وروى مسلم أيضأ : « خلق الله التربة يوم السبت » ، واتفّق الناس على أنّ يوم السبت لم يقع فيه خلق .
وروى مسلم عن أبي سفيان أنّه قال للنبي ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ لمّا أسلم : يا رسول الله اعطني ثلاثاً : تزوّج ابنتي أمّ حبيبة ، وابني معاوية اجعله كاتباً ، وأمّرني أن اقاتل الكفار كما قاتلت المسلمين ، فأعطاه النبي ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ ، والحديث معروف مشهور . وفي هذا من الوهم ما لا يخفى ، فامّ حبيبة تزوّجها رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ وهي بالحبشة وأصدقها النجاشي عن النبي ـ صلّى الله وآله وسلّم ـ أربعمائة دينار ، وحضر وخطب وأطعم ، والقصّة مشهورة . وأبو سفيان إنّما أسلم عام الفتح وبين الهجرة إلى الحبشة والفتح عدّة سنين ، ومعاوية كان كاتباً للنبي ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ من قبل ، وأمّا إمارة أبي سفيان فقد قال الحافظ : إنّهم لا يعرفونها .
فيجيبون على سبيل التحنّق بأجوبة غير طائلة فيقولون في نكاح ابنته : إعتقد أن نكاحها بغير إذنه لا يجوز وهو حديث عهد بكفر ، فأراد من النبي ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ تجديد النكاح . ويذكرون عن الزبير بن بكّار بأسانيد ضعيفة أنّ النبي ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ أمّره في بعض الغزوات ، وهذا لا يعرف .
وما حملهم على هذا كلّه بعض التعصّب ، وقد قال الحافظ : إنّ مسلماً لمّا وضع كتابه الصحيح عرضه على أبي زرعة الرازي فأنكر عليه وقال : سمّيته الصحيح فجعلت سلّماً لأهل البدع وغيرهم ، فإذا روى لهم المخالف حديثاً يقولون : هذا ليس في صحيح مسلم ؛ فرحم الله تعالى أبا زرعة فقد نطق بالصواب ، فقد وقع هذا .


( 334 )

وما ذكرت ذلك كلّه إلاّ أنّه وقع بيني وبين بعض المخالفين بحث في مسألة التورّك ، فذكر لي حديث أبي حميد المذكور أولاً ، فأجبته بتضعيف الطحاوي فما تلفّظ وقال : مسلم يصحّح والطحاوي يضعّف ، والله تعالى يغفر لنا وله آمين » (1) .

الأدفوي
4 ـ أبو الفضل الأدفوي (2) : « ثم أقول : إنّ الامّة تلقّت كلّ حديث صحيح وحسن بالقبول ، وعملت به عند عدم المعارض ، وحينئذ لا يختصّ بالصحيحين ، وقد تلقّت الامّة الكتب الخمسة أو الستّة بالقبول وأطلق عليها جماعة اسم ( الصحيح ) ورجّح بعضهم بعضها على كتاب مسلم وغيره .
قال أبو سليمان أحمد الخطّابي : كتاب السنن لأبي داود كتاب شريف لم يصنّف في حكم الدين كتاب مثله ، وقد زرق من الناس القبول كافّة ، فصار حكماً بين فرق العلماء وطبقات الفقهاء على اختلاف مذاهبهم ، وكتاب السنن أحسن وضعاً وأكثر فقهاً من كتب البخاري ومسلم .
وقال الحافظ أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسي : سمعت الإمام أبا الفضل عبدالله بن محمد الأنصاري بهراة يقول : وقد جرى بين يديه ذكر أبي عيسى الترمذي وكتابه فقال ـ : كتابه عندي أنفع من كتاب البخاري ومسلم .
وقال الإمام أبو القاسم سعيد بن علي الزنجاني : إنّ لأبي عبدالرحمن النسائي شرطاً في الرجال أشدّ من شرط البخاري ومسلم .
____________
(1) الجواهر المضيّة في طبقات الحنفية 2 : 428 ـ 430 .
(2) ترجمته في : الدرر الكامنة 2 : 72 ، النجوم الزاهرة 10 : 237 ، البدر الطالع 1 : 182 ، حسن المحاضرة 1 :320 ، شذرات الذهب 6 : 153 .

