الفصل الخامس والعشرون
في بيان من غير الله خلقهم وأهلكهم بسبهم إياه
396 ـ أخبرنا سيد الحفاظ أبو منصور شهردار بن شيرويه بن شهردار الديلمي ـ فيما كتب إلى من همدان ـ أخبرنا أبو الفتح عبدوس بن عبد الله بن عبدوس الهمداني كتابة ، أخبرنا أبو طالب الجعفري ، حدثنا ابن مردويه الحافظ ، حدثنا محمد بن أحمد بن علي ، حدثنا موسى بن يوسف بن موسى بن راشد القطان ، حدثنا وهب بن بقية ، حدثني هشيم ، عن اسماعيل بن سالم ، عن عماد الحضرمي ، عن زاذان أبي عمر : ان علي بن أبي طالب عليه السلام سأل رجلاً بالرحبة عن حديث ، فكذبه ، فقال علي : انك قد كذبتني ؟ فقال ما كذبتك ، قال : ادعو الله عليك ان كذبتني أن يعمي بصرك قال : ادع الله ، فدعا الله عليه فلم يخرج من الرحبة حتى قبض بصره (1) .
397 ـ وأنبأني مهذب الائمة أبو المظفر عبد الملك بن علي بن محمد الهمداني ـ نزيل بغداد ـ أنبأني اسماعيل بن محمد بن ملة ، حدثنا القاسم بن أبي بكر ابن على ، حدثنا أبو عبد الله بن شهريار ، اخبرني أبو العباس الطهراني ، حدثنا سلمة بن شبيب النيسابوري ، حدثنا الحسن بن محمد بن أعين ، حدثنا عمرو بن ثابت قال : سمعت أبا معشر يقول : كنا جلوسا فمر بنا رجل وهو يقول : من كان يحب عليا فاني ابغضه في الله ، قال : فما قمنا من مجلسنا حتى مروا به
____________
(1) فضائل الصحابة لابن حنبل 1 | 539 ـ ح | 900 ورواه أبو نعيم في حلية الاولياء 5 | 26 ورواه أيضاً البلاذرى في انساب الاشراف 2 | 156 .
( 379 )

يقاد وهو أعمى .
398 ـ وأنباني مهذب الائمة هذا ، أخبرني أحمد بن الحسين ، أخبرنا أبي ، أخبرنا هلال بن محمد الحفار ، أخبرنا أبو بكر النقاش ، حدثنا مسيح بن حاتم بالبصرة ، حدثنا ابن عائشة ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد قال : سمعت سعيد بن المسيب : مر غلامك فلينظر إلى وجه هذا ، فقلت وما هو ؟ قال انه كان يسب عليا وطلحة والزبير فدعوت الله عليه فسود وجهه .
399 ـ وأنبأني مهذب الائمة هذا ، أخبرنا أبو علي الحسن بن محمد بن اسحاق ابن ابراهيم بن مخلد الباقرجي ، أخبرنا أبو إسحاق ابراهيم بن عمر بن أحمد البرمكي ، اخبرنا أبو محمد عبد الله بن ابراهيم بن أيوب بن ماسي البزاز ، حدثنا أبو مسلم ابراهيم بن عبد الله بن مسلم اللخمى البصري ، حدثنا أبو عبد الله محمد بن المثنى بن أنس بن مالك الانصاري ، حدثني ابن عون ، أنبأني محمد بن الاسود ، عن عامر بن سعد قال : بينا سعد يمشى إذ مر برجل وهو يشتم عليا ، فقال سعد : انك تشتم قوما قد سبق لهم من الله ما سبق ، والله لتكفن عن شتمهم أو لأدعون الله عليك قال : اتخوفني كأنه نبي قال : فقال سعد : أللهم ان كان هذا قد سب اقواماً قد سبق لهم منك ما سبق ، فاجعله اليوم نكالا ، قال فجاءت بختية وافرج الناس لها فتخبطته قال فجعلت الناس يتبعون سعداً رضي الله عنه ويقولون استجاب الله لك يا أبا اسحاق (1) .
____________
(1) الحديث بطوله في مستدرك الصحيحين 3 | 499 ـ رواه أيضاً ابن المغازلي في مناقبه | 74 واورده الحلبي في سيرته 3 | 182 التي بهامشها السيرة الدهلانية .
( 380 )

