الباب السّادس والعشرون
(بكاء جميع ما خلق الله على الحسين بن عليٍّ عليهما السلام)

1 ـ حدَّثني محمّد بن جعفر الرزاز القُرَشيُّ قال : حدَّثني خالي محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن محمّد بن إسماعيلَ بنِ بزيع ، عن ابي إسماعيلَ السّرّاج(1) ، عن يحيى بن مُعمّر العطّار ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه السلام «قال : بكتِ الإنس والجنّ والطّير والوحش على الحسين بن علي عليهما السلام حتّى ذَرَفَتْ دُمُوعها(2)» .
وحدَّثني أبي ـ رحمه الله ـ وجماعة مشايخي ، عن سعد بن عبدالله بن أبي خلف ؛ ومحمّد بن يحيى العطّار جميعاً ، عن محمّد بن الحسين بإسناده مثله .
2 ـ حدّثني أبي ـ رحمه الله تعالى ـ وعليُّ بن الحسين ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى ، عن أحمدَ بن أبي داود ، عن سعد [بن] أبي عمر الجَلاّب(3) ، عن الحارث الأعور «قال: قال عليُّ عليه السلام : بأبي واُمي ؛ الحسين المقتول بظهر الكوفة ، واللهِ كأنّي أنظر إلى الوحوش مادّة أعناقها على قبره من أنواع الوحش ، يبكونه ويرثونه ليلاً حتّى الصّباح ، فإذا كان ذلك فإيّاكم والجفاء(4)» .
3 ـ وحدَّثني محمّد بن جعفر القرشيُّ الرَّزَّاز ، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن الحسن بن عليّ بن أبي عثمان ، عن عبدالجبّار النّهاونديّ ، عن أبي سعيد ، عن الحسين بن ثُوَيْر بن أبي فاخِتَه؛ ويونس بن ظَبْيان ؛ وأبي سَلَمة ـ
____________
1 ـ هو عبدالله بن عثمان بن عمرو الفزاريّ الثّقة ، روى عن أبي عبدالله عليه السلام. (صه . جش).
2 ـ ذَرَفَ الدّمع ذَرْفاً وذَرَفاناً : سال.
3 ـ في البحار: «عن سعيد بن [أبي] عمرو الجلاّب» . وسيأتي الخبر في الباب 97.
4 ـ الجفاء : البعد عن الشّيء ، وترك الصّلة والبرّ ، وغلظ الطّبع ، والأوسط هنا أظهر . (البحار) .

( 83 )

السَّرَّاج؛ والمفضّل بن عُمَرَ كلّهم قالوا : «سمعنا أبا عبدالله عليه السلام يقول : إنّ أبا عبدالله الحسين بن عليٍّ عليهما السلام لمّا مضى بكت عليه السَّماوات السّبع والأرضون السَّبع وما فيهنّ وما بينهنّ ومَن ينقلب عليهنَّ ، والجنّة والنّار ، وما خلق ربّنا وما يرى وما لا يرى» .
وحدَّثني أبي ـ رحمه الله ـ عن سعد بن عبدالله ، عن محمّد بن الحسين ، عن الحسن بن عليٍّ بن أبي عثمان بإسناده مثله .
4 ـ وحدَّثني أبي ـ رحمه الله ـ عن سعد بن عبدالله ، عن الحسين بن عبيدالله ، عن الحسن بن عليّ بن أبي عثمان ، عن عبدالجبّار النّهاونديّ ، عن أبي سعيد ، عن الحسين بن ثُوير؛ ويونس؛ وأبي سَلَمة السَّرّاج؛ والمفضّل بن عُمَرَ «قالوا : سمعنا أبا عبدالله عليه السلام يقول : لمّا مضى الحسين بن عليٍّ عليهما السلام بكى عليه جميع ما خلق الله إلاّ ثلاثة أشياء البصرة ودمشق وآل عثمان» .
5 ـ حدّثني أبي ـ رحمه الله ـ عن سعد بن عبدالله ، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى ، عن القاسم بن يحيى ، عن الحسن بن راشد ، عن الحسين بن ثُوَير «قال: كنت أنا ويونس بن ظَبيان والمفضّل بن عُمَر وأبو سلمة السَّرّاج جلوساً عند أبي عبدالله عليه السلام فكان المتكلّم يونسُ ، وكان أكبرنا سِنّاً وذكر حديثاً طويلاً يقول ، ثمَّ قال أبو عبدالله عليه السلام : إنّ أبا عبدالله عليه السلام لمّا مضى بكتْ عليه السّماوات السّبع والأرضون السّبع وما فيهنَّ وما بينهنّ ، وما ينقلب في الجنّة والنّار مِن خلق ربِّنا ، وما يرى وما لا يرى بكى على أبي عبدالله ، إلاّ ثلاثة أشياء لم تَبْكِ عليه ، قلت : جُعِلتُ فِداكَ ما هذه الثّلاثة أشياء؟ قال : لم تَبْكِ عليه البصرة ولا دَمشق ولا آل عثمان بن عَفّان ـ وذكر الحديث» .
6 ـ وحدَّثني محمّد بن عبدالله بن جعفر الحِميريّ ، عن أبيه ، عن عليِّ بن محمّد بن سالم ، عن محمّد بن خالد ، عن عبدالله بن حمّاد البصريّ ، عن عبدالله ابن عبدالرَّحمن الأصمّ ، عن أبي يعقوبَ ، عن أبان بن عثمان ، عن زُرارَةَ «قال : قال أبو عبدالله عليه السلام : يا زُرارَة إنَّ السّماء بكت على الحسين أربعين صباحاً بالدَّم ؛ و


