فقال يزيد : هذه فاطمة بنت الحسين ، وتلك زينب بنت علي بن أبي طالب .
فقال الشامي : الحسين بن فاطمة ، وعلي بن أبي طالب ؟ !
فقال يزيد : نعم .
فقال الشامي : لعنكَ الله يا يزيد ، أتقتل عترة نبيكَ ، وتسبي ذريته ؟ ! والله ما توهمت إلاّ
أنّهم سبي الروم .
فقال يزيد : والله لألحقنّك بهم ، ثمّ أمر به فضرب عنقه (1) .
نعم ، هكذا كانت مواقف بنات أمير المؤمنين عليه السلام بعد مقتل الحسين عليه السلام ، يصدعن بالحقّ
والعدالة جهاراً في غير جمجمة ولا إدهان ، لا يثنيهنّ عن قول الحقّ رهبة يزيد وأذنابه
المارقين ، ولا تصدّهم عن البيان مخافة السيوف والسجون والرماح والنبال ، فقد اندفعوا وراء
الحق والقرآن ، يجاهدون دونهما بسماحة نفس وطيب خاطر ، وقد تجلّت شجاعة بنت
الحسين عليه السلام في تلك الفترة الحرجة من بعد مقتل والدها ، حيث وقفت ذلك الموقف البطولي
دون أن تعبأ بما سيصيبها من شرّ ، ما دامت تعتقد أنّها تدافع الحقّ عن وتذود عنه (2) .
خطبتها بالكوفة :
مرّ سابقاً أنّ فاطمة بنت الحسين عليه السلام وقفت في الكوفة في مجلس ابن زياد وألقت خطبتها
المشهورة المعروفة ، نعم افتتحت خطبتها بحمد الله ، ثم الإقرار بالشهادتين ، ثم تعرّضت إلى
بعض المسائل العرفانية ، ثم تطرّقت إلى استشهاد أبي ها الحسين عليه السلام وأخوتها باُسلوب حكيم
وبعبارة رزينة ، صوّرت فيها ألوان القتل المرير ، وترجمت بها أشجان القلوب الكسيرة ،
وترفّعت في الوقت نفسه عن ذكر قَتَلَتِهِ عليه السلام ، فلم تذكّرهم ولم تتطرّق إلى أسمائهم؛ لأنّهم ليسوا
من الّذين يستحقون الذكر والبيان ، ولم تشتمهم ولم تسبّهم ولم تلعنهم؛ لأنّها علمت أنّ ليست
لصاحبة الرسالة أن تشتم ، إنّما وظيفتها وواجبها أن تنبّه الأذهان وتمتلك القلوب ببيانها
____________
1 ـ اللهوف : 180 .
2 ـ فاطمة بنت الحسين عليه السلام : 53 .
(583)
واُسلوبها ، لينفذ في أعماق القلوب ويأخذ مأخذه الراسخ .
نعم ، وقفت فاطمة بنت الحسين عليه السلام بقلب كلّه إيمان وثبات ، ونفس كلّها إطمئنان
وسكون ، وقالت :
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله عدد الرمل والحصى ، وزنة العرش إلى الثرى ، وأحمده وأومن
به ، وأتوكّل عليه ، وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، وأنّ محمّداً
عبده ورسوله ، وأنّ أولاده ذُبحوا بشطّ الفرات من غير ذحل ولا تراث .
اللَّهمَّ إنّي أعوذ بكَ أن أفتري عليك ، وأن أقول عليك خلاف ما أنزلت من
أخذ العهود والوصيّة لعلي بن أبي طالب المغلوب حقّه ، المقتول من غير
ذنب في بيت من بيوت الله تعالى وبها معشر مسلمة بألسنتهم ، تعساً
لرؤوسهم ما دفعت عنه ضيماً في حياته ، ولا عند مماته ، حتى قبضه الله
تعالى إليه محمود النقيبة ، طيّب العريكة ، معروف المناقب ، مشهور
المذاهب ، لم تأخذه فيكَ لومة لائم ، ولا عذل عاذل ، هديتَه اللَّهمَّ للإسلام
صغيراً ، وحمدتَ مناقبه كبيراً ، ولم يزل ناصحاً لكَ ولرسولكَ ، زاهداً في
الدنيا ، غير حريص عليها ، راغباً في الآخرة ، مجاهداً لكَ في سبيلكَ ، رضيتهُ
فاخترتهُ ، وهديتهُ إلى صراط مستقيم .
أمّا بعد يا أهل الكوفة ، يا أهل المكر والغدر والخيلاء ، إنّا أهل بيت
إبتلانا الله بكم ، وابتلاكم بنا ، فجعل بلاءنا حسناً ، وجعل علمه عندنا ،
وفهمه لدينا ، فنحن عَيبة علمه ، ووعاء فهمه وحكمته ، وحجّته على
الأرض في بلاده لعباده ، أكرمنا الله بكرامته ، وفضّلنا بنبيّه محمّد صلى الله عليه وآله وسلم على
كثير ممّن خلق الله تفضيلاً .
