مرقد القاسم سلام الله عليه
كان (سلام الله عليه) جليل القدر وفرعاً زكيّاً من فروع النبوّة ونفحةً قدسيةً من نفحات الإمامة، ووحيد عصره في صلاحه وتقواه ومحنته وبلائه بعد أخيه الإمام الرضا(عليه السلام) ويكفي في منزلته وشأنه ما رواه ثقة الإسلام الشيخ الكليني(قدّس سرّه) في كتاب الكافي في باب النصّ: عن الإمام علي بن موسى الرضا(عليه السلام) عن يزيد بن سليط عن الإمام الكاظم(عليه السلام) في طريق مكّة أنّ الإمام قال له: (...أخبرك يا أبا عمارة أنّي خرجت من منزلي فأوصيتُ إلى ابني فلان وأشركت معه بني في الظاهر وأوصيته في الباطن فأفردته وحده ولو كان الأمر إليّ لجعلته في القاسم ابني لحبّي إيّاه ورأفتي عليه، ولكن ذلك إلى الله عزّوجلّ يجعله حيث يشاء).
توفّي القاسم(عليه السلام) بعد مرض شديدٍ ألمّ به عام (192هـ) في أرض سورى عند حيّ باخمرا، حيث مرقده الطاهر ومشهده المقدّس الآن بقبّته الذهبية ومنائره الشاخصة وأنواره القدسية وكراماته الباهرة التي شهد بها القاصي والداني حتى لهجت بتبجيله الألسن وصدحت بمدحه الحناجر وأجلسه الناس على منبر الفخر في سويداء القلوب.
روى الشيخ الكليني(قدّس سرّه) أيضاً عن سليمان الجعفري أنّه قال: رأيت أبا الحسن(عليه السلام) عندما احتضر أحد أولاده يقول لابنه القاسم: (قم يا بنيّ فاقرأ عند رأس أخيك (والصّافّاتِ صفّاً) حتّى تستتمّها، فقرأ فلمّا بلغ قوله تعالى: (... أهم أشدّ خلقاً أم من خلقنا...) قضى الفتى)، فيظهر من هذين الخبرين كثرة عناية وتوجّه الإمام(عليه السلام) الى القاسم.
وفي فضل زيارته(عليه السلام) قرن السيّد ابن طاووس في كتابه مصباح الزائر زيارة القاسم بن الإمام الكاظم(سلام الله عليهما) بزيارة أبي الفضل العباس بن الإمام أمير المؤمنين وعلي الأكبر بن الإمام الحسين(عليهم السلام)، حيث قال: (ذكر زيارة أبرار أولاد الأئمّة(عليهم السلام) إذا أردت زيارة أحد منهم كالقاسم بن الكاظم والعباس بن أمير المؤمنين أو علي بن الحسين المقتول بالطفّ(عليهم السلام) ومَن جرى في الحكم مجراهم، تقف على المزور منهم...، وهناك حديثٌ مسموعٌ مستفيض عن الإمام الرضا(عليه السلام) أنّه قال: (مَن لم يقدر على زيارتي فليزر أخي القاسم).