( 84 )

إنَّ الأرض بَكَتْ أربعين صباحاً بالسَّواد ؛ وإنَّ الشَّمس بَكَتْ أربعين صباحاً بالكُسوف والحُمرَة ؛ وإنَّ الجبال تَقَطعتْ وانْتَثَرتْ؛ وإنَّ البحار تَفجَّرت ؛ وإنَّ الملائكة بَكَت أربعين صباحاً على الحسين عليه السلام ، وما اخْتَضبتْ منّا امرءةٌ ولا ادَّهَنتْ ولا اكْتَحَلتْ ولا رَجَّلتْ حتّى أتانا راس عبيدالله بن زياد ، ومازلنا في عَبرةٍ(1) بعده ، وكان جدِّي إذا ذكره بكى حتّى تملأ عيناه لحيته ، وحتّى يبكي لبكائه ـ رحمة له ـ مَن رَآه ، وإنَّ الملائكة الَّذين عند قبره ليَبكون ، فيبكي لبكائهم كلُّ مَن في الهَواءِ والسَّماء من الملائكة ، ولقد خرجتْ نفسه عليه السلام فزَفَرَتْ جهنَّمُ زَفْرَةً كادتِ الأرض تنشقّ لزَفْرَتها ، ولقد خَرَجتْ نفسُ عبيدالله بن زياد ويزيدَ بن معاويةَ [لعنهم الله] ، فشَهِقَتْ جهنَّم شَهْقَة لولا أنَّ الله حبسها بخزّانها لاُحْرقتْ مَن على ظهر الأرض مِن فَورها ، ولو يؤذن لها ما بقي شيء إلاّ ابْتلَعتْه ، ولكنّها مأمورةٌ مصفودَةٌ ولقد عَتَتْ على الخُزَّان غير مرَّةٍ حتّى أتاها جبرئيل فضربها بجناحِه فَسَكَنتْ ، وإنّها لتبكيه وتَنْدُبه ، وإنّها لتتلظّى على قاتِله ، ولولا مَن على الأرض مِن حُجَج الله لنقضتِ الأرض وأكفأتْ [بـ]ـما عليها ، وما تكثر الزَّلازل إلاّ عند اقتراب السّاعة؛
وما من عَين أحبُّ إلى الله ؛ ولا عَبرةٌ مِن عين بَكتْ ودَمَعَت عليه ، وما مِن باكٍ يبكيه إلاّ وقد وصل فاطمة عليها السلام وأسعدها عليه(2) ووصَلَ رَسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وأدّى حقّنا ، وما من عبد يُحشَرُ إلاّ وعيناه باكيةً إلاّ الباكين على جدِّيَ الحسين عليه السلام ، فإنّه يحشر وعينه قَريرة ، والبشارة تلقاه والسّرور [بيّن] على وجهه ، والخلق في الفزع وهم آمنون ، والخلق يعرضون وهم حدّاث الحسين عليه السلام تحت العرش وفي ظلِّ العرش ، لا يخافون سوءَ يوم الحساب ، يقال لهم : ادخلوا الجنّة ، فيأبون ويختارون مجلسه وحديثه ، وأنَّ الحور لترسل إليهم أنّا قد اشتقناكم مع الولدان المخلّدين فما يرفعون رؤوسهم إليهم لما يرون في مجلسهم
____________
1 ـ العَبْرَة: الدَّمعة قبل أن تفيض ، وقيل : تردّد الكباء في الصّدر ، وقيل : الحزن بلا بكاء (أقرب الموارد) ورجَل الشَّعر : سرّحه.
2 ـ أسعدها أي عاونها .

