( 181 )

كله لا التأليف وترتيب السور والآيات في مصحف ، والا لم يبق مجال للتأليف والترتيب في زمن الخليفة الاول والثالث . وما نراه في بعض الاحاديث من ان النبي كان بنفسه يعين ويشخص موضع الآيات والسور ومكان وضعها ، فهذا شيء تكذبه عامة الاحاديث المروية عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ) .
    وعلى ما يقوله بعض العلماء اشتهر جماعة من هذه الطبقة بتعليم قراءة القرآن ، وهم عثمان وعلي عليه السلام واُبي بن كعب وزيد بن ثابت وعبد الله بن مسعود ، وابو موسى الاشعري (1) .
    الطبقة الثانية : تلامذة الطبقة الاولى ، وهم من التابعين والمعروفين منهم الذين كانت لهم حلقات تعليم القرآن في مكة والمدينة والكوفة والبصرة والشام ، وهي المدن التي ارسل اليها مصحف الامام كما ذكرنا سابقاً .
    ففي مكة عبيد بن عمير وعطاء بن ابي رياح وطاوس ومجاهد وعكرمة وابن ابي مليكة وغيرهم .
    وفي المدينة ابن المسيب وعروة وسالم وعمر بن عبد العزيز
____________
(1) الطبقات المذكورة في هذا الفصل هي التي ذكرها السيوطي في كتابه الاتقان ، ويراجع في الكتب الرجالية لمعرفة تراجم هؤلاء تفصيلاً .
( 182 )

وسليمان بن يسار وعطاء بن يسار ومعاذ القاري وعبد الله بن الاعرج وابن شهاب الزهري ومسلم بن جندب وزيد بن اسلم .
    وفي الكوفة علقمة والاسود ومسروق وعبيدة وعمرو بن شرحبيل وحارث بن القيس وربيع بن خيثم وعمرو بن ميمون وابو عبد الرحمن السلمي وزر بن حبيش وعبيد بن نفلة وسعيد بن جبير والنخعي والشعبي .
    وفي البصرة ابو عالية وابو الرجاء ونصر بن العاصم ويحيى ابن يعمر وحسن البصري وابن سيرين وقتادة .
    وفي الشام مغيرة بن ابي شهاب من اصحاب عثمان وخليفة بن سعد من اصحاب ابي الدرداء الصحابي .
    الطبقة الثالثة : التي تنطبق تقريبا على النصف الاول من القرن الثاني ، وهم جماعة من مشاهير ائمة القراء اخذوا من الطبقة الثانية :
    في مكة عبد الله بن كثير احد القراء السبعة وحميد بن قيس الاعرج ومحمد بن ابي محيصين .
    وفي المدينة ابو جعفر يزيد بن القعقاع وشيبة بن النفاح ونافع بن نعيم احد القراء السبعة .
    وفي الكوفة يحيى بن وثاب وعاصم بن ابي النجود احد

( 183 )

القراء السبعة وسليمان الاعمش وحمزة احد القراء السبعة والكسائي احد القراء السبعة .
    وفي البصرة عبد الله بن ابي اسحاق وعيسى بن عمر وابو عمرو بن العلاء احد القراء السبعة وعاصم الجحدري ويعقوب الحضرمي .
    وفي الشام عبد الله بن عامر احد القراء السبعة وعطية بن قيس الكلابي واسماعيل بن عبد الله بن مهاجر ويحيى بن حارث وشريح بن يزيد الحضرمي .
    الطبقة الرابعة : تلامذة الطبقة الثالثة والرواة عنهم كابن عياش وحفص وخلف ، وسنذكر المشهورين منهم في الفصل الاتي .
    الطبقة الخامسة : طبقة اهل البحث والتأليف ، وهم كما قيل : اول من الف في القراءة (1) ابو عبيد قاسم بن سلام ثم احمد بن جبير الكوفي ثم اسماعيل بن اسحاق المالكي من اصحاب قالون الراوي ثم ابو جعفر بن جرير الطبري ثم مجاهد . وبعد هؤلاء اتسعت دائرة البحوث والتحقيقات حتى كتب امثال الداني والشاطبي (2) رسائل كثيرة نظما ونثرا .
____________
(1) ريحانة الادب 2 / 141 ، والاتقان 1 / 75 .
(2) ابو عمرو عثمان بن سعيد الداني الاندلسي ، من مشاهير القراء ، صاحب التآليف الكثيرة ، توفي سنة 444 هـ .
( 184 )

