و نسجوا على منواله لأغراض فاسدة.(1)
     3ـ اُسلوب الحذف و التحريف
     و من الأساليب المتبعة من قبل أصحاب هذا الاتجاه هو حذف مالم يرق لهم من الأحاديث و الأخبار او تحريفها و محو آثارها، و هو أسلوب يجا في أمانة العلم و التاريخ، و يبعد الباحث عن فهم الواقع التاريخي على حقيقته ، و إليك أمثلة حول موضوع الوصية:
     1ـ جاء في حديث الدار أنّ النبي صلّى اللّه عليه و آله قال مشيرا الىً علي عليه السلام: « إن هذا أخي و وصيي و خليفتي فيكم، فاسمعوا له و أطيعوا» و قد أخرجه الخازن في تفسيره و الطبري في تاريخه عن ابن إسحاق (2)، وليس له عين و لا أثر في سيرة ابن هشام مع أنها تهذيب لسيرة ابن إسحاق، مما يعني حذف الحديث في سيرة ابن هشام إمّا منه و إمّا من غيره، و اللّه العالم.
     2ـ و الحديث المتقدم ذكره محمّد حسين هيكل في كتاب (حياة محمّد) في الطبعة الأُولى وحذفه في الطبعة الثانية.(3)
     3ـ و حذف الطبري في تفسيره و ابن كثير ألفاظ الحديث الدالة علي الخلافة والوصية وأثبتا بدلها (كذا و كذا) فجاء اللفظ بهذه الصورة المحرّفة:

(1) راجع: الشعية والتصحيح/ موسى الموسوي: 15 ـ 16 ـ لوس أنجلس ـ 1987 م ـ تطور الفكر السياسي الشيعي من الشورى الى ولاية الفقيه / أحمد الكاتب : 56 ـ دار الشورى ـ ط 1ـ 1997 م.
(2) تفسير الخازن 3: 371 ، تاريخ الطبري 2: 217.
(3) تفسير الكاشف / مغنية 5: 522 ـ دار العلم للملايين ـ بيروت ـ ط 3 ـ 1981 م، الغدير 2: 396 و 406 ـ 407.



(132)
« أيّكم يؤازرني على هذا الأمر على أن يكون كذا و كذا؟» فقال: « إن هذا أخي و كذا و كذا، فاسمعوا له و أطيعوا» (1) و كذا فعل غير الطبري و ابن كثير دون أن يضع (و كذا).(2)
     4ـ و الحديث ذكره الخازن في تفسيره، و أسقطه محمّد علي قطب من مختصر تفسيرالخازن (3).
     5ـ و تعرّض طنطاوي الى ذكر قصة حديث الدار، و لكنه لم يذكر لفظ الحديث كاملاً، بل اكتفى بوضع (الخ)(4).
     6ـ حديث سلمان رضي اللّه عنه الذي جاء فيه: يا رسول اللّه ، إنه ليس من نبي إلّا وله وصي و سبطان ... الخ ، و قد قدّمناه في الفصل الثاني، هذا الحديث مثبت في القسم المطبوع من سيرة ابن إسحاق (5)، و ليس له أثر في سيرة ابن هشام.
     7ـ حديث سلمان رضي اللّه عنه الذي جاء فيه: « كنت أنا و علي نوراً بين يدي اللّه ... الخ» قال ابن أبي الحديد: رواه أحمد في (المسند) و في كتاب (فضائل علي عليه السلام) ، و ذكره صاحب كتاب (الفردوس) و زاد فيه: « ثم انتقلنا حتى صرنا في عبدالمطلب، فكان لي النبوة، و لعلي الوصية» (6) و لم نجد هذه الزيادة في

(1) تفسيرالطبري 19: 140، تفسير ابن كثير 3: 356، البداية و النهاية 3: 40.
(2) الدر المنثور / السيوطي 6: 328.
(3) مختصر تفسير الخازن 2: 899 ـ دار المسيرة ـ بيروت.
(4) الجواهر 13: 103 ـ مصطفي البابي الحلبي ـ مصر ـ 1347 هـ.
(5) سيرة ابن إسحاق : 125.
(6) شرح ابن أبي الحديد 9: 171.



