي الحافظة الكاتبة شرف الأشراف ـ كمّل الله لها تحف الألطاف ـ عرّفتني أنّها تسمع
سلاماً عليها ممّن لا تراه ، فوقفتُ في الموضع فقلت :
السّلام عليكم أيها الروحانيون ، فقد عرّفتني ابنتي شرف الأشراف
بالتعرّض لها بالسّلام ، وهذا الانعام مكدّر علينا ، ونحن نخاف منه أن ينفر
بعض العيال منه ، ونسأل أن لا تتعرّضوا لنا بشيء من المكدّرات ،
وتكونوا معنا على جميل العادات . فلم يتعرّض لها أحد بعد ذلك الاّ بكلام
جميل (3) .
و اُمّها زهراء خاتون بنت الوزير ناصر بن مهدي ، كما ذكره والدها في كتاب كشف المحجة
لثمرة المهجة (4) .
واُختها فاطمة أيضاً عالمة فاضلة جليلة القدر ، ستأتي ترجمتها في حرف الفاء (5) .
____________
1 ـ كشف المحجة لثمرة المهجة : 86 .
2 ـ سعد السعود : 26 .
3 ـ أمان الأخطار : 116 .
4 ـ كشف المحجة لثمرة المهجة : 11 .
5 ـ انظر في ترجمتها : رياض العلماء 5 : 408 ، أعيان الشيعه 7 : 336 و 8 : 390 ، رياحين الشريعة 4 : 361 ، أعيان النساء : 283 .
(531)
291 شرف النساء البغداديّة
العلويّة شرف النساء بنت أبي طالب بن مكرم العلوي الحسني البغدادي ، من أعلام القرن
السابع الهجري .
عالمة ، فاضلة ، مُحدّثة ، جليلة ، من فواضل النساء المؤمنات في مطلع القرن السابع
الهجري في بغداد ، تزوّجت بالعلاّمة المحدّث الشريف أبي محمد قريش بن السُبيع العلوي
البغدادي المتوفى سنة 620 هـ .
أخذت العلم والحديث من زوجها ، ثم حضرت على الشيخ أبي طالب المبارك بن علي
ابن محمّد الصيرفي البغدادي ، وقد قرأت عليه كتاب فضل الكوفة تأليف أبي عبدالله محمّد ابن
علي الحسيني الشجري المتوفى سنة 455 هـ .
وقد قرأت معها هذا الكتاب بنتها آمنة التي مرّت ترجمتها ، وبنتها الأخرى فاطمة الآتية
ترجمتها ، وابنها محمّد . وكتبَ زوجها في آخره بلاغ القراءة بتأريخ 560 هـ . وتوجد هذه
النسخة النفيسة من هذا الكتاب في المكتبة الظاهرية بدمشق ، وعنها مصوّرة في مكتبة أمير
المؤمنين عليه السلام في مدينة النجف الأشرف (1) .
292 شليبة الفتلاويّة
شليبة بنت فزع الفتلاويّة .
مجاهدة ، شاعرة باللهجة العاميّة العراقيّة ، شاركت في ثورة العشرين .
فعندما أخذت مدفعيّة الباخرة ( فايرا فلاي ) في نهر الكوفة تقصف الدور والمحلاّت ، ممّا
أنزل الهلع بالسكان الآمنين ، اندفع رعيل من الثوار واستغلوا المدفع الذي غنموه في وقعة
( الرستمية ) بقيادة الثائر الحاج عباس اللهوف ، فأنزل بالباخرة الدمار ، خرجت الشاعرة
____________
1 ـ الثقات العيون في سادس القرون : 237ـ238 ، الأنوار الساطعة في المائة السابعة : 136ـ137 ، مستدركات أعيان الشيعة 3 : 91 نقلاً عن الاُستاذ عبدالحسين الصالحي في كتابه المخطوط رياحين الشيعة .
(532)
شليبة تُزغرد وتُهلهل ، وتخاطب الثوار وتهيب بهم لحماية البلد ، قائلةً :
رصاص الباخرة الصـوبين لعلـع * او يغطـي اللعلعـة زمجـرة مدفع
او مـا غيـر التفك والدان تسمع * او نار المعـركة والشمس تـصگع
او نيران الحرب مِن تشب تـصدع * او عباس او جرى او علوان أسرع
ابألف رجـال اجت للكـوفة تفزع * او عبـد الواحد امـن السبع أسبع
خلّه اللشش للوحش مرتع (1)
293 شهدة العقيليّة
شهدة بنت الصاحب كمال الدين عمر بن العديم العقيلي .
