فأتاهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فرأى ما بهم من الجوع ، فأنزل الله تعالى : ( هل أتى على الإنسان
حين من الدهر لم يكن شيئاً مذكورا ـ إلى قوله ـ لا نُريد منكم جزاءً ولا شكوراً ) (1) .
وقال أبوالقاسم القسري : انقطعتُ في البادية عن القافلة ، فوجدُ امرأة فقلتُ مَن أنت ؟
فقالت : ( وقُلْ سَلامٌ فَسَوفَ يَعْلَمُون ) (2) ، فسلمتُ عليها وقلت : ما تصنعين ها هنا ؟
قالت : ( مَنْ يَهْدِ الله فَما لَهُ مِنْ مُضِلَّ ) (3) .
فقلت : أمن الجنّ أنتِ أم من الإنس ؟
قالت : ( يا بَني آدم خُذُوا زِينَتَكم ) (4) .
فقلت : من أين أقبلتِ ؟
قالت : ( يُنادون من مَكانٍ بَعيدٍ ) (5) .
فقلت : أين تقصدين ؟
قالت : ( وللهِ على الناس حجّ البيتِ ) (6) .
فقلت : متى انقطعتِ ؟
قالت : ( وَلَقَدْ خَلَقْنا السمواتِ والأرضَ وما بينهما في ستّة أيّام ) (7) .
فقلت : أتشتهين طعاماً ؟
فقالت : ( وما جَعَلْناهُم جَسَداً لا يَأكُلُونَ الطَّعام ) (8) .
فأطعمتها ، ثم قلت : هرولي وتعجّلي .
____________
1 ـ الإنسان 1 ـ 9 .
2 ـ الزخرف : 89 .
3 ـ الزمر : 37 .
4 ـ الأعراف : 31 .
5 ـ فصلت : 44 .
6 ـ آل عمران : 97 .
7 ـ ق : 38 .
8 ـ الأنبياء : 8 .
(701)
فقالت : ( لا يُكَلِّفُ اللهُ نفساً إلاّ وُسْعَها ) (1) .
فقلت : أردفِكِ .
فقالت : ( لَو كَانَ فيهما آلِهَةٌ إلاّ الله لَفَسَدَتا ) (2) .
فنزلت فأركبتها فقالت : ( سُبْحَانَ الَّذيِ سَخَّر لنا هذا ) (3) .
فلمّا أدركنا القافلة قلت لها : ألكِ أحد فيها ؟
قالت : ( يا دَاوُدُ إنّا جَعَلناكَ خَليفَةً في الأرض ) (4) ، ( وما مُحمّد إلاّ رَسولٌ ) (5) ، ( يا يحيى
خُذِ الكتابَ ) (6) ، ( يا مُوسى إنّه أنا الله ) (7) .
فصحتُ بهذا الاسماء ، فإذا بأربعة شباب متوجّهين نحوها ، فقلت : مَن هؤلاء منك ؟
قالت : ( المالُ والبنُون زينةُ الحياة الدُّنيا ) (8) .
فلمّا أتوها قالت : ( يَا أَبتِ استأجِره إنّ خَير مَن استأجرتَ القويّ الأمين ) (9) .
فكافؤوني بأشياء ، فقالت : ( والله يُضاعفُ لمن يَشاء ) (10) ، فزادوا لي .
فسألتهم عنها ، فقالوا : هذه اُمّنا فضّة جارية الزهراء ، ما تكلّمت منذ عشرين سنة إلاّ
بالقرآن (11) .
____________
1 ـ البقرة : 286 .
2 ـ الأنبياء : 22 .
3 ـ الزخرف : 13 .
4 ـ ص : 26 .
5 ـ آل عمران : 144 .
6 ـ مريم : 12 .
7 ـ النحل : 9 .
8 ـ الكهف : 46 .
9 ـ القصص : 26 .
10 ـ البقرة : 261 .
11 ـ انظر : الدر المنثور في طبقات ربّات الخدور : 439 ، تراجم أعلام النساء 2 : 363 ، فاطمة اُم أبيها : 94 ، الإصابة 4 : 376 .
(702)
353 الفتلاويّة
من آل فتلة ، العشيرة المعروفة في جنوب العراق بالشجاعة والاقدام .
