مجزرة سبايكر.. جهود متواصلة للعتبة العباسية في توثيق الجريمة

أعلن المركز العراقي لتوثيق جرائم التطرف، التابع لقسم الشؤون الفكرية والثقافية في العتبة العباسية المقدسة، عن توثيق (2157) شهيدًا من ضحايا مجزرة سبايكر التي نُفذت في مدينة تكريت.

جاء ذلك خلال جلسة بحثية في المؤتمر الخاص بالذكرى العاشرة للمجزرة، الذي أُقيم ضمن فعاليات مهرجان فتوى الدفاع المقدسة الثقافي الثامن الذي أُقيم في 6 – 7 حزيران 2024.
ويُعدّ المهرجان أحد الفعاليات التي تحيي ذكرى فتوى المرجعية الدينية العليا بالدفاع عن العراق ومقدساته، وقد أخذت العتبة العباسية المقدسة على عاتقها إدامة زخم هذه الذكرى وجعلها راسخة في ذاكرة الأجيال.

في كلمته، أوضح مدير المركز الدكتور عباس القريشي أنّ "الإحصاءات الخاصة بعدد الشهداء التي توصل إليها المركز تؤكد استشهاد (2157) ضحية من طلبة قاعدة سبايكر"، مشيرًا إلى أنّ العتبة العباسية المقدسة هي المؤسسة الوحيدة التي تمتلك إحصائية شاملة لعدد ضحايا المجزرة.

وجُمعت البيانات من مصادر متعددة، منها وزارة الدفاع، والقرارات القضائية، وقواعد بيانات دائرة الطب العدلي، بالإضافة إلى تحليل شامل لتلك البيانات لاستخراج العدد الكلي للضحايا.



خلفية المجزرة
وقعت مجزرة قاعدة سبايكر في حزيران 2014م عندما قتل عدد من المتطرفين العديد من العسكريين الشيعة في قاعدة سبايكر العسكرية بمحافظة صلاح الدين.

يُذكر أنّ المجزرة بدأت عندما اختطف مسلحون ما يقرب من (2000) طالب عسكري غير مسلح من قاعدة سبايكر الجوية، وأخذوهم إلى قصر رئاسي مهجور في تكريت، حيث أُعدموا بوحشية رميًا بالرصاص ودُفنوا في مقابر جماعية أو ألقوا في نهر دجلة.

وتُعد هذه المجزرة واحدة من أبرز أعمال العنف التي ارتكبتها التنظيمات المتطرفة في العراق، وأثارت موجة من الغضب والحزن في البلاد.



توثيق وتقدير دولي

في تقريرها عن مجزرة سبايكر، أعربت الأمم المتحدة، عبر فريق التحقيق لتعزيز المساءلة عن الجرائم المرتكبة من جانب داعش (يونيتاد)، عن شكرها لرئاسة المركز العراقي لتوثيق جرائم التطرف على جهوده الكبيرة في تقديم أدلة قيمة تكشف عن معاناة ضحايا المجزرة.

وصنّف التقرير المجزرة كجريمة مركبة تشمل ثلاث جرائم دولية: جريمة إبادة جماعية، وجريمة ضد الإنسانية، وجريمة حرب.

وأكد التقرير أنّ الأدلة المقدمة من المركز العراقي تمثل خطوة مهمة نحو تحقيق العدالة والمساءلة عن الجرائم الفظيعة التي ارتُكبت بحق الأبرياء، مشيدًا بالتعاون المشترك بين الجهات الوطنية والدولية لتعزيز المساءلة القانونية وضمان عدم إفلات الجناة من العقاب.



مؤتمر الشهداء
أطلقت العتبة العباسية المقدسة فعاليات المؤتمر الخاص بشهداء مجزرة سبايكر، إحياءً للذكرى السنوية العاشرة للمجزرة.

أُقيم المؤتمر ضمن فعاليات مهرجان فتوى الدفاع الكفائي في 7 حزيران 2024، بحضور عوائل الشهداء.


relatedinner

الجلسة البحثية والأنشطة الثقافية

تضمنت فعاليات المؤتمر جلسة بحثية خاصة تناولت آثار المجزرة على المجتمع العراقي، والجهود المبذولة لتوثيق الجريمة بالتعاون مع مؤسسات دولية وإقليمية، قدّمها الباحث الدكتور ثائر غالب الخاقاني.

وقد كُرّمت مجموعة من ذوي شهداء مجزرة سبايكر، تعبيرًا عن التقدير والاعتراف بتضحياتهم الجسيمة.

ألقى الناطق الإعلامي باسم عوائل شهداء سبايكر في العراق، الدكتور قيس مري العايدي، كلمة باسم العوائل، تناولت معاناتهم وآمالهم في تحقيق العدالة.



العايدي ذكر خلال كلمته "في ذلك اليوم قُتل (2157) شهيدًا من أبناء الوسط والجنوب، على يد أبالسة الغدر والخيانة، وكان ذلك بمرأى ومسمع العالم، وقد تناسى المجرمون أنّ الله بالمرصاد، وكانت الإبادة الجماعية وإبادة مجزرة نزلاء سجن بادوش جريمتين كشفتا فداحة المستقبل المظلم، الذي سيكون عليه العراق تحت هيمنة داعش والمتطرفين، فجاءت الفتوى المباركة من حامي العراق وخيمته سماحة المرجع الأعلى السيد السيستاني(دام ظلّه الوارف) التي تلقاها أبناء العراق الشرفاء، فأصبحت أيقونة النصر على كل من سوّلت له نفسه المساس بالعراق وأرضه".

