و منها: التأكيد علي وجوب الطاعة للوصي بقوله صلّى اللّه عليه و آله: « اسمعوا له و أطيعوا» كما في الحديث الأول، هذا الوجوب من مقتضيات الإمامة، قال تعالي: (يَا أَيُّهَا آلَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا آللّهَ وَ أَطِيعُوا آلرَّسُولَ وَ أُولِي آلْأَمْرِ مِنْكُم)(1).
     و يدلّ عليه أيضاً ما رواه أبو ذر عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: « من أطاعني فقد أطاع اللّه ، و من عصاني فقد عصي اللّه، و من أطاع علياً فقد أطاعني، و من عصي علياً فقد عصباني»(2).
     و منها: التأكيد علي الوظائف القيادية للإمام مثل « تؤدي عني، و تسمعهم صوتي، و تبين لهم ما اختلفوا فيه بعدي» .
     و يدلّ عليه ما جاء في الصحيح عن أنس: أن النبي صلّى اللّه عليه و آله قال لعلي: « أنت تبين لأُمتي ما اختلفوا فيه بعدي» (3).
     و منها: التأكيد علي الخصال القيادية للوصي و منها كونه موضع سرّ النبي صلّى اللّه عليه و آله و خير ن يترك بعده، و كونه عليه السلام خيرالأوصياء و خاتمهم. و جميع ذلك ن الدلالات الالتزامية علي أن لفظ الوصي لا ينفك عن معني الإمامة والخلافة.
ثانياً: أحاديث أهل البيت عليهم السلام
     جاءت أحاديث أهل البيت عليهم السلام لتؤكد بأن أمير المؤمنين علياً عليه السلام هو خاتم الوصيين و سيدهم ، و أول المؤمنين باللّه ، و وارث النبوة، و تصرّح بعمق وجود الوصيين و سيدهم، و أول المؤمنين بأللّه ، و وارث النبوة، و تصرّح بعمق وجود الوصي في تاريخ الرسالة فقد كان يري مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله الضوء قبل

(1) سورة النساء : 4/ 59.
(2) مستدرك الحاكم 3: 121 و 128و صححه.
(3) مستدرك الحاكم 3: 122 ـ و صححه علي شرط الشيخين.



(52)
الرسالة و يسمع الصوت.
     كما ركّزت علي بيان فضل أهل البيت عليهم السلام و أن لهم حق الوصية و الوراثة، و لهم خصائص حق الولاية، و لا يقاس بهم أحد من أفراد الاُمّة، و أنهم أهل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و أولياؤه و أوصياؤه و ورثته و أحقّ الناس بمقامه، و فيما يلي بعض نصوصها:
     1ـ عن الأصبغ بن نباتة، قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام في بعض خطبه: « أيها الناس، اسمعوا قولي و اعقلوه عني، فان الفراق قريب؛ أنا إمام البرية، ووصي خير الخليفة، و زوج سيدة نساء الاُمّة، و أبو العترة الطاهرة و الأئمة الهادية. أنا أخو رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ووصيه و وليه و وزيره و صاحبه و صفيه و حبيبه و خليله. أنا أمير المؤمنين، و قائد الغرّ المحجلين ، و سيّد الوصيين» (1).
     2ـ و عن عبداللّه بن الحسن بن الحسن، قال: كتب عليُّ عليه السلام الىمحمد بن أبي بكر و أهل مصر.. و ذكر الكتاب، و ممّا جاء فيه موضّحاً الفرق بين نفسه المقدّسة و بين معاوية الوغد الزنيم: « و تأمّلوا و اعلموا أنه لا سوي إمام الهدي و إمام الردي ، ووصيّ النبيّ ، جعلنا اللّه و إياكم ممن يحبّ و يرضي..» (2).
     ورواه الشيخ الطوسي بالاسناد عن أبي إسحاق الهمداني(3).
     3ـ و عن حكيم بن جبير، قال: خطب علي عليه السلام فقال في أثناء خطبته: « أنا عبداللّه و أخو رسوله، لا يقولها أحد قبلي و لا بعدي إلّا كذب، ورثت نبي

(1) الفقيه / الصدوق 4: 301 / 914.
(2) شرح ابن أبي الحديد 6: 71.
(3) الأمالي / الطوسي: 30 / 31 ـ مؤسسة البعثة ـ قم.



