تفسير الصافي ج 3 ص 421 الى ص 440
عليه وآله من غزوة تبوك جاء إليه عويمر بن ساعدة العجلاني وكان من الأنصار فقال يا رسول الله إن إمرأتي زنى بها شريك بن سمحا وهي منه حامل فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وآله فأعاد عليه القول فأعرض عنه حتى فعل ذلك أربع مرات فدخل رسول الله صلى الله عليه وآله منزله فنزل عليه آية اللعان وخرج رسول الله وصلى بالناس العصر وقال لعويمر إيتني بأهلك فقد أنزل الله فيكما قرآنا فجاء إليها فقال الزوج لها رسول الله صلى الله عليه وآله يدعوك وكانت في شرف من قومها فجاء معها جماعة فلما دخلت المسجد قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعويمر تقدم إلى المنبر والتعنا فقال كيف أصنع فقال تقدم وقل أشهد بالله إني إذا لمن الصادقين فيما رميتها به فتقدم وقالها فقال رسول الله صلى الله عليه وآله أعدها فأعادها ثم قال أعدها فأعادها حتى فعل ذلك أربع مرات فقال له في الخامسة عليك لعنة الله إن كنت من الكاذبين فيما رميتها به فقال في الخامسة إن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين فيما رماها به ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله إن اللعنة موجبة إن كنت كاذبا ثم قال له تنح فتنحى ثم قال لزوجته تشهدين كما شهد وإلا أقمت عليك حد الله فنظرت في وجوه قومها فقالت لا اسود هذه الوجوه في هذه العشية فتقدمت إلى المنبر وقالت أشهد بالله إن عويمر بن ساعدة من الكاذبين فيما رماني به فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله أعيديها فأعادتها حتى أعادتها أربع مرات فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله إلعني نفسك في الخامسة إن كان من الصادقين فيما رماك به فقالت في الخامسة إن غضب الله عليها إن كان من الصادقين فيما رماني به فقال رسول الله صلى الله عليه وآله ويلك إنها موجبة لك ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله لزوجها إذهب فلا تحل لك أبدا قال يا رسول الله فمالي الذي أعطيتها قال إن كنت كاذبا فهو أبعد لك منه وإن كنت صادقا فهو لها بما استحللت من فرجها ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله إن جاءت بالولد أحمش الساقين أنفس العينين جعد قطط فهو للأمر السيّء وإن جاءت به أشهل وأصهب فهو لأبيه فيقال إنها جاءت به على الأمر السيّء فهذه لا تحل لزوجها وإن جاءت بولد لا يرثه أبوه وميراثه لامه وإن لم يكن له ام فلأخواله وإن قذفه أحد جلد حد القاذف .


( 422 )

وفي العوالي روي إن هلال بن امية قذف زوجته بشريك بن السمحا فقال النبي صلى الله عليه وآله البينة وإلا حد في ظهرك فقال يا رسول الله يجد أحدنا مع إمرأته رجلا يلتمس البينة فجعل رسول الله صلى الله عليه وآله يقول البينة وإلا حد في ظهرك فقال والذي بعثك بالحق إنني لصادق وسينزل الله ما يبرىء ظهري من الجلد فنزل قوله تعالى والذين يرمون أزواجهم الآية .
وفي الكافي عن الصادق عليه السلام إذا قذف الرجل إمرأته فإنه لا يلاعنها حتى يقول رأيت بين رجليها رجلا يزني بها .
وعن الباقر عليه السلام يجلس الأمام مستدبر القبلة فيقيمها بين يديه مستقبل القبلة بحذاه ويبدأ بالرجل ثم المرأة .
وفي رواية ويجعل الرجل عن يمينه والمرأة عن يساره .
وعن الصادق عليه السلام في رجل أوقفه الأمام للعان فشهد شهادتين ثم نكل فأكذب نفسه قبل أن يفرغ من اللعان قال يجلد جلد القاذف ولا يفرق بينه وبين إمرأته .
وعن الجواد عليه السلام إنه قيل له كيف صار إذا قذف الرجل امرأته كانت شهادته أربع شهادات بالله وإذا قذفها غيره أب أو أخ أو ولد أو قريب جلد الحد ويقيم البينة على ما قال فقال قد سئل جعفر عليه السلام عن ذلك فقال إن الزوج إذا قذف إمرأته فقال رأيت ذلك بعيني كانت شهادته أربع شهادات بالله وإذا قال إنه لم يره قيل له أقم البينة على ما قلت وإلا كان بمنزلة غيره وذلك إن الله جعل للزوج مدخلا لم يجعله لغيره من والد ولا ولد يدخله بالليل والنهار فجاز له أن يقول رأيت ولو قال غيره رأيت قيل له وما أدخلك بالمدخل الذي ترى هذا فيه وحدك أنت متهم فلابد أن يقام عليك الحد الذي أوجبه الله عليك قال وإنما صارت شهادة الزوج أربع شهادات لمكان الأربعة شهداء مكان كل شاهد يمين .
وفي العلل عن الصادق عليه السلام إنه سئل لم يجعل في الزنا أربعة شهود


( 423 )

