وأنت مارٌّ من جانب هذه الساحة الشريفة لا تنفكّ عيناك وهي ترى الأكفّ المرفوعة والعيون الدامعة، ولا تكاد أذناك أن تفارق سماع الكلمات التي تأسر القلوب، ناهيك عن حالة الترابط الأسريّ الواضحة التي تجمع أبناء الأسرة الواحدة تحت ظلال مرقدي سيّد الشهداء أبي عبد الله الحسين وأخيه المولى أبي الفضل العبّاس(عليهما السلام) من خلال قيامهم بأعمال إحياء ليالي شهر رمضان معاً كباراً وصغاراً شيباً وشباباً نساءً ورجالاً، متزوّدين ببركات هذا الشهر ليخلقوا من منظرهم هذا حالةً من الغبطة التي يغبطها عليهم كلّ من ضاقت به السبل للوصول الى كربلاء أو منعته ظروفه من إحياء تلك الليالي العظيمة من جوار المرقدين الطاهرين.
من جانبها استنفرت العتبةُ العبّاسية المقدّسة كلّ جهودها من خلال أقسامها المعنيّة لتقديم كلّ ما يحتاجه الزائر في شهر رمضان المبارك، وذلك بتوفير المأكل والمشرب والأماكن المخصّصة للأعمال العباديّة بالإضافة الى المصاحف وكتب الأدعية، وإلقاء المحاضرات الدينيّة وكلّ ما يتعلّق بإحياء ليالي القدر وليالي جرح أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب(عليه السلام) واستشهاده، فضلاً عن الجهود الأمنيّة وحسن تنظيم الزيارات لتسهيل عمليّة الدخول والخروج على الرغم من الزخم العدديّ الهائل الذي شهدته مدينة كربلاء في تلك الليالي المباركة.