فكذّبتمونا وكفّرتمونا ، ورأيتم قتالنا حلالاً ، وأموالنا نهباً ، كأنّنا أولاد ترك
أو كابل ، كما قتلتم جدّنا بالأمس ، وسيوفكم تقطر من دمانا أهل البيت ،
(584)
لحقد متقدّم ، قرّت لذلك عيونكم ، وفرحت قلوبكم ، افتراء على الله ،
ومكراً مكرتم والله خير الماكرين .
فلا تدعونكم أنفسكم إلى الجذل بما أصبتم من دمائنا ، ونالت أيديكم من
أموالنا ، فإنّ ما أصابنا من المصائب الجليلة والرزايا العظيمة ، في كتاب مِن
قبل أن نبرأها ، إنّ ذلك على الله يسير ، لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا
تفرحوا بما آتاكم ، والله لا يحب كلّ مختال فخور .
تباً لكم ، فانتظروا اللعنة والعذاب ، فكأنْ قد حلّ بكم وتواترت من السماء
نفحات فيُسحتكُم بعذاب ، ويذيق بعضهم بأس بعض ، ثم تخلدون في
العذاب الأليم يوم القيامة بما ظلمتمونا ، ألا لعنة الله على الظالمين .
ويلكم ، أتدرون أيّة يد طاعنتنا منكم ؟ ! وأية نفس نزعت إلى قتالنا ؟ ! أم
بأي رجل مشيتم إلينا ؟ ! تبغون محاربتنا ؟ قست قلوبكم ، وغلظت أكبادكم ،
وطبع الله على أفئدتكم ، وختم على سمعكم وبصركم ، سوّل لكم الشيطان
وأملى لكم ، وجعل على بصركم غشاوة فأنتم لا تهتدون .
تباً لكم يا أهل الكوفة ، أي تراث لرسول الله قِبلكم ، وذحول له لديكم ،
ثمّ غدرتم بأخيه علي بن أبي طالب عليه السلام جدي ، وبنيه عترة النبيّ الأخيار ،
وافتخر بذلك مفتخركم :
نحنُ قتلنا عليّاً وبني عليّ * بسيوف هنديّـة ورمـاح
وسبينا نساءهم سبي ترك * ونـطحناهـم فـأي نطاح
بفيك أيها القائل الكثكث والأثلب ، افتخرتَ بقتل قوم زكّاهم وطهّرهم
وأذهب عنهم الرجس ، فأكضم واقع كما أقعى أبوك ، فإنّما لكلّ اُمرىَ ما
اكتسب وما قدّمت يداه ، حسدّتمونا ويلاً لكم على ما فضّلنا الله تعالى :
فما ذنبنا إن جاش دهر بحورنا * وبحركَ ساج لا يوراي الدعامصا
(585)
ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ، والله ذو الفضل العظيم ، ومَن لم يجعل الله له نوراً فما له من
نور .
عندئذٍ ارتفعت الأصوات بالبكاء والنحيب ، وقالوا : حسبكِ يا ابنة الطاهرين فقد
أحرقت قلوبنا ، وانضجت نحورنا ، وأضرمت أجوافنا ، فسكتت عليها وعلى أبي ها وجدها
السّلام (1) .
روايتها للحديث :
تُعدّ فاطمة الكبرى بنت الإمام الحسين عليه السلام راوية من راويات الحديث ، ومحدّثة من
محدّثات عصرها ، روت عن جماعة من الثقات ، وروى عنها أيضاً أعيان المسلمين .
قال ابن حجر العسقلاني : فاطمة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشميّة المدنيّة ،
روت عن أبيها ، وأخيها زين العابدين ، وعمّتها زينب بنت علي ، وجدّتها فاطمة الزهراء ،
وبلال المؤذن ، وابن عباس ، وأسماء بنت عميس .
وروى عنها أولادها : عبدالله ، وابراهيم ، وحسين ، و اُم جعفر بنو الحسن بن الحسن بن
علي ، ومحمّد بن عبدالله بن عمرو بن عثمان . وروى أبو المقدام بن زياد عن أبيه وقيل عن اُمّه
عنها ، وروى زهير بن معاوية عن شيخ يقال هو مصعب بن محمّد عنها ، وغيرهم . ذكرها ابن
حبّان في الثقات ، وماتت وقد قاربت التسعين ، ووقع ذكرها في صحيح البخاري في الجنائز ،
قال : لمّا مات الحسن بن الحسن ضربت اُمرأته القبة (2) .