(133)
طبعتين من (الفردوس)(1).
     8ـ خطبة الإمام الحسين عليه السلام في عاشوراء نقلها الطبري وغيره بهذااللفظ:
« أما بعد، فانسبوني فانظروا من أنا، ثم ارجعوا الى أنفسكم و عاتبوها، فانظروا هل يحلّ لكم قتلي و انتهاك حرمتي؟ ألست ابن بنت نبيّكم صلّى اللّه عليه و آله و ابن وصيّه و ابن عمّه ... الخ» (2) هذه الخطبة أوردها ابن كثير بعد أن حذف منها و حرفها أسوأ تحريف « راجعوا أنفسكم و حاسبوها، هل يصلح لكم قتال مثلي، و أنا ابن بنت نبيكم، وليس على وجه الأرض ابن بنت نبي غيري، و علي أبي، و جعفر ذو الجناحين عمي ...الخ» (3).
     9ـ و تعرّض شعر الوصية للحذف و التحريف أيضاً بهدف إسقاط هذا المفهوم من ديوان الشعر العربي، فقد حُذِف بيتان من أكثر طبعات ديوان المتنبي، و هما قوله حين عُوتب على ترك مدح علي أمير المؤمنين عليه السلام:
و تركت مدحي للوصي تعمّداً و إذا استطال الشيء قام بنفسه إذ كان نوراً مستطيلاً شاملا و صفات ضوء الشمس تذهب باطلا
     حتى أن الأستاذ عبدالرحمن البر قوقي ذكر البيتين في الطبعة ذات الجزءين ج 2 ص 546 ، و حذفهما في الطبعة ذات الأربعة أجزاء (4).
     فانظر أي يد تلك التي أو تمنت على ودائع التراث؟!

(1) الفردوس 3: 283 / 4451 ـ دار الكتب العلمية ـ 1406 هـ، و 3: 332 / 4884 ـ دار الكتاب العربي ـ 1407 هـ.
(2) تاريخ الطبري 5: 424 ، الكامل في التاريخ 2: 419، حوادث سنة 61 هـ.
(3) البداية والنهاية 8: 179.
(4) مصادر نهج البلاغة / عبدالزهراء الحسيني 1: 146.



(134)
10ـ و حذف بيت يصرّح بالوصية من قصيدة الصحابي النعمان بن عجلان مع أبيات اُخر في رواية ابن عبدالبر و ابن حجر و ابن الأثير(1) و غيرهم، وورد البيت في رواية ابن بكار و ابن أبي الحديد (2) في نفس القصيدة، و البيت هو:
وصيّ النبي المصطفى و ابن عمّه و قاتل فرسان الضلالة و الكفر
     4ـ اُسلوب تضعيف الروايات والطعن بالرواة
     تضعيف الروايات:
     تعرّضت أحاديث الوصية و رواتها لموجة من التشكيك و الطعن حتى لا يكاد يسلم منها إلّا النزر اليسير من قبل من ضاقت بهم السبل و أعجزتهم الحيل في الإنكار و الكتمان فوصفوها بكونها موضوعة أو باطلة أو في إسنادها ظلمات (3) ، و ما الى ذلك من الأوصاف التي لا تليق بروح البحث العلمي ، و ذلك لأجل تنفير الباحث و إبعاده عن الحقيقة ، وفيما يلي نورد جملة من أقوال أصحاب هذا الاتجاه:
     1ـ أحمد بن عمر القرطبي الأنصاري (656 هـ) ذكر أن الأحاديث التي تساق في أن الرسول صلّى اللّه عليه و آله أوصى من وضع الشيعة (4) ، و قد مرّ في الفصل الثاني

(1) الاستيعاب بهامش الاصابة 3: 549، اسد الغابة 5: 349، الاصابة 3: 562.
(2) الأخبار الموفقيات: 593، شرح ابن أبي الحديد 6: 31.
(3) راجع : الموضوعات / ابن الجوزي 1: 374 ـ 377، الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة / الشوكاني: 386 ـ 387 و 402 ـ دار الكتاب العربي ـ 1406 هـ.
(4) فتح الباري 5: 361.



