لم ننسَكَ يا أبا عبدالله فلا تنسَنا..

خنقتني العبرة وأنا في طريق الحسين(عليه السلام) بين الساعِين مشياً على الأقدام إلى عرين قداسته في كربلاء وبالتحديد في منطقة طويريج، حيث ملأت سمعي عبارةٌ صدحَتْ بها زائرةٌ تقول: (يا أبا عبدالله لم ننسَكَ فلا تنسَنا) وكأنّي بها تعيش حالةً يصعب على أساطين اليراع وصفها بما تستحقّ مهما برعوا، وهي حالة تمازجٍ لا شعوريّ بين الرجاء والأمل، رجاء العاشق من معشوقه أن لا يغيب عن عنايته، وأمل الغارق المتعلّق بحبل نجاةٍ يثق كلّ الثقة بأنّه منقذه.
نعم وكأنّي بها تُخاطب مولاها وهي على يقينٍ تامٍّ بأنّه يسمعها ويراها ويرعاها أثناء طيّها الفيافي والقفار، ولو لمْ يكن كذلك ما أقدمت على هذا العناء الذي نال منها شوطاً، أوَلَيس أنّنا نخاطبهم(عليهم السلام) في الزيارة قائلين: (وأعلم أنّ رسلك وخلفاءك أحياءٌ عندك يُرزقون فرحين, يرون مكاني ويسمعون كلامي ويردّون عليّ سلامي, وأنّك حجبتَ عَنْ سمعي كلامَهم وفتحتَ بابَ فهمي بلذيذِ مناجاتهم)..