قالت : أكنتَ بايعته ؟
قال : قلتُ : نعم .
قالت : فارجع إليه فكن معه ، فوالله ما ضلّ ولا ضلّ به (1) .
وممّا يدلّ على عظم إيمانها وعلوّ درجتها أنّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم مدحها وعبّر عنها وعن غيرها بالأخوات المؤمنات :
ففي الطبقات الكبرى قال ابن سعد : أخبرنا سعيد بن منصور ، حدّثنا عبدالعزيز بن محمّد ، عن ابراهيم بن عقبة ، عن كريب ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « الأخوات مؤمنات : ميمونة ، و اُم الفضل ، وأسماء » (2) .
وروى الحاكم النيسابوري في المستدرك قال : حدّثنا أبوجعفر محمّد بن صالح بن هاني ، حدّثنا يحيى بن محمّد بن يحيى الشهيد رحمه الله ، حدّثنا عبدالله بن عبدالوهاب الحجبي ، حدّثنا عبدالعزيز الدراوردي ، وأخبرنا ابراهيم بن عقبة بن كريب ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :
« الأخوات مؤمنات : ميمونة زوج النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، واُختها اُم الفضل بنت الحارث ، واُختها سلمى بنت الحارث إمرأة حمزة ، وأسماء بنت عميس اُختهن لاُمهن » (3) .



وتقول عائشة : إنّ ميمونة كانت من أتقانا لله عزّ وجل ، وأوصلنا للرحم .
روى الحاكم النيسابوري قال : حدّثنا عبدالله بن الحسين القاضي بمرو ، حدّثنا الحارث ابن أبي اُسامة ، حدّثنا كثير بن هشام . قال جعفر بن برقان : حدّثنا يزيد بن الأصم ابن اُخت ميمونة قال : تلقيتُ عائشة وهي مقبلة من مكّة أنا وابن لطلحة بن عبيدالله وهو ابن اختها ،
____________
1 ـ المستدرك على الصحيحين 4 : 30 .
2 ـ الطبقات الكبرى 8 : 132 .
3 ـ المستدرك على الصحيحين 4 : 30 .

(731)

وقد كنا وقعنا في حائط من حيطان المدينة فأصبنا منه ، فبلغها ذلك ، فأقبلت على ابن اُختها تلومه وتعذّله ، وأقبلت عليّ فوعظتني موعظة بليغة ثم قالت :
أما علمتَ أنّ الله تعالى ساقكَ حتى جعلك في أهل بيت نبيّه ، ذهبت والله ميمونة ورمى برسنك على غاربك ، أما أنّها كانت من أتقانا لله عزّوجل وأوصلنا للرحم (1) .
وتوفّيت ميمونة رحمها الله سنة احدى وستين ، روى ذلك ابن سعد في الطبقات والحاكم في المستدرك عن بن عمر ، قال : توفيّت سنة احدى وستين في خلافة يزيد بن معاوية ، وهي آخر من مات من أزواج النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، وكان لها يوم توفيّت ثمانون أو احدى وثمانون سنة ، وكانت جلدة (2) .
وقال المامقاني : توفيت سنة إحدى وخمسين ، وقيل ثلاث وستين عام الحرّة ، وصلّى عليها ابن اُختها ابن عباس (3) .

386 ناجية النجفيّة
فاضلة ، جليلة ، عارفة ، كاملة ، أديبة ، شاعرة ، كثيرة النظم ، لها التضلّع الكامل في الأدب الفارسي .
كانت تقيم في مدينة النجف الأشرف ، وتتخلّص في شعرها بـ « رازيّة » سافرت إلى مدينة مشهد المقدّسة لزيارة الإمام الرضا عليه السلام ، وذلك في عهد ولاية الميرزا سعيد خان « مؤتمن
____________
1 ـ المستدرك على الصحيحين 4 : 30 .
2 ـ الطبقات الكبرى 8 : 132 ، المستدرك على الصحيحين 4 : 30 .
3 ـ تنقيح المقال 3 : 83 . وانظر ترجمتها في : اُسد الغابة 5 : 55 ، أعيان الشيعة 10 : 199 ، الإصابة 4 : 411 ، الأعلام للزركلي 7 : 342 ، البداية والنهاية 8 : 58 ، الخصال : 419 ، السيرة النبوية لابن كثير 3 : 439 ، الكاشف 3 : 435 ، الكامل في التأريخ 3 : 489 ، تقريب التهذيب 2 : 614 ، تنقيح المقال 3 : 83 ، تهذيب التهذيب 12 : 480 ، جامع الرواة 2 : 459 ، رجال الشيخ : 32 ، شذرات الذهب 1 : 58 ، الطبقات الكبرى 8 : 132 ، مجمع الرجال 7 : 179 ، مرآة الجنان 1 : 125 ، معجم رجال الحديث 23 : 200 ، من لا يحضره الفقيه 1 : 54 ، منهج المقال : 400 ، نقد الرجال : 414 .

