خدماتُ الأربعين تنوّعت ومواقفها عبّرت وهدفُها التشرّف بخدمة زائري أبي الأحرار(عليه السلام)..

تُرجِمَت محبّةُ أبي الأحرار(عليه السلام) تراجم عديدة ومنها تقديم الخدمات لزائريه والقاصدين حرمه الطاهر، وقد تنوّعت هذه الخدمات في صورها وأشكالها سعياً من القائمين عليها الى التشرّف بهذه الخدمة، وخلال تجوالنا على ما يُقدّم من خدماتٍ في نوعها وحجمها وجدنا ما لا يوصف في تقديم الخدمات ونوعها، وتراهم يتسابقون فيما بينهم لهذه الخدمة وبعفويّةٍ واضحة تُظهر مدى حبّهم للإمام الحسين(عليه السلام) وتشرّفهم بخدمة زائريه، فترى فنون الخدمة التي يقدّمها المتطوّعون بل تجد التسابق لتقديم الأفضل وبكلّ رحابة صدرٍ وأريحيةٍ وتفانٍ وحبٍّ وطاعةٍ وتذلّل.. وكأنّك أنت الخادم وهو المخدوم!.
فهناك من يقدّم المأكولات بأنواعها وصنوفها وحسب ما يتلاءم مع كلّ وجبة فضلاً عن الوجبات البينيّة، وآخر يقدّم الماء والشاي والعصائر وغيرها من المشروبات، وهذا أبرز ما شهدناه من هذه الخدمات الحسينية، لكن لفت انتباهنا خلال هذه الجولة هو افتراش مجموعة من الشبّان الأرض ليجلسوا في مساحة صغيرة ويقومون بضَرْبٍ نادرٍ وخاصٍّ من الخدمة وهو صبغ أحذية الزائرين وتصليحها، ولاحظنا في تقاسيم وجوههم عبارات السعادة والاعتزاز وهم يقومون بهذه الخدمة.
فزوّار الإمام الحسين(عليه السلام) يستحقّون أن يُقدَّمَ لهم كلُّ شيء، كونُهم يسعون لزيارة أبي الأحرار(عليه السلام) وخدمتهم شرفٌ كبير، وخادمُهُم يشعر بالرفعة والفخر على العكس من خادم الملوك والسلاطين الذين يُشعِرُون الآخرين بالذلّ والمهانة، فهؤلاء الشبّان يفتخرون بصبغ أحذية زوّار أبي عبدالله(عليه السلام) وهذه الخدمات بكلّ بساطتها تُعدّ شرفاً للعاملين بها خدمةً لزائري أبي عبدالله الحسين(عليه السلام).
فهم يبذلون باعتقادٍ كاملٍ أنّ من يأتي اليهم لصبغ الحذاء أو تصليحه هو المتفضّلُ عليهم! متمثّلين دائماً بقول الشاعر: (كلّ الخدم تنهان شفناها بالعين *** بس بكرامة تعيش خدّام الحسين).