(53)
الرحمة، و نكحت سيدة نساء هذه الاُمّة، و أنا خاتم الوصيين» (1).
     4ـ و حينما ناظر عبداللّه بن عباس الخوارج، كان من جملة قولهم: و زعم أنه وصيّ، فضيّع الوصية. فأجابهم أمير المؤمنين عليه السلام: « و أمّا قولكم: إني كنت وصياً فضيعت الوصية، فإن اللّه عزّوجلّ يقول: (وَ لِلّهِ عَلَي آلنَّاسِ حِجُّ آلْبَيْتِ مَنِ آسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَ مَن كَفَرَ فَإِنَّ آللّهَ غَنَيٌّ عَنِ آلْعَالَمِينَ)(2) أفرأيتم هذا البيت لو لم يحجُج إليه أحد، كان البيت يكفر؟ إن هذا البيت لو تركه من استطاع إليه سبيلاً كفر، و أنتم كفرتم بترككم إياي، لا أنا كفرتُ بتركي لكم» (3).
     و ممّا يعزّز جواب أمير المؤمنين عليه السلام قول النبي صلّى اللّه عليه و آله له عليه السلام: « يا علي أنت بمنزلة الكعبة تؤتي و لا تأتي » (4) فواجب علي الناس أن يقصدوه و لا يقصد هو أحداً ، وأن يسألوه و لا يسأل أحداً، ويمتارون منه العلم و لا يمتار من أحد.
     5ـ و قال عليه السلام في خطبة له: « لا يقاس بآل محمد صلّى اللّه عليه و آله من هذه الاُمّة أحد، و لا يسوّي بهم من جرت نعمتهم عليه أبداً هم أساس الدين ، و عماد اليقين، إليهم يفيء الغالي، و بهم يلحق التالي، و لهم خصائص حق الولاية، و فيهم الوصية و الوراثة»(5).
     6ـ و عن زيد بن الحسن و علي بن الحسين عليه السلام، قال : خطب الحسن عليه السلام

(1) شرح ابن أبي الحديد 2: 287.
(2) سورة آل عمران: 3 / 97.
(3) تاريخ اليعقوبي 2: 193 ـ دار صادر ـ بيروت.
(4) اسد الغابة 4: 122.
(5) نهج البلاغة: 47 / الخطبة (2).



(54)
الناس حين قُتل علي بن أبي طالب عليه السلام، فحمد اللّه و أثني عليه ، و ممّا جاء في خطبته: « أيها الناس، من عرفني فقد عرفني، و من لم يعرفني فانا الحسن ابن علي ، و أنا ابن النبي، و أنا ابن الوصي، و أنا ابن البشير، و أنا ابن النذير، و أنا أبن الداعي الىاللّه بإذنه، و أنا ابن السراج المنير ...» (1).
     و عن أبي الطفيل، قال: خطبنا الحسن بن علي بن أبي طالب ، فحمد اللّه و أثني عليه، و ذكر أمير المؤمنين علياً رضي عنه اللّه خاتم الأوصياء و وصيّ سيد الأنبياء و أمين الصدّيقين و الشهداء ... ثم ذكر الخطبة بطولها(2).
     7ـ و خاطب الإمام الحسين الشهيد عليه السلام في العاشر من المحرم سنة 61 هـ أهل الكوفة قائلاً: « أما بعد، فانسبوني فانظروا من أنا، ثمّ ارجعوا الىأنفسكم و عاتبوها، فانظروا هل يحلّ لكم قتلي و انتهاك حرمتي؟ ألست ابن بنت نبيكم صلّى اللّه عليه و آله ، وابن وصيه، و ابن عمّه، و أول المؤمنين باللّه، و المصدّق لرسوله بما جاء من عند ربّه؟» (3).
     8ـ و عن أبي عثمان النهدي: أن الحسين عليه السلام كتب الىرؤوس الأخماس بالبصرة و الىالأشراف، كتاباً و أرسله مع سليمان مولاه، جاء فيه: « أما بعد، فإنّ اللّه اصطفي محمّداً صلّى اللّه عليه و آله علي خلقه، و أكرمه بنبوته، و اختاره لرسالته، ثمّ قبضه اللّه إليه و قد نصح لعباده، و بلَغ ما أُرسِل به صلّى اللّه عليه و آله ، و كنا أهله و أولياءه و أوصياءه و ورثته، و أحقّ الناس بمقامه في الناس، فاستأثر علينا قومنا

(1) المستدرك / الحاكم 3: 172، ذخائر العقبي: 138، الذرية الطاهرة / الدولابي: 110 / 114 ـ جماعة المدرسين ـ قم.
(2) مجمع الزوائد 9: 149.
(3) تاريخ الطبري 5: 424 ، الكامل في التاريخ 2: 419 حوادث سنة 61 هـ.



