القرآن كالاهاب (1) .
وقال ابن الانباري : معناه ان النار لاتبطله ، ولا تقلعه من الاسماع التي وعته ، والافهام التي حصلته ، كقوله في الحديث الاخر : وانزلت عليك كتابا لا يغسله الماء . اي : لا يبطله ، ولا يقلعه من الاوعية الطيبة ومواضعه ؛ لان وإن غسله الماء في الظاهر ، لا يغسله بالقلع من القلوب .
وعند الطبراني من حديث عصمة بن مالك : لو جمع القرآن في اهاب ما احرقته النار (2) .
وعنده من حديث سهل بن سعد : لو كان القرآن في اهاب ما مسته النار (3) .
ولنا في تلك المسألة رسالة مفردة جامعة للاقوال ، محتوية على اكثر ما يمكن ان يتمسك في الاستدلال ، فليطلب من هناك حقيقة الحال ، والصلاة على محمد وآله خير آل .
5 ـ فائدة
[ اول ما نزل من القرآن المجيد ]

مختار كثير من العلماء ان فاتحة الكتاب عندهم اول السور نزولاً .
وفي رواية : اول ما نزل من القرآن « بسم الله الرحمن الرحيم * اقرأ باسم ربك » وآخره « اذا جاء نصر الله » (4) .
وقيل : اول سورة نزلت هي المدثر .
وقيل : هي سورة القلم .
____________
(1) نهاية ابن الاثير : 1 / 83 .
(2) كنز العمال : 1 / 517 ، برقم : 2313 .
(3) كنز العمال : 1 / 536 ، برقم : 2404 .
(4) اصول الكافي : 2 / 638 ح 5 .

( 42 )

وعن سيدنا امير المؤمنين ـ عليه السلام ـ قال : سألت النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ عن ثواب القرآن ، فأخبرني بثواب سورة سورة على نحو ما نزلت من السماء ، فأول ما نزل عليه فاتحة الكتاب ، ثم اقرأ باسم ربك (1) .
وظاهر الفاضل العلامة يعطي انه نزل بهذا الترتيب المفتتح بالتحميد المختتم بالاستعاذة ، حيث قال في جواب مسألة : الحق انه لا تبديل فيه ولا تقديم ولا تأخير ، وانه لم يزد ولم ينقص ، نعوذ بالله من اعتقاد مثل ذلك ، فانه يوجب التطرق الى معجزة الرسول المنقولة بالتواتر (2) .
وظاهر الكشاف حيث قال في ديباجته : وجعله بالتحميد مفتتحا وبالاستعاذة مختتما (3) . انه يذهب الى هذا المذهب . وهذا هو الحق ، وما ينافيه : اما مؤول ، او مطروح .
____________
(1) راجع مجمع البيان : 5 / 514 .
(2) اجوبة المسائل المهنائية : 121 .
(3) الكشاف : 1 / 5 .

( 43 )

سورة الفاتحة

* بسم الله الرحمن الرحيم .
* الحمد لله رب العالمين .
اختلف في كلمة « الله » هل هو علم شخصي ، او من الصفات الغالبة المخصوصة به تعالى ، بحيث صار كالعلم له ؟ فخليل بن احمد وسيبويه والمبرد على انه اسم غير مشتق ، انفرد الحق سبحانه به ، كأسماء الاعلام ، وعليه كثير من العلماء .
وقيل : انه من الاسماء المشتقة ، وعليه جمهور المعتزلة . واستدل الامام على كونه علما ، بأنه لو كان صفة مشتقة ، غلبت في الاستعمال على المعبود بالحق ، لم يكن قولنا « لا اله الا الله » صريحاً في التوحيد ؛ لان المفهوم من المشتق هو الموصوف بالمشتق منه .
وهذا مفهوم كلي لا يمنع نفس تصوره عن وقوع الشركة فيه ، فثبت انه لو كان صفة لكان كليا ، ولو كان كليا لم يكن قولنا « لا اله الا الله » صريحا في التوحيد ، فعلم انه اسم علم وليس من الصفات .
واجيب بأنه وان كان في الاصل وصفا ، الا انه غلب عليه تعالى ، بحيث لا يستعمل في غيره ، وصار كالعلم له في عدم تطرق احتمال الشركة اليه ، فحصل التصريح بالتوحيد .
واستدل القائل بكونه صفة ، بأنه لو كان علما لذات مخصوصة لم يكن للحكم عليه بأنه احد فائدة ، وقد قال الله تعالى « قل هو الله احد » .
واجيب عنه : بأن المعنى انه احد في المعبودية بالحق ، لا يشاركه فيها أحد ، وهذه الصفة لازمة له تعالى مفهومة من لفظ « الله » كما يقال لزيد الذي هو


( 44 )

