( 38 ) روى الحاكم في المستدرك بسنده عن علي بن أبي طالب عليه السلام ، قال :
« قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لفاطمة : إنّ الله يغضب لغضبك ويرضى لرضاك » (1) .



( 39 ) وفي كنز العمال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :
« إنّ الله يغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها » (2) .


( 40 ) وفي ميزان الإعتدال للذهبي : إنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال لفاطمة عليها السلام :
« إنّ الربّ يغضب لغضبك ورضى لرضاك » (3) .


( 41 ) وفي ذخائر العقبى عن علي بن أبي طالب عليه السلام :
« إنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : يا فاطمة إنّ الله عزّ وجلّ يغضب لغضبك ويرضى لرضاك » (4) .



( 42 ) روى الحاكم في المستدرك بسنده عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :
« تبعث الأنبياء يوم القيامة على الدواب ليوافوا بالمؤمنين من قومهم المحشر ، ويبعث صالح على ناقته ، واُبعث على البراق ، فخطوها عند أقصى طرفها ، وتبعث فاطمة أمامي » (5) .



( 43 ) وفي كنز العمال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :
« يبعث الله الأنبياء يوم القيامة على الدواب ، ويبعث صالحاً على ناقته كيما يوافي بالمؤمنين من أصحابه المحشر ، وتبعث فاطمة والحسن والحسين عليهم السلام على ناقتين من نوق الجنّة ، وعلي بن أبي طالب عليه السلام على ناقتي ، وأنا على




____________
1 ـ مستدرك الصحيحين 3 : 153 ، وذكره ابن الأثير في اُسد الغابة 5 : 522 ، وابن حجر في الإصابة 8 : 159 ، وفي تهذيب التهذيب 12 : 441 ، وذكره المتقي الهندي في كنز العمال 7 : 111 .
2 ـ كنز العمال 6 : 219 .
3 ـ ميزان الإعتدال 2 : 73 .
4 ـ ذخائر العقبى : 39 .
5 ـ مستدرك الصحيحين 3 : 152 .

(627)

البراق ، ويبعث بلالاً على ناقته فينادي بالأذان » (1) .


( 44 ) روى الحاكم في المستدرك عن علي عليه السلام : قال :
« سمعتُ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم يقول : إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ من وراء الحجاب : يا أهل الجمع غضوا أبصاركم عن فاطمة بنت محمّد صلى الله عليه وآله وسلم حتى تمر » (2) .



( 45 ) روى الحاكم في المستدرك أيضاً بسنده عن عبدالله بن مسعود ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :
« إنّ فاطمة عليها السلام أحصنت فرجها فحرّم الله ذريتها على النار » (3) .


( 46 ) وفي كنز العمال : أنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : « انّ الله تعالى غير معذّبكِ ولا ولدكِ » ، قاله لفاطمة سلام الله عليها (4) .
( 47 ) وفيه أيضاً :
« إنّ فاطمة حصنت فرجها ، وإنّ الله أدخلها بإحصان فرجها وذريّتها الجنّة » (5) .


( 38 ) وفي ذخائر العقبى : عن علي عليه السلام ، قال :
« قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : تحضر ابنتي فاطمة يوم القيامة وعليها حلّة الكرامة قد عجنت بماء الحيوان ، فتنظر إليها الخلائق فيتعجّبون منها ، ثم تكسى حلّة من حلل الجنّة على ألف حلّة مكتوب بخط أخضر : أدخلوا الجنة ابنة محمّد صلى الله عليه وآله وسلم على أحسن صورة وأكمل هيبة وأتمّ كرامة وأوفر





____________
1 ـ كنز العمال 6 : 193 .
2 ـ مستدرك الصحيحين 3 : 153 .
3 ـ مستدرك الصحيحين 3 : 152 .
4 ـ كنز العمال 6 : 219 .
5 ـ كنز العمال 6 : 219 .

(628)

حظّ ، فتزف إلى الجنّة كالعروس حولها سبعون ألف جارية » (1) .


( 49 ) في كنز العمال عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال :
« إنّ أوّل شخص يدخل الجنّة فاطمة بنت محمّد صلى الله عليه وآله وسلم ، ومثلها في هذه الاُمّة مثل مريم في بني اسرائيل » (2) .



( 50 ) وفي ميزان الإعتدال عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال :
« أوّل شخصٍ يدخل الجنّة فاطمة سلام الله عليها » (3) .


