وبالرغم من أنّ الجميع متأكّدٌ أنّ كلّ شيءٍ انتهى، وأنّ الحسين(عليه السلام) استُشهِدَ سنة إحدى وستّين للهجرة، لكن في أعماق الروح هناك شيءٌ غامض، يؤكّد لهذا المدّ البشريّ أنّ المعركة لم تحصل بعد، وأنّ الحسين سيُقاتل يوم العاشر، سيأخذ القلوب وهو يتقدّم نحو الجيش، وهو يتألّم لفقد الأصحاب، وهو عَطِش، وهو غريبٌ لا ناصر له، وهم يعيشون لحظات اللّوعة حين جثا الشمرُ على صدره الشريف واحتزّ رأسه، وأُحْرِقت الخيام وَحَلّ الليلُ على حرائر رسول الله(صلّى الله عليه وآله)، لا لهنّ ناصر ولا معين سوى زين العباد الإمام السجّاد(عليه السلام).
وكأنّ هذه الجموع تحاول اللّحاق بركبه، دون أن تصدّق أنّه مبضّعٌ بالسيوف، وأنّ العقيلة مشت مسبيّةً، والأغرب أنّ هذا الشعور وهذا الإحساس سيرافقنا حتّى يأتي محرّم القادم، والذي بعده وبعده حتّى وصول الأجل.
فسلامٌ على مَنْ غيّر مجرى التاريخ بموقفِهِ الذي شرّف الزمن..