( 335 )

وقال أبو زرعة الرازي لمّا عرض عليه ابن ماجة السنن كتابه : أظنّ إن وقع هذا في أيدي الناس تعطّلت هذه الجوامع كلّها ، أو قال : أكثرها .
ووراء هذا بحث آخر وهو : أنّ قول الشيخ أبي عمرو ابن الصلاح : إنّ الامّة تلقّت الكتابين بالقبول ، إن أراد كلّ الامّة فلا يخفى فساد ذلك ، إذ الكتابان إنّما صنّفا في المائة الثالثة بعد عصر الصحابة والتابعين وتابعي التابعين ، وأئمّة المذاهب الأربعة ، ورؤوس حفّاظ الأخبار ونقّاد الآثار المتكلّمين في الطرق والرجال ، المميّزين بين الصحيح والسقيم .
وإن أراد بالأمّة الّذين وجدوا بعد الكتابين فهم بعض الامّة ، فلا يستقيم له دليله الذي قرّره من تلقّي الامّة وثبوت العصمة لهم ، والظاهرية إنّما يعتنون بإجماع الصحابة خاصة ، والشيعة لا تعتدّ بالكتابين وطعنت فيهما ، وقد اختلف في اعتبار قولهم في الإجماع والإنعقاد .
ثم إن أراد كلّ حديث فيهما تلقّي بالقبول من الناس كافّة فغير مستقيم ، فقد تكلّم جماعة من الحفّاظ في أحاديث فيهما ، فتكلّم الدار قطني في أحاديث وعلّلها ، وتكلّم ابن حزم في أحاديث كحديث شريك في الإسراء ، قال : إنّه خلط ، ووقع في الصحيحين أحاديث متعارضة لا يمكن الجمع بينها ، والقطع لا يقع التعارض فيه .
وقد اتّفق البخاري ومسلم على إخراج حديث « محمد بن بشّار بندار » وأكثرا من الإحتجاج بحديثه ، وتكلّم فيه غير واحد من الحفّاظ ، أئمّة الجرح والتعديل ، ونسب إلى الكذب ، وحلف عمرو بن علي الفلاس شيخ البخاري أنّ بندار يكذب في حديثه عن يحيى ، وتكلّم فيه أبو موسى ، وقال علي بن المديني في الحديث الذي رواه في السجود : هذا كذب ، وكان يحيى لا يعبأ به ويستضعفه ،


( 336 )

وكان القواريري لا يرضاه .
وأكثرا من حديث « عبد الرزّاق » والإحتجاج به ، وتكلّم فيه ونسب إلى الكذب .
وأخرج مسلم عن « أسباط بن نصر » وتكلّم فيه أبو زرعة وغيره .
وأخرج أيضاً عن « سماك بن حرب » وأكثر عنه ، وتكلّم فيه غير واحد ، وقال الإمام أحمد بن حنبل : هو مضطرب الحديث ، وضعّفه أمير المؤمنين في الحديث شعبة ، وسفيان الثوري ؛ وقال يعقوب بن شعبة : لم يكن من المتثبّتين ؛ وقال النسائي : في حديثه ضعف ؛ قال شعبة : كان سماك يقول في التفسير عكرمة ، ولو شئت لقلت له : ابن عبّاس ، لقاله : وقال ابن المبارك : سماك ضعيف في الحديث ؛ وضعّفه ابن حزم قال : وكان يلقّن فيتلقّن .
وكان أبو زرعة يذمّ وضع كتاب مسلم ويقول : كيف تسمّيه الصحيح وفيه فلان وفلان ... وذكر جماعة .
وأمثال ذلك يستغرق أوراقاً ، فتلك الأحاديث عندهما ولم يتلقّوهما بالقبول .
وإنّ أراد غالب ما فيهما سالم من ذلك لم يبق له حجّة » (1) .

القاري
5 ـ الشيخ علي القاري حول صحيح مسلم : « وقد وقع منه أشياء لا تقوى عند المعارضة ، وقد وضع الرشيد العطّار كتاباً على الأحاديث المقطوعة فيه ،
____________
(1) الإمتاع في أحكام السماع ، عنه في كتابنا الكبير : نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار 6 :
( 337 )

وبيّنها الشيخ محيي الدين في أول شرح مسلم .
وما يقوله الناس : إنّ من روى له الشيخان فقد جاز القنطرة ، هذا أيضاً من التجاهل والتساهل ... فقد روى مسلم في كتابه عن الليث ... » إلى آخر ما ذكره من الأمثلة لما قاله ، بعبارات تشبه عبارات الأدفوي ... (1) .

محبّ الله بن عبد الشكور
6 ـ الشيخ محبّ الله بن عبدالشكور صاحب « مسلّم الثبوت » .

