تفسير الصافي ج 3 ص 361 الى ص 380
سورة الحج
مكية عن ابن عباس وعطا إلا آيات قال الحسن هي ست آيات وقال بعضهم غير
أربع آيات عدد آيها ثمان وسبعون آية كوفي سبع مكي ست مدني خمس بصري أربع شامي .
بسم الله الرحمن الرحيم

( 1 ) يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم .
في الأحتجاج عن النبي صلى الله عليه وآله معاشر الناس التقوى التقوى إحذروا الساعة كما قال الله عز وجل إن زلزلة الساعة شيء عظيم .
والقمي قال مخاطبة للناس عامة قيل هي زلزلة تكون قبل طلوع الشمس من مغربها وهي من أشراط الساعة .
( 2 ) يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت قيل هو تصوير لهولها والضمير للزلزلة والمقصود الدلالة على أن هولها بحيث إذا دهشت التي ألقمت الرضيع ثديها نزعته عن فيه وذهلت عنه وتضع كل ذات حمل حملها جنينها .
القمي قال كل إمرأة تموت حاملة عند زلزلة الساعة تضع حملها يوم القيامة وترى الناس سكارى كأنهم سكارى وما هم بسكارى على الحقيقة وقريء سكرى فيهما ولكن عذاب الله شديد .
القمي قال يعني ذاهبة عقولهم من الحزن والفزع متحيرين في المجمع قال عمران بن الحصين وأبو سعيد الخدري نزلت الآيتان من أول السورة ليلا في غزاة بني المصطلق وهم حي من خزاعة والناس يسيرون فنادى رسول الله صلى الله عليه وآله


( 362 )

فجثوا المطى حتى كانوا حول رسول الله صلى الله عليه وآله فقرأها عليهم فلم ير أكثر باكيا من تلك الليلة فلما أصبحوا لم يحطوا السرج عن الدواب ولم يضربوا الخيام والناس بين باك وجالس حزين متفكر فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله أتدرون أي يوم ذاك قالوا الله ورسوله أعلم قال ذاك يوم يقول الله تعالى لآدم إبعث بعث النار من ولدك فيقول آدم من كم كم فيقول عزوجل من كل ألف تسع مأة وتسعة وتسعين إلى النار وواحد إلى الجنة فكبر ذلك على المسلمين وبكوا فقالوا فمن ينجو يا رسول الله فقال ابشروا فإن معكم خليقتين يأجوج ومأجوج ما كانتا في شيء إلا كثرتاه ما أنتم في الناس إلا كشعرة بيضاء في الثور الأسود أو كرقم (1) في ذراع البكر أو كشامة في جنب البعير ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله إني لأرجوا أن تكونوا ربع أهل الجنة فكبروا ثم قال إني لأرجو أن تكونوا ثلث أهل الجنة فكبروا ثم قال إني لأرجو أن تكونوا ثلثي أهل الجنة فإن أهل الجنة مائة وعشرون صفا ثمانون منهم امتي ثم قال ويدخل من امتي سبعون ألفا الجنة بغير حساب .
وفي بعض الروايات ان عمر بن الخطاب قال يا رسول الله صلى الله عليه وآله سبعون ألفا قال نعم ومع كل واحد سبعون ألفا فقام عكاشة بن محصن فقال يا رسول الله صلى الله عليه وآله ادع الله أن يجعلني منهم فقال اللهم اجعله منهم فقام رجل من الأنصار فقال ادع الله أن يجعلني منهم فقال صلى الله عليه وآله سبقك بها عكاشة قال ابن عباس كان الأنصاري منافقا فلذلك لم يدع له .
( 3 ) ومن الناس من يجادل في الله بغير علم يخاصم ويتبع كل شيطان مريد متجرد للفساد وأضله العري .
والقمي قال المريد الخبيث قيل نزلت في النضر بن الحارث وكان جدلا يقول الملائكة بنات الله والقرآن أساطير الأولين ولا بعث بعد الموت وهي تعمه وأضرابه .
( 4 ) كتب عليه على الشيطان أنه من تولاه تبعه فأنه يضله أي كتب عليه إضلال من يتولاه لأنه جبل عليه ويهديه إلى عذاب السعير بالحمل على ما يؤدي إليه .
____________
(1) الرقمتان : هنتان شبه ظفرين في قوائم الدابة .
( 363 )

( 5 ) يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث إمكانه وكونه مقدورا فإنا خلقناكم أي فانظروا في بدو خلقكم فإنه يريح ريبكم من تراب بخلق آدم منه وبخلق الأغذية المتكون منها المني عنه ثم من نطفة مني من النطف وهو الصب ثم من علقة قطعة من الدم جامدة ثم من مضغة قطعة من اللحم وهو في الأصل قدر ما يمضغ .
في الكافي عن الباقر عليه السلام النطفة تكون بيضاء مثل النخامة الغليظة فتمكث في الرحم إذا صارت فيه أربعين يوما ثم تصير إلى علقة قال وهي علقة كعلقة دم المحجمة الجامدة تمكث في الرحم بعد تحويلها من النطفة أربعين يوما ثم تصير مضغة قال وهي مضغة لحم حمراء فيها عروق خضر مشتبكة ثم تصير إلى عظم وشق له السمع والبصر ورتبت جوارحه مخلقة وغير مخلقة .
القمي قال المخلقة إذا صارت تاما وغير مخلقة السقط لنبين لكم قيل في حذف المفعول ايماء إلى أن أفعاله هذه يتبين بها من قدرته وحكمته ما لا يحيط به الذكر .
والقمي عن الباقر عليه السلام لنبين لكم أنكم كنتم كذلك في الأرحام ونقر في الارحام ما نشاء قال فلا يخرج سقطا .
وفي الكافي عنه عليه السلام إنه سئل عن ذلك فقال المخلقة هم الذر الذين خلقهم الله في صلب آدم أخذ عليهم الميثاق ثم أجراهم في أصلاب الرجال وأرحام النساء وهم الذين يخرجون إلى الدنيا حتى يسئلوا عن الميثاق وأما قوله وغير مخلقة فهم كل نسمة لم يخلقهم الله عز وجل في صلب آدم حين خلق الذر وأخذ عليهم الميثاق وهم النطف من العزل والسقط قبل أن ينفخ فيه الروح والحياة والبقاء .
وعنه عليه السلام قال إن النطفة تكون في الرحم أربعين يوما ثم تصير علقة أربعين يوما ثم تصير مضغة أربعين يوما فإذا أكمل أربعة أشهر بعث الله ملكين خلاقين فيقولان يا رب ما نخلقه ذكرا أو انثى فيؤمران فيقولان يا رب شقيا أو سعيدا فيؤمران فيقولان يا رب ما أجله وما رزقه وكل شيء من حاله وعدد من ذلك أشياء ويكتبان