(732)

الملك » ابن الميرزا سليمان شيخ الإسلام الأنصاري ، وهناك قالت قصائدها المعروفة بـ « قصائد الأعياد » ، التي تقع في ثلاثمائة بيت :
الاُولى : في مدح ثامن الأئمة الإمام الرضا عليه السلام .
الثانية : في التهنئة بعيد الغدير .
الثالثة : في التهنئة بعيد الأضحى .
الرابعة : في التهنئة بعيد النوروز .
ثم عادت إلى مدينة النجف الأشرف وتوفّيت فيها بعد سنة 1232هـ .
لها ديوان شعر فارسي مطبوع (1) .

387 نرگس القزوينيّة
نرگس بنت الشيخ محمّد صالح ابن الشيخ الملاّ محمّد الملائكة ابن الشيخ محمّد تقي ابن الشيخ محمّد جعفر ابن الشيخ محمّد كاظم البرغاني القزويني .
ولدت حدود سنة 1240هـ ، وتوفّيت في كربلاء حدود سنة 1322هـ .
من ربّات الذكاء والفطنة وسعة الادراك ، مُحدّثة ، عالمة ، مُتفقّهة ، بصيرة بالكلام ، حافظة للقرآن الكريم ، عالمة بتفسيره وتأويله ، عابدة ، من الناسكات الزاهدات .
أخذت النحو والصرف والمنطق والعلوم العربية وفنون الأدب عن اُختها قرّة العين ، ثم تخرّجت في الفقه والاُصول والتفسير على والدها الشيخ محمّد صالح البرغاني المتوفى سنة 1271هـ وعمّها الشهيد الثالث المستشهد سنة 1263هـ ، وأخذت العرفان وسائر العلوم عن عمّها الآخر الشيخ الملاّ علي البرغاني ، والفلسفة عن الآخوند الشيخ الملا آغا الحكمي القزويني وأخيها الشيخ الميرزا عبدالوهاب البرغاني .
ولمّا بلغت سنّ الرشد تزوّجت ابن عمّها الشيخ جعفر ابن الشهيد الثالث ، ثم هاجرت مع
____________
1 ـ أعيان الشيعة 10 : 199 ، رجال ايران 2 : 66 ، لغت نامه 28 : 524 ، معجم رجال الفكر والأدب في النجف الأشرف 2 : 587 .
(733)

زوجها إلى مدينة كربلاء المقدّسة ، وتصدّرت للتدريس والوعظ والارشاد ، وفي أواخر عمرها انقطعت للرياضة النفسية ، والتبتّل والعبادة ، حتى توفيّت في كربلاء ، ودُفنت في الرواق الشرقي من قبر السيد كاظم الرشتي (1) .

388 نَسْمة كاشف الغطاء
نَسْمة بنت الشيخ جعفر كاشف الغطاء ، وزوجة الشيخ محمد تقي مسجد شاهي ، و اُم الشيخ محمدباقر .
عالمة ، فاضلة ، زاهدة ، توفيّت حدود سنة 1295هـ ، ودفنت في أصفهان (2) .

389 نَسيبة الأنصاريّة
نسيبة بنت الحارث الأنصاريّة ، تكنّى باُم عطيّة .
من فواضل نساء الصحابة ، شهدت بيعة العقبة مع اختها واثنين وستين رجلاً ، وشهدت بيعة الرضوان أيضاً .
وهي راوية من الراويات ، روت عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، وعن عمر بن الخطاب .
وروى عنها أنس بن مالك ، ومحمّد بن سيرين ، وعبدالله بن عمير ، واسماعيل بن عبدالرحمان بن عطيّة ، وعلي بن الأرقم ، و اُم شراحيل ، وحفصة بنت سيرين .
كانت تغزو كثيراً مع الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، فتداوي الجرحى وتمرّض المرضى .
وقيل : إنّها شهدت غسل بنت النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، ومن المعلوم أنّ فاطمة الزهراء عليها السلام غسّلها علي بن أبي طالب سلام الله عليه ، ولم تحضرها إمرأة غريبة (3) .
____________
1 ـ مستدركات أعيان الشيعة 4 : 212 نقلاً عن الاُستاذ عبدالحسين الصالحي في كتابه المخطوط رياحين الشيعة .
2 ـ تذكرة القبور : 37 ، رجال أصفهان : 73 .
3 ـ انظر : الإستيعاب ( المطبوع مع الإصابة ) 4 : 417 ، اُسد الغابة 5 : 554 و 603 ، الإصابة 4 : 418 ، تهذيب التهذيب 12 : 482 ، أعلام النساء 5 : 171 .

