4 2
أليْسَ هُوَ الّذي اختَرْتَهُ مِنْ بَيْنَ إخْوَتِهِ لِيَعِيشَ مَعَكَ وَلَمْ يَكُنْ عُمْرُهُ آنَذاك سِوى سِتِ سَنَواتٍ ؟! فَجَعَلْتَهُ يَنْشَأُ في رِعايَتِكَ . ويَشْرَبُ مِنْ يَنابِيعِ عِلْمِكَ.. كُنْتَ تَضُمُّهُ إلى صَدْرِكَ.. وتَمْضَغُ الطَعامَ ثُمَّ تَضَعُهُ في فَمِهِ.. مَنْ غَيْرُهُ كانَ يَعْلَمُ بِكَ وأنْتَ تُجاوِرُ في كلِّ سنة غارَ حِراء فَيَراكَ ولا يَراكَ غَيْرُهُ..؟! وهَلْ هُناكَ غَيْرُ هذا الفَتى الّذي شَمَّ رائِحَةَ النُّبُوَّةِ.. وَرَأى نُورَ الوَحْي والرِسالَةِ مُنْذُ نُعُومَةِ أظْفارِهِ..؟! وَأخَذَ العِلْمَ مِنْكَ حَتّى بادَرَكَ في يَوْمٍ سائِلاً إيّاكَ بَعْدَ أنْ سَمِعَ رَنَّةً تنْسابُ إلى مَسامِعِهِ : ـ يا رَسُولَ اللهِ.. ما هذِهِ الرَنَّةُ ؟!
فَقُلْتَ لَهُ : هذا الشَيْطانُ قَدْ أَيسَ مِنْ عِبادَتِهِ.. إنَّكَ تَسْمَعُ ما أسْمَعُ وتَرى ما أرى إلاّ أنَّكَ لَسْتَ بِنَبِيٍّ.. وَلكِنَّكَ وَزِيرٌ..