( 364 )

الميثاق بين عينيه فإذا أكمل الله الأجل بعث الله ملكا فزجره زجرة فيخرج وقد نسي الميثاق إلى أجل مسمى وهو وقت الوضع وأدناه ستة أشهر وأقصاه تسعة .
ففي الكافي عن أمير المؤمنين عليه السلام قال لا تلد المرأة لأقل من ستة أشهر .
وعن الباقر عليه السلام إنه سئل عن غاية الحمل بالولد في بطن امه كم هو فإن الناس يقولون ربما بقي في بطنها سنين فقال كذبوا أقصى حد الحمل تسعة أشهر لا يزيد لحظة لو زاد ساعة لقتل امه قبل أن يخرج .
وعن الصادق والكاظم عليهما السلام إذا جاءت به لأكثرمن سنة لم تصدق ولو ساعة واحدة ثم يخرجكم طفلا ثم لتبلغوا أشدكم كمالكم في القوة والعقل .
في الكافي عن الصادق عليه السلام قال إنقطاع يتم اليتيم الأحتلام وهو أشده ومنكم من يُتَوفَّى عند بلوغ الأشد أو قبله ومنكم من يرد إلى أرذل العمر الهرم والخرف .
القمي عن الصادق عن أبيه عليهما السلام قال إذا بلغ العبد مأة سنة فذلك أرذل العمر .
وفي المجمع عن أمير المؤمنين عليه السلام خمسا وسبعين كما سبق في سورة النحل لكيلا يعلم من بعد علم شيئا ليعود كهيئته في أوان الطفولية من سخافة العقل وقلة الفهم فينسى ما عمله وينكر ما عرفه وترى الارض هامدة ميتة يابسة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت تحركت بالنبات وربت وانتفخت وأنبتت من كل زوج صنف بهيج حسن رائق .
( 6 ) ذلك ما ذكر من خلق الأنسان في أطوار مختلفة وتحويله على أحوال متضادة وإحياء الأرض بعد موتها بأن الله هو الحق بأنه الثابت في ذاته الذي به يتحقق الأشياء وأنه يحيي الموتى وأنه يقدر على إحيائها وإلا لما أحيا النطفة والأرض الميتة وأنه على كل شيء قدير لأن قدرته لذاته الذي نسبته إلى الكل على السواء .
( 7 ) وأن الساعة آتية لا ريب فيها فإن التغيير دليل على الأنصرام والتجدد وأن


( 365 )

الله يبعث من في القبور بمقتضى وعده .
في قرب الأسناد عن الصادق عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله لجبرئيل يا جبرئيل أرني كيف يبعث الله تبارك وتعالى العباد يوم القيامة قال نعم فخرج إلى مقبرة بني ساعدة فأتى قبرا فقال له اخرج بإذن الله فخرج رجل ينفض رأسه من التراب وهو يقول والهفاه واللهف الثبور ثم قال ادخل فدخل ثم قصد به إلى قبر آخر فقال اخرج بإذن الله فخرج شاب ينفض رأسه من التراب وهو يقول أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وأشهد أن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور ثم قال هكذا يبعثون يوم القيامة .
والقمي ما يقرب منه ويأتي في سورة الزمر .
وفي المجالس والقمي عن الصادق عليه السلام قال إذا أراد الله أن يبعث الخلق أمطر السماء على الأرض أربعين صباحا فاجتمعت الأوصال ونبتت اللحوم .
( 8 ) ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير .
( 9 ) ثاني عطفه متكبرا فإن ثنى العطف كناية عن التكبر كلّي الجيد ليضل عن سبيل الله وقريء بفتح الياء له في الدنيا خزيّ ونذيقه يوم القيامة عذاب الحريق .
القمي قال نزلت هذه الآية في أبي جهل ثاني عطفه قال تولى عن الحق عن سبيل الله قال عن طريق الله عز وجل والأيمان .
في مصباح الشريعة عن الصادق عليه السلام من خاصم الخلق في غير ما يؤمر به فقد نازع الخالقية والربوبية قال الله تعالى ومن الناس من يجادل الآية قال وليس أحد أشد عقابا ممن لبس قميص النسك بالدعوى بلا حقيقة ولا معنى .
( 10 ) ذلك بما قدمت يداك وأن الله ليس بظلام للعبيد .
( 11 ) ومن الناس من يعبد الله على حرف على طرف من الدين لا ثبات له فيه كالذي يكون على طرف الجيش فإن أحس على ظفر قر وإلا فر وإن أصابه خير اطمأن


( 366 )

