والوصول الى دار الثواب .
وقيل : الاولى الاخلاص ، والثانية الخلاص . الى غير ذلك من الاقوال .
ولما كان دفع الضرر اهم من جلب النفع ، صرح بذلك في قوله « وقنا عذاب النار » قيل : معناه واحفظنا من الشهوات والذنوب المؤدية الى النار .
* ولاتنكحوا المشركات حتى يؤمنّ . . . [ الآية : 221 ]
قال في الكشاف : « ولا تنكحوا المشركات » اي : الكافرات مطلقا كتابية وغيرها ، فان الكتابي ايضا يقال له : مشرك ، بدليل قوله تعالى : « وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله » الى قوله سبحانه « عما يشركون (1) » . (2) .
وفيه ان شمول المشرك للكتابي الذي يقوله بوحدانية الواجب غير ظاهر لغة وعرفا .
والقول بأن لله ابنا لا يستلزم الشرك الحقيقي ، واطلاقه عليه في الآية لابد من كونه حقيقة فيهم ايضا ، حتى يرادوا منه مطلقا ، فاطلاق الشرك مع القرينة لا يدل على اطلاقه بدونها .
وايضا قول كل اهل الكتاب بالابن غير ظاهر . والعطف في « لم يكن الذين كفروا من اهل الكتاب والمشركين » (3) ظاهر في التغاير ، وله مؤيدات من الايات والاخبار .
____________
(1) التوبة : 30 ـ 31 .
(2) الكشاف : 1 / 360 .
(3) البينة : 1 .

( 62 )

* حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين [ الآية : 238 ]
قال ابن الاثير في النهاية : فيه « تفكر ساعة خير من قنوت ليلة » وقد تكرر ذكر القنوت في الحديث ، ويرد بمعان متعددة ، كالطاعة ، والخشوع ، والصلاة ، والدعاء ، والعبادة ، والقيام ، وطول القيام ، والسكوت ، فيصرف في كل واحد من هذه المعاني الى ما يحتمله لفظ الحديث الوارد فيه .
وفي حديث زيد بن ارقم « كنا نتكلم في الصلاة حتى نزل « وقوموا لله قانتين » فأمسكنا عن الكلام » اراد به السكوت .
وقال ابن الانباري : القنوت على اربعة اقسام : الصلاة ، وطول القيام ، واقامة الطاعة ، والسكوت (1) انتهى .
وقال في القاموس : القنوت الطاعة ، والسكوت ، والدعاء في الصلاة ، والامساك عن الكلام ، واقنت دعا على عدوه ، واطال القيام في صلاته ، وادام الحج ، واطال الغزو ، وتواضع لله (2) .
وقال في الصحاح : القنوت الطاعة ، هذا هو الاصل ، ثم سمي القيام في الصلاة قنوتا . وفي الحديث « افضل الصلاة طول القنوت » ومنه قنوت الوتر (3) انتهى .
ولا ريب في ان المراد من لفظ القنوت الوارد في الاحاديث التي دلت على وجوبه او استحبابه على اختلاف القولين فيه من هذه المعاني ، هو الدعاء لا غير
____________
(1) نهاية ابن الاثير : 4 / 111 .
(2) القاموس المحيط : 1 / 155 .
(3) صحاح اللغة : 1 / 261 .

( 63 )

بقرينة المقام .
وقال ابن عباس في قوله تعالى : « وقوموا لله قانتين » معناه داعين . والقنوت هو الدعاء في الصلاة حال القيام ، وهو المروي عن ابي جعفر وابي عبد الله ـ عليهما السلام . وكذلك فسره محمد بن بابويه بقوله : داعين . وقيل : طائعين . وقيل : خاشعين (1) .
وقال في الكشاف : هو الركود وكف الايدي والبصر (2) .
وقيل : الاولى ان يفسر القنوت بذكر الله قائما انسب من الدعاء فانه اعم ، والاصحاب لا يشترطون الدعاء في القنوت ، فانهم يجعلون كلمات الفرج افضله وليس فيها دعاء .
وكل ذلك تفسير في مقابل النص ، فهو غير مسموع ، فتأمل .
اقول : وقد اختلفت الاثار والاقوال في المراد من الصلاة الوسطى :
ففي الفقيه في رواية زرارة بن اعين الطويلة ، نأخذ منها موضع الحاجة قال قلت لابي جعفر ـ عليه السلام : اخبرني عما فرض الله من الصلوات ؟ فقال : خمس صلوات في الليل والنهار .
الى ان قال الامام ـ عليه السلام ـ وقال « حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى » وهي اول صلاة صلاها رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ، وهي وسط صلاتين بالنهار صلاة الغداة وصلاة العصر (3) .
وفي آيات الاحكام للراوندي : عن زيد بن ثابت ان النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ كان يصلي بالهاجرة ، وكانت اثقل الصلوات على اصحابه ، فلا يكون وراءه الا الصف والصفان ، فقال : لقد هممت ان احرق على قوم لا يشهدون
____________
(1) راجع مجمع البيان : 1 / 343 .
(2) الكشاف : 1 / 376 .
(3) من لا يحضره الفقيه : 1 / 195 ـ 196 .