وقد جمع الشيخ محمّد هادي الأميني بعض أحاديثها نذكرها تتميماً للفائدة :
(1) عن عبدالله بن الحسن ، عن اُمه فاطمة بنت الحسين ، عن فاطمة عليها السلام قالت :
« كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا دخل المسجد قال : بسم الله ، والحمد لله ، وصلّى الله
على رسوله ، اللّهم اغفر لي ذنوبي ، وسهّل لي أبواب رحمتك . وإذا
____________
1 ـ الإحتجاج 2 : 27 ، مقتل الحسين عليه السلام : 376 ، اللهوف : 149 .
2 ـ تهذيب التهذيب 12 : 422 ، تقريب التهذيب 2 : 609 .
(586)
خرج قال مثل ذلك ، إلاّ أنّه يقول : اللهم اغفر لي ذنوبي ، وسهّل لي أبواب
رحمتك وفضلك » (1) .
(2) عبدالله بن الحسن ، عن اُمّه فاطمة بنت الحسين ، عن فاطمة الكبرى بنت رسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم قالت :
« قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : لا يلومن إلاّ نفسه من بات وفي يده غمر » (2) .
(3) عبدالله بن الحسن ، عن اُمّه فاطمة بنت الحسين ، عن أبيها ، عن اُمّه فاطمة
الكبرى عليها السلام ، قالت :
« قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ما التقى جندان ظالمان إلاّ تخلّى الله عنهما ، ولم يبالِ
أيّهما غلب ، وما التقى جندان ظالمان إلاّ كانت الدبرة على أعتاهما » (3) .
(4) عن أبي عبدالله الصادق عليه السلام ، قال :
« حدّثني أبي ، عن فاطمة بنت الحسين عليه السلام ، قالت : سمعتُ أبي يقول : يُقتل
منكِ أو يُصاب منكِ نفرٌ بشطّ الفرات ، ما سبقهم الأوّلون ، ولا يُدركهم
الآخرون » (4) .
(5) قال عبدالله بن الحسن : قالت اُمي فاطمة بنت الحسين عليه السلام :
رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وآله وسلم في النوم فقال لي : « يا بنيّة لا تخسري ميزانك ،
وأقيمي وزنه ، وثقّليه بقراءة آية الكرسي ، فما قرأها من أهلي أحد إلاّ
ارتجّت السماوات والأرض بملائكتها ، وقدّسوا بزجل التسبيح والتهليل
والتقديس والتمجيد ، ثم دعوا بأجمعهم لقارئها يغفر له كلّ ذنب ويجاوز عنه
____________
1 ـ كشف الغمة 1 : 165 .
2 ـ كشف الغمة 1 : 165 ، والغمر : السهك .
3 ـ كشف الغمة 1 : 173 .
4 ـ الإقبال : 427 ، تنقيح المقال 2 : 177 .
(587)
(6) فاطمة بنت الحسين ، عن أبيها ، عن اُمّه فاطمة بنت محمّد صلى الله عليه وآله وسلم قالت :
« خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عشية عرفة فقال : إنّ الله عزّ وجلَّ باهى بكم
وغفر لكم عامة ولعليّ خاصة ، وإنّي رسول الله إليكم غير محاب لقرابتي ،
إنّ السعيد كلّ السعيد مَن أحبّ علياً في حياته وبعد موته » (2) .
(7) فاطمة بنت الحسين ، عن أبي ها ، عن أخيه الحسن ، قال :
« رأيتُ اُمي فاطمة عليها السلام قامت في محرابها ليلة جمعة فلم تزل راكعة وساجدة
حتى انفجر عمود الصبح ، وسمعتها تدعو للمؤمنين والمؤمنات ، وتسمّيهم
وتكثر الدعاء لهم ، ولا تدعو لنفسها بشيء ، فقلت لها : يا اُماه لم لا تدعينَ
لنفسكِ كما تدعينَ لغيركِ ؟ قالت : يا بني الجار ثم الدار » (3) .
(8) عبدالله بن الحسن ، عن اُمه فاطمة بنت الحسين ، قالت :
لمّا اشتدت بفاطمة عليها السلام الوجع واشتدت علّتها ، اجتمعت عندها نساء
المهاجرين والأنصار ، فقلن لها : يا بنت رسول الله كيف أصبحتِ من
علتك ؟
قالت : « أصبحت والله عائفة لدنياكم ، قالية لرجالكم ، لفظتهم بعد أن
عجنتهم ، وسئتهم بعد أن سبرتهم فقبحاً لفلول الحدّ ، واللعب بعد الجدّ ،
وقرع الصفات ، وصدع القناة ، وختل الرأي ، و ( لبئس ما قدّمت لهم أنفسهم
أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون ) (4) .