(135)
أن جميع الأحاديث التي ذكرناها هي من طرق العامة، و قد أكد الأستاذ عبدالفتاح عبدالمقصود صحّة الروايات الواردة في الوصية، ووصفها بالكثرة في كتب أهل السنة (1).
     2ـ ابن تيمية الحراني (728هـ) قال في حديث الانذار: وحديث الانذار إذا كان في بعض كتب التفسير التي يُنقل فيها الصحيح و الضعيف مثل: تفسير الثعلبي، والواحدي، والبغوي، بل و ابن جرير، وابن أبي حاتم، لم يكن مجرّد رواية واحد من هؤلاء دليلاً على صحّته (2).
     و قد مرّ من أورد الحديث من المحدثين و من صححه في الفصل الثاني، و فيهم من ذكره ابن تيمية ، ثم ان ابن تيمة وصف ابن جرير في موضع آخر بأنه لا يروي الأحاديث الموضوعة و لا الضعيفة، و قال عن البغوي: لماكان البغوي عالماً بالحديث لم يذكر في تفسيره شيئاً من هذه الأحاديث الموضوعة التي يرويها الثعلبي، و لا ذكر تفاسير أهل البدع التي ذكرها الثعلبي (3) . فما بال رواية ابن جرير و البغوي و غيرهما هنا ليست دليلاً علي صحة حديث الدار؟ بالتأكيد لأنها تفضي الى تصحيح قوله صلّى اللّه عليه و آله في علي عليه السلام: « وصيي و خليفتي من بعدي» .
     3ـ ابن كثيرالدمشقي (774 هـ) قال: أما ما يفتريه كثير من جهلة الشيعة والقصّاص الأغبياء من أنه صلّى اللّه عليه و آله أوصى الى علي بالخلافة، فكذب و بهت و افتراء عظيم، يلزم منه خطأ كبير من تخوين الصحابة و ممالأتهم بعده على ترك إنفاذ

(1) السقيفة والخلافة: 142 ـ دار غريب ، القاهرة ـ 1977 مـ.
(2) منهاج السنة 4: 80 ـ المكتبة العلمية ـ بيروت.
(3) منهاج السنة 2: 90.



(136)
وصيته و إيصالها الى من أوصى إليه، و صرفهم إياها الى غيره، لا لمعنى و لا لسبب (1)... الى آخر كلامه الذي أوضح فيه سبب تكذيبه حديث الوصية و غيره من ألاحاديث الدالة على أفضلية أمير المؤمنين عليه السلام وإمامته بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و هو ما يلزم منه من تخوين الصحابة و تركهم إنفاذ وصيته صلّى اللّه عليه و آله، و قد تبيّن في الصحيحين أن عمر بن الخطاب منع رسول الله صلّى اللّه عليه و آله أن يكتب وصيته التي توخّى فيه الهدى و إنقاذ الأمة من الضلال، فما المانع من الممالأة على وصيه بعد وفاته صلّى اللّه عليه و آله، سيما و أنه صلّى اللّه عليه و آله قد عهد الى علي عليه السلام بأن الأمة ستغدر به بعده (2)، و أخبره بضغائن في صدور أقوام لا يبدونها إلّا بعده صلّى اللّه عليه و آله(3).
     كما أخبر صلّى اللّه عليه و آله باعتراف أصحابه من بعده فيما يسمّونه بالصحيحين و انه لا ينجو منهم يوم القيامة إلّا كهمل النعم كنايةً عن القلّة القليلة جدّاً.
     و قد صرّح أمير المؤمنين عليّ عليه السلام بممالأة القوم على اهتضام حقّه الذي جعله اللّه له في عدّة مواضع من كلامه و خطبه و كتبه، منها قوله عليه السلام: « اللهمّ إني استعديك علي قريش و من أعانهم، فانهم قطعوا رحمي، و صغّروا عظيم منزلتي، و أجمعوا على منازعتي أمراً هو لي، ثم قالوا: ألا إن في الحق أن تأخذه، و في الحق أن تتركه!» (4).

(1) البداية و النهاية 7: 225.
(2) مستدرك الحاكم 3: 140 و صححه، تذكرة الحفاظ 3: 995، تاريخ بغداد 11: 216، شرح ابن أبي الحديد 6: 45، الخصائص الكبرى 2: 235 ـ دار الكتب العلمية ـ بيروت ـ 1405 هـ.
(3) مستدرك الحاكم 3: 139 ، مسند أبي يعلى 1: 426 / 305.
(4) نهج البلاغة / تحقيق صبحي الصالح: 246 / خ 172.



