(64) وقيل ادعوا شركائكم فدعوهم من فرط الحيرة فلم يستجيبوا لهم لعجزهم عن الاجابة والنصرة وراوا العذاب لوانهم كانوا يهتدون لوجه من الحيل يدفعون به العذاب او لو للتمني اي تمنوا انهم كانوا مهتدين.
(65) ويوم يناديهم فيقول ماذا اجبتم المرسلين
(66) فعميت عليهم الانباء يومئذ لا تهتدي إليهم واصله فعموا عن الانباء لكنه عكس مبالغة ودلالة على ان ما يحضر الذهن انما يرد عليه من خارج فإذا اخطأ لم يكن له حيلة الى استحضاره فهم لا يتسائلون لا يسأل بعضهم بعضا عن الجواب.
(67) فاما من تاب وآمن وعمل صالحا فعسى ان يكون من المفلحين عسى تحقيق على عادة الكرام أو لترجي من التائب بمعنى فليتوقع ان يفلح.
القمي ان العامة قد رووا ان ذلك يعني النداء في القيامة واما الخاصة.
فعن الصادق عليه السلام قال ان العبد إذا دخل قبره وفزع منه يسأل عن النبي صلى الله عليه وآله فيقال له ماذا تقول في هذا الرجل الذي كان بين اظهركم فان كان مؤمنا قال اشهد انه رسول الله جاء بالحق فيقال له ارقد رقدة لا حلم فيها ويتنحى عنه الشيطان ويفسح له في قبره سبعة اذرع ويرى مكانه من الجنة وإذا كان كافرا قال ما ادري فيضرب ضربة يسمعها كل من خلق الله الا الإنسان ويسلط عليه الشيطان وله عينان من نحاس أو نار تلمعان كالبرق الخاطف فيقول له انا اخوك ويسلط عليه الحيات والعقارب ويظلم عليه قبره ثم يضغطه ضغطة يختلف اضلاعه عليه ثم قال عليه السلام بأصابعه فشرجها.
(68) وربك يخلق ما يشآء ويختار ما كان لهم الخيرة اي التخير كالطيرة بمعنى التطير يعني ليس لأحد من خلقه ان يختار عليه أو ليس لأحد ان يختار شيئا الا بقدرته ومشيته واختياره سبحان الله تنزيها له ان ينازعه احد أو يزاحم اختياره وتعالى عما يشركون عن اشراكهم.
القمي قال يختار الله عز وجل الإمام وليس لهم ان يختاروا.


(100)

وفي الكافي والمجالس عن الرضا عليه السلام في حديث فضل الإمام وصفته قال هل تعرفون قدر الإمامة ومحلها من الامة فيجوز فيها اختيارهم الى ان قال لقد راموا صعبا وقالوا افكا وضلوا ضلالا بعيدا ووقعوا في الحيرة إذ تركوا الإمام عن بصيرة وزين لهم الشيطان اعمالهم فصدهم عن السبيل وما كانوا مستبصرين رغبوا عن اختيار الله واختيار رسول الله الى اختيارهم والقرآن يناديهم وربك يخلق ما يشآء ويختار لهم الخيرة سبحان الله وتعالى عما يشركون وقال عز وجل وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا ان يكون لهم الخيرة من امرهم.
وفي الاكمال عن القائم عليه السلام انه سئل عن العلة التي تمنع القوم من اختيار الإمام لأنفسهم قال مصلح ام مفسد قيل مصلح قال فهل يجوز ان تقع خيرتهم على المفسد بعد ان لا يعلم احد ما يخطر ببال غيره من صلاح أو فساد قيل بلى قال فهي العلة واوردها لك ببرهان ينقاد له عقلك ثم قال عليه السلام اخبرني عن الرسل الذين اصطفاهم الله عز وجل وانزل عليهم الكتاب وايدهم بالوحي والعصمة إذ هم اعلام الامم اهدى الى الإختيار منهم مثل موسى وعيسى هل يجوز مع وفور عقلهم إذ هما بالاختيار ان يقع خيرتهما على المنافق وهما يظنان انهما مؤمن قيل لا قال هذا موسى كليم الله مع وفور عقله وكمال علمه ونزول الوحي إليه اختار من اعيان قومه ووجوه عسكره لميقات ربه عز وجل سبعين رجلا ممن لا يشك في ايمانهم واخلاصهم فوقع خيرته على المنافقين قال الله عز وجل واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا الى قوله لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتهم الصاعقة بظلمهم فلما وجدنا اختيار من قد اصطفاه الله عز وجل للنبوة واقعا على الافسد دون الأصلح وهو يظن انه الأصلح دون الأفسد علمنا ان الاختيار لا يجوز ان يقع الا ممن يعلم ما تخفي الصدور وتكن الضماير وتنصرف إليه السرائر وان لا خطر لاختيار المهاجرين والانصار بعد وقوع خيرة الانبياء على ذوي الفساد لما ارادوا الصلاح.
أقول : هذه الأخبار تدل على التفسير الأول للآية.
ويدل في التفسير الثاني ما روي في مصباح الشريعة عن الصادق عليه السلام


