الباب السّادس والثّلاثون
(في أنّ الحسين عليه السلام قتيل العَبرة لا يذكره مؤمن إلاّ بكى)

1 ـ حدَّثني أبي ؛ وعليُّ بن الحسين؛ ومحمّد بن الحسن ـ رحمهم الله ـ جميعاً ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى ، عن سعيد بن جَناح(1) ، عن أبي يحيى الحَذّاء ـ عن بعض أصحابنا ـ عن أبي عبدالله عليه السلام «قال : نظر أمير المؤمنين عليه السلام إلى الحسين فقال : يا عَبْرَةَ كلِّ مؤمن ، فقال : أنا يا أبتاه؟ قال : نَعَم يا بُنيَّ» .
2 ـ حدَّثني جماعة مشايخي ، عن محمّد بن يحيى العطّار ، عن الحسين بن عبدالله ، عن الحسن بن عليِّ بن أبي عثمان ، عن الحسن بن عليِّ بن عبدالله بن المغيرة ، عن أبي عُمارة المُنشِد «قال : ما ذُكِرَ الحسين عليه السلام عند أبي عبدالله عليه السلام في يوم قطّ فَرُئيّ أبو عبدالله مُتَبَسّماً في ذلك اليوم إلى اللّيل وكان يقول : الحسين عليه السلام عَبرة كلِّ مؤمن» .
3 ـ حدَّثني أبي ـ رحمه الله ـ عن سعد بن عبدالله ، عن الحسن بن موسى الحشاب ، عن إسماعيل بن مِهرانَ ، عن عليِّ بن أبي حمزةَ ، عن أبي بصير «قال : قال أبو عبدالله عليه السلام : قال الحسين بن عليِّ عليهما السلام : أنا قتيل العَبرة(2) ، لا يذكرني مؤمنٌ إلاّ اسْتَعبَرَ» .
4 ـ حدَّثني أبي ـ رحمه الله ـ عن سعد بن عبدالله ، عن الحسن بن موسى ،
____________
1 ـ بفتح الجيم؛ الأزديّ ، مولاهم كوفيّ ، نشأ ببغداد ومات بها ، وكان ثقة .
2 ـ العَبْرَة : الدُّمعة قبل أن تفيض ، وقيل : تردّد البُكاء في الصَّدر ، وقيل : الحزن بلا بُكاء . (أقرب الموارد) وقوله عليه السلام : «أنا قتيل العَبْرَة» أي قتيل منسوب إلى العَبْرَة والبُكاء ، وسببُ لها ، أو اُقتل مع العبرة والحزن وشدّة الحال ، والأوّل أظهر . (البحار)

( 117 )

عن محمّد بن سِنان ، عن إسماعيل بن جابر ، عن أبي عبدالله عليه السلام «قال : قال الحسين عليه السلام : أنا قَتيل العَبْرَة» .
5 ـ حدَّثني أبي ـ رحمه الله ـ عن سعد بن عبدالله ، عن الحسن بن موسى ، عن محمّد بن سِنان ، عن إسماعيل بن جابر ، عن أبي عبدالله عليه السلام «قال : قال الحسين عليه السلام : أنا قتيل العَبْرَة» .
6 ـ حدّثني محمّد بن الحسن ، عن محمّد بن الحسن الصّفّار ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن خالد البرقيِّ ، عن أبان الأحمر ، عن محمّد بن الحسين الخزَّاز ، عن هارون بن خارجة ، عن أبي عبدالله عليه السلام «قال : كنّا عنده فذكرنا الحسين عليه السلام [وعلى قاتله لعنة الله] فبكى أبو عبدالله عليه السلام وبكينا ، قال: ثمَّ رفع رأسَه فقال : قال الحسين عليه السلام : أنا قتيل العَبرَة ، لا يذكرني مؤمن إلاّ بكى ـ وذكر الحديث ـ».
7 ـ حدَّثني عليُّ بن الحسين [عن عليِّ بن الحسين] السّعد آبادي قال : حدَّثني أحمدُ بن أبي عبدالله البرقي ، عن أبيه ، عن ابن مُسْكانَ ، عن هارونَ بن خارجَة ، عن أبي عبدالله عليه السلام «قال : قال الحسين عليه السلام: أنا قتيل العَبرَة ، قُتِلتُ مكروباً ، وحقيقٌ على [الله] أن لا يأتيني مَكروبٌ قطّ إلاّ رَدّه الله وقلبه إلى أهله مَسروراً» .
حدَّثني حكيم بن داودَ ، عن سَلَمة بن الخطّاب ، عن محمّد بن عَمرو ، عن هارون بن خارجَة ، عن أبي عبدالله عليه السلام مثله .

