410 ـ وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرنا أبو الحسين بن الفضل ، أخبرنا عبد الله بن جعفر ، حدثنا يعقوب بن سفيان ، حدثنا أبو نعيم ، حدثنا عبد الجبار ، عن عباس الهمداني ، عن عثمان بن المغيرة قال : لما ان دخل رمضان كان علي عليه السلام يتعشى ليلة عند الحسن [ وليلة عند ] الحسين [ وليلة عند ] ابن عباس ولا يزيد عن ثلاث لقم ويقول : [ يأتيني ] امر الله وانا اخمص انما هي ليلة أو ليلتان فاصيب من الليل (1) .
411 ـ وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، قال سمعت أبا اسحاق ابراهيم بن اسماعيل القاري يقول : سمعت عثمان ابن سعيد الدارمي يقول : سمعت أبا بكر بن أبي شيبة يقول : ولى علي بن أبي طالب خمس سنين ، وقتل سنة أربعين من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وآله وهو ابن ثلاث وستين سنة ، قتل يوم الجمعة [ ودفن يوم الأحد ] الحادي والعشرين من شهر رمضان ومات يوم الاحد ودفن بالكوفة (2) .
412 ـ وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرنا أبو الحسين بن الفضل
____________
وصلاة الجنائز فيها خمس تكبيرات ، تفتتح بالاولى وتنتهي بالخامسة ، يدعو المصلي عقيب اربع منها ثم يكبر الخامسة وينصرف ، فلعل الحسن عليه السلام كبر الخامسة بصوت خافض لم يسمعها الراوي ـ على تقدير صحة الرواية هذا وقد روى ابو الفرج في « مقاتل الطالبيين » | 41 وابو حنيفة الدينوري في « الاخبار الطوال » | 216 : انه صلى ـ (ع) ـ فكبر خمساً .
وقد صلى زيد بن ارقم فكبر خمساً فقيل له . فقال : رأيت أبا القاسم صلى الله عليه وآله صلى على جنازة فكبر خمساً فلا اتركه ابداً .
رواه الجماعة الا البخاري ! المنتقى 2 | 86 ، مسند أحمد 4 | 370 سنن البيهقي 4 | 36 ، شرح معاني الآثار 1 | 493 ، المصنف لابن ابي شيبة 3 | 303 .
(1) اسد الغابة 4 | 35 وفيه : « عبد الله بن جعفر » بدل « ابن عباس » ورواه ايضا الجويني في فرائد السمطين 1 | 387 .
(2) رواه أيضاً الجويني في فرائد السمطين 1 | 388 والمعروف عند الامامية انه ضرب في الليلة « 19 » من شهر رمضان واستشهد في الليلة الحادي والعشرين منه ودفن بالغري بظاهر الكوفة .

( 393 )

القطان ببغداد ، أخبرنا علي بن عبد الرحمان بن ماتي بالكوفة ، حدثنا أحمد بن حازم ، عن أبي غرزة قال أخبرنا عبيدالله بن موسى ، أخبرنا سكين ، حدثنا حفص بن خالد ، عن أبيه ، عن جده جابر قال اني لشاهد لعلي عليه السلام وأتاه المرادي يستحمله فحمله ثم قال :

عذيري من خليلي من مراد * اريد حياته ويريـد قتلي (1)

ثم قال : هذا والله قاتلي ، قالوا : يا أمير المؤمنين أفلا تقتله ؟ قال : لا ، فمن يقتلني إذا ، ثم قال :

اشدد حيازيمك للموت * فــإن المـوت آتيكـا
ولا تجزع من الموت * إذا حــل بواديكـا (2)

413 ـ وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حدثنى أبو سعيد أحمد بن محمد النخعي ، حدثنا عبد الرحمان بن أبي حاتم ، حدثني أبي ، حدثني عمر بن طلحة الفناد ، حدثني اسباط بن نصر قال :
____________
أريد حباءه ويريد قتلي * عذيرك من خليلك من مراد

