العمل وحقوق العامل في الاسلام ::: 91 ـ 105
(91)
فيها انحطاطاً شديداً ، وواجهت شبح المجاعة والفوضي ، وكادت التجربة الشيوعية أن تنهار في مهدها الأمر الذي اضطر لينين أن ينحرف عن المقررات الشيوعية ، فكان أبرز ما عمله أن أعاد نظام الملكية الفردية بصورة مخففة وقيود معينة ، وذلك بالنسبة للاراضي الزراعية الصغيرة والمساكن ، أما المشاريع والمناجم ، والضياع الكبيرة فبقيت على ملك الدولة ، ولكن الحكومة السوفياتية التي رفعت شعار ماركس لم يرق لها هذا الانحراف عن مبادئه ، فاعادت تحريم الملكية من جديد وذلك في سنة ( 28 ـ 30 ) فاستأنف الفلاحون ثورتهم واضرابهم ، وأخذت السلطة تمعن في قتلهم وتشريدهم حتى أسرفت في القتل والتنكيل فانتشر الخوف وعمت المجاعة ، وقدرت ضحية المجاعة الشاملة بستة ملايين نسمة حتى اضطرت الحكومة الى التراجع عن مقرراتها فمنحت الفلاح شيئاً من الأرض وبعض الحيوانات.
    ومهما يكن من أمر فان الحكومة السوفياتية قد قدمت في سبيل تطبيق الفكرة الماركسية سيلاً عارماً من دم أبنائها ، وهي بعد لم تتمكن من تطبيقها ، ويستحيل تطبيقها ما دام الانسان يشعر بضرورة استغلال سعيه لنفسه.
    3 ـ شل الحركة الانتاجية :


(92)
    إن التقدم الاقتصادي إنما يكون فيما اذا شعر الفرد بان ربح السلعة التي ينتحها يكون له يتصرف فيه حيثما شاء ، فعندئذ يندفع الى تحسين سلعته واتقانها ، ويعمل جاهداً على الابداع في إخراجها ليجلب لها الأنظار حتى يظفر بالربح ، وعلى هذا الأساس ترى التنافس بين أصحاب المعامل في إخراج السلعة بصورة رائعة تجلب الانظار ، أما اذا كان الربح للدولة فان الفرد لا يندفع لذلك ، ولا يتحفز الى العمل فضلاً عن الابداع فيه ، الأمر الذي يؤدي حتماً الى شل الحركة الانتاجية ، وتخريب المعالم الاقتصادية.
    إن من أهم العوامل التي تدفع الفرد الى النشاط في الانتاج والى بذل المزيد من الجهود في استثمار الأموال وحمايتها من التلف ، وصيانتها من الخراب والفساد ، هي المنفعة الشخصية ودخول الربح في جيبه ، أما اذا علم الفرد انه لا ينتفع بها لا هو ولا بنوه من بعده وانها تدخل في ميزانية الدولة ، فمن الطبيعي انه ليس هناك أمر يخفزه الى العمل ويدعوه الى الابداع فيه ولذلك آمن الاسلام بهذا الجانب وآمن بالملكية العامة ليحصل الثمرتين معاً.
    ومهما يكن من الأمر فان الغاء الملكية الفردية لا يمكن أن ينجح باي حال من الأحوال لأنه يشل الحركة الاقتصادية ،


(93)
ويخرب معالم الحضارة ، ويصرف الناس عن الجد في العمل فلا يندفعون اليه إلا بالقسر والاكراه ، ولذا التجأت روسيا الى الطرق الملتوية ففتحت أبواب السجون على مصراعيها ، وفرضت العقوبات الشديدة على تارك العمل والمتهاون فيه حتى ألهبت ظهور العمال بالسياط ، وصبت عليهم جميع ألوان التنكيل والارهاق ، لان كل عملية تشذ عن الفطرة ولا تلتقي بها لا يمكن تطبيقها ولا بد أن تفشل ان عاجلاً وان آجلاً ، ولذا اضطرت روسياً أن تنحرف عن مبادئ ماركس ففتحت منفذاً صغيراً للملكية الفردية فوجدت ان ذلك هو العلاج الوحيد الى استمرار الناس في أعمالهم من دون كره ولا إجبار.

