الشيخ محمد علي داعي الحق
وطُرِحَ خلال هذه الندوة التي شهدت حضوراً نخبوياً لشخصياتٍ أكاديميةٍ وثقافيةٍ مهتمّةٍ بشأن التراث الكربلائي بحثاً تضمن تعريفٌ بمكانة كربلاء التأريخية وكيف لعبت دوراً حضارياً بارزاً في تاريخ العراق والعالم الإسلامي، فكانت مصدر النهضة العلمية والأدبية والفكرية خلال قرون عديدة وفي حقب زمنية مختلفة حتى أصبحت مقرَّ كبار العلماء والفقهاء ومكان تدريسهم.
كذلك تطرّق الشيخ داعي الحق لبعض أعلام كربلاء البارزين من مفكّرين ورجال دين وعلماء وشعراء وأدباء وغيرهم، والذين كانت لهم بصمةٌ وأثرٌ واضح في الحركة العلمية ليس على صعيد كربلاء وحسب إنّما على مستوى العراق عموماً، وكان لهم الباع الطويل في نشر وإشاعة الفكر الإسلامي ومذهب أهل البيت(عليهم السلام) بين جموع أبناء البشر وفي هذه المنطقة من الأرض أو تلك.
أمّا المحور الآخر الذي تناوله الشيخ داعي الحق فهو عن المدارس الدينية في مدينة كربلاء، وكيف أصبحت هذه السمة الأعم والأشمل لهذه المدينة، وانتشرت في أرجائها المختلفة، ممّا يُعطي دليلاً إضافياً على تقدّم وتطوّر حركتها العلمية الدينية العريقة، من حيث أنّ أهمّ مؤشّر للمستوى الثقافي والنهوض العلمي لأيّة مدينة إنّما يكمن في تنوّع وتعدّد مدارسها ومعاهدها وحلقات الدرس والبحث المنتشرة في أرجائها المختلفة.
واختُتِمت هذه الجلسةُ بجملةٍ من الاستفسارات والأسئلة والاستفهامات من قبل الحاضرين وقام الشيخ داعي الحق بدوره بالإجابة عنها وتوضيح ما يلزم توضيحه.
من الجدير بذكره أنّ الهدف من إنشاء مركز تراث كربلاء هو من أجل الحفاظ على تراث مدينة كربلاء المقدّسة فهي مدينةٌ عالميةٌ مهمة، فضلاً عن تهيئة مرجعٍ معلوماتيّ لتاريخ وحاضر مدينة كربلاء المقدَّسة بما يحتاج مِن وسائل وأدوات تقليدية كانت أو حديثة، ليرتشف منه الباحثون وطلابُ الفكر والعلوم والمعارف ما تختصّ به هذه المدينة المقدَّسة، إضافةً الى ذكر مآثر الشخصيات الكربلائية وتوثيقها وفاءً لأصحابها كي لا تُبخس حقوقُهم، وخلق التواصل بين الأجيال الحاضرة والماضية ليقتدوا بهم في الإبداع والمآثر والعمل على إبراز قِدَم المدينة كونها مِن المدن التاريخية.
يُذكر أنّ الشيخ محمد علي داعي الحق بن حسين القريشي المولود في كربلاء عام (1360هـ/1940م) من فضلاء كربلاء ومدرّسيها وشعرائها، تخرّج في مدرسة باد كوبة ودرس في كلية الشريعة ومارس التعليم في المدارس الرسمية الحديثة والحوزة العلمية والمدارس الدينية، وقد تخصّص في أصول اللغة العربية وله عددٌ من المقالات نُشِرت في المجلّات الكربلائية مع عدّة مؤلّفات مخطوطة سُرِقت أيام الانتفاضة الشعبانية المباركة، كما برع في الخطّ العربيّ وأنواعه ودرّسه للطلبة والمعلّمين والمدرّسين في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي, ولأنّه كان بارعاً ومولعاً بخطّ الآيات القرآنية فهو لم يكتفِ بخطّها فقط بل شرع بخطّ المصحف الشريف بأكمله بخطّ النسخ الواضح في (844) صفحة، وهو أوّل عراقيٍّ يخطّ القرآن.