الناحـية الثـانيـة :
إبلاغ المتحمل للسلام إلى المبلغ له هو من الأمانات التي يجب أداؤها إلى أهلها بعد القبول ، وأنّه وديعة كما في حديث سلمان (1) . والمبلغ الرسول الذي على عاتقه الرسالة ، فإن لم يفعل فما بلّغ رسالته ، وقيل : كان ـ صلى الله عليه وآله ـ يسلّم بنفسه على من يواجهه ، ويحمّل السلام لمن يريد السلام عليه من الغائبين عنه ، ويتحمل السلام لمن يبلغه إليه ، وإذا بلّغه أحد السلام عن غيره يردّ عليه وعلى المبلّغ به (2) .
ونذكر عدداً من احاديث الإبلاغ :
الجعفريات بإسناده عن جعفر بن محمد عن أبيه ، عن علي بن الحسين ، عن أبيه ، عن علي بن أبي طالب عليهم السلام ، قال « بينا رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ ذات يوم على جبل من جبال تهامة والمسلمون حوله ، إذ أقبل شيخ وبيده عصاً ، فنظر إليه رسول الله ـ صلّى الله عليه وأله ـ فقال : مشية الجنّ ونغمتهم وعجبهم ، فأتى فسلّم فردّ رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ : فقال له : من أنت ؟ فقال : أنا هامة بن الهيم بن لا قيس بن إبليس ، قال رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ : سبحان الله سبحان الله ، ما بينك وبين إبليس إلا أبوان ! قال : لا ، قال : كم أتى عليك ؟ قال : أكلت الدنيا عمرها إلا القليل ، قال : على ذلك ؟ قال : كنت ابن أعوام ، أفهم الكلام ، وآمر بإفساد الطعام الأرحام ، فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ : بئس العمر والله عمل الشيخ المثلوم (3) أو المتوسّم . قال : زدني من التعداد ، إنّي ملّيت ممّن شرك في دم العبد الصالح الشهيد السعيد هابيل بن آدم ، وكنت مع نوح في مسجده فيمن آمن به ، وعاتبته على دعوته عليهم ، فلم أزل أعاتبه حتى بكى وأبكاني ، وقال : إنّي من النادمين ، وأعوذ بالله أن أكون من الجاهلين ، فقلت : يا نوح إنّني ممّن شرك في دم العبد الصالح الشهيد السعيد هابيل بن آدم ، هل تدري
____________
(1) أمالي الشيخ الطوسي 1 | 356 ـ 357 .
(2) تفسير المنار 5 | 316 .
(3) من الثلمة : الانصداع صفة كل من شاخ وكبر .

(145)

عند ربّك من التوبة ؟ قال : نعم ، يا هام همّ بخير وافعله قبل الحسرة والندامة ، إنّي وجدت فيما أنزل الله تعالى عليّ : ليس من عبد عمل ذنباّ كائناّ ما كان ، وبالغاّ ما بلغ ، ثم تاب ، إلا تاب الله تعالى عليه فقم الساعة فاغتسل وخرّ لله ساجداً ، ففعلت ما أمرني إذ نادى مناد من السماء : ارفع رأسك قبلت توبتك ، فخررت لله ساجداً حولاً . وكنت مع هود في مسجده ، ومن آمن به من قومه ، وعاتبته على دعوته عليهم ، وكنت زوّاراً ليعقوب بن إسحق بن إبراهيم ، وكنت من يوسف بالمكان الأمين ، وكنت ألقى إلياس في أودية الرّمال وأنا ألقاه الآن ، ولقيت موسى بن عمران فقال لي : إذا لقيت عيسى بن مريم فاقرأه السلام . فلقيت عيسى بن مريم فأقرأته السلام ، فقال لي عيسى بن مريم : إذا لقيت محمداً فاقرأه السلام ، فقد أقرأتك يا رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ من عيسى بن مريم ، فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ : سبحان الله ! صلى الله على عيسى ما دامت الدنيا دنيا وسلم (1) يا هام ما أديت الأمانة . فقال هام : هنيئا لك يا رسول الله ، سمعت الأمم السالفة يصلّون عليك ، ويثنون على أمّتك ، فعلّمني يا رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ فقال : وما أعلمك ؟ قال : علّمني التورية ، فعلّمه رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ قل هو الله أحد ، والمعوذتين ، عم يتساءلون ، والنازعات ، والواقعة ، وقال له : يا هام لا تدع زيارتنا وارفع إلينا حوائجك » (2) .
____________
1 ـ في الحديث سقط : ( وسلام عليك يا هام بما أدّيت الأمانة ) مستدرك الوسائل . 8 | 369 .
2 ـ الجعفريّات 175 ـ 176 ، مستدرك الوسائل 8 | 369 ، جامع أحاديث الشيعة 15 | 613 ـ 614 .
أقول : قد جاء ذكر هام بن الهيم في حديث تجارة النبي ، صلى الله عليه وآله ، إلى الشام لخديجة عليها السلام حيث أراد أعداؤه هلاكه بثعبان أظهروه في طريق النبي ، فجفلت منه ناقة النبي فزعق بها النبي ، وقال : ويحك كيف تخافين وعليك خاتم الرسل وإمام البشر ؟ ثم التفت إلى الثعبان وقال له : ارجع من حيث أتيت ، وإياك أن تتعرض لأحد من الركب . فنطق الثعبان بقدرة الله تعالى وقال : السلام عليك يا محمد ، السلام عليك يا أحمد ، فقال النبي صلى الله عليه وآله : السلام على من اتبع الهدى ، وخشي عواقب الردى ، وأطاع الملك الأعلى ، فعندها قال : يا محمد ما أنا من هوام الأرض ، وإنما أنا ملك من ملوك الجنّ واسمي الهام بن الهيم ، وقد آمنت على يد أبيك إبراهيم الخليل ... إلى آخرالقصّة . البحار 16 | 35 ـ 36 .