مجاهدة ، شاعرة باللهجة العاميّة العراقيّة ، شاركت في أحداث ثورة العشرين بشعرها ،
مشجعةً الثوار على خوض المعارك .
فعندما وصل جيش الانكليز إلى الرارنجيّة ، وانطلق رصاص الثوار ، هَتفت الفتلاويّة
مخاطبةً الزعيم عبدالواحد سِكر ومهيجةً له ، قائلةً :
ثار التفگ وسمـع إندابـه * ودخـاتنه مثـل الضبـابـة
نخوا ويـن فگاك الطلابـة * يـواحد او يـا راعي المهابة
يمـاضي ولا ينشد اصوابه * يصنديد يا وكفة أصحابه (1)
354 الفتلاويّة الكوفيّة
مجاهدة ، شاعرة باللهجة العاميّة العراقيّة ، شاركت في ثورة العشرين .
فعندما أغرق الثوار الباخرة ( فايرا فلاي ) خرجت هذه المرأة تُحيي الثوار قائلةً :
فزعت زلمنـة ازغـار وكبـار * حيـادة ولا تتحمّــل العــار
واجينـة طـبك جـار وبخـار * وبـالـرستميّـة وجـة النـار
اواجينه ابطرك شومي اومكوار * والفـزع جـانه اشلـون جرّار
والجيش ظـل بـالليل محتـار * ومن كـل جبيلة صـار ينغـار
ومحد يخاف الطوب لـو ثـار * فتنه او رمينه المدفع احجار (2)
____________
1 ـ معلومات ومشاهدات في الثورة العراقيّة الكبرى ( شاعرات في ثورة العشرين ) : 354 .
2 ـ معلومات ومشاهدات في الثورة العراقيّة الكبرى ( شاعرات في ثورة العشرين ) : 355 ـ 356 .
(703)
355 فطيمة الظالميّة
فطيمة آل علي ، من عشيرة الظوالم .
مجاهدة ، شاعرة باللهجة العاميّة العراقيّة ، حضرت بعض وقائع ثورة العشرين .
ينقل لنا علي الخاقاني في مقالة ( شاعرات في ثورة العشرين ) موقفاً بطولياً لهذه المرأة ، يدلّ
على عمق ايمانها واستعدادها للتضحية ، قال :
عندما خرج أخوها وابنها إلى ساحة المعركة في ( جسر السوير ) ، ومضت مدّة عليهما ، ثم
رجع أخوها ، فسألته عن ولدها ، أجابها : « چن لا هزيتي او لوليتي » .
فأجابته مفتخرةً بذلك « هزّيت اولويت الهذا » ، تُشير إلى أنّها ولدته وعانت في تربيته
للحصول على أداء واجبه الديني لهذا اليوم الذي قارع فيه الانكليز (1) .
356 فطيمة الظالميّة
فطيمة بنت گاطع الظالميّة ، من عشائر الظوالم .
مجاهدة ، شاعرة باللهجة العاميّة العراقيّة ، حضرت بعض وقائع ثورة العشرين المباركة .
فعندما قتل ولدها الثاني بالعارضيات الثانية ، واسمه ( جبر ) ، وقفت عليه ترثيه بقولها :
شلتـك ابطنــي تسعـه اصحــاح * او حفظتك امن أچله او شمس ضحضاح
المـابـين گـومـك گمـر وضّـاح * أشـرگ علـى أرض المعـركـة اولاح
اتطـارد السـوجـر أهـل الأرمـاح * ابيــوم الحـرايـب تــخطف ارواح
بـالعـارضيـات اوهــل ابطــاح * شيّــال راسـي ابيــوم الصيــاح
تـعب التعبتـه اويــاك مــا راح * يــا ريــع چبـد امّــك يسبّــاح
وأردفت تقول مستمرة بهياجها ورثائها وافتخارها بفلذة كبدها :
____________
1 ـ معلومات ومشاهدات في الثورة العراقيّة الكبرى ( شاعرات في ثورة العشرين ) : 376 .
