وفريقٌ آخر يتعذّر عليهم الصوم بسبب المرض أو السفر الى البلدان النائيّة، كما تشيرُ الى ذلك الآية الكريمة: (فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) سورة البقرة: آية 148.
ففي كربلاء المدينة المقدّسة، كانت المجالس الأدبيّة بمثابة المدارس، مجمع الفضلاء والأدباء تُعقد جلساتهم في كل ليلة، يتحدّث جلّاسها بكلّ عفويّة عن الواقع الاجتماعي، والأعمال الإبداعية وثمارها، وينشد الشعراءُ قصائدهم بما يناسب حدود الرؤية؛ وهذه المعاهد الدينية تحتفل في كلّ مناسبة، ولذا نرى أنّ المثقّف الكربلائي استطاع أن يعكس نشاطه في الساحة، لما له من قدرة وبراعة في إنعاش الروح الأدبيّة.
وهنالك مجالس للتعزية تُنصب في الصحنين المطهّرين، أو في المساجد، وفي الأسواق، والساحات العامّة والمنازل، يرتقي المنبر فيها الخطيب السيد جواد الهندي، ويروي عن المصادر ما تتسع له المناسبات التي تفرضها، والظروف التي توحي بها وتُمليها؛ ويعقبه خطباء آخرون كالسيد حسن الاسترابادي، والشيخ محمد حسن وولده الشيخ محسن أبو الحب، والشيخ هادي الخفاجي، والشيخ عبد الزهراء الكعبي، والسيد مرتضى القزويني، والسيد صدر الدين الحكيم الشهرستاني وغيرهم...
خصّ اللهُ سبحانه وتعالى هذا الشهر بالبركة واليمن والرحمة والرضوان من دون الشهور، كما أنّ أيّامه ولياليه وساعاته فضّلها على غيرها، كما قال الرسولُ الأعظم محمد(صلّى الله عليه وآله وسلّم) في خطبةٍ خطبها في آخر جمعةٍ من شهر شعبان المعظم: (أيّها الناس.. إنّه قد أقبل إليكم شهر الله بالبركة والرحمة والمغفرة، شهر هو عند الله أفضل الشهور، وأيّامه أفضل الأيّام، وساعاته أفضل الساعات... الخ).
وأخصّ من هاتيك الأيّام الزاهية يوم الخامس عشر من هذا الشهر المبارك؛ لأنّ فيه مولد السبط الأكبر الحسن المجتبى(عليه السلام)، أحد العظماء الذين رسموا لنا طريق السعادة، وأنار سبيلَ السير في دروب الحياة.