(101)

في كلام له قال وتعلم ان نواصي الخلق بيده فليس لهم نفس ولحظة الا بقدرته ومشيته وهم عاجزون عن اتيان اقل شيء في مملكته الا باذنه وارادته قال الله تعالى وربك يخلق ما يشاء ويختار الآية.
(69) وربك يعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون القمي قال ما عزموا عليه من الاختيار.
أقول : وعلى التفسير الأول يجوز ان يكون المعنى وربك هو الذي يعلم ما تكنه الصدور وتخفيه الضماير دون غيره فله ان يختار للنبوة والامامة وغيرهما دونهم ولعله الى هذا المعنى اشير في اواخر حديث الاكمال بقوله علمنا ان الاختيار لا يجوز ان يقع الا ممن يعلم ما تخفي الصدور وتكن الضماير وتنصرف إليه السرائر.
(70) وهو الله المستحق للعبادة لا اله الا هو لا احد يستحقها الا هو له الحمد في الاولى والاخرة لأنه المولى للنعم كلها عاجلها وآجلها يحمده المؤمنون في الآخرة كما حمدوه في الدنيا بقولهم الحمد لله الذي اذهب عنا الحزن الحمد لله الذي صدقنا وعده ابتهاجا بفضله والتذاذا بحمده وله الحكم القضاء النافذ في كل شيء واليه ترجعون بالنشور.
(71) قل ارايتم ان جعل الله عليكم الليل سرمدا الى يوم القيامة من اله غير الله يأتيكم بضياء افلا تسمعون سماع تدبر واستبصار.
(72) قل ارايتم ان جعل الله عليكم النهار سرمدا الى يوم القيامة من اله غير الله يأتيكم بليل تسكنون فيه استراحة من متاعب الأشغال افلا تبصرون ولعله لم يصف الضياء بما يقابله لأن الضوء نعمة في ذاته مقصود بنفسه ولا كذلك الليل ولأن منافع الضوء اكثر مما يقابله ولذلك قرن به افلا تسمعون وبالليل افلا تبصرون لأن استفادة العقل من السمع اكثر من استفادته من البصر.
(73) ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه في الليل ولتبتغوا من فضله في النهار بانواع المكاسب ولعلكم تشكرون


(102)

ولكي تعرفوا نعمة الله في ذلك فتشكروه عليها.
(74) ويوم يناديهم فيقول اين شركآئى الذين كنتم تزعمون تقريع بعد تقريع للاشعار بانه لا شيء اجلب لغضب الله من الاشراك به ولأن الأول لتقرير فساد رأيهم والثاني لبيان انه لم يكن عن برهان.
(75) ونزعنا واخرجنا من كل امة شهيدا يشهد عليهم بما كانوا عليه.
القمي عن الباقر عليه السلام يقول من كل فرقة من هذه الامة امامها فقلنا للامم هاتوا برهانكم على صحة ما تتدينون به فعلموا حينئذ ان الحق لله وضل عنهم وغاب عنهم غيبة الضايع ما كانوا يفترون من الباطل.
(76) ان قارون كان من قوم موسى قيل كان ابن عمه يصهر بن فاحث بن لاوى وكان ممن آمن به.
وفي المجمع عن الصادق عليه السلام وهو ابن خالته ولا تنافي بين الخبرين فبغى عليهم فطلب الفضل عليهم فتكبر واتيناه من الكنوز من الاموال المدخرة ما ان مفاتحه مفاتيح صنادقه جمع مفتح بالكسر لتنؤا بالعصبة لثقل الجماعة الكثيرة اولي القوة
القمي العصبة ما بين العشرة الى تسعة عشرة قال كان يحمل مفاتيح خزائنه العصبة اولوا القوة إذ قال له قومه لا تفرح لا تبطر ان الله لا يحب الفرحين اي بزخارف ، الدنيا في الخصال عن الصادق عن ابيه عليهما السلام اوحى الله تعالى الى موسى عليه السلام لا تفرح بكثرة المال ولا تدع ذكري على كل حال فان كثرة ذكري تنسي الذنوب وترك ذكري يقسي القلوب.
وفي التوحيد عنه عليه السلام ان كانت العقوبة عن الله تعالى حقا فالفرح لماذا.
(77) وابتغ فيما اتاك الله من الغنى الدار الآخرة بصرفه فيما يوجبها لك ولا تنس ولا تترك نصيبك من الدنيا


