(31) وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين كما جعلناه لك فاصبر كما صبروا وكفى بربك هاديا ونصيرا لك عليهم وقد سبق في المقدمة السادسة حديث من الإحتجاج فيه بيان لهذه الآية.
(32) وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن اي انزل عليه كخبر بمعنى اخبر لئلا يناقض قوله جملة واحدة دفعة واحدة كالكتب الثلاثة كذلك لنثبت به فؤادك اي كذلك انزلناه مفرقا لنقوي بتفريقه فؤادك على حفظه وفهمه ولأنه إذا انزل به جبرئيل حالا بعد حال يثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا وقرأناه عليك شيئا بعد شيء على تؤدة وتمهل في عشرين سنة.
(33) ولا يأتونك بمثل سؤال عجيب كأنه مثل في البطلان يريدون به القدح في نبوتك الا جئناك بالحق الدامغ له في جوابه واحسن تفسيرا وبما هو احسن بيانا ومعنى من سؤالهم.
(34) الذين يحشرون على وجوههم الى جهنم اولئك شر مكانا واضل سبيلا .
في المجمع عن النبي صلى الله عليه وآله انه سئل كيف يحشر الكافر على وجهه يوم القيامة قال ان الذي امشاه على رجليه قادر ان يمشيه على وجهه يوم القيامة.
(35) ولقد آتينا موسى الكتاب وجعلنا معه اخاه هارون وزيرا يؤازره في الدعوة واعلاء الكلمة.
(36) فقلنا اذهبا الى القوم الذين كذبوا باياتنا يعني فرعون وقومه فدمرناهم تدميرا اي فذهبا إليهم فكذبوهما فدمرناهم.
وفي المجمع عن امير المؤمنين عليه السلام فدمرانهم على التأكيد بالنون الثقيلة وفي روآية فدمراهم قال وهذا كأنه امر لموسى وهرون ان يدمراهم.
(37) وقوم نوح لما كذبوا الرسل اغرقناهم بالطوفان وجعلناهم للناس آية عبرة واعتدنا للظالمين عذابا اليما .
(38) وعادا وثمود وجعلنا عادا وثمود ايضا واصحاب الرس وقرونا واهل


(13)

اعصار بين ذلك كثيرا لا يعلمها الا الله.
(39) وكلا ضربنا له الامثال بينا له القصص العجيبة من قصص الأولين اعذارا وانذارا فلما اصروا اهلكوا كما قال وكلا تبرنا تتبيرا فتناه تفتينا ومنه التبر لفتات الذهب والفضة.
وفي المعاني والقمي عن الصادق عليه السلام يعني كسرنا تكسيرا وزاد القمي قال هي لفظة بالنبطية.
في العيون والعلل عن الرضا عن ابيه عن ابيه عن ابيه عن ابيه عن ابيه الحسين ابن علي عليه السلام قال اتى علي ابن ابي طالب عليه السلام قبل مقتله بثلاثة ايام رجل من اشراف تميم يقال له عمرو فقال يا امير المؤمنين اخبرني عن اصحاب الرس في اي عصر كانوا واين كانت منازلهم ومن كان ملكهم وهل بعث الله إليهم رسولا ام لا وبما إذا اهلكوا فاني اجد في كتاب الله تعالى ذكرهم ولا اجد خبرهم فقال علي عليه السلام لقد سئلت عن حديث ما سألني عنه احد قبلك ولا يحدثك به احد بعدي الا عني وما في كتاب الله تعالى آية الا وانا اعرفها واعرف تفسيرها وفي اي مكان نزلت من سهل أو جبل وفي اي وقت من ليل أو نهار وان هنا لعلما جما واشار الى صدره ولكن طلابه يسير وعن قليل تندمون لو فقدتموني كان من قصصهم يا اخا تميم انهم كانوا قوما يعبدون شجرة صنوبر يقال له شاه درخت كان يافث بن نوح غرسها على شفيرة عين يقال لها روشاب كانت انبتت لنوح بعد الطوفان وانما سموا اصحاب الرس لأنهم رسوا نبيهم في الارض وذلك بعد سليمان بن داود وكانت لهم اثنتا عشرة قرية على شاطئ نهر يقال له الرس من بلاد المشرق وبهم سمي ذلك النهر ولم يكن يومئذ في الأرض نهر اغزر منه ولا اعذب منه ولا قرى اكثر ولا اعمر منها تسمى احداهن ابان والثانية آذر والثالثة دي والرابعة بهمن والخامسة اسفندار والسادسة فروردين والسابعة اردي بهشت والثامنة خرداد والتاسعة مرداد والعاشرة تير والحادية عشر مهر والثانية عشر شهريور وكانت اعظم مداينهم اسفندار وهي التي ينزلها ملكهم وكان يسمى تركوذ بن غابور بن يارش بن سادن بن نمرود بن كنعان فرعون ابراهيم عليه السلام وبها