الفصل السادس والعشرون
في بيان مقتله عليه السلام
400 ـ أخبرنا الشيخ الزاهد الحافظ أبو الحسين علي بن أحمد العاصمي ، أخبرنا القاضي الإمام شيخ القضاة اسماعيل بن أحمد الواعظ ، أخبرنا والدي شيخ السنة أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي ، أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ ، أخبرنا ابراهيم بن اسماعيل القاري ، حدثني عمر بن سعيد الدارمي ، حدثنا عبد الله بن صالح ، حدثني الليث بن سعد ، أخبرني خالد ابن يزيد ، عن سعيد بن أبي هلال ، عن زيد بن اسلم : ان ابا سنان الدؤلي حدثه انه عاد علياً عليه السلام في شكوى اشتكاها قال : فقلت له : لقد تخوفنا عليك يا أمير المؤمنين في شكواك هذه فقال : ولكني والله ما تخوفت على نفسي منه لاني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله الصادق المصدق يقول : انك ستضرب ضربة هاهنا ، وضربة هاهنا ـ واشار إلى صدغيه ـ فيسيل دمها حتى تخضب لحيتك ويكون صاحبها اشقاها كما كان عاقر الناقة اشقى ثمود (1) .
401 ـ وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد الحارث الاصفهاني الفقيه ، أخبرنا محمد بن حيان ـ وهو أبو الشيخ الاصبهاني ـ حدثني أبو الحسين محمد بن محمد الجرجاني ، عن موسى بن عبد الرحمان
____________
(1) رواه الحاكم في مستدركه 3 | 113 ورواه البيهقي في سننه 8 | 58 واورده ابن الاثير في اسد الغابة 4 | 33 .
( 381 )

الكندي ، حدثنا : أحمد بن الحسين ـ وفيما اجاز لنا شيخنا أبو عبد الله الحافظ ـ حدثني أبو عبد الله محمد بن أحمد بن بطة الاصفهاني ، حدثنا أبو جعفر محمد بن العباس بن ايوب الاجرم وأبو حامد أحمد بن جعفر بن سعيد الاشعري قالا : حدثنا أبو عيسى محمد بن عبد الرحمان بن محمد بن مسروق ، حدثنا عثمان بن عبد الرحمان الحراني ، حدثنا اسماعيل بن راشد قال كان من حديث ابن ملجم وأصحابه لعنهم الله ان عبد الرحمان بن ملجم لعنه الله والبرك بن عبد الله وعمرو بن بكر التميمي ، اجتمعوا بمكة فذكروا امر الناس وعابوا على ولاتهم ، ثم ذكروا أهل النهروان فترحموا عليهم وقالوا ما نصنع بالحياة بعدهم وقالوا اخواننا الذين كانوا دعاة الناس لعبادة ربهم الذين كانوا لا يخافون في الله لومة لائم فلو شرينا بانفسنا انفسهم فاتينا ائمة الضلالة فالتمسنا قتلهم فارحنا منهم البلاد وثأرنا بهم اخواننا فقال ابن ملجم : انا اكفيكم علي بن أبي طالب وكان من اهل مصر ، وقال البرك بن عبد الله : انا اكفيكم معاوية بن أبي سفيان ، وقال عمرو بن بكر التميمي : انا اكفيكم عمرو بن العاص ، فتعاهدوا وتواثقوا بالله لا ينكص الرجل منهم عن صاحبه الذي وجه إليه حتى يقتله أو يموت دونه ، فأخذوا اسيافهم فسموها واتعدوا لتسع عشرة (1) من شهر رمضان ، يثب كل واحد منهم إلى صاحبه الذي توجه إليه ، فاقبل كل رجل إلى المصر الذي كان فيه صاحبه الذي طلب ، فاما ابن ملجم المرادي لعنه الله فخرج فلقى أصحابه بالكوفة وكاتمهم أمره كراهة أن يظهروا شيئاً من أمره فرأى ذات يوم أصحابا له من تيم الرباب وكان علي عليه السلام قتل منهم يوم النهروان عددا ، فذكروا قتلاهم ولقى من يومه ذلك امرأة من تيم الرباب يقال لها قطام وقد كان علي قتل اباها واخاها وكانت فائقة الجمال ، فلما راها التست بعقله ونسى حاجته التي جاء لها فخطبها فقال : لا اتزوجك
____________
(1) هذا هو الصحيح ولكن في [ ر ] سبع عشرة .
( 382 )