(704)
عفية اولدي شيّال همـي * يا بعد ابوي او بعـد عمّي
يـا نفل يـمهتلف ينشمي * غذّيتك ابـروحي او دمّي
حيّه او بيك افرزت سمّي * ردّتـك اگلوب اعداك تدمي
واعيونهم تدعيها تهمـي * للمعركـة خطّيت جـدمي
شفتك على التربان مرمي * وابچتلك گـوّيت عـزمي
ثم استمرت تواصل رثاءها له بلهجة تجمع العاطفة والروح الثوريّة ، فتقول :
عفيـه اولدي شيّـال راسي
يلما تهـد عـزمه الرواسي
وبحومته طابور أغاسي (1)
357 قمر بنت عبد
وقيل قمري ، وهي اُم وهب بنت عبد ، زوجة عبدالله بن عمير ، الشهيد بأرض الطف يوم
عاشوراء مع سيّد شباب أهل الجنّة الإمام الحسين عليه السلام .
حضرت مع زوجها معركة الطف وشجّعته على نصرة الحسين عليه السلام ، وقالت له حينما أخبرها
بعزمه على نصره الحسين عليه السلام : أصبتَ أصاب الله بك وأرشد اُمورك إفعل وأخرجني معك .
قال الطبري في تاريخه : نزل الكوفة عبدالله بن عمير من بني عُليم ، واتخذ بئر الجعد داراً ،
وكانت معه امرأة له من النمر بن قاسط يقال لها : اُم وهب بنت عبد ، فرأى القوم بالنخيلة
يعرضون ليسرحوا إلى الحسين ، قال : فسأل عنهم ، فقيل له : يسرحون إلى الحسين بن فاطمة
بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .
فقال : والله كنتُ على جهاد أهل الشرك حريصاً ، وإنّي لأرجو ألا يكون جهاد هؤلاء
الذين يغرّون ابن بنت نبيّهم أيسر ثواباً عند الله من ثوابه إياي في جهاد المشركين .
____________
1 ـ معلومات ومشاهدات في الثورة العراقيّة الكبرى ( شاعرات في ثورة العشرين ) : 359 .
(705)
فدخل إلى امرأته اُم وهب فأخبرها بما سمع وأعلمها بما يريد ، فقالت : أصبتَ أصاب الله
بك ، وأرشد اُمورك إفعل وأخرجني معك .
فخرج بها ليلاً حتى أتى حسيناً فأقام معه ، فلمّا دنا منه عمر بن سعد ورمى بسهم ارتمى
الناس ، فلمّا ارتموا خرج يسار مولى زياد بن أبي سفيان وسالم مولى عبيدالله بن زياد فقالا : مَن
يبارز ليخرج إلينا بعضكم ، فوثب حبيب بن مظاهر وبرير بن خضير فقال لهما الحسين :
« اجلسا » .
فقام عبدالله بن عمير الكلبي فقال : أبا عبدالله رحمك الله إئذن لي فلأخرج إليهما ، فرأى
الحسين رجلاً أدم طويلاً شديد الساعدين بعيد ما بين المنكبين ، فقال الحسين : « إنّي لأحسبه
للأقران مثالاً ، اُخرج إن شئت » .
فخرج إليهما ، فقالا له : من أنت ؟ فانتسب لهما ، فقالا : لا نعرفك ليخرج إلينا زهير بن القين
أو حبيب بن مظاهر أو برير بن خضير .
فقال لهما الكلبي : يا ابن الزانية وبك رغبة عن مبارزة أحد من الناس ويخرج إليك أحد من
الناس وهو خير منك ، ثم شدّ عليه فضربه بسيفه حتى برد ، فإنّه لمشتغل به يضربه بسيفه إذ
شد عليه سالم ، فصاح الناس به قد رهقك العبد ، فلم يبأبه له حتى غشيه فبدره الضربه فاتّقاه
الكلبي بيده اليسرى فأطار أصابع كفّه اليسرى ، ثم مال عليه الكلبي فضربه حتى قتله ، وأقبل
الكلبي مرتجزاً وهو يقول وقد قتلهما جميعاً :
إن تُنكروني فأنا ابن كلـبِ * حسبي بيتي في عُليم حسبِي
إنّي امرءٌ ذو مرة وعصبِ * ولستُ بـالخوارِ عندَ النكبِ
إنـي زعيـمٌ لك أُمُ وهـبِ
بالطعنِ فيهم مقبلاً والضربِ
ضربُ غلامٍ مؤمنٍ بالـربِ
فأخذت اُم وهب وهي امرأته عموداً ، ثم أقبلت نحو زوجها تقول له : فداك أبي و اُمي قاتل
دون الطيبين ذرية محمّد ، فأقبل إليها يردّها نحو النساء ، فأخذت تجاذب ثوبه ثم قالت : إنّي لن
(706)
أدعكَ دون أن أموت معك ، فناداها الحسين فقال : « جُزيتم من أهل بيت خيراً ، ارجعي
يرحمك الله إلى النساء فاجلسي معهن ، فإنّه ليس على النساء قتال » ، فانصرفت إليهن .