القراء السبعة :

    اشتهر كثيرا سبعة من قراء الطبقة الثالثة واصبحوا المرجع في علم القراءة وغطوا على القراء الاخرين ، وهكذا اشتهر لكل واحد من هؤلاء السبعة راويان من بين الرواة الذين لا يعدون حصرا ، والقراء السبعة مع الراويين عنهم هذه اسماؤهم :
    1 ـ ابن كثير ، مكي (1) والرواي عنه قنبل وبزي يرويان عنه بواسطة واحدة .
    2 ـ نافع ، مدني (2) ، والراوي عنه قالون وورش .
    3 ـ عاصم ، كوفي (3) ، والراوي عنه ابو بكر شعبة بن
____________
الشاطبي من معاريف القراء والحفاظ ، له القصيدة الشاطبية في القراءة وهي في 1120 بيت ، توفي في القاهرة سنة 590 هـ .
(1) عبد الله بن كثير المكي ، اخذ القراءة من عبد الله بن الصائب الصحابي ، ومجاهد عن ابن عباس عن امير المؤمنين علي عليه السلام ، توفي في مكة سنة 120 هـ .
(2) نافع بن عبد الرحمن بن نعيم الاصفهاني المدني ، اخذ القراءة عن يزيد بن القعقاع القاري وابي ميمونة مولى ام سلمة ، توفي في المدينة سنة 159 او 169 هـ .
(3) عاصم بن ابي النجود ، كوفي مولى بني حذيفة ، اخذ القراءة عن
( 185 )

العياش وحفص ، والقرآن الموجود عند المسلمين اليوم هو بقراءة عاصم هذا برواية حفص .
    4 ـ حمزة ، كوفي (1) ، والراوي عنه خلف وخلاد ويرويان عنه بواسطة .
    5 ـ الكسائي ، كوفي (2) ، والراوي عنه دوري وابو الحارث .
    6 ـ ابو عمرو بن العلاء ، بصري (3) ، والراوي عنه دوري وسوسي يرويان عنه بواسطة .
____________
سعد بن أياس الشيباني وزر بن حبيش ، توفي في الكوفة سنة 127 ـ 129 هـ .
(1) حمزة بن حبيب الزيات التميمي ، كوفي فقيه قارىء ، اخذ القراءة عن عاصم واعمش والسبيعي ومنصور بن المعتمر ، واخذ ايضا عن الامام السادس الامام الصادق عليه السلام وكان من اصحابه ، وله تآليف كثيرة وهو اول من الف في متشبهات القرآن ، توفي سنة 156 هـ .
(2) علي بن حمزة بن عبد الله بن فيروز الفارسي ، كوفي بغدادي من ائمة النحو والقراءة ، استاذ الامين والمأمون ومؤدبهما ، اخذ النحو عن يونس النحوي والخليل بن احمد الفراهيدي ، واخذ القراءة عن حمزة وشعبة بن عياش ، توفي سنة 179 ـ 193 قرب الري عندما كان بصحبة هارون في سفره الى طوس .
(3) ابو عمرو زبان ـ بفتح الزاي وتشديد الباء ـ بن العلاء البصري
( 186 )