( 85 )

مِنَ السُّرور والكَرامَة ، وإنَّ أعداءَ هم مِن بين مَسْحوب(1) بناصيته إلى النّار ، ومِن قائل : «ما لَنا مِن شافِعينَ وَلا صَدِيقٍ حَميم(2)»؛
وإنّهم ليرون منزلهم ، وما يقدرون أن يدنوا إليهم ولا يصلون إليهم ، وإنَّ الملائكة لتأتيهم بالرِّسالة مِن أزواجهم ومِن خُزّانهم(3) على ما اُعطوا مِن الكَرامة فيقولون : نأتيكم إن شاء الله ، فيرجعون إلى أزواجهم بمقالاتهم ، فيزدادون إليهم شوقاً إذا هم خبّروهم بما هم فيه مِنَ الكَرامة وقُربهم مِن الحسين عليه السلام ، فيقولون : الحمدلله الَّذي كفانا الفَزَع الأكبرَ ، وأهوال القيامة ، ونجّانا ممّا كنّا نخاف ، ويؤتون بالمراكب والرِّحال على النَّجائب(4) ، فيستوون عليها ، وهم في الثَّناء على الله والحمد ‏لله والصَّلاة على محمَّدٍ وآله ، حتّى يَنْتَهوا إلى منازلهم» .
7 ـ حدَّثني محمّد بن عبدالله(5) ، عن أبيه ، عن عليِّ بن محمّد بن سالم ، عن محمّد بن خالد ، عن عبدالله بن حمّاد البَصريِّ ، عن عبدالله بن عبدالرَّحمن الأصمّ ، عن عبدالله بن مُشكانَ ، عن أبي بصير «قال : كنت عند أبي عبدالله عليه السلام [و] اُحدِّثه ، فدخل عليه ابنُه فقال له : مَرْحباً ، وضَمَه وقَبَّله ، وقال : حَقَر اللهُ مَن حَقّركم ، وانتقم مِمَّن وَتَركم(6) ، وخَذَلَ الله مَن خَذلكم ، ولعن الله مَن قتلكم ، وكان اللهُ لكم وليّاً وحافظاً وناصراً ، فقد طال بُكاء النِّساء وبُكاء الأنبياء والصِّدّيقين والشّهداء وملائكة السَّماء ، ثمَّ بكى وقال : يا أبا بصير إذا نظرتُ إلى وُلْدِ الحسين أتاني ما لا أملكه بما اُتي إلى أبيهم وإليهم ، يا أبا بصير إنّ فاطمة عليها السلام لتبكيه وتشهق ، فتَزْفِر جهنَّم زَفْرَة لولا أنَّ الخَزَنة يسمعون بُكاءَها وقد
____________
1 ـ سَحَبَه أي جرّه على وجه الأرض.
2 ـ مقتبسٌ من الآية 100 من سورة الشّعراء . وفيه : «فما لنا الآية».
3 ـ في بعض النّسخ: «من خدّامهم» . وفي البحار مثل ما في المتن.
4 ـ النَّجائب جمع النَّجيبة ، مؤنّث النَّجيب ، وهو الكريم الحسيب من الإنسان والحيوان ، يقال : رجلٌ وجمل نجيب . (أقرب الموارد) .
5 ـ يعني محمّد بن عبدالله بن جعفر الحميريّ .
6 ـ أي ظلمكم .