عبدالعلي الأنصاري
7 ـ الشيخ عبدالعلي الأنصاري الهندي ـ شارح مسلّم الثبوت ـ ، وهذا كلامه مازجاً بالمتن : « ( فرع : إبن الصلاح وطائفة ) من الملقّبين بأهل الحديث ( زعموا أنّ رواية الشيخين ) محمد بن إسماعيل ( البخاري ومسلم ) بن الحجّاج صاحبي الصحيحين ( تفيد العلم النظري ، للإجماع على أنّ للصحيحين مزيّة ) على غيرهما ، وتلقّت الامّة بقبولهما ، والإجماع قطعي .
وهذا بهت ، فإنّ من رجع إلى وجدانه يعلم بالضرورة أنّ مجرّد روايتهما لا يوجب اليقين ألبتّة ، وقد روي فيهما أخبار متناقضة ، فلو أفادت روايتهما علماً لزم تحقّق النقيضين في الواقع ( وهذا ) أي ما ذهب إليه ابن الصلاح وأتباعه ( بخلاف ما قاله الجمهور ) من الفقهاء والمحدّثين ، لأنّ انعقاد الإجماع على المزيّة على غيرهما من مرويّات ثقات آخرين ممنوع ، والإجماع على مزيّتهما في أنفسهما لا يفيد
____________
(1) انظر : نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الانوار 6 :
( 338 )

و ( لأنّ جلالة شأنهما وتلقّي الأمّة لكتابيهما والإجماع على المزيّة لو سلم لا يستلزم ذلك ) القطع والعلم ، فإنّ القدر المسلّم المتلقّى بين الامّة ليس إلاّ أنّ رجال مرويّاتهما جامعة للشروط التي اشترطها الجمهور لقبول روايتهم ، وهذا لا يفيد إلاّ الظنّ ، وأمّا أنّ مرويّاتهما ثابتة عن رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلم ـ فلا إجماع عليه أصلاً . كيف ولا إجماع على صحّة جميع ما في كتابيهما ، لأنّ روايتهما منهم قدريّون وغيرهم من أهل البدع ، وقبول رواية أهل البدع مختلف فيه ، فأين الإجماع على صحّة مرويّات القدريّة ؟! » (1) .

ابن أمير الحاج
8 ـ ابن أمير الحاجّ (2) : « ثم ممّا ينبغي التنبّه له أنّ أصحّيّتهما على ما سواهم تنزّلاً إنّما تكون بالنظر إلى من بعدهما ، لا المجتهدين المتقدّمين عليهما ، فإنّ هذا مع ظهوره قد يخفى على بعضهم أو يغالط به » (3) .

المقبلي
9 ـ المقبلي (4) في كتابه ( العلم الشامخ ) : « في رجال الصحيحين من صرّح كثير من الأئمة بجرحهم ، وتكلّم فيهم من تكلّم بالكلام الشديد ، وإن كان لا
____________
(1) فواتح الرحموت بشرح مسلّم الثبوت 2 : 123 .
(2) ترجمته في : شذرات الذهب 6 : 328 ، الضوء اللامع 9 : 210 ، البدر الطالع 2 : 254 .
(3) التقرير والتحبير في شرح التحرير في اصول الفقه ، وعنه في أضواء على السنّة المحمديّة : 314 .
(4) صالح بن مهدي ترجمته في : الأعلام 3 : 197 .

( 339 )

يلزمهما إلاّ العمل باجتهادهما » (1) .

محمد رشيد رضا
10 ـ السيّد محمد رشيد رضا ، بعد أن عرض للأحاديث المنتقدة على البخاري : « وإذا قرأت ما قاله الحافظ (2) فيها رأيتها كلّها في صناعة الفنّ ... ولكنّك إذا قرأت الشرح نفسه ( فتح الباري ) رأيت له في أحاديث كثيرة إشكالات (3) في معانيها أو تعارضها مع غيرها ، مع محاولة الجمع بين المختلفات وحلّ المشكلات بما يرضيك بعضه دون بعض » (4) .
وقال : « ممّا لا شكّ فيه أيضاً أنّه يوجد في غيرهما من دواوين السنّة أحاديث أصحّ من بعض ما فيهما ... ولا يخلو [ البخاري ] من أحاديث قليلة في متونها نظر قد يصدق عليه بعض ما عدّوه من علامة الوضع ، كحديث سحر بعضهم للنبي ـ صلّى الله عليه وآله وسلم ـ الذي أنكره بعض العلماء كالإمام الجصّاص من المفسّرين المتقدّمين والاستاذ الإمام محمد عبده من المتأخّرين ، لأنّه معارض بقوله تعالى : ( إذ يقول الظالمون إن تتّبعون إلاّ رجلاً مسحوراً * انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلّوا فلا يستطيعون سبيلاً ) [ الإسراء 17 : 47 و 48 ] .
هذا ، وإنّ في البخاري أحاديث في امور العادات والغرائز ليست من اصول الدين ولا فروعه ، فإذا تأمّلتم هذا وذاك علمتم أنّه ليس من اصول الدين
____________
(1) العلم الشامخ ، وعنه في أضواء على السنّة المحمديّة : 310 .
(2) هو الحافظ ابن حجر العسقلاني .
(3) قلت : سنشير على مواضع منها فيما سيأتي .
(4) المنار 29 : 41 .