(146)

أقول : على فرض ثبوت القصة ، تدل على أن تحمل إبلاغ السلام من الأمانة ، وأنه لا بد من وصولها إلى أهلها ، وقد فعله هذا المخلوق العجيب هام بن الهيم بن لاقيس بن إبليس ، وظاهر حاله أنه مقبول التوبة ، وقد أخذ من النبي صلى الله عليه وآله علم القرآن وبعض سوره .
2 ـ روى الكليني عن محمد بن يحيى ، عن أحمد محمد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن أبي كهمس قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : « عبد الله بن أبي يعفور يقرئك السلام . قال : عليك وعليه السلام ، إذا أتيت عبد الله فاقرأه السلام وقل له : إن جعفر بن محمد يقول لك : انظر ما بلغ به عليّ عليه السلام عند رسول الله ، صلى الله عليه وآله ، فالزمه ؛ فإن عليّا عليه السلام إنما بلغ ما بلغ به عند رسول الله ، صلى الله عليه وآله ، بصدق الحديث وأداء الأمانة » (1) .

بـيـان :
يبلغ الإمام عليه السلام عن غيره السلام ، ثم يبلغه كما بلغه ، وفيه دلالة على تبادل التبليغ السلامي المسبب لمزيد الحب والسكون ، كما وفيه دلالة على إكرام الوسيط أولاً ، ثم المبلغ الغائب ، فخص الإجابة بأبي كهمس الوسيط ، ثم ابن أبي يعفور الغائب بقوله عليه السلام : « عليك وعليه السلام » ؛ وربما انعكست الإجابة كما في قصة هامة بن الهيم ، ولعل الشرف أو الضعة سبب للتقديم مرة ، وللتأخير أخرى ، وإلا فهو بالخيار ، وعلى أي تقدير ، لا بد من إكرام الوسيط إذاً لتحمل نوع من التحية التي يجب ردها
____________
1 ـ أصول الكافي 2 | 104 ، باب الصدق وأداء الأمانة ، الحديث 5 ، الوسائل 13 | 218 ، جامع أحاديث الشيعة 15 | 614 ـ 615 .
ونظيره ما رواه المفيد بإسناده إلى خيثمة عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام قال : دخلت عليه أودعه وأنا أريد الشخوص إلى المدينة ، فقال : أبلغ موالينا السلام ، وأوصهم بتقوى الله ، والعمل الصالح ، وأن يعود صحيحهم مريضهم ، وليعد غنيهم على فقيرهم ، وأن يشهد حيهم جنازة ميتهم ، وأن يتلاقوا في بيوتهم ، وأن يتفاوضوا علم الدين ؛ فإن في ذلك حياة لأمرنا ، رحم الله عبداً أحيا أمرنا . . . ، الفصول المختارة 287 ، الطبعة الرابعة ، قم ـ إيران ، 1396 .
فقد دل هذا الحديث كسابقه على إبلاغ السلام ، والأحاديث المروية في ذلك كثيرة .

(147)

بالأحسن ، أو المماثل ، وتقديمه يعتبر من الأحسن .
3 ـ قال ابن الشيخ الطوسي : ( وبهذا الإسناد ) (1) عن عباد قال : حدثني عمي عن أبيه ، عن جابر ، عن الشعبي ، عن جابر بن عبد الله البجلي قال : « سمعت سلمان الفارسي يقول لي وللأشعث بن قيس : إن لي عندكما وديعة . فقلنا : ما نعلمها إلا أن قوماً قالوا لنا : أقرأوا سلمان عنا السلام . قال : فأي شيءٍ أفضل من السلام ؟ وهي تحية أهل الجنة » (1) .

بـيـان :
إن دل الحديث على شيءٍ فله دلالة على فضل السلام ، وأنه تحية أهل الجنة المصرح بها في آية ( وَتَحِيَّتُهُم فيها سَلامٌ ) (2) . والتصريح بأن التحمل للسلام من غيره إلى غيره من الودائع والأمانات المردودة إلى أربابها يطالب بها لو أهمل في الوصول ، ومنه يعلم الأهتمام بأمر السلام في الإسلام لا يقوم به إلا من يهمه ذلك .
4 ـ روى الشيخ الحر عن محمد بن الحسن ، في ( المجالس والأخبار ) ، عن أحمد بن عبدون ، عن علي بن محمد بن الزبير ـ إلى قوله : ـ عن جابر ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : « إن ملكاً من الملائكة سأل الله أن يعطيه سمع العباد ، فأعطاه ، فليس من أحد من المؤمنين قال : ( صلى الله على محمد وآله وسلم ) إلا قال الملك : وعليك السلام ، ثم قال الملك : يارسول الله إن فلاناً يقرئك السلام ، فيقول رسول الله ، صلى الله عليه وآله : وعليه السلام » (3) .

