وتستند الشرفةُ على صفّين من المقرنصات الجميلة المتراكبة، أمّا القسمُ العلويّ الذي يعلو شرفة الأذان، فهو أسطوانيّ الشكل أيضاً، ويتميّز بطوله ومتانته ولكنّه أقلّ قطراً من جسم المئذنة، حيث يبلغ قطره 2.7م، ومتوّجٌ بقبّة صغيرة بصليّة الشكل ذات حافّة مؤلّفة من الفصوص، تعلوها ساريةٌ مكوّنةٌ من كراتٍ نحاسيّة متفاوتة الأحجام.
يكتسي نصفا المنارتَيْن الأعلى -الكائنان فوق مظلّة المؤذّن– ببلاطاتٍ نحاسيّة مغلّفة بالذهب الخالص، ويبلغ عددُ الصفائح النحاسيّة المطليّة بالذهب (2016) بلاطة، وقد تمّ تذهيبُ الجزء السفليّ منهما بالذهب المطعّم بالمينا مع الحفاظ على شكل المنارة القديم ونفس النقوش، بمشروعٍ نُفّذ في العراق -في حينها- كأوّل مشروعٍ يُنفّذ من قِبل ملاكاتٍ عراقيّة خالصة تابعة لقسم المشاريع الهندسيّة في العتبة العبّاسية المقدّسة، من دون الاستعانة بأيّ جهةٍ خارجيّة، وافتُتِح في (4 شعبان 1431هـ) تيمّناً بالذكرى العطرة لولادة صاحب المرقد الطاهر أبي الفضل العبّاس(عليه السلام) في حفلٍ بهيج حضرته وفودٌ وشخصيّات من داخل العراق وخارجه.
يبلغ محيطُ المئذنة الواحدة (11.85م) وقطرها (3.65م) مستندة على قاعدةٍ محيطها (13.18م) وترتفع عن أرضيّة الصحن (38.5م) تقريباً، وإلى نهاية أسسها ترتفع (44م) تقريباً.
خُطّ على المئذنتين وبأشكالٍ حلزونيّة تلتفّ حول المنارة عبارة (يا حسين)، أمّا الأشكال الأخرى فخُطّت عليها عبارات (الله، محمد، علي) و (يا الله، يا محمد) و (محمّد رسول الله، عليّ وليّ الله).
استُخدِم في تذهيب المئذنتَيْن (12) اثنا عشر طناً من النحاس، واستُخدمت في طلاء البلاطات الذهبيّة التي استُخدمت فيها آليّةُ الطرق على جلد الغزال (108) مائة وثمانية كيلوغرامات من الذهب الخالص.
وقد حرصت الأمانةُ العامّة للعتبة العبّاسية المقدّسة بعد إعادة تأهيل المئذنتين وتذهيبهما من قِبل ملاكاتها الفنّية والهندسيّة العاملة فيهما، على المحافظة على الكتابات الموجودة في الأَشكالِ المعينيّة، وتمَّت إعادةُ رَسمِها كما هي والمحافظةُ على أَبعادها وتوزيعها وقياساتها وهندستها، وبدلاً من أن تكونَ بالقرميد المُزجَّج الموجود سابقاً أَصبحت تلبسُ حُلَّةَ الذهبِ المطعَّمِ بالمِينا، وبذلك سيبقى الاختلافُ الفنّي قائماً بين منارتي مرقد الإمام الحسين(عليه السلام) ومرقد حامل لوائه أبي الفضل العباس(عليه السلام)، لما في ذلك الاختلاف -الذي حرصت إدارةُ العتبة على ديمومته- من اعتباراتٍ روحيّة لا تخفى على مَنْ تأمّل، كما أنّ بقاءه بينهما قائماً مهمٌّ للناظر والزائر البسيط الذي يهتدي لكلٍّ من العتبتين بسبب هذا التمايز الخارجيّ الفنّي بينهما.