( 86 )

استَعدُّوا لذلك مَخافة أنْ يخرج منها عُنُق أو يَشْرَر(1) دُخانها فيحرق أهل الأرض فيَكْبَحونها(2) ما دامَتْ باكية ، ويزجُرونها ويستوثِقون من أبوابها مَخافةً على أهل الأرض ، فلا تَسْكنْ حتّى يسكن صوتُ فاطمة عليها السلام .
وإنّ البِحار تَكاد أنْ تَنْفَتِق(3) فيدخل بعضها على بعض ، وما منها قَطرةٌ إلاّ بها ملكٌ مُوَكّل ، فإذا سمع الملك صوتَها أطفأ نارها بأجْنِحَته(4) ، وحبس بعضها على بعض مخافةً على الدُّنيا وما فيها ومَن على الأرض ، فلا تزال الملائكة مُشفِقين يبكون لبكائِها ، ويدعون الله ويتضرَّعون إليه ، ويتضرَّع أهلُ العرش ومَن حَوله؛
وترتفع أصواتٌ مِن الملائكة بالتَّقديس للهِ مَخافةً على أهل الأرض ، ولو أنّ صوتاً مِن أصواتهم يصل إلى الأرض لصَعِق أهلُ الأرض وتقطعتِ الجبال(5) وزَلزلتِ الأرض بأهلها .
قلت : جُعِلتُ فداك إنَّ هذا الأمر عظيم! قال : غَيُره أعظمُ منه ما لم تسمعه ، ثمّ قال لي : يا أبا بصير أما تحبُّ أن تكون فيمن يُسعد فاطمة عليها السلام؟ فبكيت حين قالها فما قدرت على النّطق ، وما قدر(كذا) على كلامي من البكاء (6) ، ثمَّ قام إلى المصلّى يدعو ، فخرجت مِن عنده على تلك الحال ، فما انتفعت بطعام وما جاءَني النَّوم ، وأصبحت صائماً وَجِلاً(7) حتّى أتيته ، فلمّا رَأيته قد سكن سكنتُ ، وحمدتُ الله حيث لم تُنزل بي عُقوبة» .
____________
1 ـ الشَّرَر ـ محرّكة ـ : ما يتطاير من النّار .
2 ـ كبحتَ الدّابّه : إذا جذبتها إليك باللِّجام لكي تقف ولا تجري.
3 ـ أي تنشقّ ، أو تشقّق.
4 ـ نأرت النّائرة نأراً : هاجت ، والمراد ثوران الماء وغليانها.
5 ـ في البحار : «تقلّعت الجبال».
6 ـ في البحار: «وما قدرت على كلامي من البكاء» .
7 ـ أي خوفاً .

( 87 )

الباب السّابع والعشرون
(بُكاء الملائكة على الحسين بن عليٍّ عليهما السلام)