( 64 )

الصلاة بيوتهم فنزلت الآية (1) .
وفيه دلالة ما على ان الصلاة الوسطى هي صلاة الظهر ، وقد اختلف فيها ، فذهب الى كل صلاة سوى صلاة العشاء طائفة ، ولم ينقل عن احد من السلف انها صلاة العشاء .
وذكر بعض المتأخرين انها هي ؛ لانها بين صلاتين لا تقصران ، كذا ذكره چلبي في حاشيته على المطول .
وقيل : هي احدى الخمس لا بعينها ، ابهمها الله تحريصا للعباد على المحافظة على جميعها ، كما في ليلة القدر وساعة الجمعة .
وقال الصدوق في الفقيه وقيل : انزلت هذه الآية يوم الجمعة ورسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ في السفر ، فقنت فيها ، وتركها على حالها في السفر والحضر ، واضاف للمقيم ركعتين ، وانما وضعت الركعتان اللتان اضافهما النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ يوم الجمعة للمقيم لمكان الخطبتين مع الامام ، فمن صلى يوم الجمعة في غير جماعة فليصلها اربعاً ، كصلاة الظهر في سائر الايام (2) .
وفي الكشاف : هي صلاة العصر . وعن النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ انه قال يوم الاحزاب : شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر ، ملأ الله بيوتهم ناراً . وقال ـ عليه السلام : انها الصلاة التي شغل عنها سليمان بن داود حتى توارت بالحجاب .
وعن حفصة انها قالت لمن كتب لها المصحف : اذا بلغت هذه الآية ، فلا تكتبها حتى امليها عليك كما سمعت رسول الله يقرؤها ، فأملت عليه : والصلاة الوسطى صلاة العصر .
وعن عائشة وابن عباس : والصلاة الوسطى وصلاة العصر ، بالواو . فعلى
____________
(1) مجمع البيان : 1 / 342 .
(2) من لا يحضره الفقيه : 1 / 196 .

( 65 )

هذه القراءة يكون التخصيص بصلاتين احداهما الصلاة الوسطى : اما الظهر ، واما الفجر ، واما المغرب ، على اختلاف الروايات فيها . والثانية العصر .
وعن ابن عمر هي صلاة الظهر . وعن مجاهد هي الفجر . وعن قبيصة هي المغرب . (1) ومشى على اثره البيضاوي .
وقال مولانا احمد الاردبيلي رحمه الله في ايات احكامه بعد ذكر الآية : كان الامر بمحافظة الصلوات بالاداء لوقتها ، والمداومة عليها ، بعد بيان احكام الازواج والاولاد ، لئلا يليهم الاشتغال بهم عنها ، وخصها بعد العموم للاهتمام بحفظها لافضليتها .
ثم قال وقيل : هي مخفية كساعة الاجابة ، واسم الله الاعظم ؛ لان يهتموا بالكل غاية الاهتمام ، ويدركوا الفضيلة في الكل ، فهي تدل على جواز العمل المبين لوقت من غير جزم بوجوده ، مثل عمل ليلة القدر والعيد واول رجب وغيرها ، مع عدم ثبوت الهلال ، وقد صرح بذلك في الاخبار .
ثم قال بعد كلام : فدلت الآية على وجوب محافظة الصلوات ، خرج ما ليس بواجبة منها اجماعا ، بقي الباقي منها تحت العموم ، فلا يبعد الاستدلال بها على وجوب الجمعة والعيدين والايات ايضا (2) .
أقول : قوله « اجماعا » قيد للسلب ، اي : خرج صلوات عدم وجوبها اجماعي من كونها داخلة في كونها مأمورة بالمحافظة ، وبقيت الصلوات المعلوم وجوبها ومشكوكة مندرجة في عموم الآية ، لعدم الدليل على التخصيص .
فحينئذ يمكن الاستدلال بالآية على وجوب الصلوات المشكوك وجوبها ، بظهور الامر في الوجوب ، خصوصا الاوامر القرآنية ، وخصوصا عند ملاحظة وجوب محافظة الصلوات المعلوم وجوبها ، ومشاركة الصلوات المشكوك وجوبها
____________
(1) الكشاف : 1 / 376 .
(2) زبدة البيان : 49 ـ 50 .

