والإمام الحسين بن علي بن أبي طالب(عليهما السلام)، أمّه فاطمة الزهراء سيّدة نساء العالمين بنت خير الرسل وحبيب الله محمد(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، الشهيد بكربلاء وثالث أئمّة أهل البيت بعد رسول الله(صلّى الله عليه وآله) وسيّد شباب أهل الجنّة، وأحدُ اثنين نُسلت منهما ذريّةُ الرسول(صلّى الله عليه وآله)، وأحد الأربعة الذين باهلَ بهم رسولُ الله(صلّى الله عليه وآله) نصارى نجران، ومن أصحاب الكساء الذين أذهبَ اللهُ عنهم الرجسَ وطهّرهم تطهيراً، ومن القربى الذين أمر الله بمودّتهم، وأحد الثقلَيْن اللَذين مَنْ تمسّك بهما نجا ومَنْ تخلّف عنهما ضلّ وغوى.
لمّا وُلِد الحسينُ بن عليّ أوحى الله عزّ وجلّ إلى «مالك» خازن النار أن أخمِدِ النيران على أهلها؛ لكرامة مولودٍ وُلِد لمحمّدٍ في دار الدنيا.
أخذَهُ جدُّه المصطفى الأكرم (صلّى الله عليه وآله) وضمّه إلى صدره القدسيّ ثمّ قبّله، بعد ذلك أذّن في أُذنه اليُمنى وأقام في اليُسرى، وسمّاه -بأمر الله تعالى- «حُسَيناً»، وعقّ عنه كبشاً، وقال لأُمّه فاطمة(صلوات الله عليها): إحلقي رأسه وتصدّقي بوزنه فضّة. وحنّكه (صلّى الله عليه وآله) بِرِيقه الزكيّ العاطر.
وُلد الإمام الحسين بن علي(عليهما السلام) في بيت محطّ الملائکة ومهبط التنزيل، في بقعةٍ طاهرةٍ تتّصل بالسماء طوال يومها بلا انقطاع، وتتناغم مع أنفاسه آيات القرآن الکريم التي تُتلى آناءَ الليل وأطراف النهار، وترعرع بين شخصيّاتٍ مقدّسة وانتهَلَ من شخصيّة نبيّ الرّحمة (صلّى الله عليه وآله) بفيض مکارم أخلاقه وعظمة روحه.
لقد التقى في هذا الإمام العظيم رافِدا النبوّةِ والإمامة، واجتمع فيه شرفُ الحَسَب والنَّسَب، ووجد المسلمون فيه ما وجدوه في جدّه وأبيه وأمّه وأخيه من طهرٍ وصفاءٍ ونيلٍ وعطاءٍ، فکانت شخصيّته تذکّر الناس بهم جميعاً.
لقد سكب الرسول(صلّى الله عليه وآله) في نفس وليده مُثُلَه ومكرماتِه؛ ليكون صورةً عنه وامتداداً لحياته ومثلاً له في نشر أهدافه وحماية مبادئه.
وبدت في ملامح الإمام الحسين(عليه السّلام) ملامحُ جدّه الرسول الأعظم(صلّى الله عليه وآله)، فكان يحاكيه في أوصافه كما كان يحاكيه في أخلاقه التي امتاز بها على سائر النبيّين، ووصفه محمد بن الضحّاك فقال: كان جسد الحسين يشبه جسد رسول الله.
وقيل: إنّه كان يشبه النبيّ(صلّى الله عليه وآله) ما بين سرّته إلى قدميه، وقال الإمام علي(عليه السّلام): (مَن سرّه أن ينظر إلى أشبه الناس برسول الله(صلّى الله عليه وآله) ما بين عنقه وثغره فلينظر إلى الحسن، ومَن سرّه أن ينظر إلى أشبه الناس برسول الله(صلى الله عليه وآله) ما بين عنقه إلى كعبه خَلقاً ولوناً فلينظر إلى الحسين بن علي).
فسلامٌ عليه وعلى الأئمّة الهداة الميامين من آبائه وأبنائه، سلاماً دائماً مع الخالدين.