للخوف حتى يخاف شخص من الله ، لذا تعطي الآية درعاً بيد الإنسان وتقول : إذا رأيت جمالاً وجه هذا الدرع نحوك حتى لا يسند الجمال إليك . ويصل مباشرة إلى الله ، وإذا رأيت خوفاً أو سمعت كلاماً عن جهنم وجه هذا الدرع فوراً نحو الله ينسب الخوف إلى الله ، الإنسان يخاف من عاقبة عمله وإلا فالله هو جمال محض ( كل جمالك جميل ) (1) .

الخوف العقلي والنفسي :
إذاً الكلام عن ( وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى * فإن الجنة هي المأوى ) (2) ، فالمقصود هو الخوف العقلي وليس الخوف النفسي ، الخوف العقلي هو أن الإنسان عندما يذهب إلى محل عظيم يخاف خوفاً عقلياً ويشعر بالحقارة والصغر ، أحياناً يسافر الإنسان لوحده في صحراء ويخاف من اللص والسارق والحيوان المفترس هذا الخوف هو خوف نفسي ولن يدخل أحياناً إلى الحرم المطهر لثامن الحجج ـ صلوات الله عليهم أجمعين ـ ويخاف ، وهذا هو خوف عقلي ، أي يشعر بالصغار ، الخوف العقلي هو عين المحبة . في دعاء أبي حمزة الثمالي نقرأ :
( اللهم أني أسألك أن تملأ قلبي حباً لك وخشية منك ) (3) .
وكما أن صفات الله تعالى عين بعضها البعض وعين ذاته ، كذلك صفات العبد الكامل التي هي مظهره هي عين بعضها البعض وعين ذاته ، ولكن مع هذا الفرق وهو أن الصفات في العبد الكامل ، ممكنة ، وعينيتها إمكانية ، وفي الذات المقدسة الواجبة ، صفاته واجبة ، وعينيتها وجوبية أيضاً ، لذا ورد في هذا الدعاء ( اللهم إني أسألك أن تملأ قلبي حباً لك
____________
(1) مفاتيح الجنان ، دعاء السحر .
(2) سورة النازعات ، الآيتين : 40 ـ 41 .
(3) مفاتيح الجنان ، دعاء أبي حمزة الثمالي .

(218)

وخشية منك ) ، حتى يتضح أن الخشية خشية محبة لا خشية خصام . أحياناً يخاف الإنسان من العدو ، وأحياناً يخاف من الصديق ، هنا المحبة هي عين الخشية ، هذه الخشية هي عين تلك المحبة .

العلم النافع :
إذا طرح العلم بوصفه فضيلة فان العلم فرع وأصله هي التقوى ، من هنا يتضح ان العلم الذي أمر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وآله وسلم بطلب زيادته ، إذ قال :
( وقل ربّ زدني علماً ) (1) .
يقصد به العلم الذي يكون نافعاً . ونفع العلم هو في ظل التقوى .
بعض العلوم ليست مفيدة في الدنيا فقط ، بل تزدهر في البرزخ والقيامة أيضاً ، وبعض العلوم لها جنبة عملية ودنيوية فقط ، إذا استفاد الإنسان منها في الدنيا بشكل صحيح فهي مفيدة ، وإلا فنفس العلم يرحل بعد الموت مثل علوم الزراعة ، والبيطرة والطرق والبناء المعماري وأمثال ذلك ؛ لأنه ليس في الجنة محل للزارعة حيث تنمو الشجرة في كل مكان يريده المؤمن ، وفي كل مكان يريده تفور عين .
( عيناً يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجبراً ) (2) .
ولكن معرفة الله واسماء الله ، معرفة مواقف القيامة وأمثال ذلك تزداد ازدهاراً في القيامة . العلم الذي يكون مفيداً للمجتمع البشري . تحصيله إما واجب عيني أو واجب كفائي في الدين ، ولكن الأهم من الكل هي المعارف الإلهية التي قال تعالى لرسوله : ( وقل رب زدني علماً ) نموذج هذا العلم علمه له وقال :
____________
(1) سورة طه ، الآية : 114 .
(2) سورة الإنسان ، الآية : 6 .

(219)

( فاعلم انه لا إلا الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات والله يعلم متقلبكم ومثواكم ) (1) . ليس هناك أعلى من علم التوحيد .
(التوحيد ، ثم الجنة ) (2) .
ولكن هذا العلم إلى جانب طلب المغفرة وإلى جانب ذلك الدعاء ، وهذا ليس من أجل ان العلم هو هدف أصيل ، بل لأن الاعتقاد التوحيدي هو أصل ، لأنه نفسه عمل ويهيىء أرضية ذلك الاستغفار ( فاعلم انه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات والله يعلم متقلبكم ومثواكم ) (3) . وبمناسبة هذه الآية الكريمة ورد :
( خير العلم . التوحيد ) و ( خير العبادة ، الاستغفار ) (4) .
في هذه الناحية أيضاً ليس هناك امتياز بين المرأة والرجل ، بل ان النساء أكثر نجاحاً في أقسام الدعاء .