1 ـ حدَّثني أبي ـ رحمه الله ـ وجماعة مشايخي ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن حمّاد بن عيسى ، عن رِبْعيِّ ابن عبدالله ، عن الفَضيل بن يَسار ، عن أبي عبدالله عليه السلام «قال : ما لكم لا تأتونه ـ يعني قبر الحسين عليه السلام ـ فإنَّ أرْبعة آلاف ملكٍ يبكونـ[ـه] عند قبره إلى يوم القيامة» .
2 ـ وحدَّثني محمّد بن جعفر الرَّزَّاز ، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن موسى بن سَعْدانَ ، عن عبدالله بن القاسم ، عن عُمر بن أبانَ الكلبيِّ ، عن أبان ابن تَغلب «قال : قال أبو عبدالله عليه السلام : إنَّ أربعة آلاف ملك هبطوا يريدون القِتال مع الحسين بن عليٍّ عليهما السلام ، لَمْ يؤذن لهم في القتال فرجعوا في الاستيذان فهبطوا وقد قتل الحسين عليه السلام فهم عند قبره شُعْثٌ غُبْرٌ يبكونه إلى يوم القيامة ، رئيسهم ملك يقال له : المنصور » .
3 ـ وحدّثني أبي ـ رحمه الله ـ وجماعةُ مشايخي ، عن سعد بن عبدالله ، عن عليَّ بن إسماعيل بن عيسى ، عن حمّاد بن عيسى ، عن رِبْعيّ ، عن الفضيل بن يَسار «قال : قال أبو عبدالله عليه السلام : ما لكم لا تأتونه ـ يعني قبر الحسين عليه السلام ـ فإنَّ أربعة آلاف ملك يبكون عنده إلى يوم القيامة» .
4 ـ وحدّثني محمّد بن جعفر الرَّزَّاز ، عن محمّد بن الحسين ، عن محمّد بن إسماعيل ، عن أبي إسماعيل السَّرَّاج ، عن يحيى بن مُعمّر العطّار ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه السلام «قال : أربعة آلاف ملك شُعْثٍ غُبرٍ يبكونه إلى يوم القيامة» .
5 ـ وحدَّثني أبي ـ رحمه الله ـ وعليُّ بن الحسين جميعاً ، عن سعد بن عبدالله ،


( 88 )

عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى ، عن عليِّ بن الحكم ، عن عليِّ بن أبي حمزةَ ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه السلام «قال : وكّل الله تعالى بالحسين عليه السلام سبعين ألف مَلَك يصلّون عليه كلَّ يوم شُعثاً غبراً منذ يوم قتل إلى ما شا الله ـ يعني بذلك قيام القائم عليه السلام ـ » .
6 ـ وعن سعد ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن ابن فضّالَ ، عن ثعلبَةَ(1) ، عن مبارك العطّار ، عن محمّد بن قيس «قال لي أبو عبدالله عليه السلام : عند قبر الحسين عليه السلام أربعة آلاف مَلَك شُعثٍ غُبر يَبكونه إلى يوم القيامة» .
7 ـ وحدَّثني أبي ـ رحمه الله ـ ومحمّد بن الحسن؛ وعليِّ بن الحسين جميعاً ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن القاسم بن محمّد ، عن إسحاقَ بن إبراهيم ، عن هارون(2) ، عن أبي عبدالله عليه السلام «قال : وكّل الله به(3) أربعة آلاف مَلَك شُعثٍ غُبر يبكونه إلى يوم القيامة» .
8 ـ حدّثني محمّد بن الحسن ، عن محمّد بن الحسن الصَّفّار ، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن صَفوان بن يحيى ، عن حَريز ، عن الفضيل ، عن أحدهما(4) عليهما السلام «قال إنّ على قبر الحسين عليه السلام أربعة آلاف مَلَك شُعثٍ غُبرٍ يبكونه إلى يوم القيامة ـ قال محمّد بن مسلم : يَحرُسُونه ـ » .
9 ـ حدَّثني أبي ـ رحمه الله ـ عن سعد بن عبدالله ، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى ، عن العبّاس بن معروف ، عن حمّاد بن عيسى ، عن رِبْعي «قال : قلت
____________
1 ـ يعني ابن ميمون ، كان وجهاً في أصحابنا ، قارياً فقيهاً ، كان حسن العمل ، كثير العبادة والزّهد ، روى عن الصّادق الكاظم عليهما السالم قصه . جش) .
2 ـ هو هارون بن خارجة الصّيرفي الثّقة ، كما هو مذكور في الكافي .
3 ـ أي بقبر الشهيد المفدّى الحسين عليه الصلاة السلام. والخبر بهذا السّند مذكور في الكافي بزيادة ، وهي : «وكّل الله بقبر الحسين عليه السلام أربعة آلاف ـ إلخ» . وسيأتي الخبر مع زيادته مثل ما في الكافي في الباب 77 تحت رقم 1.
4 ـ يعني الإمامين الباقر والصادق عليهما السلام .