(1) هذا بيت شعر تمثل به أمير المؤمنين عليه السلام حيت اتاه ابن ملجم المرادي لعنه الله واخزاه ، واصل البيت لعمرو بن معدى كرب الزبيدي وكان من اعظم فرسان العرب في الجاهلية وصدر الإسلام ، وقد أسلم في سنة تسع أو عشر ولكنه ارتد في زمن النبي صلى الله عليه وآله فأرسل إليه علياً عليه السلام فبارزه ولما تمكن منه هرب عمرو ، ثم تاب وعاد إلى الاسلام . وكان صاحب السيف المعروف بالصمصامة . وكان عمرو شاعرا مجيدا وله ديوان شعر ، شهد القادسية وقتل رستم وتوفي آخر خلافة عمر ، وقيل انه قتل في وقعة نهاوند وقيل : مات في خلافة عثمان في خروجه إلى الري ...
ومطلع قصيدته :
اعاذل عدتي بدني ورمحي * وكل مقلــص سلس القيــاد

وختامها : اريد حياته و...
وفي الاغاني : اريد حباءه ...
والحباء : العطاء بلا من ولا اذى ، وعذيرك من فلان : علم من يعذرك منه ـ انظر الاغاني 15 | 208 وما بعده ـ واسد الغابة 4 | 132 .
(2) رواه ابن ابي الدنيا في مقتل أمير المؤمنين ح | 26 بصورة اخرى .

( 394)

سمعت اسماعيل ابن عبد الرحمان يقول : كان عبد الرحمان بن ملجم المرادي قبجه الله عشق امرأة من الخوارج من تيم الرباب يقال لها قطام فنكحها واصدقها ثلاثة آلاف درهم وقتل على ، ففى ذلك يقول الفرزدق :

فلم أر مهراً ساقـه ذو سماحــة * كمهــر قطــام بين غير معجم
ثلاثــة آلاف وعبـد وقينــة * وضرب علي بالحسام المصمم (1)
فلا مهر أغلى من علي وان غـلا * ولا فتك إلا دون فتك ابن ملجم (2)

____________
(1) المصمم على وزن الفاعل بمعنى السيف الذي يمر في العظام أو يقطع المفصل ، أو السيف الشديد الصلب ـ لسان العرب وفتح الميم لضرورة الشعر .
(2) رواه ابن أبي الدنيا في مقتل أمير المؤمنين | ح 76 بصورة اخرى وفيه : أنبأني سعيد بن يحيى الاموي قال أنشدني أبي لابن حطان في ابن ملجم :
ولم ار مهراً ساقه ذو سماحة * كمهر قطام بين غير معجم

( 395 )

الفصل السابع والعشرون
في بيان مبلغ نسبه وبيان مدة خلافته وبيان ما جاء من الاختلاف في ذلك

414 ـ قال « رضي الله عنه » : اكثر روايات المحدثين وأصحاب التواريخ : أنه استشهد وهو ابن ثلاث وستين سنة على ما أخبرنا به الامام الزاهد الحافظ ابو الحسن علي بن أحمد العاصمي (1) ، أخبرنا القاضي الامام شيخ القضاة اسماعيل ابن أحمد الواعظ ، أخبرني أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي ، أخبرني أبو عبد الله الحافظ ، أخبرني أبو بكر بن دارم الحافظ ، حدثني محمد بن موسى ابن حماد البريري (2) حدثني يعقوب بن ابراهيم بن صالح ـ صاحب المعلى ـ قال : حدثني على بن عاصم ، حدثني القاسم بن معن ، عن الأعمش ، عن عمرو بن مرة ، عن عبد الرحمان بن أبي ليلى قال : قتل علي عليه السلام يوم الجمعة سنة اربعين ، وكان خلافته خمس سنين إلا ثلاثة اشهر ، قتله عبد الرحمان بن ملجم المرادي وهو يوم قتل ابن ثلاث وستين سنة أو أربع وستين سنة .
415 ـ وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ ، أخبرنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن عمرو الأحمسي بالكوفة ، حدثني الحسن بن حميد بن الربيع اللخمي ، حدثنا الحسين بن علي السلمي ،
____________
(1) إلى هنا ساقط من [ و] .
(2) البرير : هو اسم يشتمل قبائل كثيرة في جبال المغرب من برقة إلى آخر المغرب على البحر المحيط وفي الجنوب إلى بلاد السودان وهم امم وقبائيل لا تحصى و... مراصد الاطلاع .