مقام الأم الرفيع في القرآن :
عندما يطرح الإسلام احترام الوالدين ، يطرح اسم الأم منفصلاً وبالاستقلال ، من أجل تكريم مقام المرأة ، ومع انه تعالى يقول :
( إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أفٍ ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً ) (5) .
وقال تعالى :
____________
(1) سورة محمد ، الآية : 19 .
(2) بحار الأنوار ، ج 3 ، ص 3 .
(3) سورة محمد ، الآية : 19 .
(4) أصول الكافي ، ج 2 ، ص 517 ، الباب 36 .
(5) سورة الإسراء ، الآية : 23 .

(220)

( ووصينا الإنسان بوالديه إحساناً ) (1) .
( وقضى ربك ألاّ تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً ) (2) .
وقال تعالى :
( أن اشكر لي ولوالديك ) (3) .
ولكن مع كل هذا التكريم المشترك ، عندما يريد ان يذكر مشقات الوالدين ، يتكلم على مشقة الأم ، لا على مشقة الأب ، فقوله :
( ووصينا الإنسان بوالديه إحساناً حملته أمه كرهاً ووضعته كرهاً وحمله وفصاله ثلاثون شهراً ) (4) .
نرى انه تعالى يتكلم على مشقات الأم ثلاثين شهراً . ففترة الحمل والولادة وفترة الرضاعة صعبة على الأم . ويذكر كل هذه كشرح لخدمات الأم . وفي هذا القسم من القرآن لا تسمعون الله تعالى يقول : إن الأب تحمل مشقة .
بناء على هذا فان الآيات القرآنية الواردة في مسألة معرفة حق الوالدين على قسمين : قسم من الآيات يبين معرفة الحق المشترك للوالدين ، وقسم آخر هي الآيات التي تخص معرفة حق الأم ، وفي المحل الذي يبين القرآن الكريم حكماً خاصاً بشأن الأب فهو من أجل بيان الوظيفة فقط . مثل :
____________
(1) سورة الاحقاف ، الآية : 15 .
(2) سورة الإسراء ، الآية : 23 .
(3) سورة لقمان ، الآية : 14 .
(4) سورة الاحقاف ، الآية : 15 .

(221)

( وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف ) (1) .
ولكن حين الكلام على التكريم وبيان الجهود ، يذكر اسم الأم بالخصوص .

الوظائف التربوية للمرأة :
هناك مجموعة مسؤوليات تربوية بعهدة الأم ، محروم منها الأب ، المرأة لديها مجموعة مسؤوليات لمدة ثلاثين شهراً على الأقل ، والرجل ليس لديه هذه . والله سبحانه يتكلم مع المرأة خلال هذه الثلاثين شهراً كلاماً لا يتكلمه مع الرجل . هناك وظائف وأوامر وتوجيهات مقررة للمرأة في مدة ثلاثين شهراً ( وحمله وفصاله ثلاثون شهراً ) الحد الأقل لفترة الحمل ستة أشهر ـ وأكثره تسعة أشهر ـ وسنتين أيضاً يرضع هذا الطفل في حضن الأم فيصبح المجموع ثلاثين شهراً .
( والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين ) (2) .
في هذه الثلاثين شهراً التي يتغذى الطفل فيها من الأم مباشرة ، الأم مسؤولة عن حفظ شخصين ، ولها تكليفين ، أحدهما لها والآخر للطفل . الأب موظف في أصل النطفة ان يأكل حلالاً ، وإذا ابتلى في ما بعد بحرام فليس له ارتباط قريب بتربية الطفل ، لأن الغذاء الحرام للأب يهضم في معدة الأب . أما غذاء الأم ففي معدتها يتبدل إلى لبن ويتغذى به الطفل .. هي موظفة ان تعطي للطفل حلالاً وان تأكل هي حلالاً . هذه ترتبط بالأغذية الجسمانية .
أما في الأغذية الروحانية فكذلك أيضاً ، إذا خطرت للرجل خاطرة
____________
(1) سورة البقرة ، الآية : 233 .
(2) سورة البقرة ، الآية : 233 .

(222)