(55)
بذلك ، فرضينا و كرهنا الفرقة، و أحببنا العافية، و نحن نعلم أنا أحق بذلك الحق المستحقّ علينا ممَن تولّاه ...» (1).
     9ـ و أخرج العلّامة إبراهيم بن محمّد الصنعاني في كتابه (إشراق الاصباح) عن محمد بن علي الباقر، عن آبائه عليهم السلام، عنه صلّى اللّه عليه و آله من حديث طويل، و فيه: « و هو ـ يعني علياً ـ وصيي و وليي» (2).
     10ـ و عن جعفر بن محمد الصادق عليه السلام، قال: « كان علي عليه السلام يري مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قبل الرسالة الضوء و يسمع الصوت ، و قال له صلّى اللّه عليه و آله. لو لا أني خاتم الأنبياء لكنت شريكاً في النبوة، فإن لا تكن نبياً فإنك وصيّ نبي و وراثه، بل أنت سيّد الأوصياء و إمام الأتقياء» (3).
ثالثاً: أحاديث الصحابة
     أكّدت أحاديث و أقوال الصحابة و غيرهم علي أن أمير المؤمنين عليه السلام هو وصي سيد المرسلين و أخوه و وزيره و خليفته من بعده، و المطّلع علي سرّه، ووراث علمه و الإمامة من بعده، و قاضي دينه و منجز وعده ، و أوّل الناس اتباعاً له، و أُقرابهم عهداً به، و أنه وصي الأوصياء، و وارث علم الأنبياء، و الصدّيق الأكبر الذي كملت به الفضائل و السابقة و القرابة، و أن أولاده المعصومين هم الأوصياء بعده.
     و هي بمجموعها شهادات ضافية من عمق التاريخ الإسلامي تكشف عن أصالة مبدأ الوصية و شدّة ارتباطه بوجدان الأُمة منذ الرعيل الأول و حتى

(1) تاريخ الطبري 5: 357.
(2) العقد الثمين / الشوكاني: 41.
(3) شرح ابن أبي الحديد 13: 210.



(56)
اليوم ، كما تعكس مدي اهتمام النبي صلّى اللّه عليه و آله و حرصه علي تبليغ هذا الأمر الخطير الذي يتعلّق بمستقبل الرسالة و ديمومتها، و فيما يلي نذكر بعضها:
     1ـ عن عطاء، قال: سألت جابر بن عبداللّه، ما كانت منزلة علي بن أبي طالب رضي عنه اللّه فيكم؟ قال: منزلة الوصي...(1).
     2ـ و كتب محمّد بن أبي بكر الىمعاوية بن أبي سفيان في جواب رسالة له: فكيف ـ يا لك الويل ـ تعدل نفسك بعليّ، و هو وارث رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و وصيه، و أبو ولده، أول الناس له اتّباعاً، و أقربهم به عهداً، يخبره بسرّه، و يطلعه علي أمره، و أنت عدّوه و ابن عدوّه...(2).
     3ـ و كان أبو ذرّ رضي عنه اللّه يقعد في مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أيام عثمان و يخطب الناس، و كان من جملة قوله: (إِنَّ آللّهَ آصْطَفَي آدَمَ وَ نْوحاً و آلَ إبْرَاهِيمَ وَ آلَ عِمْرَانَ عَلَي آلْعَالَمِينَ ** ذُرِّيَّتً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَ آللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)(3)
محمّد صلّى اللّه عليه و آله الصفوة من نوح، فالأول من إبراهيم ، و السلالة من إسماعيل ، و العترة الهادية من محمّد صلّى اللّه عليه و آله ... هم فينا كالسماء المرفوعة، و كالكعبة المستورة، أو كالقلبة المنصوبة، أو كالشمس الضاحية، أو كالقمر الساري ، أو كالنجوم الهادية، أو كالشجر الزيتونة أضاء زيتها، و بورك زبدها، و محمّد صلّى اللّه عليه و آله وارث علم آدم و ما فُضّل به النبيون، و علي بن أبي طالب وصيّ محمّد صلّى اللّه عليه و آله، و وارث

(1) تاريخ واسط/ الرزاز / 154 ـ عالم الكتب ـ بيروت ـ 1406 هـ.
(2) مروج الذهب / المسعودي 3: 12 ـ دار الهجرة ـ قم ـ ط 2 ـ 1404 هـ، وقعة صفين/ نصر بن مزاحم: 119 ـ المؤسسة العربية الحديثة ـ مصر، شرح ابن أبي الحديد 3: 189.
(3) سورة آل عمران: 3/ 33 و 34.