( 66 )

معها في كونها متعلقة للامر بالمحافظة .
وفيه ان الآية ظاهرها وجوب محافظة الصلوات الثابت وجوبها ، فلو ثبت ان الجمعة وغيرها في هذا الزمان من تلك الصلوات وجبت محافظتها ، والا فلا .
فان ما ليس بثابت وجوبه من الصلوات لا تجب محافظتها ولا فعلها ؛ اذا الاصل عدم الوجوب وبراءة الذمة الى ان يقوم دليل يفيد اليقين او الظن بخلافه ، ولم يقم بعد دليل كذائي على وجوب الجمعة في هذا الزمان ، والا لم تكن من الصلوات المشكوك وجوبها .
مع ان الآية على ما نقله الراوندي في آيات احكامه عن زيد بن ثابت وقد مر ، انما نزلت في الامر بمحافظة الصلوات المفروضة اليومية ، وكون الجمعة منها لم يثبت بعد .
وبالجملة : اما ان يحمل الآية على الامر بمحافظة الصلوات المفروضة اليومية ، او مطلق الفريضة ، او مطلق الصلاة اليومية ، فريضة كانت او نافلة ، او مطلق الصلاة المأمور بها ، يومية كانت او غير يومية .
فعلى الاحتمالين الاولين لا وجه للاستدلال بها على وجوب ما لم يعلم وجوبه ؛ لان كونه مندرجا في الامر بالمحافظة حينئذ غير ظاهر .
وعلى الاحتمالين الاخيرين ايضا لا يصح الاستدلال بها على وجوب الصلوات المشكوك وجوبها ، لكون المحافظة المأمور بها حينئذ مطلقة جارية في النوافل ايضا ، فظهر ان ظاهر الآية احد الاحتمالين الاولين ، لكون ظاهرها وجوب المحافظة .
فان قلت : يمكن ترجيح الاحتمال الثاني ، بأن ما ذكرته انما يدل على تخصيص الصلوات بالفرائض . وأما تخصيصها باليومية ، فلا دليل عليه .
فحينئذ نقول : الصلوات المشكوك وجوبها التي ثبت وجوبها في زمان رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ، مثل الجمتة والعيدين ، يمكن اثبات وجوبها في زمانها بما يدل على عموم الحكم الازمان ، وان ادى بخطاب المشافهة ما لم يدل


( 67 )

دليل على خصوصه .
قلت : يمكن الاستدلال على العموم ان دل ضرورة الدين او المذهب او الاجماع على حرف الخطاب عن ظاهره ، وهو فيما نحن فيه منتف .
ثم الكلام في الاستدلال بها على وجوب الجمعة على تقدير ترجيح الاحتمال الاول بالتبادر وكون الجمعة من اليومية وما عليه ، ظاهر بما ذكرته من غير حاجة الى التفصيل .
هذا وفي الفقيه عن النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ في جواب نفر من اليهود عن علة وجوب خمس صلوات ، وعن كونها في المواقيت المخصوصة ، قال : وأما صلاة العصر ، فهي الساعة التي اكل آدم ـ عليه السلام ـ فيها من الشجرة ، فأخرجه الله من الجنة ، فأمر الله عز وجل ذريته بهذه الصلاة الى يوم القيامة ، واختارها لامتي ، فهي من احب الصلوات الى الله عز وجل ، واوصاني ان احفظها من بين الصلوات (1) .
وفي رواية ابي جعفر ـ عليه السلام ـ انه قال في بعض القراءات « حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى » صلاة العصر « وقوموا لله قانتين » في صلاة الوسطى (2) .
وفي جوامع الجامع : روي عنهم ـ عليهم السلام ـ انها صلاة الظهر . وقيل : هي صلاة العصر ، وروي ذلك ايضا مرفوعا . وقيل : صلاة الفجر ، يدل عليه قوله « وقرآن الفجر ان قرآن الفجر كان مشهوداً » (3) .
وفي مجمع البيان : قيل هي صلاة الظهر ، لتوسطه في النهار . وقيل : العصر ، لتوسطه بين صلاة النهارية والليلية . وقيل : هي المغرب ، لتوسطه في الطول
____________
(1) من لا يحضره الفقيه 1 : 212 ـ 213 .
(2) من لا يحضره الفقيه 1 : 196 .
(3) جوامع الجامع : 44 .

( 68 )