سيئة ، فكر بخيال وهوى سيّىء فيؤذي نفسه . خيال الذنب والخاطرة السيئة عند الرجل هي ضد الرجل نفسه ، أما الخيال الباطل والحرام والتفكير بالذنب والخواطر المرّة عند المرأة فتكون ضد شخصين .
الآن يجب السؤال : أليس هذا عظمة للمرأة ؟ أليست هذه مسؤولية أعطاها الله تعالى للمرأة ؟ قال للمرأة إن مسؤوليتها في حفظ خواطرها وأفكارها وعقائدها أكثر من الرجل ، الرجل يؤذي شخصاً واحداً والمرأة تؤذي شخصين ، لذا عليها مراقبة أفكارها ، لأن كثيراً من المسائل تصل إلى الابن عن طريق الفكر .
لماذا مقام المعلم أعلى من مقام المتعلم ؟ لأن له وظيفتين ، أحداهما إصلاح نفسه ، والأخرى إصلاح الآخرين ، أما الآخرون فلهم وظيفة واحدة فقط وهي إصلاح أنفسهم .
إذا عرفت الأم أن أفكارها تؤثر في الطفل فسوف تحرص على أن تعيش أكثر عرفانية في الفكر والرؤية التوحيدية وظيفة الأمومة ليس في ان ترضع الطفل وهي على وضوء فقط وتقول بسم الله عندما تضع الثدي في فم الطفل ، فهذه أعمال تنفيذية ، وهي مجموعة أعمال ظاهرية وعبادات ظاهرية ، بل الدين يقول للمرأة ان تراقب أفكارها أيضاً ، كما يوصي الرجل بأن لا يفكر بامرأة أجنبية رآها في شارع أو صحراء ، حين مواقعة زوجته ، لأن الله مطلع ، أحياناً يحرص الإنسان على أن لا يفعل فعلاً سيئاً . هذه هي المراقبة المعروفة ، وهناك مراقبة المراقبة ، أي يرى ان آخر يراه :
( ألم يعلم بأن الله يرى ) (1) .
تارة يقال لنا :
____________
(1) سورة العلق ، الآية : 14 .
(223)

( عباد الله زنوا أنفسكم قبل ان توزنوا وحاسبوها من قبل ان تحاسبوا ) (1) .
وأخرى يقال : على الإنسان ان يكون منتبهاً إلى أنه مراقب ( ألم يعلم بأن الله يرى ) .
بناء على هذا فمسؤولية المرأة في هذه الشهور الثلاثين هي أكثر من الرجل وكل من كانت مسؤوليته أكثر يكون توجهه إلى الله أكثر في حالة العمل بها ، وكل من كان أكثر توجهاً إلى الله فهو أكثر نجاحاً ، لذا نلاحظ في القرآن الكريم انه في الوقت الذي يوصي الناس بأن يكرموا الوالدين ، يذكر مكرراً اسم الأم ؛ لأنها كانت مراقبة ثلاثين شهراً . إذا لم ترتكب الأم عقوقاً في فترة الثلاثين شهراً ، لم ترتكب عصياناً ، فان أولادها أيضاً لا يبتلون بالعقوق .
هذه هي أوارم علمها الله تعالى للنساء عن طريق الوحي بواسطة النبي كبرنامج خاص لأن تكون النساء مراقبات لأفكارهن إن الأفراد العاديين ليسوا مسؤولين بذلك القدر ولكن الأئمة لديهم مسؤولية أكثر ، القادة لديهم مسؤولية أكثر ، أفكار المعلم تؤذي مجموعة أو تربي مجموعة ، ولكن الآخرين ليسوا هكذا . كل شخص لديه مسؤولية أكثر ، إذا نظر إلى هذه المسؤوليات بنظرة تكريم يصبح أقرب الى الله وفترة المسؤولية لمدة ثلاثين شهراً هذه مكررة للمرأة ، من قال إن مقام النساء في الجنة هو أقل من مقام الرجال ؟ المنصب والمقام يبلغ بخط ، ويعزل بخط .
والمقام الذي يأتي بإبلاغ ويذهب بإنذار يفيد صفحة الورق تلك لا يفيد الإنسان ، وأي مقام ومنصب دنيوي ثابت دائماً ، فهذه ليست مقاماً
____________
(1) نهج البلاغة ، الفيض ، الخطبة ـ 89 .
(224)

حقيقياً .
إذا كان البحث عن الأعمال التنفيذية ، يجب أن لا ينظر الإنسان بنظارة الغرب وهو يعيش في الدائرة الإسلامية ، يجب أن نقف في برج عالٍ ، ونأخذ بنظر الاعتبار الماضي البعيد والمستقبل غير المحدود لنرى هل المرأة أكثر نجاحاً في هذا المسير غير المحدود أم الرجل . إذا لم تكن المرأة أكثر نجاحاً فهي ليست اقل .
وان هذه الأوامر تدل أنها أكثر من الرجل تحت مراقبة الله .

الاختلاف في الحَمل والحِمل :
قد لا تستطيع المرأة رفع حمل يعادل ما يحمله الرجل أو يزيد عليه ، ولكن حمل الطفل ليس عملاً سهلاً ، البعض حملهم ( بالكسر ) قوي ، والبعض أقوياء في الحمل ( بالفتح ) . الحمل هو ثقل على الكتف ، الحمل هو ثقل في داخل الإنسان ، النساء قويات حملاً والرجال أقوياء حملاً ، وقد بين القرآن الكريم ( الحَمل والحِمل ) كليهما (1) . الثقل الذي على الكتف والظهر يسمى حمل ، ( حمل البعير ) ، والثقل الذي في الداخل هو حمل ، فإذا لم تستطع المرأة ان تكون مثل الرجل في الحمل ، فالرجل أيضاً ليس مثلها في الحمل ، لا يستطيع ذلك ولا يصلح له أساساً ، لذا في كثير من هذه المسائل ليس للقرآن كلام مع الرجل ، وعندما يعطي للرجل المجال في المسائل التنفيذية ، يأمره بمجموعة وظائف ويلزمه بالقيام بها .
أن أهم رأسمال للمرأة هو الانجذاب والمناجاة مع الله . عندما تعرض
____________
(1) ( يوم ترونها تذهل كل مرضعة عمّا أرضعت وتضع كلّ ذات حمل حملها ) سورة الحج ، الآية : 2 .
( ولا تزر وازرة وزر أخرى وان تدع مثقلة إلى حملها لا يحمل ... ) سورة فاطر ، الآية : 18 .