(57)
علمه، أيتها الأمة المتحيرة بعد نبيها، أما لو قدّمتم من قدّم اللّه، و أخّرتم من أخّر اللّه، و أقررتم الولاية و الوراثة في أهل بيت نبيكم، لأكلتم من فوق رؤوسكم و من تحت أقدامكم (1)... الىآخر كلامه الذي يدّل علي أنه لا يريد بلفظ الوصي غير الخليفة الذي يلي الأمر بعد الرسول صلّى اللّه عليه و آله.
     4ـ و عن الفضل بن العباس بن ربيعة، قال: كبّر معاوية لما بلغه وفاة الحسن عليه السلام، و كبّر أهل الخضراءن ثمّ كبّر أهل المسجد، فدخل عبداللّه بن عباس علي معاوية فقال له: علمت ـ يا بن عباس ـ أن الحسن توفي؟ قال: ألذلك كبّرت؟ قال: نعم. قال ابن عباس: أما و اللّه ما موته بالذي يؤخّر أجلك، و لا حفرتك بسادّة حفرته، و لئن أُصبنا به فقد أُصبنا قبله بسيّد المرسلين و إمام المتقين و رسول ربّ العالمين، ثمّ بعده بسيّد الأوصياء ، فجبر اللّه تلك المصيبة، و رفع تلك العثرة ...(2). 5ـ و قال عبداللّه بن عباس رضي عنه اللّه في جوابه لكتاب معاوية: و أما قولك : إني لوبايعني الناس لأسرعت الىطاعتي، فقد بايع الناس علياً، و هو أخو رسول اللّه ، و ابن عمّه ، ووصيه ، و وزيره، و هو خير منّي ، فلم تستقم له...(3).
     6ـ و قال حجر بن عدي و جماعة ممن كان معه حين خيّر و هم بين القتل أو البراءة من أمير المؤمنين عليه السلام: إن الصبر علي حدّ السيف لأيسر علينا مما تدعونا إليه، ثمّ القدوم علي اللّه و علي نبيّه و علي وصيه أحبّ إلينا من دخول النار (4).

(1) تاريخ اليعقوبي 2: 171.
(2) مروج الذهب 2: 430.
(3) الفتوح / ابن أعثم ـ المجلد الثاني: 150 ـ دار الكتب العلمية ـ ط 1 ـ 1406 هـ.
(4) مروج الذهب 3: 4.



(58)

     7ـ و خرج طارق بن شهاب الأحمسي (1) يستقبل علياً عليه السلام و قد صار بالربذة طالباً عائشة و أصحابها، فقال: أأدعُ علياً، و هو أول المؤمنين إيماناً باللّه، و ابن عمّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و وصيه ...(2)
     8ـ و لما جمع علي عليه السلام الناس بالكوفة و خاطبهم بشأن المسير الىصفين لحرب معاوية، قام عمرو بن الحمق الخزاعي (3) و خاطبه بقوله: و اللّه ـ يا أمير المؤمنين ـ إني ما أحببتك و لا بايعتك علي قرابةٍ بيني و بينك، ولا إرادة مال تؤتينيه ولا التماس سلطان ترفع ذكري به، ولكنني أحببتك بخصال خمس: أنك ابن عم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ، ووصيه ، وأبو الذريّة التي بقيت فينا من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و أسبق الناس الىالإسلام، و أعظم المهاجرين سهماً في الجهاد (4).
     9ـ و عن أبي مخنف، قال: لما بلغ حذيفة بن اليمان (5) أن علياً عليه السلام قد قدم ذا قار و استنفر الناس، دعا أصحابه فو عظهم، و ذكّرهم اللّه، و زهدّهم في الدنيا، و رغّبتهم في الآخرة، ثمّ قال: الحقوا بأمير المؤمنين، و وصيّ سيد المرسلين، فإنّه من الحقّ أن تنصروه (6).
     10ـ وجاء في كتاب عمرو بن العاص الىمعاوية حين دعاه الىموازرته في محاربة إمام الهدي علي عليه السلام: فأمّا ما دعوتني إليه من خلع ربقة الإسلام من

(1) صحابي، ترجم له ابن الأثير في اُسد الغابة 3: 67.
(2) شرح ابن أبي الحديد 1: 226.
(3) صحابي، راجع : اُسد الغابة 4: 230.
(4) شرح ابن أبي الحديد 3: 181.
(5) صحابي، راجع: اُسد الغابة 1: 572.
(6) شرح ابن أبي الحديد 2 : 188.