العالم الكامل في البلد : ان زيداً واحد في البلد ، بمعنى انه واحد في العالمية على وجه الكمال ، بحيث لا يشاركه فيها احد في البلد .
على ان ما ذكره مشترك بين كونه علما وصفة غالبة الاستعمال في ذاته المخصوصة ، بحيث صارت كالعلم له ، ولا يطلق على غيره .
وقد يجاب : بأن المراد من الاحد ما لا جزء له بوجه ، لا الوحدانية الدال عليه الله .
والحق ان شيئا من الادلة لا تفيد الجزم بكونه علما ، او صفة ، فتأمل .
وأما حمده سبحانه على بعض صفاته ، كقول القائل حمد الله على علمه ، فراجع الى الحمد على آثاره المرتبة عليه من الافعال المحكمة المتقنة الدالة على ان فاعلها عليم حكيم ، وهو عين ذاته المقدسة .
خلافا للاشعرية القائلة بزيادة الصفات على الذات ، فهي مستندة الى الذات صادرة عنه من غير اختيار منه ، والا لزم منه : اما تقدم الشيء على نفسه ، او التسلسل ، فالحمد عليه ليس هو الثناء على مزية اختيارية ، فتأمل .
و « الحمد » لما عم الفضائل والفواضل ، فالمحمود لا بد وان يكون على احد من هذه الامور : اما كاملا في ذاته وصفاته ، او محسنا ، او مرجو الاحسان ، او يكون ممن يتقى منه ويخاف .
فذكر الصفات المذكورة بعد اسم الذات ، للاشارة الى ان المحمود في هذا المقام جامع للفضائل الكاملة والفواضل الشاملة ، فهو احق بالحمد والتعظيم من كل من يحمد ويعظم ، لجمعه جميع ما يحمد عليه ، بخلاف غيره من المحمودين .
* الرحمن الرحيم .
الرحمة رقة القلب وانعطاف ، اي : ميل روحاني يقتضي التفضل والاحسان ، واذا وصف الله تعالى بها ، كان المراد بها غايتها ، وهي التفضل


( 45 )

والاحسان ؛ لان الرقة من الكيفيات المزاجية التابعة للتأثر والانفعال ، والله منزه عنها .
وهو : اما من باب المجاز المرسل ، بذكر السبب وارادة المسبب ، اذ الرحمة سبب التفضل والاحسان .
واما على طريقة التمثيل ، بأن شبه حاله تعالى بالقياس الى المرحومين في ايصال الخير اليهم ، بحال الملك اذا عطف على رعيته ورق لهم ، فأصابهم بمعروفه وانعامه ، فاستعير الكلام الموضوع للهيئة الثانية للاولى ، ومن غير تمحل في شيء من مفرداته .
وقيل : ان صفات الله التي على صيغة المبالغة كلها مجاز ؛ لانها موضوعة للمبالغة ، ولا مبالغة فيها ، فانها في صفات تقبل الزيادة والنقصان ، وصفاته تعالى منزهة عن ذلك .
فيه ان صيغ المبالغة قسمان : قسم تحصل المبالغة فيه بزيادة الفعل ، والثاني بتعدد المفعولات ، ولا شك ان تعددها لا يوجب للفعل زيادة ؛ اذ الفعل الواحد قد يقع على جماعة ، وعليه تنزل صفاته تعالى ، ويرتفع الاشكال .
والرحمن ابلغ من الرحيم ، فعند اعتبار الابلغية فيه باعتبار الكمية ، نظرا الى كثرة افراد المرحومين ، يقال : يا رحمن الدنيا ورحيم الاخرة ، لشمول رحمة الدنيا للمؤمن والكافر .
وعند اعتبار الابلغية فيه باعتبار الكيفية ، وهي جلالة الرحمة ودقتها بالنسبة الى مجموع كل من الرحمتين ، يقال : يا رحمن الدنيا والاخرة ورحيم الدنيا ، لجلالة رحمة الاخرة بأسرها ، بخلاف رحمة الدنيا .
وباعتبار نسبة بعض افراد كل من رحمة الدنيا والاخرة الى بعض ، يقال : يا رحمن الدنيا والاخرة ورحيمهما ؛ لان بعضا من كل منهما أجل من بعض ، وبعضا من كل منهما أدق . وقد ورد كل ذلك في الادعية المأثورة عنهم ـ عليهم السلام .