حتى تشفي قلبي قال : وما تشائين ؟
قالت : ثلاثة آلاف وعبد وقينة وقتل علي بن أبي طالب ، فقال هو مهرك ، فأما قتل علي فلا اراك تدركينه ، قالت تريدني قال بلى قالت فالتمس غرته فان اصبته انتفعت بنفسك ونفسي وتحفد (1) العيش معي ، وان هلكت فما عند الله خير وابقى من الدنيا وزبرج اهلها ، فقال : والله ما جاء بي إلى هذا المصر إلا قتل علي بن أبي طالب قالت فإذا اردت ذلك فانى اطلب لك من يشد ظهرك ويساعدك على امرك ، فبعثت إلى رجل من قومها من تيم الرباب يقال له « وردان » فكلمته في ذلك فأجابها وجاء ابن ملجم رجلاً من اشجع يقال له شبيب بن بحرة فقال له : هل لك في شرف الدنيا والآخرة ؟ قال وما ذاك قال قتل علي بن أبي طالب ، قال ثكلتك امك ، لقد جئت شيئاً اداً (2) كيف تقدر على ذلك ؟ قال : اكمن له في المسجد فإذا خرج لصلاة الغداة ، شددنا عليه فقتلناه فان نجونا شفينا انفسنا وادركنا ثارنا وان قتلنا فما عند الله خير من الدنيا ، قال له : ويحك لو كان غير علي كان اهون علي ، قد عرفت بلاءه في الاسلام وسابقته مع النبي وما اجدني أنشرح لقتله ، قال أما تعلم (3) انه قتل أهل النهروان العباد المصلين قال بلى قال فاقتله بمن قتل من اخواننا ، فاجابه فجاؤا حتى دخلوا على قطام وهى في المسجد الاعظم معتكفة فيه ، فقالوا لها : لقد اجتمع (4) رأينا على قتل علي قالت فإذا اردتم ذلك فأتوني ثم عادوا ليلة الجمعة التي قتل علي في صبيحتها سنة اربعين فقال هذه الليلة التي وعدت فيها صاحبي ان يقتل كل واحد منا
____________
(1) تحفد : على صيغة المجهول من حفده أي خدمه ، ورجل محفوداي مخدوم ... ومنه حديث امية : بالنعم محفود ـ لسان العرب .
(2) الاد : الامر الفظيع العظيم . . وفي التنزيل العزيز « لقد جئتم شيئاً ادّا » [ مريم : 89 ] ـ لسان العرب .
(3) في [ ر ] : انا نعلم .
(4) في [ ر ] : اجمع .

( 383 )

صاحبه فدعت لهم بالحريرة فعصبتهم واخذوا اسيافهم وجلسوا مقابل السدة التي يخرج منها علي عليه السلام ، فلما خرج شد عليه شبيب لعنه الله بالسيف فضربه بالسيف فوقع سيفه بعضادة الباب أو بالطاق ، وضربه ابن ملجم لعنه الله فاقرنه بالسيف وهرب وردان حتى دخل منزله فدخل عليه رجل من بني أمية وهو ينزع الحريرة من صدره فقال ما هذه الحريرة والسيف ؟ فاخبره بما كان فانصرف فجاد بسيفه فعلى به وردان حتى قتله وخرج شبيب نحو أبواب كندة في الغلس ، فصاح الناس فلقيه رجل من حضر موت يقال له عويص وفي يد شبيب السيف فاخذه وجثم عليه الحضرمي ، فلما رأى الناس قد أقبلوا في طلبه وسيف شبيب في يده خشى على نفسه فتركه فنجا بسيفه ونجا شبيب في غمار الناس فشدوا على ابن ملجم لعنه الله فاخذوه إلا ان رجلا من همدان يكنى أبا اد أخذه فضرب رجله فصرعه ، وتأخر علي فدفع في ظهر جعدة بن هبيرة المخزومي فصلى بالناس الغداة ثم قال علي عليه السلام : علي بالرجل ، فادخل عليه فقال : أي عدو الله ، الم احسن اليك ؟ قال بلى قال فما حملك على هذا قال : [ ان سيفي هذا ] شحذته اربعين صباحا فسألت الله ان يقتل به شر خلقه فقال علي عليه السلام : فلا اراك إلا مقتولا به ولا أراك إلا من شر خلق الله .
فذكروا : أن محمد بن حنفية قال : والله اني لا صلى تلك الليلة التي ضرب فيها علي بن أبي طالب في المسجد في رجال كثير من المصر ، يصلون قريبا من السدة ما هم إلا قياماً وركوعاً وسجوداً فلا يسأمون من اول الليل إلى آخره إذ خرج علي عليه السلام لصلاة الغداة فجعل ينادي : أيها الناس ، الصلاة ، الصلاة ، فما ادري اخرج من السدة فتكلم إذ نظرت إلى بريق السيوف وسمعت : الحكم لله لا لك يا علي ولا لأصحابك ، فرأيت سيفا ثم رأيت ثانياً ، وسمعت عليا عليه السلام يقول : لا يفوتنكم الرجل وشد عليه الناس من كل جانب فلم ابرح حتى اخذ ابن ملجم قبحه الله وادخل على