والقصر . وقيل : هي العشاء الاخرة ، لتوسطه بين صلاتين غير مقصورتين . وقيل : هي الصبح ، لتوسطه بين الضياء والظلام (1) .
وقال الراوندي في آيات احكامه : هي العصر فيما روي عن النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ وعن علي ـ عليه السلام ـ وعن ابن عباس والحسن ، وقال الحسن بن علي المغربي : هي صلاة الجماعة ، لان الوسط العدل ، فلما كانت صلاة الجماعة افضلها خصت بالذكر .
ثم قال : وهذا وجه مليح ، غير انه لم يذهب اليه غيره . (2) وقال في فصل اخر : وذكر انها الجمعة يوم الجمعة ، والظهر سائر الايام ، ثم ذكر اقوالا كثيرة سبقت ، ووجودها عديدة سبق بعضها ، وسيأتي بعض آخر (3) .
وفي القاموس : والصلاة الوسطى المذكورة في التنزيل : الصبح ، او الظهر ، او العصر ، او المغرب ، او العشاء ، او الوتر ـ او الفطر ، او الأضحى ، او الضحى ، او الجماعة ، او جميع الصلوات المفروضات ، او الصبح والظهر (4) معا ، او صلاة غير معينة ، او العشاء والصبح معا ، او صلاة الخوف ، او الجمعة في يومها وفي سائر الايام الظهر ، او المتوسطة بين الطول والقصر ، او كل من الخمس ، لان قبلها صلاتين وبعدها صلاتين .
ابن سيدة : من قال انها غير صلاة الجمعة فقد اخطأ ، الا ان يقوله برواية مستندة الى النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ قيل : لا يرد عليه « شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر » لانه ليس المراد بها في الحديث المذكور في التنزيل (5) الى
____________
(1) مجمع البيان : 1 / 343 .
(2) فقه القرآن للراوندي : 1 / 112 ـ 113 .
(3) فقه القرآن : 1 / 140 .
(4) في المصدر : والعصر .
(5) القاموس المحيط : 2 / 391 ـ 392 .

( 69 )

هنا كلامه .
وجميع ما احتمله من الصلوات محتمل ، الا صلاة الضحى ، فانها بدعة عندنا . فهذا ما وصل الينا من الاقوال في الصلاة الوسطى .
ثم العجب العجيب والامر الغريب من الفاضلين المشهورين الشهيد الثاني والمحقق الكاشاني انهما راما ان يستدلا بالآية على وجوب الجمعة وعينيّتها في هذا الزمان ، ثم استندا في ذلك الى قول المحققين .
قال المحقق الكاشاني في رسالته : وقال عز وجل « حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى » خص الصلاة الوسطى بالامر بالمحافظة عليها من بين الصلوات بعد الامر بالمحافظة على الجميع ، والذي عليه المحققون انها صلاة الظهر في غير يوم الجمعة ، وفيها هي الجمعة . وقال جماعة من العلماء : انها هي الجمعة لا غير ، كذا قال زين المحققين طاب ثراه في بعض فوائده (1) انتهى .
فياليت شعري من هم اولئك المحققين الذين تمسكا بقولهم على اثبات مرامهما ؟ فلعلهما تشبثا فيه بما نقله الصدوق بلفظ القيل وقد مر ، او بما احتمله صاحب القاموس واخذ منه غيره ، او بما قاله ابن سيدة .
ولابأس به ، اذ الغريق يتشبث بكل حشيش ، ولكنه مناف لقوله في المقدمة : والادلة الشرعية منحصرة عندنا في هذه الثلاثة ، فكيف يستدل بقول المحققين ؟ مع عدم تحققه ومخالفته لكثير من الاخبار .
فانظروا يا اولي الابصار الى اولئك الاخبار ، كيف يموهون الاحكام على الابرار ؟ ولا يبالون بما فيه من الاخطار والانذار ، ومن مؤاخذة الملك الجبار المدعو بالقهار ، فنعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا (2) .
____________
(1) الشهاب الثاقب : 16 .
(2) ليس الغرض من هذا الكلام الطعن على اولئك الاعلام ، كلا وحاشا ثم كلا وحاشا ، بل الغرض ان لا يعتمد على استدلالهم بهذه الايات ، ولا سيما هذه الآية منها بمخالفته كثيرا من الاقوال وجلها ، ومصادمته غفيرا من الاخيار بل كلها كما عرفت « منه » .

( 70 )

اعلم ان المستدل قدس سره نقل في اخر رسالته هذه عن زين المحققين انه قال في اخر رسالته : قد وردت الاخبار بأن الصلاة اليومية من بين العبادات بعد الايمان افضل مطلقا ، وورد ايضا افضل الصلوات اليومية الصلاة الوسطى التي خصها الله تعالى من بينها بالامر بالمحافظة عليها ، واصح الاقوال ان الصلاة الوسطى هي صلاة الظهر ، وصلاة الظهر يوم الجمعة هي صلاة الجمعة على ما تحقق ، او هي افضل فرديها على ما تقرر (1) .
اقول : هذا القول منه مناف لما نقله عنه المستدل في هذا الموضع ، لتصريحه بأن اصح الاقوال انها صلاة الظهر ، الا انه لما زعم ان صلاة الظهر يوم الجمعة هي صلاة الجمعة ، يلزم منه بناءً عما زعمه هذا كون الصلاة الوسطى يوم الجمعة صلاة الجمعة .
لكنه لا يعطي ان الصلاة الوسطى عند المحققين هي صلاة الجمعة ، او انها صلاة الظهر في غير يوم الجمعة وفيها هي الجمعة ، وذلك ظاهر .
ثم مما لا يقضي منه العجب ان المستدل كيف نقل عنه هذا في اول رسالته وذلك في آخرها من غير تعرض للجمع بينهما ؟ وانى له ذلك ، مع ما بينهما من التهافت والتساقط .
أسأل الله تبارك وتعالى العصمة من الزلل والسداد في الرأي ، والحمد لله رب العالمين .
* الله لا اله الا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة لا نوم . . . [ الآية : 255 ]
السنة كالعدة مثال واوي ، وهي ما يتقدم النوم من الفتور الذي يقال له
____________
(1) الشهاب الثاقب : 100 ـ 101 .
( 71 )