الباب السّابع والثّلاثون
(ما روي أنّ الحسين عليه السلام سيّد الشّهداء)

1 ـ حدّثني محمّد بن جعفر الرَّزَّاز ، عن محمّد بن الحسين ، عن محمّد بن إسماعيل ، عن حَنان «قال : قال أبو عبدالله عليه السلام : زوروا الحسين عليه السلام ولا تجفوه ، فإنّه سَيِّدُ شَباب أهل الجنّة من الخلق وسَيِّدُ الشَّهداء» .


( 118 )

2 ـ حدَّثني أبي ـ رحمه الله ـ عن سعد بن عبدالله ، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى ، عن العبّاس بن معروف ، عن حمّاد بن عيسى ، عن رِبْعيِّ بن عبدالله(1) «قال : قلت لأبي عبدالله عليه السلام بالمدينة : أين قبور الشُّهداء؟ فقال : أليس أفضل الشُّهداء عندَكم ، والَّذي نفسي بيدِه أنَّ حَولَه أربعة آلاف مَلَك شُعْثاً غُبراً يبكونه إلى يوم القيامة» .
3 ـ حدّثني أبو العبّاس الرَّزَّاز ، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن أبي داودَ المُسْتَرِق ، عن اُمّ سعيد الأحْمَسِيّة(2) «قال : كنت عند أبي عبدالله عليه السلام وقد بعثت مَن يكتري لي حِماراً إلى قبور الشُّهداء ، فقال : ما يمنعكِ من زيارة سيّد الشُّهداء؟ قالت : قلت : ومَن هو؟ قال : الحسين عليه السلام ، قالتْ : قلت : وما لِمَن زارَه؟ قال : حَجّةٌ وعُمْرَةُ مَبرورَة ، ومِن الخير كذا وكذا وكذا ـ ثلاث مرَّات ـ بيده» .
4 ـ وعنه ، عن محمّد بن الحسين ، عن الحكم بن مسكين ، عن اُمّ سعيد الاُحْمَسيّة « قالت : جئت إلى أبي عبدالله عليه السلام فدخلت عليه ، فجاءت الجارية فقالت : قد جئتكِ بالدَّابّة ، فقال لي : يا اُمَّ سعيد أيُّ شيءٍ هذه الدَّابة؛ أين تبغين تَذْهبين؟ قالت : قلت : أزور قبورَ الشّهداء ، قال : أخِّري ذلك اليوم ، ما أعجبكم يا أهل العِراق؛ تأتون الشُّهداء مِن سَفر بَعيد وتتركون سيِّد الشّهداء لا تأتونه؟! قالت : قلت له : مَن سَيّد الشُّهداء؟ فقال : الحسين بن عليٍّ عليهما السلام ، قالت : قلت : إنّي امرءة ، فقال : لا بأس لمن كان مثلك ان يذهب إليه ويزوره ، قالت : أيُّ شيءٍ لنا في زيارته؟ قال : تعدل حجّة وعُمرة واعتكاف شهرين في المسجد
____________
1 ـ هو العبديّ البصري أبو نعيم ، ثقة ، روى عن الصّادق والكاظم عليهما السلام .
2 ـ بفتح الألف وسكون الحاء المهملة وفتح الميم وفي آخرها السّين المهملة ، هذه النّسبة إلى أحمس ، وهي طائفة من بجيلة نزلوا الكوفة . (الأنساب ، اللّباب ، الإكمال) وقال العلاّمة الاُميني ـ رحمه الله ـ : بطن من انمار بن إراش ، غلب عليهم اسم أبيهم حمس فقيل لهم : أحمس ، فما في كثير من المعاجم بالخاء المعجمة تصحيف واضح .