    وتنكر الشيوعيون لجميع الأدبان ، واعتقدوا انها خرافة ، وانها من صنع الانسان لأنها تحمي ممتلكات الناس ، وتدعو الى صيانة أرباحهم ، واستغلال سعيهم ، كما تدعو الى حرمة إراقة الدماء ، وحرمة نشر الخوف في البلاد وكل ذلك يتناقض مع المبادئ الاشتراكية والشيوعية التي تركز على إباحة جميع هذه الاشياء بالاضافة الى ايمانهم الشديد بالمادة ، والى ما يرجح الى مطالب المعدة والجسد ، وقد وجهوا جميع جهودهم الى غرس الكفر


(94)
والالحاد في نفوس العمال.
    يقول لينين :
    « إن من أهداف حزب العمال الديمقراطي الاشتراكي في روسيا هو أن يحارب بلا هوادة كل نزعة دينية في أفئدة العمال ان منهاجنا يتضمن بالتالي الدعوة للالحاد على أوسع نطاق ممكن » (1).
    إن الشيوعية والدين ضدان لا يجتمعان فاذا ولج أحدهما خرج الآخر من النافذة ـ كما يقول شكسبير ـ ولهذا فان أي محاولة للتوفيق بينهما فانما هي خداع للجماهير ، وتزييف للفكرة الشيوعية التي بنيت على الكفر والالحاد.
    إن الاختلاف في أمر الدين هو الحد الفاصل بين الشيوعية والأديان فالشيوعي الكامل هو الذي ينبذ دينه ، ويتبرأ منه ، ويقطع كل صلة تربطه في كل شأن من شؤون حياته العملية.
    ونسوق الى القراء بعض مظاهر إلحادهم ومعاداتهم للاديان بصورة عامة وللاسلام بصورة خاصة ، والى القراء ذلك :
    1 ـ انكار اللّه
    وبنيت الفلسفة الشيوعية الهوجاء على انكار اللّه وجحوده
1 ـ الاشتراكية والدين تأليف لينين.

(95)
وعدم الاعتراف بخالق الكون ، وواهب الحياة فزعموا ـ ويا لهول ما زعموا ـ ان اللّه خرافة فقد قال ستالين :
    « يجب أن يكون مفهوماً ان الدين خرافة ، وان فكرة اللّه خرافة ، وان الالحاد هو مذهبنا » (1).
    وقال لينين :
    « ليس صحيحاً ان اللّه هو الذي ينظم الاكوان ... وانما الصحيح هو ان اللّه فكرة خرافية اختلقها الانسان ليبرر عجزه ... ولهذا فان كل شخص يدافع عن فكرة اللّه انما هو شخص جاهل عاجز » (2).
    وكتب لينين بصدد المفهوم المادي عند « هيرا كليت » الذي جاء فيه « ان العالم هو واحد ، لم يخلقه إله ولا انسان وقد كان ولا يزال وسيكون شعلة حية الى الأبد تشتعل وتنطفئ تبعاً لقوانين معينة » وعلق على ذلك بقوله : « يا له من شرح رائع لمبادئ المادية الديالكتيكية » (3).
1 ـ النظام الشيوعي : ص 54.
2 ـ نفس المصدر ص 53.
3 ـ المادية الديالكتيكية والمادية التاريخية تأليف ستالين وترجمة خالد بكداش ص 17 مطبعة العاني ـ بغداد.


(96)
    وقال ستالين :
    « نحن ملحدون .... ونحن نومن بان فكرة اللّه خرافة ونحن نؤمن بان الإيمان بالدين يعرقل تقدمنا ... ونحن لا نريد أن نجعل الدين مسيطراً علينا ، لانا لا نريد أن نكون سكارى » (1).
    وقال إنجلز في رده على نظرية هيجل الذي ذهب الى أن الوجود قبل الأرض ما نصه :
    « الوجود قبل الأرض للفكرة المطلقة الذي قال به هيجل ان هو إلا بقايا وهمية الايمان بخالق فوق الأرض ، وان العالم المادي الذي تدركه حواسنا والذي ننتمي اليه نحن أنفسنا هو الحقيقة الوحيدة » (2).
    الى غير ذلك من تصريحاتهم القذرة التي إن دلت فانما تدل على كفرهم السافر ، وسقم تفكيرهم فان أبسط الأشياء لا يوجد إلا وله موجد ، فكيف بهذا العالم الذي يحتوي على الانظمة الدقيقة والأسرار العجيبة التي لا زال العلم الحديث في كل فترة
1 ـ النظام الشيوعي : ص 53.
2 ـ مقدمة كتاب : « لودفيح فيورباخ » تأليف انجلز ، ترجمة جورج ستورت : ص 17.