ثم خرجت اُم وهب تمشي إلى زوجها ـ بعد أن قُتل ـ حتى جلست عند رأسه تمسح عنه
التراب وتقول : هنيئاً لك الجنة ، فقال شمر بن ذي الجوشن لغلام يسمّى رستم : أضرب رأسها
بالعمود ، فضرب رأسها فشدخه فماتت مكانها .
ولا يخفى عليك عزيزي القارىَ أنّ هناك امرأة اُخرى تكنّى باُم وهب ، وهي اُم وهب ابن
حباب الكلبي حضرت معركة الطف في كربلاء مع ولدها ، واشتبه الأمر على بعض فعدّها
واحدة (1) .
358 قنواء الهَجَري
قنواء بنت رشيد الهَجَري .
محدّثة ، عدّها البرقي في رجاله من اللواتي رويْنَ الحديث عن الإمام الصادق أبي
عبدالله عليه السلام (2) .
وذكرها الشيخ الطوسي في رجاله ضمن أصحاب الإمام الصادق عليه السلام (3) .
روت عن أبي ها عن أمير المؤمنين عليه السلام ، وروى عنها أبوحيّان الجبلي .
ففي رجال الكشي ( إختيار معرفة الرجال ) : حدّثني أبوأحمد ونسختُ من خطّه ، حدّثني
محمّد بن عبدالله بن مهران قال : حدّثني محمّد بن علي الصيرفي ، عن علي بن محمّد ابن عبدالله
الحنّاط ، عن وهيب بن حفص الجريري ، عن أبي حيّان البجلي ، عن قنواء بنت رشيد
الهجري ، قال : قلت لها : أخبريني ما سمعتِ من أبيك ؟
____________
1 ـ انظر : أعيان الشيعة 3 : 482 ، رياحين الشريعة 3 : 30 ، تأريخ الطبري 5 : 429 ، الكامل في التأريخ 4 : 69 ،
البداية والنهاية 8 : 181 ، أعلام النساء 5 : 290 .
2 ـ رجال البرقي : 62 .
3 ـ رجال الشيخ الطوسي : 341 .
(707)
قالت : سمعتُ أبي يقول : أخبرني أمير المؤمنين صلوات الله عليه : فقال : « يا رشيد كيف
صَبرك إذا أرسلَ إليكَ دعي بني اُميّة فقطع يديك ورجليك ولسانك » ؟
قلت : يا أمير المؤمنين آخر ذلك الجنّة ؟
فقال : « يا رشيد أنتَ معي في الدنيا والآخرة » .
قالت : فوالله ما ذهبت الأيام حتى أرسل إليه عبيدالله بن زياد الدعي ، فدعاه إلى البراءة
من أمير المؤمنين عليه السلام ، فأبى أن يبرأ منه .
فقال له الدعي : فبأيّ ميتة قال لكَ تموت ؟
فقال له : أخبرني خليلي أنّكَ تدعوني إلى البراءة منه فلا أبرأ ، فتقدّمني فتقطع يديّ
ورجليّ ولساني .
فقال : والله لأكذّبن قوله فيك ، فقدّموه فقطعوا يديه ورجليه ، وتركوا لسانه ، فحملتُ
أطراف يديه ورجليه فقلت : يا أبتَ هل تجد ألماً ممّا أصابك ؟
فقال : لا يا بنيّة إلاّ كالزحام بين الناس ، فلمّا احتملناه وأخرجناه من القصر ، اجتمع
الناس حوله ، فقال : آتوني بصحيفة ودواة أكتب لكم ما يكون إلى يوم الساعة ، فأرسل إليه
الحجّام حتى قطع لسانه ، فمات رحمة الله عليه في ليلته .