( 119 )

الحرام وصيامها ، وخيرها كذا وكذا ، قالت : بَسَط يَدَه وضَمّها ضَمّاً ـ ثلاث مرَّات ـ » .
5 ـ حدَّثني أبي ؛ وعليُّ بن الحسين ؛ ومحمّد بن الحسن ـ رحمهم الله ـ عن سعد بن عبدالله ، عن الحسن بن عليِّ بن عبدالله بن المغيرة ، عن العبّاس بن عامِر ، عن أحمدَ بن رِزق الغَمْشانيّ(1) ، عن اُم سعيد الأحْمَسيّة «قالت : دخلت المدينة فاكتريت حِماراً على أن أطوف على قبور الشُّهداء(2) ، فقلت : لابدَّ أبدء بابن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فأدخل عليه ، فأبطأتُ على المكاري قليلاً ، فهتف بي ، فقال لي أبو عبدالله عليه السلام : ما هذا يا اُمَّ سعيد؟ قلت له : جعلت فِداك تَكارَيتُ حِماراً لأزور عَلى قُبور الشُّهداء ، قال : أفلا اُخبرُك بسَيِّد الشُّهداء؟ ! قلت : بلى ، قال : الحسين بن عليِّ عليهما السلام ، قلت : وإنّه لسيِّد الشّهداء؟! قال : نَعَم ، قلت: فما لمن زاره؟ قال: حَجّة وعُمْرَة ، ومن الخير ـ هكذا وهكذا ـ » .
6 ـ حدَّثني أبي ؛ ومحمّد بن عبدالله بن جعفر الحِميريّ جميعاً ، عن عبدالله بن جعفر الحِميريّ ، عن أحمدَ بن أبي عبدالله البَرقيِّ ، عن أبيه ، عن عبدالله بن القاسم الحارثي ، عن عبدالله بن سِنان ، عن اُمّ سعيد الأحمسيّة «قالت : دخلت المدينة فأكتريت البَغل لاُزور عليه قبور الشُّهداء ، قالت : قلت : ما أحدٌ أحقُّ أن أبدء به مِن جعفر بن محمّد ، قالت : فدخلت عليه فأبطأت فصاح بي المكاري : حبستِينا عافاك الله! ، فقال لي أبو عبدالله : كأنّ إنساناً يستعجلك يا اُمّ سعيد؟ قلت : نَعم جعلت فداك ، إنّي اكتريت بَغلاً لأزور عليه قبور الشهداء فقلت : ما آتي أحداً أحقّ من جعفر بن محمّد ، قالت : يا اُمّ سعيد فما يمنعك مِن أن تأتي قبر سيِّد الشّهداء؟ ! قالت : فطمعت(3) أن يَدُلَّني على قبر عليِّ بن أبي طالب عليه السّلام ، فقلت : بأبي أنت واُمّي ومَن سيّد الشّهداء؟ قال : الحسين بن
____________
1 ـ قال النّجاشيّ ـ مثل ما في المتن ـ : «الغمشانيّ» ، وفي الخلاصة: الغُشانيّ ـ بالغين المعجمة المضمومة والشّين المعجمة والنّون بعد الألف ـ بجليّ ثقة .
2 ـ مرادها شهداء اُحد .
3 ـ ذلك لخفاء قبره عليه السلام حينذاك .