وفي القتل شاهدان فقال إن الله عز وجل حل لكم المتعة وعلم أنها ستنكر عليكم فجعل الأربعة الشهود إحتياطا لكم لولا ذلك لاتى عليكم وقلما يجتمع أربعة على شهادة بأمر واحد .
وفي رواية اخرى قال عليه السلام الزنا فيه حدان ولا يجوز أن يشهد كل إثنين على واحد لأن الرجل والمرأة جميعا عليهما الحد والقتل إنما يقام الحد على القاتل ويدفع عن المقتول .
( 10 ) ولولا فضل الله عليكم ورحمته وأن الله تواب حكيم لفضحكم وعاجلكم بالعقوبة حذف الجواب لتعظيمه .
( 11 ) إن الذين جاؤوا بالافك بأبلغ ما يكون من الكذب عصبة منكم جماعة منكم لا تحسبوه شرا لكم إستيناف والهاء للأفك بل هو خير لكم لأكتسابكم به الثواب العظيم لكل امرئ منهم ما اكتسب من الاثم بقدر ما خاض فيه والذي تولى كبره معظمه منهم من الخائضين له عذاب عظيم .
في الجوامع وكان سبب الأفك إن عايشة ضاع عقدها في غزوة بني المصطلق وكانت قد خرجت لقضاء حاجة فرجعت طالبة له وحمل هودجها على بعيرها ظنا منهم إنها فيها فلما عادت إلى الموضع وجدتهم قد رحلوا وكان صفوان من وراء الجيش فلما وصل إلى ذلك الموضع وعرفها أناخ بعيره حتى ركبته وهو يسوقه حتى أتى الجيش وقد نزلوا في قائم الظهيرة . ,
قال كذا رواه الزهري عن عايشة .
والقمي روت العامة إنها نزلت في عايشة وما رميت به في غزوة بني المصطلق من خزاعة .
وأما الخاصة فإنهم رووا إنها نزلت في مارية القبطية وما رمتها به عايشة .
ثم روي عن الباقر عليه السلام قال لما مات إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وآله حزن عليه رسول الله صلى الله عليه وآله حزنا شديدا فقالت له عايشة ما
( 424 )

الذي يحزنك عليه فما هو إلا ابن جريح فبعث رسول الله صلى الله عليه وآله عليا عليه السلام وأمره بقتله فذهب عليّ عليه السلام إليه ومعه السيف وكان جريح القبطي في حايط فضرب عليّ باب البستان فأقبل إليه جريح ليفتح له الباب فلما رأى عليا عرف في وجهه الغضب فأدبر راجعا ولم يفتح باب البستان فوثب عليّ على الحائط ونزل إلى البستان واتبعه وولى جريح مدبرا فلما خشي أن يرهقه صعد في نخلة وصعد عليّ في أثره فلما دنا منه رمى بنفسه من فوق النخلة فبدت عورته فإذا ليس له ما للرجال ولا له ما للنساء فانصرف عليّ إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال له يا رسول الله إذا بعثتني في الأمر أكون فيه كالمسمار المحمي في الوبر أمضي على ذلك أم أثبت قال لا بل تثبت قال والذي بعثك بالحق ماله ما للرجال ولا له ما للنساء فقال الحمد لله الذي صرف عنا السوء أهل البيت وهذه الرواية أوردها القمي بعبارة اخرى في سورة الحجرات عند قوله تعالى إن جائكم فاسق بنبإ فَتَبَيّنوا او زاد فاتى به رسول الله صلى الله عليه وآله فقال له ما شأنك يا جريح فقال يا رسول لله إن القبط يحبون حشمهم ومن يدخل إلى أهاليهم والقبطيون لا يأنسون إلا بالقبطيين فبعثني أبوها لأدخل إليها وأخدمها واونسها .
أقول : إن صح هذا الخبر فلعلّه صلى الله عليه وآله إنما بعث عليا إلى جريح ليظهر الحق ويصرف السوء وكان قد علم أنه لا يقتله ولم يكن يأمر بقتله بمجرد قول عايشة .
يدل على هذا ما رواه القمي في سورة الحجرات عن الصادق عليه السلام إنه سئل كان رسول الله صلى الله عليه وآله أمر بقتل القبطيّ وقد علم أنها قد كذبت عليه أو لم يعلم وأنما دفع الله عن القبطي القتل بتثبت عليّ عليه السلام فقال بلى قد كان والله علم ولو كانت عزيمة من رسول الله صلى الله عليه وآله القتل ما رجع علي عليه السلام حتى يقتله ولكن إنما فعل رسول الله صلى الله عليه وآله لترجع عن ذنبها فما رجعت ولا اشتد عليها قتل رجل مسلم بكذبها .
( 12 ) لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا وقالوا هذا إفك مبين كما يقول المستيقن المطلع على الحال وإنما عدل فيه من الخطاب إلى


( 425 )

الغيبة مبالغة في التوبيخ وإشعارا بأن الأيمان يقتضي ظن الخير بالمؤمنين والكف عن الطعن فيهم وذب الطاعنين عنهم كما يذبونهم عن أنفسهم .
( 13 ) لولا جاؤوا عليه بأربعة شهداء فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون قيل إستيناف أو هو من جملة المقول تقريرا لكونه كذبا فإن ما لا حجة عليه مكذب عند الله أي في حكمه ولذلك رتب عليه الحد .
( 14 ) ولولا فضل الله عليكم ورحمته في الدنيا والآخرة ولولا هذه لأمتناع الشيء لوجود غيره والمعنى ولولا فضل الله عليكم في الدنيا بأنواع النعم التي من جملتها الأمهار للتوبة ورحمته في الآخرة بالعفو والمغفرة المقدرين لكم لمسكم عاجلا في ما أفضتم فيه خضتم فيه عذاب عظيم يستحقر دونه اللوم والجلد .
( 15 ) إذ تلقونه بألسنتكم يأخذه بعضكم عن بعض بالسؤال عنه وتقولون بأفواهكم بلا مساعدة من القلوب ما ليس لكم به علم وتحسبونه هينا سهلا لا تبعة له وهو عند الله عظيم في الوزر واستحرار العذاب فهذه ثلاثة آثام مترتبة علق بها مس العذاب العظيم .
( 16 ) ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا ما ينبغي وما يصح لنا أن نتكلم بهذا سبحانك تعجب ممن يقول ذلك فإن الله ينزه عند كل متعجب من أن يصعب عليه أو تنزيه لله من أن يكون حرمة نبيه صلى الله عليه وآله فاجرة فإن فجورها تنفير عنه بخلاف كفرها هذا بهتان عظيم لعظمته المبهوت عليه .
( 17 ) يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا إن كنتم مؤمنين فإن الأيمان يمنع عنه وفيه تهييج وتقريع .
( 18 ) ويبين الله لكم الآيات الدالة على الشرايع ومحاسن الاداب كي تتعظوا وتتأدبوا والله عليم بالأحوال كلها حكيم في تدابيره .
( 19 ) إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون .


( 426 )

في الكافي والأمالي والقمي عن الصادق عليه السلام قال من قال في مؤمن ما رأته عيناه وسمعته اذناه فهو من الذين قال الله عز وجل إن الذين يحبون الآية .
وفي الكافي عن الكاظم عليه السلام إنه قيل له الرجل من إخواني بلغني عنه الشيء الذي أكرهه فأسئله عنه فينكر ذلك وقد أخبرني عنه قوم ثقات فقال كذب سمعك وبصرك عن أخيك وإن شهد عندك خمسون قسامة وقال لك قولا فصدقه وكذبهم ولا تذيعن عليه شيئا تشينه به وتهدم به مروته فتكون من الذين قال الله تعالى إن الذين يحبون الآية وعن الصادق عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله من أذاع فاحشة كان كمبتديها .
( 20 ) ولو لا فضل الله عليكم ورحمته تكرير للمنة بترك المعاجلة بالعقاب للدلالة على عظم الجريمة وحذف الجواب للأستغناء عنه بذكره مرة وأن الله لرؤف رحيم حيث لم يعاجلكم بالعقوبة .
( 21 ) يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان بإشاعة الفاحشة .
وفي المجمع عن علي عليه السلام خطأت بالهمزة ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر الفحشاء ما أفرط في قبحه والمنكر ما أنكره الشرع والعقل ولو لا فضل الله عليكم ورحمته بتوفيق التوبة الماحية للذنوب وشرع الحدود المكفرة لها ما زكى ما طهر من دنسها منكم من أحد أبدا اخر الدهر ولكن الله يزكي من يشاء بحمله على التوبة وقبولها والله سميع لمقالتهم عليم بنياتهم .
( 22 ) ولا يأتل ولا يحلف من الالية على وزن فعيلة بمعنى اليمين أو ولا يقصر من الألو أولوا الفضل الغني منكم والسعة في المال أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله في الجوامع قيل نزلت في جماعة من الصحابة حلفوا ألا يتصدقوا على من تكلم بشيء من الأفك ولا يواسوهم وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم .
القمي عن الباقر عليه السلام أولو القربى هم قرابة رسول الله صلى الله عليه


( 427 )

وآله يقول يعفو بعضكم عن بعض ويصفح بعضكم بعضا فإذا فعلتم كانت رحمة من الله لكم يقول الله ألا تحبون الآية .
وفي المجمع عن النبي صلى الله عليه وآله ولتعفوا ولتصفحوا بالتاء كما روي بالياء أيضا وفي المناقب ما سبق عند تفسير ولدينا كتاب ينطق بالحق من سورة المؤمنين .
( 23 ) إن الذين يرمون المحصنات الغافلات مما قذفن به المؤمنات بالله ورسوله لعنوا في الدنيا والآخرة كما طعنوا فيهن ولهم عذاب عظيم لعظم ذنوبهم .
( 24 ) يوم تشهد عليهم قرء بالياء ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون بانطاق الله إياها بغير إختيارهم .
( 25 ) يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق جزاءهم المستحق ويعلمون لمعاينتهم الأمر أن الله هو الحق المبين العادل الظاهر الذي لا ظلم في حكمه .
في الكافي عن الباقر عليه السلام ليست تشهد الجوارح على مؤمن إنما تشهد على من حقت عليه كلمة العذاب وقد مضى تمام الحديث في هذه السورة .
( 26 ) الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات في المجمع عنهما عليهما السلام الخبيثات من النساء للخبيثين من الرجال والخبيثون من الرجال للخبيثات من النساء والطيبات من النساء للطيبين من الرجال والطيبون من الرجال للطيبات من النساء قالا هي مثل قوله الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة إلا أن اناسا هموا أن يتزوجوا منهن فنهاهم الله عن ذلك وكره ذلك لهم وقيل الخبيثات والطيبات من الأقوال والكلم والقمي يقول الخبيثات من الكلام والعمل للخبيثين من الرجال والنساء يسلمونهم ويصدق عليهم من قال والطيبون من الرجال والنساء للطيبات من الكلام والعمل وقد مر ما يقرب من هذا في سورة الأنفال في تفسير هذه الآية .
وفي الأحتجاج عن الحسن المجتبى عليه السلام وقد قام من مجلس معاوية


( 428 )