قال : وكان أمير المؤمنين عليه السلام يسمّيه رشيد البلايا ، وقد كان ألقى إليه علم البلايا
والمنايا ، فكان في حياته إذا لقي الرجل قال له : يا فلان أنت تموت بميتة كذا ، وتقتل أنت يا فلان
بقتلة كذا ، فيكون كما يقول رشيد .
وكان أمير المؤمنين عليه السلام يقول : « أنت رشيد البلايا » ـ أي تقتل بهذه القتلة ـ وكان كما قال
أمير المؤمنين عليه السلام (1) .
وروى أيضاً عن جبرئيل بن أحمد ، قال : حدّثني محمّد بن عبدالله بن مهران ، قال : حدّثني
أحمد بن النضر ، عن عبدالله بن يزيد الأسدي ، عن فضيل بن الزبير ، قال : خرج
____________
1 ـ رجال الكشي ( إختيار معرفة الرجال ) : 75 .
(708)
أميرالمؤمنين صلوات الله عليه يوماً إلى بستان البرني ومعه أصحابه ، فجلس تحت نخلة ، ثم
أمر بنخلة فلقطت ، فاُنزل منها رطب ، فوضع بين أيديهم فأكلوا ، فقال رشيد الهجري : يا
أميرالمؤمنين ما أطيب الرطب!
فقال عليه السلام : « يا رشيد أما إنّك تصلب على جذعها » .
فقال رشيد : فكنتُ أختلف إليها طرفي النهار أسقيها ، ومضى أمير المؤمنين صلوات الله
عليه ، قال : فجئتها يوماً وقد قطع سعفها ، قلتُ : اقترب أجلي .
ثم جئت يوماً فجاء العريف فقال : أجب الأمير ، فأتيته ، فلمّا دخلت القصر فإذا بخشب
ملقى ، ثم جئت يوماً آخر فإذا النصف الآخر قد جعل زرنوقاً يستقى عليه الماء ، فقلت : ما
كذّبني خليلي ، فأتاني العريف فقال : أجب الأمير ، فأتيته ، فلمّا دخلتُ القصرَ فإذا الخشب
ملقى وإذا فيه الزرنوق ، فجئت حتى ضربت الزرنوق برجلي ثم قلت : لك غذّيت ولي أنبت .
ثم اُدخلتُ على عبيدالله بن زياد فقال : هات من كذب صاحبك .
فقلت : والله ما أنا بكذّاب ولا هو ، ولقد أخبرني أنّك تقطع يديّ ورجليّ ولساني .
قال : إذاً والله نُكذّبه !!! إقطعوا يديه ورجليه وأخرجوه ، فلمّا حُمل إلى أهله أقبل يحدّث
الناس بالعظائم وهو يقول : أيّها الناس سلوني فإنّ للقوم عندي طلبة لم يقضوها ، فدخلَ رجل
على ابن زياد فقال له : ما صنعتَ ؟! قطعت يديه ورجليه وهو يُحدّث الناس بالعظائم ، وقال :
فأرسل ردّوه وقد انتهى إلى بابه ، فردّوه فأمر بقطع يديه ورجليه ولسانه وأمر بصلبه (1) .
وقال المامقاني : وقد رجّحنا في ترجمة أبيها في ذيل رواية رواها وثاقتها ، فلاحظ
وتدبّر (2) .
____________
1 ـ المصدر السابق .
2 ـ تنقيح المقال 3 : 82 . وانظر : مجمع الرجال 7 : 178 ، نقد الرجال : 413 ، جامع الرواة 2 : 458 ، رياحين الشريعة 5 : 40 ، معجم رجال الحديث 7 : 190 ، و 23 : 198 .
(709)
359 كبشة
اُم سليمان ، مولاة الإمام الحسين عليه السلام .
كانت رحمها الله عالمة ، فاضلة ، من ربّات البر والإحسان ، اشتراها الحسين عليه السلام بألف
درهم ، وكانت في بيت اُم إسحاق بنت طلحة بن عبيدالله التيميّة زوجة الحسين عليه السلام ، تزوّجها
أبورزين فولدت منه سليمان ، فهو مولى الحسين عليه السلام ، وله ذكر في الناحية وهو : السلام على
سليمان مولى الحسين .