(734)

390 نَسيبة الأنصاريّة
نسيبة بنت كعب بن عمرو بن عوف بن عمرو بن مبدول بن عمرو بن مازن بن النجّار الأنصاريّة ، اُم عمارة ، مشهورة بكنيتها واسمها معاً .
قال ابن إسحاق في رماية يونس بن بكير وغيره عنه في بيعة العقبة الثانية : وكان من بني الخزرج اثنان وستون رجلاً وإمرأتان ، فيزعمون أنّ إمرأتين بايعتا النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، وكان لا يصافح النساء ، إنّما كان يأخذ عليهن ، فإذا أقررْن قال : « اذهبي » ، والمرأتان هما من بني مازن بن النجّار نسيبة واُختها ابنتا كعب .
وشاركت نسيبة في معركة اُحد ، قالت اُم سعيد بنت الربيع : قلتُ لها : حدّثيني يا خالة عن غزوة اُحد .
فقالت نسيبة : عندما خرج الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لاُحد خرجتُ معه حاملة قربة الماء أسقي أصحابه ، فعندما تفرّقوا عنه رميتُ القربة ، والتحقتُ به وهجمتُ على الأعداء تارة بالسيف ، واُخرى بالفأس ، حتى اُصيب بدني بجراحات كثيرة .
قالت اُم سعيد : رأيتُ على رقبتها جرح فسألتها : مَن الذي أصابك ؟
قالت : ابن قمية (1) .
وفي رياحين الشريعة نقلاً عن خصائص الفاطميّة : ص 243 : لقد جاهدت نسيبة حقّ الجهاد وقاتلت قتال الرجال ، ولم يُرَ مثلها في جميع الغزوات والسرايا ، وهي في جملة النساء اللواتي يُعالجن الجرحى في زمن دولة المهدي عجّل الله فرجه (2) .
وقد تقدّم في الترجمة التي قبل هذه ، أنّ التي شهدت بيعة العقبة هي نسيبة بنت الحارث الأنصاريّة ، والله أعلم .
____________
1 ـ الإصابة 4 : 418 .
2 ـ رياحين الشريعة 5 : 80 .

(735)

391 نسيم
خادمة الإمام أبي محمّد العسكري عليه السلام .
راوية للحديث ، روت عن الإمام الحجّة المنتظر عجّل الله تعالى فرجه الشريف ، بعد أن رأته ، وروى عنها السيّاري وابراهيم بن محمّد بن عبدالله ابن الإمام الكاظم عليه السلام .
روى الشيخ الصدوق رحمه الله في كمال الدين وتمام النعمة عن محمّد بن علي ماجيلويه وأحمد ابن محمّد بن يحيى العطّار رضي الله عنهما ، قالا : حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار ، قال : حدّثنا الحسين بن علي النيسابوري ، عن إبراهيم بن محمّد بن عبدالله بن موسى بن جعفر عليه السلام ، عن السيّاري قال : حدّثتني نسيم وماريّة قالتا :
إنّه سقط صاحب الزمان عليه السلام من بطن اُمّه جاثياً على ركبتيه رافعاً سبابته إلى السماء ، ثم عطس فقال : « الحمد لله ربّ العالمين ، وصلّى الله على محمّد وآله ، زعمتْ الظَلمة أنّ حجّة الله داحضة ، لو اُذن لنا في الكلام لزال الشك » .
قال ابراهيم بن محمّد بن عبدالله ، وحدّثتني نسيم خادم أبي عبدالله عليه السلام ، قالت : قال لي صاحب الزمان عليه السلام وقد دخلتُ عليه ليلة فعطستُ عنده فقال لي : « يرحمك الله » .
قالت نسيم : ففرحتُ بذلك ، فقال لي : « ألا اُبشّرك في العطاس ؟ » .
فقلتُ : بلى يامولاي .
فقال : « هو أمان من الموت ثلاثة أيام » (1) .
إلاّ أنّ الشيخ الطوسي رحمه الله روى ذلك في كتاب الغَيبة عن نسيم الخادم ، أي أنّه رجل وليس إمرأة . والله العالم (2) .
____________
1 ـ كمال الدين وتمام النعمة 2 : 430 حديث 5 باب ما روي في ميلاد القائم عجل الله فرجه الشريف .
2 ـ الغَيبة : 139 . وانظر معجم رجال الحديث للسيّد الخوئي 19 : 131 و 23 : 200 .