( 120 )

فاطمة عليهما السلام ، يا اُمَّ سعيد مَن أتاه ببصيرة ورَغبةٍ فيه كان له حَجّة وعُمرَة مَبرورة(1) وكان له مِن الفضل هكذا وهكذا» .
7 ـ حدَّثني محمّد بن جعفر الرَّزَّاز ، عن خاله محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن محمّد بن إسماعيل ـ عمّن حدَّثه ـ عن عليِّ بن أبي حمزة ، عن الحسين بن أبي العَلاء؛ وأبي المَغرا؛ وعاصم بن حُمَيد الحنّاط جماعتهم ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه السلام «قال : ما مِن شَهيدٍ إلاّ ويحبّ أن يكون(2) مع الحسين عليه السلام حتّى يدخلون الجنّة معه» .

الباب الثّامن والثّلاثون
(زيارة الأنبياء الحسين بنَ عليِّ عليهما السلام)

1 ـ حدَّثني الحسن بن عبدالله(3) ، عن أبيه ، عن الحسن بن محبوب ، عن إسحاق بن عمّار «قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول : ليس نبيّ في السَّماوات [والأرض] إلاّ يسألون الله تعالى أن يأذن لهم في زيارة الحسين عليه السلام ، ففوج ينزل وفوج يصعد(4)» .
2 ـ وعنه ، عن أبيه ، عن الحسن بن محبوب ، عن الحسين ابن بنت أبي حمزة الثُّمالي «قال : خرجت في آخر زَمان بني مَروان إلى زيارة قبر الحسين عليه السلام مُستخفياً من أهل الشّام(5) ، حتّى انتهيت إلى كربلاء فاختفيت في ناحية القَرية حتّى إذا ذهب مِن اللَّيل نصفه أقبلتُ نحو القبر ، فلمّا دَنَوتُ منه أقبل نحوي رَجُلٌ
____________
1 ـ في بعض النّسخ : «حجّة مبرورة وعمرة متقبّلة».
2 ـ في بعض النّسخ: «إلاّ وهو يحبّ لو أنّ الحسين بن علي حيّ حتّى يكون ـ إلخ».
3 ـ هو ابن أخي أبي جعفر الأشعريّ.
4 ـ في نسخة : «يعرج».
5 ـ لئلاّ يعرفوني بولاية أهل البيت عليهم السلام ويزجروني بذلك؛ ظاهراً ، لا لزيارة القبر ، لأنّ المنع مِن زيارة قبره كان في زمن بني العبّاس .

( 121 )