لا جرم لقد قلّدتهم ربقتها وحمّلتهم أوقتها وشقت عليهم غاراتها ، فجذعاً
____________
1 ـ سفينة البحار 2 : 477 ، أسنى المطالب : 95 .
2 ـ كشف الغمة 1 : 135 ، الرياض النضرة 2 : 177 ، مجمع الزوائد 9 : 132 وفيه رواه الطبراني .
3 ـ كشف الغمة 1 : 141 .
4 ـ المائدة : 80 .
(588)
وعقراً وبعداً للقوم الظالمين .
ويحهم أنى زحزحوها عن رواسي الرسالة ، وقواعد النبوّة والدلالة ،
ومهبط الوحي الأمين ، والطبن بأمر الدنيا والدين ، ألا ذلك هو الخسران
المبين .
وما الذي نقموا من أبي الحسن ؟ ! نقموا والله نكير سيفه ، وشدّة وطأته ،
ونكال وقعته ، وتنمّره في ذات الله عزّ وجلَّ ، وتا الله لو تكافأوا على زمام
نبذه إليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لاعتلقه ولسار بهم سيراً سجحاً ، لا يكلم خشاشه ،
ولا يقتع راكبه ، ولا وردهم منهلاً نميراً فضفاضاً تطفح ضفتاه ولأصدرهم
بطاناً قد تخير لهم الري غير متحل منه بطائل إلاّ بغمر الماء وردعه سورة
الساغب ، ولفتحت عليهم بركات السماء والأرض وسيأخذهم الله بما كانوا
يكسبون .
ألا هلمّ فاسمع وما عشت أراك الدهر عجباً ، وإن تعجب فقد أعجبك
الحادث ، إلى أي سناد استندوا وبأي عروة تمسّكوا ، ( لبئس المولى ولبئس
العشير ) (1) و ( بئس للظالمين بدلاً ) (2) .
أستبدلوا والله الذنابي بالقوادم ، والعجز بالكاهل ، فرغماً لمعاطس قوم
يحسبون أنّهم يحسنون صنعاً ، ( ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون ) (3) ،
ويحهم ( أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتّبع أمّن لا يهدِّي إلاّ أن يهدى فمالكم كيف
تحكمون ) (4) ، أما لعمري لقد لقحت فنظرة ريث ما تنتج ثم احتلبوا طلاع
القعب دماً عبيطاً أو ذعافاً ممقراً هناك يخسر المبطلون ، ويعرف التالون غب
____________
1 ـ الحج : 13 .
2 ـ الكهف : 50 .
3 ـ البقرة : 12 .
4 ـ يونس : 35 .
(589)
ما أسس الأولون ، ثم ثيبوا عن أنفسكم أنفساً واطمأنوا للفتنة جأشاً ،
وأبشروا بسيف صارم وهرج شامل ، واسبتداد من الظالمين يدع فيئكم
زهيداً ، وجمعكم حصيداً ، فيا حسرة لكم وأنى لكم وقد عميت عليكم
( أنلزمكموها وأنتم لها كارهون ) (1) ، والحمد لله رب العالمين ، وصلّى الله على
محمّد خاتم النبيين وسيد المرسلين » (2) .
( 9 ) عن محمّد بن علي ، عن فاطمة بنت الحسين ، عن أبيها وعمّها الحسن بن علي عليهما السلام :
« أخبرنا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :
لما اُدخلتُ الجنّة رأيتُ الشجرة تحمل الحليّ والحُلل ، أسفلها خيل بلق ،
وأوسطها الحور العين ، وفي أعلاها الرضوان ، قلت : يا جبرئيل لمن هذه
الشجرة ؟
قال : شجرة طوبى ، هذه لابن عمّك أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب ، إذا
أمر الله الخليقة بالدخول إلى الجنّة يؤتى بشيعة عليّ حتى ينتهي بهم إلى هذه
الشجرة ، فيلبسون الحليّ والحُلل ، ويركبون الخيل البلق ، وينادي منادٍ :
هؤلاء شيعة عليّ صبروا في الدنيا فحيوا هذا اليوم » (3) .
( 10 ) عن فاطمة بنت الحسين ، عن اُم كلثوم بنت فاطمة بنت النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، عن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ورضي عنها ، قالت :
« أنسيتم قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم غدير خم : مَن كنت مولاه فعلي مولاه ،
وقوله صلى الله عليه وآله وسلم : أنتَ منّي بمنزلة هارون من موسى عليهما السلام » (4) .
(11) عن الحسن بن أبي بكر ، أخبرنا عبدالله بن إسحاق البغوي ، أخبرنا ابن أبي العوام ،
____________
1 ـ هود : 28 .
2 ـ كشف الغمة 1 : 147 ، معاني الأخبار : 354 .