(225)

هذه المعارف وتفهمها النساء وتعمل بها ، عند ذلك يعرفن أين يصرفن البكاء هذه الذخيرة الإلهية ، صحيح أن الجمال هو رأسمال لهن ، ويجب أن يصرفنه في محله ، الكل يعلم بأنه يجب ان تكون النساء ذوات حجاب ، وزكاة الجمال هي العفاف ، لكن جمالهن الحقيقي هو الانجذاب نحو الجمال المحض .
( زكاة الجمال ، العفاف ) (1) .
ولكن ما هي زكاة ذلك الأنين والآه ورقة القلب ؟ أين يجب صرفه ؟ ( سلاحه البكاء ) هذا يجب ان يعلم أن يبكي في الأدعية والمناجاة ولا يبكي بلا فائدة ، هذا الرأسمال لم يعطه الله حتى يبكي الإنسان من أثر التنافس على مظاهر الدنيا واللباس والزينة ؛ لأنه من الحيف أن يصرف الإنسان هذه الأسلحة في غير محلها . وفي هذه الأدعية لم يشترط أن يقرأها الرجل ولا تقرأها المرأة ، والمناجاة الفلانية خاصة بالرجل وليس للمرأة سهم ، ليس هكذا .
إذا جمعنا كل هذه المسائل نرى ان الله تعالى اعتبر المعيار شيئاً ، وفي ذلك المعيار تشترك المرأة والرجل ، وإذا لم تكن لدى ملايين الأشخاص الدارسين وغير الدارسين اعمال تنفيذية ، فذلك لا يعني عدم وصولهم إلى الهدف .
كثير من العلماء والمحققين يقولون : بالنظر لأن هناك أشخاصاً عاملين في الأمور التنفيذية ، بمقدار الكفاية ، فلماذا نقبل نحن بعمل تنفيذي ؟ هؤلاء إذا لم يكونوا أكثر نجاحاً في المعارف الدينية وفي خدمة الإسلام والمسلمين ، فليسوا بأقل . فيتضح ان التكامل هو في شيء آخر . ونحن
____________
(1) غرر الحكم ، الفصل 37 ، الرواية 5 .
(226)

نبحث عن الاختلاف في شيء آخر هذه القضية المنطقية نكررها أيضاً ، وهي ان ما هو معيار الكمال ليس فيه فرق بين المرأة والرجل ، وما هو فرق بين المرأة والرجل ، ليس معيار الكمال .

رعاية الله الخاصة للنساء :
النكتة التي يجب الالتفات إليها هي أن الدين يرى للمرأة حساباً خاصاً ، في كتاب من لا يحضره الفقيه للمرحوم ابن بابويه القمي ـ رضوان الله تعالى عليه ـ والذي يعد من الكتب القيمة واحد الكتب الأربعة ، باب في أبواب الصلاة بعنوان ـ أدب المرأة في الصلاة ـ كيف تقف ، كيف تركع ، كيف تتشهد ، كيف تنهض بما يكون مناسباً لعفافها ـ في نهاية الباب يروي رواية عن الإمام السادس عليه السلام وهي أن المرأة إذا أرادت ان تسبح فلتسبح بأصابعها ( فإنهن مسؤولات ) (1) ، لعله ليس هناك أمر بشأن الرجل أن يسبح بأصبعه ولكن في هذه الرواية يؤمر بأن تسبح المرأة بأصبعها ـ طبعاً أفضل تسبيح ، وعد التسبيح سواء للمرأة أو للرجل هو التربة الحسينية . ولكن لا يعني ذلك أنه إذا سبح الرجل برأس إصبعه لا يكون مقبولاً ، ولكن لم يرد بذلك أمر ، أما بشأن المرأة ، فعدا ان التسبيح وعد التسبيح بالتربة الحسينية له فضيلة كثيرة ، فقد ورد أمر بأن يسبحن برؤوس أصابعهن ، لأن رؤوس الأصابع هذه سوف تكون مسؤولة في القيامة ، هذه رعاية من الله للمرأة في أن تحسب عدد التسبيح بإصبعها حتى يقوم أصبعها أيضاً بالعبادة ؛ لأن الله تعالى يحشر البدن في القيامة بجميع الخصائص :
( بلى قادرين على أن نسوي بنانه ) (2) .
____________
(1) من لا يحضره الفقيه ، ج 1 ، ص 374 ، الرواية 1089 .
(2) سورة القيامة ، الآية : 4 .