زواجها سلام الله عليها :
من المتسالم عليه أنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم ردّ كلّ مَن خطب الزهراء عليها السلام بقوله : « انتظر بها القضاء » ، فإنّ أبابكر خطبها إلى النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، فقال النبيّ : « انتظر بها القضاء » ، فذكر ذلك أبوبكر لعمر فقال له عمر : ردّك يا أبابكر ، ثم إنّ أبابكر قال لعمر : اخطب فاطمة إلى النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، فخطبها ، فقال له مثل ما قال لأبي بكر ، فأخبره فقال له : ردّك يا عمر (4) .
وروى المحبّ الطبري عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :
« أتاني ملك فقال : يا محمّد إنّ الله تعالى يقرأ عليك السّلام ويقول لك : إنّي قد زوّجت ابنتك من علي بن أبي طالب في الملأ الأعلى ، فزوّجها منه في الأرض » (5) .



وروى أيضا عن عمر ـ وقد ذكر عنده علي ـ قال : ذلك صهر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، نزل جبريل فقال : « يا محمّد إنّ الله يأمرك أن تزوّج فاطمة ابنتك من علي » (6) .
____________
1 ـ ذخائر العقبى : 48 .
2 ـ كنز العمال 6 : 219 .
3 ـ ميزان الإعتدال 2 : 131 .
4 ـ الطبقات الكبرى 8 : 19 .
5 ـ ذخائر العقبى : 32 .
6 ـ ذخائر العقبى : 31 .

(629)

وروى الخطيب البغدادي عن عبدالله بن مسعود ، قال : أصاب فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صبيح العرس رعدة ، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :
« يا فاطمة إنّي زوّجتك سيّداً في الدنيا ، وإنّه في الآخرة من الصالحين . يا فاطمة إنّي لمّا أردت أن اُملّك لعلي أَمَرَ الله جبريل فقام في السماء الرابعة فصفّ الملائكة صفوفاً ثم خطب عليهم جبريل فزوّجكِ من علي ، ثم أَمَرَ شجر الجنان فحملت الحلي والحلل ، ثم أَمَرَها فنثرته على الملائكة ، فمن أخذ منهم يومئذٍ أكثر ممّا أخذ صاحبه أو أحسن افتخر به إلى يوم القيامة » .





قالت اُم سلمة : فلقد كانت فاطمة تفخر على النساء حيث إنّ أوّل مَن خطبَ عليها جبريل (1) .
وروى الشيخ الطوسي عن جابر بن عبدالله الأنصاري قال : لمّا زوّج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فاطمة من علي أتاه اُناس من قريش فقالوا : إنّك زوّجت عليّاً بمهر خسيس .
فقال :
« ما أنا زوّجتُ عليّاً ، ولكنّ الله عزّ وجل ليلة اُسري بي عند سدرة المنتهى أوحى الله إلى السدرة أن انثري ما عليك ، ونثرت الدر والجواهر والمرجان ، فابتدر الحور العين فالتقطن ، فهنّ يتهادينه ويتفاخرن به ويقلن : هذا من نثار فاطمة بنت محمّد » (2) .




وروى ابن الأثير عن بلال قال : طلع علينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو يضحك ، فقام إليه عبدالرحمن بن عوف فقال : يا رسول الله ما أضحكك ؟
فقال :
« بشارة أتتني من الله عزّ وجل وابن عمّي وابنتي ، إنّ الله عزّ وجلَّ لمّا


____________
1 ـ تأريخ بغداد 4 : 129 .
2 ـ أمالي الشيخ الطوسي 1 : 162 .

(630)

أراد أن يزوّج علياً من فاطمة رضي الله عنهما أمر رضوان فهزّ شجرة طوبى فنثرت رقاقاً ـ يعني صكاكا ـ بعدد محبينا أهل البيت ، ثم أنشأ من تحتها ملائكة من نور ، فأخذ كلّ ملك رقاقاً ، فإذا استوت القيامة غداً بأهلها ماجت الملائكة في الخلائق ، فلا يلقون محبّاً لنا أهل البيت إلاّ أعطوه رقاقاً فيه براءة من النار ، فنثار أخي وابن عمّي فكاك رجال ونساء من اُمتي من النار » (1) .