به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة بذهاب عصمته وحبوط عمله بالأرتداد ذلك هو الخسران المبين إذ لا خسران مثله .
في الكافي عن الباقر عليه السلام إنه سئل عن هذه الآية قال هم قوم وحدوا الله وخلعوا عبادة من يعبد من دون الله فخرجوا من الشرك ولم يعرفوا أن محمدا رسول الله فهم يعبدون الله على شك في محمد صلى الله عليه وآله وما جاء به فأتوا رسول الله صلى الله عليه وآله وقالوا ننظر فإن كثرت أموالنا وعوفينا في أنفسنا وأولادنا علمنا أنه صادق وأنه رسول الله صلى الله عليه وآله وإن كان غير ذلك نظرنا قال الله تعالى فإن أصابه خير اطمأن به يعني عافية في الدنيا وإن أصابته فتنة يعني بلاء في نفسه انقلب على وجهه إنقلب على شكه إلى الشرك .
( 12 ) يدعوا من دون الله ما لا يضره وما لا ينفعه قال عليه السلام ينقلب مشركا يدعو غير الله ويعبد غيره فمنهم من يعرف فيدخل الأيمان قلبه فيؤمن ويصدق ويزول عن منزلته من الشك إلى الأيمان ومنهم من يثبت على شكه ومنهم من ينقلب على الشرك .
والقمي عن الصادق عليه السلام مثله من دون تفسيري الخير والفتنة ذلك هو الضلال البعيد عن المقصد .
( 13 ) يدعوا لمن ضره بكونه معبودا لأنه يوجب القتل في الدنيا والعذاب في الآخرة أقرب من نفعه الذي يتوقع بعبادته وهو الشفاعة والتوسل بها إلى الله لبئس المولى الناصر ولبئس العشير الصاحب .
( 14 ) إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الانهار إن الله يفعل ما يريد من إثابة الموحد الصالح وعقاب المشرك لا دافع له ولا مانع .
( 15 ) من كان يظن أن لن ينصره الله في الدنيا والآخرة فليمدد بسبب إلى السماء ثم ليقطع وقرء بكسر اللام فلينظر هل يذهبن كيده ما يغيظ قيل معناه ان الله


( 367 )

ناصر رسوله في الدنيا والآخرة فمن كان يظن خلاف ذلك ويتوقعه من غيظه أو جزعه فليستقص في إزالة غيظه أو جزعه بأن يفعل كما يفعله الممتلي غضبا أو المبالغ جزعا حتى يمد حبلا إلى سماء بيته فيختنق من قطع إذا إختنق فإن المختنق يقطع نفسه بحبس مجاريه أو فليمدد حبلا إلى سماء الدنيا ثم ليقطع به المسافة حتى يبلغ عنانه فيجتهد في دفع نصره وقيل المراد بالنصر الرزق والضمير لمن .
والقمي الظن في كتاب الله على وجهين ظن يقين وظن شك فهذا ظن شك قال من شك أن الله عز وجل لم ينصر رسوله في الدنيا والآخرة فليمدد بسبب إلى السماء أي يجعل بينه وبين الله دليلا وقال الله تعالى ثم ليقطع أي يميز والدليل على أن السبب هو الدليل قول الله عز وجل في سورة الكهف وآتيناه من كل شيء سببا فأتبع سببا أي دليلا وقال ثم ليقطع أي يميز والدليل على أن القطع هو التميز قوله تعالى وقطعناهم اثنتي عشرة أسباطا امما أي ميزناهم فلينظر هل يذهبن كيده ما يغيظ أي حيلته والدليل على أن الكيد هو الحيلة قوله تعالى وكذلك كدنا ليوسف أي احتلنا له حتى حبس أخاه وقوله يحكي قول فرعون فاجمعوا كيدكم أي حيلتكم قال فإذا وضع لنفسه سببا وميز دله على الحق فأما العامة فإنهم رووا في ذلك أنه من لم يصدق بما قال الله عز وجل فليلق حبلا إلى سقف البيت ثم ليختنق .
( 16 ) وكذلك أنزلناه أنزلنا القرآن كله آيات بينات واضحات وأن الله يهدي به من يريد .
( 17 ) إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا إن الله يفصل بينهم يوم القيامة بالحكومة بينهم وإظهار المحق منهم من المبطل وجزاء كل بما يليق به إن الله على كل شيء شهيد عالم به مراقب لأحواله .
( 18 ) ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الارض ينقاد لأمره والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس يأتي في بيان هذا السجود كلام في سورة النور إن شاء الله وكثير حق عليه العذاب بكفره وابائه عن الطاعة والأنقياد ومن يهن الله فما له من مكرم إن الله يفعل ما يشاء .


( 368 )