( 384 )

علي عليه السلام فدخلت فيمن دخل ، فسمعت عليا عليه السلام يقول : النفس بالنفس ، فان هلكت فأقتلوه كما قتلني ، وان بقيت رأيت فيه رأيي .
وذكروا أن الناس دخلوا على الحسن بن علي فزعين لما حدث من أمر علي عليه السلام فبينما هم عنده وابن ملجم مكتوف بين يديه إذ ثارت « ام كلثوم » بنت علي عليه السلام فقالت : أي عدو الله انه لا بأس على أبي ، والله يخزيك ، فقال ابن ملجم : على ما تبكين ؟ لقد اشتريت سيفي بألف وسممته بألف ولو كانت هذه الضربة لجميع أهل الأرض ما بقى أحد (1) .
وذكروا ان جندب بن عبد الله دخل على علي عليه السلام يسليه فقال : يا أمير المؤمنين ان فقدناك ـ فلا نفقدك ـ فنبايع الحسن ؟ قال لا آمركم ولا انهاكم ، انتم ابصر (2) قال فزد فدعا حسنا وحسينا فقال :
اوصيكما بتقوى الله ولا تبغيا الدنيا وان بغتكما ، ولا تبكيا على شيء زوي عنكما ، وقولا الحق وارحما اليتيم واعينا الضائع واصنعا للآخرة وكونا للظالم خصماً وللمظلوم ناصراً ، اعملا بما في الكتاب فلا تأخذكما في الله لومة لائم .
ثم نظر إلى محمد ابن الحنفية فقال : هل حفظت ما أوصيت به أخويك ؟ قال : نعم ، قال فاني أوصيك بمثله وأوصيك بتوقير أخويك ، لعظيم حقهما عليك ولا تؤثر (3) امراً دونهما .
ثم قال اوصيكما به فانه شقيقكما وابن أبيكما وقد علمتما ان أباكما كان يحبه ، وقال للحسن : يا بني أوصيك بتقوى الله وإقام الصلاة لوقتها وإيتاء الزكاة عند محلها فانه لا صلاة إلا بطهور ولا تقبل الصلاة ممن منع الزكاة وأوصيك بعفو الذنب وكظم الغيظ وصلة الرحم والحلم عن الجاهل والتفقه
____________
(1) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى 3 | 35 وفيه : عمرو بن بكير .
(2) راجع تعاليقنا على الرقم 406
(3) في [ ر ] : لا توثق .

