خَصائِصُ الأئمَة عليهم السلام ::: 91 ـ 105
(91)
سديدة المؤونة لا تحمل الجيش ، وأنا ضامن لخراج أرضي أحمله إليك في كل عام كملا ، فكان يقدم هو بالمال بنفسه ، ومعه أعوان له حتى يوفيه بيت المال ، ويكتب له عمر البرائة. قال : فقدم الاسقف ذات عام ، وكان شيخا جميلا فدعاه عمر إلى الله ، وإلى دين رسول الله صلى الله عليه وآله ، وأنشأ يذكر فضل الاسلام وما يصير إليه المسلمون من النعيم والكرامة ، فقال له الاسقف : يا عمر أنتم تقرؤن في كتابكم أن لله جنة عرضها كعرض السماء والارض ، فأين تكون النار ؟ قال : فسكت عمر ، ونكس رأسه ، فقال أمير المؤمنين عليه السلام ، و كان حاضرا : أجب هذا النصراني. فقال له عمر : بل أجبه أنت ، فقال عليه السلام ، له : يا أسقف نجران أنا أجيبك أرأيت إذا جاء النهار أين يكون الليل ، وإذا جاء الليل أين يكون النهار ؟ فقال الاسقف : ما كنت أرى أن أحدا يجيبني عن هذه المسألة.
    ثم قال : من هذا الفتى يا عمر ؟ قال عمر : هذا علي بن أبي طالب ختن رسول الله صلى الله عليه وآله وإبن عمه ، وأول مؤمن معه ، هذا أبو الحسن والحسين عليهما السلام.
    قال الاسقف : أخبرني يا عمر عن بقعة في الارض طلعت فيها الشمس ساعة ، ولم تطلع فيها قبلها ولا بعدها ؟ قال له عمر : سل الفتى فقال أمير المؤمنين : أنا اجيبك ، هو البحر حيث انفلق لبني اسرائيل فوقعت الشمس فيه ولم تقع فيه قبله ولا بعده ، قال الاسقف : صدقت يافتى.
    ثم قال الاسقف : يا عمر أخبرني عن شئ في أيدي أهل الدنيا شبيه بثمار أهل الجنة ؟ فقال : سل الفتى. فقال عليه السلام أنا أجيبك : هو القرآن يجتمع أهل الدنيا عليه فيأخذون منه حاجتهم ، ولا ينتقص منه شئ وكذلك ثمار الجنة. قال الاسقف : صدقت يافتى.
    ثم قال الاسقف يا عمر : أخبرني هل للسماوات من أبواب ؟ فقال له عمر : سل الفتى. فقال عليه السلام : نعم يا أسقف ، لها أبواب فقال : يافتى ، هل


(92)
لتلك الابواب من أقفال ؟ فقال عليه السلام : نعم يا أسقف ، أقفالها الشرك بالله قال الاسقف : صدقت يافتى.
    فما مفتاح تلك الاقفال ؟ فقال عليه السلام : شهادة ان لا إله إلا الله ، لا يحجبها شيء دون العرش فقال : صدقت يافتى.
    ثم قال الاسقف يا عمر : أخبرني عن أول دم وقع على وجه الارض اي دم كان ؟ فقال : سل الفتى : فقال عليه السلام : أنا أجيبك ، يا أسقف نجران ، أما نحن فلا نقول كما تقولون أنه دم ابن آدم الذى قتله اخوه ليس هو كما قلتم ، ولكن أول دم وقع على وجه الارض مشيمة حواء حين ولدت قابيل بن آدم ، قال الاسقف صدقت يافتى.
    ثم قال الاسقف : بقيت مسألة واحدة أخبرني أنت يا عمر أين الله تعالى ؟ قال : فغضب عمر ، فقال أمير المؤمنين عليه السلام : أنا اجيبك وسل عما شئت ، كنا عند رسول الله صلى الله عليه وآله ذات يوم ، أتاه ملك فسلم فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله : من أين ارسلت ؟ قال : من سبع سموات من عند ربي ، ثم أتاه ملك آخر فسلم فقال له رسول الله : من أين ارسلت ؟ فقال : من سبع أرضين من عند ربي ، ثم أتاه ملك آخر فسلم فقال له رسول الله : من أين ارسلت ؟ قال : من مشرق الشمس من عند ربي ، ثم أتاه ملك آخر فقال له رسول الله : من أين ارسلت ؟ فقال : من مغرب الشمس من عند ربي ، فالله هاهنا ، و هاهنا ، وهاهنا ، في السماء إله ، وفي الارض إله ، وهو الحكيم العليم.