(59)
عنقي، و التهوّر في الضلالة معك، و إعانتي إياك علي الباطل، و اختراط السيف في وجه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، و هو أخو رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و وصيه، ووارثه ، و قاضي دينه، و منجز وعده، و صهره علي ابنته سيدة نساء العالمين، و أبو السبطين الحسن و الحسين سيدي شباب أهل الجنة، فلن يكون، أمّا ما نسبت أخا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و وصيه الىالبغي والحسد لعثمان، و سميّت الصحابة فَسقَة، و زعمت أنه أشلاهم علي قتله، فهذا كذب و غواية.(1)
     و لكن لم يلبث ابن النابغة إلّا و قد ربط مصيره مع ابن هند في حرب الوصيّ عليه السلام.
     11ـ و قال مالك بن الحارث الأشتر النخعي رضي عنه اللّه ، في خطبةٍ له عند بيعة أمير المؤمنين عليه السلام: أيها الناس ، هذا وصي الأوصياء ، و وارث علم الأنبياء، العظيم البلاء، الحسن العناء، الذي شهد له كتاب اللّه بالايمان، ورسوله بجنة الرضوان، من كلمت فيه الفضائل، و لم يشكّ في سابقته و علمه و فضله الأواخر و لا الأوائل. (2)
رابعاً: الأوصياء اثنا عشر
     بيّن النبي المصطفي صلّى اللّه عليه و آله خلفاءه من بعده في حديث متفق عليه بين كل فصائل الاُمّة، حيث قال صلّى اللّه عليه و آله: « إني تارك فيكم الثقلين ـ أو خليفتين ـ كتاب اللّه ، و عترتي أهل بتي، و انهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض» (3).

(1) المناقب / الخوارزمي : 129 ، تذكرة الخواص : 86.
(2) تاريخ اليعقوبي 2: 179.
(3) صحيح مسلم 4: 1873 و 1874 ـ كتاب فضائل الصحابة، سنن الترمذي



(60)

     فهما خليفتان تجمعهما خصلتان: العصمة ، والبقاء الىقيام الساعة، و العترة هم أئمة أهل البيت عليهم السلام دون سواهم، فقد قال أمير المؤمنين عليه السلام في أحد خطبه: « ألم أعمل فيكم بالثقل الأكبر، و أترك فيكم الثقل الأصغر» (1).
     ثمّ صرّح النبي صلّى اللّه عليه و آله بعد خلفائه من عترتهن فذكر أنهم كعدّة نقباء بني إسرائيل، و أكّد علي تواصلهم مع الأُمّة الىقيام الساعة، حيث جاء في الصحيح أنه صلّى اللّه عليه و آله قال : « لا يزال الدين قائماً حتى تقوم الساعة، و يكون عليهم اثنا عشر خليفة، كلهم من قريش»(2).
     كما عيّن أسماءهم و رتّبهم مراتبهم ابتداءً من أولهم، و هو أمير المؤمنين عليّ ابن أبي طالب عليه السلام، و انتهاءً الىآخر هم و هو الإمام الحجّة المنتظر صاحب الزمان (عجل اللّه تعالي فرجه) في عدّة نصوص صحيحة مروية عنه صلّى اللّه عليه و آله.
     قال الشيخ الصدوق: قد وردت الأخبار الصحيحة بالأسانيد القوية أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أوصي بأمر اللّه تعالي الىعلي بن أبي طالب ، و أوصي علي بن أبي

5: 662/ 3786 و 663/ 3788 ـ دار إحياء التراث العربي ـ بيروت ، مصابيح السنة / البغوي 4: 185 / 4800 و 190 / 4816، فضائل الصحابة / أحمد بن حنبل 603/ 1035 ، مسند أحمد 3: 14 و 17، 4: 367 و 371 و 5: 182 و 189.
(1) نهج البلاغة/ تحقيق صبحي الصالح: 119 / خ 87.
(2) صحيح مسلم 3: 1453 ـ كتاب الامارة، سنن أبي داود 4: 106 / 4280 ـ دار إحياء السنة النبوية، مصابيح السنة / البغوي 4: 137/ 4680 ـ دار المعرفة ـ ط 1ـ 1407 هـ، جامع الأصول/ الجزري 4: 440 / 442 ـ دار إحياء التراث العربي ـ ط 4 ـ 1404 هـ.



(61)