النعاس ايضا . والنوم : حال يعرض للحيوان عند استرخاء اعصاب الدماغ في رطوبات الابخرة المتصاعدة ، بحيث يقف الحواس الظاهرة عن الاحساس رأساً .
فان قلت : ذكر النوم كان مغنياً عن ذكر السنة ، للزومها له وتقدمها عليه طبعاً .
قلت : ليس كذلك ؛ لانه يمكن تحقق النوم بدون السنة ، فتقدمها عليه غير لازم .
ولو سلم اللزوم ، فيمكن ان يكون ذكرها للتصريح بالاستقصاء والاحاطة ، ثم القول بفوات المبالغة التي تناسب المقام ، لا يليق بكلام الملك العلام .
فالحق ان يقال : ان في تقديمها عليه مبالغة لطيفة مع رعاية ترتيب الوجود ؛ لان مفهوم قوله « لا تأخذه سنة ولا نوم » انه لا يغلبه السنة التي هي سبب غفلة الشخص في الجملة ، ولا النوم الذي هو سبب الغفلة بالكلية .
وحاصله : انه لا يمنعه مانع جزئي ولا مانع كلي عن حسن قيامه بحفظ المخلوقات .
ولا يخفى ان هذا الاداء مشتمل على المبالغة ، وهذه الجملة تأكيد للقيوم ، فان من كان دائم القيام بحفظ شيء ، لزمه عدم عروض السنة والنوم له اصلاً ، والا اصل لزوم الشيء وذكر لازم الشيء بعده تأكيده له ، ولما كانت هذه الجملة تأكيداً لما اشتملت عليه الاولى ترك العاطف بينهما .


( 72 )



( 73 )

سورة آل عمران

فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع ابناءنا وابناءكم ونساءنا ونساءكم وانفسنا وانفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين . [ الآية : 61 ]
قال القوشجي : ليس المراد به نفسه ـ صلى الله عليه وآله ـ لان احدا لا يدعو نفسه ، كما لا يأمر نفسه ، وليس المراد به فاطمة والحسن والحسين ـ عليهم السلام ـ لانهم ادرجوا في قوله تعالى : « وابناءنا وابناءكم ونساءنا ونساءكم » .
فلا بد وان يكون شخصا اخر غير نفسه ـ صلى الله عليه وآله ـ وغير فاطمة والحسن والحسين ـ عليهم السلام ـ وليس غير علي بالاجماع ، فتعين ان يكون عليا ـ عليه السلام .
وبيان دلالته على كونه افضل الصحابة ان دعاءه للمباهلة يدل على انه في غاية الشفقة والمحبة لعلي ـ عليه السلام ـ والا لقال المنافقون : ان الرسول لم يدع للمباهلة من يحبه ويحذر عليه من العذاب .
اقول : هذه حق . واما استدلال اصحابنا بآية المباهلة على كونه ـ عليه السلام ـ مساويا للنبي ـ صلى الله عليه وآله ـ في الفضيلة والشرافة ، وهو اشرف من سائر الانبياء ، فيكون مساويه كذلك ، فباطل يرد عليه مفاسد وهم عنها غافلون .
قال آية الله العلامة والنحرير الفهامة روح الله روحه في جواب من سأله


( 74 )