( 46 )

وأما وجه تقديم الرحمن على الرحيم ، فقيل : لما كان الملتفت اليه بالقصد الاول في مقام العظمة والكبرياء ، جلائل النعم وعظائمها دون دقائقها ، قدم الرحمن واردف بالرحيم كالتتمة ، تنبيهاً على ان الكل منه ، وان عنايته شاملة لذرات الوجود ، كيلا يتوهم أن محقرات الامور لا تليق بذاته ، فيحتشم عنه من سؤالها .
ففيه اشارة الى ان العاقل ينبغي له ان يرجع في حوائجه كلها اليه وينزلها به ، جليلة كانت او حقيرة ، ولا يأنف من رفع المحقرات اليه ، فانه غاية التوكل عليه .
يا موسى سلني كل ما تحتاج اليه حتى علف شاتك وملح عجينك .
* مالك يوم الدين .
لما وصف الله سبحانه نفسه بالرحمن الرحيم الدالين على كمال لطفه واحسانه وجوده وامتنانه على العباد في الاخرة والاولى ، اوجب ذلك غروراً ، وغلب به الرجاء على الخوف ، بل صار رجاءً بحتاً ، فكان موضع طغيان ومحل عصيان .
فعقب ذلك بما يدل على غاية قدرته ، وكمال سطوته في يوم لا تملك نفس لنفس شيئاً والامر يؤمئذ لله ، دفعا لذلك الغرور ، وحسما لمادة الشرور .
فهذه الاضافة والتخصيص للتهويل والتخويف ، وبذلك يصير الرجاء معادلا للخوف ، بحيث لا يرجح احدهما على الاخر .
فهذا في الحقيقة اشارة الى اسباب الخوف والرجاء ، فالرحمن الرحيم ينشأ منهما الرجاء ، ومالك وملك يوم الدين يورثان الخوف لمكان الجزاء .


( 47 )

* اياك نعبد واياك نستعين .
« اياك نعبد » مدحة وثناء لله رب العالمين ؛ لانه بيان للحمد « واياك نستعين » مسألة ودعاء وطلب حاجة ؛ لانه مبين بـ « اهدنا الصراط المستقيم » . ومن شرائط اجابة الدعاء تقديم المدحة لله والثناء عليه قبل المسألة ، كما ورد في غير واحد من الاخبار : اذا طلب احدكم الحاجة ، فليثن ربه وليمدحه ، فان الرجل منكم اذا طلب الحاجة من السلطان هيأ له من الكلام احسن ما يقدر عليه (1) .
وفي حديث سيدنا امير المؤمنين سلام الله عليه : المدحة قبل المسألة (2) .
فهذا منه سبحانه تعليم للعباد ، وارشادهم الى طريق المسألة ، وكيفية الدعاء ، وطلب الحاجة منه عز اسمه .
وأما ايثار صيغة المتكلم مع الغير على المتكلم وحده ، فلعل النكتة فيه ارشاد الله تعالى الى ملاحظة القارىء دخول الحفظة ، او حضار صلاة الجماعة ، او جميع حواسه وقواه الظاهرة والباطنة ، او جميع ما حوته دائرة الامكان واتسم بسمة الوجود .
وذلك لان هذه السورة نزلت لتعليم العباد ، وارشادهم الى طريق الاخلاص ، وسبيل الاختصاص ، والاقبال عليه تعالى .
فكأنه قال لهم : قولوا اياك نعبد بصيغة المتكلم مع الغير ، ارشدهم الى ان عبادته سبحانه لا يبنبغي ان تكون بمجرد اللسان ، حتى تكون منزلة صلاة الفذ ؛ بل به وبالجنان المستلزم لمتابعة القوى والاركان ، فيتحقق به مصداق صيغة
____________
(1) اصول الكافي : 2 / 485 ح 6 .
(2) اصول الكافي : 2 / 484 ح 2 .

( 48 )

المتكلم ، فحينئذ تكون تلك الصلاة بمثابة صلاة الجماعة .
بيان ذلك : انه لما كانت بين الجوارح والقلب علاقة شديدة ، يتأثر كل منهما بالاخر ، كما اذا حصلت للاعضاء آفة ، سرى اثرها الى القلب فاضطرب ، واذا تألم القلب بخوف مثلا سرى اثره الى الجوارح فارتعدت ، كان القلب بمنزلة السلطان ، والجوارح بمنزلة العسكر .
فمتى توجه القلب الى جناب الله تعالى ، كان كل جارحة على الوجه المطلوب في احوال الصلاة ، بأن لا يطرق رأسه ، وينظر حال القيام الى موضع سجوده ، ولا يسمع الى كلام احد غير ما يقوله مع معبوده ، وتكون يده ورجله وحركاته وسكناته على الوجه المطلوب ، بأن لا يلتفت الى غير جنابه الاقدس ، وبذلك تصير الصلاة صلاة جماعة ، فيحقق مساغ نون المتكلم مع الغير ، فيصح له ان يقول : اياك نعبد واياك نستعين .
والحاصل : انه انما اختار صيغة المتكلم مع الغير على صيغة المتكلم وحده ، ليدل بذلك على عظم شأن عبادة الله تعالى ، لما فيه من الاشارة الى ان هذا الامر العظيم والخطب الجسيم مما لا يمكنه ان يتولاه وحده ، بل يحتاج الى معاون ونصير وممد وظهير . وكذا الكلام في طلب الاعانة .
وأما ما قيل بلزوم الاحتراز بذلك عن الكذب الظاهر ، وما نقل عن مالك بن دينار انه قال : لولا اني مأمور بقراءة هذه الآية ما كنت قرأتها قط ، لاني كاذب فيها .
فهو غير لازم ؛ لان نبينا واوصياءه ـ عليهم السلام ـ كانوا يقرؤون هذه الآية مع استعانتهم بغير الله تعالى في الامور الدينية والدنيوية ، وهذا مما لا يمكن انكاره .
كيف ؟ والانسان مدني بالطبع يحتاج بعضهم في امور معاشه ومعاده الى بعض . فالاستعانة بغيره تعالى من حيث انه جعله سبباً ، وابى ان يجري الاشياء الا بأسبابها ، راجعة الى الاستعانة به تعالى ، ولا يلزم منه كذب ولا