بـيـان :
لا يخص إبلاغ السلام بهذا الملك ، ولله عز وجل ملائكة موكلون
____________
1 ـ أمالي الشيخ الطوسي 1 | 356 ـ 357 ، الجزء الثاني عشر .
2 ـ يونس : 10 .
أقول : وفي زيارة النبي يقول فيه الزائر « ... بلغ روح نبيك محمد صلى الله عليه وآله مني السلام » . كامل الزيارات 18 ، الباب 3 . وأنه تعالى يبلغه .
3 ـ الوسائل 8 | 447 ، باب 43 في كيفية رد السلام . . . الحديث 4 .

(148)

بإبلاغ السلام على كل من الأئمة الطاهرين عليهم السلام ، ولا سيما الإمام ، سيد الشهداء ، الحسين بن علي عليهما صلوات الله وسلامه ، بل نقول بالقياس إلى جميع المؤمنين بعضهم إلى بعض ، فكيف بأئمتهم سادة العالم أجمع ، وأن كل زيارة ، أو دعاء ، أو سلام ، يبلغ ذلك كله النبي والأئمة الهداة صلى الله عليهم وسلم وإليك .
5 ـ الصادقي : « . . . تأتي قبر رسول الله ، صلى الله عليه وآله ، فقلت : نعم ، فقال : أما أنه يسمعك من قريب ويبلغه عنك إذا كنت نائياً » (1) . يراد من « من قريب » الحرم أو المدينة ، والنائي خارجها .
6 ـ الصادقي الآخر : عامر بن عبد الله قال : « قلت لأبي عبد الله عليه السلام : إني زدت جمّالي دينارين أو ثلاث على أن يمر بي إلى المدينة فقال : قد أحسنت ، أما أيسر هذا تأتي قبر رسول الله ، صلى الله عليه وآله ، أما إنه يسمعك من قريب ويبلغه عنك من بعيد » (2) .

بـيـان :
لم ينص على المبلغ عما يقوله عامر بن عبد الله من زيارة أو سلام أو عمل . وهل هم الملائكة الموكلة على ذلك أو غيرهم من خلق الله ؟ . وعلى أي تقدير دل الحديثان الأخيران على المطلوب .
7 ـ إن جبرئيل عليه السلام هو رسول الله إلى رسول الله ، مبلغ سلام الله في كل نزول عليه ، ومنه الحديث الصادقي السابق : « لما توفيت خديجة رضي الله عنها جعلت فاطمة صلوات الله عليها تلوذ برسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ وتدور حوله ، وتقول : يا أبة أين أمي ؟ قال : فنزل جبرئيل عليه السلام فقال له : ربك يأمرك أن تقرئ فاطمة السلام تقول لها إن أمك في بيت من قصب كعابه من ذهب . . . » (3) .
____________
1 ـ كامل الزيارات 12 ، والمخاطب أبو بكر الحضرمي ، وقد أمره الصادق عليه السلام أن يأتي مسجد الرسول ويكثر الصلاة فيه ، وأن يسلم عليه ويزوره صلى الله عليه وآله .
2 ـ كامل الزيارات 12 .
3 ـ أمالي الطوسي 2 | 178 ـ 179 ، والحديث الثاني من ( 1 ـ السلام اسم من أسماء الله الحسنى ) .

(149)

والكل يدري أن إبلاغ السلام من شخص إلى آخر أمر مألوف ، متداول بين الجميع ، العالي منهم والداني ، وربما جاء في القصص من إبلاغ سلام الله (1) ، أو الملائكة ، أو الأنبياء ، والأئمة عليهم السلام إلى بعض الناس المرضي عندهم ؛ أما في المكاتيب المتبادلة بين الكاتب والمكتوب إليه فحدث ولا حرج ؛ إذ السلام كالبسملة مما يبدأ به في الكتابة ، ومن ثم جاء النص « رد جواب الكتاب واجب كوجوب رد السلام » . لدلالة الحديث على مفروغية إبلاغ السلام ورده مشافهة وكتابة .
منها : طلب زائر قبر النبي ، صلى الله عليه وآله ، أن يبلغه الله سلامه ، كما في زيارته التي علمها أبو الحسن عليه السلام إبراهيم بن أبي البلاد وفي آخرها : « بلغ روح نبيك محمد ، صلى الله عليه وآله ، مني السلام » (2) .
ومنها : ما قاله الحر : ( 14 ـ باب استحباب إبلاغ رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ سلام الإخوان من المؤمنين ) في صحيح كاظمي قال : « فإذا أتيت قبر النبي ، صلى الله عليه وآله ، فقضيت ما يجب عليك ، فصل ركعتين ، ثم قف عند رأس النبي ، صلى الله عليه وآله ، ثم قل : السلام عليك يا نبي الله من أبي ، وأمي ، وولدي ، وخاصيَّتي ، وجميع أهل بلدي ، حرهم ، وعبدهم ، وأبيضهم ، وأسودهم ، فلا تشاء أن تقول للرجل : قد أقرأت رسول الله ، صلى الله عليه وآله ، عنك السلام إلا كنت صادقاً » (3) .