( 396 )

حدثني عمر بن محمد بن حسان ، عن الحسين بن زياد قال : قال ابو معشر : عن شرحبيل بن سعد قال : استخلف علي بن أبي طالب عليه السلام آخر سنة خمس وثلاثين وهو ابن ثمان وخمسين سنة وستة أشهر ، فلما كان سنة اربعين قتل يوم الجمعة لسبع عشرة مضت من رمضان سنة أربعين ، وهو ابن ثلاث وستين سنة وكان خلافته اربع سنين وتسعة أشهر (1) .
416 ـ وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرنا أبو الحسين بن بشران ، أخبرنا أبو عمرو بن السماك ، حدثنا حنبل بن اسحاق ، حدثني أبو عبد الله ـ وهو أحمد بن حنبل ـ حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا ابن جريح ، اخبرني محمد بن عمر بن علي : ان علي بن أبي طالب عليه السلام مات لثلاث أو أربع وستين سنة (2) .
قال « رضي الله عنه » : فذكر أبو على البيهقي السلامي في تاريخه : ان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام استخلف في ذي الحجة سنة خمس وثلاثين ، وكانت خلافته اربع سنين وتسعة اشهر ، ثم قتله عبد الرحمان بن ملجم لعنه الله ليلة الجمعة لثلاث عشرة بقيت من شهر رمضان سنة اربعين . وذكر أبو جعفر محمد بن حبيب البغدادي صاحب « المحبر الكبير » : أن مدة خلافته ، كانت خمس سنين إلا شهرين ، ثم قتله ابن ملجم لعنه الله في شهر رمضان ضربه قبل دخول العشر الاواخر بليلتين ، ومات أول ليلة من العشر الاواخر في سنة اربعين وهو ابن ثلاث وستين سنة وصلى عليه الحسن عليه السلام .
وذكر أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة في كتاب « المعارف » : ان أمير المؤمنين عليه السلام قتل ليلة الجمعة لسبع عشرة ليلة مضت من شهر
____________
(1) رواه ابن أبي الدنيا في مقتل أمير المؤمنين ح | 41 مع اختلاف في المتن .
(2) مقتل أمير المؤمنين لابن أبي الدنيا ح | 50 وفيه في آخر الحديث : أو نحو ذلك .

( 397 )

رمضان سنة أربعين ، وكان ولايته خمس سنين إلا ثلاثة أشهر .
وذكر عن ابن اسحاق : انه قتل وهو ابن ثلاث وستين سنة .
وروى عن بعضهم انه استشهد وهو ابن ثمان وخمسين سنة (1) على ما أخبرنا الشيخ الامام الزاهد أبو الحسن علي بن أحمد العاصمي ، أخبرنا القاضي الامام شيخ القضاة اسماعيل بن أحمد الواعظ ، أخبرنا والدي شيخ السنة أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي ، أخبرنا أبو الحسين بن بشران العدل ببغداد ، أخبرنا أبو عمرو ابن السماك ، حدثنا حنبل بن اسحاق ، حدثني الحميدي ، حدثنا سفيان ، حدثنا جعفر بن محمد ، عن أبيه قال : قتل علي وهو ابن ثمان وخمسين ، ومات لها الحسن ، وقتل الحسين لها ومات علي بن الحسين وهو ابن ثمان وخمسين سنة (2) .
وذكر أصحاب التواريخ : ان أمير المؤمنين عليه السلام قبض عن تسعة وعشرين ولد لصلبه : أربعة عشر ذكرا ، وخمس عشرة انثى ، خمسة منهم لفاطمة بنت رسول الله : الحسن والحسين ومحسن وزينب الكبرى وام كلثوم الكبرى ، وسائرهم من امهات شتى « رضى الله عنهم أجمعين » .
النظم :

هل أبصرت عيناك في المحراب * كأبى تراب مـن فنى محــراب
لله در أبــى تــراب إنــه * أسد الحـروب وزينـة المحراب
هو ضارب وسيوفه كثـواقــب * هـو مطعــم وجفانــه كجوابي
هو ما هد أرض الدماء ومطلــع * شهب الأسنــة في سماء ضراب
هو قاصم الأصلاب غير مدافـع * يـوم الهيــاج وقاسـم الأسلاب
إن النبي مدينــة لعلـومــه * وعلـي الهــادي لها كالبــاب
لولا علي ما اهتدى في مشكـل * عمر الاصابـة والهدى لصـواب