( 385 )

في الدين والتثبت في الامر والتعاهد في القرآن وحسن الجوار والامر بالمعروف والنهى عن المنكر واجتناب الفواحش (1) .
فلما حضرته الوفاة اوصى فكانت وصيته :
بسم الله الرحمن الرحيم .
هذا ما أوصى [ به ] علي بن أبي طالب ، أوصى انه يشهد : أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمداً عبده ورسوله ، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ثم ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين (2) ثم اوصيك يا حسن وجميع ولدي وأهلي ومن يبلغه كتابي بتقوى الله ربكم ولا تموتن إلا وانتم مسلمون ، واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا فاني سمعت أبا القاسم عليه السلام يقول : ان صلاح ذات البين أفضل من عامة الصلاة والصيام .
انظروا إلى ذوي ارحامكم فصلوهم يهون الله عليكم الحساب .
الله الله في الايتام فلا تغيروا افواههم ولا يضيعن بحضرتكم .
الله الله في جيرانكم فانهم وصية نبيكم ما زال يوصي بهم حتى ظننا انه سيورثهم .
الله الله في القرآن فلا يسبقنكم بالعمل به غيركم .
الله الله في الصلاة فانها عماد دينكم .
الله الله في بيت ربكم فلا يخلون ما بقيتم فانه ان ترك لم تناظروا .
الله الله في شهر رمضان فان صيامه جنة من النار .
الله الله في الجهاد في سبيل الله باموالكم وأنفسكم .
الله الله في الزكاة فانها تطفي غضب الرب ، الله الله في ذمة أهل بيت
____________
(1) انظر مقتل أمير المؤمنين لابن ابي الدنيا ح | 33 .
(2) في [ ر ] : اول المسلمين .

( 386 )

نبيكم فلا يظلموا بين ظهرانيكم ، الله الله في أصحاب نبيكم فان رسول الله صلى الله عليه وآله أوصى بهم .
الله الله في الفقراء والمساكين فاشركوهم في معايشكم ، الله الله فيما ملكت ايمانكم فان آخر ما تكلم به رسول الله صلى الله عليه وآله ان قال : أوصيكم بالضعيفين : نساؤكم وما ملكت ايمانكم ، الصلاة الصلاة لا تخافن في الله لومة لائم يكفيكم من ارادكم وبغى عليكم وقولوا للناس حسنا كما امركم الله .
ولا تتركوا الامر بالمعروف والنهى عن المنكر فيتولى الامر شراركم ثم تدعو فلا يستجاب لكم .
علكيم بالتواصل والتباذل وإياكم والتدابر والتقاطع والتفرق وتعاونوا على البر والتقوى ، واتقوا الله ان الله شديد العقاب .
حفظكم الله من أهل بيت ، وحفظ فيكم نبيكم ، استودعكم الله وأقرأ عليكم السلام ورحمة الله وبركاته .
ثم لم ينطق إلا بلا إله إلا الله حتى قبض في شهر رمضان سنة اربعين وغسله الحسن والحسين وعبد الله بن جعفر وكفن في ثلاثة اثواب ليس فيها قميص وكبر عليه الحسن تسع تكبيرات ، وولى الحسن عمله ستة اشهر (1) وقد كان علي عليه السلام نهى الحسن عن المثلة فقال : يا بني عبد المطلب لا الفينكم تخوضون في دماء المسلمين تقولون قتل أمير المؤمنين عليه السلام ، الا لا يقتل بي إلا قاتلي ، انظر يا حسن ، ان أنا مت من ضربتي هذه ، فاضربه ضربة ولا تمثل بالرجل فاني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : إياكم والمثلة ولو بالكلب العقور ، فلما قبض علي عليه السلام بعث الحسن عليه السلام إلى ابن ملجم لعنه الله ، فقال للحسن : هل لك في خصلة ، اني
____________
(1) اورد ابن ابي الدنيا هذه الوصية بعينه في مقتل أمير المؤمنين ح | 30 .
( 387 )