(14)

العين والصنوبرة وقد غرسوا في كل قرية منها حبة من طلع تلك الصنوبرة فنبتت الحبة وصارت شجرة عظيمة وحرموا ماء العين والانهار ولا يشربون منها ولا انعامهم ومن فعل ذلك قتلوه ويقولون هو حياة آلهتنا فلا ينبغي لأحد ان ينقص من حياتها ويشربون هم وانعامهم من نهر الرس الذي عليه قراهم وقد جعلوا في كل شهر من السنة في كل قرية عيدا يجتمع إليه اهلها فيضربون على الشجرة التي بها كلة من حرير فيها من انواع الصور ثم يأتون بشاة وبقر فيذبحونهما قربانا للشجرة ويشعلون فيها النيران بالحطب فإذا سطع دخان تلك الذبايح وقتارها في الهواء وحال بينهم وبين النظر الى السماء خروا سجدا للشجرة يبكون ويتضرعون إليها ان ترضى عنهم وكان الشيطان يجئ فيحرك اغصانها ويصيح من ساقها صياح الصبي اني قد رضيت عنكم عبادي فطيبوا نفسا وقروا عينا فيرفعون رؤوسهم عند ذلك ويشربون الخمر ويضربون بالمعازف ويأخذون الدست بند فيكونون على ذلك يومهم وليلتهم ثم ينصرفون وانما سمت العجم شهورها بابان ماه وآذر ماه وغيرهما اشتقاقا من اسماء تلك القرى لقول اهلها بعضهم لبعض هذا عيد شهر كذا وعيد شهر كذا حتى إذا كان عيد قريتهم العظمى اجتمع إليه صغيرهم وكبيرهم فضربوا عند الصنوبرة والعين سرادقا من ديباج عليه انواع الصور له اثنا عشر بابا كل باب لأهل قرية منهم ويسجدون للصنوبرة خارجا من السرادق ويقربون لها الذبايح اضعاف ما قربوا للشجرة التي في قراهم فيجيء ابليس عند ذلك فيحرك الصنوبرة تحريكا شديدا ويتكلم من جوفها كلاما جهوريا ويعدهم ويمنيهم بأكثر مما وعدتهم ومنتهم الشياطين كلها فيرفعون رؤوسهم من السجود وبهم من الفرح والنشاط ما لا يفيقون ولا يتكلمون من الشرب والغزف فيكونون على ذلك اثني عشر يوما ولياليها بعدد اعيادهم سائر السنة ثم ينصرفون فلما طال كفرهم بالله عز وجل وعبادتهم غيره بعث الله سبحانه إليهم نبيا من بني اسرائيل من ولد يهود بن يعقوب فلبث فيهم زمانا طويلا يدعوهم الى عبادة الله عز وجل ومعرفته وربوبيته فلا يتبعونه فلما رأى شدة تماديهم في الغي والضلال وتركهم قبول ما دعاهم إليه من الرشد والنجاح وحضر عيد قريتهم العظمى قال يا رب ان عبادك ابوا الا تكذيبي والكفر بك وغدوا يعبدون شجرة لا تنفع ولا تضر فأيبس شجرهم اجمع


(15)