____________
(1) المعارف | 91 .
(2) مقتل أمير المؤمنين لابن أبي الدنيا ح | 47 .

( 398 )

قد نـازع الطيــر النبـي ورده * من رده فاصــدق وقـل بكذاب
وطهارة الهــادي علـي أشعرت * بطهــارة الأرحـام والإصلاب
ما ارتاب في فضل المحق المهتدي * غير الغنوى المبطل المرتــاب
قد حاز غايــات العلى لما كبـا * من دونهن مشمــروا الطـلاب
فتح المبشر بـاب مسجـده لــه * إذ سـد فيه سائــر الابـواب
فزع العــدى أسنانهـم لما منوا * منــه بليـث كاشـر الانياب
كالشهد مولانا علـي المرتضـى * للاولياء وللعدى كالصـاب (1)
في السلم طود في الحروب عقيقه * بالعدل راض للهضيمة آبى (2)
فالى الثريا كم أثـار عجـاجــة * من كل رأس في الثرى منساب
غيث هطول يــوم بسط حرائب * ليث صؤول يوم قض حراب (3)
إن الوصي مجندل عمـر الضبا * في الله بين دكادك وروابي (4)
إن الوصي لملقـح لوقـايــع * ولدت حتوف أسودها في الغاب

____________
(1) الصابي ، الذي يميل إلى الفتنة وفي لسان العرب : وفي حديث الفتن لتعودن فيها اساود صبى ، هي جمع صاب كغاز وغزى ، وهم الذين يصبون إلى الفتنة أي يميلون إليها ، وقيل : انما هو صباء جمع صابئ بالهمزة كشاهد وشهاد ، ويروي : صب ، . . وفي حديث هوازن : قال دريد بن الصمة : ثم الق الصبى على متون الخيل أي الذين يشتهوه الحرب ويميلون إليها ويحبون التقدم فيها والبراز . لسان العرب .
(2) العقيقة : الشعاع ومنه قيل : السيف كالعقيقة ومثل العقيقة والعقق : البرق إذا رأيته في وسط السحاب كانه سيف مسلول لسان العرب . الهضيمة : ان يتهضمك القوم شيأ أي يظلموك لسان العرب .
(3) الحرائب ، جمع الحريبة : يقال حريبة الرجل ماله الذي يعيش به .
(4) ضبا ضباء : لصق بالأرض ، فيمكن أن يكون الضبا وصفا لعمرو ويكون المراد تساقطه وتسافله . الدكادك ، جمع الدكدك أو الدكداك : من الرمل ما تكبس واستوى وايضاً ارض فيها غلظ لسان العرب .
الروابي ، جمع الرابية : ما اشرف من الرمل مثل الدكداكة ، والدكداكة اشد اكتنازا واغلظ لسان العرب .

( 399 )

ان الوصي لفى صبــاه جامـع * عزم الكهول إلى صيــال شباب
إن الوصي أبا تراب دس فــي * بطــن التراب جماجم الا تراب
إن الوصي لموضع الأســرار إذ * زم النبــي مطيــة لذهاب (1)
إن الوصي اخا النبي المصطـفى * زمن الصبـا ما جرذيل تصابى
إن الوصي ضميــره لم ينسـدل * يومــا على الاحقاد للاصحاب
إن الوصي كمـن علمتــم لبـه * متثبت في مدحــض الالبـاب
إن الوصي عن الفواحش معرض * ومعــرض لكتائـب وكتـاب
ورث السماحـة والحماسة معشرا * جبلـوا بأجمعهم على الانجـاب
وجلت خطابته عرايـس حــرداً * للفاضليــن كثيـرة الخطـاب
وله مناقب مـد مدحـى ضبعــه * فيهـا وأكثـرهــا وراء نقاب
أعربت عنها ملأ حيزومى ولــم * أقطــع مطامع حلية الاعراب
يا عاتبي بهـوى علـي زدتــه * صدقـا هواى فزد بكمت عتاب
أهوى جديد القلـب في إيمانــه * رث العمامــة بالـي الجلباب
أرهبتنــي بلـوائــم لفقتـهـا * لمــا علمت بشأنـه عجابـي
وأهبت نحــوى بالملام بأننــى * بهــوى علي قد ملات إهابي
ولقد اتى هذا الفتـى ما قـد أتـى * في هـل أتى فالى متى ارهابي
إن كان أسباب السعــادة جمـة * فهــوى علـي أأكد الاسباب
وكسوت أعقابي بنظمي مدحــة * حللا تجد علــي بلى الاحقاب
حسناه ؛ وهو وفاطم أهــواهـم * حقا وأوصى بالهــوى أعقابي