والله ما اعطيت عهدا إلا وفيت به اني اعطيت الله عهداً أن اقتل علياً ومعاوية أو اموت دونهما ، فان شئت خليت بيني وبينه ولك الله على ان اقتله وان قتلته ثم بقيت لآتينك حتى اضع يدي في يدك فقال : لا والله حتى تعاين النار ثم قدمه فقتله ثم أخذه الناس فأدرجوه في بواري ثم احرقوه بالنار .
402 ـ وأخبرنا الشيخ الإمام أبو النجيب سعد بن عبد الله بن الحسن الهمداني المعروف بالمروزي فيما كتب الي من همدان ـ أخبرنا الحافظ أبو علي الحسن ابن أحمد بن الحسن الحداد باصبهان ـ فيما اذن لي في الرواية عنه ـ أخبرنا الشيخ الأديب أيو يعلى عبد الرزاق بن عمر بن ابراهيم الطهراني ـ سنة ثلاث وسبعين وأربعمائة ـ أخبرنا الإمام الحافظ طراز المحدثين أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه الاصبهاني ، قال أبو النجيب سعد بن عبد الله الهمداني وأخبرنا بهذا الحديث عالياً الإمام الحافظ سليمان بن إبراهيم الاصبهاني ـ في كتابه الي من اصفهان سنة ثمان وثمانين واربعمائة ـ عن أبي بكر أحمد بن موسى بن مردويه ، حدثنا محمد بن علي بن دحيم ، حدثنا أحمد بن حازم ، حدثنا أحمد بن صبيح القرشي ، حدثنا يحيى بن يعلى ، عن اسماعيل البزاز ، عن أم موسى سرية (1) لعلي قالت : قال علي لام كلثوم : يا بنية ما أراني إلا وقل ما اصحبكم قالت ولم يا ابة ؟ قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله البارحة في المنام وهو يمسح الغبار عن وجهي وهو يقول : الي يا علي ، لا عليك قضيت ما عليك .
403 ـ وأخبرنا عين الائمة أبو الحسن علي بن أحمد الكرباسي الخوارزمي ، أخبرنا عماد الدين أبو عبد الله محمد بن ابراهيم الوبري الخوارزمي « رحمه الله » حدثنا الشيخ أبو القاسم ميمون بن علي بن ميمون الميموني ، حدثنا الشيخ
____________
(1) سرية : امرأة سرية من نسوة سريات وسرايا ، وسراة المال : خياره لسان العرب .
( 388 )

صالح ابو شعيب صالح بن محمد بن صالح بن شعيب ، أخبرنا أبو حاتم حدثنا أبو عبد الرحمان ، حدثنا عثمان البغدادي ، حدثنا عبد الرحمان بن صالح ، حدثنا عمر بن هشام ، حدثنا اسماعيل ابن أبي خالد ، عن عامر قال : لما ضرب علي تلك الضربة قال فما فعل ضاربي ، اطعموه من طعامي واسقوه من شرابي فان عشت فانا أولى بحقي ، وان مت فاضربوه ولا تزيدوه ، ثم أوصى إلى الحسن فقال : لا تغال في كفني فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول لا تغالوا في الكفن وامشوا بين المشيتين فان كان خيراً عجلتموه وان كان شراً القيتموه عن اكتافكم (1) .

الآثار :
404 ـ أخبرني الشيخ الإمام تاج الدين ، شمس الادباء ، أفضل الحفاظ محمد بن بينمان بن يوسف الهمداني ـ فيما كتب إلي من همدان ـ حدثنا الشيخ الجليل السيد أبو سعد شجاع بن المظفر بن شجاع العدل ـ في ذي الحجة سنة أربع وتسعين واربعمائة ـ أخبرنا الشيخ الإمام أبو بكر أحمد بن علي بن هلال ، حدثنا محمد بن حمزة بن محمد بن الحرث القعينى ، حدثنا العباس ابن محمد الدوري ، حدثنا أبو النصر ، حدثني أبو معشر ، عن محمد بن عبد الرحمان القرشي ، عن الزهري قال : قال عبد الملك بن مروان : أي واحد أنت أن حدثتني ما كانت علامة يوم قتل علي بن أبي طالب ؟ قال والله يا أمير المؤمنين ما رفعت حصاة ببيت المقدس إلا كان تحتها دم عبيط ، فقال : اني واياك غريبان في هذا (2) .
405 ـ وأخبرني الامام سيد الحفاظ أبو منصور شهردار بن شيرويه بن شهردار
____________
(1) مقتل أمير المؤمنين لابن ابي الدنيا | 65 .
(2) مقتل أمير المؤمنين لابن أبي الدنيا ح | 109 ونظيره في مستدرك الصحيحين للحاكم 3 | 144 .