وقال ابن أبي الحديد : وإن إنكاحه عليّاً إياها ما كان إلاّ بعد أن أنكحه الله تعالى إيّاها في السماء بشهادة الملائكة (2) .
وقال ابن شهرآشوب عن مراسيم الزواج في السماء : فخطب راحيل في البيت المعمور في جمع من أهل السماوات السبع فقال :
الحمد لله الأوّل قبل أولية الأوّلين ، والباقي بعد فناء العالمين ، نحمده إذ جعلنا ملائكة روحانيين ، وبربوبيته مذعنين ، وله على ما أنعم علينا شاكرين ، حجبنا من الذنوب ، وسترنا من العيوب ، أسكننا في السماوات ، وقرّبنا إلى السرداقات ، وحجب عنا النهم للشهوات ، وجعل نهمتنا وشهوتنا في تقديسه وتسبيحه ، الباسط رحمته ، الواهب نعمته ، جلّ عن إلحاد أهل الأرض من المشركين ، وتعالى بعظمته عن إفك الملحدين . . .
ثم قال : اختار الملك الجبار صفوة كرمه ، وعبد عظمته لأمته سيّدة النساء بنت خير النبيين وسيّد المرسلين ، وإمام المتّقين . فوصل حبله بحبل رجل من أهل صاحبه ، المصدق دعوته ، المبادر إلى كلمته علي الوصول بفاطمة البتول ابنة الرسول (3) .
أما في الأرض فقد عقد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حفلاً لإعلان الزواج ، فعن أنس قال : دعاني النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم بعد أيام ـ من خطبة أبي بكر وعمر لها ـ فقال : « اُدع أبابكر وعمر وعثمان
____________
1 ـ اُسد الغابة 1 : 206 .
2 ـ شرح نهج البلاغة 9 : 193 .
3 ـ مناقب آل أبي طالب 3 : 125 .

(631)

وعبدالرحمن وعدّة من الأنصار » ، فلما اجتمعوا وأخذوا مجالسهم وكان علي غائباً قال صلى الله عليه وآله وسلم :
« الحمد لله المحمود بنعمته ، المعبود بقدرته ، المطاع سلطانه ، المرهوب من عذابه وسطواته ، النافذ أمره في سمائه وأرضه ، الّذي خلق الخلق بقدرته ، وميّزهم بأحكامه ، وأعزّهم بدينه ، وأكرمهم بنبيّه محمّد ، إنّ الله تبارك اسمه ، وتعالت عظمته ، جعل المصاهرة سبباً لاحقاً وأمراً مفترضاً ، أوشج به الأرحام وألزم الأنام ، فقال عزّ من قائل : ( وهو الذي خلق من الماء بشراً فجعله نسباً وصهراً وكان ربك قديراً ) (1) ، فأمر الله تعالى يجري إلى قضائه ، وقضاؤه يجري إلى قدره ، ولكلّ قضاء قدر ، ولكلّ قدر أجل ، ولكلّ أجل كتاب ( يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده اُم الكتاب ) (2) ثم إنّ الله تعالى أمرني أن أزوّج فاطمة من علي بن أبي طالب ، فاشهدوا إنّي قد زوّجته على أربعمائة مثقال فضة إن رضي بذلك علي » .









ثم دعا صلى الله عليه وآله وسلم بطبق من بسر قال : فانتهبوا ، فانتهبنا .
ودخل علي فتبسم النبي صلى الله عليه وآله وسلم في وجهه : ثم قال : « إنّ الله عزّ وجل أمرني أن اُزوّجك فاطمة على مهر أربعمائة مثقال فضة أرضيت بذلك » ؟
قال : « قد رضيت بذلك يا رسول الله » .
قال صلى الله عليه وآله وسلم : « جمع الله شملكما ، وعزّ جدكما ، وبارك عليكما ، وأخرج منكما كثيراً طيباً » (3) .
وخطب الإمام أمير المؤمنين عليه السلام فقال :
« الحمد لله الذي قرب من حامديه ، ودنا من سائليه ، ووعد الجنة مَن


____________
1 ـ الفرقان : 54 .
2 ـ الرعد : 39 .
3 ـ ذخائر العقبى : 31 ، الصواعق المحرقة : 85 ، ينابيع المودّة : 207 ، تأريخ الخميس 1 : 362 .

(632)

يتقّيه ، وأنذر بالنار من يعصيه ، نحمده على قديم إحسانه وأياديه ، حمد مَن يعلم أنّه خالقه وباريه ومحييه ، ومسائله عن مساويه ، ونستعينه ونستهديه ، ونؤمن به ونستكفيه ، ونشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، شهادة تبلغه وترضيه ، وأنّ محمّداً عبده ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم ، صلاة تزلفه وتحظيه ، وترفعه وتصطفيه ، والنكاح ما أمر به ويرضيه ، واجتماعنا ممّا قدّره الله وأذن فيه ، وهذا رسول الله زوّجني ابنته فاطمة على خمسمائة درهم وقد رضيت ، فسألوه واشهدوا » (1) .