وقال رضي الله عنه في مدحه عليه السلام :

ألا هل من فتى كأبي تراب * وانى مثله فوق التراب (2)

____________
(1) زم الانوف : ان يخرق الأنف ويعمل فيه زمام كزمام الناقة ليقاد به ـ النهاية
(2) في الغدير : امام طاهر .

( 400 )

إذا ما مقلتـي رمدت فكحلــي * تراب مس نعـل أبي تــراب
محمد النبــي كمصــر علـم * أميــر المؤمنيـن له كبــاب
هو البكـاء في المحراب لكــن * هو الضحاك في يوم الحــراب
هو المولى المفرق فــي الموالى * جرائـب قد حواهـا بالحــراب
وعن حمراء بيت المـال أمسـى * وعن صفرائه صفـر الوطاب (1)
شياطين الوغى دحروا دحــوراً * به إذ سـل سيفــا كالشهاب (2)
نعم زوج البتـول أخـو أبيهــا * أبو السبطين رواض الصعاب (3)
علي مــا علــي مـا علـي * فتى يــوم الكتيبــة والكتاب
علــي بالهدايــة قـد تحلـى * ولمــا يدرع يـرد الثيـاب (4)
علي كاسـر الاصنــام لمــا * علا كتف النبي بـلا احتجــاب
علي في النســاء لـه وصـي * أميــن لم يمانـع بالحجاب (5)
علي إن غـزا قومــاً تجدهـم * مراد الطيــر منتجع الذبـاب
علي قرنـه العاتــى قــراب * إذا شـام الحسام من القراب (6)
علي إن رمــوه بمعضــلات * معقــدة لــه فصل الخطاب
علي عانقــت يمنـاه طــرا * كعــوب رماحه دون الكعاب
علي ضــارب بضبـا كشهب * مضيف في جفــان كالجوابي

____________
(1) الوطاب جمع الوطب .
(2) الوغى : الاصوات في الحرب .
(3) رواض ، من راض الدابة يروضها روضا ورياضة : وطاها وذللها ، أو علمها السير ، قال امرؤ القيس : ورضت فذلت صعبته أي اذلال ـ لسان العرب .
(4) ادرع القميص : إذا لبسها وقد تكرر في الحديث ـ النهاية
(5) في [ و] : لم يصانع .
(6) المقاربة والقراب : المشاغرة للنكاح وهو رفع الرجل ـ شام الحسام : سله والقراب [ الثاني ] غمد السيف والسكين ونحوهما لسان العرب .

( 401 )

علـي عابـس طلـق المحيــا * مضاع المال محمي الجنـاب (1)
علي بــراءة وغديــر خــم * وراية خيبــر ضرغــام غاب
علـي قاتــل عمــرو بـن ود * بضـرب عامر البلد الخــراب
علــي تارك عمــرا كجــذع * لقــى بين الدكــادك والروابى
ففضله النبــي بصـدق ضـرب * على من صدقــوه في الثـواب
علي في مهــاد المـوت عــار * وأحمد مكتــس غـاب اغتراب
يقــول الـروح بخ بخ يا علـي * فقـد عرضــت روحك لانتهاب
علي أحمـس الأصحــاب قدمـا * وأسمحهـم بنـيــل مستطـاب
وهو اعلمهــم وأقضاهـم بعلـم * بعيد القعـر رجاف العبــاب (2)
مؤد في الركـوع زكــاة مــال * حوتــه حرابـه يوم الحــراب
علي الضيـف والسيـف المؤتـى * وصوم الصيف والخير الحساب (3)
نعم يوم العطــاء لـه عطــاء * حساب ليس يدخل في الحســاب
فنازع صهره الطيـر المهــادى * وكــان يـرد منـه بالكتــاب
هما مثـلا كهــرون وموســى * بتمثيــل النبــي بلا ارتيـاب
بنـى في المسجد المخصوص باباً * له إذ سـد أبـواب الصحــاب
كــأن النــاس كلهم قشــور * ومولانــا علــي كاللبــاب
ولايته بلا ريــب كـطــوق * علـى رغم المعاطس في الرقاب
إذا عمــر تخبط فــي جواب * ونبهــه علــي للصــواب
يقــول بعد لــه لولا علــى * هلكت هلكت في درك الجواب (4)
ففاطـمــة ومـولانــا علـى * ونجلاه سروري فـي اكتئابــي