ولدت يوم عاشوراء سنة 621 هـ ، وتوفيّت في حلب سنة 709 هـ .
عالمة ، فاضلة ، محدّثه ، لها عدّة إجازات في الرواية .
سَمعتْ من الكاشغري ، وعمر بن بدر بن سعيد الموصلي حضوراً وانفردت عنه ، وأجاز لها
جماعة منهم ثابت بن شرف ، وذكر الذهبي أنّه ممّن سمع منها .
كانت رحمها الله تكتب وتحفظ كثيراً ، وقد زهدت وتركت اللباس الفاخر بعد وفاة أخيها
مجد الدين (2) .
294 شهربانو بنت يزدجرد
وقيل اسمها : شهربانويه ، وشاه زنان ، وسلافة ، وسلامة ، وغزالة .
وهي بنت يزدجرد بن شهريار آخر ملوك الفرس .
وقيل : بنت شيرويه بن كسرى بن پرويز .
____________
1 ـ معلومات ومشاهدات في الثورة العراقيّة الكبرى ( شاعرات في ثورة العشرين ) : 355 .
2 ـ مرآة الزمان 4 : 247 في حديثه عن وفيات سنة 709 هـ ، أعيان الشيعة 7 : 353 ، مستدركات أعيان الشيعة 1 : 47 ـ 48 .
(533)
زوجة سيّد شباب أهل الجنة الإمام الحسين بن علي عليهما السلام ، و اُم ولده الامام زين
العابدين عليه السلام .
من ربّات البرّ والصلاح ، والعبادة والتقى ، ويكفيها فخراً أنّها زوجة سيّد الشهداء الإمام
الثالث الحسين بن علي عليهما السلام ، و اُم الإمام الرابع زين العابدين عليه السلام ، فليس اعتباطاً أن تصبح هذه المرأة زوجةً لإمام معصوم و اُماً لآخر ، فالمؤهلات التي كانت تحملها أهّلتها لأن تحمل السرّ
الإلهي الذي لولاه لساخت الأرض بأهلها ، والنور الرباني الذي اُودع في الأصلاب الشامخة
والأرحام المطهرّة ، نعم انّه الإمام زين العابدين سلام الله عليه .
وقد اختلف المؤرخون في الزمن الذي تزوّج به الإمام الحسين عليه السلام شهربانو :
روى الكليني في الكافي عن الحسن بن الحسين رحمه الله وعلي بن محمّد بن عبدالله ، جميعاً عن
ابراهيم بن إسحاق الأحمر ، عن عبدالرحمان بن عبدالله الخزاعي ، عن نصر بن مزاحم ، عن
عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه السلام قال :
« لما اُقدمت بنت يزدجرد على عمر ، أشرف لها عذارى المدينة ، وأشرق
المسجد بضوئها لمّا دخلته ، فلمّا نظر إليها عمر غطّت وجهها وقالت : أف
بيروج بادا هُرمز .
فقال عمر : أتشتمني هذه ، وهمّ بها .
فقال له أمير المؤمنين عليه السلام : ليس ذلك لك ، خيّرها رجلاً من المسلمين
وأحسبها بفيئهِ .
فخيّرها ، فجاءت حتى وضعت يدها على رأس الحسين عليه السلام .
فقال لها أمير المؤمنين عليه السلام : ما اسمك ؟
فقالت : جهان شاه .
فقال أمير المؤمنين عليه السلام : بل شهربانويه ، ثم قال للحسين عليه السلام : يا أبا عبدالله
ليلدنّ لك منها خير أهل الأرض ، فولدت علي بن الحسين عليه السلام » .
وكان يُقال لعلي بن الحسين عليهما السلام : ابن الخيرتين : فخيرة الله من العرب هاشم ، ومن العجم
(534)
فارس .
وروي أنّ أبا الأسود الدؤلي قال فيه :
وإنَّ غُلاماً بيـن كسرى وهاشم * لأكرم مَن نيطت عليه التمائمُ (1)
ويؤيّد ذلك أيضاً ما رواه القطب الراوندي في الخرائج والجرائح من أنّها اُخذت في خلافة
عمر : وقدمت إلى المدينة واختارها الإمام الحسين عليه السلام ، وذكر كلام أمير المؤمنين عليه السلام إلى أن
قال : ثم التفتَ إلى الحسين عليه السلام فقال له : « احتفظ بها وأحسن إليها فستلد لكَ خير أهل
الأرض في زمانه بعدك » ، وهي اُم الأوصياء الذرية الطيبّة ، فولدت علي بن الحسين زين
العابدين عليهما السلام ، ويروى أنّها ماتت في نفاسها به (2) .
