ولأنّها خرجت من قلبٍ مفعمٍ بالإيمان وعقلٍ منفتحٍ على الجنس البشريّ، فلا فرق بين بني البشر فالكلّ سواسية ولا فرق بين عربيّ أو أعجميّ إلّا بالتقوى، فلا استغلال ولا عبودية ولا هيمنة لفئةٍ أو أمّة على أخرى، وإنّما العبودية المطلقة لله عزّوجلّ.
وعند الرجوع الى القرآن الكريم والتدبّر في قوله تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ) هذه الآية التي اتّفق العلماءُ على نزولها بحقّ عليّ(عليه السلام) ليلة مبيته على فراش النبيّ ليلة الهجرة المباركة، ولو تأمّلنا في ذيل الآية الكريمة (والله رؤوف بالعباد) وَتساءلنا مَنْ مُظهِرُ رأفة الله تعالى بعباده؟؟ لوجدنا أنّه عليّ(عليه السلام) أي أنّ الله رؤوف بعباده حين أوجد لهم إماماً هادياً مرشداً منقذاً كعليّ(عليه السلام)، وبذلك يكون عليٌّ عطاءً ربانياً ومنهجاً إنسانياً كريماً في آنٍ واحد.
يُذكر أنّ هذا المهرجان يُقام تعظيماً لشعائر أهل البيت(سلام الله عليهم أجمعين) بمناسبة ذكرى مولد أمير المؤمنين(عليه السلام) وسعياً لنشر ثقافة أهل بيت العصمة ومنهجهم الحقّ وسيرتهم العطرة التي علّمت الدنيا معنى الإسلام الحقيقي، وتأكيداً للدور الكبير الذي تقدّمه العتبات المقدّسة في العراق عامَّة والعتبة العباسية المقدّسة على وجه الخصوص؛ متمثّلاً بإقامة ورعاية المهرجانات والندوات والمؤتمرات التبليغية الدينية والثقافية داخل العراق وخارجه، فاتحةً بذلك نافذةً مباشرة لمختلف شرائح المجتمعات للوقوف عن كثب حول كلّ ما يخصّ المذهب الحقّ ورياض الجنان (العتبات المقدّسة)، موضّحةً مراحل الإعمار وآلية الإدارة الشرعية للعتبات المقدّسة وكيف أصبحت في وقتٍ قياسيّ منارة هدىً للجميع، وأنموذج إصلاحٍ على جميع الأصعدة.