    7 ـ ابن عامر (1) ، والراوي عنه هشام (2) وابن ذكوان يرويان عنه بواسطة .
    ويتلو القراءات السبع في الشهرة القراءات الثلاث المروية عن ابي جعفر ويعقوب وخلف (3) .
    وهناك قراءات اخرى غير مشهورة ، كالقراءات المذكورة عن بعض الصحابة والقراءات الشاذة التي لم يعمل بها ،
____________
ابي عبد الرحمن عن أمير المؤمنين علي عليه السلام ، وعن البغدادي ، من مشاهير علماء الادب واساتذة القراءة ، اخذ القراءة من التابعين توفي في الكوفة سنة 154 ـ 159 .
(1) عبد الله بن عامر الشافعي الدمشقي ، اخذ القراءة عن ابي الدرداء الصحابي واصحاب عثمان ، توفي في دمشق سنة 118 هـ .
(2) اختلفوا في الرواة عن القراء السبعة ، والذي ذكرناه هنا مطابق لما ذكره السيوطي في كتابه « الاتقان » ـ فلاحظ .
(3) ابو جعفر يزيد بن القعقاع ، مدني مولى ام سلمة ، يروي قراءته عن عبد الله بن عياش المخزومي وابن عباس وابي هريرة عن النبي ، توفي في المدينة سنة 128 ـ 133 هـ .
    يعقوب بن اسحاق البصري الحضرمي ، من ائمة الفقه والادب ، يروي قراءته عن سلام بن سليمان عن عاصم عن السلمي عن امير المؤمنين علي عليه السلام ، توفي سنة 205 هـ .
    خلف بن هشام البزاز ، من ائمة القراءة ، وهو ايضا راوي قراءة حمزة ، اخذ القراءة عن مالك بن انس وحماد بن زيد ، واخذ عنه ابو عوانة ، توفي سنة 229 هـ .
( 187 )

وقراءات متفرقة توجد في احاديث مروية عن ائمة اهل البيت عليهم السلام ، الا انهم امروا اصحابهم باتباع القراءات المشهورة .
    ويعتقد جمهور علماء السنة بتواتر القراءات السبع ، حتى فسر بعضهم الحديث المروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم « نزل القرآن على سبعة احرف » (1) بالقراءات السبع ، وقد مال الى هذا القول بعض علماء الشيعة ايضا ، ولكن صرح بعض بأن هذه القراءات مشهورة وليست بمتواترة .
    قال الزركشي في البرهان : والتحقيق انها متواترة عن الائمة السبعة ، اما تواترها عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ففيه نظر ، فان اسنادهم بهذه القراءات السبع موجود في كتب القراءات وهي نقل الواحد عن الواحد (2) .
    وقال مكي : من ظن ان قراءة هؤلاء القراء كنافع وعاصم هي الاحرف السبعة التي في الحديث فقد غلط غلطا عظيما . قال : ويلزم من هذا ايضا ان ما خرج عن قراءة هؤلاء السبعة مما ثبت عن الائمة غيرهم ووافق خط المصحف
____________
(1) بحار الانوار مجلد القرآن ، والصافي في مقدماته ، وقد روي في الاتقان 1 / 47 هذا الحديث عن واحد وعشرين صحابيا ، وقد ادعى بعض تواتر هذا الحديث ايضا .
(2) الاتقان 1 / 82 .
( 188 )

ان لا يكون قرآنا ، وهذا غلط عظيم ، فان الذين صنفوا القراءات من الائمة المتقدمين كأبي عبيد القاسم بن سلام وابي حاتم السجستاني وابي جعفر الطبري واسماعيل القاضي قد ذكروا اضعاف هؤلاء .
    وكان الناس على رأس المائتين بالبصرة على قراءة ابي عمرو ويعقوب وبالكوفة على قراءة حمزة وعاصم وبالشام على قراءة ابن عامر وبمكة على قراءة ابن كثير وبالمدينة على قراءة نافع واستمروا على ذلك ، فلما كان على رأس الثلاثمائة اثبت ابن مجاهد اسم الكسائي وحذف يعقوب .
    قال : والسبب في الاقتصار على السبعة مع ان في ائمة القراء من هو اجل منهم قدرا او مثلهم اكثر من عددهم ان الرواة عن الائمة كانوا كثيرا جدا ، فلما تقاصرت الهمم اقتصروا مما يوافق خط المصحف على ما يسهل حفظه وتنضبط القراءة به ، فينظروا الى من اشتهر بالثقة والامانة وطول العمر في ملازمة القراءة به والاتفاق على الاخذ عنه فأفردوا من كل مصر اماما واحدا ، ولم يتركوا مع ذلك نقل ما كان عليه الائمة غير هؤلاء من القراءات ولا القراءة به كقراءة يعقوب وابي جعفر وشيبة وغيرهم .
    قال : وقد صنف ابن جبير المكي مثل ابن مجاهد كتابا في القراءات ، فاقتصر على خمسة اختار من كل مصر اماما ، وانما اقتصر على ذلك لان المصاحف التي ارسلها عثمان كانت

