وإذا كانت المعركةُ ذات أهدافٍ واضحةٍ ومحدّدة فستكون حافزاً وعاملاً دافعاً لمن يخوض غمارها وتمنح المقاتلين روحَ التفاني والاستبسال والثبات إلى آخر أشواطها، ولهذا السبب كان الإمامُ عليّ أميرُ المؤمنين(عليه السلام) يحدّد أهداف المعركة ويوضّحها لأصحابه قبل أن يخوضها، ولقد قال في إحدى حروبه: (ألا إنّا ندعوكم إلى الله وإلى رسوله، وإلى جهاد عدوّه، والشدّة في أمره، وابتغاء مرضاته، وإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحجّ البيت، وصيام شهر رمضان، وتوفير الفيء الى أهله...)،وهو عين ما فعله الإمامُ الحسين(عليه السلام) كذلك قبل أن يخوض معركةَ الطفّ الخالدة حين خطب في القوم ليبيّن لهم طريق الحقّ والصواب ويُلقي عليهم الحجّة، فكان ممّا قال(عليه السلام): (أمّابعد..أيّهاالناس: فإنّكم إنْتتّقوا وتعرفوا الحقّ لأهله يكنْ أرضى لله، ونحن أهلُ البيت أولى بولاية هذا الأمر عليكم من هؤلاء المدّعين ما ليس لهم، والسائرين فيكم بالجور والعدوان، وإن أنتم كرهتمونا وجهلتم حقّنا وكان رأيُكم غير ما أتتني كتُبُكم وقدمت به عليّ رسُلُكم انصرفت عنكم..)، وهو ما يعني توضيح الخطوط العريضة للمعركة وبيان الموقف الصحيح وتمييز الحقّ من الباطل وكلّ ذلك يصبّ في نفس المنحى والغرض وهو ذكر الله سبحانه وتعالى، لذا أوصى المرجعُ الدينيّ الأعلى سماحة السيد علي الحسينيّ السيستانيّ(دام ظلّه الوارف) أبناءه المجاهدين بكثرة ذكر الله تعالى وتلاوة كتابه، وهم يخوضون غمار الحرب دفاعاً عن العراق ومقدّساته مع عدوٍّ مجرمٍ استباح الحرمات وهتك الأرض والعرض،وهو ما تجسّد جليّاً وواضحاً في الوصية السادسة عشر التي كان هذا نصّها:
(واستعينوا على أنفسكم بكثرة ذكر الله سبحانه وتلاوة كتابه، واذكروا لقاءكم به ومنقلبكم اليه، كما كان عليّ أمير المؤمنين(عليه السلام)، وقد ورد أنّه بلغ من محافظته على وِردِهِ أنّه يُبسط له نطعٌ بين الصفين ليلة الهرير فيصلّي عليه وِردَه، والسهامُ تقع بين يديه وتمرّ على صماخيه يميناً وشمالاً فلا يرتاع لذلك، ولا يقوم حتّى يفرغ من وظيفته).