وأصحابه وقد ألقمهم الحجر الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات هم والله يا معاوية أنت وأصحابك هؤلاء وشيعتك والطيبات للطيبين إلى آخر الآية هم علي بن أبي طالب عليه السلام وأصحابه وشيعته أولئك يعني الطيبين والطيبات على الأول والطيبين على الأخير مبرؤن مما يقولون فيهم أو من أن يقولوا مثل قولهم لهم مغفرة ورزق كريم .
( 27 ) يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم التي تسكنونها حتى تستأنسوا تستأذنوا من الأستيناس بمعنى الأستعلام من انس الشيء إذا أبصره فإن المستأذن مستعلم للحال مستكشف هل يراد دخوله أو من الأستيناس الذي هو خلاف الاستيحاش فإن المستأذن مستوحش خائف أن لا يؤذن له وتسلموا على أهلها بأن تقولوا السلام عليكم أأدخل .
في المجمع عن النبي صلى الله عليه وآله إن رجلا إستأذن عليه فتنحنح فقال صلى الله عليه وآله لأمرأة يقال لها روضة قومي إلى هذا فعلميه وقولي له قل السلام عليكم ءأدخل فسمعها الرجل فقالها فقال ادخل .
وعنه عليه السلام إنه سئل ما الأستيناس فقال يتكلم الرجل بالتسبيحة والتحميدة والتكبيرة ويتنحنح على أهل البيت .
وفي المعاني والقمي عن الصادق عليه السلام إنه سئل عن هذه الآية فقال الأستيناس وقع النعل والتسليم .
وفي الكافي عنه عليه السلام يستأذن الرجل إذا دخل على أبيه ولا يستأذن الأب على الأبن ويستأذن الرجل على إبنته واخته إذا كانتا متزوجتين .
وفي المجمع إن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وآله أستأذن على امي قال نعم قال إنها ليس لها خادم غيري أفأستأذن عليها كلما دخلت قال أتحب أن تراها عريانة قال الرجل لا قال فاستأذن عليها .
وفي الفقيه عنه عليه السلام إنما الأذن على البيوت ليس على الدار إذن ذلكم


( 429 )

خير لكم أي الأستيذان والتسليم خير لكم من أن تدخلوا بغتة لعلكم تذكرون قيل لكم هذا إرادة أن تذكروا وتعملوا بما هو أصلح لكم .
( 28 ) فإن لم تجدوا فيها أحدا يأذن لكم فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا ولا تلحوا هو أزكى لكم والله بما تعملون عليم .
( 29 ) ليس عليكم جناح أن تدخلوا بيوتا غير مسكونة فيها متاع لكم إستمتاع لكم كالأستكنان من الحر والبرد وإيواء الرجال والجلوس للمعاملة .
القمي عن الصادق عليه السلام هي الحمامات والخانات والأرحية تدخلها بغير إذن والله يعلم ما تبدون وما تكتمون وعيد لمن دخل مدخلا لفساد أو تطلع على عورة .
( 30 ) قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم أي ما يكون نحو محرم ويحفظوا فروجهم أي من النظر المحرم ذلك أزكى لهم أطهر لما فيه من البعد عن الريبة إن الله خبير بما يصنعون .
( 31 ) وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن .
القمي عن الصادق عليه السلام كل آية في القرآن في ذكر الفروج فهي من الزنا إلا هذه الآية فإنها من النظر فلا يحل لرجل مؤمن أن ينظر إلى فرج أخيه ولا يحل للمرأة أن تنظر إلى فرج اختها .
وفي الكافي عنه عليه السلام في حديث يذكر فيه فرض الأيمان على الجوارح وفرض على البصر أن لا ينظر إلى ما حرم الله عليه وأن يعرض عما نهى الله عنه مما لا يحل له وهو من الأيمان فقال تبارك وتعالى قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم فنهاهم عن أن ينظروا إلى عوراتهم وأن ينظر المرء إلى فرج أخيه ويحفظ فرجه أن ينظر إليه وقال وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن من أن تنظر إحداهن إلى فرج أختها وتحفظ فرجها من أن ينظر إليها وقال كل شيء في القرآن من حفظ الفرج فهو من الزنا إلا هذه الآية فإنها من النظر .


( 430 )

وعن الباقر عليه السلام قال إستقبل شاب من الأنصار إمرأة بالمدينة وكانت النساء يتقنعن خلف آذانهن فنظر إليها وهي مقبلة فلما جازت نظر إليها ودخل في زقاق قد سماه ببني فلان فجعل ينظر خلفها واعترض وجهه عظم في الحائط أو زجاجة فشق وجهه فلما مضت المرأة نظر فإذا الدماء تسيل على ثوبه وصدره فقال والله لآتين رسول الله صلى الله عليه وآله ولأخبرنه قال فأتاه فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وآله قال له ما هذا فأخبره فهبط جبرئيل بهذه الآية ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها .
في الكافي عن الصادق عليه السلام في قوله تعالى إلا ما ظهر منها قال الزينة الظاهرة الكحل والخاتم وفي رواية الخاتم والمسكة وهي القلب .
أقول : القلب بالضم السوار .
في الجوامع عنهم عليهم السلام الكفان والأصابع .
والقمي عن الباقر عليه السلام في هذه الآية قال هي الثياب والكحل والخاتم وخضاب الكف والسوار والزينة ثلاث زينة للناس وزينة للمحرم وزينة للزوج فأما زينة الناس فقد ذكرناها وأما زينة المحرم فموضع القلادة فما فوقها والدملج وما دونه والخلخال وما أسفل منه وأما زينة الزوج فالجسد كله .
وفي المجمع عن النبي صلى الله عليه وآله قال للزوج ما تحت الدرع وللابن والاخ ما فوق الدرع ولغير ذي محرم أربعة أثواب درع وخمار وجلباب وإزار .
وفي الكافي عن الصادق عليه السلام إنه سئل ما يحل للرجل أن يرى من المرأة إذا لم يكن محرما قال الوجه والكفان والقدمان وعنه عليه السلام لا بأس بالنظر إلى رؤوس أهل تهامة والأعراب وأهل السواد والعلوج لأنهم إذا نهوا لا ينتهون قال والمجنونة والمغلوب على عقلها ولا بأس بالنظر إلى شعرها وجسدها ما لم يتعمد ذلك .
وعنه عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله لا حرمة لنساء أهل الذمة أن ينظر إلى شعورهن وأيديهن وعنه عليه السلام إنه سئل عن الرجل يريد أن


( 431 )