( 389 )

الديلمي الهمداني ـ فيما كتب إلي من همدان ـ أخبرني أبي شيرويه بن شهردار ، أخبرني أبو الحسن علي بن أحمد الميداني ، أخبرنا أبو عمرو محمد بن يحيى ، أخبرنا أبو حفص عمر بن أحمد بن محمد بن عمر سمعت : أبا القاسم الحسن بن محمد المعروف بابن الرفا بالكوفة يقول : كنت بالمسجد الحرام فرأيت الناس مجتمعين حول مقام إبراهيم عليه السلام ، فقلت : ما هذا ؟ قالوا راهب أسلم ، فاشرفت فإذا بشيخ كبير عليه جبة صوف وقلنسوة صوف ، عظيم الخلق وهو قاعد بحذاء مقام إبراهيم فسمعته يقول : كنت قاعداً في صومعتي فاشرفت منها فإذا طائر كالنسر قد سقط على صخرة على شاطئ البحر ، فتقيأ فرمى بربع انسان ، ثم طار فتفقدته فعاد فتقيأ بربع انسان ، ثم طار ثم جاء فتقيأ بربع انسان ثم طار ثم جاء فتقيأ بربع انسان ثم طار فدنت الارباع فقامت رجلا فهو قائم وانا اتعجب منه حتى انحدر الطير فضربه واخذ ربعه وطار ثم رجع فاخذ الربع الآخر ، ثم رجع فاخذ الربع الآخر ثم رجع فاخذ الربع الآخر فبقيت اتفكر وتحسرت ان لا اكون لحقته فسألته من هو فبقيت اتفقد الصخرة حتى رأيت الطير قد اقبل فتقيأ فرمى بربع انسان فنزلت فقمت بازائه فلم ازل حتى جاء الربع الرابع ثم طار فالتأم رجلا فقام قائما فدنوت منه فسألته فقلت : من أنت ؟ فسكت عني فقلت : بحق من خلقك من أنت ؟ فقال أنا عبد الرحمان بن ملجم ، فقلت وأيش عملت ؟ قال : قتلت علي بن أبي طالب فوكل بي هذا الطير منذ قتلته يقتلني كل يوم أربعين قتلة ، فهو يخبرني وانقض الطير فأخذ ربعه وطار فسألت عن علي فقالوا ابن عم رسول الله فأسلمت .
406 ـ وأخبرنا الشيخ الزاهد الحافظ أبو الحسن علي بن أحمد العاصمي الخوارزمي ، أخبرنا القاضي الامام شيخ القضاة اسماعيل بن أحمد الواعظ ، أخبرنا والدي شيخ السنة أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي ، أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، حدثنا علي بن محمد القريشي ،


( 390 )

حدثنا يحيى بن الحسن بن الفرات القزاز ، حدثنا محمد بن عمر ، عن أبان ابن تغلب ، عن سلمة بن كهيل ، عن عبد الله بن سميع قال : قال علي بن أبي طالب عليه السلام ـ قبل أن يضرب بثلاث ـ أين شقيكم هذا ؟ أما والله ليخضبن هذه من هذا ، قال فلما ضرب دخلت عليه فقلت : يا أمير المؤمنين استخلف قال : لا ، قلت اتق الله فما تقول لربك ؟ قال : اقول تركتهم كما تركهم رسول الله ، ان شئت اصلحتهم وان شئت أفسدتهم (1) .
407 ـ وأنباني مهذب الائمة أبو المظفر عبد الملك بن علي بن محمد الهمداني ـ نزيل بغداد ـ أخبرنا محمد بن عبد الباقي بن محمد بن عبد الله ، أخبرنا الحسن ابن علي بن محمد ، أخبرني محمد بن العباس بن محمد بن زكريا قال : قرأ على أبي الحسن ابن معروف ، حدثنا الحسين بن الفهم ، حدثنا محمد بن سعد ، حدثنا خالد بن مخلد ومحمد بن الصلت قالا : أخبرنا الربيع بن المنذر ، عن أبيه ، عن محمد بن الحنفية قال : دخل علينا ابن ملجم لعنه الله الحمام وانا والحسن والحسين جلوس في الحمام ، فلما دخل كأنهما اشمأزا منه ، فقالا : ما أجرأك تدخل علينا ؟ قال فقلت لهما : دعاه عنكما فلعمري ما يريد بكما
____________
(1) الحديث من الموضوعات على أمير المؤمنين عليه السلام وتدل على ذلك الاحاديث الصحيحة المتواترة المصرحة بانه عليه السلام ناشد في كثير من المناسبات ـ جمعاً من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله بحديث الغدير واستخلافه اياه فيه ، وقد ثبت عندنا أيضا انه صلى الله عليه وآله كان قد نص على امامة الحسن وسائر الائمة (ع) مثل ما نص على ابيهم أمير المؤمنين (ع) غير مرة ولكنهم لم يطيعوا امره ولم ينفذوا وصيته فبالأحرى ان لا ينفدوا وصية علي (ع) ولا يطيعوه في استخلافه للحسن (ع) . كما وان الروايات الصحيحيه وردت عندنا في نص أمير المؤمنين (ع) على استخلاف ابنه الحسن (ع) . راجع لذلك كتاب « الارشاد » للشيخ المفيد وكتاب « الكافي » للكليني وغيرهما من كتب التاريخ والحديث والكلام . ولا مجال لنا هنا لذكر أكثر من هذا .
كل هذا إلى جانب ان الحديث في المقام ضعيف السند لجهالة عبد الله بن سميع الراوي له ، ويحيى بن الحسن بن الفرات القزاز وغيرهما مما هم موضع الطعن عند عديد من اصحاب الجرح والتعديل .