(103)

في المعاني عنه عن ابيه عن جده عن امير المؤمنين عليهم السلام قال لا تنس صحتك وقوتك وفراغك وشبابك ونشاطك ان تطلب بها الآخرة واحسن الى عباد الله كما احسن الله اليك فيما انعم الله عليك أو احسن الشكر والطاعة كما احسن الله اليك بالانعام ولا تبغ الفساد في الارض ان الله لا يحب المفسدين
في مصباح الشريعة قال الصادق عليه السلام فساد الظاهر من فساد الباطن ومن اصلح سريرته اصلح الله علانيته ومن خان الله في السر هتك الله سره في العلانية واعظم الفساد ان يرضى العبد بالغفلة عن الله تعالى إذ هذا الفساد يتولد من طول الامد والحرص والكبر كما اخبر الله تعالى في قصة قارون في قوله ولا تبغ الفساد في الارض ان الله لا يحب المفسدين وكانت هذه الخصال من صنع قارون واعتقاده واصلها من حب الدنيا وجمعها ومتابعة النفس وهواها واقامة شهواتها وحب المحمدة وموافقة الشيطان واتباع خطراته وكل ذلك مجتمع تحت الغفلة عن الله ونسيان منته.
(78) قال انما اوتيته على علم عندي.
القمي يعني ماله وكان يعمل الكيميا اولم يعلم ان الله قد اهلك من قبله من القرون من هو اشد منه قوة واكثر جمعا ولا يُسْئل عن ذنوبهم المجرمون
القمي لا يسئل من كان قبلهم عن ذنوب هؤلاء.
(79) فخرج على قومه في زينته القمي في الثياب المصبغات يجرها بالارض وقيل انه خرج على بغلة شهباء عليه الارجوان وعليها سرج من ذهب ومعه اربعة آلاف على زيه قال الذين يريدون الحياة الدنيا على ما هو عادة الناس من الرغبة فيها يا ليت لنا مثل ما اوتي قارون تمنوا مثله لا عينه حذرا عن الحسد انه لذو حظ عظيم من الدنيا.
(80) وقال الذين اوتوا العلم باحوال الآخرة للمتمنين.
القمي قال لهم الخالص من اصحاب موسى ويلكم ثواب الله خير لمن آمن


(104)