بـيـان :
إنّ كلّ كلّي انطباقه على أفراده انطباق قهري ، فمن عمم في الدعاء وقال : ( اللهم اغفر للمؤمنين ) فمن كان مؤمناً حقاً شمله ، وطبق على
____________
1 ـ أصول الكافي 2 | 670 ، باب التكاتب .
2 ـ كامل الزيارات 18 ، الباب 3 .
3 ـ الوسائل 10 | 280 .
أقول : ومن مواضع طلب الزائر من الله إبلاغ السلام ، ما جاء في دعاء ركعتي الزيارة : « . . . وأبلغهم عني أفضل التحية والسلام ، واردد عليّ منهم التحية والسلام . . . » البحار 101 | 361 .

(150)

مصداقه الدعاء ، فكذا الطائف حول البيت الحرام بالأسبوع الناوي بطوافه الناس جميعاً . فالحديث هو سند لصحة النية الشاملة في كل أمر مرضي عند الله تعالى .
8 ـ روى العياشي عن زرارة ، وحُمران بن أعين ، ومحمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : حدّث أبو سعيد الخدري أن رسول الله ، صلى الله عليه وآله ، قال : « إنّ جبرئيل أتاني ليلة أُسري بي فحين رجعت قلت : يا جبرئيل هل لك من حاجة ؟ قال حاجتي أن تقرأ على خديجة من الله ومني السلام ، وحدثنا عند ذلك أنها قالت حين لقيها نبي الله عليه وآله السلام ، فقال لها الذي قال جبرئيل ، فقالت : إن الله هو السلام ، ومنه السلام ، وإليه السلام ، وعلى جبرئيل السلام » (1) .
9 ـ في حديث المعراج المطول إلى أن قال جبرئيل عليه السلام : « يا أحمد العزيز يقرأ عليك السلام ، قال : فقلت : هو السلام ومنه السلام وإليه يعود السلام . . . » (2) .

بـيان :
كان من الأجدر ذكر الحديثين في أول الفصول العشرة ، ولكن الذي كنا بصدده من إبلاغ السلام أوجب ذكرهما هنا ، وسيأتي في الخاتمة ، في حديث المعراج ، ما يتبين به الغرض من سلام الله تعالى ، وسلام جبرئيل ، وجواب الرسول صلى الله عليه وآله (3) .
10 ـ حديث دردائيل وقد لقي جبرئيل يهبط إلى الأرض ليهنّأ محمداً بمولود له اسمه الحسين : « إذا هبطت إلى محمد فاقرأه مني السلام ، وقل له : بحق هذا المولود عليك إلا سألت ربك أن يرضى عني . . . » (4) .
11 ـ روى الصدوق بإسناده عن أبي عبد الله عليه السلام قال : قدم
____________
1 ـ البحار 16 | 7 ، و 8 | 385 ، الحديث 90 من باب المعراج .
2 ـ البحار 18 | 313 .
3 ـ في الأمر الأول من الأمور الثلاثة في الخاتمة .
4 ـ كمال الدين 1 | 283 .

(151)

أعرابي على يوسف ليشتري منه طعاماً فباعه ، فلما فرغ قال له يوسف : أين منزلك ؟ قال له : بموضع كذا وكذا ، قال : فقال له : فإذا مررت بوادي كذا وكذا فقف فنادِ : يا يعقوب ! يا يعقوب ! فإنه سيخرج إليك رجل عظيم جميل جسيم وسيم ، فقل له : لقيت رجلاً بمصر وهو يقرئك السلام ويقول لك : إن وديعتك عند الله عزّ وجلّ لن تضيع ، قال : فمضى الأعرابي حتى انتهى إلى الموضع فقال لغلمانه : احفظوا عليّ الإبل ثم نادى : يا يعقوب ! يايعقوب ! فخرج إليه رجل أعمى ، طويل ، جسيم ، جميل ، يتقي الحائط بيده ، حتى أقبل فقال له الرجل : أنت يعقوب ؟ قال : نعم ، فأبلغه ما قال له يوسف ، قال : فسقط مغشياً عليه ، ثم أفاق فقال : يا أعرابي ألك حاجة إلى الله عزّ وجلّ ؟ فقال له : نعم إني رجل كثير المال ولي ابنة عم ليس يولد لي منها ، وأحب أن تدعو الله أن يرزقني ولداً ، قال : فتوضأ يعقوب وصلى ركعتين ثم دعا الله عزّ وجلّ ، فرزق أربعة أبطن ، أو قال : ستة أبطن في بطن أثنان (1) .