وسليمان هذا هو الذي أرسله الإمام الحسين عليه السلام بكتب إلى رؤساء الأخماس والأشراف
بالبصرة حين كان بمكة ، كما ذكره أرباب المقاتل والسِير ، فجاء بالكتاب بنسخة واحدة إلى
جيمع أشرافها ، فكلّ من قرأ ذلك الكتاب كتمه إلاّ منذر بن الجارود ، فإنّه خشي بزعمه أن
يكون دسيساً من قبل عبيدالله بن زياد ، فأخذ الكتاب والرسول فقدّمهما إلى عبيدالله بن
زياد ، فلمّا قرأ الكتاب قدّم الرسول وأمر بضرب عنقه .
وأما اُمّه كبشة فقد جاءت مع الإمام الحسين عليه السلام إلى كربلاء ، وشاهدت كلّ ما جرى على
آل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من مصائب ورزايا ، وصبرت واحتسبت ذلك في سبيل الله (1) .
360 كلثم
راوية من راويات الحديث .
عدّها البرقي في رجاله من الراويات عن أبي الحسن الثالث عليه السلام (2) .
361 كلثم الكرخيّة
راوية من راويات الحديث ، روت عن الإمام أبي الحسن الثالث الإمام الهادي عليه السلام .
____________
1 ـ أعيان النساء : 543 نقلاً عن معالي السبطين في أحوال الحسن والحسين عليهما السلام للشيخ محمّد مهدي الحائري .
2 ـ رجال البرقي : 62 ، معجم رجال الحديث 23 : 198 .
(710)
وروى عنها أبو عبدالرحمان أحمد بن داود الشعيري البغدادي من أصحاب
الهادي عليه السلام (1) .
عدّها البرقي من الراويات عن أبي الحسن الثالث عليه السلام (2) .
وكذا الشيخ الطوسي في رجاله عدّها من الصحابيات له (3) .
وقال المامقاني في تنقيح المقال : والظاهر كونها إماميّة ، إلاّ أنّي لم أقف على ما يدرجها في
الحسان (4) .
362 كلثم
كلثم بنت يوسف بن عمران بن ميثم .
راوية من راويات الحديث .
عدّها البرقي في رجاله من الراويات عن أبي عبدالله عليه السلام (5) .
363 كلثوم
كلثوم بنت سليم ، وقيل : كلثم .
راوية من راويات الحديث .
روت عن الإمام الرضا عليه السلام ، وروى عنها محمّد بن اسماعيل بن بزيع .
قال النجاشي رحمه الله في رجاله : روت عن الرضا كتاباً ، أخبرنا علي بن أحمد قال : حدّثنا محمّد
بن الحسن ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن اسماعيل بن بزيع عنها
____________
1 ـ رجال ابن داود : 224 ، مجمع المقال 7 : 178 ، منهج المقال : 400 ، نقد الرجال : 413 ، جامع الرواة 2 : 458 ، رياحين الشريعة 5 : 45 ، معجم رجال الحديث 23 : 199 .
2 ـ رجال البرقي : 62 .
3 ـ رجال الشيخ : 427 .
4 ـ تنقيح المقال 3 : 83 .
5 ـ رجال البرقي : 62 ، معجم رجال الحديث 23 : 198 .
(711)
بالكتاب (1) .
وقال الشيخ الطهراني في الذريعة : « كتاب الحديث » لكلثم بنت سليم ، روت عن
الرضا . . . (2)
وقال المامقاني في تنقيح المقال : والظاهر كونّها إماميّة ، ولم أقف على مدح لها يدرجها في
الحسان (3) .
وقال ابن داود في رجاله القسم الثاني من أسماء الرجال : كلثوم بن سليم ( كش ) (4) .
وهو خطأ واضح ، إذ لا وجود لكلثوم بن سليم في رجال الكشي ولا النجاشي . وإنّما
الموجود كلثوم بنت سليم ، فنراه أبدل البنت ابناً ، و « جش » بـ « كش » .
364 كوچك خان التركمانيّة
كوچك خان بنت محمّد بيگ بن محب علي بيگ التركمانيّة ، وزوجة محمّد زمان خان
القاجاري ، لُقّبت بـ « تاج الدولة » .