(736)

392 نشمية العارضيّة
نشمية بنت ثجيل العارضيّة ، من عشيرة البوعارضي من عشائر بني حِسن .
مجاهدة ، بطلة ، شاعرة باللهجة العاميّة ، لها مواقف بطوليّة في ثورة العشرين .
ففي منطقة الرستميّة التي دارت فيها معركة كبيرة بين الثّوار وقوّات الانگليز ، سمّيت بمعركة ( الرارنجيّة ) كاد الثوّار أن ينسحبوا ، وكاد شملهم أن يتبدّد؛ نتيجةً لضغط المدافع والرشاشات عليهم .
فعندئذٍ جاء دور المرأة العراقيّة البطلة لتقف موقفها المشرّف ، فقامت مجموعة من المجاهدات تتقدّمهن المترجم لها ، وقد نشرت شيلتها ( أي فوطتها ) وأخذت تلوّح بها وتناديهم بكلمات مثيرة للعزائم ، حيث قالت :
وين الحمل فاله او مگـوار * بيها يصد اجيوش الأشـرار
او ينجد اخوته الغدت طشّار * ومـن الصواجر يـاخذ الثار
ما ظن مثل هل معركة صار * بعـراگنه وبـجميع الأمصار
بـالرستميّـة وجّـرت نـار * كـل الگحمها اينـول شنيار
اتسولف ابفعلنه ازغار وكبار * واللي ايتخلّف يـحمل العـار
وعندما سمع المجاهدون صوتها ورأوها في وسط المعركة ، ثارت حميّتهم ، وجمّعوا قواهم وهجموا على العدو هجمة واحدة أدّت إلى انهزام الانگليز وانسحابهم من المعركة مخلّفين وراءهم عدداً كبيراً من القتلى (1) .

393 نصرت أمين الأصفهانيّة
عالمة ، فاضلة ، محدّثة ، فقيهة ، مجتهدة ، حكيمة ، عارفة ، مفسرّة للقرآن الكريم ، مؤلّفة .
____________
1 ـ معلومات ومشاهدات في الثورة العراقيّة الكبرى ( شاعرات في ثورة العشرين ) : 359 ـ 360 ، صحيفة الشهادة العدد 450 الصادر في ذي القعدة سنة 1412هـ .
(737)

شهد بفضلها وعلمها مراجع الدين ، وكبار العلماء في عصرها .
وفي هذه الوريقات القليلة نُحاول أن نُسلّط الضوء على أهم جوانب حياتها المباركة ، مع مراعاة الايجاز .

اسمها ونسبها واسرتها :
الاسم الصحيح لهذه العلويّة هو « نُصرت » ، كما سمّاها بذلك والدها ، وذكرتهُ هي في عدّة مواضع ، منها في إجازتها لتلميذتها السيّدة همايوني (1) .
وذكرها بهذا الاسم أيضاً عدد من الأعلام الذين مدحوها وأثنوا عليها ، منهم سماحة آية الله العظمى المرحوم المغفور له السيّد المرعشي النجفي (2) ، وغيره (3) .
إلاّ أنّها لم تُعرف بهذا الاسم ، بل عُرفت بأسماء وألقاب وكُنى متعدّدة ، أشهرها « أمينة » (4) غخ ، « الأمينيّة » (5) ، « بانو ايراني » (6) ـ أي سيّدة ايرانيّة ـ ، « اُم الفضل » أو « أم الفضائل » (7) ‌ .

والدها :
السيّد محمّد علي المعروف بـ « أمين التجّار » ابن السيّد حسن ابن السيّد محمّد ابن العلاّمة الزاهد السيّد معصوم الحسني الخاتون آبادي ابن السيّد عبدالحسين الخاتون آبادي مؤلّف
____________
1 ـ انظر إجازتها لها المدرجة في هذا الكتاب .
2 ـ الإجازة الكبيرة : 245 .
3 ـ انظر كتاب « بانوى مجتهد ايرانى » ، ويادنامه بانو مجتهد : 9 .
4 ـ المسلسلات في الاجازات 2 : 451 .
5 ـ انظر إجازتها للسيّد المرعشي النجفي المدرجة في هذا الكتاب .
6 ـ انظر اجازتها للسيّدة همايوني المدرجة في هذا الكتاب ، ويادنامه بانو مجتهد : 9 .
7 ـ انظر اجازة الشيخ محمّد رضا النجفي الأصفهاني لها المدرجة في هذا الكتاب ، وطبقات أعلام الشيعة ( نقباء البشر في القرن الرابع عشر ) 1 : 183 ، ورياحين الشريعة 3 : 431 .

(738)

الكتاب التأريخي المعروف والمعتمد عليه « وقائع السنين والأعوام » .
عُرف والدها بتديّنه وتقواه وحبّه لرجال العلم ، وهو من أكبر تجّار أصفهان في ذلك الوقت ، وله مشاريع خيريّة كثيرة .

