ففي مثل هذه الليلة -على أشهر الروايات- في المدينة المنوّرة وهي ليلةُ الجمعة الثالث من شهر شعبان من السنة الرابعة للهجرة ولد الحسينُ(سلام الله عليه) لستّة أشهر طاهراً مطهّراً لم تنجّسه الجاهليةُ بأنجاسها ولم تُلبسه من مدلهمّات ثيابها، ولم يولد لستّة أشهر إلّا عيسى بن مريم والحسين(عليهما سلام الله)، ونادى رسولُ الله(صلى الله عليه وآله وسلم) عمّته صفيّة حين ولادته: (يا عمّةُ هَلُمّي اِليَّ اِبني، فقالت: يا رسول الله إنّا لم ننظِّفْه، فقال(صلى الله عليه وآله وسلم): (يا عَمَّة أنتِ تنظِّفينه؟! إنّ الله تبارك وتعالى قد نظّفه وطهّره).
وفي روايةٍ أُخرى: إنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) جاء الى بيت الزهراء(عليها السلام)، وطلب ولده الحسين، فجاءت به أسماء بنت عميس، فأخذه رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) وأذّن في أُذنه اليُمنى وأقام في اليسرى، وفي هذه الأثناء هبط الأمينُ جبرئيل(عليه السلام) وهو يبلّغ رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) أنّ اسم هذا المولود هو «الحسين»، وارتفع فجأةً صوتُ النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) بالبكاء، فاستفسرت أسماء عن علـّة ذلك وقد رزقه الله هذا المولود المبارك، فأخبرها أنّ جبرئيل قد أخبره الآن أنّ أشرار أُمّته سيقتلونه في أرضٍ يقال لها كربلاء، وطلب منها أن لا تخبر فاطمة(عليها السلام).
وفي اليوم السابع من ولادته عقّ عنه رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) بكبشٍ وحلق شعره وتصدّق بوزنه فضّة كما أمر بختنه.وروى الشيخ الكلينيّ(قدّس سرّه) في الكافي، عن الإمام الصادق(عليه السلام) أنّه قال: (لم يَرضَع الحسينُ من فاطمة(عليها السلام) ولا من أنثى، كان يُؤتى به النبيَّ(صلى الله عليه وآله) فيضع إبهامه في فيه، فيمصّ منها ما يكفيه ليومين وثلاثة، فنبت لحمُ الحسين(عليه السلام) من لحم رسول الله ودمه(صلى الله عليه وآله)، ولم يولد لستّة أشهر إلّا عيسى بن مريم والحسين بن علي(عليهما السلام). الكافي / باب مولد الحسين(عليه السلام).