في التوحيد عن الصادق عن أبيه عن أمير المؤمنين عليهم السلام أنه قيل له إن رجلا يتكلم في المشية فقال ادعه لي قال فدعي له فقال له يا عبد الله خلقك الله لما شاء أو لما شئت قال لما شاء قال فيمرضك إذا شاء أو إذا شئت قال إذا شاء قال فيشفيك إذا شاء أو إذا شئت قال إذا شاء قال فيدخلك حيث يشاء أو حيث شئت قال حيث يشاء قال فقال عليّ عليه السلام له لو قلت غير هذا لضربت الذي فيه عيناك .
( 19 ) هذان خصمان فوجان مختصمان المؤمنون والكافرون اختصموا في ربهم .
القمي قال نحن وبنو امية نحن قلنا صدق الله ورسوله وقالت بنو امية كذب الله ورسوله .
وفي الخصال عن الحسين عليه السلام مثله وزاد فنحن الخصمان يوم القيامة فالذين كفروا فصل لخصومتهم قيل وهو المعني بقوله تعالى إن الله يفصل بينهم يوم القيامة .
القمي فالذين كفروا يعني بني امية قطعت لهم ثياب من نار يصب من فوق رؤسهم الحميم الماء الحار .
( 20 ) يصهر به ما في بطونهم والجلود أي يؤثر من فرط حرارته في باطنهم تأثيره في ظاهرهم فيذاب به أحشاءهم كما يذاب به جلودهم .
( 21 ) ولهم مقامع سياط من حديد يجلدون بها .
القمي قال تشويه النار فتسترخي شفته السفلى حتى تبلغ سرته وتتقلص شفته العليا حتى تبلغ وسط رأسه ولهم مقامع من حديد قال الأعمدة التي يضربون بها .
وفي المجمع عن النبي صلى الله عليه وآله قال ولهم مقامع من حديد لو وضع مقمع من حديد في الأرض ثم اجتمع عليه الثقلان ما أقلوه من الأرض .
( 22 ) كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها ضربا بتلك الأعمدة وذوقوا وقيل لهم ذوقوا عذاب الحريق النار البالغة في الأحراق .


( 369 )

القمي عن أبي بصير عن الصادق عليه السلام قال قلت له يا ابن رسول الله خوفني فإن قلبي قد قسا فقال يا ابا محمد إستعد للحياة الطويلة فإن جبرئيل جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وهو قاطب وقد كان قبل ذلك يجيء متبسما فقال رسول الله صلى الله عليه وآله يا جبرئيل جئتني اليوم قاطبا فقال يا محمد قد وضعت منافخ النار فقال وما منافخ النار يا جبرئيل فقال يا محمد إن الله عز وجل أمر بالنار فنفخ عليها ألف عام حتى ابيضت ثم نفخ عليها ألف عام حتى احمرت ثم نفخ عليها ألف عام حتى اسودت فهي سوداء مظلمة لو أن قطرة من الضريع قطرت في شراب أهل الدنيا لمات أهلها من نتنها ولو أن حلقة واحدة من السلسلة التي طولها سبعون ذراعا وضعت على الدنيا لذابت الدنيا من حرها ولو أن سربالا من سرابيل أهل النار علق بين السماء والأرض لمات أهل الأرض من ريحه ووهجه قال فبكى رسول الله صلى الله عليه وآله وبكى جبرئيل فبعث الله إليهما ملكا فقال لهما إن ربكما يقرؤكما السلام ويقول قد أمنتكما أن تذنبا ذنبا اعذبكما عليه فقال أبو عبد الله فما رأي رسول الله صلى الله عليه وآله متبسما بعد ذلك ثم قال إن أهل النار يعظمون النار وأن أهل الجنة يعظمون الجنة والنعيم وأن جهنم إذا دخلوها هووا فيها مسيرة سبعين عاما فإذا بلغوا أعلاها قمعوا بمقامع الحديد واعيدوا في دركها هذه حالهم وهو قول الله عز وجل كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها وذوقوا عذاب الحريق ثم تبدل جلودهم غير الجلود التي كانت عليهم فقال أبو عبد الله عليه السلام حسبك يا محمد قلت حسبي حسبي .
( 23 ) إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الانهار قيل غير الأسلوب فيه واسند الأدخال إلى الله مؤكدا تعظيما لشأن المؤمنين يحلون فيها من أساور جمع أسورة وهي جمع سوار من ذهب ولؤلؤ وقرء بالنصب وبترك الهمزة الاولى ولباسهم فيها حرير .
( 24 ) وهدوا إلى الطيب من القول .
القمي قال التوحيد والأخلاص وهدوا إلى صراط الحميد قال إلى الولاية .
وفي المحاسن عن الباقر عليه السلام هو والله هذا الأمر الذي أنتم عليه .


( 370 )

وفي الكافي عن الصادق عليه السلام في هذه الآية قال ذاك حمزة وجعفر وعبيدة وسلمان وأبو ذر والمقداد بن الأسود وعمار وهدوا إلى أمير المؤمنين عليه السلام .
وفي المجمع عن النبي صلى الله عليه وآله ما أحد أحب إليه الحمد من الله عز ذكره .
والقمي عن أبي بصير عن الصادق عليه السلام قال قلت له جعلت فداك شوقني فقال يا أبا محمد إن من أدنى نعيم الجنة أن يوجد ريحها مسيرة ألف عام من مسافة الدنيا وإن أدنى أهل الجنة منزلا لو نزل فيه الثقلان الجن والأنس لوسعهم طعاما وشرابا ولا ينقص مما عنده شيئا وإن أيسر أهل الجنة منزلة من يدخل الجنة فيرفع له ثلاث حدائق فإذا دخل أدناهن رأى فيها من الأزواج والخدم والأنهار والثمار ما شاء الله مما يملأ عينيه قرة وقلبه مسرة فإذا شكر الله وحمده قيل له إرفع رأسك إلى الحديقة الثانية ففيها ما ليس في الاولى فيقول يا رب أعطني هذه فيقول الله تبارك وتعالى لَعَلّي إن أعطيتكها سألتني غيرها فيقول رب هذه هذه فإذا هو دخلها شكر الله وحمده قال فيقال إفتحوا له بابا إلى الجنة ويقال له إرفع رأسك فإذا قد فتح له باب من الخلد ويرى أضعاف ما كان فيما قبل فيقول عند تضاعف مسراته رب لك الحمد الذي لا يحصى إذ مننت عليّ بالجنان وأنجيتني من النيران قال أبو بصير فبكيت وقلت له جعلت فداك زدني قال يا أبا محمد إن في الجنة نهرا في حافتيه جوار نابتات إذا مر المؤمن بجارية أعجبته قلعها وأنبت الله عز وجل مكانها اخرى قلت جعلت فداك زدني قال يا أبا محمد المؤمن يزوج ثمان مأة عذراء وأربعة آلاف ثيب وزوجتين من الحور العين قلت جعلت فداك ثمان مأة عذراء قال نعم ما يفترش منهن شيئا إلا وجدها كذلك قلت جعلت فداك من أي شيء خلقن الحور العين قال من تربة الجنة النورانية ويرى مخ ساقها من وراء سبعين حلة كبدها مرآته وكبده مرآتها قلت جعلت فداك ألهن كلام يتكلمن به في الجنة قال نعم كلام لم يسمع الخلايق أعذب منه قلت ما هو قال يقلن بأصوات رخيمة نحن الخالدات فلا نموت ونحن الناعمات فلا نبؤس ونحن المقيمات فلا نظعن ونحن الراضيات فلا نسخط طوبى لمن خلق لنا وطوبى