(227)

هذه رعاية للمرأة من قبل الله حتى تنتبه إلى أنها سبحت بهذه الأصابع ، عند ذلك لا ترتكب معصية بهذه اليد . صحيح أنها إذا ذكرت الله بالمسبحة تحصل على ثواب ولكن ليس هناك دور لكل الأصابع ، وأما إذا استعملت رأس الاصبع في التسبيح فان هذه الإصبع ورأس الإصبع يقوم بالعبادة ، وإذا كان هذا الموضوع كمثال وتمثيل لا تخصيص وتعيين ـ لأن التعليل له عمومية ـ يمكن الإدعاء بأن الله تعالى كان تأكيده ( على أساس هذه الرواية ) على أن تكون المرأة بجميع أعضاء بدنها عبدة الله ، ولهذا السبب جعلها موضع رعايته 6 سنوات قبل الرجل .
الله تعالى استقبل المرأة ست سنوات قبل الرجل ـ كما هو في الفقه ـ أوجب عليها الصلاة وأوجب عليها الصيام وأوجب عليها الحج ، الأحكام التي لم يطلبها من الرجل قبل البلوغ ويقول بأن هذا الإنسان منشغل باللعب الآن ، أوجبها على المرأة واستقبلها ، أليست هذه دلالة على فضيلة المرأة ؟ إذا لم نشعر ونستنبط من هذه الشواهد عظمة المرأة وأفضلية المرأة على الرجل فعلى الأقل يتضح ان للدين اهتماماً خاصاً بالمرأة ، طبعاً الأيام التي تحرم فيها المرأة من الصلاة إذا تداركتها بهذه السنوات الست فليس أمامها مشكلة ، ولكن يجب ان تدرك المرأة موقفها عند ذلك ولا تفكر بالزينة ، ولا تفكر بمسائل الثياب والطعام ، ولا تفكر ماذا لبس الآخرون وماذا لبست هي ، . هذه المسائل حقيرة بالنسبة للمرأة إذا تربت تربية دينية وفهمت أنها ان لم تكن أفضل من الرجل فهي ليست بأقل . ترى جمالها في شيء آخر ، ترى عفتها في شيء آخر ، ترى ان الدين يقول بصراحة ، للرجل اذهب والعب ست سنوات ، ولكنه يستقبل المرأة . كما يقال للأطفان في مجمع علمي اذهبوا والعبوا فهنا ليس مكانكم ، ولكن يسمح للكبار بالدخول . إن هذا ليس من أجل أن المرأة ناقصة بل من أجل أن المرأة رقيقة ، والرقيق يجب الاعتناء به


(228)

في ضمن البحوث السابقة أشير إلى أن أمير المؤمنين عليه السلام قال : إن المرأة ريحانة . هذه الزهرة يجب عدم تركها ، هذه الزهرة يجب أن تكون بيد البستاني فقط ، وبستاني هذه الزهرة ، هو الله تعالى . بستاني كل إنسان ، هو الله الذي يقول :
( والله أنبتكم من الأرض نباتاً ) (1) .
وهو يعلم أية زهرة يحفظها أفضل من أخرى وقبل أخرى ، وأية زهرة يجب العناية بها أكثر .
هذه الفسائل من الرجال والنساء خلقها الله ، وهو يعلم أن بعض الفسائل يجب رعايتها قبل فسائل أخرى ، وتلك الفسيلة التي يجب وضعها تحت رعاية الدين بسرعة هي المرأة لئلا تتلوث ، لا سمح الله . هذا دليل على عظمتها ، فهي تعرف عظمتها عندما يقال لها : إن الله يقبلك قبل الرجل بست سنوات ، في الوقت الذي يلعب الرجل مثل الأطفان في ميدان اللعب ، فان الله قبلك وسمح لك .
إن الرواية المروية عن الإمام الصادق عليه السلام في أن تسبح المرأة برأس أصبعها فـ ( إنهن مسؤولات ) تدل على أن جميع أعضاء وجوارح المرأة خاضعة لبرنامج الله تعالى .

تتمة البحث :
أساس العرفان وهو الشهود للواقع وكشف الحقيقة ينشأ من السير والسلوك في درجات الوجود ومراقبة سالكي طريق الوصال ومشاهدة مسير الأسفار المتنوعة ، كثير من منجزات العرفان يؤيدها البرهان ، كما ان خلاصتهما يراها القرآن جائزة ولائقة وذلك بانسجام مع البرهان المتين
____________
(1) سورة نوح ، الآية : 17 .
(229)

