حيث اعتاد أهالي كربلاء -كعُرفٍ شعائريّ متوارَث- استكمالاً لمراسيمهم العزائيّة التي ابتدأوها منذ اليوم الأوّل من محرّم، على استذكار وإحياء هذه المناسبة بخروج قبائل وعشائر المحافظة ومن يفد من باقي المحافظات العراقيّة الأُخَر، إضافةً إلى مواكب وهيئات حسينيّة تتقدّمهم قبيلةُ بني أسد التي تشرّفت في سنة (61هـ) بمساعدة الإمام السجّاد(عليه السلام) في دفن أجساد شهداء واقعة الطفّ.
انطلاقُ مواكب القبائل والعشائر العراقيّة المعزّية كان من جوار مرقد السيّد جودة -شرق مركز كربلاء-، متوجّهاً عبر الشارع المحيط بمركز المدينة القديمة، ومن ثمّ شارع قبلة الإمام الحسين(عليه السلام) إلى المرقد الطاهر، ومنه عبر ساحة ما بين الحرمَيْن، ليختتم العزاءُ مسيره عند مرقد بطل الطفّ الخالد وحامل اللواء أبي الفضل العبّاس بن علي أمير المؤمنين(عليهما السلام).
هذا وقد استمرّت مواكبُ العزاء بالتدفّق نحو أربع ساعات، قدَّمت من خلالها مواكبُ كربلاء الخدميّة جميع إمكانيّاتها الخدميّة، إضافةً لذلك فإنّ قسم الشعائر والمواكب الحسينيّة التابع للعتبتَيْن المقدّستَيْن الحسينيّة والعبّاسية، قد استنفر جميع طاقاته البشريّة من أجل رسم خارطة طريق هذه المواكب، من ناحية مسيرها ودخولها للحرمَيْن الطاهرَيْن وخروجها منهما.
ويذكُرُ المؤرّخون أنّ نساءً من بني أسدٍ حضرنَ يوم الثالث عشر من محرّم الحرام عام 61 للهجرة الشريفة، إلى الغاضريّة -حيث الواقعة العظيمة- فوجدن الأجساد الطاهرة للإمام الحسين وآله وصحبه الأبرار(عليهم السلام) مسجّاةً بلا دفن، فأسرعن بالعودة إلى بني أسدٍ وندَبْنَ الرجال لدفن الأجساد، وما إن حضروا للدفن واجهوا مشكلةً وهي أنّ الأجساد بلا رؤوس فلا يميّزون بين أصحابها، فبينا هم بحيرتهم وإذا بفارسٍ أقبَلَ وأمَرَهم بمساعدته لدفن الأجساد، وبعد الانتهاء عرفوا أنّ الفارس هو الإمام زين العابدين(عليه السلام)، ومنذ ذلك الحين دأب بنو أسدٍ في كربلاء المقدّسة على الخروج بموكبٍ عزائيّ يجسّد واقعة الدفن في نفس تاريخها.