وروى الشيخ الصدوق رحمه الله في عيون أخبار الرضا عليه السلام : حدّثنا الحاكم أبو علي الحسين ابن
أحمد البيهقي ، عن محمّد بن يحيى الصولي ، عن عون بن محمّد ، عن سهل بن القاسم
البوشنجاني ، قال : قال لي الرضا عليه السلام بخراسان : « بيننا وبينكم نسب » .
قلتُ : وما هو أيها الأمير ؟
قال : « إن عبدالله بن عامر كريز لما فتح خراسان أصاب ابنتين ليزدجرد بن شهريار ملك
الأعاجم ، فبعث بهما إلى عثمان بن عفان ، فوهب إحداهما للحسن والاُخرى للحسين ، فماتتا
عندهما نفساوين ، وكانت صاحبة الحسين نفست بعلي عليهما السلام ، فكفل عليّاً بعض اُمهات أولاد
أبيه ، فنشأ وهو لا يعرف اُمّاً غيرها ، ثم علم أنّها مولاته ، وكان الناس يسمّونها اُمّه ، وزعموا
أنّه زوّج اُمه ، ومعاذ الله إنّما الأمر على ما ذكرناه » (3) .
وهذا يدل على أنّ الزواج وقع في زمن عثمان ، وليس في زمن عمر كما دلّ عليه الحديثان
السابقان .
وقال الشيخ المفيد في الإرشاد ، والطبرسي في إعلام الورى : وكان أمير المؤمنين عليه السلام ولّى
____________
1 ـ الكافي 1 : 388 حديث 1 باب مولد علي بن الحسين عليهما السلام .
2 ـ الخرائج والجرائح : 196 ، وعنه في بحار الأنوار 46 : 10 حديث 21 .
3 ـ عيون أخبار الرضا عليه السلام 2 : 128 حديث 6 ، وعنه في بحار الأنوار 46 : 8 حديث 19 .
(535)
حريث بن جابر الحنفي جانباً من المشرق ، فبعث إليه ابنتي يزدجرد بن شهريار بن كسرى ،
فنحل ابنه الحسين شاه زنان منهما فأولدها زين العابدين عليه السلام ، ونحل الاُخرى محمّد ابن أبي
بكر فولدت له القاسم بن محمّد بن أبي بكر ، فهما ابنا خالة (1) .
وهذا يدل على أنّ الأمر حدث في خلافة الإمام علي عليه السلام .
وأمّا وفاتها فأكثر المؤرخين على أنّها توفّيت في نفاسها ، كما مرّ في حديث الصدوق في
عيون أخبار الرضا عليه السلام ، وخبر القطب الراوندي في الخرائج والجرائح . إلاّ أنّ ابن شهرآشوب
قال في مناقب آل أبي طالب نقلاً عن أبي مخنف : وجاءوا بالحرم اُسارى إلاّ شهر بانويه فإنّها
أتلفت نفسها في الفرات (2) .
وأخرجه عنه شيخ الإسلام المجلسي في بحار الأنوار (3) ، وتبعه الشيخ البحراني في العوالم
في حياة الإمام الحسين عليه السلام (4) .
ويعارض هذا الكلام أحايث كثيرة تدلّ على أنّ شهربانو ماتت في نفاسها بعلي بن
الحسين عليهما السلام ، كحديث الصدوق والقطب الراوندي ، إضافة إلى ذلك فإنّ النسخة المطبوعة من
مقتل الحسين لأبي مخنف خاليةً من ذلك ، وإضافة إلى ذلك كلّه فمِن المستعبد جداً أن تقوم اُم
الإمام بإتلاف نفسها في النهر ، وهي التي اصطفاها الله عزّ وجلَّ واختارها لكي تكون وعاءً
لحمل هذا النور الرباني ، وممّا يؤيد هذا أنّ كُتب المقاتل لم تذكر وجوداً لشهربانو في أرض
الطف (5) .
____________
1 ـ الارشاد : 253 ، إعلام الورى : 251 .
2 ـ مناقب آل أبي طالب 4 : 112 .
