أمّ المؤمنين السيّدة خديجة بنت خويلد(رضوان الله عليها) هي: السيّدة خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العُزّى بن قصي القرشي الأسدي، وكانت تُلقّب بالطاهرة. وكانت من أفضل نساء قريش والمكّيين جميعاً، خَلقاً وخُلقاً، وكانت ذات مواهب كثيرة: عقلاً، وحكمةً، وثروةً واسعة.. حتى روى الشيخ المجلسي(أعلى الله مقامه) صاحبُ البحار أنَّ لها بيتاً يسع أهل مكّة آنذاك.
كانت خديجة أوّل من آمن بالله تعالى وقد ورد عن ابن عباس أنّه قال: «أوّل مَن آمن برسول الله(صلّى الله عليه وآله) من الرجال علي(عليه السلام)، ومن النساء خديجة(رضي الله عنها)»، وتحمّلت مع رسول الله(صلّى الله عليه وآله) أعباء رسالة الله تعالى، فكانت تشاركه آماله وآلامه، وتتحمّل معه شظف العيش بعد غضارته، فقد بذلت كلّ ما ملكته طوال حياتها؛ لتُعطي المثلَ الأسمى للمرأة المؤمنة، وعلى كلّ حال فإنَّ خديجة(رضوان الله تعالى عليها) بعد أن تزوّجها رسولُ الله(صلّى الله عليه وآله) كان لها الدور الفعّال لمساندة النبيّ في تحمّل أعباء رسالة الله تعالى، حيث كانت تخفّف عليه المصاعب والتحدّيات التي كان يواجهها من قِبل كفّار قريش.
تزوّجت(رضي الله عنها) من رسول الله(صلّى الله عليه وآله) في العاشر من ربيع الأوّل، وكانت في عمر الأربعين، وكان عمره (صلّى الله عليه وآله) خمساً وعشرين سنة،ولم يتزوّج غيرها في حياتها حتّى تُوفّيت(رضي الله عنها)، وقد اختلفت الأقوال في عدد أولادها من رسول الله(صلّى الله عليه وآله)، ولكن من المسلّم أنّ القاسم والسيّدة فاطمة الزهراء(عليها السلام) منها، والقاسم قد توفّي في حياة النبي(صلّى الله عليه وآله)، وبه يُكنّى.
للسيّدة خديجة(رضي الله عنها) مكانةٌ ومنزلةٌ عالية يغبطها عليها الملائكة المقرّبون، حتّى أنّ رسول الله(صلّى الله عليه وآله) قال فيها: (خيرُ نساء العالمين أربع: مريم بنت عمران، وآسية امرأة فرعون، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمّد).
ولمّا توفّيت خديجةُ أخذ رسول الله(صلّى الله عليه وآله) في تجهيزها وغسّلها وحنّطها، فلمّا أراد أن يكفّنها هبطَ الأمينُ جبرائيل وقال: «يا رسول الله.. إنّ الله يُقرئك السلام ويخصّك بالتحية والإكرام ويقول لك: يا محمّد إنّ كفن خديجة من عندنا، فإنّها بذلت مالها في سبيلنا». فجاء جبرائيل بكفنٍ، وقال: «يا رسول الله، هذا كفنُ خديجة، وهو من أكفان الجنّة أهداه الله إليها».
فكفّنها رسول الله(صلّى الله عليه وآله) بردائه الشريف أوّلاً، وبما جاء به جبرائيل ثانياً، فكان لها كفنان: كفنٌ من الله، وكفنٌ من رسوله، وتوفّيت ولها من العمر (65) سنة ودُفنت في مقبرة الحَجُون في مكّة المكرّمة، ونزل رسولُ الله(صلّى الله عليه وآله) في حفرتها، ولم تكن يومئذٍ سُنّة صلاة الجنازة قد شُرّعت حتّى يصلّي عليها.