( 49 )

تهور ، فان لكل امرء ما نوى ، وانما الاعمال بالنيات .
وكذا الكلام في الخضوع لاهل الدنيا من الملوك والوزراء ونحوهم ، فانه ان كان من باب التقية ودفع الضرر ، فظاهر انه لا ينافي دعوى حصر الخضوع في الله .
وان كان من باب التعظيم ورعاية الادب من حيث ان لوجودهم مدخلا في حفظ بيضة الاسلام وترويج شريعة سيد الانام عليه وآله السلام ، فكذلك .
ولذلك جوز بعض علمائنا السجود الذي هو اقصى غاية الخضوع للملوك والابوين والاخوة ، كما وقع في اخوة يوسف ـ عليه السلام ـ على قصد الادب والتعظيم ، واعتقاد انهم عبيد مخلوقون .
فان الخضوع للانسان يقع على وجه الادب والتعظيم ، ويكون راجحا اذا كان في العرف تركه اهانة والانسان اهل التعظيم ، لانه عبد الله ، فتعظيمه تعظيم الله .
وبالجملة الاستعانة بغير الله وتعظيمه وتكريمه بالقيام له ، بل الخضوع ونحوه اذا كان اهلا له ، او من باب التقية ودفع الضرر ، او لان له مدخلا في تحصيل المعاش والمعاد ونحو ذلك ، لا ينافي دعوى حصر العبادة والاستعانة في الله تعالى ، بعد ان كانت نيته صادقة وغرضه ما ذكرناه ، فتأمل .
اقول : والعبادة نسبة بين العابد والمعبود ، فتحققها ذهناً وخارجاً موقوف على تحققهما ، لكن المعبود ادخل في ذلك من العابد ، اذ لولاه لما عبد العابد ، فلم يتحقق العبادة .
فينبغي للعابد ان يعبده كأنه بحضرته ويراه ، فان لم يكن يراه فانه يراه ، كما قال سيد الاوصياء وسند الاتقياء سلام الله عليه وعلى ذريته الاصفياء : اعبد الله كأنك تراه ، فان لم تكن تراه فانه يراك .
فينبغي لك التبتل والانقطاع اليه بتجافيك عن دار الغرور ، وترقيك الى عالم النور ، ومؤانستك به ومجالستك له ومكالمتك معه ، فتكون صلاتك


( 50 )

بذلك معراجك ، تعرج فيها الى سماء الحقيقة .
كما ورد في الخبر عن سيد البشر ـ صلى الله عليه وآله ـ عدد قطرات المطر : الصلاة معراج المؤمن .
فانه يعرج فيها بنعت بعد نعت ، ووصف بعد وصف ، من مرقاة الى مرقاة ، ودرجة الى درجة ، حتى اذا بلغ محل الحضور وعالم النور ، يرفع عنه الحجاب ، ويقام على الباب ، ويرخص في الخطاب ، فيقول بلسان ذليق طليق اياك نعبد واياك نستعين .
فيصير جليسا لربه ، دثارا لخالقه ، مقترحا على رازقه ، منادما لمالك دار الفناء ودار البقاء ، مشرفا بحضرة سلطان السماء ، فيقول : اهدنا الصراط المستقيم .
فيكون حاله حال راهب لما قيل له : ما اصبرك على الوحدة ؟ قال : انا جليس ربي ، اذا شئت ان يناجيني قرأت كتابه ، واذا شئت ان اناجيه صليت .
* اهدنا الصراط المستقيم.
الهداية هي الدلالة على ما من شأنه الايصال الى البغية من غير ان يشترط في مدلولها الوصول ، ولذلك كانت الدلالات التكوينية المنصوبة في الافاق والانفس ، والبينات الواردة في الكتب السماوية على الاطلاق ، بالنسبة الى البرية كافة برها وفاجرها هدايات حقيقية فائضة من الله تعالى .
وهداية الله تعالى انما يتحقق باحداثه الشوق في السالك ، واهتياجه قلبه وجذبه الى ارادته ومحبته والمواظبة عليه .
فان الشوق وهو ادراك لذة المحبة اللازمة لفرط الارادة الممتزجة بالم المفارقة ، يكون في حال السلوك بعد اشتداد الارادة ضروريا .
وربما كان حاصلا قبل السلوك ، وذلك اذا حصل الشعور بكمال المطلوب ، ولم تنضم اليه القدرة على السير ، وقل الصبر على المفارقة ، وكلما ترقى السالك