وارهم قدرتك وسلطانك فأصبح القوم وقد يبس شجرهم فهالهم ذلك وقطع بهم وصاروا فرقتين فرقة قالت سحر آلهتكم هذا الرجل الذي يزعم انه رسول اله السماء والارض اليكم ليصرف وجوهكم عن آلهتكم الى الهه وفرقة قالت لا بل غضب آلهتكم حين رأت هذا الرجل يعيبها ويقع فيها ويدعوكم الى عبادة غيرها فحجبت حسنها وبهائها لكي تغضبوا عليه فتضروا منه فأجمع رأيهم على قتله فاتخذوا انابيب طوالا من رصاص واسعة الافواه ثم ارسلوها في قرار العين الى اعلى الماء واحدة فوق الاخرى مثل اليراع ونزحوا ما فيها من الماء ثم حفروا في قرارها بئر ضيقة المدخل عميقة وارسلوا فيها نبيهم والقموا فاها صخرة عظيمة ثم اخرجوا الأنابيب من الماء وقالوا نرجوا الان ان ترضى عنا آلهتنا إذا رأت انا قد قتلنا من كان يقع فيها ويصد عن عبادتها ودفناه تحت كبيرها يتشفى منه فيعود لنا نورها ونضرتها كما كان فبقوا عامة يومهم يسمعون انين نبيهم وهو يقول سيدي قد ترى ضيق مكاني وشدة كربي فارحم ضعف ركني وقلة حيلتي وعجل بقبض روحي ولا تؤخر اجابة دعوتي حتى مات فقال الله تعالى لجبرئيل يا جبرئيل ايظن عبادي هؤلاء الذين غرهم حلمي وامنوا مكري وعبدوا غيري وقتلوا رسولي ان يقوموا لغضبي ويخرجوا من سلطاني كيف وانا المنتقم ممن عصاني ولم يخش عقابي واني حلفت بعزتي لأجعلنهم عبرة ونكالا للعالمين فلم يرعهم وهم في عيدهم ذلك الا بريح عاصفة شديدة الحمرة فتحيروا فيها وذعروا منها وتضام بعضهم الى بعض ثم صارت الارض من تحتهم حجر كبريت تتوقد واظلتهم سحابة سوداء فألقت عليهم كالقبة جمرا يلتهب فذابت ابدانهم كما يذوب الرصاص في النار فنعوذ بالله تعالى ذكره من غضبه ونزول نقمته ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم ، والقمي الرس نهر بناحية آذربايجان.
وفي الكافي عن الصادق عليه السلام انه دخل عليه نسوة فسألته امرأة منهن عن السحق فقال حدها حد الزاني فقالت المرأة ما ذكر الله عز وجل ذلك في القرآن فقال بلى فقالت واين هو قال هن اصحاب الرس.
والقمي عنه عليه السلام قال دخلت امرأة مع مولاة لها على ابي عبد الله عليه السلام فقالت ما تقول في اللواتي مع اللواتي قال هن في النار إذا كان يوم القيامة اتي


(16)

بهن فألبسن جلبابا من نار وخفين من نار وقناعا من نار وادخل في اجوافهن وفروجهن اعمدة من نار وقذف بهن في النار فقالت ليس هذا في كتاب الله قال نعم قالت أين هو قال قوله وعادا وثمود واصحاب الرس فهن الرسيات.
وفي المجمع عنهما عليهما السلام ان سحق النساء كان في اصحاب الرس وبلفظ آخر كان نساؤهم سحاقات.
(40) ولقد اتوا يعني قريشا مروا مرارا في متاجرهم الى الشام على القرية التي امطرت مطر السوء .
القمي عن الباقر عليه السلام واما القرية التي امطرت مطر السوء فهي سدوم قرية قوم لوط امطر الله عليهم حجارة من سجيل يقول من طين افلم يكونوا يرونها في مرار مرورهم فيتعظون بما يرون فيها من آثار عذاب الله بل كانوا لا يرجون نشورا بل كانوا كفرة لا يتوقعون نشورا ولا عاقبة فلذلك لم ينظروا ولم يتعظوا فمروا بها كما مرت ركابهم.
(41) وإذا رأوك ان يتخذونك الا هزوا ما يتخذونك الا موضع هزء اهذا الذي بعث الله رسولا اي يقولون ذلك تهكما واستهزاء.
(42) ان كاد انه كاد ليضلنا عن آلهتنا ليصرفنا عن عبادتها بفرط اجتهاده في الدعاء الى التوحيد وكثرة ما يورد مما يسبق الى الذهن انها حجج ومعجزات لولا ان صبرنا عليها ثبتنا عليها واستمسكنا بعبادتها وسوف يعلمون حين يرون العذاب من اضل سبيلا فيه وعيد ودلالة على انه لا يهملهم وان امهلهم.
(43) ارايت من اتخذ الهه هواه بأن اطاعه وبنى عليه دينه لا يسمع حجة ولا يتبصر دليلا افانت تكون عليه وكيلا حفيظا تمنعه عن الشرك والمعاصي وحاله هذا فالاستفهام الأول للتقرير والتعجب والثاني للإنكار.
(44) ام تحسب بل اتحسب ان اكثرهم يسمعون أو يعقلون فتجدي لهم الآيات والحجج فتهتم بشأنهم وتطمع في ايمانهم وهو اشد مذمة مما قبله حتى حق