( 371 )

لمن خلقنا له ونحن اللواتي لو أن قرن إحدانا علق في جو السماء لأغشى نوره الأبصار .
( 25 ) إن الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله والمسجد الحرام الذي جعلناه للناس سوآء العاكف فيه والباد المقيم والطاري حذف خبر إن لدلاة آخر الآية عليه أي معذبون وقريء سواء بالنصب .
القمي قال نزلت في قريش حين صدوا رسول الله صلى الله عليه وآله عن مكة وقوله سوآء العاكف فيه والباد قال أهل مكة ومن جاء من البلدان فهم فيه سواء لا يمنع من النزول ودخول الحرم .
وفي نهج البلاغة في كتاب كتبه إلى قثم بن العباس هو عامله على مكة وأمر أهل مكة أن لا يأخذوا من ساكن أجرا فإن الله سبحانه يقول سواء العاكف فيه والباد والعاكف المقيم به والباد الذي يحج إليه من غير أهله .
وفي قرب الأسناد عنه عليه السلام إنه كره إجارة بيوت مكة وقرء هذه الآية .
وفي الكافي عن الصادق عليه السلام إن معاوية أول من علق على بابه مصراعين بمكة فمنع حاج بيت الله ما قال الله عز وجل سواء العاكف فيه والباد وكان الناس إذا قدموا مكة نزل البادي على الحاضر حتى يقضي حجه وكان معاوية صاحب السلسلة التي قال الله عز وجل في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا الآية وكان فرعون هذه الامة وفي التهذيب عنه عليه السلام كانت دور مكة ليس على شيء منها باب وكان أول من علق على بابه المصراعين معاوية بن أبي سفيان وليس ينبغي لأحد أن يمنع الحاج شيئا من الدور ومنازلها .
وفي العلل عنه عليه السلام في هذه الآية قال لم يكن ينبغي أن يوضع على دور مكة أبواب لأن للحاج أن ينزلوا معهم في دورهم في ساحة الدار حتى يقضوا مناسكهم وأن أول من جعل لدور مكة أبوابا معاوية ومن يزد فيه بإلحاد عدول عن القصد بظلم بغير حق وهو مما ترك مفعوله ليتناول كل متناول نذقه من عذاب أليم


( 372 )

في الكافي عن الصادق عليه السلام في هذه الآية من عبد فيه غير الله عز وجل أو تولى فيه غير أولياء الله فهو ملحد بظلم وعلى الله تبارك وتعالى أن يذيقه من عذاب أليم .
وعنه عليه السلام فيها كل ظلم إلحاد وضرب الخادم من غير ذنب من ذلك الألحاد وسئل عن أدنى الألحاد فقال إن الكبر أدناه وفيه .
وفي العلل عنه عليه السلام قال كل ظلم يظلم به الرجل نفسه بمكة من سرقة أو ظلم أحد أو شيء من الظلم فإني أراه إلحادا ولذلك كان ينهى أن يسكن الحرم .
وفي العلل عنه عليه السلام إنه قيل له إن سبعا من سباع الطير على الكعبة ليس يمر به شيء من حمام الحرم إلا ضربه فقال أنصبوا له واقتلوه فإنه قد ألحد في الحرم .
وفي الكافي عنه عليه السلام في هذه الآية قال نزلت فيهم حيث دخلوا الكعبة فتعاهدوا وتعاقدوا على كفرهم وجحودهم بما نزل في أمير المؤمنين عليه السلام فألحدوا في البيت بظلمهم الرسول ووليه فبعدا للقوم الظالمين والقمي قال نزلت فيمن يلحد أمير المؤمنين عليه السلام ويظلمه .
( 26 ) وإذ بوأنا لابراهيم مكان البيت أن لا تشرك بي شيئا وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود .
في الكافي والتهذيب عن الصادق عليه السلام قال إن الله تعالى يقول وطهر بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود فينبغي للعبد أن لا يدخل مكة إلا وهو طاهر قد غسل عرقه والأذى وتطهر .
وفي الكافي عنه عليه السلام قال إن لله تعالى حول الكعبة عشرين ومأة رحمة منها ستون للطائفين وأربعون للمصلين وعشرون للناظرين وقد مضى في سورة البقرة أخبار اخر تتعلق بهذه الآية .
( 27 ) وأذن في الناس ناد فيهم بالحج بأن تدعوهم إليه يأتوك رجالا مشاة جمع راجل .