( 51 )

في سلوكه كثر الشوق وقل الصبر ، حتى يصل الى المطلوب ، فتخلص حينئذ لذة نيل الكمال من الالم ، وينتفي الشوق .
ولكن هذا الطريق مع كمال وضوحه مخوف ، وفيه مهالك ومواقع ، والسالك فيه يحتاج الى العنايات الربانية والهدايات السبحانية ، فانه ما دام في سيره الى الحق يكون مضطربا غير مستقر الخاطر ، لخوف العاقبة ، وما يعرض في اثناء السير والسلوك من العوارض العائقة ، كالانحراف عن القصد في عبادة الله ، واستيلاء القوى الشهوانية ، بحسب مجرى العادة في استعمال الشهوات المألوفة ، فان هذه وامثالها تصد السالكين عن السلوك الى الله ، وهم على خوف منها ومن خواطر الشيطان ، ونعم ما قيل :
كيف الوصول الى سعادة ودونـها * قلل الجبـال ودونهــن حتوف
والرجل حافية ومـالي مـركـب * والكـف صفر والطريق مخوف

فاذا هب نسيم العناية الازلية ، وارتفعت الحجب الحائلة الظلمانية ، تنور القلب بنور العيان ، وحصلت الراحة والاطمئنان ، وزال الخوف وظهر تباشير الامن والامان .
كما اشار اليه امام الانس والجان سيدنا امير المؤمنين عليه سلام الله الملك المنان ، عند ذكر السالك على ما هو المذكور في نهج البلاغة بقوله :
قد أحيا عقله ، ومات نفسه ، حتى دق جليله ، ولطف غليظه ، وبرق له لامع كثير البرق ، فعن له الطريق ، وسلك به السبيل ، وتدافعته الابواب الى باب السلامة ودار الاقامة ، وتثبتت رجلاه بطمأنينة قلبه (1) في قرار الامن والراحة ، بما استعمل قلبه وارضا ربه (2) .
____________
(1) في المصدر : بدنه .
(2) نهج البلاغة : 337 ، ك : 220 .

( 52 )

أقول : فمعنى « اهدنا » زدنا هدىً بمنح الالطاف ، وعن علي ـ عليه السلام ـ معناه ثبتنا .
ولفظ الهداية على الثاني مجاز ؛ اذ الثبات على الشيء غيره .
وأما على الاول ، فان اعتبر مفهوم الزيادة داخلا في المعنى المستعمل فيه ، فمجاز ايضا . وان اعتبر خارجا عنه مدلولا عليه بالقرائن ، فحقيقة ، اذ الهداية الزائدة هداية ، كما ان العبادة الزائدة عبادة ، فلا جمع فيه بين الحقيقة والمجاز .
واما المراد بالصراط المستقيم المبين بصراط المنعمين عليهم دون المغضوب عليهم ولا الضالين ، فهم النبيون والصديقون والشهداء والصالحون وحسن اولئك رفيقا .
وصراطهم في الدنيا ما قصر عن الغلو وارتفع عن التقصر واستقام ، فلم يعدل الى شيء من الباطل ، وهو دين الاسلام الحاصل لكل من اصحاب المرتبتين جميعاً ، وان كان حصوله لهم وثباتهم عليه مقولاً بالشدة والضعف .
ثم ان هذا هو بعينه صراطهم في الاخرة ؛ لانه يوديهم الى الجنة . فيدخلونها خالدين فيها لا يبغون عنها حولا ، وما هم منها بمخرجين .
فان قلت : هذه الآية قد تلاها نبينا واوصياؤه ـ عليهم السلام ـ فما كانوا يريدون بالهداية المذكورة فيها ؟
قلت : كانوا يريدون بها الثبات على الصراط المستقيم ، وهو دين الاسلام ، لان ميلهم عنه كلاً او بعضاً امر ممكن بالذات ، وهذا القدر كاف في طلب الثبات عليه ، وذلك لان العصمة البشرية لاتجعل المعصوم مسلوب القدرة على المعصية ، والا لم يكن له في تركها ثواب ، وكان احدنا اذا كف نفسه عن المعصية اكثر ثواباً منه ؛ لان له دواعي وبواعث عليها دونه على ما هو المفروض .
او يقال : هو بالنسبة اليهم تعبد محض . او هو من قبيل بسط الكلام مع المحبوب ، فلا يضر امتناع ميلهم عنه . والوجه هو الاول .
وسمي بالمستقيم لانه يؤدي من يسلكه الى الجنة ، كما ان الصراط يؤدي


( 53 )