    قال أبو جعفر : معناه من ملكوت ربي في كل مكان ، ولا يعزب عن علمه شيء تبارك وتعالى (1).
1 ـ الغدير 6/242. زين الفتى في شرح سورة هل أتى ( خ ). قضاوتهاى امير المؤمنين (ع)/282.

(93)
ومن جملة كلامه عليه السلام للشامي
     لما سأله أكان مسيره إلى الشام بقضاء من الله وقدره ، بعد كلام طويل هذا مختاره :
    إن الله سبحانه أمر عباده تخييرا ، ونهاهم تحذيرا ، فكلف يسيرا ، ولم يكلف عسيرا ، وأعطى على القليل كثيرا ولم يعص مغلوبا ، ولم يطع مكرها ، ولم يرسل الانبياء لعبا ، ولم ينزل الكتاب للعباد عبثا ، ولا خلق السموات والارض وما بينهما باطلا ( ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار ) (1).
1 ـ الارشاد/120. شرح إبن ميثم البحراني 5/278.

(94)
     ولو لم يكن في هذا الكتاب سوى ما أوردناه من هذا الفصل لكفى به فائدة.
    قال عليه السلام : خذ الحكمه أنى أتتك فإن الحكمة تكون في صدر المنافق ، فتلجلج في صدره حتى تخرج فتسكن إلى صواحبها في صدر المؤمن (1).
    وقال عليه السلام : الهيبة خيبة ، والفرصة تمر مر السحاب ، والحكمة ضالة المؤمن فخذ الحكمة ولو من أهل النفاق (2).
    وقال عليه السلام : اوصيكم بخمس لو ضربتم إليها آباط الابل كانت لذلك أهلا ، لا يرجون أحد منكم الا ربه. ولا يخافن إلا ذنبه. ولا يستحيين أحد إذا سئل عما لا يعلم أن يقول لا أعلم. ولا يستحيين أحد إذا لم يعلم الشئ أن يتعلمه. وعليكم بالصبر فإن الصبر من الايمان كالرأس من الجسد ، ولا خير في جسد لا رأس معه ، ولا في إيمان لا صبر معه (2).
    وقال الاصمعي : أتى رجل أمير المؤمنين عليه السلام ، فأفرط في الثناء عليه ، فقال ـ عليه السلام ـ وكان له متهما : أنا دون ما تقول ، وفوق ما في نفسك (3).
1 ـ شرح إبن ميثم 5/281. ابن أبي الحديد 18/229.
2 ـ المصدر السابق.
3 ـ الارشاد/157. شرح ، إبن ميثم 5/282. إبن أبي الحديد 18/232.


(95)
    وقال عليه السلام : قيمة كل امرئ ما يحسنه.
    قال السيد الرضي أبو الحسن رضي الله عنه : وهذه الكلمة لا قيمة لها ولا كلام يوزن بها (1).
    وقال عليه السلام : السيف أبقى عددا وأكثر ولدا (2).
    وقال عليه السلام : من ترك قول « لا أدري » اصيبت مقالته (3).
    وقال عليه السلام : رأي الشيخ أحب إلي من جلد الغلام. ويروى من مشهد الغلام (4).
    وقال عليه السلام : وقد سمع رجلا من الحرورية يتهجد بصوت حزين. نوم على يقين خير من صلاة في شك (5).
    وقال عليه السلام : إعقلوا الخبر إذا سمعتموه عقل رعاية ، لا عقل رواية ، فإن رواة العلم كثير ورعاته قليل (6)
    وقال عليه السلام ، وقد سمع رجلا يقول : إنا لله وإنا إليه راجعون : يا هذا إن قولنا : إنا لله إقرار منا بالملك. وقولنا إليه راجعون إقرار منا بالهلك (7).