(17)

بالإضراب عنه إليه وتخصيص الاكثر لأنه كان منهم من آمن ومنهم من عقل الحق وكابر استكبارا أو خوفا على الرياسة ان هم الاّ كالانعام في عدم انتفاعهم بقرع الآيات آذانهم وعدم تدبرهم فيما شاهدوا من الدلائل والمعجزات بل هم اضل سبيلا من الانعام لأنها تنقاد من يتعهدها وتميز من يحسن إليها ممن يسيء إليها وتطلب ما ينفعها وتجتنب ما يضرها وهؤلاء لا ينقادون لربهم ولا يعرفون احسان الرحمن من اساءة الشيطان ولا يطلبون الثواب الذي هو اعظم المنافع ولا يتقون العقاب الذي هو اشد المضار ولأنها لو لم تعتقد حقا ولم تكتسب خيرا لم تعتقد باطلا ولم تكتسب شرا بخلاف هؤلاء ولأن جهالتها لا تضر بأحد وجهالة هؤلاء تؤدي الى هيج الفتن وصد الناس عن الحق ولأنها غير متمكنة من تحصيل الكمال فلا تقصير منها ولا ذم وهؤلاء مقصرون مستحقون اعظم العقاب على تقصيرهم ، القمي قال نزلت في قريش وذلك انه ضاق عليهم المعاش فخرجوا من مكة وتفرقوا وكان الرجل إذا رأى شجرة حسنة أو حجرا حسنا هواه فعبده وكانوا ينحرون لها النعم ويلطخونها بالدم ويسمونها سعد صخرة وكان إذا اصابهم داء في ابلهم واغنامهم جاؤوا الى الصخرة فيتمسحون بها الغنم والابل فجاء رجل من العرب بابل له يريد ان يتمسح بالصخرة ابله ويتبارك عليها فنفرت ابله وتفرقت فقال الرجل اتيت الى سعد ليجمع شملنا فشتتنا من سعد فما نحن من سعد وما صخر الا صخرة مستودة من الارض لا تهدي لغي ولا رشد ومر به رجل من العرب والثعلب يبول عليه فقال :

ورب يبول الثعلبان برأسه * لقد ذل من بالت عليه الثعالب

(45) الم تر الى ربك الم تنظر الى صنعه كيف مد الظل كيف بسطه.
القمي عن الباقر عليه السلام في هذه الآية قال الظل ما بين طلوع الفجر الى طلوع الشمس قيل وهو اطيب الاحوال فان الظلمة الخالصة تنفر الطبع وتسد النظر وشعاع الشمس يسخن الهواء ويبهر البصر ولذلك وصف به الجنة فقال وظل ممدود ولو شآء لجعله ساكنا ثابتا من السكنى أو غير متقلص من السكون بأن يجعل الشمس مقيمة على وضع واحد ثم جعلنا الشمس عليه دليلا فانه لا يظهر للحس حتى تطلع فيقع ضوؤها على بعض الاجرام فلولاها لما عرف الظل ولا يتفاوت الا بسبب حركتها


(18)