( 373 )

وفي المجمع عن الصادق عليه السلام إنه قرأ رجالا بالتشديد والضم وعلى كل ضامر أي وركبانا على كل بعير مهزول أتعبه بعد السير وهزله يأتين صفة لضامر محمولة على معناه وقرء يأتون صفة الرجال والركبان أو استيناف ونسبها .
في المجمع إلى الصادق عليه السلام من كل فج طريق عميق بعيد الأطراف .
في الكافي والعلل عن الصادق عليه السلام قال لما امر إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام ببناء البيت وتم بناؤه قعد إبراهيم عليه السلام على ركن ثم نادى هلم الحج فلو نادى هلموا إلى الحج فلم يحج إلا من كان يومئذ إنسيا مخلوقا ولكن نادى هلم هلم الحج الحج فلبى الناس في أصلاب الرجال لبيك داعي الله لبيك داعي الله فمن لبى عشرا حج عشرا ومن لبى خمسا حج خمسا ومن لبى أكثر فبعدد ذلك ومن لبى واحدة حج واحدة ومن لم يلب لم يحج .
وفي العلل عن الباقر عليه السلام قال إن الله جل جلاله لما أمر إبراهيم عليه السلام ينادي في الناس بالحج قام على المقام فارتفع به حتى صار بإزاء أبي قبيس فنادى في الناس بالحج فأسمع من في أصلاب الرجال وأرحام النساء إلى أن تقوم الساعة .
والقمي قال لما فرغ إبراهيم عليه السلام من بناء البيت أمره الله أن يؤذن في الناس بالحج فقال يا رب ما يبلغ صوتي فقال الله أذّن عليك الأذان وعليّ البلاغ وارتفع على المقام وهو يومئذ ملصق بالبيت فارتفع به المقام حتى كان أطول من الجبال فنادى وأدخل إصبعه في اذنه وأقبل بوجه شرقا وغربا يقول أيها الناس كتب عليكم الحج إلى البيت العتيق فأجيبوا ربكم فأجابوه من تحت البحور السبع ومن بين المشرق والمغرب إلى منقطع التراب من أطراف الأرض كلها ومن أصلاب الرجال ومن أرحام النساء بالتلبية لبيك اللهم لبيك أولا ترونهم يأتون يلبون فمن حج من يومئذ إلى يوم القيامة فهم ممن إستجاب الله وقوله فيه آيات بينات مقام إبراهيم يعني نداء إبراهيم عليه السلام على المقام .
وفي الكافي والتهذيب عن الصادق عليه السلام قال إن رسول الله صلى الله عليه وآله أقام بالمدينة عشر سنين لم يحج ثم أنزل الله تعالى وأذّنْ في الناس بالحج


( 374 )

الآية فأمر المؤذنين أن يأذنوا بأعلى أصواتهم بأن رسول الله صلى الله عليه وآله يحج في عامه هذا فعلم به من حضر بالمدينة وأهل العوالي والأعراب واجتمعوا لحج رسول الله صلى الله عليه وآله وإنما كانوا تابعين ينظرون ما يؤمرون به فيتبعونه أو يصنع شيئا فيصنعونه الحديث .
( 28 ) ليشهدوا ليحضروا منافع لهم دينية ودنيوية .
في الكافي عن الصادق عليه السلام إنه قيل له لو أرحت بدنك من المحمل فقال عليه السلام إني احب أن أشهد المنافع التي قال الله عز وجل ليشهدوا منافع لهم إنه لا يشهدها أحد إلا نفعه الله أما أنتم فترجعون مغفورا لكم وأما غيركم فيحفظون في أهاليهم وأموالهم .
وعنه عليه السلام إنه يطاف به حول الكعبة في محمل وهو شديد المرض فكان كلما بلغ الركن اليماني أمرهم فوضعوه بالأرض فأخرج يده من كوة المحمل حتى يجرها على الأرض ثم يقول إرفعوني فلما فعل ذلك مرارا في كل شوط قيل له يابن رسول الله إن هذا يشق عليك فقال إني سمعت الله عز وجل يقول ليشهدوا منافع لهم فقيل منافع الدنيا أو منافع الآخرة فقال الكل .
وفي المجمع عنه عليه السلام منافع الآخرة هي العفو والمغفرة .
وفي العيون عن الرضا عليه السلام وعلة الحج الوفادة إلى الله تعالى وطلب الزيادة والخروج من كل ما اقترف وليكون تائبا مما مضى مستأنفا لما يستقبل وما فيه من إستخراج الأموال وتعب الأبدان وحظرها عن الشهوات واللذات والتقرب بالعبادة إلى الله عز وجل والخضوع والأستكانة والذل شاخصا إليه في الحر والبرد والأمن والخوف دائبا في ذلك دائم وما في ذلك لجميع الخلق من المنافع والرغبة والرهبة إلى الله تعالى ومنه ترك قساوة القلب وجسارة الأنفس ونسيان الذكر وإنقطاع الرجاء والأمل وتجديد الحقوق وحظر الأنفس عن الفساد ومنفعة من في شرق الأرض وغربها ومن في البر والبحر ممن يحج وممن لا يحج من تاجر وجالب وبايع ومشتر وكاسب ومسكين وقضاء حوائج أهل الأطراف والمواضع الممكن لهم الأجتماع فيها كذلك


( 375 )