____________
(1) العابس : العبوس والشديد ـ المحيا : جماعة الوجه ـ لسان العرب .
(2) الرجاف : البحر ، سمى به لاضطرابه وتحرك امواجه ، اسم له كالقذاف : العباب : كثرة الماء .
(3) الحساب : الكثير ، وفي التنزيل " عطاء حساباً النبأ : 36 ـ أي كثيراً كافياً .
(4) في الغدير : ذاك الجوابي .

( 402 )

ومن يك دأبــه تشييد بيــت * فها أنا حب أهــل البيت دأبي
لقـد قتلــوا عليـا إذ تخلـى * لسبحتــه فهلا فـي الضراب
وقد قتلوا الرضا الحسن المرجى * جواد العــرب بالسم المـذاب
وقد منعوا الحسين الماء ظلمــاً * وكــان المــاء ورد للكلاب
ولـو لا زينب قتلــوا عليـا * صغيــراً قتـل بق أو ذباب
وقد صلبوا امام الحـق زيــداً * فيـا لله مـن ظلــم عجـاب
بنات محمد في الشمس عطشى * وآل يزيد في ظـل القبــاب
لآل يزيــد من أدم خيـام (1) * وأصحاب الكسـاء بلا ثيــاب
يزيد وجـده وأبــاه أقلــي * وألعن والديانــة لا تحــابى

وقال أيضاً :

لقد تجمع في الهادي أبـي الحسـن * ما قد تفـرق في الأصحاب من حسن
ولم يكن في جميع الناس من حسـن * كـان في الضيغـم العادي ابي الحسن
هل كان فيهم وإن تصدق حمدت بـه * ما كـان فيـه من التحقيــق واللسن
هل أودع الله أياهـم وإن فضلــوا * ما أودع الله إيـاه مـن الزكــن (2)
هل فيهم من لــه زوج كفاطمــة * قل لا وان مات غيظا كل ذي احن (3)
هل فيهـم من له في ولـده ولــد * مثل الحسين شهيد الطــف والحسن
هل فيهـم من لـه عــم يـوازره * كمثــل حمـزة في اعمام ذي الزمن
هل فيهم من لخـه صنـو يكايفــه * كجعفـر ذي المعالي الباســق الفتن
هل فيهم من تولى يـوم خندقهــم * قتـال عمــرو وعمرو خـر للذقن
هل فيهم يوم بــدر من كفى قدمـا * قتــل الوليـد الهزبر الباسل الحزن

____________
(1) في [ و] : قباب .
(2) الزكن : التفرس والظن والفطنة والحدس لسان العرب .
(3) في [ و] : قل لى .

( 403 )