( 89 )

لأبي عبدالله عليه السلام ـ بالمدينة ـ : أين قبور الشُّهداء؟ فقال : أليس أفضل الشُّهداء عندكم ؟! والَّذي نفسي بيده إنَّ حوله أربعة آلاف مَلَكٍ شُعثٍ غُبرٍ يبكونه إلى يوم القيامة» .
وحدَّثني محمّد بن الحسن ، عن محمّد بن الحسن الصَّفّار ، عن العبّاس بن معروف مثله .
10 ـ وحدَّثني محمّد بن جعفر الرَّزّاز قال : حدَّثني محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع ، عن أبي إسماعيل السَّرَّاج ، عن يحيى بن مُعَمّر العطّار ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه السلام «قال أربعة آلاف مَلَك شُعثٍ غُبر يبكون الحسين إلى يوم القيامة ، فلا يأتيه أحدٌ إلا استقبلوه ، ولا يمرض أحدٌ اإلاّ عادوه ، ولا يموت أحدٌ إلاّ شَهدوه» .
وحدّثني أبي ـ رحمه الله ـ عن سعد بن عبدالله ، عن محمّد بن الحسين بإسناده مثله .
11 ـ وحدّثني أبي ـ رحمه الله ـ عن سعد بن عبدالله ، عن الحسن بن عليِّ ابن عبدالله بن المغيرة ، عن العبّاس بن عامر ، عن أبان(1) ، عن أبي حمزة الثّماليِّ ، عن أبي عبدالله عليه السلام «قال : إنّ الله وكّل بقبر الحسين عليه السلام أربعة آلاف مَلك شُعثٍ غُبر يبكونه من طلوع الفجر إلى زَوال الشَّمس ، فإذا زالتِ الشَّمس هبط أربعةُ آلاف مَلكَ وصَعد أرْبعة آلاف ملك ، فلم يزل يبكونه حتّى يطلع الفجر ـ وذكر الحديث ـ» .
12 ـ حدَّثني أبي ـ رحمه الله ـ ومحمّد بن عبدالله ، عن عبدالله بن جعفر الحميريّ ، عن إبراهيم بن مَهزيار ، عن أخيه عليٍّ بن مَهزيار ، عن أبي القاسم(2) ، عن القاسم بن محمّد ، عن إسحاق بن إبراهيمَ ، عن هارون «قال : سأل رجلٌ
____________
1 ـ يعني ابن عثمان الأحمر البجليّ ، روى عن الصّادق والكاظم عليهما السلام.
2 ـ كأنّه الصّيقل وهو مهمل . ويحتمل أن يكون «عن أبي القاسم» من زيادات النّسّاخ ، لأن عليٍّ بن مهزيار يروي عن القاسم بن محمّد الجوهري بدون واسطة .

( 90 )