3 ـ بحار الأنوار 8 : 139 .
4 ـ أسنى المطالب : 45 .
(590)
حدّثنا أبي ، حدّثنا جرير بن عبدالحميد ، عن شيبة بن نعامة ، عن فاطمة بنت الحسن ، عن
فاطمة ، قالت :
« قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : كلّ بني آدم ينتمون إلى عصبتهم ، إلاّ ولد فاطمة فإنّي
أنا أبوهم وأنا عصبتهم » (1) .
(12) حدّثنا عبدالله بن عمران ، حدّثنا أبوداود ، حدّثنا هشام بن أبي الوليد ، عن اُمّه ، عن
فاطمة بنت الحسين ، عن أبي ها الحسين بن علي ، قال :
« لمّا توفّي القاسم بن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قالت خديجة : يا رسول الله درّت لبنية
القاسم ، فلو كان الله أبقاه حتى يستكمل رضاعه .
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : إنّ إتمام رضاعه في الجنّة .
قالت : لو أعلم ذلك يا رسول الله لهون عليّ أمره .
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : إن شئتِ دعوتُ الله تعالى فأسمعك صوته .
قالت : يا رسول الله بل أصدّق الله ورسوله » (2) .
زواجها :
من المعروف والمتسالم عليه أنّ الحسن المثنى بن الحسن السبط خطب من عمّه إحدى
ابنتيه فاطمة أو سكينة ، فاختار له عمّه فاطمة قائلاً له : « إنّها أشبه الناس ب اُمي فاطمة بنت
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، أما في الدين فتقوم الليل كلّه وتصوم النهار ، وفي الجمال تشبه الحور العين » (3) .
وفعلاً فقد تزوّجت فاطمة من ابن عمها الحسن المثنى ابن الحسن السبط عليه السلام ، وكان سيّداً
____________
1 ـ تأريخ بغداد 11 : 285 ، مستدرك الصحيحين 3 : 164 ، كنز العمال 6 : 22 ، مجمع الزوائد 9 : 272 .
2 ـ سنن ابن ماجة 1 : 484 رقم 1512 .
3 ـ الأغاني 18 : 204 ، مقاتل الطالبيين : 180 ، عمدة الطالب : 84 ، الفصول المهمّة : 154 ، كشف الغمة 1 : 172 ،
إسعاف الراغبين : 210 ، الدر المنثور : 361 ، أدب الطف 1 : 164 .
(591)
جليلاً رئيساً مطاعاً ورعاً فاضلاً ، وهو وصيّ أبيه ، ووالي صدقات جدّه أمير المؤمنين عليه السلام .
وعاشت إلى جنبه حياةً ملؤها الحبّ والإيمان ، وقد كوّنا الاُسرة المثالثة التي تبني تعاملها
على الاُسس الإسلاميّة الرفيعة ، كيف لا وهما أبناء الحسن والحسين ، ونجلا علي وفاطمة عليهم السلام .
نعم ، عاشت فاطمة في بيت زوجها الحسن المثنى سنينَ طويلة ، وقامت بشؤون البيت
واداراته بصورة تضمن لهما السعادة الزوجية والحياة المنزليّة ، وقد كانت مثالاً حيّاً فيما ينبغي
أن تتخذه الزوجة أساساً لحياتها المنزلية الفاضلة . وولدت فاطمة ثلاثة أولاد ، هم : عبدالله
المحض ، الحسن المثلث ، ابراهيم الغمر .
وقد ربّت فاطمة أولادها تربية علويّة صالحة ، حتى عُرفوا في التأريخ بالعلم الغزير ،
والأدب الجم ، والخبرة الصائبة ، والمعرفة السديدة ، والعقيدة الراسخة ، والشجاعة والثبات
والإقدام ، وقطعوا في حياتهم أشواطاً في سبيل الجهاد والكفاح ، وسيف العباسيين مصلت
فوق رؤوسهم ، وسياطهم تلهب ظهورهم ، وأبواب السجن مفتّحة في وجوه كلّ بني الحسن
وعوائلهم ، وهم في كلّ هذه المحن كانوا أصلب عوداً ، وأقوى شكيمة ، وأشدّ مراساً ، وأقوى
ايماناً ، وأكثر صبراً .
وعاشت فاطمة بجنب الحسن المثنى إلى أن دسّ إليه الوليد بن عبدالملك مَن سقاه سماً ،
فمات وعمره خمس وثلاثون سنة ، ورأى في منامه قبل وفاته بقليل كأن بين عينيه مكتوب :
قل هو الله أحد ، فاستبشر بذلك أهله وفرحوا ، فقال سعيد بن المسيب : إن كان رآها قلّما بقي ،
فما أتى عليه إلاّ قليل حتى مات .