( 340 )

ولا من أركان الإسلام أن يؤمن المسلم بكلّ حديث رواه البخاري مهما يكن موضوعه ، بل لم يشترط أحد في صحّة الإسلام ولا في معرفته التفصيلية ، الإطّلاع على صحيح البخاري والإقرار بكلّ ما فيه .
وعلمتم أيضاً أنّ المسلم لا يمكن أن ينكر حديثاً من هذه الأحاديث بعد العلم به إلاّ بدليل يقوم عنده على عدم صحّته متناً أو سنداً ، فالعلماء الّذين أنكروا صحّة بعض هذه الأحاديث لم ينكروها إلاّ بأدلّة قامت عندهم ، قد يكون بعضها صواباً وبعضها خطأً ، ولا يعدّ أحدهم طاعناً في دين الإسلام » (1) .

أبورية
11 ـ الشيخ محمود أبو ريّة ... فإنّه انتقد الصحيحين انتقاداً علمياً ، واستشهد في بحثه بكلمات العلماء من المتقدّمين والمتأخرين ... (2) .

أحمد أمين
12 ـ الدكتور أحمد أمين ـ حول البخاري ـ : « إنّ بعض الرجال الّذين روى لهم ثقات ، وقد ضعّف الحفّاظ من رجال البخاري نحو الثمانين ، وفي الواقع هذه مشكلة المشاكل ... » (3) .
____________
(1) المنار 2 : 104 ـ 105 .
(2) أضواء على السنّة المحمديّة : 299 ـ 316 .
(3) ضحى الإسلام 2 : 117 ـ 118 .

( 341 )

شكيب أرسلان
13 ـ الأمير شكيب أرسلان : « إنّ كثير بن من المسلمين ومن ذوي الحميّة الإسلامية وممّن لا ينقصهم شيء من الإيمان والإيقان ... لا يرون من الواجب الديني الإيمان بكلّ ما جاء في الصحيحين وغيرهما من الأحاديث ، لاحتمال أن يكون تطرّق إليها التبديل والتغيير أو دخلها الزيادة و النقصان ... » (1) .

أحمد محمد شاكر
14 ـ الشيخ أحمد محمد شاكر : « قد وقع في الصحيحين أحاديث كثيرة من رواية بعض المدلّسين » (2) .

(3)
الصحيحان في الميزان

هذا .. وقد ألّف بعض أعاظم القوم « علل الحديث » المخّرج في الصحيحين كالدار قطني .
وآخر « غريب الصحيحين » كالضياء المقدسي .
____________
(1) حاضر العالم الإسلامي 1 : 44 ـ 51 ، وعنه في أضواء على السنّة المحمديّة : 326 .
(2) شرح ألفيّة السيوطي ، عنه في أضواء على السنّة المحمديّة : 311 .

( 342 )

وثالث : « نقد الصحيح » كالفيروز آبادي .
ورابع « التنقيح لألفاظ الجامع الصحيح » كالزركشي .
وخامس « غرر الفوائد المجموعة في بيان ما وقع في مسلم من الأحاديث المقطوعة » كالعطّار ...
ودافع ابن حجر العسقلاني عن البخاري وحاول رفع مشكلات حديثه في مقدّمة شرحه ، لكنّه أخفق في موضع واعترف بالإشكال وستعلم بعض ذلك ...

مقدّمة فيها مطلبان
وقبل الشروع في ذكر نماذج من الأحاديث المحكوم عليها بالوضع أو الضعف أو الخطأ .. المخرّجة في الصحيحين .. نذكّر بمطلبين :
1 ـ إنّا عندما نلاحظ كتب الحديث وعلومه عند القوم ، ونستعرض أحوال محدّثيهم ورواتهم ، نجد أنّهم يهتمّون برواية الحديث ونقله بسنده ومتنه ، ولا يعتنون بالنظر في معناه ومدلوله ، وأنّ الأوصاف والألقاب والمناقب والمراتب تعطى لمن كان أوسع جمعاً وأكثر رواية ، لا لمن أدقّ نظراً وأوفر درايةً ... ومن هنا كثرت منهم الأغلاظ الفاحشة ، حتى في الآيات القرآنية والأحكام الشرعية .

1 ـ آفات أهل الحديث :
قال ابن الجوزي : « إنّ اشتغالهم بشواذّ الحديث شغلهم عن القرآن ... إن عبدالله بن عمر بن أبان مشكدانة قرأ عليهم في التفسير : ( ويعوق وبشراً ) فقيل له : ( ونسراً ) فقال : هي منقوطة من فوق فقيل له : النقط غلط . قال : فارجع إلى الأصل .