    وكان ابن عباس رضي الله عنه يقول : ما انتفعت بكلام أحد بعد رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ كانتفاعي بكلام كتبه إلي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وهو :
    اما بعد ، فإن المرء قد يسره درك ما لم يكن ليفوته ، ويسوؤه فوت ما لم يكن ليدركه ، فليكن سرورك بما نلت من آخرتك ، وليكن أسفك على ما
1 ـ نفس المصدر.
2 ـ شرح إبن أبي الحديد 18/235. إبن ميثم البحراني 5/283.
3 ـ المصدر السابق.
4 ـ إبن ابي الحديد 18/237. إبن ميثم البحراني 5/284.
5 ـ شرح إبن ميثم 5/289. مجمع الامثال 2/455.
6 ـ إبن ميثم البحراني 5/290.
7 ـ نفس المصدر.


(96)
فاتك منها وما نلت من دنياك ، فلا تكثر به فرحا ، وما فاتك منها فلا تأس عليه جزعا ، وليكن همك فيما بعد الموت (1).
    وكان عليه السلام يقول إذا اطري في وجهه : أللهم اجعلنا خيرا مما يظنون ، واغفر لنا ما لا يعلمون (2).
    وقال عليه السلام : لا يستقيم قضاء الحوائج إلا بثلاث ، باستصغارها لتعظم ، وباستكتامها لتنسى ، وبتعجيلها لتهنأ (3).
    وقال عليه السلام : يأتي على الناس زمان لا يقرب فيه إلا الماحل ، ولا يظرف فيه إلا الفاجر ، ولا يضعف فيه إلا المنصف ، يعدون الصدقة غرما ، وصلة الرحم منا ، والعبادة إستطالة على الناس ، فعند ذلك يكون السلطان بمشورة الاماء ، وإمارة الصبيان (4).
    وقال عليه السلام ، وقد شوهد عليه ازار مرقوع فقيل له في ذلك فقال : يخشع له القلب ، وتذل به النفس ، ويقتدي به المؤمنون (5).
    وكان عليه السلام يقول : إنما أخشى عليكم من بعدي إتباع الهوى ، وطول الامل ، فان طول الامل ينسي الآخرة ، واتباع الهوى يصد عن الحق ، ألا وان الدنيا قد إرتحلت مدبرة ، والآخرة قد جاءت مقبلة ، ولكل واحدة منهما بنون ، فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا ، فإن اليوم عمل ولا حساب ، وغدا حساب ولا عمل ، واليوم المضمار ، وغدا السباق ، والسبقة الجنة ، والغاية النار (6). وقال عليه السلام : ان الدنيا والآخرة عدوان متفاوتان ، وسبيلان مختلفان ،
1 ـ شرح إبن ميثم 5/215. دستور معالم الحكم/96.
2 ـ المصدر السابق 5/290.
3 ـ نفس المصدر.
4 ـ إبن ميثم البحراني 5/291.
5 ـ إبن مثيم 5/292.
6 ـ شرح إبن ميثم 2/40. إبن أبي الحديد 2/91.


(97)
فمن أحب الدنيا وتولاها أبغض الآخرة وعاداها ، وهما بمنزلة المشرق والمغرب ، وماش بينهما كلما قرب من واحد بعد عن الآخر ، وهما بعد ضرتان (1).
    وعن نوف البكالى ، قال : رأيت أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ ذات ليلة وقد خرج من فراشه فنظر إلى النجوم ، ثم قال : يا نوف ، أراقد أنت أم رامق ؟ قلت : بل رامق يا أمير المؤمنين ، قال يا نوف : طوبى للزاهدين في الدنيا الراغبين في الآخرة ، اولئك قوم اتخذوا الارض بساطا ، وترابها فراشا ، وماءها طيبا ، والقرآن شعارا ، والدعاء دثارا ثم قرضوا الدنيا قرضا على منهاج المسيح عليه السلام.