وقد صُدمت فاطمة بوفاة زوجها صدمة عنيفة ، وطعن قلبها بطعنة قاتلة ، وتأثّرت بها ،
وقد ملأ الحزن قلبها ، فانتقلت إلى موضع قبر زوجها وضربت فسطاطاً عليه ، وكانت تقوم
الليل وهي باكية إلى سنة ، ولمّا كانت رأس السنة قالت لمواليها : إذا أظلم الليل فقوضوا هذا
الفسطاط ، فلمّا أظلم الليل وقوضوه سمعتْ قائلاً يقول : هل وجدوا ما فقدوا ؟ فأجابه آخر :
بل يئسوا فانقلبوا .
(592)
وبقيتْ فاطمة بعد وفاة زوجها الحسن المثنى مدّة من الزمن إلى أن خطبها عبدالله بن عمرو
بن عثمان بن عفان ، وهذا معروف ومتسالم عليه . فتزوّجها عبدالله وأنجبت له محمّداً ، والقاسم ،
ورقيّة . وكان سخياً كريماً شجاعاً شريفاً جواداً ، روى عن أبيه ، وابن عمر ، وابن عباس ،
وعبدالرحمان بن أبي عمرة ، والحسين بن علي ، ورافع بن خديج ، وغيرهم .
وروى أبوالفرج الأصفهاني في تزويج فاطمة من عبدالله قصةً فيها ما فيها من الدسّ
والتحريف الواضح ، والخبث واللؤم والعداوة لأهل بيت النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم .
وهذا هو ديدن النواصب إن لم يقدروا أن ينالوا من شخصيّة معيّنة فيعمدوا إلى النيل مِمَن
يتعلّق به ، فنراهم يقولون : إنّ أباطالب مات كافراً ، وإنّ الحسن سلام الله عليه تزوّج بأكثر من
ثلاثمائة زوجة ، وإنّ عبدالله بن جعفر زوج زينب عليهما السلام كان يسمع الغناء ويشرب الخمر ، وقالوا
في سكينة بنت الحسين عليه السلام ما يترفّع القلم عن ذكره ، وها هم يقولون في زواج فاطمة ما لا
يقبله عاقل ، ونحن نذكر كلام أبي الفرج الأصفهاني ثم نُعلّق عليه :
قال : لمّا حضرت الحسن بن الحسن الوفاة جزعَ وجعل يقول : إنّي لأجد كرباً ليس من
كرب الموت .
فقال له بعضهم : ما هذا الجزع ، تقدم على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو جدّك ، وعلى علي والحسن
والحسين وهم آباؤك .
فقال : ما لذلك أجزع ، ولكنّي كأنّي بعبدالله بن عمرو بن عثمان بن عفان حين أموت قد جاء
في مضرّجتين أو ممصّرتين وقد رجل جهته يقول : انا من بني عبدمناف جئت لأشهد ابن
عمي ، وما به إلاّ أن يخطب فاطمة بنت الحسين ، فإذا متُ فلا يدخلنّ عليّ .
قال : فصاحت به فاطمة : أتسمع ؟
قال : نعم .
قالت : اعتقتُ كلّ مملوك لي ، وتصدّقتُ بكلّ مملوك لي إن أنا تزوّجت بعدك أحداً .
قال : فسكت الحسن ، وما تنفّس وما تحرّك حتى قضى رضوان الله عليه .
فلمّا ارتفع الصياح أقبل عبدالله على الصفة التي ذكرها الحسن ، فقال بعض القوم : ندخله ،
(593)
وقال بعضهم : لا ندخله ، وقال قوم : وما يضرّ من دخوله .
فدخل وفاطمة رضوان الله عليها تصكّ وجهها ، وتلطم ، فأرسل إليها وصيفاً كان معه ،
فجاء فتخطّى الناس حتى دنا منها فقال لها : يقول لكِ مولاي : أبقي على وجهك ، فإنّ لنا فيه
إرباً ، وفي عبارة : إنّ لنا في وجهك حاجة فأرفقي به ، فعرف فيها الإسترخاء وخمّرت وجهها .
قال : فأرسلت يدها في كمّها ، وعُرف ذلك فيها ، فما لطمت حتى دفن ، فلمّا انقضت عدّتها
خطبها ، فقالت : كيف بنذري ويميني .
فقال : نخلف عليكِ بكلّ عبد عبدين ، وبكلّ شيء شيئين ، ففعل فتزوّجته .
وقيل : إنّ فاطمة بنت الحسين لما خطبها عبدالله أبت أن تتزوّجه ، فحلفت اُمّها عليها أن
تتزوّجه ، وقامت في الشمس وآلت ألا تبرح حتى تتزوّجه ، فكرهت فاطمة أن تخرج
فتزوّجته (1) .
