ليلة الحادي عشر من المحرم الليلة التي قابلتها العقيلة زينب(عليها السلام) بالصبر الكبير..

احد مواكب ليلة الحادي عشر من محرم
لواقعة الطفّ صفحاتٌ مأساوية تدمي القلوب وتجرح الجفون وتقرح العيون، ومن تلكم الصفحات التي تركت أثرها في نفوس وقلوب أئمة أهل البيت(عليهم السلام) قبل محبّيهم ومريديهم ليلة الحادي عشر من المحرم، وهي ليلة الفجيعة والمصيبة وليلة الحزن والدموع والزفرات والآهات لمحبّي الحسين(عليه السلام) والمستشهدين معه من الأهل والأصحاب، وهي الليلة الأولى للحسين(عليه السلام) وهو مطروح على رمضاء كربلاء مقطوع الرأس من القفا ومسلوب العمامة والرداء، الليلة التي قابلتها العقيلة زينب(عليها السلام) بالصبر الكبير، فكانت بحق ليلةً عصيبةً ومُرّةً على بنات الرسالة المحمّدية وفي مقدّمتهنّ سيدتنا ومولاتنا زينب الكبرى(عليها السلام)، وقد برع صاحب كتاب (مقتل الحسين "عليه السلام") في وصفها: "يا لها من ليلةٍ مرَّت على بنات رسول الله(صلّى الله عليه وآله) بعد ذلك العزّ الشامخ الذي لم يفارقهنّ منذ أن أوجد الله كيانهنّ، فلقد كنّ بالأمس في سرادق العظمة والهيبة وأخبية الجلالة والرفعة تشعّ نهارها بشمس النبوّة ويضيء ليلها بكواكب الخلافة ومصابيح أنوار القداسة، وبقين في هذه الليلة في ظلامٍ حالكٍ دامسٍ من فَقْد تلك الأنوار الساطعة بين رَحْلٍ منتَهَب وخباء محترق وحماةٍ صرعى، بلا محامٍ لهنّ ولا كفيل، لا يدرين من يدفع عنهنّ إذا داهمهنّ داهم ومن الذي يردّ عادية المرجفين ومن يسكّن فورة الفاقدات ويخفّف من وَجْدِهِنّ، نعم كان بينهنّ صراخ الصبية وأنين الفتيات ونشيج الوالهات، فأمّ طفلٍ فطمته السهام، وشقيق مستشهد وفاقدة ولد وباكية على حميم، وإلى جنبهنّ أشلاء مبضّعة وأعضاء مقطَّعة ونحور دامية وهنّ في فلاة من الأرض جرداء..
وعلى مطلع الأكمة جحفل الغدر تهزّهم نشوة الفتح وطيش الظفر ولؤم الغلبة، وعلى هذا كلّه لا يدرين بماذا يندلع لسان الصباح، وبماذا ترتفع عقيرة المنادي، أبالقتل أم بالأسر ولا من يدفع عنهنّ غير الإمام العليل(عليه السلام) الذي لا يملك لنفسه نفعاً ولا يدفع ضرّاً وهو على خطرٍ من القتل.
وتواصلاً لمواكب العزاء العاشورائي وبتقليدٍ كربلائيّ اعتاد على إقامته أهالي مدينة كربلاء المقدسة، خرجت مساء يوم الثلاثاء (10محرم 1436هـ) -ليلة وحشة الإمام الحسين "عليه السلام"-) مواكب عزائية لمواساة السيدة زينب وإمامنا السجاد(عليهما السلام) وما جرى عليهما في مثل هذه الليلة قبل (1400سنة) تقريباً، واستذكار حال أيتام ونساء أهل البيت(عليهم السلام) وقراءة مراسيم ليلة الحادي عشر، ويتخلّلها مراسيم تشابيه عزائي يجسّد ما جرى على أهل بيت الإمام الحسين(عليه السلام) من الأطفال والنساء، ومثّلت مجريات هذه الليلة وأثرها.

المواكب خلال مسيرتها شهدت تفاعلاً من قبل الزائرين ممّا جعلهم يعيشون أجواء هذه الليلة الحزينة والمؤلمة ولحظاتها المريرة والقاسية التي عاشها آل بيت الرسول(عليه وعليهم أفضل الصلاة والسلام). وشهدت العتبتان المقدستان إيقاد الأنوار الحمراء الخافتة داخل الصحن الشريف إحياءً لهذه الليلة، كما أوقد الكثير من الزائرين والمعزّين الشموع في العتبتين المقدستين الحسينية والعباسية وساحة ما بين الحرمين الشريفين.