وقد أجمع أهل الحديث والتأريخ على تعيين المهر المذكور ، وبقي أهل البيت عليهم الصلاة والسّلام ملتزمين في زواجهم بهذا المهر ، حتى أنّ المأمون العباسي لما زوّج الإمام محمّد الجواد عليه السلام ابنته اُم الفضل ، وأنفق الملايين على حفل الزواج ، لكن الإمام عليه السلام لم يزد المهر على الخمسمائة درهم (2) .
وكان جهاز الزهراء سلام الله عليها وأثاث بيتها يتألف من : قميص ، وخمار ، وقطيفة سوداء ، وسرير مزمل بشريطين ، وفراشان من خيش مصر ، حشو أحدهما ليف وحشو الآخر من جز الغنم ، وأربع مرافق من أدم الطائف حشوها اُذخر ، وستر من صوف ، وحصير هجري ، ورحى لليد ، وسقاء من ادم ، ومخضب من نحاس ، وقعب للبن ، وشن للماء ، ومطهرة مزفتة ، وجرّة خضراء ، وكيزان خزف ، ونطع من أدم ، وعباءة قطواني ، وقربة ماء (3) .
وأمّا ليلة الزفاف فيقول عنها ابن عباس : لمّا زفت فاطمة إلىّ علي كان النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم قدامها ، وجبريل عن يمينها ، وميكائيل عن يسارها ، وسبعون ألف ملك خلفها يسبّحون الله ويقدّسونه حتى طلع الفجر (4) .
____________
1 ـ مناقب آل أبي طالب 3 : 127 . وانظر تأريخ الخميس 1 : 362 .
2 ـ فاطمة الزهراء عليها السلام لعلي دخيل : 51 .
3 ـ مناقب آل أبي طالب 2 : 109 .
4 ـ تأريخ بغداد 5 : 7 .

(633)

وعن جابر بن عبدالله الأنصاري : لمّا كانت ليلة الزفاف أتى النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ببغلته الشهباء ، وثنى عليها قطيفة وقال لفاطمة : « اركبي » ، وأمر سلمان أن يقودها ، والنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم يسوقها ، فبينما هم في بعض الطريق إذ سمع النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وجبة ، فإذا جبرئيل في سبعين ألف ، وميكائيل في سبعين ألف ، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : « ما أهبطكم إلى الأرض » ؟
قالوا : جئنا نزف فاطمة إلى علي بن أبي طالب عليه السلام ، فكبّر جبرئيل ، وكبّر ميكائيل ، وكبّرت الملائكة ، وكبّر محمّد صلى الله عليه وآله وسلم ، فوقع التكبير على العرائس من تلك الليلة (1) .
وروى ابن شهرآشوب عن كتاب مولد فاطمة عليها السلام لابن بابويه : أمر النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم بنات عبدالمطلب ونساء المهاجرين والأنصار أن يمضين في صحبة فاطمة ، وأن يفرحن ويرجزن ويكبّرن ويحمدن ، ولا يقولن ما لا يرضى الله ، ونساء النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم قدامها يرجزن :
فأنشأت اُم سلمة :
سِرْنَ بعـونِ الله جاراتـي * واشكُـرنَه فـي كلِّ حـالاتِ
واذكـرنَ ما أنعمَ ربُ العلى * مِـن كـشفِ مكـروهٍ وآفاتِ
فَقد هدانـا بَعدَ كفـرٍ وقـدْ * أنْــعَشنـا ربُ السمـاواتِ
وسرنَ مع خيرِ نساءِ الورى * تُفـدى بـعمّاتٍ وخــالاتِ
يا بنتَ مَن فضّله ذُو العلـى * بـالوحِي مـنه والـرسالاتِ
وقالت عائشة :
يـا نسـوة استرنَ بـالمعاجز * واذكرنَ ما يحسنَ في المحاضرِ
واذكـرنَ ربَّ الناسِ إذ خَصّنـا * بـدينهِ مـع كـلِّ عبـد شاكرِ
فـالحمدُ لله عـلى أفضـالـهِ * والشكـرُ لله العـزيزِ القــادرِ
سرنَ بها فالله أعلـى ذكـرَهـا * وَخَصّهـا منـهُ بـطهرِ طاهرٍ
وقالت حفصة :
____________
1 ـ أمالي الشيخ الطوسي 1 : 162 .
(634)