( 343 )

قال الدار قطني : سمعت أحمد بن عبيدالله المنادي يقول : كنّا في دهليز عثمان ابن أبي شبية فخرج إلينا فقال : ( ن والقلم ) في أيّ سورة هو ؟
قال : وأمّا بيان إعراضهم عن الفقه شغلاً بشواذّ الأحاديث ، فقد رويت عنهم عجائب ... وقفت امرأة على مجلس في يحيى بن معين وأبو خيثمة وخلف ابن سالم في جماعة يتذاكرون الحديث ، فسمعتهم يقولون : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ ، ورواه فلان ، وما حدّث به غير فلان ، فسألتهم المرأة عن الحائض تغسل الموتى ـ وكانت غاسلة ـ ؟ فلم يجبها أحد منهم ، وجعل بعضهم ينظر إلى بعض ، فأقبل أبو ثور فقالوا لها : عليك بالمقبل ، فالتفتت إليه فسألته فقال : نعم تغسل الميت بحديث عائشة : إنّ النبي ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ قال لها : حيضك ليست في يدك ، ولقولها : كنت أفرق رأس رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ بالماء وأنا خائض ، قال أبو ثور : فإذا فرقت رأس الحيّ فالميّت أولى به ، فقالوا : نعم ، رواه فلان وحدّثنا فلان ؛ وخاضوا في الطرق ، فقالت المرأة : فأين كنتم إلى الآن ؟! » (1) .
قال : « وقد كان فيهم مع كثرة سماه وجمعه للحديث من يرويه ولا يدري ما معناه ، وفيهم من يصحّفه ويغيره ... أخبرنا الدرا قطني : أنّ أبا موسى محمد بن المثنّى العنزي قال لهم يوماً : نحن قوم لنا شرف ، نحن من عنزة قد صلى رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ إلينا ، لما روي أنّ النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ صلى الى عنزة ، توهّم أنّه صلى إلى قبلتهم ، وإنّما العنزة التي صلى إليها رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ هي حربة » (2) .
____________
(1) آفة أصحاب الحديث ـ بتحقيق وتقديم وتعليق علي الحسيني الميلاني ـ : 44 .
(2) المصدر نفسه : 46 .

( 344 )

قال : « وقد كان أكثر المحدّثين يعرفون صحيح الحديث من سقيمه وثقات النقلة من مجروحيهم ثم يعابون لقلّة الفقه ، فكان الفقهاء يقولون للمحدّثين : نحن الأطبّاء وأنتم الصيادلة ... » (1) .
قال : « والآن فالغالب على المحدّثين السماع فحسب ، لا يعرفون صحابياً من تابعي ، ولا حديثاً مقطوعاً من موصول ، ولا صحّة إسناد من بطلانه ، وفرض مثل هؤلاء القبول ممّن يعلم ما جهلوه ... » (2) .
وبالجملة .. فإنّ هذا حال أهل الحديث .. إلاّ القليل منهم .. الّذين نظروا في الأحاديث وبحثوا عن أحوالها على أساس النظر في المفاد والمدلول ، فجاء عنهم الطعن والقدح في أحاديث كثيرة حتى من الصحيحين .. لأنّ الحديث إذا عارض الكتاب أو خالف الضرورة من الدين أو العقل أو التاريخ يكذّب وإن صحّ سنده .. وقد أشرنا إلى هذه القاعدة المقرّرة من قبل ..

2 ـ إنّه قد اختلف القوم في أسباب الجرح والتعديل
إنّه قد اختلف القوم في أسباب الجرح والتعديل اختلافاً فاحشاً ، فرُبّ راو هو موثوق به عند البخاري ومجروح عند مسلم كعكرمة مولى ابن عبّاس ، أو موثوق عندهما ومجروح عند غيرهما ... كما ذكرنا ..
ويتلخّص أنّ في أحاديث الصحيحين ما هو مطعون من جهة السند ، وما هو مطعون فيه من جهة دلالته على معنى تخالفه الضرورة من النقل أو العقل : وما هو مطعون فيه من الجهتين .. وإليك نماذج من هذه الأنواع :
____________
(1) المصدر نفسه : 49 .
(2) آفة أصحاب الحديث : 49 .