بـيان :
دعاء الأنبياء عليهم السلام لا يرد ، وقد حظي الأعرابي بالأوفر من الحظوظ ، بأن تحمل رسالة نبيّ إلى نبيّ ، فكان موضع الرضا منهما على أنه رزق عدداً من أولاد (2) .
12 ـ إبلاغ جابر الأنصاري عن الرسول إلى الباقر السلام : « فرسول الله يا مولاي يقرئ عليك السلام ، فقال أبو جعفر : يا جابر على رسول الله
____________
1 ـ كمال الدين 1 | 141 ـ 142 .
2 ـ ببركة دعاء يعقوب عليه السلام كما وهب الله لعلي بن بابويه القمي ولده الصدوق رحمهما الله بدعاء الإمام المهدي عليه السلام . ولكن أين الثريا من الثرى وأين الصدوق طاب ثراه من الأعرابي . وقولنا : أين الثريا من الثرى من الأمثال ، أمثال وحكم 1 | 330 ، وفيه : أين الثرى من الثريا ، وقد جاء ذكره في القصيدة الجلجلية لعمرو بن العاص يخاطب بها معاوية بن أبي سفيان ، والمقارنة بينه وبين عليّ أمير المؤمنين عليه السلام في جملة منها إلى أن قال :

فـإن قـيـل بـينـكمـا نـسبـة * فـأيـن الـحسـام مـن المنـجـل
وأيـن الـثـريـا وأيـن الـثـرى * وأيـن مـعـاويـة مـن عـلـي

الأبيات ، الأنوار النعمانية 1 | 121 ـ 122 للسيد نعمة الجزائري ولأدنى علاقة جئنا بهذه النبذة .

(152)

السلام . . . وعليك يا جابر » (1) .
13 ـ قال الصدوق : حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي السمرقندي رضي الله عنه قال : حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود عن أبيه ، قال : حدثنا محمد بن نصر [ نصير ] عن الحسين بن موسى الخشاب قال : حدثنا الحكم بن بهلول الأنصاري عن إسماعيل بن همام ، عن عمران بن قرة ، عن أبي محمد المدني ، عن ابن أذينة ، عن أبان بن أبي عياش ، قال : حدثنا سليم بن قيس الهلالي قال : « سمعت عليّاً عليه السلام يقول : ما نزلت على رسول الله ، صلى الله عليه وآله ، آية من القرآن إلا أقرأنيها ، وأملاها عليّ ، وكتبتها بخطي ، وعلمني تأويلها ، وتفسيرها ، وناسخها ، ومنسوخها ، ومحكمها ، ومتشابهها ، ودعا الله عزّ وجلّ لي أن يعلمني فهمها وحفظها ، فما نسيت آية من كتاب الله ، ولا علماً أملاه عليّ فكتبته ، وما ترك شيئاً علمه الله عزّ وجلّ من حلال ، ولا حرام ، ولا أمر ، ولا نهي ، وما كان ، أو يكون ، من طاعة ، أو معصية ، إلا علمنيه وحفظته ، ولم أنس منه حرفاً واحداً ، ثم وضع يده على صدري ودعا الله عزّ وجلّ أن يملأ قلبي فهماً وحكمةً ونوراً ، لم أنس من ذلك شيئاً ، ولم يفتني شيء لم أكتبه ، فقلت : يا رسول الله أتتخوف علي النسيان فيما بعد ؟ فقال صلى الله عليه وآله : لست أتخوف عليك نسياناً ، ولا جهلاً ، وقد أخبرني ربّي جلّ جلاله أنه قد استجاب لي فيك ، وفي شركائك الذين يكونون من بعدك ، فقلت : يا رسول الله من شركائي من بعدي ؟ قال : الذين قرنهم الله عزّ وجلّ بنفسه وبي ، فقال : ( أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولىِ الأمر منكم ) الآية (2) ، فقلت : يا رسول الله ومن هم ؟ قال : الأوصياء مني ، إلى أن يردوا عليّ الحوض ، كلهم هادٍ مهتدٍ ، لا يضرَّهم من خذلهم ، هم مع القرآن ، والقرآن معهم ، لا يفارقهم ولا يفارقونه ، بهم تنصر أمتي ، وبهم يمطرون ، وبهم يدفع عنهم البلاء ، ويستجاب دعاؤهم . قلت : يا رسول الله سمهم لي . فقال : ابني هذا ـ ووضع يده على رأس الحسن ـ ثم ابني هذا ـ ووضع يده
____________
1 ـ كمال الدين 1 | 254 ، والحديث مطول اختصرناه لضيق المجال .
2 ـ النساء : 59 .

(153)

على رأس الحسين عليهما السلام ـ ثم ابن له يقال له : عليّ وسيولد في حياتك فاقرئه مني السلام ، ثم تكمله اثني عشر ، فقلت : بأبي أنت وأمي يا رسول الله سمهم لي [ رجلاً فرجلاً ] ، فسماهم رجلاً رجلاً ، فيهم والله يا أخا بني هلال مهديّ أمّتي محمد ، الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً ، والله إني لأعرف من يبايعه بين الركن والمقام ، وأعرف أسماء آبائهم وقبائلهم » (1) .
14 ـ ما رواه الصدوق ، في الكاظمي في سبب إسلام سلمان الفارسي ، نقلاً عن أمير المؤمنين عليه السلام وكان من أهل شيراز ، واسمه روزبه ، والقصة طويلة ، إلى نزوله على راهب ، فلما حضرته الوفاة قال : إني ميت ، فقلت له : فعلى من تخلفني ؟ فقال : لا أعرف أحداً يقول بمقالتي هذه إلا راهباً بأنطاكية ، فإذا لقيته فاقرئه مني السلام وادفع إليه هذا اللوح ، وناولني لوحاً فلما مات غسلته (2) . . .
15 ـ « ثم إن آدم لما مرض ، المرضة التي قبض فيها ، أرسل إلى هبة الله فقال له : إن لقيت جبرئيل أو من لقيت من الملائكة فاقرئه مني السلام . . . » (3) .
ومنها : إبلاغ سلام الكاظم عليه السلام لشطيطة :
روى الشيخ المجلسي ، طاب ثراه ، عن شهر آشوب قال أبو علي بن راشد وغيره في خبر طويل : إنه اجتمعت عصابة الشيعة بنيسابور ، واختاروا محمد بن علي النيسابوري ، فدفعوا إليه ثلاثين ألف دينار وخمسين ألف درهم وشقة من الثياب ، وأتت شطيطة بدرهم صحيح وشقة خام من غزل يدها ، تساوي أربعة دراهم ، فقالت : إن الله لا يستحي من الله (4) .
قال : فثنيت درهمها وجاؤوا بجزءٍ فيه مسائل ملء سبعين ورقة ، في كل
____________
1 ـ كمال الدين 1 | 284 ـ 285 .
2 ـ كمال الدين 1 | 161 ـ 166 .
3 ـ كمال الدين 1 | 214 .
4 ـ اقتباس من قوله تعالى ( والله لا يستحيى من الحق ) الأحزاب : 53 .