مجرمون أحرار ومئات المجهولين
بعد انقضاء عشرة أعوام على الإبادة الجماعية لشهداء سبايكر، ما زال عشرات المجرمين ممّن نفّذوا الجريمة أحرارًا يتجوّلون في أرجاء المعمورة ويتنعّمون بخيرات العراق، ولم ينالوا جزاءهم العادل، إضافة إلى عدم تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة بحقّ بعض المجرمين منذ سنواتٍ طوال، وهذا مؤشّر خطير يتسبّب بكوارث أمنية، وتهديد للسلم المجتمعي، وفقًا لما ذكره الناطق الإعلامي باسم عوائل شهداء سبايكر في العراق.

وبيّن أنّ "هناك أكثر من (800) ضحية مجهولة المصير، لم يستلم أهلهم رفاتهم إلى يومنا هذا"، لافتاً إلى أنّ "جريمة مجزرة سبايكر التي ارتُكبت في تكريت هي حدثٌ مأساوي بكل المقاييس، وهي من بين أكثر الأحداث وحشية وإجرامًا في تاريخ العراق الحديث، وهذا بحسب وصف المؤسسات الدولية التي تُعنى بحقوق الإنسان، إذ خلّفت تلك الجريمة جرحًا عميقًا في قلوبنا وفي ضمائر الأحرار".

الموسوعة الوثائقية لمجزرة سبايكر
تُعد (الموسوعة الوثائقية لمجزرة سبايكر) أول مشروع توثيقي شامل للمجزرة التي راح ضحيتها الآلاف من الأبرياء.

جمع كادر المركز الوثائق الخاصة بالمجزرة وصنفها وأرشفها ووثقها وفق منهجية علمية ومعرفية.

حظيت الموسوعة بمباركة ممثل المرجعية الدينية السيد أحمد الصافي، وجاءت في ثلاثة وعشرين جزءًا، تضمّنت عشرة أقسام على النحو التالي:

1. القسم الأول: ضمّ أسماء الضحايا، صورهم، وتفاصيلهم.

2. القسم الثاني: تناول شهادات الناجين وشهود العيان.

3. القسم الثالث: تضمّن أسماء المتهمين ومذكرات القبض والتحري.

4. القسم الرابع: جاء في جزأين وشمل إفادات المتهمين واعترافاتهم في ارتكاب المجزرة.

5.القسم الخامس: تناول القرارات القضائية الصادرة بحقّ مرتكبي المجزرة.

6. القسم السادس: جاء في عشرة أجزاء وشمل الفحص الأنثروبولوجي للضحايا وذويهم.

7. القسم السابع: تناول التقارير الصادرة بحقّ المجزرة، سواء المحلية أو الدولية.

8. القسم الثامن: جاء في أربعة أجزاء، إذ تناول الأخبار العربية في جزأين، والأخبار الإنكليزية، والأخبار الفرنسية التي رصدت المجزرة أو تناولتها.

9. القسم التاسع: توسّم بالتحليل الصوري للمجزرة، إذ شُرحت وحُللت صور المجزرة في أثناء وقوعها، وبعد اكتشاف المقابر الجماعية التي ضمّت ضحاياها.

10. القسم العاشر: تضمّن رصد مناسبات الاستذكار السنوية للمجزرة وتوثيقها داخل العراق وخارجه للفترة 2014م - 2021م.



تخصيص متحف لضحايا جرائم التطرف

أعلن المركز العراق لتوثيق جرائم التطرف عن تخصيص متحف خاص بمقتنيات شهداء جرائم التطرف في العراق.

وكشف مدير المركز الدكتور عباس القريشي عن العمل على تخصيص جناح خاص بمقتنيات الشهداء بعد التواصل مع ذويهم، وستكون هذه المقتنيات في جناح خاص في متحف مخصص لتوثيق جرائم التطرف المرتكبة في العراق.

وبيّن أنّ "مجزرة سبايكر هي الحجر الأساس في انطلاق المركز العراقي لتوثيق جرائم التطرّف وتأسيسه "، مشيرًا إلى أنّ المركز قد أنجز الموسوعة الوثائقية لمجزرة سبايكر التي وُصفت بأنّها أكبر موسوعة متخصّصة في توثيق الجرائم، وذلك في الذكرى السنوية التاسعة للمجزرة.

التعاون الدولي ودعم التحقيقات
أشاد فريق التحقيق التابع للأمم المتحدة لتعزيز المساءلة (يونيتاد) عن الجرائم التي ارتكبها داعش بالتعاون المشترك بين الجهات الوطنية والدولية لتعزيز المساءلة القانونية وضمان عدم إفلات الجناة من العقاب.

ودعا إلى استمرار التعاون والتنسيق بين مختلف الأطراف المعنية لتوثيق الجرائم والانتهاكات، ودعم جهود التحقيق والملاحقة القضائية.