( 189 )

خمسة الى هذه الامصار ، ويقال انه وجه بسبعة هذه الخمسة ومصحفا الى اليمن ومصحفا الى البحرين ، لكن لما لم يسمع لهذين المصحفين خبرا وأراد ابن مجاهد وغيره مراعاة عدد المصاحف استبدلوا من مصحف البحرين واليمن قارئين كمل بهما العدد ، فصادف ذلك موافقة العدد الذي ورد الخبر فيه فوقع ذلك لمن لا يعرف اصل المسألة ولم تكن له فطنة فظن ان المراد بالاحرف السبعة القراءات السبع ، والاصل المعتمد عليه صحة السند في السماع واستقامة الوجه في العربية موافقة الرسم (1) .
    وقال القراب في الشافي : التمسك بقراءة سبعة من القراء دون غيرهم ليس فيه اثر ولا سنة ، وانما هو من جمع بعض المتأخرين ، فانتشر وأوهم انه لا تجوز الزيادة على ذلك ؛ وذلك لم يقل به احد (2) .

عدد الآيات :

    عدد الآيات القرآنية ينتهي الى زمن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، فقد روي عنه بعض الاحاديث التي يذكر
____________
(1) الاتقان 1 / 82 .
(2) الاتقان 1 / 83 .
( 190 )

فيها عدد خاص من آيات سورة كآيات عشر من سورة آل عمران مثلا ، وحتى روي عنه عدد آيات بعض السور ايضا كسورة الفاتحة سبع آيات (1) وسورة الملك ثلاثون آية (2) .
    واختلفوا في عدد مجموع الآيات على ستة اقوال ذكرها الداني :
    فقيل ستة آلاف آية ، وقيل ستة آلاف ومئتان واربع آيات وقيل ستة آلاف ومائتان واربع عشرة آية ، وقيل ستة آلاف ومائتان وتسع عشرة آية ، وقيل ستة آلاف ومائتان وخمس وعشرون / ـ آية ، وقيل ستة آلاف ومائتان وست وثلاثون آية (3) .
    قولان من هذه الاقوال الستة لاهل المدينة ، واربعة اقوال لاهل بقية المدن التي ارسل اليها مصحف عثمان ، وهي مكة والكوفة والبصرة والشام .
    وكل صاحب قول من هذه الاقوال يسند رأيه الى بعض الصحابة ، ثم يعتبرونها روايات موقوفة فينسبونها الى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، ومن هنا اعتبر الجمهور عدد الآيات والتمييز بينها توقيفيا .
____________
(1) الاتقان 1 / 68 .
(2) الاتقان 1 / 68 .
(3) الاتقان 1 / 69 .
( 191 )

    لاهل المدينة عددان كما ذكرنا (1) احدهما لابي جعفر يزيد بن القعقاع وشيبة بن نصاح ، والثاني عدد اسماعيل بن جعفر بن ابي كثير الانصاري .
    وعدد اهل مكة هو عدد ابن كثير عن مجاهد عن ابن عباس عن اُبي بن كعب .
    وعدد اهل الكوفة عدد حمزة والكسائي وخلف ، ويرويه حمزة عن ابن ابي ليلى عن ابي عبد الرحمن السلمي عن علي عليه السلام .
    وعدد اهل البصرة عدد عاصم بن العجاج الجحدري .
    وعدد اهل الشام عدد ابن ذكوان وهشام بن عمار وينسب الى ابي الدرداء . والاختلاف في عدد مجموع الآيات اتى من قبل الاختلاف في عدد آية كل سورة . وقد ذكروا ايضا عدد حروف وكلمات سور القرآن وعدد المجموع ، ولكن لا يهمنا الان ذكر التفاصيل هنا .