هل فيهم من رمــى في حين سطوته * بــاب خيبــر يضعف ولـم يهـن
هــل فيهم مشتـر بالنفـس جنتــه * اكــرم بمثمنـه الغالــي وبالثمـن
هل فيهم غيره من حــاز مجتهــدا * علم الفرايــض والآداب والسنــن
هل سابق مثلـه فــي السابقيـن لـه * فضـل السبــاق وما صلى إلى الوثن
وهل أتى هـل أتــى الا إلـى أسـد * فتـى الكتايــب طود الحلم في المحن
أطاع في النقــض والإبـرام خالقـه * وقد عصــى نفسـه في السر والعلن
قد كان يلبس مسحـاً باليــاً خلقــاً * مع التمكــن ممـا حيك في عــدن
ماكـان في زهــده أو علمــه درن * وإن مضى عمــره فـي ثوبه الدرن
الناس في سفح علــم الشـرع كلهـم * لكن علي أبو السبطيــن في الفتن (1)
ويومـه حرب أسد الحــرب فتكهــا * وليلــه سبحــة طـرادة الرســن
يا أحبـس النــاس والهيجاء لاقحــة * يا أسمح الناس بالدنيــا بلا منـن (2)
ما في السيوف كسيف شمتــه حتفــاً * وإن جلتـه زمانــا خطـة اليمــن
ولا كصهرك في الأصهــار من أحـد * ولا كمثلك فــي الاختـان من ختـن
تبا لبـاغيــة شامــوا قواضبـهـم * لنصرهـم آل حــرب مصـدر الفتن
قد فضلوا نجل حــرب من ضلالتهم * على امام الهدى الراضي الرضا الفطن
يرجــون جنتهم هيهات قد طلبــوا * مــاء الركايــا بلا دلو ولارسن (3)
وهم يلاقونــه فـي قعـر نارهــم * مع الشياطيــن مقرونون في قرن (4)

____________
(1) السفح : الحضيض الاسفل القنن : بضمها وله جمع قنة : الجبل المنفرد المستطيل في السماء وكذا قنة الجبل وقلته : اعلاه لسان العرب .
(2) في [ و] في الدنيا .
(3) الركايا جمع ركوة : البئر .
(4) القرون بالتحريك : الحبل الذي يشد [ الشيئان ] به . . ومنه حديث ابن عباس رضي الله عنهما : الحياء والايمان في قرن أي مجموعان في حبل أو قران لسان العرب .

( 404 )

الدعاء

قال رضي الله عنه :
الحمد لله بارئ النسم ، ومقدر القسم ، وكاشف الغمم ، الذي اخرجنا في افضل الامم امة محمد المصطفى افضل العرب والعجم ، الذي نصر دينه بسيوف أصحابهه من المهاجرين والانصار ، ومن بعدهم من التابعين الابرار صلى الله عليه وآله ورضي عن أصحابه السالكين مسالكه في فرائضه وسننه وآدابه .
اللهم ان أصحاب رسولك قد ارضوا في رضاك جوامح شهواتهم ورضوا بدلائلك كواهل (1) شبهاتهم وتركوا لدينك دين آبائهم وأمهاتهم ، وقمعوا بسواعدهم المساعدة مردة اسود عداتهم في أجماتهم وسكنوا اضطراب الايام بحركاتهم ، وهزموا ثبات المشركين بثباتهم وأطفاؤا نيران الكفر بلجج ظباتهم (2) وطردوا لذيذ رقادهم بسجداتهم في صلاتهم ودعواتهم (3) في خلواتهم . ونوروا قلوبهم بذكرك في ظلماتهم . وغمروا الفقراء بصدقاتهم وصلاتهم ، وأسالوا سيول الدماء باسلاتهم (4) واطلعوا فوق أرض الدماء من
____________
(1) رضه رضا : دقة جريشا الكاهل : مابين الكتف وموصل العنق النهاية .
(2) ظبات جمع ظبة : حد السيف والسنان والخنجر المجم الوسيط .
(3) من هنا إلى آخر الكتاب ساقط من [ ر ] .
(4) الأسلات جمع السلت ، سيف أو سكين سلت : صقيل ماض المعجم الوسيط .

( 405 )