والعرفان الصادق . ما يراه العارف هو أن جميع الأشياء تتجدد كل لحظة . وفي هذا التجدد ليس هناك امتياز بين الثابت والسيال ، المجرد والمادي ، وهدف جميع السالكين هو لقاء الله ، كما أن سير جميع المسافرين هو تجليات الله المتنوعة . اختلاف السائرين في اختيار تجلي خاص ونيل اسم خاص الذي يجعل كلاً منهم مظهره الخاص . مجموعة لها انس باسماء الجمال واللطف والعاطفة ، وبعض تطبع باسماء الجلال والقوة . لذا حشر الجماليين في الجنة وحشر الجلاليين في جهنم ، وفي النتيجة كل منهم يلقى اسماً خاصاً من الأسماء الإلهية ويسكنون تحت ولاية ذلك الاسم .
الآية الكريمة ( يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحاً فملاقيه ) (1) . هي بمثابة رأس فصل في بحث كتاب سفر سالكي طريق الله ، حيث يبين في آخر ذلك التقرير عمل السعداء بصورة استلام كتاب الأعمال باليد اليمنى ، والالتحاق بنظائرهم وأهلهم ، ويبين تقرير عمل الفاسقين بصورة استلام كتاب الأعمال من خلف الرأس ، وصياح طلب الموت مع الاحتراق .
ليس هناك أي امتياز بين الموحد والملحد في أصل الكدح والسير والتولد ، لكن الملحد يسير دائماً في كثرة ، ويسعى من الخلق إلى الخلق ومع الخلق وفي الخلق ولأجل الخلق ( أي المادة ) ، ولا ينظر في كل مرحلة من مراحل سفره إلى هدفه الأصيل ومرافقة الصادق وهو الحق ، ولا يطلع أبداً على الوحدة ، ولا يخرج الرأس من الكثرة ، بل يدور حول نفسه مثل دودة القز ولا يرى خالقه ، والنتيجة يصبح مظهر إضلال ويدخل الرأس في جهنم مثل الشيطان المضل . وهو باطن كل كثرة خبيثة ، وكل مادة بلا روح . وفي هذا السير السقوطي ليس هناك فرق بين المرأة والرجل ؛ لأن التوحيد
____________
(1) سورة الانشقاق ، الآية : 6 .
(230)

والالحاد للروح ، والروح ليست من صنف الذكور ولا من صنف الإناث .
الموحد الصادق بواصل سيرة مع الحق ويعبر جميع مراحل سلوكه في صاحبة الحق ولا ينظر أبداً إلى الكثرة بدون شهود الوحدة ، ولا تصبح رؤية الخلق حجاب شهود الخالق أبداً ، بل يعتبر الخلق آية للحق دائماً ويستفيد استفادة صحيحة من هذه المرآة وينظر جمال الخالق في أنحاء مرايا السماء والأرض ، وبالنتيجة يصبح مظهر هداية ، ويستقر في الجنة مثل ملك هادٍ ، فباطن كل وحدة منزه وداخل كل صورة مع الروح وحيّ . وفي هذا الحركة ليس هناك أي امتياز بين المرأة والرجل ، لأن السفر الحقيقي في مراحل التوحيد يكون بعهدة الإنسانية المبرأة من الذكورة والأنوثة .
وقد قسم سالكوا الطريق ، والسالكون الشاهدون للغيب والشهود ، مراحل السفر إلى أربعة أقسام ، حيث للحق حضور في جميع تلك المراحل .
الأول : السفر من الخلق إلى الحق ومن الكثرة إلى الوحدة ، الثاني : السير من الحق إلى الحق والسفر في بحر الوحدة وشهود أسماء وأوصاف الواحد الأحد ، الثالث : السفر من الحق إلى الخلق بصحبة الحق والسفر من الكثير إلى الكثير في صحبة الواحد الأحد . وقد ورد شرح هذه الأسفار الأربعة وحصيلة كل مرحلة والنتيجة النهائية للمراحل الأربع في موطنها المناسب . إن ما هو لازم الذكر هنا : أن المراحل المذكورة تتولى رسم الخطوط العامة للولاية وآثارها الولائية ، والمسافرون في هذا السير هم من الرجال والنساء . في هذا الوفد نحو الحق ، ليس هناك أي فرق بين المذكر والمؤنث . وما هو مطروح في السفر الثالث والرابع هو الدرجات المتنوعة للولاية والتي ليس فيها أي فرق أبداً بين المرأة والرجل ولا ترتبط بمسألة النبوة والرسالة ، أي أن السفر الثالث والرابع يؤمن أيضاً بدون النبوة


(231)