فاطمةُ خيـرُ نسـاءِ الـبشرْ * ومَـنْ لها وجـهٌ كوجهِ القمرْ
فضّلك اللهُ علـى كـلِّ الورى * بفضلِ مَـن خصّ بـآي الزمرْ
زوّجـك الله فـتىً فـاضـلاً * أعني علياً خيرَ مَن في الحضرْ
فسرنَ جـاراتي بهـا إنّهـا * كريمـة بـنتُ عـظيمِ الخطرِ
وقالت معاذة اُم سعد بن معاذ :
أقولُ قولاً فيـهِ مـا فيـهِ * وأذكــرُ الخيـرَ وأبديـهِ
محمّـد خيــرُ بنـي آدمٍ * مـا فيه مـن كبـرِ ولا تيهِ
بفضلـهِ عَرفنـا رُشدَنـا * فـالله بـالخيـرِ مجـازيـهِ
ونحنُ مع بنتِ نبي الهدى * ذي شـرفِ قـد مكنت فيهِ
فـي ذروةٍ شامخةٍ أصلُها * فمـا أرى شيئـاً يـدانيـهِ
وكانت النسوة يرجِّعن أوّل كلّ بيت من كلّ رجز ، ثم يكبرّن (1) .
وروى الشيخ الطوسي رحمه الله بسنده عن أمير المؤمنين عليه السلام قال : « قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ياعلي اصنع لأهلك طعاماً فاضلاً ، ثم قال : من عندنا اللحم والخبز ، وعليك التمر والسمن . فاشتريتُ تمراً وسمناً ، فحسر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن ذراعه وجعل يشدخ التمر في السمن حتى اتخذ حيساً ، وبعث إلينا كبشاً سميناً فذبح ، وخبز لنا خبزاً كثيراً .
ثم قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : اُدع مَن أحببت ، فأتيتُ المسجد وهو مشحن بالصحابة ، فاستحييتُ أن اُشخص قوماً وأدع قوماً ، ثم صعدت على ربوة هناك وناديت : أجيبوا إلى وليمة فاطمة ، فأقبل الناس إرسالاً ، فاستحييتُ من كثرة الناس وقلّة الطعام ، فعلم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما تداخلني فقال لي : يا علي سأدعو الله بالبركة .
قال علي عليه السلام : وأكل القوم عن آخرهم طعامي وشربوا شرابي ، ودعوا لي بالبركة ، وصدروا وهم أكثر من أربعة آلاف رجل ولم ينقص من الطعام شيء ، ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
____________
1 ـ مناقب آل أبي طالب 3 : 131 .
(635)

بالصحاف فملئت ووّجه بها إلى منازل أزواجه ، ثم أخذ صحفة وجعل فيها طعاماً وقال : « هذا لفاطمة وبعلها » (1) .
وعن جابر بن عبدالله الأنصاري قال : حضرنا وليمة علي وفاطمة رضي الله عنهما ، فما رأيت وليمة أطيب منها (2) .
وعن أسماء قالت : لقد أولم علي على فاطمة ، فما كانت وليمة في ذلك الزمان أفضل من وليمته (3) .

عبادتها :
عُرفت الزهراء سلام الله عليها بكثرة عبادتها وتهجّدها وقيامها الليل وصومها النهار ، فكلّ مَن تحدّث عنها في كتاب مستقل أو مقال تحدّث عن عبادتها .
وليس هذا بكثير عليها بعد أن شاهدت أباها الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم يقوم في المحراب حتى تورّمت قدماه ، ونزل عليه قوله تعالى : ( طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى ) (4) .
قال الإمام الحسن بن علي عليهما السلام :
« رأيتُ اُمّي فاطمة عليها السلام قامت في محرابها ليله جمعة ، فلم تزل راكعة ساجدة حتى اتّضح عمود الصبح ، وسمعتها تدعو للمؤمنين والمؤمنات وتسمّيهم ، وتُكثر الدعاء لهم ، ولا تدعو لنفسها بشيء ، فقلت لها : يا اُماه لِمَ لا تدعين لنفسك كما تدعين لغيرك ؟ فقالت : يا بُني الجار ثم الدار » (5) .