عما ورد ان آدم ونوحاً ضجيعان لمولانا امير المؤمنين ـ عليهم السلام ـ هل صح ذلك ؟
هذا شيء مشهور ، والاعتماد فيه على النقل ، ومع ذلك فأي فضيلة لامير المؤمنين علي ـ عليه السلام ـ فيه ؟ فان الشيعة استدلوا بالقرآن على ان امير المؤمنين ـ عليه السلام ـ مساويا للنبي ـ صلى الله عليه وآله ـ لقوله تعالى : « وانفسنا » والمراد به علي ـ عليه السلام ـ والاتحاد محال ، فبقي ان يكون المراد المساواة ، ولا شك ان محمداً ـ صلى الله عليه وآله ـ اشرف من غيره من الانبياء ، فيكون مساويه كذلك (1) .
ولا يذهب عليك ان ما ذكره من مساواتهما صلوات الله عليهما وآلهما وقت نزول الآية ، كما هو مقتضى دليله هذا ، ينافيه ما روي عنه ـ عليه السلام ـ ان النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ علمه عند وفاته الف باب فتح من كل باب الف الف باب .
اذ المتعلم لا يكون مساويا لمعلمه ، ضرورة تقدمه عليه تقدما بالشرف ، مع ما في تساويهما وقتئذ من ترجيح احد المتساويين على الاخر على تقدير كون احدهما رعية والاخر اماما له .
والا يلزم : اما القول بالتشريك ، او عدم كونه حجة عليه ، وهو ينافي عموم رسالته ، وكونه رحمة العالمين ، ومبعوثا على الاسود والابيض .
ثم ان هنا اشكالا اخر اقوى منه ، وهو انه ـ عليه السلام ـ بعد النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ بضعا وثلاثين سنة ، ولا شك انه ازداد في هذه المدة الطويلة علما وفضلا وكمالاً جسمانياً وروحانياً استحق به الثواب ، ولا لكان مغبونا في هذه المدة ، بل كل من ساوى يوماه فهو مغبون .
وكيف لم يزدد بعده ـ صلى الله عليه وآله ـ فضلاً وثواباً ، وغزواته ـ عليه
____________
(1) اجوبة المسائل المهنائية : 50 ـ 51 .
( 75 )

السلام ـ مع القاسطين والناكثين والمارقين مشهورة ، ومجاهداته في الله وعباداته في الكتب مسطورة .
فعلى ما ذكره قدس سره مقلدا فيه السلف من غير ان يمعن النظر فيه وفيما فيه ، يلزم ان يكون علي ـ عليه السلام ـ افضل من النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ بمراتب ، اذ لا يعنى بالافضل هنا الا اكثر ثوابا ، وهو ـ عليه السلام ـ على هذا الفرض اكثر منه ـ صلى الله عليه وآله ـ فضلا وثوابا بمراتب شتى ، وهذا مع انه ينافيه كونه ـ صلى الله عليه وآله ـ اشرف الموجودات وافضل الكائنات .
وقوله : ما خلق الله خلقا افضل مني ولا اكرم على الله مني .
وقوله : انا سيد ولد ادم (1) .
وفي رواية اخرى : انا سيد من خلق الله .
وقوله في حديث اخر اورده الشيخ ابن فهد في العدة : علي سيد العرب ، فقيل : يا رسول الله الست سيد العرب ؟ فقال : انا سيد ولد آدم وعلي سيد العرب . فقيل : وما السيد ؟ قال : من افترضت طاعته كما افترضت طاعتي (2) .
وقولهم ـ عليهم السلام ـ في الادعية المأثورة : وصلى الله على خير خلقه سيدنا محمد وآله .
وخاصة قول علي ـ عليه السلام ـ في خطبة يوم الغدير المذكورة في الكفعمي (3) ، قرن الاعتراف بنبوته بالاعتراف بلا هوتيته ، واختصه من تكريمه بما لم يلحقه فيه احد من بريته ، فهو اهل ذلك بخاصته وخلته .
وفي خطبة اخرى له ـ عليه السلام : الا وان الوسيلة اعلى درجة الجنة ،
____________
(1) كنز العمال : 11 / 434 ، وعوالي اللئالي : 4 / 121 .
(2) عدة الداعي : 305 .
(3) المصباح للكفعمي : 695 .

( 76 )

وذروة ذوائب الزلفة ، ونهاية غاية الامنية ، لها الف مرقاة ، ما بين المرقاة الى المرقاة حضر الفرس الجواد مائة عام ، ورسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ قاعد عليها مرتد بريطتين : ريطة من رحمة الله ، وريطة من نور الله ، عليه تاج النبوة واكليل الرسالة ، قد اشرف بنوره المواقف ، وانا يؤمئذ على الدرجة الرفيعة ، وهي دون درجته وعليّ ريطتان : ريطة من ارجوان النور ، وريطة من كافور (1) .
قال في مجمع البحرين : وفي الحديث في وصف علي ـ عليه السلام ـ في الجنة « وعليه ريطتان : ريطة من ارجوان النور ، وريطة من كافور » ومثله في وصف رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ « مرتد بريطتين » الريطة بالفتح : كل ملاءة اذا كانت قطعة واحدة وليست لفقتين اي قطعتين ، والجمع رياط مثل كلبة وكلاب ، وريط مثل تمرة وتمر (2) .
وفي نهاية ابن الاثير : وقيل الريطة كل ثوب رقيق لين (3) .
مما لم يقل به احد المسلمين ، وكيف يقول به مسلم ؟ ودرجته باعترافه دون درجته ، والمساواة في الفضيلة ملزوم المساواة في الدرجة ؛ بل هو هو .
وكيف يساويه احد في الدرجة والفضيلة ؟ وهو اول من تشرف بعناية الله وصار مظهر جلاله وجماله ، وقد تقرر في مقره ان اول خلق الله اشد مناسبة بذاته تعالى ، اذ لا واسطة بينه وبن خالقه .
وايضا فان اراد به انه مساو له مع وصفه بالنبوة ، يلزم منه ان يكون نبيا مثله ، وان اراد به انه مع قطع النظر عن ذلك مساو له .
فعلى تقدير التسليم لا يلزم منه ما ادعاه ، اذ لا يلزم منه كونه ـ صلى الله عليه وآله ـ مع وصف النبوة وسائر الفضائل افضل من اولي العزم ، كونه ـ عليه
____________
(1) روضة الكافي : 8 / 24 ـ 25 .
(2) مجمع البحرين : 4 / 249 ـ 250 .
(3) نهاية ابن الاثير : 2 / 289 .

