سورة حمعسق وتسمى سورة الشورى
وهي مكية عدد آيها ثلاث وخمسون آية كوفي وخمسون في الباقي

بسم الله الرحمن الرحيم

(1) حم .
(2) عسق .
في المعاني عن الصادق عليه السلام معناه الحكيم المثيب العالم السميع القادر القوي.
والقمي عن الباقر عليه السلام هو حرف من إسم الله الأعظم المقطوع يؤلفه الرسول والأمام عليهما السلام فيكون الأسم الأعظم الذي إذا دعي الله به أجاب وعنه عليه السلام عس عدد سني القائم عليه السلام وقاف جبل محيط بالدنيا من زمردة خضراء فخضرة السماء من ذلك الجبل وعلم كل شيء في عسق.
(3) كذلك يوحي إليك وإلى الذين من قبلك الله العزيز الحكيم وقريء يوحى بفتح الحاء.
(4) له ما في السماوات وما في الارض وهو العلي العظيم .
(5) تكاد السماوات وقريء بالياء يتفطرن يتشققن من عظمة الله.
القمي عن الباقر عليه السلام يتصدعن وقريء ينفطرن من فوقهن من جهتهن الفوقانية أو من فوق الأرضين والملائكة يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون لمن في الارض القمي قال للمؤمنين من الشيعة التوابين خاصة ولفظ الآية عام والمعنى خاص.


(367)

وفي الجوامع عن الصادق عليه السلام ويستغفرون لمن في الأرض من المؤمنين ألا إن الله هو الغفور الرحيم .
(6) والذين اتخذوا من دونه أولياء الله حفيظ عليهم رقيب على أحوالهم وأعمالهم فيجازيهم بها وما أنت يا محمد عليهم بوكيل .
(7) وكذلك أوحينا إليك قرآنا عربيا لتنذر أم القرى أهل ام القرى وهي مكة وقد مر وجه تسميتها في سورة الأنعام ومن حولها سائر الأرض وتنذر يوم الجمع يوم القيامة يجمع فيه الخلائق لا ريب فيه إعتراض فريق في الجنة وفريق في السعير .
في الكافي عن الصادق عليه السلام قال خطب رسول الله صلى الله عليه وآله الناس ثم رفع يده اليمنى قابضا على كفه ثم قال أتدرون أيها الناس ما في كفي قالوا الله ورسوله أعلم فقال فيها أسماء أهل الجنة وأسماء آبائهم وقبائلهم إلى يوم القيامة ثم رفع يده الشمال فقال أيها الناس أتدرون ما في كفي قالوا الله ورسوله أعلم فقال أسماء أهل النار وأسماء آبائهم وقبائلهم إلى يوم القيامة ثم قال حكم الله وعدل حكم الله وعدل فريق في الجنة وفريق في السعير.
(8) ولو شآء الله لجعلهم أمة واحدة مهتدين القمي لو شاء أن يجعلهم كلهم معصومين مثل الملائكة بلا طباع لقدر عليه ولكن يُدخل من يشآء في رحمته بالهدآية والظالمون ما لهم من وليّ ولا نصير أي ويدعهم بغير وليّ ولا نصير في عذابه.
(9) أم اتخذوا بل اتخذوا من دونه أولياء فالله هو الوليّ وهو يحيي الموتى وهو على كل شيء قدير .
(10) وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله القمي وما اختلفتم فيه من شيء من المذاهب واخترتم لأنفسكم من الأديان فحكم ذلك كله إلى الله يوم القيامة وقيل وما اختلفتم فيه من تأويل متشابه فارجعوا إلى المحكم من كتاب الله ذلكم الله ربي عليه توكلت في مجامع الامور وإليه أنيب أرجع.
(11) فاطر السماوات والارض وجعل لكم من أنفسكم أزواجا القمي يعني


(368)

