عاجل: بيانُ مكتب سماحة السيد السيستاني (دام ظلّه) بعد استقباله ممثّلة الأمم المتّحدة اليوم الأحد

استقبل سماحة آية الله العظمى السيّد السيستاني (دام ظلّه) قبل ظهر اليوم السيّدة جينين هينيس- بلاسخارت، الممثّلة الخاصّة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق، وأشار سماحته خلال اللقاء الى مواقفه في عددٍ من القضايا المهمة، وهي:
أوّلاً: إنّ الانتخابات النيابية المقرّر إجراؤها في العام القادم تحظى بأهمّية بالغة، ويجب أن توفّر لها الشروط الضروريّة التي تُضفي على نتائجها درجة عالية من المصداقية، ليتشجّع المواطنون على المشاركة فيها بصورة واسعة. ولهذا الغرض لابُدّ من أن تجرى وفق قانونٍ عادلٍ ومنصف بعيداً عن المصالح الخاصّة لبعض الكتل والأطراف السياسيّة، كما لابُدّ من أن تراعى النزاهة والشفافية في مختلف مراحل إجرائها، ويتمّ الإشراف والرقابة عليها بصورةٍ جادّة بالتنسيق مع الدائرة المختصّة بذلك في بعثة الأمم المتّحدة.
إنّ الانتخابات المبكّرة ليست هدفاً بحدّ ذاتها، وإنّما هي المسار السلميّ الصحيح للخروج من المأزق الراهن الذي يعاني منه البلد، نتيجة لتراكم أزماته سياسياً واقتصادياً وأمنياً وصحياً وخدمياً وغير ذلك. فلابُدّ من أن تتاح الفرصة للمواطنين بأن يجدّدوا النظر في خياراتهم السياسيّة وينتخبوا بكلّ حرية وبعيداً عن أي ضغط من هنا أو هناك ممثليهم في مجلس النوّاب القادم، ليكون مؤهلاً للعمل باتّجاه حلّ المشاكل والأزمات.
إنّ مزيداً من التأخير في إجراء الانتخابات أو إجرائها من دون توفير الشروط اللازمة لإنجاحها، بحيث لا تكون نتائجها مقنعة لمعظم المواطنين سيؤدّي الى تعميق مشاكل البلد والوصول -لا سمح الله- الى وضع يهدّد وحدته ومستقبل أبنائه، وستندم عليه جميع الأطراف المعنيّة الممسكة بزمام السلطة في الوقت الحاضر.
ثانياً: إنّ الحكومة الراهنة مدعوّة الى الاستمرار والمضيّ بحزم وقوّة في الخطوات التي اتّخذتها في سبيل تطبيق العدالة الاجتماعيّة، والسيطرة على المنافذ الحدوديّة، وتحسين أداء القوّات الأمنيّة، بحيث تتّسم بدرجة عالية من الانضباط والمهنيّة، وفرض هيبة الدولة وسحب السلاح غير المرخّص فيه، وعدم السماح بتقسيم مناطق من البلد الى مقاطعات تتحكّم بها مجاميع معيّنة بقوّة السلاح تحت عناوين مختلفة بعيداً عن تطبيق القوانين النافذة.
والحكومة مدعوّة أيضاً الى اتّخاذ خطواتٍ جادّة واستثنائيّة لمكافحة الفساد وفتح الملفّات الكبرى بهذا الشأن حسب الإجراءات القانونيّة، بعيداً عن أيّ انتقائيّة، لينال كلّ فاسد جزاءه العادل وتُسترجع منه حقوقُ الشعب مهما كان موقعه وأيّاً كان داعموه.
كما أنّها مطالَبةٌ بالعمل بكلّ جدّية للكشف عن كلّ من مارسوا أعمالاً إجراميّة من قتلٍ أو جرحٍ أو غير ذلك بحقّ المتظاهرين أو القوّات الأمنيّة أو المواطنين الأبرياء، أو قاموا بالاعتداء على الممتلكات العامّة أو الخاصّة، منذ بدء الحراك الشعبي المطالِب بالإصلاح في العام الماضي، ولا سيّما الجهات التي قامت بأعمال الخطف أو تقف وراء عمليّات الاغتيال الأخيرة.
إنّ إجراء العدالة بحقّ كلّ الذين اقترفوا الجرائم المذكورة سيبقى مطلباً ملحّاً لا بُدّ من أن يتحقّق في يومٍ من الأيّام، وهو الأسلوب الناجع في المنع من تكرارها والردع عن العود الى أمثالها.
ثالثاً: إنّ الحفاظ على السيادة الوطنيّة ومنع خرقها وانتهاكها والوقوف بوجه التدخّلات الخارجيّة في شؤون البلد وإبعاد مخاطر التجزئة والتقسيم عنه مسؤوليّة الجميع، وهو يتطلّب موقفاً وطنيّاً موحّداً تجاه عدّة قضايا شائكة تمسّ المصالح العليا للعراقيّين حاضراً ومستقبلاً، ولا يمكن التوصّل إليه في ظلّ تضارب الأهواء والانسياق وراء المصالح الشخصيّة أو الحزبيّة أو المناطقيّة، فالمطلوب من مختلف الأطراف الارتقاء الى مستوى المسؤوليّة الوطنيّة وعدم التفريط لأيّ ذريعةٍ بسيادة البلد واستقراره واستقلال قراره السياسيّ.