أديبة ، شاعرة ، ذات ذوق شعري سليم ، لها شعر فارسي كثير مذكور في الكتب الأدبيّة ،
مدحت أهل البيت عليهم السلام في قصائد رائعة (5) .
365 لبابة الهلاليّة
لبابة بنت الحارث بن حزن بن بجير الهلاليّة .
راوية من راويات الحديث ، عدّها الشيخ الطوسي في رجاله من أصحاب رسول
____________
1 ـ رجال النجاشي : 319 رقم 874 .
2 ـ الذريعة 6 : 359 رقم 2185 .
3 ـ تنقيح المقال 3 : 82 . وانظر : مجمع الرجال 7 : 178 ، نقد الرجال : 414 ، جامع الرواة 2 : 459 ، رياحين الشريعة 5 : 46 ، معجم رجال الحديث 23 : 199 .
4 ـ رجال ابن داود : 288 .
5 ـ زنان سخنور 1 | 189 .
(712)
الله صلى الله عليه وآله وسلم (1) .
وقال عمر رضا كحالة في أعلام النساء نقلاً عن طبقات الأولياء لابن حبّان : روت عن
الحسن بن علي ، وروى عنها يونس بن أبي اللحاق (2) .
وقال المامقاني في تنقيح المقال : هي زوجة العباس بن عبدالمطلب ، ووالدة الفضل ،
وعبدالله ، ومعبد ، وعبدالله ، وقثم ، وعبدالرحمان ، وغيرهم من بني العباس .
وهي لبابة الكبرى اُخت ميمونة زوجة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، وخالة خالد بن الوليد .
ويقال : إنّ لبابة أوّل امرأة أسلمت بعد خديجة ، وكان النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم يزورها ويُقيل عندها ،
وكانت من المنجبات ولدت للعباس ستة رجال لم تلد امرأة مثلهم ، وإنّي اعتبرها من
الحسان (3)
366 ليلى الثقفيّة
ليلى بنت أبي مرّة عروة بن مسعود الثقفي .
اُمّها ميمونة بنت أبي سفيان بن حرب .
وهي زوجة سيّد الشهداء الإمام الحسين سلام الله عليه ، و اُم ولده علي الأكبر الشهيد مع
والده بأرض كربلاء (4) .
كانت هذه المرأة جليلة القدر عظيمة المنزلة ، شاركت آل البيت عليهم السلام أحزانهم ، حيث كانت
حاضرة واقعة الطف ، تنظر لولدها وزوجها يذبحان ، وهي محتسبة ذلك في سبيل الله تعالى .
____________
1 ـ رجال الشيخ : 33 .
2 ـ أعلام النساء 4 : 271 .
3 ـ تنقيح المقال 3 : 73 . وانظر : مجمع الرجال 7 : 182 ، منهج المقال : 400 ، نقد الرجال : 412 ، جامع الرواة 2 :
456 ، أعيان الشيعة 3 : 483 ، رياحين الشريعة 3 : 428 ، معجم رجال الحديث 23 : 179 و199 .
4 ـ جمهرة أنساب العرب : 267 ، الإصابة 4 : 178 ، كشف الغمة : 187 ، أعلام النساء 4 : 337
(713)
قال محمّد علي عابدين في كتابه « علي بن الحسين الأكبر عليه السلام » : أما والدته فهي السيّدة ليلى
الثقفية ، وهي عربيّة الأصل كما يوحي نسبها إلى بني ثقيف ، ذات الشهرة والصيت الذائع في
الطائف وكلّ بقاع الأرض العربية .
السيّدة ليلى هذه نالت من الإيمان والحظوة لدى الله سبحانه وتعالى ، بحيث وُفّقت لأن
تكون مع نساء أهل بيت النبوة تعيش أجواء التُقى والإيمان ، وتعيش آلام آل الرسول
وآمالهم ، وتشاطر الطاهرات أفراحهنّ وأتراحهنّ ، وقد ظفرتْ بتوفيق كبير آخر حيث
أضحت وعاءً لأشبه النساء طرّاً برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .
فهي امرأة رشيدة ، جليلة القدر ، سامية المنزلة ، عاليّة المكانة ، رفيعة الشرف في الأوساط
الإجتماعيّة ، كيف لا وهي زوجة سبط سيّد المرسلين وسيّد شباب أهل الجنة أبي عبدالله
الحسين عليه السلام .