( 345 )

من الأحاديث الموضوعة والباطلة في الصحيحين
1 ـ أخرج البخاري في كتاب الطبّ بسنده عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس عن رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلم ـ أنّه قال في كسب المعلّمين : « إن أحق ما اخذ عليه الأجر كتاب الله » (1) .
وأورده ابن الجوزي في الموضوعات ، حيث رواه بسنده عن ابن أبي مليكة عن عائشة ، وطعن في سنده ثم قال : « والحديث منكر » (2) .
2 ـ أخرج البخاري في كتاب التفسير عن ابن عباس قال « في ( إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيّته ) : إذا حدّث ألقى الشيطان في حديثه ، فيبطل الله ما يلقي الشيطان ويحكم آياته » وفي رواية غيره أنه : « قرأ رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلم ـ بمكّة : والنجم ... فلمّا بلغ : ( أفرأيتم اللات والعزّى ومناة الثالثة الاخرى ) ألقى الشيطان في امنيّته ... » (3) .
قال الرازي : « أمّا أهل التحقيق فقد قالوا : هذا الرواية باطلة موضوعة وبيّن بطلانها .
وحكي عن محمد بن إسحاق بن خزيمة أنّه سئل عن هذه القصّة فقال : إنّها من وضع الزنادقة .
وقال الإمام أبوبكر البيهقي : هذه القصّة غير ثابتة من جهة النقل » (4) .
____________
(1) صحيح البخاري 7 : 170 .
(2) الموضوعات 1 : 229 .
(3) لاحظ : إرشاد الساري 7 : 242 ـ 243 ، الدر المنثور 4 : 366 .
(4) تفسير الرازي 23 : 50 .

( 346 )

وقال القاضي عياض المالكي : « قد قامت الحجّة وأجمعت الامّة على عصمته ، صلى الله عليه وآله وسلم ـ ونزاهته عن مثل هذه الرذيلة النقيصة ... » (1) ...
3 ـ قال ابن حزم في ( المحلى ) : « ومن طريق البخاري ، قال : هشام بن عمار ، نا صدقة بن خالد ، نا عبدالرحمن بن يزيد بن جابر ، نا عطيّة بن قيس الكابلي ، نا عبدالرحمن بن غنم الأشعري ، حدّثني أبو عامر وأبو مالك الأشعري ـ والله ما كذبني ـ أنّه سمع رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلم ـ يقول : ليكوننّ من أمّتي قوم يستحلّون الخزّ والخنزير والخمر والمعازف .
وهذا منقطع لم يتّصل ما بين البخاري وصدقة بن خالد ، ولا يصحّ في هذا الباب شيء أبداً ، وكلّ ما في موضوع » .
4 ـ أخرج البخاري بسنده عن عروة : « إنّ النبي ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ خطب عائشة بنت أبي بكر ، فقال له أبو بكر : إنّما أنا أخوك ، فقال : أنت أخي في دين الله وكتابه ، وهي لي حلال » (2) .
قال ابن حجر : « قال مغطاي : في صحّة هذا الحديث نظر ، لأنّ الخلّة لأبي بكر إنّما كانت بالمدينة، وخطبة عائشة كانت بمكّة ، فكيف يلتئم قول : إنّما أنا أخوك ؟! أيضاً .. فالنبي ـ صلّى الله عليه وآله وسلم ـ ما باشر الخطبة بنفسه ... » (3) .
5 ـ أخرج البخاري في كتاب التفسير بسنده عن أبي هريرة عن النبي
____________
(1) الشفاء 2 : 118 .
(2) صحيح البخاري 7 : 6 .
(3) فتح الباري 11 : 26 .

( 347 )

ـ صلّى الله عليه وآله وسلم ـ قال : « يلقى إبراهيم أباه فيقول : يا ربّ إنّك وعدتني ألاّ تخزني يوم يبعثون : فيقول الله : إنّي حرّمت الجنّة على الكافرين » (1) .
قال ابن حجر : « وقد استشكل الإسماعيلي هذا الحديث من أصله وطعن في صحّته ، فقال بعد أن أخرجه : هذا خبر في صحّته نظر من جهة أنّ إبراهيم عالم أنّ الله لا يخلف الميعاد ، فكيف يجعل ما صار لأبيه خزياً له مع علمه بذلك ؟! وقال غيره : هذا الحديث مخالف لظاهر قوله تعالى : ( وما كان استغفار .. ) » (2) .
6 ـ أخرج البخاري في كتاب الصلح بسنده عن أنس ، قال : « قيل للنبي ـ صلّى الله عليه آله وسلّم ـ لو أتيت عبدالله بن اُبيّ ، فانطلق إليه النبي ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ وركب حماراً ، فانطلق المسلمون يمشون وهي أرض سبخة ، فلمّا أتاه النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ قال : إليك عنّي ، والله لقد آذاني نتن حمارك ، فقال رجل من الأنصار منهم : والله لحمار رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلم ـ أطيب ريحاً منك ، فغضب لعبدالله رجل من قومه فشتمه فغضب لكل واحد منهما أصحابه ، فكا بينهما ضرب بالجريد والأيدي والنعال ، فبلغنا أنّها نزلت : ( وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما ) قال أبو عبدالله : هذا ممّا انتخبت من مسدّد قبل أن يجلس ويحدّث » (3) .
قال الزركشي : « فبلغنا أنّها نزلت : ( وإن طائفتان ) قال ابن بطّال : يستحيل نزولها في قصّة عبدالله بن أبيّ والصحابة ، لأنّ أصحاب عبدالله ليسوا بمؤمنين وقد تعصّبوا بعد الإسلام في قصّة فدك ، وقد رواه البخاري فدلّ على أنّ
____________
(1) صحيح البخاري 6 : 139 .
(2) فتح الباري 8 : 46 .
(3) صحيح البخاري 3 : 239 .