وعمل صالحا مما اوتي قارون بل من الدنيا وما فيها ولا يلقاها اي هذه الكلمة التي تكلم بها العلماء الا الصابرون على الطاعات وعن المعاصي.
(81) فخسفنا به وبداره الارض في مناهي الفقيه ونهى ان يختال الرجل في مشيه وقال من لبس ثوبا فاختال فيه خسف الله به من شفير جهنم وكان قرين قارون لأنه اول من اختال فخسف الله به وبداره الارض فما كان له من فئة اعوان ينصرونه من دون الله فيدفعون عنه عذابه وما كان من المنتصرين الممتنعين منه روي ان موسى بأهله بأخيه هارون وبنيه فخسف به وبأهله وماله ومن وازره من قومه.
والقمي وكان سبب هلاك قارون انه لما اخرج موسى عليه السلام بني اسرائيل من مصر وانزلهم البادية انزل الله عليهم المن والسلوى الى ان قال ففرض الله عليهم دخول مصر وحرمها عليهم اربعين سنة وكانوا يقومون من اول الليل ويأخذون في قراءة التوراة والدعاء والبكاء وكان قارون منهم وكان يقرء التوراة ولم يكن فيهم احسن صوتا منه وكان يسمى المنون لحسن قراءته وكان يعمل الكيميا فلما طال الأمر على بني اسرائيل في التيه والتوبة وكان قارون قد امتنع من الدخول معهم في التوبة وكان موسى عليه السلام يحبه فدخل عليه موسى فقال له يا قارون قومك في التوبة وانت قاعد ههنا ادخل معهم والا ينزل بك العذاب فاستهان به واستهزء بقوله فخرج موسى من عنده مغتما فجلس في فناء قصره وعليه جبة شعر وفي رجله نعلان من جلد حمار شراكهما من خيوط شعر بيده العصا فأمر قارون ان يصب عليه رماد قد خلط بالماء فصب عليه فغضب موسى عليه السلام غضبا شديدا وكان في كتفه شعرات كان إذا غضب خرجت من ثيابه وقطر منها الدم فقال موسى عليه السلام يا رب ان لم تغضب لي فلست لك بنبي فأوحى الله عز وجل إليه قد امرت الأرض ان تطيعك فمرها بما شئت وقد كان قارون قد امر ان يغلق باب القصر فأقبل موسى فأومى الى الابواب فانفرجت ودخل عليه فلما نظر إليه قارون علم انه قد اوتي بالعذاب فقال يا موسى اسئلك بالرحم الذي بيني وبينك فقال له موسى يا ابن لاوي لا تزدني من كلامك يا ارض خذيه فدخل القصر بما فيه في الأرض ودخل قارون في الأرض الى ركبتيه فبكى وحلفه بالرحم فقال له موسى يا ابن لاوي لا تزدني من كلامك يا ارض خذيه


(105)

فابتلعته بقصره وخزائنه وهذا ما قال موسى لقارون يوم اهلكه الله عز وجل فعيره الله عز وجل بما قاله لقارون فعلم موسى عليه السلام ان الله تبارك وتعالى قد عيره بذلك فقال يا رب ان قارون دعاني بغيرك ولو دعاني بك لأجبته فقال الله عز وجل يا ابن لاوي ولا تزدني من كلامك فقال موسى يا رب لو علمت ان ذلك لك رضى لأجبته فقال الله يا موسى وعزتي وجلالي وجودي ومجدي وعلو مكاني لو ان قارون كما دعاك دعاني لأجبته ولكنه لما دعاك وكلته اليك يا ابن عمران لا تجزع من الموت فاني كتبت الموت على كل نفس وقد مهدت لك مهادا لو قد وردت عليه لقرت عيناك فخرج موسى عليه السلام الى جبل طور سيناء مع وصيه وصعد موسى عليه السلام الجبل فنظر الى رجل قد اقبل ومعه مكتل ومسحاة فقال له موسى عليه السلام ما تريد قال ان رجلا من اولياء الله قد توفى وانا احفر له قبرا فقال له موسى عليه السلام افلا اعينك عليه قال بلى قال فحفر القبر فلما فرغا اراد الرجل ان ينزل الى القبر فقال له موسى ما تريد قال ادخل القبر فانظر كيف مضجعه فقال له موسى انا اكفيك فدخل موسى فاضطجع فيه فقبض ملك الموت روحه وانضم عليه الجبل ، والقمي في سورة يونس وقد سأل بعض اليهود امير المؤمنين عليه السلام عن سجن طاف اقطار الأرض بصاحبه فقال يا يهودي اما السجن الذي طاف اقطار الأرض بصاحبه فانه الحوت الذي حبس يونس في بطنه فدخل في بحر القلزم ثم خرج الى بحر مصر ثم دخل بحر طبرستان ثم خرج في دجلة الغور قال ثم مرت به تحت الأرض حتى لحقت بقارون وكان قارون هلك في ايام موسى ووكل الله به ملكا يدخله في الأرض كل يوم قامة رجل وكان يونس في بطن الحوت يسبح الله ويستغفره فسمع قارون صوته فقال للملك الموكل به انظرني فاني اسمع كلام آدمي فأوحى الله الى الملك الموكل به انظره فأنظره ثم قال قارون من انت قال يونس انا المذنب الخاطي يونس بن متى قال فما فعل شديد الغضب لله موسى بن عمران قال هيهات هلك قال فما فعل الرؤوف الرحيم على قومه هارون بن عمران قال هلك قال فما فعلت كلثم بنت عمران التي كانت سميت لي قال هيهات ما بقي من آل عمران أحد فقال قارون اسفا على آل عمران فشكر الله تعالى له على ذلك فأمر الموكل به ان يرفع عنه العذاب ايام الدنيا