(46) ثم قبضناه الينا اي ازلناه بايقاع الشعاع موقعه لما عبر عن احداثه بالمد بمعنى التيسير عبر عن ازالته بالقبض الى نفسه الذي هو في معنى الكف قبضا يسيرا قليلا قليلا حسبما ترتفع الشمس لتنتظم بذلك مصالح الكون ويتحصل به ما لا يحصى من منافع الخلق.
(47) وهو الذي جعل لكم الليل لباسا شبه ظلامه باللباس في ستره والنوم سباتا راحة للابدان بقطع المشاغل واصل السبت القطع وجعل النهار نشورا ذا نشور اي انتشار ينتشر فيه الناس وفيه اشارة الى ان النوم واليقظة انموذج للموت والنشور وفي الحديث النبوي كما تنامون تموتون وكما تستيقظون تبعثون.
(48) وهو الذي ارسل الرياح بشرا اي ناشرات للسحاب أو مبشرات على اختلاف القراء كما مضى في سورة الاعراف بين يدي رحمته يعني قدام المطر وانزلنا من السماء ماء طهورا مطهرا أو بليغا في الطهارة وصفه به اشعارا بالنعمة فيه وتتميما للمنة فيما بعده فان الماء الطهور أهنأ وانفع مما خالطه ما يزيل طهوريته.
(49) لنحيي به بلدة ميتا بالنبات وتذكر ميتا لأن البلدة في معنى البلد ونسقيه مما خلقنا انعاما وأناسي كثيرا .
(50) ولقد صرفناه بينهم قيل صرفنا هذا القول بين الناس في القرآن وساير الكتب أو المطر بينهم في البلدان المختلفة في الأوقات المتغايرة والصفات المتفاوتة من وابل وطل وغيرهما.
وفي الفقيه عن النبي صلى الله عليه وآله قال ما اتى على اهل الدنيا يوم واحد منذ خلقها الله عز وجل الا والسماء فيها يمطر فيجعل الله ذلك حيث يشاء ليذكروا ليتفكروا ويعرفوا كمال القدرة وحق النعمة في ذلك ويقوموا بشكره ويعتبروا بالصرف عنهم واليهم فابى اكثر الناس الا كفورا الا كفران النعمة وقلة الاكتراث لها وجحودها بأن يقولوا أمطرنا نبؤ كذا من غير ان يروه من الله ويجعلوا الانوار وسايط مسخرات.
(51) ولو شيءنا لبعثنا في كل قرية نذيرا نبيا ينذر اهلها فيخف عليك اعباء النبوة لكن قصرنا الامر عليك اجلالا لك وتعظيما لشأنك وتفضيلا لك على سائر الرسل فقابل ذلك بالثبات والاجتهاد في الدعوة واظهار الحق.


(19)

(52) فلا تطع الكافرين فيما يريدونك عليه وهو تهييج له وللمؤمنين وجاهدهم به بالقرآن أو تبرك طاعتهم جهادا كبيرا يعني انهم يجتهدون في ابطال حقك فقابلهم بالاجتهاد في مخالفتهم وازاحة باطلهم فان مجاهدة السفهاء بالحجج اكبر من مجاهدة الأعداء بالسيف.
(53) وهو الذي مرج البحرين خلاهما متجاورين متلاصقين بحيث لا يتمازجان من مرج دابته إذا خلاها هذا عذب فرات بليغ العذوبة وهذا ملح اجاج بليغ الملوحة.
في الكافي عنهما عليهما السلام ان الله جل وعز عرض ولايتنا على المياه فما قبل ولايتنا عذب وطاب وما جحد ولايتنا جعله الله مرا وملحا اجاجا وجعل بينهما برزخا حاجزا من قدرته وحجرا محجورا قيل تنافرا بليغا أو حدا محدودا وذلك كدجلة تدخل البحر فتشقه فتجري في خلاله فراسخ لا يتغير طعمها ، والقمي يقول حراما محرما ان يغير واحد منهما طعم الآخر.
(54) وهو الذي خلق من الماء بشرا قيل يعني الذي خمر به طينة آدم (ع) ثم جعله جزء من مادة البشر ليجتمع ويسلسل ويقبل الاشكال بسهولة أو النطفة فجعله نسبا وصهرا فقسمه قسمين ذوي نسب أي ذكورا ينسب إليهم وذوات صهر اي اناثا يصاهر بهن وكان ربك قديرا حيث خلق من مادة واحدة بشرا ذا اعضاء مختلفة وطباع متباعدة وجعله قسمين متقابلين.
في الكافي عن الباقر عليه السلام والقمي عن الصادق عليه السلام انه سئل عن هذه الآية فقال ان الله تبارك وتعالى خلق آدم من الماء العذب وخلق زوجته من سنخه فبرأها من اسفل أضلاعه فجرى بذلك الضلع بينهما سبب ونسب ثم زوجها اياه فجرى بينهما بسبب ذلك صهر فذلك قوله نسبا وصهرا فالنسب ما كان بسبب الرجال والصهر ما كان بسبب النساء.
وفي المجمع عن ابن سيرين نزلت في النبي صلى الله عليه وآله وعلي بن ابي طالب عليه السلام زوج فاطمة عليا وهو ابن عمه وزوج ابنته فكانت نسبا وصهرا


(20)