    يا نوف إن داود عليه السلام ، قام في مثل هذه الساعة من الليل ، فقال إنها ساعة لا يدعو فيها عبد الا استجيب له الا ان يكون عشارا ، أو عريفا ، أو شرطيا ، أو صاحب عرطبة ( وهى الطنبور ) أو صاحب كوبة ( وهي الطبل ) (2).
    وقال عليه السلام : إن الله فرض عليكم فرائض فلا تضيعوها ، وحد لكم حدودا قلا تعتدوها ، ونهاكم عن أشياء فلا تنتهكوها ، وسكت لكم عن أشياء و لم يدعها نسيانا فلا تتكلفوها ، رحمة من ربكم رحمكم بها فاقبلوها (3).
    وقال عليه السلام : لا يترك الناس شيئا من دينهم ، لاستصلاح دنياهم إلا فتح الله عليهم ما هو اضر منه (4).
    وقال عليه السلام : رب عالم قد قتله جهله ، ومعه علمه لا ينفعه (5).
    وقال عليه السلام : أعجب ما في هذا الانسان قلبه ، وله مواد من الحكمة وأضداد من خلافها ، فإن سنح له الرجاء أذله الطمع ، وإن هاج به الطمع أهلكه الحرص ، وإن ملكه اليأس قتله الاسف ، وإن عرض له الغضب إشتد به الغيظ
1 ـ إبن ميثم البحراني 5/292.
2 ـ شرح إبن ميثم 5/293. إبن أبي الحديد 18/265.
3 ـ إبن ميثم البحراني 5/294. إبن أبي الحديد 18/267.
4 ـ المصدر السابق 5/295.
5 ـ نفس المصدر. إبن أبي الحديد 18/269.


(98)
وإن أسعده الرضا نسي التحفظ ، وإن غاله الخوف شغله الحذر ، وإن اتسع له ، الامر استلبته الغرة ، وإن أصابته مصيبة فضحه الجزع ، وإن أفاد مالا أطغاه الغنى ، وإن عضته الفاقة شغله البلاء ، وإن جهده الجوع قعد به الضعف ، وإن أفرط به الشبع كظته البطنة ، فكل تقصير به مضر ، وكل إفراط له مفسد (1).
    وقال عليه السلام : نحن النمرقة الوسطى بها يلحق التالي ، وإليها يرجع الغالي (2).
    ومن كلام له عليه السلام : تجهزوا رحمكم الله فقد نودي فيكم بالرحيل ، واقلوا العرجة على الدنيا ، وانقلبوا بصالح ما بحضرتكم من الزاد ، فإن أمامكم عقبة كؤدا ، ومنازل هائلة مخوفة ، لا بد من الممر عليها ، والوقوف عندها ، فإما برحمة من الله نجوتم من فظاظتها (3) وشدة مختبرها ، وكراهة منظرها ، وإما بهلكة ليس بعدها نجاة ، فيالها حسرة على كل ذي غفلة أن يكون عمره عليه حجة.
    وكان عليه السلام يقول : الوفاء توأم الصدق ، ولا نعلم نجاة ولا جنة أوقى منه ، وما يغدر من يعلم كيف المرجع في الذهاب عنه ، ولقد أصبحنا في زمان اتخذ أكثر أهله الشر كيسا ، ونسبهم أهل الجهل إلى حس الحيلة ، ما لهم ـ قاتلهم الله ـ قد يرى الحول القلب وجه الحيلة ودونها مانع من الله ونهيه ، فيدعها من بعد قدرة وينتهز فرصتها من لا جريحة في الدين (4).
    وقال عليه السلام : الناس في الدنيا عاملان ، عامل في الدنيا للدنيا قد شغلته دنياه عن آخرته ، يخشى على من يخلف الفقر ، ويأمنه على نفسه فيفني عمره في منفعة غيره ، وآخر عمل في الدنيا لما بعدها ، فجاءه ، الذى له من الدنيا بغير عمل ، فأصبح ملكا عند الله لا يسأل شيئا يمنعه (5).
1 ـ شرح إبن ميثم 5/295. الارشاد/159. دستور معالم الحكم/129.
2 ـ شرح إبن أبي الحديد 18/273. إبن ميثم 5/297.