والدتها :
بنت الحاج السيّد مهدي المُلقّب بـ « جناب » ، والتي كانت على مكانته عالية من النزاهة والعفّة وحبّ الخير .

زوجها :
ابن عمّها السيّد ميرزا أقا أمين التجّار ، والمُلقّب بـ « معين التجّار » .

اُسرتها :
تنحدر هذه العلويّة من اُسرة السّادة الخاتون آباديّة ، وهي من أشهر الاُسر في ايران ، حيث جَمعتْ بين العلم والسياسة والثروة . فقد لمع منها العشرات من العلماء والفقهاء والاُصوليين والمفسّرين والنسّابة وذوي المناصب السياسيّة العالية . فلا يكاد يخلو من ذِكرهم كتاب يضمّ تراجم العلماء والمؤلّفين ، خصوصاً في القرنين الأخيرين .

مولدها ونشأتها العلمية :
ولدت في مدينة أصفهان سنة 1308هـ ، ونشأت وترعرعت في أحضان والديها ، في بيت ملؤه الإيمان والتقوى وحبّ العلم والعلماء ، وفي بيئة بُنيت على أساس الولاء المطلق لأهل البيت عليهم السلام .
ولا شكّ ولا ريب أنّ هكذا بيت وهكذا بيئة قد رسما لهذه المولودة طريقها ، وكانت لهما كبير الأثر في مسيرة حياتها المباركة .


(739)

بدأت بتعلّم القرآن الكريم ودراسة الكتب الفارسيّة ، وهي في الرابعة من عمرها ، وتزوّجت بابن عمها وهي في الخامس عشرة من عمرها .
لكنّ واجبات البيت وتربية الأطفال لم تمنعها من التعلّم وقراءة الكتب والاستزادة من المعرفه والثقافة الإسلاميّة ، بل استمرت في الانتهال من المعارف الإسلاميّة رغم الظروف السياسيّة الصعبة التي كانت تعيشها كلّ الاُسر المتديّنة ، وتعاني منها كلّ فتاة تريد الاستمرار في دراستها الإسلاميّة . فالحاكم الظالم رضا شاه كان قد بدأ حملته الشرسه في منع الحجاب الإسلامي ، وفرض الثقافة والعادات الغربيّة على المجتمع الايراني المسلم .
فبدأت رحمها الله ـ وهي في العشرين من عمرها ـ بقراءة المقدّمات الأدبيّة وجانباً من أوائل الفقه والاُصول وأوّليات العلوم العقليّة عند أفاضل عصرها كالشيخ علي اليزدي المعروف بالحاج آخوند زفرهاى ، والميزا علي أصغر الشريف ، والحاج أقا حسين نظام الدين الكجوئي ، والسيّد أبي القاسم الدهكردي .
وحينما أتمّت مرحلة المقدّمات والسطوح ، بدأت بدراسة الفقه والاُصول العاليين والعلوم العقليّة على كبار الأساتذة في ذلك الوقت كالشيخ محمد رضا الأصفهاني المسجد شاهي ( أبوالمجد ) ، والسيّد محمّد النجف آبادي ، والسيّد علي النجف أبادي . وهذا الأخير هو أكثر من استفادت منه علماً وعملاً .
كانت رحمها الله جادّة في تحصيل العلم غاية الجدّ ، ومداومة على المطالعة والقراءة ، شديدة المواظبة على الحضور لدى الأساتذة في الساعات المعيّنة للدراسة ، لم تفوّت الفرصة لتحصيل العلم واكتساب الآداب ، ولم تثن عزمها الموانع التي كانت تعترض طريقها في كثير من الحالات .
نقلَ استاذها السيّد علي النجف آبادي أنّه سمع أنّ طفلاً لها قد توفّي ، فظنّ أنّها سوف تنقطع عن الدرس لمدّة طويلة حداداً على فقيدها ، كما تقتضيه عواطف الامّهات ، ولكن خادمها جاء بعد يومين يطلب منه الاستمرار في الدرس . فتعجّب الاستاذ من هذا الالتزام بالدرس والمقاومة الروحيّة في الشدائد والمصائب .