يتزوج المرأة يتأملها وينظر إلى خلفها وإلى وجهها قال لا بأس وفي رواية لا بأس أن ينظر إلى وجهها ومعاصمها إذا أراد أن يتزوجها .
أقول : المعصم كمنبر بكسر الميم موضع السوار وفي رواية اخرى ينظر إلى شعرها ومحاسنها إذا لم يكن متلذذا وفي اخرى إنما يشتريها بأغلى الثمن .
وفي الخصال قال النبي صلى الله عليه وآله لأمير المؤمنين عليه السلام يا علي أول نظرة لك والثانية عليك لا لك وفي رواية لكم أول نظرة من المرأة فلا تسحبوها بنظرة اخرى واحذروا الفتنة وليضربن بخمرهن على جيوبهن سترا لأعناقهن ولا يبدين زينتهن كرره لبيان من يحل له الابداء ومن لا يحل إلا لبعولتهن فأنهم المقصودون بالزينة ولهم أن ينظروا إلى جميع جسدهن كما مر أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن قد سبق مالهم أن ينظروا إليه منها .
وفي الكافي عن الصادق عليه السلام إنه سئل عن الذراعين من المرأة هما من الزينة التي قال الله تعالى ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن قال نعم وما دون الخمار من الزينة وما دون السوارين أو نسائهن يعني النساء المؤمنات .
وفي الكافي والفقيه عن الصادق عليه السلام قال لا ينبغي للمرأة أن تنكشف بين اليهودية والنصرانية فإنهن يصفن ذلك لأزواجهن أو ما ملكت أيمانهن يعني العبيد والأماء كذا .
في المجمع عن الصادق عليه السلام وفي الكافي عنه عليه السلام في هذه الآية قال لا بأس أن يرى المملوك الشعر والساق وفي رواية شعر مولاته وساقها وفي اخرى لا بأس أن ينظر إلى شعرها إذا كان مأمونا .
وعنه عليه السلام لا يحل للمرأة أن ينظر عبدها إلى شيء من جسدها إلا إلى شعرها غير متعمد لذلك أو التابعين غير أولي الاربة أي أولي الحاجة إلى النساء والأربة العقل وجودة الرأي وقريء غير بالنصب من الرجال .


( 432 )

القمي هو الشيخ الفاني الذي لا حاجة له إلى النساء . وفي الكافي عن الباقر عليه السلام قال هو الأحمق الذي لا يأتي النساء وعن الصادق عليه السلام الأحمق المولى عليه الذي لا يأتي النساء .
وفي المجمع عنه عليه السلام إن التابع الذي يتبعك لينال من طعامك ولا حاجة له في النساء وهو الأبله المولى عليه .
وفي الكافي عن الكاظم عليه السلام إنه سئل عن الرجل يكون له الخصّى يدخل على نسائه فيناولهن الوضوء فيرى شعورهن قال لا أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء لعدم تميزهم من الظهور بمعنى الأطلاع أو لعدم بلوغهم حد الشهوة من الظهور بمعنى الغلبة ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن ليتقعقع خلخالها فيعلم إنها ذات خلخال فإن ذلك يورث ميلا في الرجال وتوبوا إلى الله جميعا أيه المؤمنون إذ لا يكاد يخلو أحد منكم من تفريط سيما في الكف عن الشهوات وقرء أيه بضم الهاء لعلكم تفلحون بسعادة الدارين .
( 32 ) وانكحوا الايامى منكم هي مقلوب أيايم جمع أيم وهو العزب ذكرا كان أو انثى بكرا كان أو ثيبا والصالحين من عبادكم وإمائكم قيل خص الصالحين لأن إحصان دينهم أهم وقيل بل المراد الصالحون للنكاح إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله رد لما عسى أن يمنع من النكاح والله واسع ذو سعة لا تنفذ نعمه عليم يبسط الرزق ويقدر على ما يقتضيه حكمته .
في الكافي عن الصادق عن أبيه عن آبائه عليهم السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله من ترك التزويج مخافة العيلة فقد أساء ظنه بالله عز وجل إن الله عز وجل يقول إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله .
وعنه عليه السلام جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله فشكا إليه الحاجة فقال تزوج فوسع عليه .
( 33 ) وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا أسبابه حتى يغنيهم الله من فضله المشهور


( 433 )

في تفسيرها ليجتهدوا في قمع الشهوة وطلب العفة بالرياضة لتسكين شهوتهم .
كما قال النبي صلى الله عليه وآله يا معشر الشبان من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء .
أقول : الباءة الجماع والوجاء إن ترض أنثيا الفحل رضا شديدا يذهب بشهوة الجماع أراد أن الصوم يقطع النكاح كما يقطعه الوجاء قيل الآية الاولى وردت للنهي عن رد المؤمن وترك تزويج المؤمنة والثانية لأمر الفقير بالصبر على ترك النكاح حذرا من تعبه حالة الزواج فلا تناقض .
أقول : بل الأولى حمل الاول على عموم النهي عن تركه مخافة الفقر اللاحق كما دل عليه حديث مخافة العيلة وحمل الثانية على الأمر بالأستعفاف للفقر الحاضر المانع خاصة .
وفي الكافي عن الصادق عليه السلام في الآية الثانية قال يتزوجون حتى يغنيهم الله من فضله ولعل معناه إنهم يطلبون العفة بالتزويج والأحصان ليصيروا أغنياء وعلى هذا فالآيتان متوافقتان في المعنى إلا أن هذا التفسير لا يلايم عدم الوجدان إلا بتكلف ويمكن أن يكون لفظة لأسقطت من صدر الحديث والعلم عند الله والذين يبتغون الكتاب المكاتبة وهي أن يقول الرجل لمملوكه كاتبتك على كذا أي كتبت على نفسي عتقك إذا أديت كذا من المال مما ملكت أيمانكم عبدا كان أو أمة فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا .
في الكافي والتهذيب عن الصادق عليه السلام إن علمتم لهم مالا وفي رواية دينا ومالا .
وفي الفقيه عنه عليه السلام والخير أن يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله ويكون بيده عمل يكتسب به أو يكون له حرفة وفي الكافي عنه عليه السلام سئل عن العبد يكاتبه مولاه وهو يعلم أنه ليس له قليل ولا كثير قال يكاتبه وإن كان يسأل الناس ولا يمنعه المكاتبة من أجل أن ليس له مال فإن الله يرزق العباد بعضهم من بعض والمؤمن معان وآتوهم من مال الله الذي آتاكم أعطوهم مما