(97)
يكشف عما فيه من الغرائب والعجائب فكيف قد وجد وحده من دون خالق له ، ان الموجودات بأسرها تنادي بوجود اللّه فالأرض بسهولها وجبالها ومعادنها ومياهها والكواكب المحيطة بها ، وصنع الانسان نفسه بما فيه من التراكيب والاجهزة كل ذلك دليل ناطق على وجود اللّه تعالى.
    إن جحود الشيوعيين للّه حقيقة لا جدال فيها فمن يتظاهر منهم ببعض الطقوس الدينية ويقر باللّه ظاهراً ولا ينكره فهو أما شيوعي غبي ، وأما شيوعي حاذق يريد التغرير بالبسطاء من أن الشيوعية لا تتنافى مع الدين كما قال بعضهم.
    إن أول نقطة نفترق بها مع الشيوعيين هو جحودهم للّه وإنكارهم له ، ونحن نؤمن به إيماناً مطلقاً ، ليس فيه أدنى مجال للشك والتردد.
    2 ـ نبذ الأديان
    من الطبيعي أن يعلن الشيوعيون ـ بعد إنكارهم للّه ـ الحرب على الأديان ونبذهم لها ذلك لأنها تسد عليهم الطريق لانتهاك الحرمات ، وسلب الأموال ، والحفاظ على القيم ، ولذا حملوا عليها معول الهدم فوصفوها بأنها أفيون الشعوب ومخدرة الجماهير فقد قال لينين :


(98)
    « قال ماركس : الدين هو أفيون الفقراء ، وهذا هو حجر الزاوية في الفلسفة الماركسية جميعها ، وتعد الماركسية الديانات الحديثة جميعها والكنائس ، وكل أنواع المنظمات الدينية آلة لرد الفعل البرجوازي الذي يستهدف الاستغلال بتخدير الطبقة العاملة » (1).
    وقال لينين :
    « الدين هو أفيون الشعوب ... الدين نوع من الخمرة الروحية يفرق فيها عبيد الرأسمالية صفتهم الانسانية ، ومطالبتهم باي حياة إنسانية كريمة » (2).
    وقال لينين :
    « كلما تحررنا من نفوذ الدين ازددنا اقتراباً من الواقع الاشتراكي ولهذا يجب علينا أن نحرر عقولنا من خرافة الدين » (3).
    وقال ماركس :
    ( الدين زفرة الكائن المثقل بالألم وروح عالم لم تبعث
1 ـ النظام الشيوعي.
2 ـ نفس المصدر.
3 ـ كارل ماركس تأليف هنزي لوفافر ترجمة محمد عيتاني ص 16.


(99)
فيه فكرة ، وفكر عالمي يبعث فيه فكر ، انه أفيون الشعوب ، إذن فنقد الدين هو الخطوط الأولى لنقذ هذا الوادي الغارق في الدموع حيث يركز الدين هالته ».
    بهذه الكلمات القاسية وصف الدين ماركس اليهودي هو وأتباعه من شذاذ الآفاق الممسوخين ، مع العلم ان الدين أعظم قوة وقفت الى جانب الفقراء والمحرومين ، والى جانب المجتمع لانقاذهم من ظلم الطغاة وعنف المستبدين في جميع مراحل التاريخ لقد وقف الدين بالمرصاد لفرعون طاغية عصره ، وأنقذ منه بني إسرائيل المستضعفين ، كما وقف بالمرصاد لشذاذ الآفاق من اليهود الذين شوهوا أهداف الدين الأصيلة فاعلن عليهم حرباً لا هوادة فيها ، وكانت تلك الصرخة متمثلة في المسيح والحواريين من أتباعه ، كما وقف الدين بالمرصاد لجبابرة قريش والعتاة المردة في ذلك العصر الذين تلاعبوا بمقدرات المجتمع وكرامته ، ولا يزال الدين يمد الشعوب الضعيفة بروح العزة والكرامة والتضحية ، فهذه الجزائر التي دوخت المستعمرين ، وقدمت أروع ألوان التضحيات في سبيل استقلالها والذود عن كرامتها وهل كانت مدفوعة إلا بوحي من العقيدة الدينية الاسلامية كما اعترفت بذلك فرنسا.


