واليوم إذ يعيش البلدُ ظروفاً غير طبيعية والشعبُ العراقيّ يواجه هجمةً بربرية شرسة، نهضت مرجعيّتُنا القائدة بمسؤوليّتها تجاه الأمّة وبدورها الرساليّ المُناط بها في فتوى الجهاد الكفائي التاريخية الحكيمة أوّلاً وفي تنظيم حيثيّات تطبيق هذه الفتوى المقدّسة ثانياً، فجاءت التوصيات الرشيدة والتوجيهات السديدة من لدن المرجعية العُليا لتثبيت هذا الموقف وبيانه، فكان ممّا أوصى به سماحةُ المرجع الدينيّ الأعلى السيد علي الحسينيّ السيستاني(دام ظلّه الوارف) هو مراعاة حدود وآداب الجهاد كما جاءت في كتاب الله الكريم وبيّنتها أحاديث العترة الطاهرة، والمحافظة على صورة الجهاد في الإسلام وضوابطه التي بيّنها رسول الله(صلّى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين(عليه السلام)، لتكون أحد أسباب حصول المجاهد على الدرجة التي وضعها له الله تعالى ووعده بها، وهذا ما بيّنه سماحتُهُ في النقطة الثانية عشرة من وصاياه الكريمة للمقاتلين والمجاهدين في ساحات الجهاد والوغى والتي أصدرها مكتبُهُ، إذ قال:(ولا يظنّنّ أحدٌ أنّ في الجور علاجاً لما لا يتعالج بالعدل، فإنّ ذلك ينشأُ عن ملاحظة بعض الوقائع بنظرةٍ عاجلة إليها من غير انتباه إلى عواقب الأمور ونتائجها في المدى المتوسّط والبعيد، ولا اطّلاع على سنن الحياة وتاريخ الأمم، حيث ينبّه ذلك على عظيم ما يخلفه الظلم من شحنٍ للنفوس ومشاعر العداء ممّا يهدّ المجتمع هدّاً، وقد ورد في الأثر: (أنّ من ضاق به العدل فإنّ الظلم به أضيق)، وفي أحداث التاريخ المعاصر عبرةٌ للمتأمّل فيها، حيث نهج بعضُ الحكّام ظلمَ الناس تثبيتاً لدعائم ملكهم، واضطهدوا مئات الآلاف من الناس، فأتاهم الله سبحانه من حيث لم يحتسبوا حتّى كأنّهم أزالوا ملكهم بأيديهم).