(106)

فرفع عنه الحديث ويأتي تمامه في سورة الصافات.
والعياشي عن الباقر عليه السلام قال ان يونس عليه السلام لما اذاه قومه وساق الحديث الى ان قال فألق نفسه فالتقمه الحوت فطاف به البحار السبعة حتى صار الى البحر المسجور وبه يعذب قارون فسمع قارون دويا فسأل الملك عن ذلك فأخبره انه يونس وان الله حبسه في بطن الحوت فقال له قارون أتأذن لي ان اكلمه فأذن له فسأله عن موسى فأخبره انه مات فبكى ثم سأله عن هارون عليه السلام فأخبره انه مات فبكى وجزع جزعا شديدا وسأله عن اخته كلثم وكانت مسماة له فأخبره انها ماتت فبكى وجزع جزعا شديدا قال فأوحى الله الى الملك الموكل به ان ارفع عنه العذاب بقية ايام الدنيا لرقته على قرابته.
(82) واصبح الذين تمنوا مكانه منزلته بالامس منذ زمان قريب يقولون ويكاَنّ الله القمي قال هي لغة سريانية يبسط الرزق لمن يشآء من عباده ويقدر بمقتضى مشيته لا لكرامة تقتضي البسط ولا لهوان يوجب القبض لولا ان مَنّ الله علينا فلم يعطنا ما تمنينا لخسف بنا لتوليده فينا ما ولده فيه فخسف به لأجله وقرء بفتح الخاء والسين ويكاَنّه لا يفلح الكافرون لنعمة الله.
(83) تلك الدار الاخرة التي سمعت خبرها وبلغك وصفها نجعلها للذين لا يريدون علوا في الارض غلبة وقهرا ولا فسادا ظلما على الناس.
في المجمع عن امير المؤمنين عليه السلام انه كان يمشي في الاسواق وهو وال يرشد الضال ويعين الضعيف ويمر بالبياع والبقال فيفتح عليه القرآن ويقرء هذه الآية ويقول نزلت في اهل العدل والتواضع من الولاة واهل القدرة من سائر الناس وعنه عليه السلام قال الرجل ليعجبه شراك نعله فيدخل في هذه الآية وفي روآية ان الرجل ليعجبه ان يكون شراك نعله اجود من شراك نعل صاحبه فيدخل تحتها والقمي عن الصادق عليه السلام العلو الشرف والفساد النّباء.
وعنه عليه السلام انه قال لحفص بن غياث يا حفص ما منزلة الدنيا من نفسي الا بمنزلة الميتة إذا اضطررت إليها اكلت منها يا حفص ان الله تبارك وتعالى علم ما


(107)

العباد عاملون والى ما هم صايرون فحلم عنهم عند اعمالهم السيئة لعلمه السابق فيهم فلا يغرنك حسن الطلب ممن لا يخاف الفوت ثم تلا قوله تلك الدار الاخرة الآية وجعل يبكي ويقول ذهبت والله الاماني عند هذه الآية فاز والله الابرار تدري من هم هم الذين لا يؤذون الذر كفى بخشية الله علما وكفى بالاغترار بالله جهلا الحديث والعاقبة المحمودة للمتقين من اتقى ما لا يرضاه الله.
(84) من جاء بالحسنة فله خير منها ذاتا وقدرا ووصفا وقد مضى في هذه الآية حديث في آخر سورة الانعام وفي نظيرها في آخر سورة النمل ومن جاء بالسيئة فلا يُجزَى الذين عملوا السيئات وضع فيه الظاهر موضع الضمير تهجينا لحالهم بتكرير اسناد السيئة إليهم الا ما كانوا يعملون مثل ما كانوا يعملون حذف المثل مبالغة في المماثلة.
(85) ان الذي فرض عليك القرآن لرادك الى معاد اي معاد.
القمي عن السجاد قال يرجع اليكم نبيكم وامير المؤمنين والأئمة عليهم السلام.
وعن الباقر عليه السلام انه ذكر عنده جابر فقال رحم الله جابرا لقد بلغ من علمه انه كان يعرف تأويل هذه الآية يعني الرجعة قل ربي اعلم من جاء بالهدى ومن هو في ضلال مبين يعني به نفسه والمشركين.
(86) وما كنت ترجو ان يلقى اليك الكتاب الا رحمة من ربك ولكن القاه رحمة منه فلا تكونن ظهيرا للكافرين قيل بمداراتهم والتحمل عنهم والإجابة الى طلبتهم.
والقمي قال المخاطبة للنبي صلى الله عليه وآله والمعنى للناس.
(87) ولا يصدنك عن آيات الله بعد إذ اُنزِلَتْ اليك وادع الى ربك الى عبادته وتوحيده ولا تكونن من المشركين
(88) ولا تدع مع الله الها آخر