3 ـ في اكثر الشروح هكذا : وطئتها.
4 ـ شرح إبن ميثم البحراني 2/104.
5 ـ المصدر السابق 5/380.


(99)
     وقال عليه السلام : شتان بين عملين ، عمل تذهب لذته وتبقى تبعته ، وعمل تذهب مؤنته ويبقى أجره (1).
    وتحدث ـ عليه السلام ـ يوما بحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله ـ فنظر القوم بعضهم إلى بعض ، فقال عليه السلام : ما زلت مذ قبض رسول الله صلى الله عليه وآله مظلوما ، وقد بلغني مع ذلك أنكم تقولون إني أكذب عليه ، ويلكم أتروني اكذب ؟ فعلى من أكذب ؟ أعلى الله ؟ فأنا أول من آمن به ، أم على رسول الله ؟ وأنا أول من صدقه. ولكن لهجة غبتم عنها ، ولم تكونوا من أهلها ، وعلم عجزتم عن حمله ولم تكونوا من أهله ، إذ كيل بغير ثمن لو كان له وعاء ( ولتعلمن نبأه بعد حين ) (2).
    أراد أن النبي صلى الله عليه وآله ، كان يخيله ويسر إليه.
    وشيع علي عليه السلام جنازة ، فسمع رجلا يضحك ، فقال عليه السلام : كأن الموت فيها على غيرنا كتب ، وكأن الحق فيها على غيرنا وجب ، وكأن الذي نرى من الاموات سفر ، عما قليل إلينا راجعون ، نبؤهم أجداثهم ، ونأكل تراثهم قد نسينا كل واعظة ، ورمينا بكل جائحة (3).
    وقال عليه السلام : طوبى لمن ذل في نفسه ، وطاب كسبه ، وصلحت سريرته ، وحسنت خليقته ، وأنفق الفضل من ماله ، وأمسك الفضل من لسانه ، وعزل عن الناس شره ، ووسعته السنة ، ولم ينسب إلى بدعة.
    قال السيد الرضي أبو الحسن رضي الله عنه ، وهذا الكلام من الناس من يرويه عن النبي صلى الله عليه وآله ، وكذلك الذي قبله (4).
    وقال عليه السلام : من أراد عزا بلا عشيرة ، وهيبة من غير سلطان ، وغنى
1 ـ شرح إبن ميثم 5/306.
2 ـ سورة ص/88. شرح إبن ميثم 2/192.
3 ـ إبن ميثم البحراني 5/306. إبن أبي الحديد 18/311.
4 ـ المصدر السابق.


(100)
من غير مال ، وطاعة من غير بذل ، فليتحول من ذل معصية الله إلى عز طاعة الله فإنه يجد ذلك كله (1).
    وقال عليه السلام : ، وقد فرغ من حرب الجمل : معاشر الناس إن النساء نواقص الايمان ، نواقص العقول ، نواقص الحظوظ ، فأما نقصان إيمانهن فقعودهن عن الصلاة والصيام في أيام حيضهن. وأما نقصان عقولهن فلا شهادة لهن إلا في الدين ، وشهادة إمرأتين برجل. وأما نقصان حظوظهن فمواريثهن على الانصاف من مواريث الرجال (2).
    وقال عليه السلام : إتقو شرار النساء ، وكونوا من خيارهن على حذر ، ولا تطيعوهن في المعروف حتى لا يطمعن في المنكر (3).
    وقال عليه السلام : غيرة المرأة كفر ، وغيرة الرجل إيمان (4).
    وقال عليه السلام : لانسبن الاسلام نسبة لم ينسبها أحد قبلي ، الاسلام هو التسليم ، والتسليم هو اليقين ، واليقين هو التصديق ، والتصديق هو الاقرار ، والاقرار هو الاداء ، والاداء هو العمل (5).
    وقال عليه السلام : قد يكون الرجل مسلما ولا يكون مؤمنا ، ولا يكون مؤمنا حتى يكون مسلما ، والايمان إقرار باللسان ، وعقد بالقلب ، وعمل بالجوارح ، ولا يتم المعروف إلا بثلاث ، تعجيله ، وتصغيره ، وتستيره ، فإذا عجلته هنأته ، وإذا صغرته عظمته ، وإذا سترته تممته (6).