ليشهدوا منافع لهم .
وزاد في رواية اخرى مع ما فيه من التفقه ونقل أخبار الأئمة عليهم السلام إلى كل صقع وناحية كما قال الله عز وجل فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الانعام قيل يعني عند ذبحها وقيل كنى عن الذبح بالذكر لعدم إنفكاكه عنه .
وفي العوالي عنهما عليهما السلام هو التكبير عقيب خمس عشرة صلاة أولاها ظهر العيد .
وفي المجمع عن الصادق عليه السلام مثله .
وفي المعاني عنه عليه السلام قال قال عليّ عليه السلام في قول الله عز وجل ويذكروا اسم الله في أيام معلومات قال أيام العشر عنه عليه السلام قال هي أيام التشريق .
وعنه عليه السلام قال المعلومات والمعدودات واحدة وهن أيام التشريق .
وفي التهذيب عنه عن أبيه وفي رواية عن عليّ عليه السلام أن الأيام المعلومات أيام العشر والمعدودات أيام التشريق .
وفي الجوامع عن الباقر عليه السلام إن الأيام المعلومات يوم النحر والثلاثة بعده أيام التشريق والأيام المعدودات عشر ذي الحجة فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير الذي أصابه بؤس وشدة .
وفي الكافي عن الصادق عليه السلام هو الزمن الذي لا يستطيع أن يخرج لزمانته .
وعنه عليه السلام البائس الفقير .
( 29 ) ثم ليقضوا تفثهم ثم ليزيلوا وسخهم بقص الأظفار والشارب وحلق


( 376 )

الرأس ونحوها وليوفوا نذورهم مناسك حجهم وقريء بكسر اللام فيهما وبتشديد الفاء .
في الكافي والفقيه عن الصادق عليه السلام التفث هو الحلق وما في جلد الأنسان .
وعن الرضا عليه السلام التفث تقليم الأظافر وطرح الوسخ وطرح الأحرام عنه .
وفي الفقيه عن الباقر عليه السلام التفث حفوف الرجل من الطيب فإذا قضى نسكه حل له الطيب .
وفي الكافي عن الصادق عليه السلام من التفث أن تتكلم في إحرامك بكلام قبيح فإذا دخلت مكة وطفت بالبيت تكلمت بكلام طيب فكان ذلك كفارة وعن عبد الله بن سنان عن ذريح المحاربي قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام إن الله أمرني في كتابه بأمر فأحب أن أعلمه قال وما ذاك قلت قول الله تعالى ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم قال عليه السلام ليقضوا تفثهم لقاء الأمام وليوفوا نذورهم تلك المناسك قال عبد الله بن سنان فأتيت أبا عبد الله عليه السلام فقلت جعلت فداك قول الله تعالى ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم قال أخذ الشارب وقص الأظفار وما أشبه ذلك قال قلت جعلت فداك إن ذريح المحاربي حدثني عنك بأنك قلت له ليقضوا تفثهم لقاء الأمام وليوفوا نذورهم تلك المناسك فقال صدق وصدقت إن للقرآن ظاهرا وباطنا ومن يحتمل ما يحتمل ذريح .
أقول : وجه الأشتراك بين التفسير والتأويل هو التطهير فإن أحدهما تطهير عن الأوساخ الظاهرة والآخر عن الجهل والعمى قال في الفقيه معنى التفث كل ما ورد به الأخبار .
وفي الكافي عن الباقر عليه السلام أنه يقول ويرى الناس بمكة وما يعملون فعال كفعال الجاهلية أما والله ما امروا بهذا وما امروا إلا أن يقضوا تفثهم وليوفوا


( 377 )

نذورهم فيمروا بنا فيخبرونا بولايتهم ويعرضوا علينا نصر لهم وليطوفوا بالبيت العتيق وقرء بكسر اللام .
وفي الكافي عن الصادق عليه السلام إنه سئل عنه عليه السلام فقال هو طواف النساء .
وعن الباقر عليه السلام إنه سئل لم سمى الله البيت العتيق قال هو بيت حر عتيق من الناس لم يملكه أحد .
وفي المحاسن والعلل والقمي عن الصادق عليه السلام سمي البيت العتيق لأنه اعتق من الغرق .
( 30 ) ذلك الأمر ذلك وهو وأمثاله يطلق للفصل بين الكلامين ومن يعظم حرمات الله أحكامه وما لا يحل هتكه فهو خير له عند ربه ثوابا وأحلت لكم الانعام إلا ما يتلى عليكم كالميتة وما اهل به لغير الله فلا تحرموا منها غير ما حرمه الله كالبحيرة والسائبة فاجتنبوا الرجس من الاوثان واجتنبوا قول الزور فاجتنبوا الرجس الذي هو الأوثان كما يجتنب الأنجاس وكل افتراء .
في الكافي والقمي عن الصادق عليه السلام قال الرجس من الأوثان الشطرنج وقول الزور والغناء وزاد في المجمع وسائر أنواع القمار وسائر الأقوال الملهية وعن النبي صلى الله عليه وآله عدلت شهادة الزور بالشرك بالله ثم قرأ هذه الآية .
( 31 ) حنفاء لله .
القمي عن الصادق عليه السلام أي طاهرين غير مشركين به .
في التوحيد عن الباقر عليه السلام إنه سئل عنه وعن الحنيفة فقال هي الفطرة التي فطر الله الناس عليها لا تبديل لخلق الله قال فطرهم الله على المعرفة ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء لأنه سقط من اوج الأيمان إلى حضيض الكفر فتخطفه الطير فإن الأهواء المردية توزع أفكاره وقريء بتشديد التاء أو تهوي به الريح في مكان


( 378 )

