في ذكرى وفاتها: السيدةُ الطاهرة أمّ البنين(عليها السلام) الرابطةُ الروحيّة لقضاء الحوائج..

احتاج الإنسانُ وعلى مرّ التاريخ إلى رابطٍ وعلاقةٍ روحية بالسماء، تسهم في تخطّيه الكثير من الصعاب، وتعطيه جرعةً من الطمأنينة النفسية والراحة الوجدانية، خاصةً إذا كانت هناك استجابةٌ سريعة إزاء التوسّل ببعض الأشخاص المقرّبين من الله سبحانه وتعالى أولئك الذين نالوا مرتبة الأولياء الصالحين، لما تقرّبوا إليه سبحانه بالطاعات السخيّة والمواقف الجلية.. فالسيدة الطاهرة أمّ البنين(عليها السلام) كانت مصداقاً للذين قدّموا وضحّوا في سبيل الله تعالى فنالوا المراتب العليا، والتي أبرزها في الدنيا قضاء حوائج المؤمنين، من الذين يرون فيها النقاء الروحيّ والشأن العظيم المؤهّل للإستجابة..
ومن خلال التجارب والمواقف العصيبة التي مرّ بها كثيرٌ من المؤمنين، نرى ونلاحظ التوسّل بالسيدة الجليلة أمّ البنين(عليها السلام) جليّاً وواضحاً على ألسنتهم، في تراتيل مهجهم ودعاء أفئدتهم، فيعطيهم الله جلّ وعلا من المنح والعطايا وقضاء الحاجات بالشأن العظيم والمنزلة الشريفة لتلك السيدة الجليلة التي سخّرت جلّ حياتها في خدمة السادة الأطهار من آل محمد(صلى الله عليه وآله وسلم)، وقدّمت على درب العقيدة ورسوخ الديانة ورسالة سيد المرسلين(صلى الله عليه وآله وسلم) أغلى التضحيات وجسيم التفاني عبر سنين طويلة من التربية الإسلامية الأصيلة والصحيحة في منازل وطأها الوحي، وشمّ ثراها نسيم النبوة وأسرار الرسالة، فأنجبت للإسلام خير الرجال الصالحين أبا الفضل(عليه السلام) وإخوته الذين وقفوا وقفة الخلود في النصرة والولاء لسبط رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) أبي عبدالله الحسين(عليه السلام)، فكانت الأمّ الصلبة المجاهدة، التي قدّمت طاعةَ الله ورسوله والأئمة الهداة من بعده، على عاطفة التعلّق والتمسّك بالأبناء وعدم زجّهم في الأهوال والمحن.
إنّ محاولة فهم أسرار وخفايا ذلك الذوبان الكلّي في حبّ الذات المقدّسة لدى السيدة أم البنين(عليها السلام)، والمتجلّي بوضوح في طاعة وصيّ رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) أمير المؤمنين ومولى الموحّدين الإمام علي بن أبي طالب(عليه السلام)، وفي رعاية وطاعة الإمامين السبطين الحسن والحسين(عليهما السلام)، يكمن في قراءة سلسلة مواقفها السخيّة في تربية أبنائها على كيفية طاعة أهل البيت(عليهم السلام) وأخلاقيات التعامل والتصرّف المنضبط والمقيّد بالإخلاص والتفاني لهم، باعتبارهم الصفوة من خلق الله تعالى، والأدلّاء على مرضاته سبحانه..
لذلك كان هذا النوع من العطاء الإنساني مليئاً بالعاطفة، وذا قوّةِ جذبٍ وجدانية كما هو الحال عند عطاء السيدة الجليلة أم البنين(عليها السلام) في مسار نشأتها، ومسيرها الدؤوب في معاضدة الرسالة، وحفظ الأمانة المُلقاة على عاتقها بعد رحيل سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء(عليها الصلاة والسلام) إلى رحاب رضوان الله جلّ وعلا في نعيمه الدائم الأبدي..