أسماء السور :

    تقسيم القرآن الكريم الى السور تقسيم قرآني كتقسيمه الى ايات ، وقد صرح تعالى في مواضع بلفظة « السورة » ،
____________
(1) نقله في الاتقان 1 / 69 عن ابي عبد الله الموصلي .
( 192 )

فقال ( سورة انزلناها ) (1) و ( اذا انزلت سورة ) (2) ( فأتوا بسورة من مثله ) (3) .
    وتسمية السور تناسب مع موضوع ذكر فيها او جاء الاسم نفسه فيها كسورة البقرة وسورة آل عمران وسورة الاسراء وسورة التوحيد ، وفي نسخ القرآن القديمة كثيرا ما كانوا يكتبون « سورة تذكر فيها البقرة » و « سورة يذكر فيها آل عمران » .
    وربما تكون جملة من سورة معرفا لها كسورة اقرأ باسم ربك وسورة انا انزلناه وسورة لم يكن واشباهها .
    واحيانا يكون وصف السورة معرفا لها كسورة فاتحة الكتاب (4) وسورة ام الكتاب والسبع المثاني وسورة الاخلاص (5) وسورة نسبة الرب وامثالها .
____________
(1) سورة النور : 1 .
(2) سورة التوبة : 86 .
(3) سورة البقرة : 23 .
(4) سورة الحمد تسمى « فاتحة الكتاب » بمناسبة وقوعها اول القرآن وتسمى « السبع المثاني » بمناسبة انها سبع آيات .
(5) سورة قل هو الله احد تسمى بـ « الاخلاص » بمناسبة اشتمالها على التوحيد الخالص وتسمى « نسبة الرب » بمناسبة انها تصف الله تعالى ، لان النسبة هنا بمعنى الوصف .
( 193 )

    ان هذه الاسماء والنعوت كانت موجودة في الصدر الاول بشهادة الاثار والتاريخ ، وحتى اسماء بعض السور جاءت في الاحاديث النبوية كسورة البقرة وسورة آل عمران وسورة هود وسورة الواقعة . ولهذا يمكن القول بأن كثيرا من هذه الاسماء تعيينية من زمن الرسول نتيجة لكثرة الاستعمال ، وليس شيء منها توقيفيا شرعيا .

خط القرآن واعرابه :

    كانوا يكتبون القرآن الكريم في زمن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم والقرآن الاول والثاني الهجري بالخط الكوفي ، وللابهام الموجود في كثير من كلمات الخط الكوفي تداول الصحابة وغيرهم الحفظ والرواية والقراء كما ذكرنا ، ومع هذا بقي شيء من الالتباس والابهام للعامة واختص الحفاظ والرواة بالقراءة الصحيحة فقط ، فلم يكن من الميسور فتح المصحف وقراءته بصورة صحيحة .
    ومن هنا وضع ابو الاسود الدؤلي (1) اسس علم العربية بارشاد من الامام امير المؤمنين عليه السلام ، كما وضع فيما بعد نقط الحروف بأمر الخليفة الاموي عبد الملك بن مروان .
____________
(1) الاتقان 2 / 171 .
( 194 )

    وهكذا قل الالتباس وارتفع شيء من الابهام ، الا انه لم يزل بالكلية ، حتى وضع الخليل بن احمد الفراهيدي (1) مكتشف علم العروض اشكالا لكيفية تلفظ تلك الحروف : المد ، التشديد ، الفتحة ، الكسرة ، الضمة ، السكون ، التنوين مع احدى الحركات الثلاث ، الروم ، الاشمام . وبهذا ارتفع الالتباس تماما .
    وكان قبل وضع الفراهيدي (2) تلك العلامات يشيرون بالنقاط الى الحركات : فعوضا عن الفتحة نقطة في اول الحرف ، وعوضا عن الكسرة نقطة تحته ، وعوضا عن الضمة نقطة على الحرف في آخره . ولكن هذه الطريقة كانت تزيد في الالتباس في بعض الحالات .
____________
( 1 ـ 2 ) الاتقان 2 / 171 .