    وقال عليه السلام : عجبت للبخيل الذي استعجل الفقر الذي منه هرب ، وفاته الغنى الذي إياه طلب ، فيعيش في الدنيا عيش الفقراء ، ويحاسب
1 ـ شرح إبن ميثم 5/304.
2 ـ إبن ميثم البحراني 2/223.
3 ـ المصدر السابق.
4 ـ شرح إبن ميثم 5/308.
5 ـ نفس المجلد والصفحة.
6 ـ شرح إبن أبي الحديد 19/51. شرح محمد عبده 3/203.


(101)
في الآخرة حساب الاغنياء. وعجبت للمتكبر الذي كان بالامس نطفة وهو غدا جيفة. وعجبت لمن شك في الله وهو يرى خلق الله. وعجبت لمن نسي الموت وهو يرى من يموت. وعجبت لمن أنكر النشأة الاخرى وهو يرى النشأة الاولى. وعجبت لعامر دار الفناء وتارك دار البقاء (1).
    وقال عليه السلام : من قصر في العمل ابتلى بالهم ، ولا حاجة لله فيمن ليس لله في نفسه وماله نصيب (2).
    وقال عليه السلام : لسلمان الفارسي رحمة الله عليه ، إن مثل الدنيا مثل الحية لين مسها قاتل سمها ، فاعرض عما يعجبك فيها لقلة ما يصحبك منها ، فإن المرء العاقل كلما صار فيها إلى سرور أشخصته منها إلى مكروه ، ودع عنك همومها إن أيقنت بفراقها (3).
    وقال عليه السلام : توقوا البرد في أوله ، وتلقوه في آخره ، فانه يفعل بالابدان كفعله في الاشجار أوله يحرق وآخره يورق (4).
    وقال عليه السلام : عظم الخالق عندك ، يصغر المخلوق في عينك (5).
    وقال عليه السلام : ثلاث خصال مرجعها على الناس في كتاب الله ، لبغي ، والنكث ، والمكر ، قال الله تعالى : ( يا أيها الناس إنما بغيكم على نفسكم ) (6) وقال تعالى : ( فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ) (7) وقال تعالى : ( ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله ) (8).
1 ـ شرح إبن ميثم 5/309.
2 ـ إبن ميثم البحراني 5/310.
3 ـ دستور معالم الحكم/37. شرح إبن ميثم 5/218.
4 ـ شرح إبن ميثم 5/311.
5 ـ نفس المصدر.
6 ـ سورة يونس/23.
7 ـ سورة الفتح/10.
8 ـ سورة الفاطر/43.


(102)
    وقال عليه السلام ، وقد رجع من صفين ، فأشرف على القبور بظاهر الكوفة فقال :
    يا أهل القبور يا أهل التربة ، يا أهل الغربة ، يا أهل الوحدة ، يا أهل الوحشة ، أما الدور فقد سكنت ، وأما الازواج فقد نكحت ، وأما الاموال فقد قسمت ، هذا خبر ما عندنا فما خبر ما عندكم ؟ ثم التفت إلى أصحابه فقال : أما لو أذن لهم في الكلام لاخبروكم : أن خير الزاد التقوى (1).
     وقال عليه السلام : إن الدنيا دار صدق لمن صدقها ، ودار عافية لمن فهم عنها ، ودار غنى لمن تزود منها ، ودار موعظة لمن إتعظ بها ، مسجد أحباء الله ، و مصلى ملائكة الله ، ومهبط وحي الله ، ومتجر أولياء الله ، إكتسوا فيها الرحمة ، و ربحوا فيها الجنة ، فمن ذا يذمها وقد آذنت ببينها ، ونادت بفراقها ، ونعت نفسها وأهلها ، فمثلت لهم ببلائها ، وشوقتهم بسرورها إلى السرور ، وراحت بعافية ، و ابتكرت بفجيعة ، ترغيبا وترهيبا وتخويفا وتحذيرا ، فذمها رجال غداة الندامة ، و حمدها آخرون يوم القيامة ، ذكرتهم الدنيا فذكروا وحذرتهم فصدقوا ، ووعظتهم فاتعظوا.