( 77 )

السلام ـ بدون هذا الوصف افضل منهم ، كيف ؟ ونبوته اشرف النبوات ، ورسالته اكمل الرسالات ، وما بلغ بذلك احد مبلغه .
الا يرى الى ما رواه ثقة الاسلام في اصول الكافي ، عن علي بن ابراهيم ، عن ابيه ، عن ابن عمير ، عن ابن اذينه ، عن زرارة ، عن ابي جعفر ـ عليه السلام ـ قال : نزل جبرئيل ـ عليه السلام ـ على رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ برمانتين من الجنة ، فأعطاه اياهما ، فأكل واحدة وكسر الاخرى نصفين ، فأعطى عليا ـ عليه السلام ـ نصفها فأكلها ، فقال : يا علي اما الرمانة الاولى التي اكلتها فالنبوة ، وليس لك فيها شيء ، واما الاخرى فهو العلم ، فأنت شريكي فيه (1) .
فهذا حديث صحيح صريح في ان له ـ عليه السلام ـ ربع ماله ـ صلى الله عليه وآله ـ فانه اكل من الرمانتين ثلاثة ارباعهما ، واكل علي ـ عليه السلام ـ ربعا منهما .
ولعله ـ عليه السلام ـ لذلك قال وقد سأله حبر من الاحبار بعد كلام افاده في التوحيد ، فنبي انت ؟ : ويلك انا عبد من عبيد محمد . كذا في التوحيد للصدوق رحمه الله (2) .
ثم ان شئت ان تعرف شتان ما بينهما ، فانظر الى ما ورد في طريق العامة عن ابي هريرة ، وتلقاه الخاصة بالقبول ، لورود مثله في طريقهم ، قال رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ لعلي بن ابي طالب ـ عليه السلام ـ يوم فتح مكة : اما ترى هذا الصنم بأعلى الكعبة ؟ فقال : بلى يا رسول الله ، قال : فأحملك فتناوله ، قال : بل انا احملك يا رسول الله .
فقال : لو ان ربيعة ومضر جهدوا ان يحملوا مني بضعة وانا حي ما قدروا ،
____________
(1) اصول الكافي : 1 / 263 ح 1 .
(2) التوحيد : 174 ح 3 .

( 78 )

ولكن قف يا علي ، فضرب رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ يديه على ساق علي ـ عليه السلام ـ فوق القرقونس (1) ، ثم اقتلعه من الارض ، فرفعه حتى تبين بياض ابطيه الحديث (2) .
هذا ثم من البين ان ليس المراد بقوله « وانفسكم » هم المتساوون في الدرجة والفضيلة ؛ اذ لا فضل لهم عند الله جناح بعوضة ، بل المراد به الذين كانوا من خاصة هؤلاء المخاطبين وبطانتهم ووليجتهم ، ومن اعزة اهلهم واحبتهم عليهم ، الذين كانوا يخافون عليهم ، ويحذرون من نزول العذاب بهم .
لان ذلك هو مناط المباهلة ومحط فائدتها ، حيث يدل على وثوق المباهل ويقينه بحقيته ، وبطلان طرف المقابل ، فكذا قوله « وانفسنا » من غير فصل .
وكثيراً ما يعبر عن القريب النسبي ، بل عن المشتركين في ملة بالنفس ، كقوله تعالى : « فاقتلوا انفسكم» (3) اي : ليقتل بعضكم بعضا ، امر من لم يعبد العجل من قوم موسى ـ عليه السلام ـ ان يقتل من عبده .
وقوله تعالى : « ولا تقتلوا انفسكم » (4) اي : لا يقتل بعضكم بعضا ، لانكم اهل دين واحد ، فأنتم كنفس واحدة ، صرح بذلك اهل التفسير . وعدوا منه قوله تعالى : « فسلموا على انفسكم » (5) .
وقد تطلق النفس على الجنس والنوع ، كفوله تعالى : « لقد جاءكم رسول من انفسكم » (6) وقوله : « لقد من الله على المؤمنين اذ بعث فيهم رسولاً من
____________
(1) في المناقب : القرنوس .
(2) المناقب لابن المغازلي : 202 .
(3) البقرة : 54 .
(4) النساء : 29 .
(5) النور : 61 .
(6) التوبة : 128 .