ونرى من الضروي التحدّث عن أبيها عروة بن مسعود الثقفي ، وعن والدتها .
فوالدتها هي ميمونة بنت سفيان بن حرب بن اُميّة ، أي أنّ أباسفان يُعدّ جداً لليلى ، بيد أنّ
شوائب اُميّة لم تمسّ من ليلى أو تؤثّر بقدر تأثير العنصر العربي الثقفي فيها ، ونسبتها هذه لبني
اُميّة كانت مسوغاً للجيش الأموي بكربلاء كيما يستميل علي الأكبر إلى جهته باُسلوب
مضحك هزيل ، وبمجادلة فاشلة .
ومن المعروف جيّداً مبلغ المعاناة من جراء جهل أهل الطائف لهذا الداعيّة المحررّ ، فقد عاد
النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم من الطائف وهو متعب ومخضب بالدم ، فلم يستجب لدعوته أحد قط ، سوى رجل
واحد تبع أثره ولحق به ولا يعرف غيره ، ثم أنّه اتّصل به فأسلم وحسن اسلامه ، ذلك هو
قطب ثقيف والد السيّدة ليلى ، التي لا يُعرف ما إذا كانت مولودة أو غير مولودة في تلك الفتره ،
إنّه عروة بن مسعود بن معتب بن مالك بن كعب بن عمرو بن سعد بن عوف بن ثقيف ، شهد
صلح الحديبية .
فعروة زعيم من زعماء العرب ، وسيّد من سادة قومه ، فأحسن السيادة ، وهو رابع أربعة
من العرب سادوا قومهم كما ورد عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم قوله حول عروة والثلاثة الآخرون :
(714)
« أربعة سادة في الإسلام : بشير بن هلال العبدي ، وعدي بن حاتم ،
وسراقة بن مالك المدلجي ، وعروة بن مسعود الثقفي » .
أسلم في السنة التاسعة من الهجرة ، وقتل أثناء إعلانه دينه ودعوته .
وعليه فقد كانت أوّل نكبة أصابت قلب ليلى هي هذه الحادثة الشديدة الوقع على الفتيات
اللواتي يصعب عليهن الإسنغناء عن حنان الاُبوة ، ثم توالت عليها النكبات بعد أن راحت
تعيش أجواء بيت النبوّة والرسالة ، حتى ختمت حياتها وهي صابرة صامدة محتسبة ، قد
تحمّلت ألوان الأسى والألم ، وقدّمت لرسالة الإسلام ما أنجبت من صالحين وطاهرين .
أجلّ تلك هي ليلى الثقفيّة والدة علي الأكبر ، التي لم تستمد كرامتها ومنزلتها من أبيها ، وإنّما
استمدت رقيّها من تقواها وانتمائها وانتسابها للإسرة المحمديّة المقدّسة ، ولارتباطها الوشيج
بشخص الإمام العظيم أبي عبدالله الحسين عليه السلام ، وكفاها بذلك فخراً حين تفتخر (1) .
ليلى
ليلى بنت حسّان بن ثابت .
فاضلة ، أديبة ، ذات عقل ووقار ، ورثت من أبيها حسّان الفصاحة والشعر ، أنشأ أبوها
يوماً :
مشاريك أدبار الاُمور إذا اعترت * تَركـا واجتثثنا الفـروع اُصولها
فأتمّت ليلى شعره بهذا الإتمام الشافي وقالت :
مقاويل بالمعروف خرس عن الخنا * كـرام يُعاطـون العشيرة سؤلها
فارتاع حسّان لشعرها وأنشأ يقول :
وقافيةٌ مثـلُ السنـان رزيـنةٌ * تناولتْ مِن جَوّ السماء نـزولها
____________
1 ـ علي بن الحسين الأكبر عليه السلام : 19 . وانظر : تأريخ الطبري 5 : 446 ، الكامل في التأريخ 4 : 74 ، البداية والنهاية
8 : 185 ، مقاتل الطالبيين : 80 ، الفصول المهمة : 197 ، مقتل الحسين للخوارزمي 2 : 30 ، تنقيح المقال 3 : 74 ،
رياحين الشريعة 3 : 295 .