الكَوثرِ ونَشَّفتْها.. ثُمَ أخرَجَتْ مِنَ القماشِ قِطْعَتَينِ بَيضاوَينِ أشدَّ بَياضاً مِنَ اللَّبَنِ..
وأطيبَ رائحةً مِنَ المِسكِ والعَنبَرِ.. فَلَفَّتْها بواحدةٍ.. وقَنّعتْها بالثانيةِ.. ثُمَّ استَنطَقَتْها ،

فَنَطَقَتْ فاطِمَةُ عليها السلام بالشَهادةِ قائِلةً : أشهدُ أن لا إلهَ إلاّ اللهُ.. وأنّ أبيَ محمّداً رسولُ
اللهِ.. وأنَّ عليّاً سَيّدُ الاَوصياءِ.. ووُلْدي سادةُ الاَسباطِ..

ثُمَّ سَلَّمَتْ على كلِّ واحدةٍ منهنَّ باسمِها.. فَأقْبَلْنَ عَلَيها ضاحكاتٍ.. ثُمَّ
عَرَجْنَ إلى السَّماءِ... بَعدَ أنْ تَناولَتْها خديجةُ فَرِحةً بها مستبشرةً.. فَوضَعَتْها في
حِجْرِها.. وألقَمَتْها ثَدْيَها فَدَرَّ عليها لَبناً.. وما أسْرعَ ما لُقِّبَتْ فاطمةُ عليها السلام بالزهراءِ..
ففي ولادَتِها أزهَرَتْ الاَرضُ.. وأشْرَقَتْ الفَلَواتُ.. وأنارَتْ الجبالُ والربواتُ..
وَهَبَطَتْ الملائكةُ إلى الاَرضِ.. فَنَشَرَتْ أجنِحَتَها في المشرِقِ والمغرِبِ.. وضَرَبَتْ
عليها سُرادِقُ البَهاءِ.. وغَشيَ أهلَ مَكّةَ ماغَشِيَهُمْ مِنَ النّورِ..