ولما سمعتْ قوله تعالى : ( وإنّ جهنم لموعدهم أجمعين لها سبعة أبواب لكلّ باب منهم جزء
____________
1 ـ أمالي الشيخ الطوسي 2 : 26 .
2 ـ ينابيع المودّة : 233 .
3 ـ ذخائر العقبى : 33 الطبقات الكبرى 8 : 14 .
4 ـ طه : 1 ـ 2 .
5 ـ بيت الأحزان : 12 .

(636)

مقسوم ) (1) ، سقطت على وجهها وهي تقول : « الويل ثم الويل لمن دخل النار » (2) .
وقال الحسن البصري : ما كان في هذه الاُمّة أعبد مِن فاطمة ، كانت تقوم حتى تورّمت قدماها (3) .
وما تسبيح الزهراء عليها السلام إلاّ نوعاً من عبادتها المختصّة بها ، والتي أتحفها بها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فقد روى ابن الجوزي عن علي عليه السلام : « أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما زوّجه فاطمة بعث معها بخميلة ، ووسادة أدم حشوها ليف ، ورحائين ، وسقاء ، وجرّتين .
فقال علي لفاطمة ذات يوم : « والله لقد سنوتُ حتى اشتكيتُ صدري ، وقد جاء الله أباك بسبي ، فاذهبي فاستخدميه » .
فقالت : « وأنا والله لقد طحنتُ حتى مجلت يداي » ، فأتت النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، فقال : « ما جاء بكِ ، وما حاجتكِ أي بنية » ؟
قالت : « جئت لاُسلّم عليك ، وأستحييتُ أن أسأله فرجعتُ » .
فقال : « ما فعلتِ » ؟
قالت : « استحييتُ أن أسأله » .
فأتيا جميعاً ، فقال علي : « يا رسول الله لقد سنوتُ حتى اشتكيت صدري » .
وقالت فاطمة : « لقد طحنتُ حتى مجلت يداي ، وقد جاءك الله عزّ وجلّ بسبي وسعة فأخدمنا » .
فقال صلى الله عليه وآله وسلم : « لا اُعطيكما وأدع أهل الصفة تطوى بطونهم لا أجد مَن ينفق عليهم ، ولكن أبي عهم وأنفق عليهم أثمانهم » .
فرجعا ، وأتاهما النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وقد دخلا قطيفتهما ـ إذا غطّيا رأسيهما تكشّفت أقدامهما ، وإذا غطّيا أقدامهما تكشّفت رؤوسهما ـ ، فثارا ، فقال صلى الله عليه وآله وسلم : « مكانكما » ، ثم قال : « ألا اُخبركما
____________
1 ـ الحجر : 43 ـ 44 .
2 ـ بيت الأحزان : 15 .
3 ـ أعيان الشيعة 2 : 550 .

(637)

بخير ممّا سألتماني » ؟
قالا : « بلى » .
قال : « كلمات علّمنيهن جبريل : تسبحان الله في دبر كلّ صلاة عشراً ، وتحمدان عشراً ، وتكبرّان عشراً ، وإذا آويتما إلى فراشكما فسبّحا ثلاثاً وثلاثين ، واحمدا ثلاثاً وثلاثين ، وكبّراً أربعاً وثلاثين » .
قال علي : « فوالله ما تركتهن منذ علّمنيهن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم » (1) .
والذي عليه الشيعة هو التكبير أربعاً وثلاثين ، والتحميد ثلاثاً وثلاثين ، والتسبيح ثلاثاً وثلاثين .
فعن الإمام الباقر عليه السلام :
« إنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال لفاطمة عليها السلام : يا فاطمة إذا أخذتِ مضجعك من الليل فسبّحي الله ثلاثاً وثلاثين ، واحمديه ثلاثاً وثلاثين ، وكبريه أربعاً وثلاثين ، فذلك مئة هي أثقل في الميزان من جبل اُحد ذهباً » .




وقد وردت عدّة روايات عن أهل البيت عليهم السلام في فضل هذا التسبيح نذكر منها :
(1) قال الإمام الصادق عليه السلام لأبي هارون المكفوف :
« يا أباهارون إنّا نأمر صبياننا بتسبيح الزهراء عليها السلام كما نأمرهم بالصلاة فالزمه ، فإنّه لا يلزمه عبد فيشقى » (2) .



(2) قال الإمام الباقر عليه السلام :
« مَن سبّح تسبيح الزهراء عليها السلام ، ثم استغفر غفر له ، وهي مائة باللسان وألف في الميزان ، وتطرد الشيطان ، وتُرضي الرحمان » (3) .