    فيا أيها الذام للدنيا المغتر بغرورها ، بم تذمها ؟ أنت المتجرم عليها أم هي المتجرمة عليك ؟ متى استهوتك ؟ أم متى غرتك ؟ أبمصارع آبائك من البلى ؟ أم بمضاجع أمهاتك تحت الثرى ؟ كم عللت بكفيك ؟ وكم مرضت بيديك ؟ تبغى لهم الشفاء ، وتستوصف لهم الاطباء ، لم ينفع أحدهم إشفاقك ، ولم تسعف فيه بطلبتك ، قد مثلت لك به الدنيا نفسك وبمصرعه مصرعك (2).
    وقال عليه السلام : المال والبنون حرث الدنيا ، والعمل الصالح حرث الآخرة وقد يجمعهما لاقوام (3).
1 ـ ابن ميثم الكبير 5/312. ابن ابي الحديد 18/322.
2 ـ إبن أبي الحديد 18/235. ابن ميثم 5/313.
3 ـ شرح ابن ميثم 2/3. شرح ابن ابي الحديد 1/312.


(103)
    وقال عليه السلام : من لهج قلبه بحب الدنيا التاط منها بثلاث ، هم لا يغبه ، وأمل لا يدركه ، ورجاء لا يناله (1).
    وقال عليه السلام : إن لله ملكا ينادي في كل يوم ، لدوا للموت ، واجمعوا للفناء ، وابنوا للخراب (2).
    وقال عليه السلام : الدنيا دار ممر إلى دار مقر ، والناس فيها رجلان ، رجل باع نفسه فأوبقها ، ورجل إبتاع نفسه فأعتقها (3).
    وقال عليه السلام : لا يكون الصديق صديقا حتى يحفظ أخاه في ثلاث ، في نكبته ، وغيبته ، ووفاته (4).
    وقال عليه السلام : من أعطى أربعا لم يحرم أربعا ، من أعطي الدعاء لم يحرم الاجابة. ومن اعطي التوبة لم يحرم القبول. ومن أعطي الاستغفار لم يحرم المغفرة. ومن اعطي الشكر لم يحرم الزيادة. وتصديق ذلك في القرآن قال الله تعالى في الدعاء : ( ادعوني أستجب لكم ) (5) وقال ـ تعالى ـ في الاستغفار : ( ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما ) (6) وقال تعالى في الشكر : ( لان شكرتم لازيدنكم ) (7) وقال تعالى في التوبة : ( إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ، ثم يتوبون من قريب فاولئك يتوب الله عليهم ) (8).
    وقال عليه السلام : الصلاة قربان كل تقي ، والحج جهاد كل ضعيف ، و لكل شئ زكاة ، وزكاة البدن الصيام ، وجهاد المرأة حسن التبعل (9).
1 ـ شرح ابن ابى الحديد 19/52. ابن ميثم 5/356.
2 ـ شرح ابن مثيم 5/316. شرح محمد عبده 3/183.
3 ـ ابن ابي الحديد 18/329. ابن ميثم البحراني 5/316.
4 ـ شرح ابن ميثم 5/316. ابن ابي الحديد 18/330.
5 ـ سورة غافر/60.
6 ـ سورة النساء/110.
7 ـ سورة ابراهيم/7.
8 ـ سورة النساء/17.
9 ـ شرح ابن ابي الحديد 18/332. ابن ميثم البحراني 5/317.


(104)
    وقال عليه السلام : إستنزلوا الرزق بالصدقة. ومن أيقن بالخلف جاد بالعطية (1).
    وقال عليه السلام : تنزل المعونة على قدر المؤونة (2).
    وقال عليه السلام : التقدير نصف العيش ، وما عال إمرء اقتصد (3).
    وقال عليه السلام : قلة العيال أحد اليسارين (4).
    وقال عليه السلام : التودد نصف العقل (5).
    وقال عليه السلام : الهم نصف الهرم (6).