(137)
و في الخطبة الشقشقية (1) التي تشتمل على شكوى أمير المؤمنين عليه السلام من تظاهر القوم عليه، كفاية لمن التمس الحقّ و اهتدى به.
     و عقّب ابن كثير على حديث الوصية الذي رواه الطبراني عن سلمان رضي اللّه عنه عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله وفيه: « فإن وصيي و موضع سري وخير من أترك بعدي و ينجز عدتي و يقضي ديني علي بن أبي طالب».
     قال ابن كثير بعد ذكر تاويل الطبراني الذي قّدمناه: إن هذا الحديث منكر جداً، و لا يصحّ سنده قولاً واحداً ،و أمراً واكداً، ففي رجاله من لا يعرف رأساً، و فيهم المتكلّم فيه بأساً، و في تأويل الطبراني ـ يبدو صحة الحديث، و إن كان غير صحيح ـ نظر ، واللّه أعلم (2).
     و هذا الحديث رواه أحمد بن حنبل في (الفضائل) بلفظ « إن وصيي و وارثي و منجز وعدي علي بن أبي طالب عليه السلام» (3).
     و قال سبط ابن الجوزي: فإن قيل: قد ضعّفوا حديث الوصية؟
     فالجواب : إن الحديث الذي ضعفوه في إسناده إسماعيل بن زياد، تكلّم فيه الدارقطني، و إنما تكلّم فيه لأنه روي في الحديث زيادة بعد قوله: منجز وعدي « و هو خير من أترك بعدي» والحديث الذي ذكرناه رواه أحمد في (الفضائل)، و ليس في إسناده ابن زياد، ولا هذه الزيادة، فذاك حديث، و هذا آخر(4).
     و هكذا اتضح لك من هو الغبي المعاند و للحقّ جاحد.

(1) و هي الخطبة الثالثة من نهج البلاغة.
(2) جامع المسانيد و السنن / ابن كثير 5: 383/ 3633.
(3) فضائل الصحابة 2: 615/ 1052.
(4) تذكرة الخواص : 48.



(138)

     4ـ ابن خلدون (808 هـ) . قال في الفصل الثلاثين من مقدمته: والأمر الثاني هو شأن العهد مع النبي صلّى اللّه عليه و آله و ما تدعيه الشيعة من وصيته لعلي رضي اللّه عنه و هو أمر لم يصحّ و لا نقله أحد من أئمة النقل.
     ثم قال: والذي وقع في الصحيح من طلب الدواة و القرطاس ليكتب الوصية، و أن عمر منع من ذلك، فدليل واضح على أنه لم يقع ، و كذا قول عمر حين طعن و سئل في العهد، فقال: إن أعهد فقد عهد من هو خير مني، يعني أبابكر، وإن أترك فقد ترك من هو خير مني، يعني النبي صلّى اللّه عليه و آله لم يعهد(1).
     و قال في تاريخه: ذهب كثير من الشيعة الى أن النبي صلّى اللّه عليه و آله أوصى في مرضه لعلي، و لم يصح ذلك من وجه يعوّل عليه، و قد أنكرت هذه الوصية عائشة، و كىي بأنكارها(2).
     أما قوله : « أمر لم يصح و لا نقله أحد» و قوله : « لم يصح ذلك من وجه» فهو افتراء ، و تجاهل لصحيح السنة، و عناد للحق.
     و أما قوله: « والذي وقع في الصحيح من طلب الدواة» فانه جعل منع عمر عن كتابة الوصية دليلاً على عدم وقوع العهد ، ولم يتعرض الى أن إرادة النبي صلّى اللّه عليه و آله كانت الكتابة، و هي دليل على العهد لو لا منع عمر ، و قد اعترف عمر بأن النبي صلّى اللّه عليه و آله أراد أن يصرح باسم علي عليه السلام في الوصية، فمنع هو من ذلك(3). ثم إن العهد بالخلافة إذا لم يقع كتابةً فقد وقع لفظاً في مناسبات عديدة استغرقت جميع مراحل تاريخ النبوة.

(1) المقدمة / ابن خلدون: 212 ـ دار إحياء التراث العربي ـ بيروت ـ 1419 هـ.
(2) تاريخ ابن خلدون 3: 215.
(3) راجع جداله مع ابن عباس في شرح ابن أبي الحديد 12: 20 ـ 21.