فقال لي : انصرف مأجوراً؛ فإنَّك لا تصل إليه ، فرجعت فَزِعاً حتّى إذا كاد يطلع الفجر أقبلت نحوه حتّى إذا دَنَوتُ منه خرج إليَّ الرَّجلُ فقال لي : يا هذا إنّك لا تصل إليه ، فقلت له : عافاك الله ولم لا أصلُ إليه؟ وقد أقبلتُ مِن الكوفة اُريد زيارته فلا تحُل بيني وبينه ـ عافاك اللهُ ـ وأنا أخاف أن أصبح فيقتلونني أهل الشّام إنْ ادركوني ههنا ، قال : فقال لي : اصبر قليلاً فإنّ موسى بن عمران عليه السلام سأل الله أن يأذن له في زيارة قبر الحسين فأذن له ، فهبط من السَّماء في سَبعين ألف مَلَك فهم بحضرته مِن أوَّل اللَّيل ينتظرون طلوع الفجر ثمَّ يعرجون إلى السَّماء ، قال :قلت له : فمن أنتَ عافاك الله؟ قال : أنا من الملائكة الّذين اُمروا بحرس قبر الحسين عليه السّلام والاستغفار لزوَّاره ، فانصرفت وقد كادَ أن يطير عقلي لما سمعت منه ، قال : فأقبلت لمّا طلع الفجر نحوه فلم يَحُلْ بيني وبينه أحدٌ فدَنوت مِن القبر وسلّمت عليه ودَعوتُ اللهَ على قَتَلَتِه ، وصَلّيت الصُّبح وأقبلتُ مُسرعاً مخافة أهل الشّام»(1) .
3 ـ حدَّثني محمّد بن عبدالله الحِميريّ ، عن أبيه ، عن هارونَ بن مسلم ، عن عبدالرَّحمن بن [عمرو بن] الأشعث ، عن عبدالله بن حمّاد الانصاريّ ، عن ابن سِنان ، عن أبي عبدالله عليه السلام «قال: سمعتُه يقول : قبر الحسين بن عليٍّ صلوات الله عليهما عِشرون ذراعاً في عشرين ذِراعاً مُكسّراً(2) روضةٌ مِن رياض الجنّة ، ومنه معراج الملائكة(3) إلى السَّماء ، وليس مِن ملكٍ مقرَّب ولا نبيٍّ مرسل إلاّ وهو يسأل الله أن يزوره ، ففوج يهبط وفوج يصعد» .
4 ـ حدّثني أبي ؛ وأخي ؛ وجماعة مشايخي ـ رحمهم الله ـ عن محمّد بن يحيى ؛ وأحمدَ بن إدريسَ ، عن حَمدانَ بن سليمان النّيسابوريّ ، عن عبدالله بن محمّد اليمانيِّ ، عن مَنيع بن حَجّاج ، عن يونسَ ، عن صَفوانَ الجمّال «قال : قال
____________
1 ـ المراد بهم المأمورون .
2 ـ يعني مضروباً ، أي عشرين في عشرين.
3 ـ في بعض النّسخ : «وفيه معراج الملائكة».

( 122 )

لي أبو عبدالله عليه السلام : لمّا أتى الحِيرةَ هل لك في قبر الحسين ؟ قلت : وتَزورُه جُعِلتُ فِداك؟ قال : وكيف لا أزورُه واللهُ يَزورُه(1) في كلِّ ليلة جُمُعة يهبط مع الملائكة إليه والأنبياء والأوصياء ومحمّد أفضل الأنبياء ، ونحن أفضل الأوصياء ، فقال صَفوانُ : جعلت فِداك فنَزوره في كلِّ جمعة حتّى نُدركَ زيارة الرّبِّ ؟ قال : نَعَم ، يا صَفوان ألزم ذلك تكتب لك زيارةُ قبر الحسين عليه السلام ، وذلك تفضيل وذلك تفضيل»(2) .
وحدَّثني القاسم بن محمّد بن عليِّ بن إبراهيم الهَمْدانيِّ ، عن أبيه ، عن جدِّه ، عن عبدالله بن حمّاد الأنصاري ، عن الحسين بن أبي حمزة قال : خرجت في آخر زَمان بني اُميّة(كذا) ـ وذكر مثل الحديث المتقدَّم في الباب(3) .
وحدَّثني أبي ـ رحمه الله ـ وجماعة مشايخي ، عن أحمدَ بن إدريس ، عن العَمركي بن عليِّ البوفكيِّ ، عن عِدَّة من أصحابنا ، عن الحسن بن محبوب ، عن الحسين ابن ابنة أبي حمزة الثّماليِّ قال : خرجت في آخر زمان بني مَروان ـ وذكر مثل حديث الَّذي مرَّ في أوَّل الباب سواءً .