(740)

وحينما بلغت الأربعين من عمرها ، كانت قد استكملت دراستها الإسلاميّة ، ووصلت إلى مرحلة عالية تؤهّلها لاستنباط الأحكام الشرعيّة ، فقد امتحنها أجلّة الفقهاء في عصرها بأسئلة كتبيّة ، فكانت أجوبتها قويّة جدّاً بحيث أثبتت جدارتها العلميّة ومؤهّلاتها العالية في استنباط الأحكام الشرعيّة ، فكتبوا لها إجازات صرّحوا فيها بأنّها بلغت درجة الاجتهاد ، وعظّموا مكانتها من العلوم الدينية ، ومن هؤلاء الفقهاء السّادة المراجع : السيّد أبوالحسن الأصفهاني ، والسيّد الاصطهباناتي ، والشيخ محمد كاظم الشيرازي ، والشيخ عبدالكريم الحائري اليزدي (1) .
وقد قضت هذه العلويّة العالمة النصف الثاني من عمرها بالتدريس والافادة وتربية الطالبات الدارسات للعلوم الدينيّة ، وأصبح بيتها في أصفهان منتدىً للنساء العالمات يفدنَ إليها من مختلف المدن وعلى مختلف المستويات الثقافيّة ، لغرض التعلّم والاستفادة ممّا آتاها الله من العلم والمعرفة ، والاستشارة في اُمور دينهن وما اُلقي على عاتقهن من المسؤليات .
واشتهرت شهرة كبيرة في آفاق ايران وغيرها من المراكز العلميّة ، وعرفها كبار العلماء والفقهاء ، وأصبحت لها معهم علاقات علميّة وطيدة ، حيث كانوا يأتون إلى بيتها لأجل أن يتباحثوا معها في العلوم الإسلاميّة ، أو يراسلوها مستفسرين عن رأيها في بعض الأحكام الشرعيّة ، منهم المفسّر الكبير السيّد محمّد حسين الطباطبائي ، والفيلسوف الشهير الشيخ محمّد تقي الجعفري ، والعلاّمة الكبير المجاهد الشيخ عبدالحسين الأميني (2) .
وقد سَعَتْ رحمها الله في انشاء مدارس ومؤسسات لتربية البنات تربيّة اسلاميّة صحيحة ، وكانت تتعهدّها بنفسها وترعاها ، فمن مؤسساتها مدرسة للبنات عُرفت بـ « دبيرستان دخترانه أمين » ، و « مكتب فاطمة » ، حيث تخرّج منها نساء فاضلات تولّينَ التدريس وبعض الشؤون العلميّة والدينيّة للنساء في عصرها وبعد وفاتها .
ومن صفات هذه العالمة المترجَم لها أنّها كانت منذ بدايات نشأتها العلميّة تميل إلى
____________
1 ـ المسلسلات في الإجازات 2 : 451 .
2 ـ انظر كتاب « بانوى مجتهد ايرانى » .

(741)

التفكّر والتدبّر في الآفاق والأنفس ودرك الحقائق عن طريق العقل والكشف ، لا عن طريق النقل من الأفواه والتقليد . فساقها هذا الميل النفسي إلى ما يُسمّى بالعرفان . واشتد عندها عندما درست الفلسفة والعلوم العقلية ، وظهرت هذه الظاهرة بارزة في كتابيها « الأربعين الهاشميّة » و « النفحات الرحمانية » .
ومن صفاتها أيضاً التواضع الكبير ونكران الذات ، فهي مع مقامها الرفيع في العلم وموقعها في المجتمع الإسلامي ، كانت تتجنّب وسائل الإعلام وما يؤدي إلى الشهرة ، فتُجيب الذي يسألها عن حياتها وعلمها بأجوبة جزئية ، حتى إنّها طبعت بعض مقالاتها وكتبها باسم « بانويه ايراني » أي سيّدة ايرانيّة (1) .
وقد ابتليت رحمها الله بفقد أطفالها ، حيث أنجبت ثمانية أطفال ، لم يعش منهم إلاّ واحداً (2) .

أساتذتها وشيوخها :
تتلّمذت رحمها الله على أكابر علماء عصرها في أصفهان ، وشهد مراجع التقليد في النجف الأشرف وقم المقدّسة باجتهادها ، وأجازها بعض الفضلاء بالراوية عنه ، ونحن نذكر هنا ما تعرّفنا عليه من أساتذتها وشيوخها :
( 1 ) السيّد ابراهيم الحسيني الشيرازي الاصطهباناتي : منحها إجازة اجتهاد ورواية في شهر صفر سنة 1354هـ ، أدرجنا صورتها في هذا الكتاب .
( 2 ) السيّد أبوالحسن الأصفهاني : منحها إجازة اجتهاد ، لم نقف عليها ، ذكرها صاحب كتاب المسلسلات في الإجازات .
( 3 ) السيّد أبوالقاسم الدهكردي : قَرأتْ عليه بعض المقدّمات الأدبيّة وأوائل الفقه والاُصول .
( 4 ) الحاج أقا حسين نظام الدين الكچوئي : قَرأتْ عليه أوائل الفقه والاُصول والعلوم
____________
1 ـ المسلسلات في الإجازه 2 : 451 ـ 453 .
2 ـ يادنامه بانو مجتهد .