( 434 )

كاتبتموهم به شيئا .
في الكافي عن الصادق عليه السلام تضع من نجومه التي لم تكن تريد أن تنقصه ولا تزيد فوق ما في نفسك فقيل كم فقال وضع أبو جعفر عن مملوك ألفا من ستة آلاف .
وعنه عليه السلام لا تقول اكاتبه بخمسة آلاف وأترك له ألفا ولكن انظر إلى الذي أضمرت عليه فأعطه ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء على الزنا إن أردن تحصنا تعففا شرط للأكراه فإنه لا يوجد بدونه وإن جعل شرطا للنهي لم يلزمه من عدمه جواز الأكراه لجواز أن يكون إرتفاع النهي بامتناع المنهي عنه لتبتغوا عرض الحياة الدنيا .
القمي كانت العرب وقريش يشترون الأماء ويضعون عليهم الضريبة الثقيلة ويقولون إذهبوا وازنوا واكتسبوا فنهاهم الله عن ذلك ومن يكرههن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم وقرء من بعد إكراههن لهن غفور رحيم .
ونسبه في المجمع إلى الصادق عليه السلام القمي أي لا يؤاخذهن الله بذلك إذا اكرهن عليه .
وعن الباقر عليه السلام هذه الآية منسوخة نسختها فإن أتين بفاحشة فَعَلَيهُنّ نصف ما على المحصنات من العذاب .
( 34 ) ولقد أنزلنا إليكم آيات مبينات ومثلا وقصة عجيبة من الذين من أمثال الذين خلوا من قبلكم وموعظة للمتقين خصهم بها لأنهم المنتفعون .
( 35 ) الله نور السماوات والارض الظاهر بنفسه المظهر لهما بما فيهما .
وفي التوحيد عن الرضا عليه السلام هاد لأهل السماء وهاد لأهل الأرض قال وفي رواية البرقي هدى من في السماوات وهدى من في الأرض مثل نوره صفة نوره العجيبة الشأن كمشكاة كصفة مشكاة وهي الكوة غير النافذة فيها مصباح سراج ضخم ثاقب المصباح في زجاجة في قنديل من الزجاج الزجاجة كأنها كوكب دريّ مضيء متلألأ منسوب إلى الدر وقرء بالهمزة وبضم الدال وكسرها من الدرء كأنه يدفع الظلام


( 435 )

بضوئه يُوقَدْ المصباح وقريء بالتاء على إسناده إلى الزجاجة بحذف المضاف أي مصباحها وبفتح التاء والدال وتشديد القاف من شجرة مباركة زيتونة إبتدء ثقوب المصباح من شجرة الزيتون المتكاثر نفعه بأن رويت زبالته بزيتها لا شرقية ولا غربية تقع الشمس عليها حينا دون حين بل بحيث يقع عليها طول النهار فإن ثمرتها تكون أنضج وزيتها أصفى يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار أي يكاد يضيء بنفسه من غير نار لتلألئه وفرط وميضه نور على نور نور متضاعف فإن نور المصباح زاد في إنارته صفاء الزيت وزهرة القنديل وضبط المشكاة لأشعته يهدي الله لنوره من يشآء أي لهذا النور الثاقب ويضرب الله الامثال للناس تقريب للمعقول إلى المحسوس توضيحا وبيانا والله بكل شيء عليم معقولا كان أو محسوسا .
في التوحيد عن الصادق عليه السلام هو مثل ضربه الله تعالى لنا وعنه عليه السلام الله نور السماوات والارض قال كذلك الله عز وجل مثل نوره قال محمد صلى الله عليه وآله كمشكاة قال صدر محمد صلى الله عليه وآله فيها مصباح قال فيه نور العلم يعني النبوة المصباح في زجاجة قال علم رسول الله صلى الله عليه وآله صدر إلى قلب علي عليه السلام الزجاجة كأنها قال كأنه كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية قال ذاك أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام لا يهودي ولا نصراني يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار قال يكاد العلم يخرج من فم العالم من آل محمد صلوات الله عليهم من قبل أن ينطق به نور على نور قال الأمام في أثر الأمام وفي معناه أخبار اخر .
وفي الكافي عن الباقر عليه السلام في حديث يقول أنا هادي السماوات والأرض مثل العلم الذي أعطيته وهو نوري الذي يهتدي به مثل المشكاة فيها المصباح فالمشكاة قلب محمد صلى الله عليه وآله والمصباح نوره الذي فيه العلم وقوله المصباح في زجاجة يقول إني اريد أن أقبضك فأجعل الذي عندك عند الوصي كما يجعل المصباح في الزجاجة كأنها كوكب دري فأعلمهم فضل الوصي يوقد من شجرة مباركة فأصل الشجرة المباركة إبراهيم عليه السلام وهو قول الله عز وجل رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد وهو قول الله إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل


( 436 )