(3) قال الإمام الصادق عليه السلام :
____________
1 ـ صفوة الصفوة 2 : 4 .
2 ـ ثواب الأعمال : 163 .
3 ـ ثواب الأعمال : 163 .

(638)

« تسبيح فاطمة الزهراء عليها السلام في كلّ يوم ، في دبر كلّ صلاة أحبّ إليّ من صلاة ألف ركعة في كلّ يوم » (1) .



( 4 ) قال الإمام الصادق عليه السلام :
« مَن سبّح تسبيح فاطمة عليها السلام قبل أن يثني رجليه من صلاة الفريضة غفر الله له ، ويبدأ بالتكبير » (2) .



( 5 ) قال الإمام الصادق عليه السلام في قوله تعالى :
( والذاكرين الله كثيراً والذاكرات ) (3) : « مَن بات على تسبيح فاطمة عليها السلام كان من الذاكرين كثيراً والذاكرات » (4) .



( 6 ) قال الإمام الصادق عليه السلام :
« مَن سبّح الله في دبر كلّ فريضة قبل أن يثني رجليه تسبيح فاطمة عليها السلام المائة ، وأتبعها بلا إله إلاّ الله مرّة واحدة غُفر له » (5) .



( 7 ) قال الإمام الصادق عليه السلام :
« مَن سبّح تسبيح فاطمة عليها السلام في دبر المكتوبة قبل أن يبسط رجليه أوجب الله له الجنة » (6) .



وللزهراء عليها السلام عدّة أدعية عُرفت بإسمها : منها في مهج الدعوات :
« بسم الله الرحمن الرحيم ، يا حيّ يا قيوم برحمتك أستغيث فأغثني ، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين أبداً ، وأصلح لي شأني كلّه » .



ومن دعاء لها عليها السلام :
____________
1 ـ ثواب الأعمال : 163 .
2 ـ ثواب الأعمال : 164 .
3 ـ الأحزاب : 35 .
4 ـ مجمع البيان 8 : 358 .
5 ـ المحاسن 1 : 30 .
6 ـ فلاح السائل : 152 .

(639)

« اللَّهمَّ قنّعني بما رزقتني ، واسترني وعافني أبداً ما أبقيتني ، واغفر لي وارحمني . اللَّهمَّ لا تعيني في طلب ما لا تقدِّر لي ، وما قدرته علي فاجعله ميسّراً سهلاً . اللَّهمَّ كافىَ عني والديّ وكل مَن له نعمة عليّ خير مكافأة ، اللَّهمَّ فرّغني لما خلقتني له ، ولا تشغلني بما تكلّفت لي به ، ولا تعذّبني وأنا استغفرك ، ولا تحرمني وأنا أسألك ، اللَّهمَّ ذلّل نفسي في نفسي ، وعظّم شأنكَ في نفسي ، وألهمني طاعتك والعمل بما يرضيك والتجنب لما يسخطك يا أرحم الراحمين » (1) .






ومن دعاءٍ لها عليها السلام :
« اللَّهمَّ بحقّ العرش ومَن علاه ، وبحقّ الوحي ومَن أوحاه ، وبحقّ النبيّ ومَن نباه ، وبحق البيت ومَن بناه . يا سامع كلّ صوت ، يا جامع كلّ فوت ، يا بارىَ النفوس بعد الموت ، صلّ على محمّد وأهل بيته ، وآتنا وجميع المؤمنين والمؤمنات في مشارق الأرض ومغاربها فرجاً من عندك عاجلاً بشهادة أن لا إله إلاّ الله ، وأنّ محمّداً عبدك ورسولك صلّى الله عليه وعلى ذريّته الطيبين الطاهرين وسلّم تسليماً » (2) .






وذكر لها السيّد ابن طاووس في كتابه فلاح السائل ثلاثة أدعية مطوّلة (3) .

فدك :
لا يستطيع أيّ باحث أو كاتب ، وهو يمرّ بحياة الزهراء سلام الله عليها ، أن لا يذكر فدك ولو بعدّة أسطر ، وقد أشبع الموضوع بحثاً واستدلالاً الشهيد الصدر رضوان الله تعالى عليه في كتابه فدك في التأريخ ، وما نذكره هنا ما هو إلاّ مروراً سريعاً حول هذا الموضوع تعميماً
____________
1 ـ مهج الدعوات : 175 .
2 ـ مهج الدعوات : 177 .
3 ـ فلاح السائل : 230 .