(108)

القمي المخاطبة للنبي صلى الله عليه وآله والمعنى للناس وهو قول الصادق عليه السلام ان الله بعث نبيه باياك اعني واسمعي يا جارة لا اله الا هو كل شيء هالك الا وجهه
في الكافي عن الصادق عليه السلام انما عني بذلك وجه الله الذي يؤتى منه.
وفي التوحيد عن الباقر عليه السلام ان الله عز وجل اعظم من ان يوصف بالوجه لكن معناه كل شيء هالك الا دينه والوجه الذي يؤتى منه.
أقول : يعني بالوجه الذي يؤتى منه الذي يهدي العباد الى الله تعالى والى معرفته من نبي أو وصي أو عقل كامل بذلك وفيّ فانه وجه الله الذي يؤتى الله منه وذلك لأن الوجه ما يواجه به والله سبحانه انما يواجه به عباده ويخاطبهم بواسطة نبي أو وصي أو عقل كامل.
وفي التوحيد عن الصادق عليه السلام قال كل شيء هالك الا من اخذ طريق الحق وعنه عليه السلام من اتى الله بما امره من طاعة محمد والأئمة صلوات الله عليهم من بعده فهو الوجه الذي لا يهلك ثم قرء ومن يطع الرسول فقد اطاع الله.
وفي الكافي عنه عليه السلام ما في معناه والمراد ان كل مطيع لله ولرسوله متوجه الى الله فهو باق في الجنان ابد الآبدين وهو وجه الله في خلقه به يواجه الله تعالى عباده ومن هو بخلافه فهو في النيران مع الهالكين وقراءة الآية اشارة الى ان طاعته للرسول توجه منه الى الله والى وجهه وتوجه من الله تعالى الى خلقه وهو السبب في تسميته وجه الله واضافته إليه.
وفي التوحيد عنه عليه السلام نحن وجه الله الذي لا يهلك.
وعنه عليه السلام الا وجهه قال دينه وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وامير المؤمنين عليه السلام دين الله ووجهه وعينه في عباده ولسانه الذي ينطق به ويده على خلقه ونحن وجه الله الذي يؤتى منه لن نزال في عباده ما دامت لله فيهم رؤية


(109)

قيل وما الرؤية قال الحاجة فإذا لم يكن لله فيهم حاجة رفعنا إليه وصنع بنا ما احب.
والقمي عن الباقر عليه السلام في هذه الآية قال فيفنى كل شيء ويبقى وجه الله اعظم من ان يوصف ولكن معناه كل شيء هالك الا دينه ونحن الوجه الذي يؤتى منه لن نزال في عباده.
اجل واعظم من ذلك وانما وفي الاحتجاج عن امير المؤمنين عليه السلام المراد كل شيء هالك الادينه لأن المحال ان يهلك منه كل شيء ويبقى الوجه هو وذكر مثل ما في التوحيد يهلك من ليس منه الا ترى انه قال كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ففصل بين خلقه ووجهه.
أقول : وورد في حديث آخر عنهم عليهم السلام ان الضمير في وجهه راجع الى الشيء وعلى هذا فمعناه ان وجه الشيء لا يهلك وهو ما يقابل منه الى الله وهو روحه وحقيقته وملكوته ومحل معرفة الله منه التي تبقى بعد فناء جسمه وشخصه والمعنيان متقاربان وربما يفسر الوجه بالذات وليس بذلك البعيد له الحكم القضاء النافذ في الخلق واليه ترجعون للجزاء بالحق قد سبق ثواب قراءة هذه السورة في آخر سورة الشعراء.