أبا عبدالله عليه السلام ـ وأنا عنده ـ فقال : ما لمن زارَ قبر الحسين عليه السلام ؟ فقال : إنَّ الحسين عليه السلام لمّا اُصيب بَكَتْه حتّى البلاد ، فوكّل الله به أربعة آلاف مَلَك شُعْثاً غُبراً ، يبكونه إلى يوم القيامة ـ وذكر الحديث(1) ـ » .
13 ـ وحدَّثني أبي ـ رحمه الله ـ عن سعد بن عبدالله ، عن محمّد بن الحسين ، عن الحسن بن محبوب ، عن صَبَاح الحَذّاء(2) ، عن محمّد بن مَروانَ ، عن أبي عبدالله عليه السلام «قال : سمعته يقول : زُوروا الحسين عليه السلام ولو كلَّ سَنَة ، فإنَّ كلَّ مَن أتاه عارفاً بحقِّه غير جاحِد لم يكن له عِوَضٌ غير الجنّة ، ورُزِق رِزْقاً واسعاً ، وأتاه الله بِفَرَج عاجِل ، إنّ الله وكَّل بقبر الحسين بن عليٍّ عليهما السلام أربعة آلاف مَلَكٍ ، كلّهم يبكونه ، ويشيّعون مَن زاره إلى أهله ، فإنْ مرض عادوه ، وإنْ ماتَ شهدوا جنازته بالاستغفار له والتَرحّم عليه» .
حدَّثني الحسن بن عبدالله بن محمّد بن عيسى ، عن أبيه ، عن الحسن بن محبوب بإسناده مثله .
14 ـ وحدَّثني أبي ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى ، عن أبيه ، عن سَيف بن عَمِيرةَ ، عن بكر بن محمّد ، عن أبي عبدالله عليه السلام «قال : وكّل الله بقبر الحسين عليه السلام سبعين ألف ملكٍ شُعْثاً غُبراً بيكونه ، إلى يوم القيامة ، يصلّون عنده ، الصَّلاة الواحدة مِن صلواتهم تعدل ألف صلاة مِن صلاة الآدميّين ، يكون ثواب صَلَواتهم وأجر ذلك لِمَن زار قبره» .
15 ـ وحدَّثني محمّد بن جعفر الرَّزَّاز ، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب عن صَفوانَ بن يحيى ، عن حَنان بن سَدِير ، عن مالك الجهنِّي ، عن أبي عبدالله عليه السلام «قال : إنّ الله وكّل بالحسين عليه السلام ملكاً(3) في أربعة آلاف ملك يبكونه ويستغفرون لزوَّاره ويدعون الله لهم» .
____________
1 ـ سيأتي الخبر بتمامه في الباب السّابع والسّبعين تحت رقم 8.
2 ـ هو صبّاح ـ بفتح الصّاد وتشديد الباء الموحّدة ـ ابن صَبيح ـ كشريف ـ الحَذّاء الفزاريّ ، مولاهم ، ثقة ، روى عن الصّادق عليه السلام.
3 ـ يقال له : المنصور ، كما مرّ .

( 91 )

16 ـ حدَّثني محمّد بن عبدالله بن جعفر الحميريُّ ، عن أبيه ، عن عليِّ بن محمّد بن سالم ، عن محمّد بن خالد ، عن عبدالله بن حمّاد البصريّ ، عن عبدالله بن عبدالرَّحمن الأصمّ قال : حدَّثنا الهَيْثم بن واقِد ، عن عبدالملك بن مُقَرِّن(1) ، عن أبي عبدالله عليه السلام «قال: إذا زرتم أبا عبدالله عليه السلام فألزموا الصَّمْت إلاّ مِن خير ، وإنْ ملائكة اللَّيل والنَّهار من الحفظة تحضر الملائكة الّذين بالحائر ، فتصافحهم فلا يجيبونهم مِن شدَّة البُكاء فينتظرونهم حتّى تزول الشَّمس وحتّى ينوّر الفجر ، ثمّ يكلّمونهم ويسألونهم عن أشياء مِن أمر السّماء ، فأمّا ما بين هذين الوقتين فإنّهم لا ينطقون ، ولا يفترون عن البُكاء والدُّعاء ، ولا يشغلونهم في هذين الوقتين عن أصحابهم ، فإنّما شغلهم بكم إذا نطقتم(2) .
قلت : جُعِلتُ فِداك وما الّذي يسألونهم عنه وأيّهم يسأل صاحبه ؛ الحفظة أو أهل الحائر؟ قال : أهل الحائر يسألون الحفظة ، لأنَّ أهل الحائر مِن الملائكة لا يَبرحون ، والحفظة تنزل وتصعد ، قلت : فما ترَى يسألونهم عنه؟ قال : إنّهم يمرُّون إذا عرجوا بإسماعيل صاحب الهَواء ، فربّما وافقوا النَّبيَّ صلّى الله عليه وآله وسلّم وعنده فاطمة والحسن والحسين والأئمّة مَن مضى منهم فيسألونهم عن أشياء ، وعمّن حضر منكم الحائر ، ويقولون : بَشّروهم بدعائكم ، فتقول الحفظة : كيف نُبشِّرُهم وهم لا يَسمعون كلامنا؟ فيقولون لهم : باركوا عليهم وادعوا لهم عنّا فهي البشارة منّا ، فإذا انصرفوا فحُفّوهم بأجْنِحَتكم حتّى يحسّوا مكانكم وإنّا نستودِعهم الَّذي لا تضيع ودائعه؛
ولو يعلمون ما في زيارته من الخير ويعلم ذلك النّاس لاقتتلوا على زيارته
____________
1 ـ قال العلاّمة الأمينيّ ـ رحمه الله ـ : كذا في النّسخ ، لكن الظّاهر أنّ المرويّ عنه هو «مقرن» لا ولده ، حيث إنّه هو الّذي يروي عنه الهيثم بن واقد ، وهو الرّاوي عن الإمام عليه السلام ، وليس في كتب الرّجال والحديث عن ابنه هذا عين ولا أثر ـ انتهى . أقول : الظّاهر زيادة لفظة «عبدالملك» ، والصّواب : «الهيثم بن واقد ، عن مُقَرِّن».
2 ـ في البحار : «فإنّهم شغلهم بكم إذا نطقتم» .