من يسلكه الى المقصد .
وروي ان المراد به كتاب الله (1) .
فالمطلوب الهداية الى فهم معانيه ، والتدبر في مقاصده ومبانيه ، واستنباط الاحكام منه ، والتعمق في بطون آياته ، فان لكل آية ظهرا وبطناً .
وعن علي ـ عليه السلام ـ في « اهدنا الصراط المستقيم » قال : ادم لنا توفيقك الذي به اطعنا في ماضي ايامنا حتى نطيعك كذلك في مستقبل اعمارنا (2) .
والصراط المستقيم هو صراطان : صراط في الدنيا ، وهو ما قصر عن الغلو وارتفع عن التقصير واستقام ، فلم يعدل الى شيء من الباطل . وصراط في الاخرة ، وهو طريق المؤمنين الى الجنة الذي هو مستقيم ، لايعدون عن الجنة الى النار ، ولا الى غير النار سوى الجنة .
* صراط الذين انعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين .
قيل : المراد بهم المسلمون ، فان نعمة الاسلام رأس جميع النعم .
أقول : وذلك لان من انعم الله عليه بنعمة الاسلام لم يبق نعمة الا اصابته ، لاشتمالها على سعادة الدارين .
واجل نعمة انعم الله بها على عباده هي نعمة العقل ، ونعني به ما من شأنه ان يعبد به الرحمن ويكتسب به الجنان ، ثم توفيقه لهم على تحليتهم انفسهم بالاخلاق الزكية ، والتخلية عن الملكات الردية .
____________
(1) مجمع البيان : 1 / 28 .
(2) معاني الاخبار : 33 ح 4 .

( 54 )

فانها مستتبعة لجميع الخيرات الدنيوية ، من فعل الطاعات وترك السيئات وغيرهما ، والاخروية مع الحور والقصور وغيرهما مما هو موجود في الجنة من انواع الملذات ، فانها كلها تنشأ من تلك الاخلاق ، الا انها لا يلزم آثارها الا بعد المفارقة الى الاخرة .
وذلك لان الجنة الصورية ، وهي الابواب والجدران وما فيها من الانهار والاشجار والحور والقصور وغيرها ، صورة الاخلاق الحميدة والافعال الحسنة الناشئة منها ، والعلوم والآراء المطابقة للواقع .
كما ان النار الصورية وما فيها من العقارب والحيات وغيرهما من انواع المؤذيات ، صورة اضدادها من الاخلاق الذميمة والملكات الردية ، والعلم بالاشياء على خلاف ما هي عليه . وفوق كل ذلك هو المعارف الالهية ، واقتناؤها من فروع العقل .
قال الفاضل العارف كمال الدين بن ميثم البحراني في شرح نهج البلاغة عند قوله ـ عليه السلام ـ « درجات متفاضلات » : اعلم ان الذ ثمار الجنة هي المعارف الالهية ، والنظر الى وجه الله ذي الجلال والاكرام ، والسعداء في الوصول الى نيل هذه الثمرة على مراتب متفاوتة .
فالاولى من اوتي الكمال في حدس القوة النظرية ، حتى استغني عن معلم بشري رأساً ، واوتي مع ذلك ثبات قوة المفكرة واستقامة وهمه ، منقاداً تحت قلم العقل ، فلا يلتفت الى العالم المحسوس بما فيه ، حتى يشاهد عالم المعقول بما فيه من الاحوال ، ويستثبتها في اليقظة .
فيصير العالم وما يجري فيه متمثلا في نفسه ، فيكون لقوته النفسانية ان تؤثر في عالم الطبيعة ، حتى تنتهي الى درجة النفوس السماوية ، وتلك هي النفوس القدسية اولات المعارج ، وهم السابقون السابقون اولئك المقربون ، وهم افضل النوع البشري واحقه بأعلى درجات السعادة في الجنة (1) .
____________
(1) شرح نهج البلاغة : 2 / 277 .
( 55 )