( 79 )

انفسهم » (1) اي : من جنسهم ، كما في مجمع البحرين (2) .
وامثال ذلك في كتاب الله العزيز غير عزيز ، فيكون مجازاً من الكلام اريد به المبالغة ، كما في حديث السفر : وابدأ بعلف دابتك فانها نفسك (3) . اي كنفسك ، فكما تحتفظ على نفسك فاحتفظ عليها .
ومثله « فاطمة بضعة مني ، وهي قلبي ، وهي روحي التي بين جنبي » (4) وقوله « عترتي من لحمي ودمي » وامثال ذلك ، فكما لا يلزم في هذه الصورة المساواة في الدرجة والفضيلة ، فكذا هنا من غير فرق .
فيكون المراد بقوله « وانفسنا » من هو بمنزلتها في وجوب رعايتها والمحافظة عليها ، كما المراد بقوله « وانفسكم » كذلك . وهذا امر ظاهر بقرينة المقام ، ولا يشتبه على من له ادنى دربة بالكلام .
ويظهر منه خصوصيته ـ عليه السلام ـ برسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ وكونه محبوبا له ، فيدل على فضيلته وفضيلة الذين اتى بهم الرسول الى المباهلة ، وعلى انهم افضل من سائر الصحابة ، واحب الى رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ منهم . كما اشار اليه صاحب التجريد (5) ، وإلا لقال المنافقون : ان الرسول لم يدع للمباهلة من يحبه ويحذر عليه من العذاب .
واما انه يدل على انه مساو له في المرتبة والفضيلة والقرب من الله ، فكلا وحاشا ؛ اذ لا دلالة له عليه بواحد من الدلالات .
ثم اني الى الان لم ار في كلام احد من علماء الشيعة قديماً وحديثاً ممن له
____________
(1) آل عمران : 164 .
(2) مجمع البحرين : 4 / 113 .
(3) وسائل الشيعة : 8 / 351 و 324 .
(4) راجع الروايات الواردة عن طرقهم الى احقاق الحق : 10 / 187 ـ 228 و 19 / 75 ـ 93 .
(5) التجريد : 267 .

( 80 )

ادنى فطانة ، واخذ فطانته بيده ، ولم يقلد فيه احدا ، انه استدل بهذه الآية على المساواة بينهما ، الا في كلام الفاضلين آية الله العلامة وابنه فخر المحققين وزين المدققين .
حيث قال في جواب من سأله عن مولانا امير المؤمنين ـ عليه السلام ـ هل هو افضل من سائر الانبياء ما خلا نبينا صلوات الله عليهم من غير تفصيل ، ام هو افضل من بعضهم دون بعض ؟ وما الحجة في تفضيله عليهم ؟ وهل يكون حكم باقي الائمة ـ عليهم السلام ـ من ولده هذا الحكم ام لا ؟
هذا امر مختص به صلوات الله عليه ، وامير المؤمنين علي بن ابي طالب ـ عليه السلام ـ افضل من سائر الانبياء غير النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ ودليله قوله تعالى : « وانفسنا وانفسكم » .
اجمع المفسرون على ان المراد بالنفس هنا علي ـ عليه السلام ـ والاتحاد محال ، فلم يبق الا المساواة ، ومساوي الافضل افضل قطعاً .
وظاهر انه في ذلك سلك مسلك ابيه من دون تأمل ، ولا تدبر لحسن ظنه به .
نعم نقل عن شيخنا الشهيد قدس سره انه قال : اولوا العزم من الرسل خمسة . وقيل : ستة . والحق الاول ، وهم افضل من سائر النبيين والمرسلين ، وهم : نوح ، وابراهيم ، وموسى ، وعيسى ، ومحمد صلوات الله عليهم .
ولاشك ان محمدا ـ صلى الله عليه وآله ـ افضل من سائرهم بلا خلاف . وأما علي بن ابي طالب ـ عليه السلام ـ فلا شك انه افضل من سائر الانبياء والمرسلين ما عدا الخمسة .
وقال بعض العلماء بتفضيله عليهم ما عدا محمد ـ صلى الله عليه وآله ـ لانه مساو له ، لقوله « وانفسنا وانفسكم » وكان محمد ـ صلى الله عليه وآله ـ افضل منهم ، ومساوي الافضل افضل . الى هنا كلامه طاب منامه .
ولا يخفى ان استثناءه الخمسة ، ثم نسبته القول بتفضيله عليهم الى بعض