(742)

العقلية .
( 5 ) السيّد شهاب الدين المرعشي النجفي : منحها إجازة اجتهاد ورواية .
( 6 ) الشيخ عبدالكريم الحائري اليزدي : منحها اجازة اجتهاد ورواية ، جعلها في ذيل اجازة الشيخ محمّد كاظم الشيرازي لها ، والتي أدرجنا صورتها في هذا الكتاب .
( 7 ) الميزا علي أصغر الشريف : قرأت عليه بعض المقدّمات الأدبيّة وجانباً من أوائل الفقه والاُصول وأولّيات العلوم العقليّة .
( 8 ) السيّد علي النجف آبادي : تتلْمذت عليه في العلوم العقليّة والفقه والاُصول العاليين ، وهو أكثر مَن استفادت منه علماً وعملاً .
( 9 ) الشيخ علي اليزدي ، المعروف بالحاج آخوند الزفرهاى ، قَرأتْ عليه بعض المقدّمات الأدبيّة وجانباً من أوائل الفقه والاُصول وأوّليات العلوم العقليّة .
( 10 ) الشيخ محمّد رضا أبوالمجد الأصفهاني : حَضَرتْ بحثه العالي ، ومنحها إجازة رواية ، أدرجنا صورتها في هذا الكتاب .
( 11 ) الشيخ محمّد كاظم الشيرازي : منحها إجازة اجتهاد ورواية في السابع من شهر صفر سنة 1354هـ ، أدرجنا صورتها في هذا الكتاب .
( 12 ) السيّد محمّد النجف آبادي : حَضَرتْ بحثه العالي .
( 13 ) الشيخ مرتضى المظاهري الأصفهاني : حَضَرتْ بحثه العالي ، ودرست أكثر علومها عليه وعلى السيّد علي النجف آبادي المتقدّم ذكره .

تلامذتها والراوون عنها :
تتلّمذ عليها عدد غفير من النساء المؤمنات ، خصوصاً في مدينة أصفهان ، كما استجاز منها بالراوية عنها عدد من العلماء الأعلام وأفاضل الحوزة العلميّة في النجف الأشرف وقم المقدّسة ، ونحن نذكر هنا ما تعرّفنا عليه من تلامذتها والراوين عنها :
( 1 ) العلويّة الفاضلة افتخار أمين ، صاحبة كتاب « چهل حديث أمين يا هشتصد وبيست


(743)

موعظه » : تتلّمذت عليها كثيراً واختصّت بها .
( 2 ) الشيخ زهير الحسّون : منحته إجازة رواية قبيل وفاتها بفترة قصيرة .
( 3 ) السيّدة زينة السادات همايوني : تتلّمذت عليها ولازمتها قرابة نصف قرن ، وهي من أقرب وأخصّ تلميذاتها ، وقد منحتها إجازة رواية في السابع من شهر رمضان المبارك سنة 1355هـ ، أدرجنا صورتها في هذا الكتاب .
( 4 ) السيّد شهاب الدين المرعشي النجفي : منحته إجازه رواية في شهر محرّم الحرام سنة 1358هـ ، أدرجنا صورتها في هذا الكتاب .
( 5 ) السيّد عباس الكاشاني : منحته إجازة رواية في شهر جمادى الآخرة سنة 1383هـ ، أدرجنا صورتها في هذا الكتاب .
( 6 ) الشيخ عبدالحسين الأميني : منحته إجازة رواية .
( 7 ) الشيخ عبدالله السبيتي : منحته إجازة رواية .
( 8 ) العلويّة فخر السّادات الأبطحي : تتلّمذت عليها مدّة طويلة من الزمن .
( 9 ) السيّد محمّد علي الروضاني : منحته إجازة رواية .
( 10 ) السيّد محمّد علي القاضي التبريزي : منحته إجازة رواية .

مؤلّفاتها :
( 1 ) أخلاق وراه سعادت بشر ، طبع ثلاث مرّات في ايران .
( 2 ) الأربعون الهاشميّة ، عربي ، وهو أوّل تأليفها ، انتهت من تأليفه في التاسع من محرم سنة 1355هـ ، وطبع الطبعة الاُولى سنة 1356هـ ، وطبع بعد ذلك عدّة مرات ، وقامت بترجمته إلى الفارسيّة تلميذتها السيّدة همايوني (1) .
( 3 ) إقتباس وترجمة تهذيب الأخلاق وتطهير الأعراق لابن مسكويه ، انتهت منه في
____________
1 ـ الذريعة 11 : 54 رقم 335 .
(744)