( 348 )

الآية لم تنزل فيه ، وإنّما نزلت في قوم من الأوس والخزرج اختلفوا في حقّ فاقتتلوا بالعصي والنعال » (1) .
7 ـ أخرج البخاري في كتاب التفسير بسنده عن ابن عمر قال : « لمّا توفّي عبدالله بن اُبيّ ، جاء ابنه عبدالله بن عبدالله إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ فسأله أن يعطيه قميصه يكفّن فيه أباه فأعطاه ، ثم سأله أن يصلّي عليه ، فقام رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ ليصلّي عليه ، فقام عمر فأخذ بثوب رسول الله فقال : يا رسول الله ، تصلّي عليه وقد نهاك ربّك أن تصلّي عليه ؟! فقال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلم ـ : إنّما أخبرني الله فقال : ( إستغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرّة ) وسأزيده على السبعين . قال : إنّه منافق ! قال : فصلّى عليه رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ فأنزل الله : ( ولا تصلّ على أحد منهم مات أبداً ولا تقم على قبره ) » (2) .
طعن فيه :
أبو بكر الباقلاني .
أبو حامد الغزّالي .
الإمام الداودي .
قال ابن حجر : « استشكل فهم التخيير من الآية ، حتى أقدم جماعة من الأكابر على الطعن في صحّة الحديث ، مع كثرة طرقه واتّفاق الشيخين وسائر الّذين خرّجوا الصحيح على تصحيحه ... » ثم ذكر كلمات القوم ثم قال : « والسبب
____________
(1) التنقيح لألفاظ الجامع الصحيح ، عنه في نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار 6 : .
(2) صحيح البخاري 6 : 85 و 2 : 121 .

( 349 )

في إنكارهم صحّته ما تقرّر عندهم ممّا قدّمناه ، وهو الذي فهمه عمر من حمل ( أو ) على التسوية لما يقتضيه سياق القصّة ، وحمل السبعين على المبالغة ... » (1) .
8 ـ أخرج البخاري بسنده عن مسروق ، قال : « أتيت ابن مسعود فقال : إنّ قريشاً أبطؤا عن الإسلام ، فدعا عليهم النبي ـ صلّى الله عليه وآله وسلم ـ فأخذتهم سنة حتى هلكوا فيما وأكلوا الميتة والعظام ، فجاءه أبو سفيان فقال : يا محمد جئت تأمر بصلة الرحمن إنّ قومك هلكوا ...
زاد أسباط عن منصور : دعا رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلم ـ فسقوا الغيث ... » (2) .
وطعن فيه :
إبن حجر العسقلاني .
العيني ، صاحب ( عمدة القاري ) .
الإمام الداودي .
أبو عبدالملك .
الحافظ الدمياطي .
الكرماني ، صاحب ( الكواكب الدراري ) .
قال العيني : « واعترض على البخاري زيادة أسباط هذا ، فقال الداودي : أدخل قصّة المدينة في قصّة قريش وهو غلط . وقال أبو عبدالملك : الذي زاده أسباط وهم واختلاط ... وكذا قال الحافظ شرف الدين الدمياطي .
والعجب من البخاري كيف أورد هذا ومكان مخالفاً لما رواه الثقات !!
____________
(1) فتح الباري 8 : 271 .
(2) صحيح البخاري 2 : 37 .

( 350 )

وقد ساعد بعضهم البخاري بقوله : لا مانع أن يقع ذلك مرّتين . وفيه نظر لا يخفى .
وقال الكرماني : قلت : قصّة قريش والتماس أبي سفيان كانت في مكّة لا في المدينة . قلت : القصّة مكّية إلاّ القدر الذي زاد أسباط فإنه وقع في المدينة » (1) .
وقال ابن حجر بترجمة أسباط : « علّق له البخاري حديثاً في الإستسقاء ، وقد وصله الإمام أحمد والبيهقي في السنن الكبير ، وهو حديث منكر أو ضحته في التعليق ... » (2) .
وهذا من المواضع التي اعترف فيها ابن حجر بنكارة الحديث ولم يتمكّن من الدفاع عنه ...
9 ـ أخرج البخاري عن النبي ـ صلّى الله عليه وآله وسلم ـ أنه قال : « تكثير لكم الأحاديث من بعدي فإذا روي لكم حديث فأعرضوه على كتاب الله تعالى ...» .
قال يحيى بن معين : « إنّه حديث وضعته الزنادقة » .
وقال التفتازاني : « طعن فيه المحدّثون » .
قال : « وقد طعن فيه المحدّثون بأنّ في رواته يزيد بن ربيعة وهو مجهول ، وترك في إسناده واسطة بين الأشعت وثوبان فيكون منقطعاً . وذكر يحيى بن معين أنّه حديث وضعته الزنادقة ، وإيراد البخاري إيّاه في صحيحه لا ينافي الإنقطاع أو كون أحد رواته غير معروف بالرواية »(3) .
____________
(1) عمدة القاري 7 : 46 .
(2) تهذيب التهذيب 1 : 121 .
(3) التلويح في اصول الفقه 2 : 397 .