وبما قررناه ظهر ان الجنة بما فيها من انواع اللذات والملذات الجسمانية والروحانية من توابع العقل والاخلاق الزكية وفروعهما ، فهما من اجل النعم على الانسان .
وأما غيرهما من النعم الجسمانية والروحانية ، فانها خلقت لتكون وصلة ووسيلة اليهما ، فهذه الآية اذا تلاها تال ، فينبغي له ان يراد بالنعمة المذكورة فيها هاتين النعمتين الجليلتين ، فانهما نعمتان مشتركتان بين جميع المنعمين عليهم من الانبياء والصديقين والمقربين والشهداء والصالحين .
وأما غفران الذنوب بعد التوبة او بدونها ، فليس بنعمة مشتركة بينهم ، فكيف يراد من النعمة المذكورة فيها ، فتأمل .
اعلم ان كلمة « غير » وضعت للمغايرة ، وهي مستلزمة للنفي ، فتارة يراد بها اثبات المغايرة ـ كما في « غير المغضوب عليهم ولا الضالين » فتكون اثباتا في حكم النفي لتضمنه اياه ، فيجوز تأكيده بـ « لا » .
واخرى يراد بها النفي ، كقولك انا غير ضارب زيد ، اي : لست ضاربا له ، لا اني مغاير لشخص ضارب له ، فلفظة « لا » مزيدة لتأكيد ما في « غير » من معنى النفي .
ثم في عدوله سبحانه عن اسناد الغضب الى نفسه جل شأنه مع التصريح باسناد عديله اعني النعمة اليه عز سلطانه تشييد لمعالم العفو والرحمة ، وتأسيس لمباني الجود والكرم حتى كأن الصادر عنه هو الانعام لا غير ، وان الغضب صادر عن غيره .
ومثله بل احسن منه قوله عز اسمه « نبىء عبادي اني انا الغفور الرحيم * وان عذابي هو العذاب الاليم » (1) .
____________
(1) الحجر : 49 ـ 50 .
( 56 )

وفي الخبر عن سيد البشر ـ صلى الله عليه وآله ـ انه قال : ليغفرن الله تعالى يوم القيامة مغفرة ما خطرت قط على قلب احد ، حتى ان ابليس ليتطاول لها ان تصيبه (1) .
اقول : وكيف لا يكون كذلك ، وهو عز اسمه كتب على نفسه الرحمة ، وآية رحمته « رحمتي وسعت كل شيء » (2) وهو الجواد المطلق الذي لا يرحم لمنفعة تعود اليه ، ولا مضرة يدفعها عنه ، وكل رحيم سواه فرحمته لغرض من الاغراض : اما ثناء دنيوياً ، او اجراً اخروياً ، او رقة ناشئة من الجنسية ، او نحو ذلك .
____________
(1) بحار الانوار : 7 / 287 .
(2) الاعراف : 156 .

( 57 )

( سورة البقرة )

*واذ ابتلى ابراهيم ربه بكلمات فاتمهن قال اني جاعلك للناس اماماً قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين . [ الآية : 124 ]
قال البيضاوي بعد قوله تعالى في قصة خليله ـ عليه السلام ـ لاينال عهدي الظالمين » : فيه تنبيه على انه قد يكون من ذريته ظلمة ، وانهم لا ينالون الامامة ؛ لانها امانة من الله وعهده ، والظالم لا يصلح لها ، وانما ينالها البررة الاتقياء منهم (1) .
وقال الفاضل المحشي عصام الدين محمد في حواشيه على هذا التفسير : معناه لاينال عهدي الظالمين ما داموا ظالمين ، فالظالم اذا تاب لم يبق ظالما .
وكيف لا يكون المراد ذلك ؟ وقد نالت الامامة ابا بكر وعمر وعثمان ، ومراده ان هذه قضية سالبة ، والمراد من السالبة المطلقة ـ كما ذكره المنطقيون ـ هو العرفية العامة ، فالآية لا تدل على عدم نيل الامامة الظالم بعد توبته ؛ لعدم صدق الظالم عليه حينئذ .
اقول : أية فائدة في الاخبار بأن الظالم ، اي الكافر ، كما هو مراد المحشي ، ويدل عليه قوله تعالى « والكافرون هم الظالمون » (2) ما دام كافراً لا تناله الامامة ؛ وهي الرئاسة العامة في امر الدين والدنيا خلافة عن الله او عن النبي .
فان من الاوليات بل الاجلى منها ان الامامة والظلم بالمعنيين المذكورين لا
____________
(1) انوار التنزيل : 1 / 54 .
(2) البقرة : 254 .

( 58 )

يجتمعان ، ولا يتوهمه عاقل ، ليحتاج الى دفعه بانزال آية من السماء ، ضرورة ثبوت التنافي بينهما ، فكيف يصير هذا الحكم موضعا للافادة ؟ وخاصة اذا صدر من الحكيم العليم الذي لا يتطرق اليه ولا الى كلامه عبث ولا لغو ، ولا يكون كلامه ككلام الساهي والنائم والهاذي .
فظهر انه لا يمكن ان يراد بالظالم المنفي عنه الامامة ، من يباشر الظلم ويرتكبه ، حتى يصح ان يقال : انه اذا تاب عنه ويصلح لم يبق ظالما ، فيمكن ان تناله الامامة ، بل هو واقع ، لانها قد نالت هؤلاء بثلاثتهم ، بعد ان تابوا عن ظلمهم وكفرهم واصلحوا .
وهل هذا الا مصادرة وتفسير للاية بما يطابق اهواءهم ، بل المراد به من وجد منه الظلم وقتا ما ، وان لم يكن في الحال ظالما ، بل كان تائبا .
لان ابراهيم ـ عليه السلام ـ لم يسأل الامامة لبعض ذريته المباشرين للظلم من قبل ان يتوبوا عنه ، فلانه قبيح عمن يدعي صحبة عاقل من العقلاء ، فكيف لا يكون قبيحا عمن هو من اعقل الأنبياء .
فتعين ان سؤاله الامامة : اما لبعض ذريته مطلقا ، او للذين لم يظلموا منهم اصلا ، او ظلموا ثم تابوا عنه .
والاول لا يحتمل المباشرين للظلم منهم ، كما مر لما مر ، فيتحقق في ضمن احد الاخيرين ، فقوله تعالى في جوابه « لا ينال عهدي الظالمين » منهم ، صريح في ان الذين ظلموا منهم ، اي : سبقوا في الظلم والكفر لا ينالهم عهد الله ، وان تابوا بعد ظلمهم واصلحوا ، ولم يكونوا في الحال ظالمين .
فدلت على ان الامامة عهد من الله وامانة منه لا تنال من كان ظالما ولو وقتا ما .
ويدل عليه ما رواه الفقيه ابن المغازلي الشافعي ، عن عبد الله بن مسعود في تفسير الآية ، قال قال رسول الله ـ صلى الله عليه وآله : انتهت الدعوة الي والى