( 92 )

بالسّيوف ، ولباعوا أموالهم في إتيانه ، وأنَّ فاطمة عليها السلام إذا نَظرتْ إليهم ومعها ألفُ نبيٍّ وألفُ صِدِّيقٍ وألف شهيدٍ مِن الكَرُوبيّين ألف ألف يُسعدونها عَلى البُكاء ، وإنّها لتشهق شَهْقَة فلا يبقى في السّماوات ملك إلاّ بكى رحمةً لصوتها ، وما تسكن حتّى يأتيها النَّبيُّ صلّى الله عليه وآله وسلّم فيقول : يابُنَيّة قد أبكيتِ أهل السَّماوات وشَغَلْتِهم عن التَّسبيح والتَّقديس فكُفّي حتّى يقدّسوا ، فإنَّ الله بالغٌ أمره ، وإنّها لتنظر إلى مَن حضر منكم فتسأل الله لهم مِن كلِّ خير ، ولا تزهدوا في إتيانه! فإنَّ الخير في إتيانه أكثر مِن أن يُحصى» .
17 ـ وحدَّثني محمّد بن عبدالله بن جعفر الحِميريُّ ، عن أبيه ، عن عليِّ بن محمّد بن سالم ، عن محمّد بن خالد ، عن عبدالله بن حمّاد البَصريّ ، عن عبدالله ابن عبدالرَّحمن الأصَمّ قال : حدّثنا أبو عبيدة البَزَّاز(1) ، عن حَريز ، عن أبي عبدالله عليه السلام «قال: قلت له : جُعِلتُ فِداك ما أقلّ بقاؤكم أهل البيت وأقرب آجالكم بعضها مِن بعضٍ مع حاجة هذا الخلق إليكم ! فقال : إنَّ لكلِّ واحدٍ منّا صحيفة فيها ما يحتاج إليه أن يعمل به في مُدَّته ، فإذا انقضى ما فيها ممّ اُمر به عرف أنَّ أجله قد حضر ، وأتاه النَّبيُّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ينعى إليه نفسه وأخبره بما له عند الله ، وإنَّ الحسين عليه السلام قرء صحيفته الّتي اُعطيها وفسّر له ما يأتي وما يبقى ، وبقي منها أشياء لم تنقضْ فخرج إلى القتال ، فكانَتْ تلك الاُمور الّتي بَقيتْ أنّ الملائكة سألتِ الله في تُصْرَته فأذن لهم ، فمكثت تستعدُّ للقتال وتتأهّب لذلك حتّى قُتِل ، فنزلت الملائكة قد انقطعت مُدّته ، وقتل عليه السلام ، فقالت الملائكة : يا رَبِّ أذنت لنا بالانحدار(2) في نُصرته ، فانحدرنا وقد قبضته؟ فأوحى الله تبارك وتعالى إليهم أن ألزموا قبره(3) حتّى تروه وقد خرج فانصروه ، وابكوا عليه وعلى ما فاتكم مِن نصرته ، وإنّكم خصّصتم بنصرته والبكاء عليه ، فبكتِ الملائكة حُزناً وجَزَعاً على ما فاتهم مِن نصرة الحسين عليه السلام ، فإذا خرج عليه السلام يكونون أنصاره» .
____________
1 ـ في الكافي : «أبو عبدالله البزّاز».
2 ـ الانحدار: النّزول والهبوط .
3 ـ في البحار : «أن ألزموا قبّته» .