(100)
    وعلق سماحة العلامة الشيخ محمد أمين زين الدين على مقال ماركس وأتباعه قال ما نصه :
    أفدين اللّه يخدر العمال ويخضعهم لارباب الأموال ؟!
    أفدين اللّه ايديولوجية وضعها الاقطاعيون يحرسون بها أموالهم ويضمنون بها نفوذهم ويخضعون بها عبيدهم ؟!
    أألاسلام بذاته دين محمد الثائر على الظلم المكافح للاستبداد والاستبعاد المحطم للاصنام والأوهام ؟!
    أالدين الذي ينكر على من يعتنقه أن يخضع لغير ربه وان يخشى غير ذنبه ، والذي يقيم نظامه الاجتماعي على مبدأ الأخوة العامة ، والولاية الجامعة ، والعدل الشامل ، والمساواة المطلقة أمام الحق وعلى مبدأ التعاون على البر والتواصي بالخير والتناصر على الظلم ؟!
    أهذا الدين بذاته أفيون الشعوب وال « ايديولوجية التي وضعها الاقطاعيون والرأسماليون لحماية مآربهم وتثبيت أقدامهم والوعي المزور عن العالم لأنه صدر عن عالم مزور ؟!
    ما أفحشه كذباً وما أقبحه هراء ؟!
    ومتى كان الاسلام يقمع روح الثروة من نفوس الناس ويميت إحساس الكرامة في قلوبهم ؟ أحين قال في كتابه يعدد


(101)
صفات المؤمنين التي يستحقون بها الكرامة الكبرى ؟ ( والذين اذا أصابهم البغي هم ينتصرون. وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على اللّه انه لا يحب الظالمين ولمن انتصر بعد ظلمه فاولئك ما عليهم من سبيل إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم ) (1).
    إن الشيوعيين قد تنكروا لجميع الأديان لانها تحول بينهم وبين مقاصدهم من سفك الدماء وإذاعة الذعر والفزع وإشاعة المرأة وغير ذلك من الوسائل التي يأباها الدين ولا يقرها بأي حال من الأحوال.
    ولم يكتف الشيوعيون بمجرد الاقوال والتصريحات المعادية للاديان بل اتخذوا جميع الاجراءات الحاسمة لاستئصاله من البلاد. فان أول عمل قام به الشيوعيون في روسيا ان أصدروا قانوناً في فبراير سنة 1918 نص على ما يلي :
    1 ـ فصل الدين عن الدولة.
    2 ـ الغاء القسم بالدين.
    3 ـ فصل التعليم عن الدين ، وتحريم التعليم الديني في كافة الهيئات والمنشآت ، وإباحة تعليم الدين للمواطنين فرادى.
1 ـ الاسلام : ص 118.

(102)
    4 ـ لا يجوز للكنائس وأماكن العبادة ، والجمعيات الدينية ان تمتلك ، ولا يحق لها اكتساب صفة « الشخص المعنوي ».
    5 ـ كافة أملاك الكنائس والهيئات الدينية تعتبر ملكاً للشعب.
    وكان إصدار هذا القانون ضربة هائلة للكنيسة ( الارثوذكسية ) وقتل عدد كبير من رجال الدين ، وفي كثير من المدن والقرى حولت الكنائس الى مدارس وأندية أو مخازن ، وانشئت متاحف لنشر الالحاد ، بعضها في الكنائس نفسها ، وتعرض فيها على الشباب ما يفسد أخلاقهم.
    وتألفت الجماعات والهيئات للدعاية اللادينية ، وأصدرت مجلة اسبوعية هي ( بلا دين ) وفي عام ( 1925 ) عقد بموسكو مؤتمر لوضع الاجراءات الخاصة بالقضاء على النزعة الدينية ، وبث روح الالحاد في المدارس والجيش وفي صفوف الاقليات القومية ، وفي المدن والقرى ، ووحدت الهيئات الالحادية جهودها في ( اتحاد الالحاد ) الذي بث فروعه في كافة انحاء الاتحاد السوفياتي ، وفي عام ( 1929 ) بلغ عدد فروعه تسعة آلاف فرع وفي عام ( 1935 ) بلغ عدد فروع الاتحاد سبعين ألفاً تضم الملايين ، وبلغ من تأثير تلك الدعاية أن أصبح