( 391 )

لأجسم من هذا ، فلما كان يوم أتى به أسيرا قال ابن الحنفية : ما انا اليوم باعرف به من يوم دخل علينا الحمام فقال علي عليه السلام : انه اسير ، فاحسنوا نزله واكرموا مثواه ، فان بقيت قتلت أو عفوت ، وان مت فاقتلوه قتلتي « ولا تعتدوا ان الله لا يحب المعتدين » (1) .
408 ـ أخبرنا الشيخ الإمام الزاهد الحافظ أبو الحسن علي بن أحمد العاصمي ، أخبرنا شيخ القضاة اسماعيل بن أحمد ، أخبرنا والدي أحمد بن الحسين البيهقي ، أخبرنا أبو الحسين بن بشران ببغداد ، أخبرنا أبو عمرو بن السماك ، حدثنا حنبل بن اسحاق ، حدثنا اسحاق بن اسماعيل ، حدثنى جرير ، عن المغيرة قال : لما جاء معاوية [ خبر ] وفاة على وهو قائل مع امرأته بنت قرظة في يوم صائف قال « إنا لله وإنا إليه راجعون » (2) ماذا فقدوا من العلم والفضل والخير ؟ فقالت له امرأته : تسترجع عليه اليوم ؟ قال : ويلك لا تدرين ماذا ذهب من علمه وفضله وسوابقه (3) .
409 ـ وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرنا أبوا الوليد الفقيه ، حدثنا الهيثم بن خلف ، حدثنا على بن الربيع الانصاري ، حدثنا حفص بن غياث ، عن أبي روح ، عن مولى لعلي : إن الحسن بن علي (4) صلى على علي ، وكبر أربعاً (5) .
____________
(1) الامامة والسياسة 1 | 160 ـ الطبقات الكبرى لابن سعد 3 | 35 وفيه : فلعمري ما يريد بكما أحشم من هذا ...
(2) في الأصلين : تقديم وتأخير بين هذين الجملتين قال انا لله . . وهو قائل مع امرائة ...
(3) مقتل أمير المؤمنين لابن أبي الدنيا ح | 95 . وهذا الحديث يتنافى مضمونه حديثا آخر أظهر فيه معاوية موقفا مبايناً لهذا الموقف ، فقد جاء في منهاج البراعة 9 | 127 : انه لما بلغ نعى أمير المؤمنين إلى معاوية فرح فرحا شديداً وقال : ان الاسد الذي كان يفترش ذراعيه في الحرب قد قضى نحبه ... بل هو يتنافى مع موقفه العام من امام المتقين فهو الذي عادى علياً عليه السلام وقاتله وقتل انصاره واعوانه واختلق ضده الاحاديث .
(4) من هنا إلى صفحة : 396 ، سطر : 5 ساقط من [ و] .
(5) رواه الحاكم في المستدرك 3 | 143 ورواه ابن سعد في الطبقات 3 | 37 .