وفي المعاني عن الباقر عن امير المؤمنين عليهما السلام قال ألا واني مخصوص في القرآن بأسماء احذروا ان تغلبوا عليها فتضلوا في دينكم انا الصهر يقول الله عز وجل وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا.
وفي الامالي باسناده الى انس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وآله قال قلت له يا رسول الله عليّ اخوك قال نعم عليّ اخي قلت يا رسول الله صف لي كيف عليّ اخوك قال ان الله عز وجل خلق ماء تحت العرش قبل ان يخلق آدم بثلاثة آلاف عام واسكنه في لؤلؤة خضراء في غامض علمه الى ان خلق آدم فلما خلق آدم نقل ذلك الماء من اللؤلؤة فأجراه في صلب آدم الى ان قبضه الله تعالى ثم نقله الى صلب شيث فلم يزل ذلك الماء ينقل من ظهر الى ظهر حتى صار في عبد المطلب ثم شقه عز وجل نصفين فصار نصفه في أبي عبد الله بن عبد المطلب ونصفه في أبي طالب فانا من نصف الماء وعلي من النصف الآخر فعلي اخي في الدنيا والآخرة ثم قرء رسول الله صلى الله عليه وآله وهو الذي خلق من الماء بشرا الآية ، وفي روضة الواعظين قال رسول الله صلى الله عليه وآله خلق الله عز وجل نطفة بيضاء مكنونة فنقلها من صلب الى صلب حتى نقلت النطفة الى صلب عبد المطلب فجعل نصفين فصار نصفها في عبد الله ونصفها في ابي طالب فأنا من عبد الله وعلي من ابي طالب وذلك قول الله عز وجل وهو الذي خلق الآية.
(55) ويعبدون من دون الله ما لا ينفعهم ولا يضرهم وكان الكافر على ربه ظهيرا يظاهر الشيطان في العداوة والشرك.
في البصائر عن الباقر عليه السلام انه سئل عنها فقال تفسيرها في بطن القرآن علي هو ربه في الولآية والرب هو الخالق الذي لا يوصف.
اقول : يعني ان الرب على الإطلاق الغير المقيد بالولآية هو الله الخالق جل ذكره.
والقمي قد يسمى الانسان ربا كقوله تعالى اذكرني عند ربك وكل مالك لشيء يسمى ربه وقوله تعالى وكان الكافر على ربه ظهيرا فقال الكافر الثاني وكان علي امير


(21)

المؤمنين عليه السلام ظهيرا.
(56) وما ارسلناك الا مبشرا للمؤمنين ونذيرا للكافرين.
(57) قل ما اسئلكم عليه على تبليغ الرسالة الذي يدل عليه الا مبشرا ونذيرا من اجر الا من شآء الا فعل من شاء ان يتخذ الى ربه سبيلا ان يتقرب إليه ويطلب الزلفى عنده بالإيمان والطاعة فصور ذلك في صورة الاجر من حيث انه مقصود فعله واستثناء منه قطعا لشبهة الطمع واظهارا لغآية الشفقة.
(58) وتوكل على الحي الذي لا يموت في استكفائه شرورهم والاغناء من اجورهم فانه الحقيق بأن يتوكل عليه دون الاحياء الذين يموتون فانهم إذا ماتوا ضاع من توكل عليهم وسبح بحمده ونزهه عن صفات النقصان مثنيا عليه بأوصاف الكمال طالبا لمزيد الانعام بالشكر على سوابغه وكفى به بذنوب عباده خبيرا ما ظهر منها وما بطن فلا عليك ان آمنوا أو كفروا.
(59) الذي خلق السماوات والارض وما بينهما في ستة ايام ثم استوى على العرش قد سبق الكلام فيه في سورة الاعراف ولعل ذكره لزيادة تقرير لكونه حقيقا بأن يتوكل عليه من حيث انه الخالق للكل والمتصرف فيه وتحريص على الثبات والتأني في الأمر فانه تعالى مع كمال قدرته وسرعة نفاذ امره خلق الأشياء على تؤدة وتدرج وقد مضى هذا المعنى في كلامهم عليهم السلام الرحمن خبر للذي ان جعلته مبتدأ ولمحذوف ان جعلته صفة للحي أو بدل من المستكن في استوى فسئل به خبيرا فاسئل عما ذكر من الخلق والاستواء أو عن انه هو الرحمن.
وفي المجمع روي ان اليهود حكوا عن ابتداء خلق الأشياء بخلاف ما اخبر الله تعالى عنه فقال سبحانه فاسئل به خبيرا والسؤال كما يعدي بعن لتضمنه معنى التفتيش يعدي بالباء لتضمنه معنى الاعتناء ويجوز ان يكون صلة خبيرا والخبير هو الله سبحانه أو جبرئيل أو من وجده في الكتب المتقدمة ليصدقك فيه كذا قيل.
أقول : ويحتمل ان يكون المراد بها الرسل المتقدمة فيكون السؤال في عالم