(103)
معظم السكان ملحدين وفي سبتمبر عام ( 1929 ) ذكرت صحيفة ( المناهضة للدين ) انه تم في مارس ( 1929 ) إغلاق ( 423 ) كنيسة ( 243 في المدن و 180 في القرى ) كما حولت من الكنائس ( 156 ) كنيسة الى مسارح وسينما ومتاحف و 138 الى مدارس و 14 الى محال عامة تعاونية ، و 10 الى مراكز بيطرية.
    وفي 15 مايو سنة 1932 صدر قانون هدفه القضاء على الهيئات الدينية في غضون خمسة أعوام ومما جاء فيه « في أول مايو سنة ( 1937 ) لن يبقى في كافة أرجاء الاتحاد السوفياتي أي مكان للعبادة ، ويجب القضاء على فكرة الاله من الاتحاد السوفياتي بحسبانها من بقايا القرون الوسطى وأداة لاضطهاد الجماهير العاملة » (1).
    وعمل الشيوعيون بهذا المخطط المرسوم لهم من قادتهم فحملوا معول الهدم على جميع الأديان ، ويبدو هذا الاتجاه واضحاً عند كل شيوعي اعتنق الفلسفة الماركسية عن إيمان وتدبر وقد أضفى لينين هذا الطابع الخاص على حزبه ، فعرفهم بانهم يؤمنون بالماركسية ، ولا يقيمون للدين ولا للعواطف وزناً في
1 ـ الدستور السوفيتي ص 137 ـ 139.

(104)
تنفيذ مبادئهم (1) وقد ألم هذا التحديد الذي أدلى به لينين بصفات الشيوعيين فهم لا يؤمنون بالأديان ، ولا يقيمون وزناً لجميع قيمها ، كما لا يعتنون باي عاطفة من العواطف الانسانية النبيلة.
    ومن هنا يتضح لك ان محاربة الشيوعيين للاديان من النقاط الرئيسية التي تبتني عليها فكرتهم المجافية للعدل والحق.
    3 ـ معاداة الاسلام
    إن في الاسلام من النظم الاقتصادية الخلاقة ما تبيد الفقر وتقضي على البؤس والحرمان ، وإن في تعاليمه من الطاقات الندية ما تقضي على جميع مشاكل الحياة ومصاعبها ، فهو يجمع الناس على الحق ، ولا يفرقهم ، ويوحدهم ولا يشتتهم ويتسامح ولا يتعصب ، ويجاري الاعصار ولا يتخلف ، فلذا لا يحذر الشيوعيون إلا منه ، ولا يقف أمامهم إلا الوعي الاسلامي اذا ساد في البلاد ، ولذا دعا ( ل أكليموفيتش ) الى الامعان في الطرق التي ينبغي أن تتخذ لمحاربة الاسلام قال ما نصه :
    « إن الحاجة لماسة الى تبصر سياسي كبير ، وفهم عميق للعمليات الاجتماعية المعاصرة ، وذلك من أجل الكفاح
1 ـ نفس المصدر : ص 258.

(105)
ضد الاسلام كفاحاً سليماً » (1).
    وقد جهد الشيوعيون في محاربته ، وبذلوا قصارى جهودهم في اقصائه عن حياة المسلمين القاطنين هناك ، وقد بلغوا ما أرادوا فقد حالوا بين المسلمين وبين دينهم ، فقد ذكروا ان القوانين الاسلامية القائمة على الشريعة قد استؤصلت من الاتحاد السوفياتي (2).
    ولا يزال هجومهم على الاسلام مستمراً حيث اتهموه بضد ما جاء به ونطقت به تعاليمه ، فقد اتهموه بانه يناهض العلم ، ويشل نشاط الناس وإبداعهم (3) مع انه من المسلم به ان العلم مظهر من مظاهر الاسلام فقد بني على العلم ، ونطق القرآن الكريم في بيان خطره ، وفي تبجيل حملته قال اللّه تعالى : ( يرفع اللّه الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات ) (4) وقال اللّه تعالى : ( وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها
1 ـ الاسلام اصله وروحه الاجتماعي.
2 ـ القاموس السياسي السوفيتي.
3 ـ الاسلام اصله وروحه الاجتماعي.
4 ـ سورة المجادلة : آية 11.
العمل وحقوق العامل في الاسلام ::: فهرس