( 59 )

علي ، لم يسجد احد منا لصنم قط ، فاتخذني الله نبياً ، واتخذ علياً وصياً . (1) وهذا نص بالباب .
والى ذلك اشار صاحب التجريد بقوله : وسبق كفر غير علي ـ عليه السلام ـ فلا يصلح للامامة غيره ، فتعين هو (2) .
وجواب القوشجي بأن غاية الامر ثبوت التنافي بين الظلم والامامة ، ولا محذور اذا لم يجتمعا . مندفع بما سبق .
واعلم ان الشافعي وشيعته كالبيضاوي ، ذهبوا الى ان اطلاق المشتق بعد وجود المشتق منه وانقضائه ، كالظلم لمن قد ظلم قبل وهو الان لا يظلم ، حقيقة مطلقا ، سواء كان مما يمكن بقاؤه ، كالقيام والقعود ، اولا كالمصادر السيالة نحو التكلم والاخبار .
فعلى قاعدتهم هذه يرد عليهم ان الظالم وان انقضى ظلمه وتاب عنه وقبل توبته لا يصلح للامامة ؛ اذ يصدق عليه انه ظالم حقيقة على ما ذهبوا اليه ، وقد نفى الله عنه الامامة .
فكيف نالت الامامة من يعتقدون امامته مع ظلمه وكفره بالاتفاق ، وهذا مع قطع النظر عما سبق منا امر يلزمهم بخصوصهم وهم لا يشعرون . وما وقفت في كلام احد تفطن بهذا ، فهو من سوانح الوقت والحمد لله .
واذا ثبت ان الظالم وهو من وضع الشيء في غير موضعه وان كان وقتا ما ، او من تعدى حدود الله التي هي الاوامر والنواهي ، لقوله تعالى : « ومن يتعد حدود الله فقد ظلم »(3) لا تناله الامامة .
____________
(1) مناقب ابن المغازلي : 277 .
(2) التجريد : 237 .
(3) البقرة : 229 .

( 60 )

ثبت ان الامام لابد وان يكون معصوما ، والا لكان ظالما : اما لنفسه ، او لغيره ، وقد سبق ان منفي عنه الامامة ، فالآية مما دل على اعتبار العصمة في الامام ، والحمد لله وحده ذي الجلال والاكرام .
* ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار . [ الآية : 201 ]
قيل : المراد بالحسنتين : أما في الدنيا ، فالصحة والامن والكفاية ، والولد الصالح ، والزوجة الصالحة ، والنصر على الاعداء . واما في الاخرة ، فالفوز بالثواب ، والخلاص من العقاب .
وعنه ـ صلى الله عليه وآله : من اوتي قلباً شاكراً ، ولساناً ذاكراً ، وزوجة مؤمنة تعينه على امر دنياه وآخرته ، فقد اوتي في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة ووقي عذاب النار (1) .
وعن مولانا امير المؤمنين ـ عليه السلام : الحسنة في الدنيا المرأة الصالحة ، وفي الاخرة الحوراء ، وعذاب النار امرأة السوء (2) .
وفي الكافي : في الصحيح عن ابي عبد الله ـ عليه السلام ـ في هذه الآية رضوان الله ، والجنة في الاخرة ، والمعاش وحسن الخلق في الدنيا (3) .
وقيل : هي في الدنيا فهم كتاب الله ، وفي الاخرة الجنة .
وقيل : في الدنيا العلم والعبادة ، وفي الاخرة الجنة .
وقيل : الاولى المال والنعمة ، والثانية تمام النعمة ، وهو النجاة من العقاب ،
____________
(1) مجمع البيان : 1 / 298 .
(2) تفسير الصافي : 1 / 217 .
(3) فروع الكافي : 5 / 71 ح 2 .