التاسع عشر من شهر رجب سنة 1368هـ ، وطبع في طهران .
( 4 ) جامع الشتات ، عربي ، وهو عبارة عن أجوبتها على الأسئلة التي كانت ترد عليها ، طبع في ايران .
( 5 ) حاشية الأسفار الأربعة « مخطوط » .
( 6 ) حاشية فرائد الاُصول « مخطوط » .
( 7 ) حاشية المكاسب للشيخ الأنصاري « مخطوط » .
( 8 ) روش خوشبختي وتوصية به خواهران إيماني ، طبع في ايران سبع مرّات .
( 9 ) سير وسلوك در روش أولياء وطريق سير سعداء ، طبع في ايران ثلاث مرّات .
( 10 ) مخزن العرفان في تفسير القرآن ، يقع في خمسة عشر مجلداً ، طبع في إيران عدّة مرّات .
( 11 ) مخزن اللآلي في مناقب مولى الموالي ، طبع في إيران مرّتين .
( 12 ) معاد يا آخرين سير بشر ، طبع أربع مرّات في طهران وتبريز (1) .
( 13 ) النفحات الرحمانيّة في الواردات القلبيّة ، عربي ، طبع في أصفهان سنة 1369هـ ، مع مقدّمة للشيخ عبدالله السبيتي (2) .

اطراء العلماء لها :
أطراها ومدحها كلّ مَن ترجم لها وذكر سيرتها ، ابتداءً من أساتذتها ومشايخها ، حتى أفاضل علماء عصرنا هذا ، نذكر منهم :
( 1 ) آية الله العظمى الشيخ محمّد كاظم الشيرازي ، قال في اجازته لها :
السيّدة الجليلة الحسيبة ، العالمة الفاضلة ، غرّة ناصية نساء عصرها ، واعجوبة دهرها ـ إلى أن قال بعد ذكر كتاباتها ـ : كشف عن مراتب فضلها وطول يدها في المعقول والمنقول
____________
1 ـ الذريعة 21 : 175 رقم 4488 .
2 ـ الذريعة 24 : 248 رقم 1284 .

(745)

وبلوغها مرتبة من مراتب الإجتهاد (1) .
( 2 ) آية الله العظمى السيّد ابراهيم الحسيني الشيرازي الاصطهباناتي ، قال في اجازته لها :
فإنّ السيّدة الجليلة النبيلة ، الحسيبة النسيبة ، العالمة العاملة ، الجامعة للمعقول والمنقول ، فريدة الدهر ، وحجّة نساء العصر . . . ممّن صرفت مدّة وافية من عمرها الشريف ، وبرهة كافية من دهرها المنيف ، في تحصيل العلوم الشرعيّة ، والمعارف الدينيّة ، وتكميل مكارم الأخلاق السنيّة ، وتنقيح القواعد الاُصوليّة والفقيّة ، حتى فازت بالمراتب العالية من العلم والفضل ، وصارت ممّن يشار إليها بالبنان ـ إلى أن قال بعد ذكر امتحانه لها ـ : وبلوغها إلى درجة الإجتهاد ، فلها العمل بما استنبطته من الأحكام على النهج المألوف بين الأعلام ، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء من الرجال والنساء (2) .
( 3 ) آية الله الشيخ محمّد رضا النجفي الأصفهاني ( أبوالمجد ) ، قال في اجازته لها :
السيّدة الشريفة العالية ، والدرّة المكنونة الغالية ، ثمرة الشجرة التي أصلها ثابت وفرعها في السماء ، وزهرة روضة بني الزهراء ، ربّة المفاخر والمناقب ، وعقيلة آل أبي طالب ، المقتفية آثار آبائها وأجدادها ، والجامعة بين طريف المكارم وتلادها ، والآخذة بطرفي المجد من الحسب والنسب ، والبالغة منه بأعلى الرتب العالية ، الفاضلة الفقيهة الحكيمة العارفة الكاملة ، ذات الشرف الباذخ ، اُم الفضل ست المشايخ ـ إلى أن قال بعد ذكر كتابها الأربعين الهاشميّة ـ :
فكم من كنز خفّي من الأسرار أظهرته ، ومشكل من الأخبار فسّرته ، ومعضل أراجت عنه الاعضال وأصابت الصواب إذا اختلفت الأقوال ، فلا غرو فأهل البيت أدرى بما فيه وأعرف بظاهره وخافيه . . . فكيف بمن أرختْ سترها ولم تبارح خدرها ، فيحقّ أن يفتخر بها ربّات الخدر والحجال على لابسِ العمائم من الرجال (3) .
____________
1 ـ انظر إجازته لها المدرجة في هذا الكتاب .
2 ـ انظر إجازته لها المدرجة في هذا الكتاب .
3 ـ انظر إجازته لها المدرجة في هذا الكتاب .