(139)

     و أما قول عمر : « إن أترك فقد ترك من هو خير مني» فهو مغالطة سافرة، لأنه مانع من أن يقع العهد، لا أن النبي صلّى اللّه عليه و آله قد ترك فاستنّ عمر بسنته. و يكفي في المقام أنه اعترف على نفسه بمنع النبي الأعظم صلّى اللّه عليه و آله من كتابة وصيته، الأمر الذي يكشف عن عدم صحّة الاحتجاج بكلامه، لا سيّما و هو في تلك الحال، و من يدري فلعلّه كان يهجر هجراً؟
     و أما قوله: « و قد أنكرت هذه الوصية عائشة، و كفى بإنكارها» ! فهو من مضحكات ابن خلدون حقّاً، إذ كان عليه أن يثبت صدق عائشة أوّلاً، و عدم وجود ما ينير في تاريخها الىاختلاف هذه الأكذوبة ثانياً، مع مقارنة هذا الإنكار بأدلّة الوصية و مثبتهاتها ثالثاً، و لكن من ينكر أحاديث الإمام المهدي عليه السلام حتى صار سخرية عند محدّثي أهل السنة (1) لا جرم عليه في تمسّكه بإنكار من ركبت لقتال الوصي و سبط النبي صلّى اللّه عليه و آله جملاً و بغلاً!
تخبط و تناقض
     لقد أوقع التشكيك و التضعيف كثيراً من الباحثين المتأخرين بالتهافت والاضطراب، لأنهم ساروا على خطى الأولين و سلكوا نهجهم في الشكّ و الرفض لمبدأ الوصية دون أدنى تدبّر و تعمّق، و بعيداً عن متطلّبات البحث العلمي النزيه، ففي الوقت الذي تجد بعضهم يشكّك في نسبة نهج البلاغة لأمير المؤمنين عليه السلام لما ذُكِر فيه من الوصية و الوصي (2)، تجد الآخر يقول: إننا لا نجد في

(1) راجع كتاب: المهدي المنتظر في الفكر الإسلامي للسيّد ثامر العميدي، و هو الإصدار الأوّل من إصدارات مركز الرسالة، ستجد فيه سخرية أعلام أهل السنّة من ابن خلدون في إنكاره أحاديث المهدي عليه السلام.
(2) أثر التشيع في الأدب العربي / محمّد سيد كيلاني: 66 ـ القاهره .



(140)
خطب علي و كلامه و مراسلاته التي ضمّها نهج البلاغة و صفه بهذا اللفظ ، أي (الوصيّ)(1).
     و في ذلك دلالة على التخبّط الأعمى و التناقض المفضوح، و أنّهم لم يخضعوا القضية لميزان النقد الصحيح، و إنّما تناولوها على أساس متبنّياتهم المذهبية المقيتة.

     طعن الرواة
     و تكلّموا في غالب رواة الوصية ونبزوهم بعدم الثقة و الضعف و الجهالة و الكذب والوضع والرفض و الترك و غيرها(2)، و جعلوا رواية حديث الوصية من علامات غلو الراوي في مذهبه (3)، و دليلاً على رفضه و كذبه (4). و إن كان من أهل الثقة و الصدق و الجلالة، و نذكر على سبيل المثال:
     1ـ إبراهيم بن محمد بن ميمون
     روى عنه أبوبكر بن أبي شيبة و غيره، و ذكره ابن حبان في الثقات(5).
     و قال إبراهيم بن أبي بكر بن شيبة: سمعت عمّي عثمان بن أبي شيبة يقول:
لو لا رجلان من الشيعة ما صحّ لكم حديث. فقلت له: من هما يا عمّ؟ قال:

(1) الخلافة و نشأة الأحزاب الإسلامية / د. محمد عمارة: 33.
(2) راجع: اللآلئ المصنوعة / السيوطي 1: 358، 362 ـ دار المعرفة ـ بيروت ، الموضوعات / ابن الجوزي 1: 374 ـ 377.
(3) تهذيب الكمال/ المزي 5: هامش صفحة 48 ـ مؤسسة الرسالة ـ بيروت ـ ط 4 ـ 1406 هـ.
(4) ميزان الاعتدال 1: 521 / 1943.
(5) الثقات / ابن حبان 8: 74 ـ مؤسسة الكتب الثقافية ـ بيروت.



(141)