وقد اُجيب عن هذة الاُكذوبة بعدة أجوبة؛ منها ما قاله الشيخ محمد هادي الأميني .
( 1 ) وجود الزبير بن بكار بن عبدالله بن مصعب بن ثابت بن عبدالله بن الزبير بن العوام في
سند الحديث ، وهو مَن يتهمّ فيه ولا يُكتب عنه ، قال ابن أبي حاتم : كتبَ عنه أبي بمكة ورأيته
ولم أكتب عنه (2) . وقال أحمد بن علي السليماني في كتاب الضعفاء : كان منكر الحديث (3) .
( 2 ) إقامتها على قبر زوجها الحسن بن الحسن عليه السلام مدّة سنة كاملة ، تقوم الليل وتصوم
النهار (4) ، كما صرّح بذلك البخاري فقال : ولمّا مات الحسن بن الحسن بن علي ضربت امرأته
القبّة على قبره سنة (5) .
( 3 ) ما رواه أبوالفرج الأصفهاني في مقاتل الطالبيين مخالف لما رواه في الأغاني ، وكأنّ
____________
1 ـ مقاتل الطالبيين : 202 .
2 ـ الجرح والتعديل 2 : 585 .
3 ـ تهذيب التهذيب 3 : 312 .
4 ـ تهذيب التهذيب 12 : 442 ، الفصول المهمّة : 155 ، الدر المنثور : 161 .
5 ـ صحيح البخاري 1 : 230 .
(594)
الموضوع هذا لم يثبت عنده ، فقد قال في الأغاني ما نصّه ـ بعد ذكره خبر تزويج فاطمة من
عبدالله ـ : وقد قيل في تزويجه إيّاها غير هذا . ويَعرف من هذا أنّ أباالفرج أيضاً غير معترف
بالرواية الاُولى ، وإلاّ لما قال قوله الأخير في الأغاني (1) .
وقال علي دخيّل :
( 1 ) إنّ ما ذكره أبوالفرج الأموي لا يمكن أن تقوم به أي امرأة من سائر المسلمين ، فضلاً
عن عقائل الوحي ، وبنات الرسالة ، ومخدّرات أمير المؤمنين عليه السلام .
أنا لا أدري كيف يدخل رجال أجانب على نساء يلطمن فقيدهن ساعة موته ؟ ! ثم لم
يكتفوا بالنظر إليهنّ حتى يراسلوا المعتدّة منهن!!! أنا أستبعد أن يحدث هذا في مجاهل
سيبيريا ، وعند همج أفريقيا ، فضلاً عن آل الله .
( 2 ) تبودلت الرسائل بين محمّد بن عبدالله بن الحسن والمنصور العباسي ، وما ترك أحدهما
للآخر شيئاً ينتقص به إلاّ وذكره . ولو صحّ هذا الزواج لذكره المنصور خافضاً به لمحمّد و أبيه ،
فقد ذكر ما هو دون هذا بكثير .
( 3 ) لم يذكرها كبار محدّثي الشيعة ورجال التأريخ منهم ، مع ما تميّزوا به من الإطلاع
والتحقيق ، وعدم المهادنة لأحد ، فهذا الشيخ المفيد ، والسيد المرتضى ، وابن شهر آشوب ،
والطبرسي ، وغيرهم من أعلام الطائفة لم يذكروها .
( 4 ) قال العلاّمة المحقق الشيخ عباس القمي رحمه الله : فظهر ممّا ذكرنا كذب ما نقله
أبوالفرج الأصفهاني المرواني عن الزبير بن بكار الزبيري ـالمعروف بعداوته وعداوة آبائه
للعلويين وأولاد الأئمة الطاهرين في مقاتل الطالبيين ـ انّه بعد انقضاء عدّتها تزوّجها عبدالله
بالتفصيل الذي لا يرضى مسلم غيور بنقله فضلاً عمّن كان من أهل الإيمان ، ولا غرو منه في
نقل ذلك وأمثاله ، فإنّه عُرفت فيه عروق اُميّة ومروان .
والعجب أنّه روى بعد ذلك عن أحمد بن سعيد في أمر تزويجه إيّاها ما يكذّب هذه الرواية
____________
1 ـ فاطمة بنت الحسين عليه السلام : 130 .
(595)
الموضوعة أيضاً ، فإنّه روى مُسنداً عن اسماعيل بن يعقوب : أنّ فاطمة بنت الحسين عليه السلام لمّا
خطبها عبدالله أبت أن تتزوّجه ، فحلفت اُمّها عليها أن تتزوّجه ، وقامت في الشمس ، وآلت
أن لا تبرح حتى تزوّجه ، فكرهت فاطمة أن تخرج ، فتزوّجته (1) .