(154)

ورقة مسألة ، وباقي الورق بياض ، ليكتب الجواب تحتها ، وقد حزمت كل ورقتين بثلاث حزم ، وختم عليها بثلاث خواتيم ، على كل حزام خاتم ، وقالوا : أدفع إلى الإمام ليلة وخذ منه في غدٍ ، فإن وجدت الجزء صحيح الخواتيم فاكسر منها خمسة ، وانظر هل أجاب عن المسائل ، فإن لم تنكسر الخواتيم فهو الإمام المستحق للمال فادفع إليه ، وإلا فرد إلينا أموالنا .
فدخل على الأفطح عبد الله بن جعفر وجربه وخرج عنه قائلاً : رب اهدني إلى سواء الصراط ، قال : فبينما أنا واقف إذا أنا بغلام يقول : أجب مَن تريد ، فأتى بي دار جعفر بن جعفر ، فلمّا رآني قال لي : ولِمَ تقنط يا أبا جعفر ؟ ـ كنية محمد بن علي النيسابوري ـ ولِمَ تفزع إلى اليهود والنصارى ؟ إلي فأنا حجّةالله ووليه ، ألَمْ يعرفك أبو حمزة على باب مسجد جدي ؟ وقد أجبتك عما في الجزء من المسائل بجميع ما تحتاج إليه منذ أمس ، فجئني به وبدرهم شطيطة الذي وزنه درهم ودانقان ، الذي في الكيس الذي فيه أربعمائة درهم للوازوري (1) ، والشقة التي في رزمة الأخوين البلخيين .
قال : فطار عقلي من مقاله ، وأتيت بما أمرني ووضعت ذلك قِبَله، فإخذ درهم شطيطة وإزارها ، ثم استقبلني وقال : إن الله لا يستحيي من الحق (2) ، يا أبا جعفر أبلغ شطيطة سلامي ، واعطها هذه الصرة ، وكانت أربعين درهماً ، ثم قال : وأهديت لها شقة من أكفاني من قطن قريتنا صيدا ، قرية فاطمة عليها السلام ، وغزل أختي حليمة ـ ابنة أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليه السلام ـ ثم قال : وقل لها : ستعيشين تسعة عشر يوماً من وصول أبي جعفر، ووصول الشقة والدراهم ، فأنفقي على نفسك منها ستة عشر درهماً ، وأجعلي أربعة وعشرين صدقة عنك وما يلزم عنك ، وأنا أتولى الصلاة عليك ، فإذا رأيتني يا أبا جعفر فاكتم عليّ ؛ فإنه أبقى لنفسك ، ثم قال : واردد الأموال إلى أصحابها ، وافكك هذه الخواتيم عن الجزء ، وانظر هل أجبناك عن المسائل أم لا من قبل أن تجيئنا بالجزء ؟ .
____________
1 ـ كذا .
2 ـ محاكاة لما قالته شطيطة عند دفع الحقوق إلى أبي جعفر النيسابوري البريد ، وإعلام بعلمه عليه السلام بما قالت .

(155)

فوجدت الخواتيم صحيحة ، ففتحت منها واحداً من وسطها فوجدت فيه مكتوباً : ما يقول العالم عليه السلام في رجل قال : نذرت لله لأعتقن كل مملوك كان في رقّي قديماً ، وكان له جماعة من العبيد ؟ .
الجواب بخطه : . . . . . . (1) .

بـيان :
لم نكمل الحديث لطوله ، ولا شاهد لنا منه سوى قوله عليه السلام « أبلغ شطيطة سلامي وأعطها هذه الصرة . . . » وقد بلغه أبو جعفر إياها وأدى ماحمّل من الرسالة ، فجزاه الله عن إمامه خيراً .
الناحية الثالثة : نذكر فيها بعض فروع صيغ السلام ، وبيان رد المماثل في الصلاة .
أما بعض الفروع فقد جاء النص على لزوم صيغة الجمع في مواضع ثلاثة :
1 ـ روى الكليني عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن صالح بن السندي ، عن جعفر بن بشير ، عن منصور بن حازم ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : « ثلاثة ترد عليهم رد الجماعة وإن كان وحداً : عند العطاس يقال: يرحمكم الله وإن لم يكن معه غيره . الرجل يسلّم على الرجل فيقول : السلام عليكم . والرجل يدعو للرجل فيقول : عافاكم الله وإن كان واحداً ؛ فإن معه غيره » (2) .

