أحد مراحل المشروع
المشروع جريءٌ في فكرته، جديدٌ في تصميمه وتنفيذه، حديثٌ في تقنيات إنشائه، وهو خطوةٌ تتحدّى ظروف المكان الطبيعية وحركة المكان البشرية، فعتبات كربلاء المقدسة هي الأكثر استقبالاً للزائرين والسوّاح الدينيّين عالمياً والحركةُ لا تنقطع عنها أبداً، لذا فإنّ إنشاء مثل هذا المشروع داخل الصحن القديم يُعدّ تحدّياً حقيقيّاً وإكماله إنجازاً كبيراً، بلحاظ وجود العديد من الزيارات المليونية سنوياً فضلاً عن الزيارات شبه المليونية أسبوعياً إضافةً الى عشرات الآلاف يومياً في ظلّ مساحة صحنٍ لا تتجاوز الـ(6,400 م٢).
لكنّ القرار اتُّخِذَ وشُمّرت سواعدُ الجدّ ليُصبح الحلم حقيقةً ويتحقّق هدفُ التوسعة العمودية ولكن هذه المرّة تحت الأرض، لاستيعاب حشود الزائرين المتزايدة وليكون هذا الصحن ملاذاً للزائرين وتخفيفاً عن كاهل الآخرين.
فبعد أن كان عملُ صحنٍ يخصّ النساء لعزلِهنّ عن الرجال عزلاً تامّاً وبما لا يتعارض مع حركة الزائرين مجردَ فكرةٍ تدور في أذهان القائمين على العتبة العباسية المقدسة، أصبحت الآن حقيقةً بوشر بتنفيذها على أرض الواقع، وذلك من أجل المحافظة على قدسية الصلاة والأعمال العبادية وأدائها بكلّ حريّةٍ وبدون تقييد داخل الصحن الشريف لأبي الفضل العباس(عليه السلام).
شبكةُ الكفيل كانت لها وقفة مع نائب الأمين العام للعتبة العباسية المقدسة المهندس بشير محمد جاسم ليُطلعنا على هذا المشروع فتحدّث قائلاً: "المشروع أُحيل لشركة أرض القدس للمقاولات الإنشائية تصميماً وتنفيذاً، وهي من الشركات ذات الخبرة في هذا المجال، وقد قامت بتنفيذ وتصميم مشاريع عديدة في كلٍّ من العتبتين المقدستين الحسينية والعباسية وفي مقدّمتها مشروعا التوسعة الخاصّ بهما".
مضيفاً: "لحساسيّة المشروع من الناحية العمرانية والإنشائية تمّ إعداد دراسةٍ متكاملة قبل الشروع بالتنفيذ؛ من أجل الوقوف على مواطن الضعف والقوة لهذا المشروع، وحسب خطةٍ هندسيةٍ متقنةٍ تمّ اعتمادها وباستخدام أفضل الطرق المتبعة في هذا المجال، شملت الخطة دراسة التربة وقوة جدار الصحن والحرم ومدى تحمّله لأعمال الحفر التي ستُنفّذ، وقُدّم تصميمٌ ثلاثيُّ الأبعاد للمشروع وبكافة تفاصيله الإنشائية والكهربائية والمعمارية".
وأوضح المهندس بشير: "استُخدِمت في عمليات الصبّ أعمدةٌ كونكريتية (أنابيب) عملاقة تخترق الأرض لمسافة (11م) وبقطر (50سم) تحيط بهذا السرداب -الصحن السفلي- بالكامل؛ لتمنع أيّ تسرّبٍ للمياه من الجوانب، أو أيّ انهيار قد يحدث -لا سمح الله- للتربة أو لأُسس الجدران المجاورة للحرم والأواوين، وتمّ كذلك إضافة جدار كونكريتي مسلّح يُحيط بأعمدة السرداب، وسيتم تصنيع شباك ملاصق للجدار من جهة الحرم المقدس، وشملت المرحلة الأولى من الجزء الأوّل الذي تبلغ مساحته (1,000م2) قلع الأرضية والمباشرة بأعمال الحفر ليكون صافي ارتفاعه أربعة أمتار وربع".
مُضيفاً: "سيكون للصحن مدخلان رئيسيان من جهة بابي الإمام موسى الكاظم والإمام محمد الجواد(عليهما السلام)، ويمتدّ لجدار الحرم المقدس لأبي الفضل العباس(عليه السلام) ملاصقاً له، ويفصلُ عنه بشبّاكٍ خاصٍّ لأداء الزيارة سيتمّ تصنيعه فيما بعد".
مُوضّحاً: "أنّ المشروع يقدّم فائدة أخرى وهي معالجته لمشكلة المياه الجوفية التي تعاني منها العتبة العباسية المقدسة، حيث تمّ مدّ شبكة حديثة تحت طابق السرداب لتصريف المياه الموجودة تحت الأرض، تعمل على سحب المياه المتجمّعة بصورة آلية من خلال غطاسات (grebe) وضعت لتعمل على التحكّم بارتفاع أو انخفاض منسوب المياه الجوفية، وإرسالها إلى آبار مخصّصة لهذا الغرض، وحسب المواصفات التي وضعتها وزارة الموارد المائية العراقية ولجنة الخبراء المتخصّصين في هذا المجال والتي شكّلتها الأمانة العامة للعتبة المقدسة لوضع الأرقام العلمية التي تحقّق مناسيباً آمنة لمنشآت العتبة المقدسة في مواجهة المياه الجوفية".