النساء ومن الانعام أزواجا قال يعني ذكرا وانثى يذرؤكم فيه يبثكم ويكثركم القمي يعني النسل الذي يكون من الذكور والاناث ليس كمثله شيء رد الله على من وصف الله قيل الكاف زائدة وقيل بل المراد المبالغة في نفي المثل عنه فإنه إذا نفى عمن يناسبه ويسد مسده كان نفيه عنه أولى في خطبة لأمير المؤمنين عليه السلام ليس كمثله شيء إذ كان الشيء من مشية فكان لا يشبه مكونه رواها في مصباح المتهجد وهو السميع البصير لكل ما يسمع ويبصر.
(12) له مقاليد السماوات والارض خزائنها يبسط الرزق لمن يشآء ويقدر يوسع ويقتر على وفق مشيته إنه بكل شيء عليم فيفعله على ما ينبغي.
(13) شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أي شرع لكم من الدين دين نوح عليه السلام ومحمد صلى الله عليه وآله ومن بينهما من أرباب الشرايع وهو الأصل والمشترك فيما بينهم القمي مخاطبة لرسول الله صلى الله عليه وآله وأقيموا الدين قال أي تعلموا الدين يعني التوحيد وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم شهر رمضان وحج البيت والسنن والأحكام التي في الكتب والأقرار بولآية أمير المؤمنين عليه السلام ولا تتفرقوا فيه ولا تختلفوا فيه كَبُرَ على المشركين عظم عليهم ما تدعوهم إليه قال من ذكر هذه الشرائع الله يجتبي إليه من يشآء يختار ويجتلب إلى الدين ويهدي إليه بالأرشاد والتوفيق من ينيب من يقبل إليه القمي وهم الأئمة الذين إختارهم واجتباهم.
وعن الصادق عليه السلام أن أقيموا الدين قال الأمام عليه السلام ولا تتفرقوا فيه كنآية عن أمير المؤمنين عليه السلام ما تدعوهم إليه من ولآية علي عليه السلام من يشآء كنآية عن علي عليه السلام.
وفي الكافي عن الرضا عليه السلام نحن الذين شرع الله لنا دينه فقال في كتابه شرع لكم يا آل محمد من الدين ما وصى به نوحا وقد وصينا بما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك يا محمد وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى فقد علمنا وبلغنا علم ما علمنا واستودعنا علمهم نحن ورثة أولي العزم من الرسل أن أقيموا الدين يا آل محمد


(369)

ولا تتفرقوا فيه وكونوا على جماعة كبر على المشركين من أشرك بولآية علي عليه السلام ما تدعوهم إليه من ولآية علي عليه السلام أن الله يهدي يا محمد يهدي إليه من ينيب من يجيبك إلى ولآية علي عليه السلام.
وفي البصائر عنه عن السجاد عليهما السلام وفي الكافي عنه عليه السلام في قول الله عز وجل كبر على المشركين بولآية علي عليه السلام ما تدعوهم إليه يا محمد من ولآية علي عليه السلام هكذا في الكتاب مخطوطة.
وعن الباقر عليه السلام إن الله عز وجل بعث نوحا إلى قومه أن اعبدوا الله واتقوه وأطيعون ثم دعاهم إلى الله وحده وأن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا ثم بعث الأنبياء على ذلك إلى أن قد بلغوا محمدا صلى الله عليه وآله وعليهم فدعاهم إلى أن يعبدوا الله ولا يشركوا به شيئا وقال شرع لكم من الدين إلى قوله من ينيب فبعث الأنبياء إلى قومهم بشهادة أن لا إله إلا الله والأقرار بما جاء من عند الله فمن آمن مخلصا ومات على ذلك أدخله الله الجنة بذلك وذلك أن الله ليس بظلام للعبيد وذلك أن الله لم يكن يعذب عبدا حتى يغلظ عليه في القتل والمعاصي التي أوجب الله عليه بها النار ولمن عمل بها فلما استجاب له من قومه من المؤمنين جعل لكل نبي منهم شرعة ومنهاجا والشرعة والمنهاج سبيل وسنة.
(14) وما تفرقوا إلا من بعد ما جائهم العلم بغيا بينهم .
القمي قال لم يتفرقوا بجهل ولكنهم تفرقوا لما جاءهم وعرفوه فحسد بعضهم بعضا وبغى بعضهم على بعض لما رأوا من تفاضيل أمير المؤمنين عليه السلام بأمر الله فتفرقوا في المذاهب وأخذوا بالآراء والأهواء ولولا كلمة سبقت من ربك بالأمهال إلى أجل مسمى لقضي بينهم .
القمي قال لولا أن الله قد قدر ذلك أن يكون في التقدير الأول لقضي بينهم إذا اختلفوا وأهلكهم ولم ينظرهم ولكن أخرهم إلى أجل مسمى المقدر وإن الذين أورثوا الكتاب من بعدهم لفي شك منه مريب قال كنآية عن الذين نقضوا أمر رسول الله صلى الله عليه وآله.