إبراهيم وآل عمران على العالمين ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم لا شرقية ولا غربية يقول لستم بيهود فتصلوا قبل المغرب ولا نصارى فتصلوا قبل المشرق وأنتم على ملة إبراهيم عليه السلام وقد قال الله عز وجل ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين وقوله يكاد زيتها يضيء يقول مثل أولادكم الذين يولدون منكم مثل الزيت الذي يعصر من الزيتون يكادون أن يتكلموا بالنبوة ولو لم ينزل عليهم ملك .
والقمي عن الصادق عن أبيه عليهما السلام في هذه الآية الله نور السماوات والارض قال بدأ بنور نفسه مثل نوره مثل هداه في قلب المؤمن كمشكاة فيها مصباح المشكاة جوف المؤمن والقنديل قلبه والمصباح النور الذي جعله الله فيه توقد من شجرة مباركة قال الشجرة المؤمن زيتونة لا شرقية ولا غربية قال على سواء الجبل لا غربية أي لا شرق لها ولا شرقية أي لا غرب لها إذا طلعت الشمس طلعت عليها وإذا غربت غربت عليها يكاد زيتها يعني يكاد النور الذي جعله الله في قلبه يضيء وإن لم يتكلم نور على نور فريضة على فريضة وسنة على سنة يهدي الله لنوره من يشاء قال يهدي الله لفرائضه وسننه من يشاء ويضرب الله الأمثال للناس قال فهذا مثل ضربه الله للمؤمن قال فالمؤمن يتقلب في خمسة من النور مدخله نور ومخرجه نور وعلمه نور وكلامه نور ومصيره يوم القيامة إلى الجنة نور قال الراوي قلت لجعفر عليه السلام إنهم يقولون مثل نور الرب قال سبحان الله ليس لله مثل أما قال فلا تضربوا لله الامثال .
( 36 ) في بيوت أي كمشكاة في بعض بيوت أو توقد في بيوت أذن الله أن ترفع بالتعظيم ويذكر فيها اسمه .
في الكافي عن الصادق عليه السلام هي بيوت النبي صلى الله عليه وآله .
وفيه وفي الأكمال عن الباقر عليه السلام هي بيوتات الأنبياء والرسل والحكماء وأئمة الهدى .
والقمي عنه عليه السلام هي بيوت الأنبياء وبيت علي عليه السلام منها .


( 437 )

وفي الكافي عنه عليه السلام إن قتادة قال له والله لقد جلست بين يدي فقهاء وقدامهم فما اضطرب قلبي قدام واحد منهم ما اضطرب قدامك فقال له أتدري أين أنت بين يدي بيوت أذن الله أن ترفع إلى آخر الآية فأنت ثمة ونحن أولئك فقال له قتادة صدقت والله جعلني الله فداك والله ما هي بيوت حجارة ولا طين يسبح له فيها بالغدو والاصال وقرء بفتح الباء .
( 37 ) رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتآء الزكاة .
في الفقيه عن الصادق عليه السلام في هذه الآية قال كانوا أصحاب تجارة فإذا حضرت الصلاة تركوا التجارة وانطلقوا إلى الصلاة وهم أعظم أجرا ممن لا يتجر .
وفي المجمع عنهما عليهما السلام مثله .
وفي الكافي رفعه قال هم التجار الذين لاتلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله إذا دخل مواقيت الصلاة أدوا إلى الله حقه فيها .
وعن الصادق عليه السلام إنه سئل عن تاجر ما فعل فقيل صالح ولكنه قد ترك التجارة فقال عمل الشيطان ثلاثا أما علم أن رسول الله صلى الله عليه وآله إشترى عيرا أتت من الشام فاستفضل فيها ما قضى دينه وقسم في قرابته يقول الله عز وجل رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله الآية يقول القصاص إن القوم لم يكونوا يتجرون كذبوا ولكنهم لم يكونوا يدعون الصلاة في ميقاتها وهو أفضل ممن حضر الصلاة ولم يتجر يخافون يوما مع ما هم عليه من الشكر والطاعة تتقلب فيه القلوب والابصار وتتغير من الهول .
( 38 ) ليجزيهم الله أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضله أشياء لم يعدهم على أعمالهم ولا يخطر ببالهم والله يرزق من يشاء بغير حساب تقرير للزيادة وتنبيه على كمال القدرة ونفاذ المشيّة وسعة الأحسان .
( 39 ) والذين كفروا اعمالهم كسراب بقيعة بأرض مستوية يحسبه الظمآن ماء
( 438 )

حتى إذا جائه لم يجده شيئا مما ظنه ووجد الله عنده محاسبا إياه فوفاه حسابه والله سريع الحساب لا يشغله حساب عن حساب وقد سبق معناه .
روي أنها نزلت في عتبة بن ربيعة بن امية تعبد في الجاهلية والتمس الدين فلما جاء الأسلام كفر .
( 40 ) أو كظلمات عطف على كسراب واو للتحييز فإن أعمالهم لكونها لاغية لا منفعة لها كالسراب ولكونها خالية عن نور الحق كالظلمات المتراكمة من لج البحر والأمواج والسحاب أو للتنويع فإن أعمالهم إن كانت حسنة فكالسراب وإن كانت قبيحة فكالظلمات في بحر لجي عميق منسوب إلى اللجج وهو معظم الماء يغشاه يغشى البحر موج من فوقه موج أي أمواج مترادفة متراكمة من فوقه من فوق الموج الثاني سحاب غطى النجوم وحجب أنوارها ظلمات هذه ظلمات وقرء بالجر على ابدالها من الاولى أو بإضافة سحاب إليها بعضها فوق بعض إذا أخرج يده يعني من كان هناك لم يكد يراها لم يقرب أن يراها فضلا أن يريها ومن لم يجعل الله له نورا ومن لم يقدر له الهداية ولم يوفقه لأسبابها فما له من نور خلاف الموفق الذي له نور على نور .
وفي الكافي عن الصادق عليه السلام أو كظلمات قال الأول وصاحبه يغشاه موج الثالث من فوقه موج ظلمات الثاني بعضها فوق بعض معاوية لعنه الله وفتن بني امية إذا أخرج يده المؤمن في ظلمة فتنتهم لم يكد يريها ومن لم يجعل الله له نورا إماما من ولد فاطمة عليها السلام فما له من نور إمام يوم القيامة .
والقمي عنه عليه السلام أو كظلمات فلان وفلان في بحر لجي يغشاه موج يعني نعثل من فوقه موج طلحة والزبير بعضها فوق بعض معاوية ويزيد لعنهم الله وفتن بني امية إذا أخرج يده في ظلمة فتنتهم لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نورا يعني إماما من ولد فاطمة عليها السلام فما له من نور فماله من إمام يمشي بنوره كما في قوله تعالى يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم قال إنما المؤمنون يوم القيامة نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم حتى ينزلوا منازلهم من الجنان .