    وقال عليه السلام : ينزل الصبر على قدر المصيبة ، ومن ضرب على فخذه عند المصيبة حبط أجره (7).
    وقال عليه السلام : كم من صائم ليس له من صيامه إلا الظمأ ، وكم من قائم ليس له من قيامه إلا العناء ، حبذا نوم الاكياس وإفطارهم ، عيبوا الحمقى بصيامهم وقيامهم ، والله لنوم على يقين أفضل من عبادة أهل الارض من المغترين (8).
    وقال عليه السلام : لا تأكلوا الربا في معاملاتكم فوالذي فلق الحبة ، وبرأ النسمة للربا أخفى في هذه الامة من دبيب النمل على صفاة سوداء في ليلة ظلماء (9).
    قال السيد الرضي رضي الله عنه ، وهذا الكلام يروى أيضا للنبي
1 ـ شرح ابن ميثم البحراني 5/318. شرح محمد عبده 3/185.
2 ـ إبن أبي الحديد 18/337. ابن ميثم 5/318.
3 ـ شرح ابن ميثم البحراني 5/319. ابن ابي الحديد 18/338.
4 ـ شرح ابن أبي الحديد 18/339. ابن ميثم 5/319.
5 ـ شرح ابن ميثم 5/319. ابن أبي الحديد 18/340.
6 ـ ابن أبي الحديد 18/341. شرح عبده 3/185.
7 ـ ابن ميثم البحراني 5/319. إبن أبي الحديد 18/342.
8 ـ ابن أبي الحديد 18/344. ابن ميثم البحراني 5/320.
9 ـ المصدر السابق 3/368.


(105)
عليه السلام ، ولا عجب أن يتداخل الكلامان ، ويتشابه الطريقان ، إذ كانا عليهما السلام يمضيان في اسلوب ويغرفان من قليب.
    وقال عليه السلام : سوسوا إيمانكم بالصدقة ، وحصنوا أموالكم بالزكاة ، وادفعوا البلاء بالدعاء.
    ومن كلامه عليه السلام ، لكميل بن زياد النخعي على التمام :
    حدثني هارون بن موسى ، قال حدثني أبو علي محمد بن همام الاسكافي ، قال : حدثني أبو عبد الله جعفر بن محمد الحسني ، قال : حدثني محمد بن علي ابن خلف ، قال : حدثني عيسى بن الحسين بن عيسى بن زيد العلوي عن إسحاق ابن إبراهيم الكوفي ، عن الكلبي ، عن أبي صالح عن كميل بن زياد النخعي ، قال : أخذ بيدي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فأخرجني إلى الجبان ، فلما أصحر تنفس الصعداء ثم قال :
    يا كميل بن زياد ، إن هذه القلوب أوعية فخيرها أوعاها ، فاحفظ عني ما أقول لك ، الناس ثلاثة ، فعالم رباني ، ومتعلم على سبيل نجاة ، وهمج رعاع أتباع كل ناعق ، يميلون مع كل ريح ، لم يستضيئوا بنور العلم ، ولم يلجؤوا إلى ركن وثيق.
     يا كميل بن زياد ، العلم خير من المال ، العلم يحرسك وأنت تحرس المال ، والمال تنقصه النفقة ، والعلم يزكو على الانفاق.
    يا كميل بن زياد ، معرفة العلم دين يدان به ، يكسب الانسان الطاعة في حياته ، وجميل الاحدوثة بعد وفاته ، والعلم حاكم ، والمال محكوم عليه.
    يا كميل بن زياد ، هلك خزان الاموال وهم أحياء ، والعلماء باقون ما بقي الدهر ، اعيانهم مفقودة ، وأمثالهم في القلوب موجودة ، ها إن هاهنا لعلما جما ( وأشار إلى صدره ) لو أصبت له حملة. بلى أصيب لقنا غير مأمون عليه مستعملا آلة الدين للدنيا ومستظهرا بنعم الله على عباده ، وبحججه على أوليائه ، أو منقادا لحملة الحق ، لا بصيرة له في إغيائه ، ينقدح الشك في قلبه لاول عارض من شبهة
خَصائِصُ الأئمَة عليهم السلام ::: فهرس