والرسالة ، لأن الرجوع من الحق إلى الخلق والرجوع من الوحدة إلى الكثرة رغم انه لا يرافقه نبوة انبائية وتعريفية ولكن لا يستلزم أيضاً النبوة والرسالة التشريعية . بناء على هذا فإن ما حرمت منه المرأة ، أي النبوة والرسالة التشريعية ليست لازمة للعودة من الحق إلى الخلق . وما هي لازمة لهذه العودة ( أي النبوة الانبائية والتعريفية ) ليس فيها فرق بين المرأة والرجل . وعدم التمييز بين هاتين المسألتين العميقتين صار عاملاً للحكم بحرمان المرأة من السفر الثالث والرابع .
الغرض ان ظهير النبوة والرسالة هي الولاية ، وفي الولاية ليس هناك أي امتياز بين المرأة والرجل رغم ان هناك فرقاً بين هذين الصنفين في بعض أثارها التنفيذية وهي النبوة والرسالة التشريعية . المسألة الأخرى التي ضمن التكرار يمكن انهاء كل نزاع فيها هي انه رغم ان هناك فرقاً بين الرجل والمرأة في النبوة والرسالة التشريعية ، أي أن المرأة لا يمكنها ان تصبح نبياً وصاحب شريعة ، وهو عمل تنفيذي ، والرجل يستطيع ذلك ، ولكن بعد ختم النبوة التشريعية فقد أنسد هذا الطريق على الجميع سواء الرجال أو النساء لذا قال أمير المؤمنين عليه السلام بعد رحلة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :
( لقد انقطع بموتك ما لم ينقطع بموت أحد ) (1) .
من هنا لا تترتب على ذلك الفرق أية ثمرة ، الذين يعتزمون إخراج النساء من الساحة السياسية : الاجتماعية ، الثقافية والاقتصادية ليس لديهم أية حجة ، لأنه إذا كان الحرمان من الرسالة التشريعية نقص فالرجل هو كالمرأة أيضاً محروم بعد ختم النبوة ، وإذا كان التمتع بالظهير الأصيل للنبوة ، أي الولاية هو مسألة ذات قيمة ، وهي حصيلة السير نحو الله . فان
____________
(1) نهج البلاغة .
(232)

المرأة هي كالرجل تتمتع بهذه الكرامة ، وإذا كان المطروح هو توزيع المعلم وتقسيم ، المناصب التنفيذية بدون اختلاط المرأة والرجل ، فالمرأة كالرجل أيضاً صاحبة حق ، وإذا كان الكلام عن الاختلاط غير الصائب والتعامل غير المشروع ، فالرجل هو كالمرأة ممنوع أيضاً ، وإذا كان التقسيم العادل للمناصب التنفيذية ، مع الأخذ بنظر الاعتبار قابليات وتقييم خاصية كل صنف من هذين الصنفين هو المقصود ، فان كلاً منهما لديه استطاعة تحمل مسؤوليات مناسبة ، طبعاً في الأعمال التنفيذية للرجل وظائف أكثر .
يقول القيصري في شرح الفصّ المحمدي من فصوص محيي الدين :
( إعلم ان المرأة باعتبار الحقيقة عين الرجل وباعتبار التعين يتميز كل منهما عن الآخر ... ) (1) .
ولأن أصلهما واحد وليس هناك تمايز بينهما من حيث الحقيقة فجميع المقامات المتصورة للرجل تستطيع المرأة نيلها أيضاً . كما قال الشيخ الأكبر .
( ان هذه المقامات ليست مخصوصة بالرجال فقد تكون للنساء أيضاً ، لكن لما كانت الغلبة للرجال تذكر باسم الرجال ) (2) .
ولكن هل أن هذه الغلبة تتعلق بالقابلية للرجل وعدم قابلية المرأة ؟ أم هي من أثر تربية البيئة والأسرة والعادات و .. التي تتطلب بحثاً منفصلاً ؟ ان بعض الرجال ليسوا فقط أقل قابلية من الرجال الآخرين ، بل أنهم سوف يكونون أكثر نزولاً من بعض النساء أيضاً .
يرى محيي الدين أن سر محبوبية المرأة هو ان الله تعالى منزه عن أن
____________
(1) شرح القيصري ، ص 473 ـ 478 .
(2) الفصّ الموسوي ، ص 452 .

(233)

يشاهد بدون تجلي ومظهر وكل مظهر يكون جامعاً أكثر للأسماء والأوصاف الإلهية يدل على الله بصورة أفضل ، والمرأة هي أكمل من الرجل في مظهرية الله ، لأن الرجل هو مظهر القبول والانفعال فقط ، والمرأة عدا أنها مظهر القبول والانفعال الإلهي ، فهي مظهر الفعل والتأثير الإلهي أيضاً ، لأنها تتصرف في الرجل وتجذبه ويحبها ، وهذا التصرف والتأثير هو نموذج من فاعلية الله .
من هذه الناحية المرأة أكمل من الرجل . إذا أراد الرجل مشاهدة الله في مظهريته ، فشهوده ليس تاماً ، ولكن إذا أراد أن يشاهد الله في مظهرية المرأة ، يصل شهوده إلى الكمال والتمام ، لذا كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يحب المرأة وقد قال في الحديث المعروف بأنه حبب إليه من دنيانا المرأة والعطر وقرة عينه في الصلاة (1) .
النكات اللازمة التبيين كلام محيي الدين هي عبارة عن :
1 ـ المقصود من المحبة في هذا البحث هو الحب الإلهي وليس الشهوة الحيوانية ، حيث قال ابن عربي نفسه : ( ومن أحبهن على جهة الشهوة الطبيعية خاصة نقصه علم هذه الشهوة فكان صورة بلا روح ... ) (2) .
2 ـ المقصود من فاعلية ومنفعلية المرأة يختص بالرجل ، أي ان المرأة منفعلة بالرجل وفاعلة فيه ، لا أن تكون منفعلة منه وفاعلة في الجنين ـ لأنه تصبح هناك مظهر خالقية الله لها دور في تنظيم الجنين في الرحم ـ لأن هذه المسألة رغم ان لها اهمية إلا أنها خارج محور البحث الحالي ؛ لأن البحث هو في شرح محبوبية المرأة عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم وكلام ابن عربي في بداية الفص
____________
(1) الفصّ المحمدي ، ص 477 ـ 478 شرح القيصري .
(2) الفصّ المحمدي ص 480 .

