ففي مثل هذا اليوم التاسع عشر من محرم الحرام اتجهت بوصلة سير ركب السبايا من الكوفة الى الشام وذلك بعد ان أمر ابن زياد بسجن السبايا والتضييق عليهم لدرجة أنه منع زيارتهم أو الدخول عليهم في ذلك السجن، لخوفه من انقلاب الأمر عليه، بعدما بدأ الناس يلومونه نتيجة للمحاورات الجريئة بين السبايا وابن زياد وتبيان الحقائق وتعرية السلطة الأموية .
فبقوا في السجن سبعة أيام وهم لا يعرفون ماذا سيحل بهم بعد ان بعث ابن زياد الى يزيد يسأله ماذا يفعل بهم، وجاء الرد من الأخير بأن يرسلهم الى الشام، وأمره بحمل رأس الإمام الحسين (عليه السلام) ورؤوس من استشهد معه، وحمل النساء والعيال الى الشام، وهنا يقول الشيخ المفيد ان الرؤوس ارسلت مع زحر بن قيس وانفذ معه أبا بردة بن عوف الازدي وطارق بن ابي ظبيان في جماعة من اهل الكوفة، اما النساء والاطفال سرح بهم في إثر الرؤوس مع ثعلبة العائذي وشمر بن ذي الجوشن وشبث بن ربعي وعمرو بن الحجاج وضم إليهم الف فارس. وفي روايات اخرى الف وخمسمائة، وقيل ألفي فارس او اكثر منهم بخمسين كانوا مسؤولين عن الرؤوس الشريفة .
فسارت سيدتنا زينب (سلام الله عليها) وبين خبايا القلب لوعة فالأجساد خلفها والرؤوس امامها، واليتامى والارامل حولها راكبات على أَسْنِمَةِ الجمال من غير رحل، وهي ابنة من كان منزلتهُ من الرسول كمنزلة هارون من موسى، وامها سيدة النساء، تسير جبل الصبر والألم يفترش أضلعها، وقلبها ممتلئ الموجوع مرارة وحرقة، فقد غابت الاقمار وذبحت الشموس وسلبت اجساد الاطهار وسبيت الدرر والجواهر.
واستمر السير.... لتبتعد السبايا عن سجن الكوفة، وظلم ابن زياد.. باتجاه دمشق حيث ينتظرهم الطاغية هناك.. لكن آل البيت (عليهم السلام) يسيرون وكلهم صبر وايمان وتقوى فهم مدركون جيدا ان من يهبهم المصائب يعلم أنهم كُفُؤٌ لحملها.