الباب التّاسع والثّلاثون
(زيارة الملائكة الحسين بن عليٍّ عليهما السلام)

1 ـ حدَّثني الحسن بن عبدالله بن محمّد بن عيسى ، عن أبيه ، عن الحسن
____________
1 ـ قال العلاّمة المجلسيّ ـ رحمه الله ـ : زيارته تعالى كناية عنع إنزال رحماته الخاصّة ـ صلواته عليه وعلى زائريه ـ . وقال العلاّمة الاُميني ـ رحمه الله ـ : زيارة الرَّبّ سبحانه في هذا الحديث وما في ص 35 إمّا توجيه عنايته الخاصّة بإسبال فيضه المتواصل عليه ، أو إبداء شيءٍ مِن مظاهر جلاله العظيم الّذي تجلّى للجبل فجعله دَكَاً وَخَرَّ مُوسى صَعِقاً ، والإمام عليه السلام كان يزوره ليدرك هاتيك العناية الخاصّة ، أو يشاهد تلك المظاهر اللَّطيفة الّتي كانت لتشريفهم ، ولذلك كانوا يتحمّلون مشاهدته ، ولأنّ مقامهم أرفع مِن مقام موسى الّذي لم يتحمّله .
2 ـ أي زيارة الرّبّ ، والمراد بالرّبّ عناياته ـ كما مرّ ـ وفرقٌ بين معنى الرّبّ ومعنى الله .
3 ـ أي الخبر الثّاني من الباب.

( 123 )

ابن محبوب ، عن إسحاق بن عمّار ، عن أبي عبدالله عليه السلام «قال : سمعته يقول : ليس من ملكٍ في السَّماوات إلاّ وهم يسألون الله عزّوجلَّ أن يأذن لهم في زيارة قبر الحسين عليه السلام ، ففوج يَنزل وفوج يَعرُج» .
2 ـ وعنه : عن أبيه ، عن الحسن بن محبوب ، عن داودَ الرَّقّي «قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول : ما خلق الله خلقاً أكثر مِن الملائكة ، وأنّه ينزل من السَّماء كلَّ مَساءٍ سبعون ألف ملك يطوفون بالبيت الحرام ليلتهم حتّى إذا طلع الفجر انصرفوا إلى قبر النَّبيِّ صلّى الله عليه وآله وسلّم فيسلّمون عليه ، ثمَّ يأتون قبر أمير المؤمنين عليه السلام فيسلّمون ، ثم يأتون قبر الحسين عليه السلام فيسلّمون عليه ، ثمَّ يعرجون إلى السّماء قبل أن تطلع الشَّمس ، ثمَّ تنزل ملائكة النّهار سبعون ألف ملك ، فيطوفون بالبيت الحرام نهارَهم حتّى إذا غربت الشَّمس انصرفوا إلى قبر رَسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فيسلّمون عليه ، ثمَّ يأتون قبر أمير المؤمنين عليه السلام فيسلّمون عليه ، ثمّ يأتون قبر الحسين عليه السلام فيسلّمون عليه ، ثمَّ يعرجون إلى السّماء قبل أن تغيب الشَّمس»(1) .
3 ـ حدَّثني أبي ـ رحمه الله ـ وجماعة مشايخي ، عن سعد بن عبدالله ، عن الحسين بن عبدالله ، عن الحسن بن عليِّ بن أبي عثمان ، عن محمّد بن الفضيل ، عن إسحاقَ بن عمّار ، عن أبي عبدالله عليه السلام «قال : ما بين قبر الحسين عليه السلام إلى السّماء مُختَلفُ الملائكة» .
4 ـ حدَّثني القاسم بن محمّد بن عليِّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن جَدِّه ، عن عبدالله بن حمّاد الأنصاريِّ ، عن عبدالله بن سِنان «قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام
____________
1 ـ قال العلاّمة الأميني ـ رحمه الله ـ : هذا الحديث رواه بحّاثة العامّة محمّد بن مسلم بن أبي الفوارس مِن أئمّة القرن السّادس في أربعينه الموجود عندنا بغير هذا الطريق عن وَهب عن الصّادق عليه السلام ، وجعله حديث الثّاني عشر مِن كتابه وزاد في آخره : «والّذي نفسي بيده أنّ حول قبره أربعة آلاف ملك شُعْثاً غُبراً يبكون عليه إلى يوم القيامة » ، وفي رواية أخرى : « قد وكل الله بالحسين سبعين ألف ملك يصلّون عليه كلَّ يوم ويدعون لمن زارَه ، ورئيسهم ملك يقال له : منصور» ـ إلى آخر الحديث الأوّل مِن الباب الحادي والأربعين من الكتاب .
( 124 )