(370)

(15) فلذلك فادع واستقم كما أمرت قال يعني لهذه الامور والدين الذي تقدم ذكره وموالاة أمير المؤمنين عليه السلام فادع.
وعن الصادق عليه السلام يعني إلى ولآية أمير المؤمنين عليه السلام ولا تتبع أهوائهم فيه وقل آمنت بمآ أنزل الله من كتاب يعني جميع الكتب المنزلة وأمرت لاعدل بينكم الله ربنا وربكم خالق الكل ومتولي أمره لنا أعمالنا ولكم أعمالكم وكل مجازى بعلمه لا حجة بيننا وبينكم لا حجاج بمعنى لا خصومة إذا الحق قد ظهر ولم يبق للمحاجة مجال الله يجمع بيننا يوم القيامة وإليه المصير مرجع الكل.
(16) والذين يحاجون في الله في دينه من بعد ما استجيب له لدينه أو لرسوله حجتهم داحضة عند ربهم القمي أي يحتّجون على الله بعد ما شاء الله أن يبعث عليهم الرسل فبعث الله إليهم الرسل والكتب فغيروا وبدلوا ثم يحتّجون يوم القيامة فحجتهم على الله داحضة أي باطلة عند ربهم وعليهم غضب ولهم عذاب شديد بمعاندتهم.
(17) الله الذي أنزل الكتاب بالحق والميزان .
القمي قال الميزان أمير المؤمنين عليه السلام وما يدريك لعل الساعة قريب إتيانها.
(18) يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها إستهزاء والذين آمنوا مشفقون منها خائفون منها مع إعتناء بها لتوقع الثواب ويعلمون أنها الحق الكائن لا محالة ألا إن الذين يمارون في الساعة لفي ضلال بعيد .
القمي كنآية عن القيامة فإنهم كانوا يقولون لرسول الله صلى الله عليه وآله أقم لنا الساعة وائتنا بما تعدنا ان كنت من الصادقين فقال الله تعالى ألا إن الذين يمارون في الساعة أي يخاصمون.
(19) الله لطيف بعباده بربهم بصنوف من البر يرزق من يشآء قيل أي يرزقه كما يشاء فيخص كلا من عباده بنوع من البر على ما اقتضته حكمته وهو القوي العزيز


(371)

المنيع الذي لا يغلب.
(20) من كان يريد حرث الاخرة ثوابها شبهه بالزرع من حيث أنه فائدة تحصل بعمل الدنيا ولذلك قيل الدنيا مزرعة الآخرة نَزِد له في حرثه فنعطه بالواحد عشرا إلى سبعمأة فما فوقها ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها شيئا منها على ما قسمنا له وما له في الآخرة من نصيب إذ الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى.
القمي عن الصادق عليه السلام المال والبنون حرث الدنيا والعمل الصالح حرث الآخرة وقد يجمعهما الله لأقوام.
وفي الكافي عنه عليه السلام من أراد الحديث لمنفعة الدنيا لم يكن له في الآخرة نصيب ومن أراد به خير الآخرة أعطاه الله خير الدنيا والآخرة.
وفي المجمع عن النبي صلى الله عليه وآله من كانت نيته الدنيا فرق الله عليه أمره وجعل الفقر بين عينيه ولم يؤته من الدنيا إلا ما كتب له ومن كانت نيته الاخرة جمع الله شمله وجعل غناه في قلبه وأتته الدنيا وهي راغمة.
وفي الكافي عن الصادق عليه السلام قيل له الله لطيف بعباده يرزق من يشاء قال ولآية أمير المؤمنين عليه السلام قيل من كان يريد حرث الآخرة قال معرفة أمير المؤمنين والأئمة عليهم السلام قيل نزد له في حرثه قال نزيده منها يستوفي نصيبه من دولتهم ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الاخرة من نصيب قال ليس له في دولة الحق مع الأمام نصيب.
(21) أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله كالشرك وإنكار البعث والعمل للدنيا ولولا كلمة الفصل لقضي بينهم .
في الكافي عن الباقر عليه السلام في هذه الآية قال لولا ما تقدم فيهم من الله عز ذكره ما أبقى القائم منهم احدا.
أقول : يعني قائم كل عصر وإن الظالمين لهم عذاب أليم .
(22) ترى الظالمين مشفقين مما كسبوا خائفين مما ارتكبوا وعملوا وهو واقع


(372)