( 351 )

10 ـ أخرج البخاري بسنده عن ابن عمر : « كنّا في زمن النبي ـ صلّى الله عليه وآله وسلم ـ لا نعدل بأبي بكر أحداً ثم عمر ثم عثمان ، ثم نترك أصحاب النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ لا نفاضل بينهم » (1) .
قال ابن عبدالبّر : « هو الذي أنكر ابن معين وتكلّم فيه بكلام غليظ ، لأنّ القائل بذلك قد قال بخلاف ما أجمع عليه أهل السنّة من السلف والخلف من أهل الفقه والآثر : أنّ عليّاً أفضل الناس بعد عثمان ، وهذا ممّا لم يختلفوا فيه ، وإنّما اختلفوا في تفضيل علي وعثمان . واختلف السلف أيضاً في تفضيل علي وأبي بكر .
وفي إجماع الجميع الذي وصفنا دليل على أنّ حديث ابن عمر وهم وغلط وأنّه لا يصحّ معناه وإن كان إسناده صحيحاً ... » (2) .
11 ـ أخرج الشيخان عن شريك بن عبدالله عن أنس بن مالك قصّة إسراء النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ ، قال : سمعت أنس بن مالك يقول : ليلة اسري برسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلم ـ من مسجد الكعبة أنّه جاءه ثلاثة نفر قبل أن يوحى إليه وهو نائم ... » (3) .
طعن فيه النووي فقال : « وذلك قبل أن يوحى إيه ، وهو غلط لم يوافق عليه ، فإن الإسراء أقلّ ما قيل فيه : أنّه كان بعد مبعثه بخمسة عشر شهراً ... » (4) .
والكرماني فقال : « قال النووي : جاء في رواية شريك أوهام أنكرها العلماء ، من جملتها أنّه قال : ذلك قبل أن يوحى إليه . وهو غلط لم يوافق عليه ، وأيضاً : العلماء أجمعوا على أنّ فرض الصلاة كان ليلة الإسراء فكيف يكون قبل
____________
(1) صحيح البخاري 5 : 18 .
(2) الاستيعاب 2 : 1115 .
(3) صحيح البخاري 9 : 182 ، صحيح مسلم 1 :102 .
(4) المنهاج في شرح مسلم 2 : 65 .

( 352 )

الوحي ؟!
أقول : وقول جبرئيل جواب بوّاب السماء إذ قال : أبعث ؟ نعم ، صريح في أنّه كان بعده » (1) .
وابن القيّم وعبارته : « قد غلّط الحفّاظ شريكاً في ألفاظ من حديث الإسراء ، ومسلم أورد المسند منه ثم قال : فقدّم وأخّر وزاد ونقص ، ولم يسرد الحديث وأجاد » (2) .
12 ـ أخرج البخاري بسنده : « عن عمرو بن ميمون ، قال : رأيت في الجاهلية قردة اجتمع عليه قردة قد زنت فرجموها فرجمتها معهم » (3) .
طعن فيه :
الحافظ الحميدي .
وابن عبدالبّر .
قال ابن حجر : « استنكر ابن عبد البرّ قصّة عمرو بن ميمون هذه وقال : فيها إضافة الزنا إلى غير مكلّف ، وإقامة الحدّ على البهائم ، وهذا منكر عنه أهل العلم .. وأغرب الحميدي في الجمع بين الصحيحين فزعم أنّ هذا الحديث وقع في بعض نسخ البخاري ، وأنّ أبا مسعود وحده ذكره في الأطراف ، قال : وليس في نسخ البخاري أصلاً ، فلعلّه من الأحاديث المقحمة في كتاب البخاري ... » (4) .
13 و14 و15 ـ أخرج البخاري ثلاثة أحاديث عن عطاء عن ابن عبّاس ،
____________
(1) الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري 25 : 204 .
(2) زاد المعاد في هدي خير العباد 2 : 49 .
(3) صحيح البخاري 5 : 56 .
(4) فتح الباري 7 : 127 .