3 ـ بحار الأنوار 45 : 62 .
4 ـ عوالم .
5 ـ وانظر ترجمتها ـإضافة لما مرّ من المصادرـ في مجمع الرجال 7 : 176 و186 ، تنقيح المقال 3 : 80 ، أعيان الشيعة 7 : 353 ، رياحين الشريعة 3 : 11 ، أعيان النساء : 251 ، أعلام النساء 2 : 255 ، تذكرة الخواص : 249 .
(536)
295 صديقة القزوينيّة
صديقة بنت الشيخ علي نقي ابن الشيخ حسن ابن الشيخ محمّد صالح البرغاني القزويني
الحائري الصالحي .
ولدت في كربلاء سنة 1303هـ ، وتوفّيت بها سنة 1350هـ ودُفنت في الصحن الحسيني
الشريف .
فاضلة ، فقيهة ، مؤلّفة ، مدّرسة للعلوم الإسلامية ، حافظة للقرآن الكريم ، عالمة بتفسيره
وتأويله ، زاهدة ، عابدة ، جليلة القدر .
أخذت المقدّمات وفنون الأدب عن أفاضل نساء اُسرتها ، وحفظت القرآن في أوائل
عمرها ، وتفقهّت على والدها والشيخ عيسى آل الشهيد الثالث ، ولمّا بلغت سنّ الرشد
تزوّجت السيّد غلام حسين المجابي القزويني .
تصدرّت لتدريس الفقه والتفسير وعلوم القرآن في قزويني ، وكان يحضر حلقة درسها
جمع من فاضلات النساء ، وبعد وفاة زوجها رجعت إلى كربلاء في حدود 1344هـ وتصدّرت
للتدريس فيها .
كانت رحمها الله كثيرة العبادة ، شديدة الورع ، تصوم أكثر أيام السنة . وكان زوجها مع
فضله وعلمه يستفسر منها في حلّ بعض المسائل العلميّة ، وتفسير المشكل والمتشابه من
آيات القرآن الكريم .
من مؤلّفاتها : رسالة في المسائل النسائية ، وتفسير للقرآن الكريم لم يتمّ ولم يخرج من
السواد إلى البياض (1) .
____________
1 ـ مستدركات أعيان الشيعة 6 : 182 نقلاً عن الأستاذ عبدالحسين الصالحي في كتابه المخطوط رياحين الشيعة .
(537)
296 صفيّة بنت حيي
عدّها الشيخ الطوسي في كتابه الرجالي من الصحابيات لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، والموجود فيه :
صفيّة بنت يحيى (1) .
وقال المامقاني في تنقيح المقال : صفيّة بنت يحيى أو حيي على اختلاف النسخ في ذلك ،
عدّها الشيخ رحمه الله في رجاله من الصالحات ، وكذا ابن عبد البر وابن مندة وأبو نعيم .
والصواب : حيي بحاء مهملة وياءين ، وزان رضي ، بنت أخطب ، من بني اسرائيل من سبط
لاوي بن يعقوب .
كانت زوجة ابن مشكم اليهودي فمات ، ثم خلّف عليها كنانة بن أبي الحقيق وهما شاعران ،
فقتل عنها كنانة يوم خيبر ، فلما افتتح النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم خيبر وجمع السبي أتاه دميّة بن خلف فقال : أعطني جارية من السبي .
قال : « اذهب فخذ جارية » ، فذهب فأخذ صفيّة ، فقيل يا رسول الله : إنّها سيّدة قريظة
والنضير ، ما تصلح إلاّ لك .
فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « خذ جارية من السبي غيرها » ، وأخذها رسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم واصطفاها وحجبها ، وأعتقها وتزوّجها وقسّم لها .
وكانت عاقلة من عقلاء النساء ، روي أنّها كانت رأت قبل ذلك أنّ قمراً وقع في حجرها ،
فذكرت ذلك لأبيها ، فضرب وجهها ضربة أثّرت في وجهها ، حتى اُتي بها رسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم فسألها عنه فأخبرته الخبر ، وقد توفّيت سنة ست وثلاثين من الهجرة ، وقيل ستة
وخمسين (2) .
____________
1 ـ رجال الشيخ : 32 .
2 ـ تنقيح المقال 3 : 81 . وانظر مجمع الرجال 7 : 176 ، منهج المقال : 400 ، نقد الرجال : 413 ، جامع الرواة 2 : 458 ، معجم رجال الحديث 23 : 194 .