سماء القتام (1) نجوم أسنة قنواتهم ، وقمعوا خياشيم السهل السهل والحزن بنفحات ثمرات شجرات جنات حسناتهم واصطلوا بحر الجلاد في سيراتهم (2) فعظم اللهم بذلك درجاتهم في جناتهم واقبضهم نواصي طلباتهم واجعلنا بحبنا إياهم اضياف بركاتهم ، اللهم انا نحب رسولك . ونحب جميع الصحابة الاسود الاخيار في الكتيبة والكتائب الذين رموا بأنفسهم يوم الحراب إلى لهوات (3) الجراب . ونثروا لئالي دموعهم على يواقيت خدودهم [ من نرجس عيونهم ] في المحراب ، وقروا (4) اضيافهم بجفان كالجواب (5) فارفع بما قاسوا (6) يا رب الارباب منازلهم يوم الحساب ورش علينا قطرة مما تفيض عليهم من سحائب الثواب ، اللهم من جاد لنا من مبغضيهم فانا في جلية المجادلة نكبهم والمرأ مع من أحب ونحن نحبهم فاجعلنا منهم واليهم وفيهم ومنهم ، وارض عنا كما رضيت عنهم ، اللهم أنهم قد فجروا فيما يرضيك عينهم وادروا بما يزلفهم لديك عينهم وقضوا في طاعتك حينهم وقد كملت حلاهم واتممت زينهم إذ قلت في صفتهم « والذين معه اشداء على الكفار رحماء بينهم » اللهم اجمع بيننا وبينهم . الهنا انهم تقلدوا في مرضاتك سيوفاً واعتقلوا مراناً ، وعالجوا حروب شياطين الانس أزمانا ، وصارعوا فرسانا وشجعانا ، وكسروا صليانا
____________
(1) القتام كسحاب : الغبار مجمع البحرين .
(2) في حديث السقيفة : انا الذي لا يصطلى بناره ، الاصطلاء ، افتعال من صلا النار : التسخن بها أي انا الذي لا يتعرض لحربي ، يقال : فلان لا يصطلا بناره ، إذا كان شجاعا لا يطاق النهاية السبرات جمع السبرة : الغداة الباردة وقيل : مابين السحر إلى الصباح .
(3) لهوات جمع لهادة وهي الحمات في اقصى الفم .
(4) قرى الضيف قرى وقراء : اضافه واكرمه ـ لسان العرب .
(5) اقتباس من آية (13) من سورة « السبأ » ، الجفان جمع الجفنة : القصعة ، والجواب جمع الجابية [ والقياس فيه الجوابي ] : الحوض يجبي فيه الماء لسان العرب .
(6) قاسوا : انحنوا .

( 406 )

وأوثانا ، واصبحوا وامسوا للأيمان أيمانا . وزحوا (1) لياليهم « ركعاً سجداً يبتغون فضلا من الله ورضوانا » فافض عليهم من جودك عفواً وغفرانا ، وازلل (2) إليهم من لدنك رحمة واحسانا ، واجمع بيننا وبينهم في دار الرحمة على سرر متقابلين ، الهنا انهم احيوا اموات آمال الفقراء بحياء الجود ، وعاشوا عصورهم عصرة المنجود (3) وهجروا فيك لذة الهجود حتى مدحتهم بقولك : « سيماهم في وجوههم من أثر السجود » فاظلهم بظلال الجود في اليوم الموعود وانقذتا بحبهم من وقود النار ذات الوقود (4) الهنا انك قد بجلتهم أوضح التبجيل حيث انزلت في شأنهم في التنزيل : « ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الانجيل » (5) فاحشرنا في هذا الرعيل (6) في ظلهم الظليل يا ذا الفعل الجميل والعطاء الجزيل ، إلهنا لا نقدم إلا جفواً جفواً (7) ولا نأتي إلا هفواً هفواً (8) ولا ننال منك إلا صفواً صفواً (9) ولا نجد منك الا عفواً عفواً فأرف (10) بعفوك خرق ذنوبنا رفواً رفواً انك اكرم الاكرمين وأجود الأجودين حسبنا الله ونعم الوكيل .
____________
(1) زحه زحا : دفعه ونحاه عن موضعه ـ لسان العرب .
(2) ازل إليه نعمة : اسداها .
(3) العصرة : الملجأ ، والمنجود : المكروب ـ لسان العرب .
(4) الوقود بضم اوله : الاشتعال ، والوقود بفتح : كل مادة تتولد باحتراقها طاقة حرارية المعجم الوسيط .
(5) الفتح : 29 .
(6) الرعيل : الجماعة القليلة من الرجال أو الخيل أو التى نتقدم غيرها المعجم الوسيط .
(7) جفا فلان ، يجفو جفاء وجفواً : غلظ خلقه ، أو ساء خلقه ـ المعجم الوسيط .
(8) هفا فلان : سقط ، زل واخطأ المعجم الوسيط .
(9) الصفو من الشيء : خياره وخالصه .
(10) رفأ الثوب رفواً : اصلحه وضم بعضه إلى بعض ويقال : رفا الخرق .