ولم يكتفوا بذلك ، بل نقلوا اُكذوبة اُخرى حول خطبة عبدالرحمان بن الضحّاك الفهري
لفاطمة بنت الحسين عليه السلام ، قال كحالة في أعلام النساء : لمّا مات عنها عبدالله بن عمرو بن عثمان
ابن عفان خطبها عبدالرحمن بن الضحّاك الفهري ، وهو عامل على المدينة ، فقالت : والله ما
اُريد النكاح ، ولقد قعدتُ على بنيّ هؤلاء ، وجعلت تناجزه وتكره أن تنابذه ، لما تخاف منه .
فألح عليها ، وقال : والله لئن لم تفعلي لأجلدن أكبر بنيك في الخمر ، يعني عبدالله بن الحسن ،
فبينما هو كذلك وعلى ديوان المدينة ابن هرمز من أهل الشام ، فكتبَ إلية يزيد بن عبدالملك أن
يرفع حسابه ويدفع الديوان ، فدخلَ على فاطمة يودّعها ، فقال : هل من حاجة ؟ .
فقالت : تخبر أمير المؤمنين بما ألقى من ابن الضحّاك ، وما يتعرّض مني ، وبعثت رسولاً
بكتاب إلى يزيد تخبره ، وتذكر قرابتها ورحمها ، وتذكر ما ينال ابن الضحاك منها وما يتوعدّها
به .
فقدم ابن هرمز والرسول معاً ، فدخلَ ابن هرمز على يزيد ، فاستخبره عن المدينة ، وقال :
هل كان من مغربة خبر ؟ فلم يذكر ابن هرمز شأن ابنة الحسين ، فقال الحاجب : أصلح الله
الأمير بالباب رسول فاطمة بنت الحسين .
فقال ابن هرمز : أصلح الله الأمير إنّ فاطمة بنت الحسين يوم خرجتُ حمّلتني رسالة إليكَ ،
وأخبره الخبر . فنزل يزيد من على فراشه وقال : لا اُم ّ لك ، أسألك هل من مغربة خبر ، وهذا
عندك لا تخبرنيه ، فاعتذر بالنسيان ، ثم أذن للرسول فأدخله ، فأخذ الكتاب فقرأه ، وجعلَ
يضرب في خيزران في يديه وهو يقول : لقد اجترأ ابن الضحّاك ، هل مِن رجلٍ يسمعني صوته
____________
1 ـ نفثة المصدور : 39 ، فاطمة بنت الإمام الحسين عليه السلام : 42 .
(596)
في العذاب وأنا على فراشي ؟
قيل له : عبدالواحد بن عبدالله بن بشر النضري .
فدعا يزيد بقرطاس فكتب بيده ، إلى عبدالواحد النضري وهو بالطائف : سلام عليك ،
أمّا بعد : فقد ولّيتك المدينة ، فإذا جاءك كتابي هذا فاهبط ، واعزل ابن الضحّاك ، وأغرمه
أربعين ألف دينار ، وعذّبه حتى أسمع صوته وأنا على فراشي .
وأخذ البريد الكتاب وقدم المدينة ، ولم يدخل على ابن الضحّاك ، فأرسل إلى البريد
فكشف له عن طرف الفراش فإذا ألف دينار ، فقال : هذه ألف دينار لك ، ولكَ العهد والميثاق
لئن أخبرتني خبر وجهك هذا دفعتها إليك ، فأخبره ، فاستنظر البريد ثلاثاً حتى يسير ، ففعلَ ،
ثم خرج ابن الضحّاك حتى نزل على مسلمة بن عبدالملك فقال : أنا في جوارك .
فغدا مسلمة على يزيد فرقّقه ، وذكر حاجته ، فقال يزيد : كلّ حاجة تكلّمت فيها فهي في
يديك ما لم يكن ابن الضحّاك .
فقال : هو والله ابن الضحّاك .
فقال : والله لا أعفيه أبداً وقد فعل ما فعل .
فأغرم النضري ابن الضحاك أربعين ألف دينار ، وعذّبه ، وطاف به في جبة من صوف (1) .
قال علي دخيّل معلّقاً على هذا : أنا لا أدري كيف يقدم ابن الضحّاك على خطبة فاطمة
بنت الحسين عليه السلام ، وهو عامل لبني اُميّة على المدينة مركز بني هاشم ؟ ! إنّ أقل إدراك سياسي
لحاكم في عهد الاُمويين يصدّه عن ذلك .
والأغرب من ذلك غيرة يزيد على فاطمة ، وغضبه على ابن الضحّاك ، حتى لم يقبل فيه
شفاعة أخيه مسلمة بن عبدالملك . إنّ هذا الخيال قريب من قصص ألف ليلة وليلة ، نسجتهُ
الأيدي الأثيمة بغضاً لآل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .
____________
1 ـ أعلام النساء 4 : 44 .