ومن أهمّيته أكّد الله سبحانه وتعالى على رسوله الأكرم(صلّى الله عليه وآله) أن يبلّغ المسلمين في هذا المكان، ولم يُمهِلْه حتّى يصل إلى المدينة، فقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ).
وهو يومٌ عظيم قد ذكرت الأحاديثُ الشريفة جوانب من عَظَمة هذا اليوم، الذي يُعدّ ثاني أهمّ حدثٍ في الإسلام بعد البعثة النبويّة المباركة ونزول القرآن الكريم، ففي رواية الإمام علي بن موسى الرضا(عليه السلام) عن أبيه عن جدّه: (إِنَّ يَوْمَ الْغَدِيرِ فِي السَّمَاءِ أَشْهَرُ مِنْهُ فِي الْأَرْضِ).
وقد رُوي عن الإمام جعفر بن محمد الصادق عَنْ أَبِيهِ عَنْ آبَائِهِ (عليهم السلام) أنَّهُ قَالَ: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وآله: يَوْمُ غَدِيرِ خُمٍّ أَفْضَلُ أَعْيَادِ أُمَّتِي، وَهُوَ الْيَوْمُ الَّذِي أَمَرَنِي اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ فِيهِ بِنَصْبِ أَخِي عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ عليه السلام، عَلَماً لِأُمَّتِي يَهْتَدُونَ بِهِ مِنْ بَعْدِي، وَهُوَ الْيَوْمُ الَّذِي أَكْمَلَ اللَّهُ فِيهِ الدِّينَ، وَأَتَمَّ عَلَى أُمَّتِي فِيهِ النِّعْمَةَ، وَرَضِيَ لَهُمُ الْإِسْلَامَ دِيناً...).
سُمّي بهذا الاسم لاجتماع النبيّ المصطفى(صلّى الله عليه وآله) بأمْرٍ من الله عَزَّ وجَلَّ في هذا اليوم، مع الآلاف من صحابته لدى عودته من حجّة الوداع، في موضعٍ بين مكّة والمدينة المنوّرة يُسمّى بغدير خم، فسُمّي اليوم باسم الموضع.
لقد أكملَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ دينه وأتمّ نعمته على المؤمنين بتنصيب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(عليه السلام)، خليفةً ووصياً وإماماً من بعد النبيّ(صلّى الله عليه وآله) في يوم غدير خم، لذا فيومُ الغدير يومُ عيدٍ بل هو أعظم الأعياد وأشرفُها، وَهُوَ عِيدُ اللَّهِ الْأَكْبَرُ وَمَا بَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ نَبِيّاً قَطُّ إِلَّا وَتَعَيَّدَ فِي هَذَا الْيَوْمِ، لأنّه يومُ إكمال الدين وإتمام النعمة، وأيّ نعمةٍ أعظم من نعمة إكمال الدين وإتمام النعمة الإلهيّة، وهذه النعمة تستحقّ الشكر والثناء وتمجيد الله عَزَّ وجَلَّ من قِبَل المؤمنين، على ما منَّ به عليهم في هذا اليوم المبارك.