بـيان :
قوله عليه السلام آخر الحديث : « فإن معه غيره » دليل صالح للثلاثة ، لأن العاطس معه الملكان ، والكرام الكاتبون ، لا ينفكون عنه في ليل أو نهار ، وهكذا المسلّم عليه ، والمدعوّ له بالعافية . فالحكم معلل وبلفظ أوضح : أنه منصوص العلة لذكرها فيه على أن المؤمن كالكعبة ، وأنه عند
____________
1 ـ البحار 48 | 73 ـ 75 ، والمناقب 4 | 291 ـ 292 .
2 ـ أصول الكافي 2 | 645 ، الوسائل 8 | 446 .

(156)

الله عزّ وجلّ عظيم ، واجب الاحترام ، ومن حرمته عنده تعالى أنّه سمّاه باسمه عزّ اسمه ( السلام المؤمن المهيمن ) (1) وله فضائل لا يعدها إلا الله تعالى .
2 ـ من فروع السلام أنّ المسلّم يجب عليه أن يجهر ، فقد روى الكليني عن عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن جعفر بن محمد الأشعري ، عن ابن القدّاح ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : « إذا سلّم أحدكم فليجهر بسلامه لا يقول : سلّمت فلم يردّوا عليّ ، ولعله يكون قد سلّم ولم يسمعهم ، فإذا ردّ أحدكم فليجهر بردّه ، ولا يقول المسلّم : سلّمت فلم يردّوا عليّ ، ثم قال : كان عليّ . . . » (2) .
3 ـ من فروع السلام إذا سلّم واحد من الجماعة بقوم أجزأهم ، وإذا ردَّ واحد من الجماعة أجزأ عنهم ، كما عنونه في الكافي بنفس العنوان ، روى الكليني عن عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن عليّ بن أسباط ، عن ابن بكير ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد الله قال : « إذا مرت الجماعة يقوم أجزأهم أن يسلم واحد منهم ، وإذا سلم على القوم وهم جماعة أجزأهم أن يرد واحد منهم » (3) .
4 ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال : « إذا سلم الرجل من الجماعة أجزأ عنهم » . ولاشك أن عبد الرحمن بن الحجاج لا يقول ذلك إلا عن إمامه الصادق عليه السلام (4) .
5 ـ محمد بن يحيى عن احمد بن محمد ، عن محمد بن يحيى ، عن غياث بن إبراهيم ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : « إذا سلم من القوم واحد أجزأ عنهم ، وإذا رد واحد أجزأ عنهم » (5) .
____________
1 ـ الحشر : 23 .
2 ـ أصول الكافي 2 | 645 ، الوسائل 8 | 443 .
3 ـ أصول الكافي 2 | 647 ، الوسائل 8 | 450 .
4 ـ أصول الكافي 2 | 647 ، الوسائل 8 | 450 .
5 ـ أصول الكافي 2 | 647 ، الوسائل 8 | 450 .

(157)

بـيان :
الوحدة الإيمانية بين أفراد الناس تعتبرهم كفرد، وكجسد واحد فيه روح واحدة ، فإذا سلّم واحد من الجماعة كأنهم كلّهم قد سلّموا ، كما لو أجاب فرد من الجماعة على المسلّم فهو بمنزلة إجابة الجماعة نفسها ، وهذا المعنى ثابت في العرف العام أيضاً ، وليس الإجزاء أمراً مخترعاً ، بل ممّا عليه الناس إذا كانت بينهم مؤاصرة ومؤاخاة يضمهم تعامل روحي ، أو ماديّ ، وإن لم يكونوا مؤمنين موحّدين .
بقي من فروع السلام فرع هام ، وهو الإجابة بالمماثل ، إذا كان الإنسان في الصلاة وقد سلّم عليه والحكم بردّ المِثل مشهور بين الأصحاب ، لنصوص نذكرها أوّلاً ثم بيان ما كان منها :
1 ـ روى الشيخ الحرّ عن محمد بن الحسن ، بإسناده عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن محمد بن مسلم ، قال « دخلت على أبي جعفر عليه السلام وهو في الصلاة فقلت : السلام عليك ، فقال : السلام عليك ، فقلت كيف أصبحت ؟ فسكت ، فلما انصرف قلت : أيردّ السلام وهو في الصلاة ؟ قال : نعم مِثل ما قيل له » (1) .
2 ـ روى الشيخ الكليني عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : « سألته عن الرجل يسلّم عليه وهو في الصلاة ، قال : يردّ سلام عليكم ولا يقول : وعليكم السلام ، فإن رسول الله ، صلى الله عليه وآله ، كان قائماً يصلي فمرَّ به عمّار بن ياسر ، فسلّم عليه عمّار ، فردّ عليه النبيّ ، صلّى الله عليه وآله ، هكذا » (2) .
3 ـ روى الحرّ عن الشيخ الطوسي ، بإسناده عن سعد ، عن محمد بن عبد الحميد ، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع ، عن علي بن النعمان ، عن
____________
1 ـ الوسائل 4 | 1265 ، الباب 16 من أبواب قواطع الصلاة ، الحديث 1 .
2 ـ الكافي 3 | 366 ، باب التسليم على المصلي . . . الحديث 1 ، الوسائل 4 | 1265 .