يقول : قبر الحسين عليه السلام ـ عشرون ذِراعاً في عِشرين ذراعاً مُكسّراً ـ روضة من رياض الجنّة ، منه معراج إلى السّماء ، فليس من ملك مقرَّب ولا نبيِّ مرسل إلا وهو يسأل الله تعالى أن يزور الحسين عليه السلام ، ففوجُ يهبط وفوجٌ يصعد» .
5 ـ وعنه(1) ، عن أبيه ، عن جَدِّه ، عن عبدالله بن حمّاد ، عن إسحاقَ بن عمّار «قال : قلت لأبي عبدالله عليه السلام : جُعلتُ فِداكَ يا ابن رسول الله كنت في الحيرة ليلة عرفة فرأيت نحواً مِن ثلاثة آلاف وأربعة آلاف رَجل ، جميلة وجوههم ، طيّبة ريحهم ، شديد بياض ثِيابهم ، يصلّون اللَّيل أجمع ، فلقد كنت اُريد أن آتي قبر الحسين عليه السلام واُقبّله وأدعو بدعوات ، فما كنت أصل إليه من كثرة الخلق ، فلمّا طلع الفجر سجدتُ سِجدةً ، فرفعت رأسي فلم أرَ منهم أحداً ، فقال لي أبو عبدالله عليه السلام : أتدري مَن هؤلاء؟ قلت : لا جُعِلتُ فِداك ، فقال : أخبرني أبي ، عن أبيه قال : مَرَّ بالحسين عليه السلام أربعة آلاف ملكٍ ـ وهو يقتل ـ فعرجوا إلى السّماء فأوحى الله تعالى إليهم : يا معشر الملائكة مَرَرتم بابن حبيبي وصَفيّي محمَّدٍ وهو يُقتل ويضطهد مظلوماً فلم تنصروه؟! فانْزِلو إلى الأرض إلى قبر فابْكوه شُعْثاً غُبراً إلى يوم القيامة ، فهم عنده إلى أن تقوم السّاعة»(2) .
6 ـ حدَّثني أبي ـ رحمه الله تعالى ـ عن سعد بن عبدالله ـ عن بعض أصحابه ـ عن أحمد بن قتيبة الهَمداني ، عن إسحاق بن عمّار «قال : قلت لأبي عبدالله عليه السلام : إني كنت بالحائر ليلة عرفة وكنت اُصلّي وثَمَّ نحوٌ مِن خمسين ألفاً مِن النّاس ، جميلة وجوههم ، طيّبة روائحهم ، وأقبلوا يصلّون اللّيلة(3) أجمع ، فلمّا طلع الفجر سَجَدتُ ثمَّ رفعتُ رأسي فلم أرَ منهم أحداً ، فقال لي أبو عبدالله عليه السلام : أنّه مَرَّ بالحسين عليه السلام خمسون ألف مَلَك ، وهو يقتل فعرجوا إلى السَّماء فأوحى الله تعالى إليهم : مَرَرتم بابن حبيبي وهو يقتل فلم تنصروه؟! فاهبُطوا إلى الأرض فاسْكنوا عند قبره شُعْثاً غُبراً إلى يوم تقوم السّاعة» .
____________
1 ـ الضّمير راجع إلى القاسم بن محمّد بن عليّ بن إبراهيم.
2 ـ في بعض النّسخ : «إلى أن تقوم القيامة».
3 ـ في نسخة : «يصلّون اللّيل».