(640)

للفائدة .
فدك : قرية في الحجاز ، بينها وبين المدينة ثلاثة أيام ، كانت لليهود ، وبعد فتح خيبر ألقى الله سبحانه وتعالى في قلوب أهلها الرعب ، فصالحوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم على النصف ، فقبلَ منهم ، فكانت له صلى الله عليه وآله وسلم خاصة؛ لأنّها لم يُوجف عليها بخيل ولا ركاب .
وبعد أن نزل عليه قوله تعالى : ( وآت ذا القربى حقّه ) (1) ، دفعها إلى فاطمة عليها السلام ، فكانت تتصرّف فيها أربع سنوات في حياة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، وبعد وفاته قبضها أبوبكر ، فطالبت بها بإصرار ، ولكنّ مطالبتها مُنيت بالفشل .
وبعد موت أبي بكر صارت بيد عمر ، ثم بعده صارت بيد عثمان ، فأعطاها لمروان بن الحكم .
وفي خلافة علي عليه السلام انتزعها من مروان ، وكان عليه السلام ينفق غلاّتها في مصالح المسلمين .
وفي عهد معاوية أقطع مروان بن الحكم ثلثها ، وعمر بن عثمان ثلثها ، ويزيد ثلثها .
وفي عهد مروان بن الحكم خلصت كلّها له ، ثم وهبها لابنه عبدالعزيز .
وفي عهد عمر بن عبدالعزيز ورثها هو واخوته ، فاشترى حصصهم منها ، فلمّا خلصت له ردّها على ولد فاطمة عليها السلام .
وفي عهد يزيد بن عبدالملك انتزعها من أولاد فاطمة عليها السلام ، فصارت في أيدي بني مروان حتى انقرضت الخلافة الاُمويّة .
وفي عهد أبي العباس السفّاح ردّها على عبدالله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام .
وفي عهد المنصور قبضها من بني الحسن .
وفي عهد المهدي ردّها على الفاطميين .
وفي عهد موسى الهادي قبضها من أيديهم ، وبقيت في أيدي العباسيين حتى خلافة
____________
1 ـ الإسراء : 26 .
(641)

المأمون .
وفي عهد المأمون ردّها على الفاطميين سنة 210هـ ، وبهذه المناسبة أنشأ دعبل الخزاعي قصيدته المشهورة التي مطلعها :
أصبحَ وجهُ الزمانِ قدْ ضَحكا * بـردِّ مـأمون هـاشمٍ فَدكا
وفي عهد المتوكّل انتزعها من الفاطميين وأقطعها عبدالله بن عمر البازيار ، وكان من ضمنها إحدى عشرة نخلة غرسها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بيده الكريمة ، فوجّه عبدالله بن عمر البازيار رجلاً يقال له بشران بن أبي اُمية الثقفي إلى المدينة ، فصرم تلك النخيل ، ثم عاد ففُلج .
وبهذا كان آخر العهد بهذه المقاطعة الكبيرة .
وخلاصة المسألة : أنّ أبابكر استولى على فدك وطرد عمّال فاطمة عليها السلام منها ، فجاءت فاطمة الزهراء سلام الله عليها مطالبةً بفدك على أنّها نحلة من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فطالبها أبوبكر بالبيّنة ، فجاءت بعلي سلام الله عليه ، وبالحسن والحسين وهما صغيران ، وباُم أيمن ، يشهدون لها بذلك ، فردّ أبوبكر شهادة الشهود بحجّة أنّ عليّاً يجر النار إلى قرصه!!! والحسنان صغيران!! ، و اُم أيمن امرأة غير عربية!! .
فلم تسكت الزهراء سلام الله عليها عن حقّها ، وأقامت الدعوى ثانية وطالبت بفدك على أنّها سهم ذي القربى ، فاقتنع أبوبكر بالقضيّة ، وكتبَ لفاطمة سلام الله عليها بذلك كتاباً ، إلاّ أنّ دخول عمر بن الخطاب ـ وكان غائباً حينما كتب أبوبكر الكتاب لفاطمة سلام الله عليها ـ غيّر كلّ شيء ، حيث سأل أبابكر : ما هذا ؟
فقال : كتاب كتبته لفاطمة بحقّها من أبيها .
فقال : ماذا تنفق على المسلمين وقد حاربتك العرب كما ترى ؟ ثم أخذ عمر الكتاب فشقّه (1) .
____________
1 ـ السيرة الحلبيّة 3 : 400 .