سحيق بعيد فإن الشيطان قد طرح به في الضلالة .
( 32 ) ذلك الأمر ذلك ومن يعظم شعائر الله اعلام دينه فإنها من تقوى القلوب القمي قال تعظيم البدن وجودتها .
وفي الكافي عن الصادق عليه السلام إنما يكون الجزاء مضاعفا فيما دون البدنة فإذا بلغ البدنة فلا تضاعف لأنه أعظم ما يكون قال الله تعالى ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب .
وعنه في قصة حجة الوداع وكان الهدى الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وآله أربعة وستين أو ستة وستين وجاء علي عليه السلام بأربعة وثلاثين أو ستة وثلاثين .
( 33 ) لكم فيها منافع إلى أجل مسمى .
في الكافي والفقيه عن الصادق عليه السلام في هذه الآية قال إن احتاج إلى ظهرها ركبها من غير أن يعنف عليها وإن كان لها لبن حلبها حلابا لا ينهكها ثم مَحِلُها إلى البيت العتيق .
القمي قال البدن يركبها المحرم من موضعه الذي يحرم فيه غير مضر بها ولا معنف عليها وإن كان لها لبن يشرب من لبنها إلى يوم النحر .
( 34 ) ولكل أمة أهل دين جعلنا منسكا متعبدا وقربانا يتقربون به إلى الله وقرء بالكسر أي موضع نسك ليذكروا اسم الله دون غيره ويجعلوا نسكهم لوجهه علل الجعل به تنبيها على أن المقصود من المناسك تذكر المعبود على ما رزقهم من بهيمة الانعام عند ذبحها فإلهكم إله واحد فله أسلموا اخلصوا التقرب والذكر ولا تشوبوه بالأشراك وبشر المخبتين .
القمي قال العابدين .
( 35 ) الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم هيبة منه لأشراق أشعة جلاله عليها


( 379 )

والصابرين على ما أصابهم من المصائب والمقيمي الصلاة في افادتها ومما رزقناهم ينفقون في وجوه الخير .
( 36 ) والبدن جمع بدنة جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير منافع دينية ودنيوية فاذكروا اسم الله عليها صواف قائمات قد صففن أيديهن وأرجلهن .
القمي قال ينحر قائمة .
وفي الكافي عن الصادق عليه السلام ذلك حين تصف للنحر تربط يديها ما بين الخف إلى الركبة وقريء صوافن بالنون ونسبها .
في المجمع إلى الباقر عليه السلام وهو من صفن الفرس إذا قام على ثلاث وعلى طرف سنبك الرابعة لأن البدنة تعقل إحدى يديها فتقوم على ثلاث فإذا وجبت جنوبها .
في الكافي والمعاني عن الصادق عليه السلام قال إذا وقعت على الأرض فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر قال القانع الذي يرضى بما أعطيته ولا يسخط ولا يكلح ولا يلوي شدقه غضبا والمعتر المار بك لتطعمه .
في المعاني عنه عليه السلام أطعم أهلك ثلثا وأطعم القانع ثلثاً وأطعم المسكين ثلثاً قيل المسكين هو السائل قال نعم والقانع يقنع بما أرسلت إليه من البضعة فما فوقها والمعتر يعتريك لا يسألك .
وفي المجمع عنهم عليهم السلام إنه ينبغي أن يطعم ثلثه ويعطي القانع والمعتر ثلثه ويهدي لأصدقائه الثلث الباقي كذلك سخرناها لكم مع عظمها وقوتها حتى تأخذونها منقادة فتعقلونها وتحبسونها صافة قوائمها ثم تطعنون في لبّاتها لعلكم تشكرون انعامنا عليكم بالتقرب والأخلاص .
( 37 ) لن ينال الله لن يصيب رضاه ولا يقع منه موقع القبول لحومها المتصدق بها ولا دماؤها المهراقة بالنحر من حيث إنها لحوم ودماء ولكن يناله التقوى منكم لن يصيبه ما يصحبه من تقوى قلوبكم التي تدعوكم إلى أمر الله وتعظيمه والتقرب إليه


( 380 )

والأخلاص له .
في الجوامع روي أن في الجاهلية كانوا إذا نحروا لطخوا البيت بالدم فلما حج المسلمون أرادوا مثل ذلك فنزلت .
وفي العلل عن الصادق عليه السلام إنه سئل ما علة الاضحية قال إنه يغفر لصاحبها عند أول قطرة تقطر من دمها إلى الأرض وليعلم الله عز وجل من يتقيه بالغيب قال الله عز وجل لن ينال الله لحومها الآية ثم قال انظر كيف قبل الله قربان هابيل ورد قربان قابيل كذلك سخرها لكم كرره تذكيرا للنعمة وتعليلا له بما بعده لتكبروا الله لتعرفوا عظمته باقتداره على ما لا يقدر عليه غيره فتوحدوه بالكبرياء .
والقمي قال التكبير أيام التشريق في الصلوات بمنى في عقيب خمس عشرة صلاة وفي الأمصار عقيب عشر صلوات على ما هداكم أرشدكم إلى طريق تسخيرها وكيفية التقرب بها وبشر المحسنين المخلصون فيما يأتونه ويدرونه .
( 38 ) إن الله يدافع عن الذين آمنوا غائلة المشركين وقرء يدفع إن الله لا يحب كل خوان في أمانة الله كفور لنعمته كمن يتقرب إلى الأصنام بذبيحته .
( 39 ) أذن رخص وقريء بفتح الهمزة أي الله للذين يقاتلون المشركين أي في القتال حذف لدلالته عليه وقريء بفتح التاء أي للذين يقاتلهم المشركون بأنهم ظلموا بسبب أنهم ظلموا .
في المجمع عن الباقر عليه السلام لم يؤمر رسول الله صلى الله عليه وآله بقتال ولا اذن له فيه حتى نزل جبرئيل عليه السلام بهذه الآية وقلده سيفا وفيه وكان المشركون يؤذون المسلمين ولا يزال يجيء مشجوج ولا مضروب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله ويشكون ذلك إليه فيقول لهم اصبروا فإني لم أومر بالقتال حتى هاجر فأنزل الله عليه هذه الآية بالمدينة وهي أول آية نزلت في القتال .
والقمي قال نزلت في عليّ وجعفر وحمزة ثم جرت .
وعن الصادق عليه السلام إن العامة يقولون نزلت في رسول الله صلى الله عليه