(158)

منصور بن حازم ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : « إذا سلّم عليك الرجل وأنت تصلّي ، قال : تردّ عليه خفيًّا كما قال » (1) .
4 ـ وعنه عن أحمد بن الحسن ، عن عمرو بن سعيد ، عن مصدق بن صدقة ، عن عمّار بن موسى ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : « سألته عن السلام على المصلّي ؟ فقال : إذا سلم عليك رجل من المسلمين وأنت في الصلاة ، فرد عليه فيما بينك وبين نفسك ، ولا ترفع صوتك » (2) .
5 ـ وبإسناده عن محمد بن مسلم ، أنه سأل أبا جعفر عليه السلام عن الرجل يسلم على القوم في الصلاة ، فقال : « إذا سلم عليك مسلم وأنت في الصلاة ، فسلم عليه ، تقول : السلام عليك وأشر بأصبعك » (3) .
6 ـ قال الصدوق : وقال أبو جعفر عليه السلام : « سلّم عمّار على رسول الله ، صلى الله عليه وآله ، وهو في الصلاة فردّ عليه ، ثم قال أبو جعفر عليه السلام : إن السلام اسم من أسماء الله عزّ وجلّ » (4) .
7 ـ عبد الله بن جعفر الحميري في ( قرب الإسناد ) عن عبد الله بن الحسن ، عن جده علي بن جعفر ، عن أخيه ، قال : « سألته عن الرجل يكون في الصلاة فيسلم عليه الرجل ، هل يصلح له أن يردّ ؟ قال : نعم ، يقول : السلام عليك فيشير إليه بأصبعه » (5) .

بـيان :
قال الشيخ المجلسي : ردّ السلام واجب على الكفاية في الصلاة وغيرها ، إجماعاً كما في التذكرة ، وتدل على وجوب الرد في الصلاة صريحاً ، أخبار كثيرة ، وقد قطع الأصحاب بأنه يجب الردّ في الصلاة بالمثل ، وجوز جماعة من المحقيقن الردّ بالأحسن أيضاً لعموم الآية (6) .
____________
1 ـ الوسائل 4 | 1265 ، الحديث 3 من الباب 16 من القواطع .
2 ـ الوسائل 4 | 1266 .
3 ـ الوسائل 4 | 1266 ، الحديث 5 .
4 ـ الوسائل 4 | 1266 ، الحديث 6 .
5 ـ الوسائل 4 | 1266 ، الحديث 7 .
6 ـ مرآة العقول 15 | 240 .

(159)

وحصر الردّ على الإشارة بالأصبع أو غيره تردّه هذه الأخبار الصريحة في الردّ بالقول : نعم خبران منها : أضافا الإشارة بالأصبع ، وليس فيهما دلالة على الحصر بعد قوله عليه السلام : « تقول : السلام عليك وأشر بأصبعك » (1) . أو « يقول : السلام عليك فيشير إليه بأصبعه » (2) .
وقال طاب ثراه : وهل يجب إسماع المسلّم تحقيقاً أو تقديراً ؟ قولان ، ويتحقق الامتثال برد واحد ممن يجب عليه الردّ ، وفي الاكتفاء بردّ الصبيّ المميّز وجهان ، ولو كان المسلّم صبيّاً مميّزاً فالأظهر وجوب الردّ ، وهل يجوز للمصلّي الردّ بعد قيام غيره به ؟ قولان ، ولو ترك الردّ فهل تبطل صلاته ؟ احتمالات ، ثالثها البطلان إن أتى بشيءٍ من الأذكار وقت توجّه الخطاب بالردّ ، وذكر جمع من الأصحاب أنه لا يكره السلام على المصلّي ، ويمكن القول بالكراهة ، لما رواه الحميري في قرب الإسناد عن الصادق عليه السلام إذ قال : « كنت أسمع أبي يقول : إذا دخلت المسجد (3) والقوم يصلّون ، فلا تسلّم عليهم وصل (4) على النبي وآله ، ثم أقبل على صلاتك » (5) .
ويمكن حمل أخبار المنع على التقية ، لكون أكثرها مشتملة على رجال العامّة واشتهاره بينهم (6) .

أقـول :
تقدمت نصوص الردّ في الصلاة وهي تدلّ بأجمعها على الوجوب ، لأن قوله عليه السلام : « تردّ عليه ، أو تقول . . . » ظاهره الوجوب . وأما حديث الباقر عليه السلام : « ولا على المصلي ، وذلك لأنّ المصلّي لا يستطيع أن يردّ السلام » فسيأتي (7) بيانه قريباً بما يوافق النصوص .
____________
1 ـ كما في الحديث رقم 5 ـ. . .
2 ـ حديث الحميري رقم 7 .
3 ـ في الوسائل 4 | 1267 ، الباب 17 قواطع الصلاة ، الحديث 2 « المسجد الحرام » .
4 ـ في المصدر نفسه « وسلّم » .
5 ـ الوسائل 4 | 1267 .
6 ـ مرآة العقول 15 | 240 ـ 241 .
7 ـ سادس أحاديث ( 9 ـ السلام المنهي عنه ) .