بهم أي ما يخافونه والذين آمنوا وعملوا الصالحات في روضات الجنات لهم ما يشآؤن (1) عند ربهم ذلك هو الفضل الكبير .
(23) ذلك الذي يبشر الله عباده الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقريء يبشر من أبشره قل لا أسئلكم عليه على ما اتعاطاه من التبليغ أجرا نفعا منكم إلا المودة في القربى أن تؤدوا قرابتي وعترتي وتحفظوني فيهم.
كذا في المجمع عن السجاد والباقر والصادق عليهم السلام وفي الكافي عن الصادق عليه السلام قال لما رجع رسول الله من حجة الوداع وقدم المدينة أتته الأنصار فقال يا رسول الله إن الله تعالى قد أحسن إلينا وشرفنا بك وبنزولك بين ظهرانينا فقد فرح الله صديقنا وكبت عدونا وقد تأتيك وفود فلا تجد ما تعطيهم فيشمت بك العدو فنحب أن تأخذ ثلث أموالنا حتى إذا قدم عليك وفد مكة وجدت ما تعطيهم فلم يرد رسول الله صلى الله عليه وآله عليهم شيئا وكان ينتظر ما يأتيه من ربه فنزل عليه جبرئيل وقال قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ولم يقبل أموالهم فقال المنافقون ما أنزل الله هذا على محمد صلى الله عليه وآله وما يريد إلا أن يرفع بضبع ابن عمه ويحمل علينا أهل بيته يقول امس من كنت مولاه فعليّ مولاه واليوم قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى.
وفي قرب الأسناد عنه عن آبائه عليهم السلام لما نزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وآله قام رسول الله صلى الله عليه وآله فقال أيها الناس إن الله تبارك وتعالى قد فرض لي عليكم فرضا فهل أنتم مؤدوه قال فلم يجبه أحد منهم فانصرف فلما كان من الغد قام فقال مثل ذلك ثم قام فيهم فقال مثل ذلك في اليوم الثالث فلم يتكلم أحد فقال أيها الناس إنه ليس من ذهب ولا فضة ولا مطعم ولا مشرب قالوا فألقه إذن قال إن الله تبارك وتعالى أنزل عليّ قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى فقالوا أما هذه فنعم.
قال الصادق عليه السلام فوالله ما وفى بها إلا سبعة نفر سلمان وأبو ذر وعمار
____________
(1) أي لهم ما يتمنون ويشتهون يوم القيامة.


(373)

والمقداد بن الأسود الكندي وجابر بن عبد الله الأنصاري ومولى رسول الله صلى الله عليه وآله يقال له البيت وزيد بن أرقم.
وفي العيون عن الرضا عليه السلام ما يقرب منه مع بسط وبيان وفي الجوامع روى أن المشركين قالوا فيما بينهم أترون أن محمدا صلى الله عليه وآله يسأل على ما يتعاطاه أجرا فنزلت هذه الآية ويأتي أخبار اخر في هذه الآية عن قريب إنشاء الله.
وفي المحاسن عن الباقر عليه السلام أنه سئل عن هذه الآية فقال هي والله فريضة من الله على العباد لمحمد صلى الله عليه وآله في أهل بيته.
وفي الكافي عن الصادق عليه السلام أنه قال ما يقول أهل البصرة في هذه الآية قل لا أسئلكم الآية قيل إنهم يقولون إنها لأقارب رسول الله صلى الله عليه وآله قال كذبوا إنما نزلت فينا خاصة في أهل البيت في علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام أصحاب الكساء.
وفي المجمع عن ابن عباس قال لما نزلت هذه الآية قل لا أسئلكم الآية قالوا يا رسول الله من هؤلاء الذين أمرنا الله بموالاتهم قال علي وفاطمة وولدهما عليهم السلام.
وعن علي عليه السلام قال فينا في آل حم آية لا يحفظ مودتنا إلا كل مؤمن ثم قرأ هذه الآية.
وعن النبي صلى الله عليه وآله إن الله خلق الأنبياء من أشجار شتى وخلقت أنا وعلي من شجرة واحدة فأنا أصلها وعلي فرعها وفاطمة لقاحها والحسن والحسين عليهما السلام ثمارها وأشياعنا أوراقها فمن تعلق بغصن من أغصانها نجا ومن زاغ هوى ولو أن عبدأ عبد الله بين الصفا والمروة ألف عام ثم ألف عام ثم ألف عام حتى يصير كالشن البالي ثم لم يدرك محبتنا أكبه الله على منخريه ثم تلا قل لا أسئلكم الآية.
وفي الكافي عن الباقر عليه السلام إنه سئل عنها فقال هم الأئمة عليهم السلام.