(234)

المحمدي هو تفسير للحديث المذكور الذي جعلت فيه المرأة والعطر محبوبين عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .
3 ـ ما ورد في شرح القيصري لهذا الموضوع أوضح جداً من المسائل التي وردت في سائر الشروح مثل مؤيد الدين الجندي وفلاّ عبد الرزاق الكاشاني و ...
وبعض آخر من كلام محيي الدين في كتاب الفتوحات هو عبارة عن :
1 ـ ظهور المرأة يعتبر من الرجل ، لذا لا تصل المرأة إلى درجة الرجل أبداً والآية : ( وللرجال عليهن درجة ) يعتبر تأييداً لهذه المسألة (1) . طبعاً في ظهور المرأة من الرجل مسألة تستحق تحقيقاً وتجديد نظر .
2 ـ الواصلون نحو الله هم من الرجال والنساء ولا يختص الوصول إلى الله بالرجال (2) .
3 ـ الحيض الشيطاني الخبيث يجب الاغتسال منه . وجميع أهل الطريقة والرياضة متفقون على ان الكذب هو حيض النفوس ( أي الإنسان الكاذب هو حائض ) . بناء على هذا ( الصدق ) هو غسل من حيض ( الكذب ) (3) .
4 ـ في حالة أن يكون جثماني المرأة والرجل قد تهيئا للصلاة والدفن في القبر وأراد الإمام الصلاة عليهما صلاة واحدة فهل يجعل جثمان المرأة قريب من القبلة ومقدماً ويجعل جثمان الرجل إلى جهته ؟ أم بالعكس يجعل جثمان الرجل قريباً من القبلة ويضع جثمان المرأة قريباً منه ؟ هنا رأي ابن
____________
(1) الفتوحات ، الباب السابع ، ص 287 و 248 ج 2 ، تحقيق عثمان يحيى .
(2) الفتوحات ،الباب الرابع والاربعون ج 4 ص 106 . تحقيق عثمان يحيى .
(3) الفتوحات ، الباب السادس والستون ج 5 ص 391 .

(235)

عربي هو أنه بالنظر لأن المرأة هي محل تكوين الطفل وهي أقرب من الرجل إلى المكوّن الحقيقي أي الله تعالى ، لذا الأجدر هو أن تقدم المرأة على الرجل وتكون أقرب إلى القبلة حتى يولد طفلها بالفطرة التوحيدية (1) .
5 ـ في تفسير ( رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله .. ) صرح بأن درجة الكمال ليست محجورة بالنسبة إلى النساء والمرأة مشمولة ، بشكل من الأشكال بالآية الكريمة ، وإن لم يأتِ اسمها صريحاً (2) .
6 ـ وردت هذه المسألة ( أي عدم محجورية المرأة عن الكمال مع ملاحظة تقدم الرجل ) في الباب الثاني والسبعين ، ج 10 ص 348 تحقيق عثمان يحيى .
7 ـ في الباب الثامن والسبعين يقول : تختلف المرأة عن الرجل في كثير من أحكام الحج ، لأنه وان اجتمعا في الإنسانية لكنهما امتازا عن بعضهما البعض من أثر عروض الذكورية والأنوثية . ( أي ان الإنسانية تشكل جوهرتهما والذكورة والأنوثة عارضية ) .
8 ـ في الباب المذكور يقول : أحياناً تصل المرأة في الكمال إلى درجة الرجال وأحياناً ينحدر الرجل إلى درجة بحيث يصبح (3) أسفل من المرأة (4) .
9 ـ يطرح في الباب الثالث والسبعين رجالاً ونساء معروفين وصلوا إلى مقامات منيعة وفي بحث الحافظون والحافظات للحدود الإلهية ، وفي بحث الحلم يقول :
____________
(1) الفتوحات ، الباب التاسع والستون ج 8 ، ص 89 .
(2) الفتوحات ، ج 8 ص 151 .
(3) الفتوحات ، ج 1 ص 142 .
(4) الفتوحات ، ج 1 ص 143 .

(236)

( ما من صفة للرجال إلا وللنساء فيها مشرب تولاهم الله بالحلم .. ) .
ثم يطرح بتكريم اسم شمس المسنّة في صف الأواهين .
وهناك مسائل كثيرة أخرى يمكن الحصول عليها في كتابات هذا العارف من حيث تقديم خطوط عامة للبحث ، ومن ناحية الإشارة إلى المصاديق البارزة لذلك من نساء معروفات التقين بابن عربي أو ذهب هو للقائهن .