( 439 )

( 41 ) ألم تر أن الله يسبح له من في السماوات والارض والطير أيضا صافات واقفات في الجو مصطفات الأجنحة في الهواء كل قد علم صلاته وتسبيحه والله عليم بما يفعلون قال بعض أهل المعرفة خلق الله الخلق ليسبحوه فنطقهم بالتسبيح له والثناء عليه والسجود له فقال ألم تر أن الله يسبح له من في السماوات والارض والطير الآية وقال أيضا ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الارض والشمس والقمر والنجوم الآية وخاطب بهاتين الآيتين نبيه الذي أشهده ذلك وأراه فقال ألم تر ولم يقل الم تروا فإنا ما رأيناه فهو لنا إيمان ولمحمد صلى الله عليه وآله عيان فأشهده سجود كل شيء وتواضعه لله وكل من أشهده الله ذلك ورآه دخل تحت هذا الخطاب وهذا تسبيح فطري وسجود ذاتي ينشأ عن تجل تجلى لهم فأحبوه فانبعثوا إلى الثناء عليه من غير تكليف بل إقتضاء ذاتي وهذه هي العبادة الذاتية التي أقامهم الله فيها بحكم الأستحقاق الذي يستحقه قال وليس هذا التسبيح بلسان الحال كما يقوله أهل النظر ممن لا كشف له قال ونحن زدنا مع الأيمان بالأخبار الكشف فقد سمعنا الأحجار تذكر الله رؤية عين بلسان تسمعه آذاننا منها وتخاطبنا مخاطبة العارفين بجلال الله مما ليس يدركه كل إنسان .
أقول : قد سبق في سورتي النحل وبني إسرائيل زيادة بيان لهذا .
والقمي عن الصادق عليه السلام ما من طير يصاد في بر ولا بحر ولا يصاد شيء من الوحش إلا بتضييعه التسبيح .
وعن أمير المؤمنين عليه السلام إن لله ملكا في صورة الديك الأملح الأشهب براثنه في الأرضين السابعة وعرفه تحت العرش له جناحان جناح بالمشرق وجناح بالمغرب فأما الجناح الذي في المشرق فمن ثلج وأما الجناح الذي في المغرب فمن نار فكلما حضر وقت الصلاة قام على براثنه ورفع عرفه تحت العرش ثم أمال أحد جناحيه إلى الاخر يصفق بهما كما يصفق الديك في منازلكم فلا الذي في الثلج يطفيء النار ولا الذي من النار يذيب الثلج ثم ينادي بأعلى صوته أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله خاتم النبيين وأن وصيه خير الوصيين سبوح


( 440 )

قدوس رب الملائكة والروح فلا يبقى في الأرض ديك إلا أجابه وذلك قوله عز وجل والطير صافات كل قد علم صلاته وتسبيحه .
وفي التوحيد عنه عليه السلام مثله .
( 42 ) ولله ملك السماوات والارض وإلى الله المصير مرجع الجميع .
( 43 ) ألم تر أن الله يزجي يسوق سحابا ثم يؤلّف بينه بأن يكون قطعا فيضم بعضه إلى بعض ثم يجعله ركاما متراكبا بعضه الى بعض فترى الودق المطر يخرج من خلاله من فتوقه جمع خلل وينزل من السماء من الغمام فإن كل ما علاك فهو سماء من جبال من قطع عظام تشبه الجبال في عظمها وجمودها فيها من برد بيان للجبال فيصيب به بالبرد من يشاء ويصرفه عمّن يشاء .
في الكافي عن الصادق عن أبيه عن أمير المؤمنين عليهم السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله إن الله عز وجل جعل السحاب غرابيل للمطر هي تذيب البرد ماء لكيلا يضر شيئا يصيبه والذي ترون فيه من البرد والصواعق نقمة من الله عز وجل يصيب بها من يشاء من عباده وفيه عنه عليه السلام قال البرد لا يؤكل لأن الله تعالى يقول يصيب به من يشاء وفي الأهليلجية عنه عليه السلام في حديث يذكر فيه الرياح قال وبها يتألف المفترق وبهما يفترق الغمام المطبق حتى ينبسط في السماء كيف يشاء مدّبرة فيجعله كسفا فترى الودق يخرج من خلاله بقدر معلوم لمعاش مفهوم وأرزاق مقسومة وآجال مكتوبة .
وفي الفقيه عن الباقر عليه السلام في حديث يذكر فيه أنواع الرياح قال ومنها رياح تحبس السحاب بين السماء والأرض ورياح تعصر السحاب فتمطر بإذن الله ورياح تفرق السحاب يكاد سنا برقه ضوء برقه يذهب بالابصار بأبصار الناظرين إليه من فرط الأضاءة .
( 44 ) يقلب الله الليل والنهار بالمعاقبة بينهما ونقص أحدهما وزيادة الاخر وتغيير أحوالهما بالحر والبرد والظلمة والنور إن في ذلك فيما تقدم ذكره لعبرة لاولي الابصار .